![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 13311 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() جمل فوق الشجرة
![]() جمل فوق الشجرة يوجد مثل شعبي شهير يقول : “قالوا الجمل طلع النخلة... آدي الجمل وآدي النخلة”. وهذا المثل يُقال عندما يقول أحدهم معلومة مشكوك في صحتها، فيكون رد فعل المستمع هذا المثل، ومفاده أن يأتي المدّعي بالدليل والبرهان. وليس ذلك فقط بل يُفهم ضمنيـًا استحالة قبول أو تصديق هذه المعلومة. ولكن يا صديقي القارئ: هل تصدِّق فعلاً أن جملاً يصعد فوق شجرة؟ بحسب المقاييس البشرية والمنطقية، لا وألف لا. ولكن بحسب المقاييس الإلهية نعم وألف نعم؛ لأن غير المستطاع عند الناس مستطاع لدى الله. وهذا ما أريد أن أوضحه الآن. * * * عندما جاء الشاب الغني إلى الرب يسوع يسأله عن كيف يرث الحياة الأبدية : (لوقا18: 18)، سأله الرب عن الوصايا قائلاً : «أَنْتَ تَعْرِفُ الْوَصَايَا: لاَ تَزْنِ. لاَ تَقْتُلْ. لاَ تَسْرِقْ. لاَ تَشْهَدْ بِالزُّورِ. أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ». فردّ الشاب «هذِهِ كُلُّهَا حَفِظْتُهَا مُنْذُ حَدَاثَتِي». * وكلمة : “مُنْذُ حَدَاثَتِي” في الثقافة اليهودية لها قصة ذات مغزى، فقد كانت تُلحق بالمجمع اليهودي مدرسة لتحفيظ الناموس، وكان اليهودي التقي المحافظ يحرص على أن يلتحق أولاده بهذه المدرسة. وكان الأطفال يلتحقون بها من سن أربع سنين حتى تسع سنوات، يكون خلالها قد حفظ الناموس كله. وبعد ذلك من بعد سن التاسعة حتى الثالثة عشر يتعلم في المدرسة عينها الشروحات الخاصة بالشريعة. ثم بعد ذلك يأتي أبوا الطفل ويسلمانه إلى معلمي الشريعة، الذين بدورهم يسألون الطفل (مثل امتحان الشفوي) وبعد ما يجتاز الامتحان، يقول أبوا الطفل لمعلمي الشريعة : “ابننا من الآن مسؤول عن نفسه ونحن غير مسؤولون عنه في الأمور التي تتعلق بالشريعة من الآن فصاعدًا“. * ولهذه السبب عندما ذهب المسيح إلى الهيكل في سن 12 سنة، كان جالسـًا وسط المعلمين يسمعهم ويسألهم (كطفل يهودي ذي أبوين تقيين). وأيضـًا أبوي المولود أعمى، عندما سألهم اليهود عن ابنهما كيف كسر السبت واغتسل في البركة قالوا : «هُوَ كَامِلُ السِّنِّ. اسْأَلُوهُ فَهُوَ يَتَكَلَّمُ عَنْ نَفْسِه»، (يوحنا 9: 21) أي إنه مسؤول عن نفسه في الأمور الناموسية. لذلك كان هذا الشاب الغني قد اجتاز كل هذه الاختبارات وقال للرب : “ حَفِظْتُهَا مُنْذُ حَدَاثَتِي”. ولكنه شعر في داخله أن كل هذه لم تُعطِه سلامـًا من جهة أبديته؛ فسأل هذا السؤال: «مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ؟». وعند هذه النقطة أُحيِّي هذا الشاب على صراحته مع نفسه؛ فرغم تدينه ومركزه الديني، لكنه لم يستطع أن يكتم صوت الارتباك النفسي داخله من جهة أبديته. وهنا أوجِّه رسالة لكل شاب متدين: هل تشعر بالسلام الحقيقي فعلاً؟ إذا كنت لم تشعر بالسلام الحقيقي؛ تعال للمسيح وقل له: ماذا أفعل؟ * ولكن هذا الشاب، كما تُذكَر قصته في : (متى19 ومرقس10 ولوقا18) لم يكمل المشوار مع الرب يسوع للنهاية، لأن الرب فاجأه بالقول : «يُعْوِزُكَ أَيْضًا شَيْءٌ: بعْ كُلَّ مَا لَكَ وَوَزِّعْ عَلَى الْفُقَرَاءِ، فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي السَّمَاءِ، وَتَعَالَ اتْبَعْنِي». ولكن هذا الشاب الذي كان يحب المال صُدِمَ : «فَلَمَّا سَمِعَ ذلِكَ حَزِنَ، لأَنَّهُ كَانَ غَنِيًّا جِدًّا»، وانصرف وهو حزين. فقال الرب يسوع قولته الشهيرة: «مَا أَعْسَرَ دُخُولَ ذَوِي الأَمْوَالِ إِلَى مَلَكُوتِ اللهِ! لأَنَّ دُخُولَ جَمَل مِنْ ثَقْبِ إِبْرَةٍ أَيْسَرُ مِنْ أَنْ يَدْخُلَ غَنِيٌّ إِلَى مَلَكُوتِ اللهِ!». مما أثار تساؤل السامعين بسؤال استنكاري قائلين : «فَمَنْ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَخْلُصَ؟» وهنا تأتي الانفراجة من الرب قائلاً: «غَيْرُ الْمُسْتَطَاعِ عِنْدَ النَّاسِ مُسْتَطَاعٌ عِنْدَ اللهِ». * ولكن هذا الحوار كله كان من الناحية النظرية. ولكننا نحتاج الآن إلى تطبيق عملي لكلام الرب النظري. أو السؤال بمعنى آخر: هل يستطيع الرب أن يُمَرِّر جمل من ثقب إبرة. نعم وألف نعم. وهذا يأتي بنا إلى أصحاح التالي مباشرة لهذه القصة، أعني : ( لوقا19)، نجد فيه جملاً كبيرًا يصعد فوق شجرة. هذا الجمل اسمه زكا. ويدخل هذ الجمل من ثقب الإبرة. هذا الجمل كان محمَّلاً بعدة أحمال: -1- كان من أريحا مدينة اللعنة. -2- كان عشارًا أي عميلاً لقوات الاحتلال الرومانية. -3- رئيس عشارين (رئيس عصابة الخونة). -4- غنيـًا، ومحبة المال أصل لكل الشرور. -5- قصير القامة (عائق شخصي). -6- شجرة الجميز ملساء ليست سهلة التسلق. كل هذه الأحمال أعطت لهذا الجمل حجمـًا أكبر على حجمه الطبيعي، وكانت كافية بمنعه من المرور من ثقب الإبرة. ولكن مع كل هذه الصعوبات طلب زكا أن يرى يسوع من هو. ولكن لنرجع إلى قول الرب يسوع المسيح : «غَيْرُ الْمُسْتَطَاعِ عِنْدَ النَّاسِ مُسْتَطَاعٌ عِنْدَ اللهِ». وفعلاً مَرَّ هذا الجمل من ثقب الإبرة، وطرح كل هذه الأحمال على من قال : «تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ. اِحْمِلُوا نِيرِي عَلَيْكُمْ وَتَعَلَّمُوا مِنِّي، لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ، فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ. لأَنَّ نِيرِي هَيِّنٌ وَحِمْلِي خَفِيفٌ» (متى11: 28). * عزيزي القارئ إذا كنت تشعر بثقل خطاياك أو همومك، أو أي موانع تمنعك عن التمتع بالحياة الأبدية، وتشعر فعلاً أن دخول جمل من ثقب إبرة أيسر من دخولك إلى الحياة الأبدية؛ هذا صحيح من الناحية المنطقية، ولكن دعني أقول لك خبرًا حلوًا: “فيه شخص يقدر يخلِّي الجمل يعدّي من ثقب الإبرة، ويقدر يخلّيك تتمتع بالحياة الأبدية.. بس انت تعال ليه وسيب الباقي عليه”. سلام المسيح معاك * * * يارب أشكرك أحبك كثيراً... بركة الرب لكل قارئ .. آمين . وكل يوم وأنت في ملء بركة إنجيل المسيح... آمين يسوع يحبك ... |
||||
|
|||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 13312 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() هل نعلم لماذا لقب ابونا القمص ابرام الانبا توماس بابـــو الغـــلابة ![]() هل نعلم لماذا لقب ابونا القمص ابرام الانبا توماس بابـــو الغـــلابة..... (لان الصدقة تنجي من الموت وتمحو الخطايا وتؤهل الانسان لنوال الحياة الابدية ) طو : 12 - 8 وكان هذا شعارك الذي ترفعه دائما يا ابونا القمص ابرام الانبا توماس فكنت تعطف علي المساكين والمحتاجين فكم رايناك يا ابي تطعم الجياع وتكسو العرايا وتروي الظمانين لم تغلق بابك في وجه احد كبيرا او صغيرا رجلا او امراه مسلم او مسيحي بل الجميع ارتوي من محبتك وظهر ذلك جليا في يوم نياحتك فذهبت الجموع الكثيرة بالالاف من كل مكان الي دير القديس العظيم الانباتوماس السائح بالخطاطبة لكي يلقو علي جسدكم نظرة الوداع وتحملوا تعب السفر الليل كله ولم يريدوا ان يستريحوا بل سهروا الليل كله بجوار جسدك المسجي امام الهيكل . ولا انسي في هذا السياق ما قاله لي احد ابنائكم الرهبان : ان للدير عادة في كل عيد بان يقدم لحوم "كعدية" الي اخوة الرب ولما حدثت ذات مرة حادثة تسببت في وفاة احد الاشخاص نتيجة للتدافع والزحام الشديد ولما اراد الاباء وضع نظام لتوزيع البركة وعرضوا الامر عليكم فظننتم بانهم لن يقوموا بتوزيع البركة مرة اخري فكلمتهم محذرا بانك لن تاكل لحما قط ما لم يصل الي اخوة الرب اولا . وهذا يا سيدي ان دل علي شي يدل علي مدي حبك وحنانك ورعايتك واهتمامك باخوة الرب . لذلك قال لك الرب ( لا يقف انسان في وجهك كل ايام حياتك كما كنت مع موسي اكون معك لا اهملك ولا اتركك تشدد وتشجع ) يش 1 : 5 ، 6 طوباك ثم طوباك ايها القديس العظيم الملقب بحق " ابــو الـغــــلابـــة " فتم عنكم قول الملك تعالوا الي يا مباركي ابي رثوا الملكوت المعد لكم منذ تاسيس العلم لاني جعت فاطعمتموني عطشت فسقيتموني كنت غريبا فاؤيتموني عريانا فكسوتموني مريضا فزرتموني محبوسا فاتيتم الي . مت 25 : 34 - 36 وبما انك يا خادمي الامين فعلت كل هذا باخوتي الاصاغر فبي فعلت فادخل للحياة الابدية |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 13313 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() جنّنوا البشر بالآلات
![]() الأشياء الحديثة في تجدد مستمرّ. إنّها في سباق مع العقل، والشيطان يساعد في هذا الشأن. لم يكن لدى البشر هاتف أو فاكس أو تلفاز ومع ذلك كانوا يعيشون بهدوء وبساطة. – ياروندا! كانوا فرحين في حياتهم! – نعم الآن ”جنّنوا“ البشر بالآلات، ورغم التسهيلات فهم يتعذّبون ويخنقهم القلق. أتذكّر قبائل البدو في سيناء وكم كانوا فرحين هناك! كانوا يعيشون في الخيام ببساطة ولكنّهم كانوا يجدون الرّاحة في هذه الخيام. قليل من الشاي يُفرّحهم فيمجدّون الله. ولكن هؤلاء البدو بدأوا ينسون الله بسبب التمدّن. دخلوا في تيّار الرّوح العصرية. في البدء بنى لهم اليهود البيوت وباعوهم سيارات إسرائيل القديمة. يا لدهاء هذا الشعب اليهوديّ! كلّ بدوي يملك بيتًا وسيارة متداعية فينتابه القلق. تتعطّل السّيارة فيقلق لإصلاحها ويتعذّب وتنتابه آلام الرّأس. الأشياء القديمة متينة تدوم. أما اليوم فكلّ شيء يتعطّل بسرعة، والمعامل تُنتج أشياء جديدة وتجمع أموال النّاس الّذين يرهقون ذواتهم في العمل لمواكبة التطوّر. الدّول الصّناعيّة تصنع الآلات وتُدخِل عليها التحسينات المستمرّة والنّاس يلهثون وراءها لشرائها لأنّها حديثة. يقعون تحت عبء الديون ويصابون بالإرهاق. يذهب الفقير لشراء سيارة رخيصة فيبيع كلّ ما يملك: الثور والحصان والحمار… ويشتري هذه السّيارة. تتعطّل هذه السّيارة فلا يجد قطع غيار لها فيضطر إلى بيعها وشراء سيارة جديدة أخرى أفضل من تلك الّتي كانت لديه. من هنا ينبغي الإحتراس. المرجع: النّاسك المغبوط باييسيوس الآثوسي (2012)، بمحبّة مع ألم، سلسلة ياروندا النّاسك المغبوط باييسيوس الآثوسي (1)، ترجمة دير الشّفيعة الحارّة، الحرش – بدبا – الكورة، ص. 124و 125. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 13314 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() القديس باييسيوس والشاب ذو الميول البروتستانتية*
![]() نُشر هذا الحوار، الذي يدور بين الأب باييسيوس وشاب تقي خُدع بتعاليم البروتستانتية، في نشرة “القديس غريغوريوس” السنوية الصادرة عن دير غريغوريو في الجبل المقدس، في العام 1995. هذا الشيخ، الذي قدّم أجوبة بسيطة على أسئلة الشاب الوجودية، خلّص هذه النفس من الضياع وأعادها إلى حضن الكنيسة الأرثوذكسية. وقد سمح الأرشمندريت جاورجيوس، رئيس دير غريغوريو، بإعادة نشر نصّ هذا الحوار. المرض الشديد يتطلّب مستشفى كبيراً في النهاية، قرّرتُ الذهاب إلى الكنيسة الأرثوذكسية. اعترفتُ وبدأتُ بتناول القدسات بتواتر. لكن بقيَتْ تراودني عدّة أسئلة جدّية لم أستطع إيجاد أجوبة عليها. فتّشتُ عن هذه الأجوبة عبر لقاء لاهوتيين وكهنة، لكن من دون جدوى. “كوستا، مهما حاولتُ، فلن أرضيك بأيّ جواب. أنت تريد أن تفهم أسرار الله بواسطة عقلك، وهذا ليس أرثوذكسيًا. أمرٌ وحيدٌ سيخلّصك: لنذهب إلى الجبل المقدس، أتأتي؟” كان هذا رأي أرشمندريتٍ أؤمن بأنّ الله قادني إليه. وبعد موافقتي على الذهاب، أخبرني عن جرّاح عظيم (وهذا وصفٌ من عندي) هناك، فقصدناه. اسمه الأب باييسيوس. وقد علمتُ لاحقًا أنّ شيخًا مباركًا آخر من بيرغوس قال عني: “إذا استقبله الأب باييسيوس، فهناك أمل، وإلاّ فسيضيع في كبريائه”. وكان على حق. لحسن الحظ أنّ المسيح أهرق دمه من أجل خطايانا، المجد لاسمه القدوس. سأنقل بأكثر دقة ممكنة حواري مع الأب باييسيوس. س: يعلّمنا الكتاب المقدس أنّ يسوع المسيح وحده يخلّصنا. أمّا في الكنيسة الأرثوذكسية، فنطلب من العذراء مريم أن تخلّصنا. هل هذا صائب؟ ج: يسوع هو المخلّص الوحيد، لقد بذل ذاته من أجلنا. لكن اسمع، إذا كنتَ شخصًا ذا قدرة عظيمة ودخلتَ إلى المدينة مع والدتك، فجميع الذين ينتظرونك هناك سيرحّبون بك وبوالدتك، وسيمدحونها بأجمل الكلمات، حتى لو لم يعرفوا أيّ شيء عنها. وأنت ستبتهج عندما تسمعهم وستفخر بوالدتك. لذلك فالمسيح أيضًا يبتهج ويفتخر بوالدته حين يسمع مديحنا لها. انظر، إذا أتت امرأة فقيرة إلى والدتك وتوسّلتْ إليها لتطلب منك أن توظّفها، وأنت صنعتَ هذا المعروف لأمك، فستقول هذه المرأة الفقيرة إنّ أمك أنقذتها، رغم أنك أنت مَن وظّفها. حسنًا، لهذا نقول إنّ والدة الإله تخلّصنا. وابنها، الذي هو القدير وحده، لكن متواضع، سيبتهج لسماعه مديحنا لوالدته. س: علّمنا الرب أنّ نصلّي لله الآب. أما الكنيسة الأرثوذكسية فتصلّي لوالدة الإله والقديسين الذي هم بشر. هل هذا عمل صحيح؟ ج: اسمع، الصلوات كلّها تذهب نحو الله. نصلّي للعذراء مريم وللقديسين، أي نطلب منهم أن يصلّوا من أجلنا للرب، وصلواتهم لها قدرة كبيرة. س: أجل (قاطعته) لكنّ العذراء مريم والقديسين كانوا بشر وماتوا. هم لا يسمعوننا وليسوا موجودين في كلّ مكان. ربما يغضب الله لأننا نصلّي لهم؟ (هنا يجدر بي أن أشدّد بتأكيد على ما حصل لي. في اللحظة التي قلتُ فيها كلمة “لكن”، شعرت بحربة تثبّتني إلى الأرض من دون أن تؤلمني ومن دون أن أصدر أيّ صوت، لكنّ شيئًا ما انفتح في داخلي وامتصّ كلّ ما قاله لي الشيخ.) ج: يا بنيّ، بالنسبة لله، لا أحد يموت. عندما يموت أحدهم، فهو يموت بالنسبة لنا نحن الذين على الأرض، لا عند الله. وإذا امتلك هذا الشخص دالّة أمام الله، يعلِمه المسيح بأننا نطلب منه أن يصلّي من أجلنا، فيفعل ذلك ويسمعه المسيح ويبتهج. صلاة الصدّيق لها قوّة عظيمة. س: يقول الرب: “أنا الرب إلههك. لا يكن لك آلهة أو صور. لا تسجد لهن ولا تعبدهن، لأني أنا الرب إلهك إله غيور”. والكنيسة الأرثوذكسية تكرّم الأيقونات، فهل هذا تصرّف صحيح؟ ج: اسمع، هناك أمّ لها ولد في الحرب وتخاف عليه نهارًا وليلاً، وتشعر بالقلق الكبير من أجله. وفجأة، تصلها رسالة من ابنها وفي داخلها صورة له. ماذا تفعل عندما تراها؟ تحملها بيديها وتقبّلها ثم تضعها في حضنها لتلمس قلبها. إذًا ماذا تظنّ؟ أتؤمن هذه الأم، التي تشعر بالعاطفة المتّقدة تجاه ابنها، بأنها تقبّل الصورة؟ هي تؤمن بأنها تقبّل ولدها. والأمر ذاته بالنسبة لمن يملكون محبّة متّقدة للعذراء مريم أو القديس المرسوم في الأيقونة التي يكرّمون. لا نكرّم الأيقونات من أجل الأيقونات، بل من أجل القديسين، وليس من أجلهم بحدّ ذاتهم، بل لأنهم جاهدوا من أجل المسيح. صحيح أنّ الله غيور، إنما ليس من أجله بل بسبب الشرّير. لا يغار الأب من أولاده. لا تقلق، يبتهج الرب عندما يرانا نكرّم ونحب أمّه والقديسين. س: ماذا عن البروتستانت، الإنجيليين، الخمسينيين؟ ج: كان للوثر مأخذ على البابا، ولهذا كان مبرَّرًا. لكن إن كان صادقًا، فلمَ لم يذهب إلى الكنيسة الأرثوذكسية التي لم يكن له أيّ مأخذ عليها؟ بدلاً من ذلك، أنشأ لنفسه “كنيسة” أخرى. اتركهم وشأنهم، ولا تذهب إلى هناك ثانية. اذهب إلى الكنيسة، واعترف أنت وزوجتك لدى الأب الروحي ذاته، وسيكون كلّ شيء على ما يرام. س: أيها الأب باييسيوس، لا أعرف كيف أصلّي. كيف عليّ أن أصلي؟ ج: عليك أن تشعر بأنك طفل صغير وبأنّ الله أبوك. إذًا، ابحث عنه. لا تحزن إذا طلبتَ منه أمورًا تافهة، فهو لن يغضب. هو يرى قلبك وسيمنحك الأنسب لك. ذلك مثل طفل يسأل والده أن يشتري له دراجة نارية، لأنه يظن أنه كبير كفاية. لكنّ الأب، الذي يخاف أن يحصل سوء لابنه، سيبطئ في منحه ما يريد، وفي النهاية سيشتري له سيارة. أشكر الله وأمجّده لأنّه جعلني مستحقًّا أن أعرف رجلاً قديسًا عندما كان حيًّا، وأن يرشدني وأن يصلّي من أجلي ومن أجل عائلتي. حقًا كم الله عجيب. كم هو كثير الإحسان وكثير الرحمة! المجد لاسمه القدوس. هكذا أصبحتُ – بل الله هو من جعلني – مسيحيًّا أرثوذكسيًّا، من دون أن أنسى بالطبع أمرًا قاله لي الأب باييسيوس، وهو أنّنا في كلّ لحظة تحت الامتحان. * عن مجلة Dialogos، ترجمة إلى الإنكليزية جون سانيدوبولوس ترجمة جولي عطية التراث الأرثوذكسي |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 13315 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() لو أن سر الإعتراف محكمة، فهو يحكم دائما بالبراءة!
![]() سرق أحدهم دجاجتين من مزرعة الكاهن وبعد فترة قرر ان يذهب ليعترف! -أبت، لقد سرقت دجاجتين! – أعدها الى مكانه. أجاب الكاهن – أبت، هل تريدون الدجاجات؟ – أنا، يجيب الكاهن، لا. أعطهن لذلك الشخص الذي اخذتهم منه. -لا يريدهن. – إذن احتفظ بهن! مرات عديدة تكون نيتنا نفسها. التهرب! لذلك فكرت، أن أتكلم عن هذا الموضوع الضخم وعن المخالطات الكثيرة التي عادة يحتويها. نتخيل أننا عند الذهاب للاعتراف أننا ذاهبين لمحكمة… والكثيرون يقولون، عندما يأتون للاعتراف، “كيف ستقاضيني الآن يا أبت”. متخيلين أنهم يتواجدون أمام، شبيه الله، قاضي لا يعرفونه بالطبع وخائفين كحال الجميع عند تواجده في المحكمة. ولكن، إذا اعتبرنا الاعتراف محكمة، هو المحكمة الوحيدة التي تخرج أبرياء. لأن كل من يذهب للاعتراف يذهب ليتبرأ. لا يذهب لكي يُدان. بالتحديد يذهب لكيلا يدان لاحقا. يذهب ليبرأ قبل أن يتحاكم. إذا نفهم أنه من الخطأ، في خطوة أصيله كهذه، أن نخلط الأشياء عن معرفة او عن جهل. بدي لنا ساخرا أن يقوم الشخص الذي سرق الدجاجات بسؤال الذي سُرق منه إذا كان يريدها، وان يسمع الجواب بالنفي، وهنا يتغير محور الحوار. بالطبع هنا تتداخل عدة مواضيع، التي يجب أن يتم شرحها. ماذا تعني توبة؟ ما هي التوبة؟ موضوع مليء بمفاهيم مُساء فهمها. لنبدأ بالأطول. لدى سماعنا للكلمة ماذا نقول بشكل بديهي؟ أن هذه الكلمة هي كلمة كنسية، دينية، وهي تعبيرعن اللغة الدينية. ولكن كم عدد اللغات المتواجدة؟ تديننا هو داخل حياتنا أو خارجها؟ هل هي غريبة علينا؟ في الكثير من الأحيان نتخيل أن علاقتنا بالكنيسة متواجدة في مكان بعيد، ونتذكرها بشكل سنوي(الفصح، والميلاد). وكحدث لا يخصنا كاملا، ولكن يخصنا، فقط بالفكر أو في مكان ما داخل عقولنا إذا اردتم. وأكثر الناس، الحاليين، والذين يسيرون في الحاضر (ونحن منهم، ولكن أحيانا نتواجد في عالمنا الخاص)، يتخيلون ان مواضيع كهذه لا تخصهم. ربما نحن المسؤولون عن وضع كهذا. نحن نعيش باعوجاج بحياتنا الشخصية. وعندما يروننا يقولون: لا تهمنا هذه الأشياء، ليس لدي مزاج لأنقب القمامة. لأنهم يتخيلون الاعتراف كشيء يتعامل مع أمور عفنة، رديئة، وخاطئة. تصبح هذه الأمور لغة متخشبة. تعدت لغة الكنيسة المتخشبة، والتي تدعى “الحياة الروحية”، “الأنسان الروحاني”، “ماذا تفعل بحياتك الروحية”. كم حياة لدى الأنسان على الارض؟ واحدة، لا يوجد اثنتان. لا يمكن أن يكون كل منا إنسانان، إنسان يومي وآخر رباني. إنسان رسمي وآخر عادي. إنسان ظاهر وآخر خفيّ. إنسان يحب الظهور وآخر يعمل من خلف الأضواء. طبعا، الاختلاط بالأمور يبتدأ لان حياتنا الدينية هي ليست كل حياتنا. هنا يجب علينا ان ننتبه للتالي. معرفين الحياة الدينية، نصاب بقشعريرة لما نُعرّفة كحياة دينية، أن تكون كل حياتنا. لأننا نتخيل: هل ذهبت الى الكنيسة؟ هل أكمن ضغينة بداخلي؟ أنا بخير! من تلك اللحظة أستطيع أن عمل هذا أو ذاك. ولكن تعليم الكنيسة يقول إن المسيح هو الكنيسة. والكنيسة هي حياة الانسان. إذا لم نوضح هذا داخلنا، فسوف تلتبس الأمور مستقبلا. لدينا الالتباس التالي: السيد المسيح، والكنيسة نتخيلها كأفكار ومواضيع روحية. ولكن حياتنا كشيء يومي، ولديه إيقاعه الخاص الذي يشغلنا ويراوغنا أيضا. السيد المسيح جاء إلى العالم ليس ليصنع حياة روحية للبشر! لنفكر به ببساطة: كم من الأحيان نستخدم تعبير “هؤلاء هم الأناس الروحيين” مشيرين إلى أناس منشغلون بالأمور المادية. هكذا، بنفس المنطق نقول “حياة روحية” لكل من ينشغل باللاهوت كعلم، ولكن هذه ليست حياة روحية. لأنه لا توجد حياة روحية. توجد حياة المسيح والكنيسة والحياة بدون المسيح وبدون الكنيسة. الاختلاف بينهم جوهريا وليس معنويا فقط. يتبع.. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 13316 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() أيّة كنيسة؟!.
![]() ما الدّافع إلى السّؤال؟ الدّافع هو التّأكيد أنّ ثمّة، في الحقيقة، كنيسة وكنيسة: واحدة روحيّة وأخرى نفسانيّة. تتشابهان، لكنّهما تتنافران. تنقض إحداهما الأخرى. إذا ما سادت الواحدة انتفت الأخرى. ماذا نعني بذلك؟ ما تُراه الفرق بين ما هو روحيّ وما هو نفسانيّ؟. الرّوحيّ هو ما ينبع من الرّوح القدس. والرّوح القدس هو من ينشئ الكنيسة، شاهدًا للرّبّ يسوع المسيح، ومادًّا حضوره فينا وبيننا. فأنت من الكنيسة، إذا كنتَ من الرّوح القدس. وأنت من الرّوح القدس، إذا كان الرّوح القدس حيًّا فيك. وهو حيّ فيك، إذا كان فاعلاً فيك. وهو فاعل فيك، إذا كان حاكمًا فكرَك وسلوكَك، على كلّ صعيد: على صعيد داخلك وعلى صعيد خارجك، على صعيد الفكر وعلى صعيد النّيّة، على صعيد القصد وعلى صعيد التّصرّف!. دونك علاقتي بك. إذا كنتُ روحيًّا، أي كنسيًّا، بالفعل، فأنا أحبّك. لا يمكنني إلاّ أن أحبّك لأنّ الله محبّة، والرّوح القدس محبّة!. لا يمكنني أن أكون من الرّوح القدس إذا لم تمكن محبّته هي الفاعلة فيّ!. كيف أستدلّ على محبّتي لك؟ أحبُّك إذا عاملتُك كما أريدك أن تعاملني!. أسمعك، لا سيّما حين تعاني، لأنّي أحبّ أن تسمعني حين أُعاني!. عيني عليك، أُحسّ بك، أمتدّ صوبك، لا سيّما متى كنتَ بحاجة إلى من يؤنسك، إلى من يجالسك، إلى من يدفئ قلبك، إلى من يعزّيك، إلى من يخدمك!. للمحبّة شفافيّتها، وهي تبثّنا إحساسًا، أحدنا بالآخر، وتعطيني أن أرنو إليك، كصنوي؛ تُحضرك لديّ مهما باعدت المسافات فيما بيننا. أراني من خلالك بدل أن أراك من خلالي. لا أعود أذكرك فقط متى كنتُ بحاجة إليك، بل في ذاتك، لا سيّما متى كنتَ بحاجة إليّ!. أَنساني إليك كما تنسى الأمّ نفسها لتَحضُر لدى وليدها!. مَن أخي وأختي وأمّي؟ من يحبّ الله، ومن يحبّ بمحبّة الله!. من يقدر أن يسلك كذلك؟!. من ارتاح فيه روح الله!. وكيف أُؤتى أن يرتاح روح الله فيّ؟ متى سلكتُ في وصايا الله… بنقاوة القلب وسلامة النّيّة ومجامع الكيان!. وأنّى لي أن أسلك في وصايا الله، على هذا النّحو؟ متى تمسّكتُ بها وثبتُّ فيها وكنتُ مستعدًّا لأن أقدّمها على راحتي وكرامتي ورأيي!. وأنا لا طاقة لي أن أقدّمها على راحتي وكرامتي ورأيي، إلاّ إذا أحسستُ، في قرارة نفسي، وتيقّنتُ من أنّ وصايا الله أثمن من كلّ ما لي!. بكلمات أحد الآباء المعاصرين: الحقّ أثمن من حياتنا!. الحقّ هو حياتي الجديدة!. ما يجعل وصايا الله مضمونَ ذاتي المرتجاة، الّتي يشاؤنا الله أن نصير إيّاها، وأشاؤني، أنا أيضًا، بكلّ الثّقة، وبكلّ الأمانة!. يسوع هو الكلمة المتجسّد، فأنا أصير، على مثاله، الوصيّةَ متجسِّدةً، من نسل آدم الجديد، محبّةً من المحبّة!. ذاتي الجديدة تصير إلهيّة بشريّة، من الرّوح، ومن اللّحم والدّم معًا، كائنةً!. لذا، لا إمكان سلوك، لديّ، في وصايا الله، إلاّ إذا كنتُ مستعدًّا، استعدادًا كاملاً، لأن أطّرح عنّي كلّ اهتمام دنيويّ حيث أجدني مزمِعًا، كلّ حين، أن أستقبل ملك الكلّ!. طبعًا، هذا لا أحقّقه دفعةً واحدة، بل بإصراري، وأنا واعٍ قولةَ الرّسول بولس: الإرادة حاضرة عندي، أمّا أن أفعل الحسنى فلستُ أجد!. إذًا، لا بأعمالي، كإنسان، بل بالإرادة، والنّعمة المتمثَّلة في حفظي للوصيّة، وإصراري، أنمو إلى ملء قامة المسيح!. هي مسيرة العمر أن أحفظ وصايا الله لأصير مثل الله!. هو محبّة، فأنا أطلب أن أُحبّ كما أَحبّ!. تعلّموا منّي!. هو رحمة، فأنا أطلب أن أرحم كما رحم!. هو حنان، فأنا أطلب أن أَحِنّ كما حَنَّ!. هو سلام، فأنا أطلب أن أكون أيقونة سلام كما هو سلامنا!. هو مبذول من الآب حبًّا، فأنا أطلب أن أمدّ نفسي بذلاً وحبًّا لمن بذل نفسه من أجلهم وأحبّهم!. هو الضّحيّة والمُضحّي، فأنا أُقرِّب نفسي قربانًا على مذبح الله والإخوة!. قريبي مَن أقرّب ذاتي قربانًا لديه!. بموتي عن نفسي لديه، يصير قريبي!. مسيحي قائم، في قيامته، على صليب محبّته إيّاي، فأنا أقوم، شريكًا في قيامته، على صليب محبّتي إيّاه… بين إخوتي!. أَحبّهم فيّ، لأنّنا، جميعًا، خاصّتُه، فأنا أحبّه فيهم، كخاصّتي، لأنّه كرّسنا، جميعًا، إخوة، فيما بيننا، وإخوة له!. كنيسة الرّوح القدس، بكلمة، هي الرّبّ يسوع المسيح حيًّا في كياننا وقوانا، ممدودًا في أجسادنا، حتّى من يرانا يراه ويسمعنا يسمعه ويتعاطانا يتعاطاه!. كنيسة الرّوح القدس هي يسوع المسيح إيّاه، معنا وفيما بيننا، في محبّته ووداعته وتواضعه وحنانه واتّخاذه إيّانا وفرحه بنا وبكائه علينا… طبيعيّ، في تعاطي الرّوحيّات، بين النّاس، أن تكون للإنسان خبراته النفساجسدانيّة: أفكار، أحاسيس، مشاعر… نحن لسنا بأرواح، نحن بشر من لحم ودم. لذا، ما هو روحيّ فينا يقترن بما هو للنّفس والجسد، ويجري التّعبير عنه فيهما، كلغة!. لا فصل بينهما، فقط تمييز!. ما هو للنّفس والجسد من الرّوح فينا، كالمقود من السّائق!. هويّة الإنسان، ذاتُه، بمعنى، تتروحن!. وما للنّفس والجسد قِوًى وأمداء للذّات!. هذان واحد، في بُعدَين: منظور (الجسد)، وغير منظور (النّفس). غير المنظور يشمل القوى الدّماغيّة، بما فيها التّفكير والمشاعر والأحاسيس والحدس، وما إليها من أمثال الذّاكرة والمخيِّلة… هذه تضبط المنظور وتسيِّره، وتتلقّى رسائل المحسوس وتفسِّرها وتشفِّرها!. لا النّفس تعمل من ذاتها ولا الجسد، إلاّ ما خصّ الوظائف الآليّة بطبيعتها، الّتي، إن توقّف أداؤها، انقطعت حياة الإنسان!. في ما عدا ذلك، الرّوح القدس، في القلب، يحدّد الفكر والمسير، وكذا طبيعة العلاقة بما، وبمن هم خارج الذّات!. ولكنْ، حيث لا روح قدس، أو حيث عمل الرّوح القدس معطَّل، ذاتُ الإنسان تكون مرتهَنَة لحبّ الذّات؛ وحبّ الذّات يتشكّل من جملة الأهواء والنّوايا والمقاصد المتمحورة في “أنا” الإنسان، الّتي تنطلق منه، كمصدر، وتصبّ فيه، كمرجع!. هذا ما يُعرف بـ”الإنسان العتيق”!. الإنسان، في عين نفسه، والحال هذه، هو الألف والياء لنفسه، هو الغاية، وما سواه أدوات!. لا يطلب، في العمق، إلاّ ما لنفسه في كلّ أحد، وفي كلّ شيء، ولا يستطيع أن يفعل، في ذاته، غير ذلك!. على هذا، الرّوحيّ، إذا حَكم في الإنسان، فإنّه يتجلّى في النّفس والجسد؛ فيما النّفسانيّ، إذا حكم فيه، فإنّه يطيح الرّوحيّ، ولا يُبقي منه إلاّ مظهره وشعاراته!. هذا إذا ما تمسّك بانتمائه إلى الرّوحيّ!. في الكنيسة النّفسانيّة، مؤمن بالشّكل لا بالقلب؛ عقيدة بالنّصّ، فقط، لا خارطة لحياة روحيّة تراثيّة فعليّة؛ طقوس لا عبادة، عادات دون مخافة الله. للمؤمنين المزعومين، في الكنيسة النّفسانيّة، صورة التّقوى، لكنّهم منكرون قوّتها. الصّليب للزّينة، أو له مفعول سحريّ، ولا يبالون بحمل صليب المحبّة كلّ يوم. النّفسانيّون طائفة لا كنيسة؛ جماعة ذات شعارات مسيحيّة لا أعضاء ينتمون إلى جسد المسيح!. شكلهم مسيحيّ ومضمونهم دهريّ. يلفّقون انتماءهم إلى المسيح، إلى انتمائهم إلى ذواتهم وإلى مصالحهم المشتركة!. يتعاطون السّلطة لا الخدمة، ولكن باسم الخدمة!. همّهم المؤسّسة لا المحبّة، أن يتكلّموا باسم الله لا أن يسلكوا في وصاياه!. كلامهم شيء وأفعالهم شيء آخر تمامًا!. يتكلّمون على الصّدق ويكذبون، على الأمانة ويسرقون، على العفّة ويزنون، على الرّحمة ويقسون، على المغفرة ويخاصمون، على الإمساك ويُسرفون، على الصّوم ويبطرون، على المحبّة ويكرهون، على ذكر الله ويلعنون!. همّهم في هذا العالم لا في الملكوت!. وثنيّون في تعاطيهم الله. يقصدونه متى كانوا بحاجة إليه!. يريدونه خادمًا لهم. يرفعون إليه العطايا، رشوةً، ولا يهمّهم أن يرنوا بقلوبهم إليه!. يقرّبونها كصفقة تجاريّة، أو للتّأمين على الحياة، أو ليتمجّدوا بين النّاس… لا يختلفون في شيء عن أبناء هذا الدّهر، فقط بشعاراتهم وكلامهم الأجوف!. يتغنّون بقيامة معلّمهم ونفوسهم ميتة!. يطربون لتراتيلهم وقلوبُهم نتنة!. صفيقون في الكلام، شتّامون، مستهترون، حاقدون، ومع ذلك يدّعون الغيرة على بيت الله!. يتغنّون بالفكر العظيم للمسيح، ولا يشاؤون أن يتوبوا، ويستخفّون بالصّوم، ولا تعني لهم الصّلاة شيئًا بل الأعمال، كما يزعمون؛ وفي كلّ أعمالهم لا يطلبون إلا أناهم!. يدّعون احترار العالم وهم الفاترون الخدِرون بأنفسهم!. هذه هي الكنيسة النّفسانيّة: تشويه كاريكاتوريّ لكنيسة المسيح، ونقضٌ لروحها، ومَتحفَةٌ لها!. هذه هي كنيسة الشّيطان، بامتياز، بين النّاس!. أن ينتفي روح الله في الكنيسة ويسود روح العالم، ونظنّ، موهومين، أنّنا للمسيح!. أما تُراها، تلك الرّوح الغريبة، تتسلّل، أخيرًا، إلى نفوس الأكثرين؟!. أما هذا هو أسوأ الإرتداد؟!. ضَربتنا اللاّمبالاة واجتاحنا التّلفيق والإحساس يموت!. غرباءَ عن البيت بات أهلُ البيت!. ربّاه، إلى أين بعد؟!. الأرشمندريت توما (بيطار)، رئيس دير القدّيس سلوان الآثوسي، دوما – لبنان |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 13317 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ذبيحة التسبيح
![]() في القدّاس الإلهي، بعد أن يتلو الكاهن كلمات العشاء السرّي، والتي بها أسّس ربنا المسيحُ سرّ الشكر، يرفع الخبز والخمر المُقَدَّمَين ويهتف: “التي لك مما لك نقدّمها لك عن كل شيء ومن جهة كل شيء”. وللفَور بعد هذا الإعلان يتلو الكاهن دعاء استدعاء الروح القُدُس على القرابين، لتتمّ بذلك استحالة الخبز والخمر إلى جسد المسيح ودمه الإلهيّين. جماعة المؤمنين بفم الكاهن تقول “التي لك مما لك” إذ هي تقدّم لله ما هو له بالأصل، فتقديم القرابين كما سائر أشكال العبادة لا يجوز إلا لله. أما الخبز والخمر ففيهما شكل من أشكال الاشتراك الحيوي بين عطايا الله وجهد الإنسان: القمح والعنب هما من نتاج الأرض وترتيب الفصول، إي من ثمار الطبيعة كما وهبها الله، وبعمل الإنسان يصيران خبزاً وخمراً. العالم بكل ما فيه هبة من الله للإنسان مملوءة بالخيرات والبركات، وقد ميز الله الإنسان بكل ما يلزمه من مواهب لا ليحسن العيش في العالم وحسب بل وليقدسه أيضاً. على مذبح القداس الإلهي نحن نقدم خبزاً نقياً وخمراً صافية والله يصيرها جسد ودم ابنه الوحيد، الإلهيين والمُحيين. نحن نقدم إلى الله، كتعبير عن اعترافنا بفضله وشكرنا لمحبته، مِن ما هو عطاياه أصلاً، إذ إننا لا نملك ما يمكننا أن نقدمه إزاء عظمة محبة الله سوى الشكر والعرفان ذبيحة. بمعنى آخر، هبة محبة الله للإنسان تعود إلى الله، من الإنسان، ذبيحة تسبيح. ذبيحة الشكر والتسبيح هذه لا تقتصر على تقدمة الخبز والخمر في القداس الإلهي. الإنسان، متى اعتمد بالمسيح، يصبح كما يقول أبونا البار مكسيموس المعترف “كاهناً كونياً” غايته أن يُقدس العالم المادي الذي فيه يعيش ويرفعه إلى الله قرباناً طاهراً. قد يبدو هذا الكلام، للبعض، لاهوتاً مُعقداً أو تنظيراً غير واقعي. أما في الحقيقة فهو العكس تماماً. كل من اعتمد بالمسيح صار بحكم معموديته لابساً المسيح أي أنه صار قادراً أن يشكل امتداداً للمسيح أينما كان. أياً كانت مهنته أو وظيفته أو دعوته أو نمط حياته يكفيه أن “يكفر بنفسه” ويتبع المسيح، أي أن يسلك لا بمقتضى مشيئته الذاتية بل بمقتضى إنجيل المسيح ليصبح كل ما يعمله أو يحياه مقدَساً، وبالتالي “ذبيحة تسبيح” وشكر لله. لا شيء في هذه الدنيا ليس قابلاً للتقديس فكل ما خلقه الله حسنٌ. الإنجيل المتلو في الكنيسة هذا الأحد يبدأ بقول السيد له المجد “من أراد أن يتبعني فليكفُر بنفسه ويحمل صليبه…”. الدعوة هنا ليست انتقائية، بل تأكيداً على أهمية القرار الحر الخيار الشخصي “الكياني” في اتِّباع المسيح. في إنجيل مرقس، الذي منه يأتي هذا النص، يخاطب الرب يسوع “الجمع مع التلاميذ”، وهذا الجمع المتحلّق حول التلاميذ هو المؤمنين، أي كل إنسان اعتمد بالمسيح، على امتداد التاريخ. الـ”من أراد أن يتبعني” هي إذاً أمدّ من الزمن، أبعد من الذين سمعوها بآذان الجسد في ذاك اليوم، ولها شرطها: “فليكفُر بنفسه…”. أما إنكار النفس هذا فيعني أن لا يبقى الإنسان، متى أراد أن يتبع السيد، أسير غريزته البشرية التي تؤلّه الـ”أنا”. أن لا يبقى منتمياً إلى ذاته، وإلى الدنيا التي يرى فيها، لمحدودية بصيرته، تحقيق ذاته. أن يلقي عن “نفسه” ذاك الخضوع لنواميس دنياه، والمقنّع زيفاً بحاجة التكيّف من أجل البقاء. بمعنى آخر يقول السيد المبارك في هذا اليوم لسامعه إن أردت أن تتبعني (أي أن تتمثل بي وتسلك بحسب وصاياي) عليك في البدء أن ترفع إلي مشيئتك ذبيحة، وأنا أقدسها. إما أنا وناموسي وبالتالي الحياة التي أعطيك، وإما نفسك. في ذبيحة القداس الإلهي، وفي “ذبيحة التسبيح” حيثما عشناها في حياتنا، نحن لا نقدم لله مجرد تقدمات مادية بل المسيح نفسه. “التي لك مما لك نقدمها لك”. فكما أن القرابين، الخبز والخمر، الموضوعة على مائدة القداس الإلهي تحمل في الوقت عينه شكرنا لله على محبته وعطاياه في الخليقة الأولى وعلى خلاصه المُعطى لنا بالمسيح، كذلك سلوكنا بمقتضى الإنجيل يجعل كل ما نعمله ونحياه “ذبائح روحية مَرضية عند الله إكراماً ليسوع المسيح” (1 بطرس 2: 5). |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 13318 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() الذين بدون مشاعر لا ينتحرون
![]() عندما نكون في الكنيسة، ونكون قد تعمدنا، تأتينا في لحظة ما المعضلة التالية: أن افعل هذا او ذاك؟ تأتينا المعضلة من داخل نفسنا كسؤال. تأتنا هذه المعضلة في حالات فعل السوء، في حالات الحقد، والضعفات الروحانية والجسدية. يراودنا السؤال هل افعل ذلك او لا افعل. ولأننا لم نتعود أن نجاهد روحيا وان نحارب شهواتنا، ولاننا لا نعرف أن مشيئة الله هي حياتنا، نقوم باختيار القرار الخاطئ. ونرنكب الخطيئة. خطيئة ماذا تعني؟ تعني انني قررت أن أرتكب عمل لا يعمله السيد المسيح. بمعنى أن السيد المسيح هو حياة، والعمل الذي لا يعمله السيد المسيح، بعملي له أرفض الحياة. إذا لم نوضح هذا في أنفسنا، لن نستطيع أن نفهم كم أساسية هي أضرار الخطيئة. الخطيئة ليست عصيان لقانون معين، هي تغيير للحياة. السيد المسيح هو الحياة. بارتكابنا الخطيئة ننكر الحياة. وذلك يعني ان الخطيئة هي الموت. طبعا لان الخطيئة ليس لها عواقب بيولوجية ونحن فقط ننظر الى العواقب البيولوجية، لذلك لا نفهم موتنا. والكثير من الأحيان لا نؤمن بكلام السيد المسيح، ولكن نؤمن بما نراه فقط. المسيح يتنازل لوضعنا، ويصنع العجائب الجسدية (كبراءة المخلع) ليؤمنوا البشر، وقبل المعجزة يغفر الخطايا. والله يغفر الخطايا أولا لتصل لنا الرسالة انها أثقل من الالام الجسدية. إذا بما اننا لا نرى عواقب الموت، الذي تجلبه الخطيئة للنفس، لا نستطيع ان نقدرها. وننظر اليه بإهمال شديد. ومن هنا تبدأ الأمور بالعمل بشكل خاطئ جدا. كانت العلاقة بين الانسان والكنيسة هي علاقة حياة، كانت الكنيسة طريقة حياة. لذلك عندما أيا كان يرتكب خطيئة، كان ابيه الروحي يضع له قانونا “توجيهيا”. هذا القانون كان بأن لا يتقدم للمناولة لفترة معينة. مسيحي يعني الأنسان الذي يحتفل بالقيامة كل أحد والذي يذهب كل أحد ويشارك بالقداس الإلهي. وإذ لم يذهب لثلاث مرات بدون سبب، كان يقطع من جسد الكنيسة. من منا اليوم يهتم لهذه الأمور؟ ومن منا يأبه عندما يقول له أبيه الروحي بألا يتناول؟ وهل كان يتناول قبلا حتى لا يتناول لاحقا؟ نرى أن العلاقة الأساسية والتعبير كان: بتواجد الشروط لطريقة الحياة وهذه الطريقة يعبّر عنها بالاشتراك بالقداس والمناولة الإلهية. المسيح هو حياة. عندما نتناول ماذا نفعل؟ نحصل على حياة، لذلك الخطيئة تقطعنا عن الحياة وهذا يعبر عنه بالقانون الذي يضعه الأب الروحي بالحرمان من المناولة لفترة معينة. وهنا نتساءل هل يؤلمنا هذا؟ أو هل يشغلنا؟ بما أننا فاقدين كل مقومات الحياة المسيحية فانه مصيري ان لا يشغلنا. لا يتواجد المسيح كحياة، ولا توجد حياة للتناول. لا توجد قيامة للمسيح أيام الاحاد أغلب الأحيان. حتى لأولادنا لنقنعهم بالذهاب للكنيسة نقول لهم “انه يجب أن يذهبوا للكنيسة”. ماذا يعني يجب؟ ولماذا يجب؟ إذ لم نفهم معنى القيامة في حياتنا، لماذا نذهب الي الكنيسة؟ وسيراه، كما قلنا في البداية، في وجه آخر. ذاك الذي ينصح بالذهاب الى الكنيسة يوم الأحد. ننظر مباشرة لخطيئتنا الآن. ولدينا قوة مضاعفة. في مرحلة أولي نندم، او بالأحرى نندم لفعلتنا. هل تؤمنون ان هذا يكفي؟ لماذا نتوب؟ لأن بسبب الخطيئة التي قمنا بها تولدت تأنيبا في ضميرنا. هذه المرحلة، هي مرحلة بدائية والتي ممكن ان تشوّه بسهولة. كيف يمكن أن تشوّه؟ تصبح توبة أنانية. ونبدأ بلعن أنفسنا، ونقول (أنا فعلت شيئا كهذا؟) ويصبح العبق ليس على الخطأ الذي فعلته وإنما على الأنا. وأخيرا التأنيبيات يعملون فقط للعن الذات. ولا يعملون كتوبة. نعمل على تأنيب اجسادنا التي تسبب بالخطيئة. وثم توبة والتي ليست بتوبة. حياة الإنسان مليئة بلحظات التوبة، والتي لم تقدم شيء لحياة الانسان. وبهذا المنطق نعتبر الخطيئة شيء يجب ان يتكرر. يوجد في قصة السيد المسيح وجهان، والذين يعبرون عن الصالح والخاطئ. سنتحدث عنهم لاحقا. لنرى الآن ما هي التوبة؟ التوبة تعني فهمي أنني ذهبت من الحياة وأنا الان موجود في حالة موت. وماذا يجب أن أفعل؟ أن أعود إلى حيث تركت. أي الى بيت ابي. من هو أبي؟ السيد المسيح. لنذكر مثل الابن الضال. الاصحاح 15 من إنجيل لوقا البشير. إقراؤه عدة مرات. ففيه مثالان آخران. المثل مع الحمل الذي ضاع في الجبال ومثل الدرهم التي فقدته السيدة. والمقطع الثالث هو مثل الابن الضال. المثل يصف الطريقة الصحيحة للتوبة. أي العودة الي بيت الآب. إذا لم يفهمه أحد لن يستطيع ان يتوب توبة صحيحة، ولن يتغير من توبته. سوف نلوم أنفسنا العديد من المرات ولن يتغير شيء وسنبقى حيث نحن. ولكن التوبة تعني العودة الى حيث تركت. أعود إلى بيت أبي، واتعرف على أبي لأنه الحياة وأعود إليه، لإن العيش بعيدا عنه يعني الموت. وقلت سابقا ان هناك وجهان في قصة السيد المسيح يحددون الوضع. الأول هو يهوذا والآخر هو بطرس. نتخيل أن يهوذا بلا مشاعر وبدون ضمير وببرودة أعصاب سلم السيد المسيح. ولكن لماذا انتحر؟ الاناس الذين بدون مشاعر لا ينتحرون. الشاعريون هم الذين ينتحرون، الشاعرية ممكن أن تكون أنانية. هذا الإنسان بدخوله بمنطق التوبة لعن نفسه وقال: ” ماذا فعلت؟ ل 30 من الفضة بعت الذي أكلت خبزا وملحا؟ ولماذا؟ هل ميزني عن الآخرين؟ وأنا ذهبت وسلمته؟”. وخُنق بأنانيته وبالتأنيب، والذنب الذي ولد هذا الفعل، وقيد إلى مأزق دون مخرج وهذا ادي الى كارثة انتحاره. من الممكن أن بطرس فعل أفعالا أسوأ من أفعال يهوذا. يهوذا كان لديه ضعف وهدوء حاول أن يرضيه لكنه انتهى بمأساة. بطرس حلف أمام فتاة، رجل مسن، بالله لا أعرفه. شيء غير مقبول بالنسبة ليهودي أن يحلف. لنذكر الوصية حيث قال الله” لا تحلف باسم الله باطلا”. والآن أمام فتاه صغيرة – والتي تقول له “وانت من أصدقاؤه، أعرفك من لهجتك فانت جليلي” – يحلف ويلعن ويقول أنع لا يعرفه. بعد هذه الحادثة وجد نفسه في وضع تأنيب ضمير. ولكن تأنيب الضمير لم يدخلون في وضع الذنب الشخصي الذي لا مخرج منه. فهم أنه قان بخطيئة حياته. وعرف أنه إذا بقي أينما هو سوف تنحرف مسيرته، فقرر العودة لأبيه. الأول كان لديه ذنب وطريقه توبة والآخر كانت له توبة صحيحة وعودة. لان التوبة تعني هذا: العودة إلى حضن الآب، من هناك حيث تركت. إذا لم نفهم هذا، لن نستطيع أن نتقدم في توبتنا. إنه مصيري منذ البداية، عندما تخطئ، يتولد داخلك شعور تأنيب. ويفهم أنك مذنب. وعندما هذا الشعر لم ينبت تأنيب وانما من أنانية في بعض الأحيان. لا يولد شيء ولن يتحول ليصبح توبة. أن افهم أن ما فعلته هو موت وخطأ والذي يضرني أنا ولا يضر الله. من الخطيئة التي تضر نفسي فقط ولا تضر الآخرين، هذا يعني أنها الأخطر. يتبع… |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 13319 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() هل “إيقونة” العائلة المقدسة “أيقونة” هرطوقية؟
![]() السبب الرئيسي لاعتماد التقليد في رسم الأيقونات الأرثوذكسية بدلاً من الابتكار هو منع المفاهيم الهرطوقية من دخول الكنيسة، إذ إن البدعة يمكن تصويرها في اﻷيقونة بنفس القدر كما كتابتها في الكتب أو إعلانها من عن المنبر. أحد هذه الابتكارات في رسم الأيقونات الأرثوذكسية، وقد بدأت في أميركا، هو تصوير “العائلة المقدسة“، حيث تبيّن المسيح إما في أحضان القديس يوسف ومريم العذراء معاً، أو في حضن القديس يوسف وحده. فيما قد تبدو هذه الرسوم بريئة، فإنها في الواقع تظهِر انعدام اهتمام بالمسائل الأساسية للعقيدة الأرثوذكسية. تستند رسوم “العائلة المقدسة” هذه على ابتداع بابوية حيث أن البابوية أسست في العصر الحديث عيداً للعائلة المقدسة. وقد لاحظ أحد الباحثين الكاثوليك، في مقارنة بين عيد العائلة المقدسة البابوي والأعياد المسيحية في العصور القديمة، “[عيد العائلة المقدسة] … هو نتاج عصرنا الحديث، العصر الذي نحن ننتمي إليه“[1]. في رسم الأيقونات الأرثوذكسي التقليدي، يصوَّر المسيح الطفل بشكل صحيح، ليس وحده مع يوسف الخطيب، وإنما وحده مع والدته، وبالتالي التشديد يكون على عقيدة أنه هو “الابن من غير أب، الذي كان مولوداً من الآب دون أمّ قبل الدهور”. في الواقع، لحماية المؤمنين من الفهم غير السليم لدور يوسف الأبوي وعلاقته بوالدة الإله، فإن حجمه في الأيقونات الأرثوذكسية التقليدية يكون صغيراً (بدون أن يقلّل هذا من قيمة شخصِه بطبيعة الحال)، كما أن آباء الكنيسة أيضاً يقتضبون عند الحديث عنه. على سبيل المثال، في أيقونة ميلاد المسيح، بحسب تعليق الأستاذ قسطنطين كافارنوس، “لا يظهر[يوسف] في الجزء المركزي للأيقونة، مثل والدة الإله والطفل، ولكن بعيداً في زاوية، بهدف تأكيد الرواية الكتابية وتعليم الكنيسة بأن المسيح ولد من عذراء”. ليونيد أوزبنسكي وفلاديمير لوسكي، في عملهما المحوري حول رسم اﻷيقونات، يقدمان ملاحظة مماثلة: “تفصيل آخر يؤكد أنّ في ميلاد المسيح يُغلَب ترتيب الطبيعة: يوسف. فهو ليس جزءاً من المجموعة المركزية التي تضمّ الطفل وأمه. فهو ليس الوالد لذا يتمّ إبعاده بشكل قاطع من هذه المجموعة“. وعلى المنوال نفسه، في أيقونات ذات مواضيع مماثلة، كدخول السيد أو الرحلة إلى مصر، فالرسم الأرثوذكسي لا يفهم القديس يوسف كرئيس لنوع من “العائلة المقدسة“. بدلاً من ذلك، يُنظَر إليه على أنه حارس لوالدة الإله وطفلها الإلهي تمّ اختياره تدبيرياً. إن قبوله المتواضع وإنجازه الفاضل لهذا الدور هما بالتحديد أساس توقيره في الكنيسة الأرثوذكسية”. إلى هذا يلاحظ القديس أغسطينوس: “يوسف… يمكن أن يسمّى والد المسيح، على أساس كونه بمعنى ما زوج والدة المسيح…” فيما يصرّ أوغسطين على أنه في هذه العلاقة الزوجية “لم يكن هناك أي اتصال جسدي“ ويتوسّع في مكان آخر في هذه النقطة: “وبسبب هذا الإخلاص الزوجي [أي التبتّل المتبادل بينهما] فكلاهما جديران بأن يسميا والدي المسيح (ليس فقط هي كوالدته، بل هو أيضاً كوالده، لكونه زوجها)، فكلاهما كانا كذلك في الفكر والغرض، ولكن ليس في الجسد. ولكن في حين كان الواحد والده في الغرض فقط، فاﻷخرى والدته في الجسد أيضاً. فلهذه اﻷسباب كلّها، كانا والدَي تواضعه لا سموّه؛ والدي ضعفه [انظر 2كورنثوس 13: 4] وليس لاهوته“. وعليه، في تصوير الثلاثة معاً في الأيقونة يجب أن يظهَروا كمتممين للقصد الإلهي، لا كأسرة واحدة بحسب الجسد. القديس أمبروسيوس أسقف ميلان، حرصاً على التعليم المسيحي التقليدي حول القديس يوسف ودوره كزوج لمريم العذراء، يحذّرنا من سوء فهم الآية الكتابية “فإن ثعبان الكفر، إذ يخرج من أماكن الفساد التي يختبئ فيها، يرفع رأسه ويتقيأ الأذى من قلوب شيطانية“. إحدى المجموعات من الناس التي قد يشوشها وصف “العائلة المقدسة ” بشكل خاص هي المتحولين من الأنجليكانية. فالإنجليكان يعتقدون بالوﻻدة من بتول، ولكنهم بغالبيتهم يرفضون العذرية الدائمة لمريم العذراء، ما يعني أنهم لا يقبلون عقيدة الميلاد من عذراء إلا جزئياً. جزء من هذا له علاقة مع حقيقة أن الإنجيليين ينظرون إلى اﻹلفة الزوجية على أنها المثل الأعلى للحياة المسيحية، في تناقض حاد مع الكتاب المقدس والآباء الذين يعلّمون أن أسمى حالات الحياة المسيحية هي البتولية، لأنها تساعد على تركيز المسيحي على تحقيق وحدته مع الله. على مثال الهراطقة المشهورين كالإبيونيين، هلفيديوس ويوفينيان، يتمسّك اﻷنجليكان بوجهة النظر الأكثر تدنيساً وهي أن اتصالاً جسدياً تمّ بين يوسف ومريم بعد ولادة المسيح، ما يعني إنجاب أوﻻد آخرين.يدعو القديس يوحنا الدمشقي أولئك الذين يحملون مثل هذه النظرة “أعداء مريم” . وهكذا عندما يتحوّل الأنجليكان إلى اﻷرثوذكسية ويرون مثل هذه اﻷيقونات المسمّاة “العائلة المقدسة“، لن يكون مفاجئاً أن صورة كهذه تشوّشهم وتبرر الإبقاء على اعتقادات هرطقتهم السابقة. إن عذرية والدة الإله الدائمة هي افتراض أساسي لقبول حقيقي لعقيدة التجسد. يكتب القديس غريغوريوس بالاماس: “تكرّم الله بقبول طبيعتنا منّا، واﻻتّحاد أقنومياً معها بطريقة رائعة. ولكن كان من المستحيل اتّحاد الطبيعة اﻷسمى، التي نقاؤها غير مفهوم للعقل البشري، بطبيعة خاطئة قبل أن تتم تنقيتها. لذلك، فالحمل بمُعطي الطهارة وولادته، يتطلبان عذراء نقية تماماً وفائقة الطهارة” . يسمّي القديس باسيليوس الكبير الأيقونات “كتب الأميين“. ويقول: “أي برهان لدينا أفضل من أن اﻷيقونات هي كتب الأميين، والمذيعة الدائمة التحدّث عن إكرام القديسين، ومعلّمة الذين يحدقون بها من دون كلام ومقدِّسة للرؤيا. مَن ليس عنده العديد من الكتب ولا الوقت للدراسة، يذهب إلى الكنيسة التي هي الملجأ المشترك للنفوس، وعقله منهك من الأفكار المتضاربة، يرى أمامه صورة جميلة فينعشه المنظر، ويدفعه إلى تمجيد الله”. اليوم، إذا دخل شخص أمّي الكنيسة الأرثوذكسية ورأى صورة “العائلة المقدسة“، كيف يُفترض به أن يقرأها بشكل صحيح من دون تفسير مطوّل؟ بدلاً من ذلك، إذا كانت الصورة تعكس الباطل أو البدعة بشكل واضح وفوري، يجب رفضها كي لا تؤدّي إلى ضلال الأبرياء والبسطاء. من المفترض أن يكون هناك تناغم كامل بين العقائد المكتوبة والصوَر التي تزيّن كنائسنا. في الكنيسة الأرثوذكسية، لدينا العديد من العائلات المقدسة، كمثل يواكيم وحنة مع والدة الإله، زكريا واليصابات ويوحنا السابق، عائلة القديس باسيليوس الكبير، عائلة القديس غريغوريوس بالاماس…. كل هذه وغيرها الكثير هي عائلات مقدسة حقاً ينبغي لنا أن نكرّمها ونصوّرها في كنائسنا، لأنها كانت أسَراً بحسب الجسد. من ناحية أخرى، أسرة القديس يوسف الخطيب ومريم العذراء مع المسيح، لم تكن أسرة مكوّنة بالجسد، ولكن كما كتب القديس أوغسطين هي عائلة “الفكر والغرض“، وقد جمعتها العناية الإلهية للتأكد من إنجاز المسيح لعمله الخلاصي لافتداء الجنس البشري. جون سانيدوبولوس التراث الأرثوذكسي |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 13320 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() الأرثوذكسية
![]() الإيمان بالأرثوذكسية ليس إيماناً عاطفياً ينبع من نزوات بشرية، كل ما ينبع من العاطفة يموت مع تقلباتها، الأرثوذكسية حياة ترتكز على العقائد الالهية النابعة من صلب الكتاب المقدس، حفظها التقليد الشريف وختمها آباء المجامع المقدسة بختم مواهب النعمة التي تمنح للذين يجتمعون باسم المسيح لغرض التقديس والبر، والأرثوذكسية هي التعبير الصحيح للذين يؤمنون بالحرية والحق، الفكر الحر يقوم في أعماقها، لا مجال لغير الأحرار فكرياً في الأرثوذكسية، والأحرار هم الذين بلغوا شوطاً بعيداً في الإيمان، أولئك الذين يحتضنون النعمة ويعتبرونها نبعاً للحرية وينيرون بها أفكارهم وعقولهم وقلوبهم، هم المؤهلون لاعتناق مبادئها والاغتسال في جرن عقائدها، فهي خزَّان الانبعاث، منها تجري ينابيع النقاوة الفكرية والجسدية، مائدتها أبداً مليئة بالخيرات الإلهية، إذا تغذى بها الإنسان ملك الحياة، وإذا حجم عنها خسر نفسه وضلَّ طريق المعرفة. الإنسان فيها هو الألف والياء، وهي من أجله وجدت، وجدت لتعيد صياغته، لتبني ما هدمته الخطيئة في الهيكل الإلهي، لتلده من جديد، لترفعه من الوحول إلى الرؤيا، فتجعله سيداً يصوغ من التراب بشراً ومن الوحول بلورات تفتح العيون على أنوار السحر. من خلال الأرض نرى السماء ومن خلال السماء نحيا قداسة الأرض، الأرثوذكسية هي هذا التوازن بين معطيات السماء ومعطيات الأرض، النعمة هي التي تخلق هذا التوازن، وهي التي تنمّيه والتي تحوّل الميزان في صالح الحقيقة، وهي التي تجعل الإنسان ينطق بألسنة الملائكة ويترجم اللغة السماوية إلى تعبير يلبسها أجساداً شفافة بنور المعرفة، كذلك تجعله يصعد درجات السلّم الذي انحدر عليه المخلـّص، لنصعد نحن الذين صالحنا بدمه الكريم نحو أبيه الذي في السماوات، الأرثوذكسية هي هذه الحياة في النعمة، أي في المحبة والحرية الإلهيتين. عندما نتكلّم عن الأرثوذكسية نضع نصب أعيننا لا الأرثوذكسية المنحصرة بين فكي التعصُّب الجاهل والعنصرية الإقليمية البغيضة، عندما نتكلم عن الأرثوذكسية، نتكلم عن المحبة المنفتحة لاحتضان العالم، وعن السلام الذي ترمي إليه، الأرثوذكسية تشمل كل إنسان، أي إنسان مسيحي يؤمن بسيادة المسيح ويطرح كل سيادة غير هذه السيادة، لأن سيادة المسيح هي موت لكل سيادة وبتر لكل هوى بشري، في المسيح لا عبد ولا حر، لا سيد ولا مسود، الجميع يتساوون، الجميع يشربون من نبع واحد ويأكلون من طعام واحد، غايتها وهدفها خلق مجتمع بشري مقدس، يرعى فيه الذئب مع النعجة ويتجاور الصقر مع الحمامة، هذا المجتمع البشري الموحد الذي يتحرك بالمحبة ويتغذَّى بالسلام، لا يعرف سلطاناً غير سلطان الوحدة تحت صليب المسيح، ولا يتحرك إلا بنسمات النعمة المعتقة من كل هوى وسلطان، وهو المفروض أن يوجد. إنه موجود نظرياً في الأرثوذكسية، موجود في كتب آبائها وقديسيها وكتبها، موجود في تاريخها، تحتاج فقط إلى كشف هذه الكنوز، إلى إظهارها، إلى وضعها موضع التطبيق، إلى تبنيها وتجسيدها تبنيا ً فعلياً ببساطة وإيمان لا جدلياً. كثيراً ما يقود المنطق إلى تشويه الحقائق، المنطق البشري ليس حراً، كثيراً ما تفسده العواطف، تعطيه أبعاداً غير أبعادها، كثيراً ما يشوّه المنطق البشري حقيقة الحقيقة، لا يكون المنطق سليماً إلا إذا استنار بالإيمان، الإيمان والمنارة الكشافة للعقل والفكر والمنطق، به نرى الآفاق البعيدة الثابتة، ونكشف الينابيع التي تهبها المعرفة التي للتجلي، المنطق بالإيمان يزداد إبداعاً، وبدونه يتفكك ليخلق بجدليته أشباح حقائق وأوهاماً تزيد في الضلال والفوضى البشرية. الأرثوذكسية هي الإيمان المحتضن للعقل والفكر والمنطق، والعاملة لجعلها قاعدة لعالم الإنسان، تغذيها نعمة الحياة، من هنا كانت الأرثوذكسية ولا تزال تعبيراً عن أبعاد أحلام الإنسان في الحرية والإنعتاق، لذلك لا يملكها إلاَّ الذين اغتصبوا ملكوت الله اغتصاباً. قد يتصوَّر البعض أن التعصُّب الأرثوذكسي هو الذي يملي كتابة هذه الكلمات، الأرثوذكسية ليست وقفاً لفئة من الناس دون أخرى، نحن نعتبر أن الأرثوذكسية ملك للجميع، وعلى الأرثوذكسي أولاً أن يفهم الأرثوذكسية، أي فرد تفهـَّم الأرثوذكسية، وإن لم يكن أرثوذكسياً فهو أرثوذكسي، الوحدة المسيحية التي ينشدها العالم المسيحي، لا يمكن أن تتحقق إلا إذا ثبتت على أساس محبة المسيح وحريته، إذا اعتمد المسيحيون طريق الجدل الفكري للوصول إلى وحدة مسيحية فالطريق هذا لن يوصلنا إلى ما يبتغيه الله منا، سيوصلنا إلى أبعاد لا يرتاح إليها المسيح، ولنا من التاريخ دروساً وعبراً، لنا تاريخ جدلي شقَّ ثوب المسيح إلى شيع مختلفة. المحبة القائمة في الأرثوذكسية هي قاعدة الوحدة وسبيلها الوحيد، فأحد الأرثوذكسية الذي خصصته الكنيسة المقدسة في الأحد الأول من الصوم الكبير هو يوم ظفر روح الأرثوذكسية، ظفرها على البدع والهرطقات ومحاربي تجسدات القديسين، هو دعوة للمسيحيين ليتنقوا ويطرحوا معتقداتهم الخاصة ويتركوا المحبة العظيمة، محبة الله، ألوهته، نوره وكماله ومعرفته وحقه، تسود الأرض تحت شعار الله، هو السيد ونحن جميعا أبناؤه، نشرب من صخرته، ونتقوَّى بلحمه، ونصبح ملكوت محبته، يحتضنه ويرعاه بنعمة ثالوثه المقدس. البطريرك الياس الرابع معوض |
||||