منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 24 - 06 - 2016, 06:47 PM   رقم المشاركة : ( 13291 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,381

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

لماذا هذا الإسراف الاربعاء العظيم

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
يظهر لنا يوم الأربعاء العظيم صورتين مختلفتين تدلان على أوضاع نفسية متضاربة: صورة المرأة التي دفقت الطيوب على رأس يسوع في بيت عنيا وصورة التلميذ الذي خان معلّمه. وقد توجد بعض الصلة بين هذين الفعلين، إذ أن التلميذ نفسه كان قد احتج على كرم المرأة الظاهري.
نحتفل مساء يوم الثلاثاء أيضاً، بعد صلاة النوم الكبرى، كما فعلنا في اليومين السابقين بخدمة (الختن). وتشير التراتيل مراراً إلى (التلميذ العادم الشكر) و (الامرأة الزانية). لكن إنجيل السحر (يو17:12- 50) لا يتعلق بحادثة بيت عنيا، بل يقول لنا كيف طلب يسوع من الآب، خلال أحد أحاديثه الأخيرة مع الشعب: (مجّد اسمك). (إن هذه العبارة نموذج ومثال للصلاة البنوية، المحبة، الواثقة). وسُمع إذ ذاك صوت من السماء يقول: (لقد مجّدت وسأمجّد). إن هذا التمجيد الجديد سيكون في آلام يسوع وقيامته. وكذلك تشير بعض مقاطع هذا الإنجيل بوضوح إلى هذه الآلام: (الحق الحق أقول لكم إن حبة الحنطة… إن لم تمت فإنها تبقى وحدها، وإن ماتت أتت بثمار كثيرة… قد حضرت دينونة هذا العالم الآن يُلقى رئيس هذا العالم خارجاً، وأنا إذا ارتفعت عن الأرض جذبت إليّ الجميع).
ونتابع في قداس البروجيازماني قراءة نبوءة حزقيال (3:2- 3:3): يأمر الله النبي أن يذهب إلى الناس بدون خوف وينقل إليهم ما سمعه من الفم الإلهي. نتابع أيضاً قراءة سفر الخروج (11:2- 22)، حيث يهرب موسى إلى أرض ميديان بعد قتله لمصري كان يضرب أحد العبرانيين، وكيف تزوج هناك. وأخيراً نتابع قراءة سفر أيوب (1:2- 10): يطلب الشيطان من الله أن يسمح له بأن يجرِّب أيوب في جسمه بالذات، لكن أيوب المثقل بالجروح، يأبى، رغم تحريض امرأته، أن يلعن الرب. يسرد الإنجيل (متى6:26- 16) رواية دهن رأس يسوع بالطيوب في بيت عنيا من قبل امرأة أنّبها أحد التلاميذ قائلاً: (لماذا هذا الإسراف ؟ لماذا لم يبع هذا الطيب… ويُعط للمساكين ؟). أمّا يسوع فيجيب مادحاً المرأة وقائلاً: (فإن المساكين عندكم في كل حين، أمّا أنا فلست عندكم في كل حين… إنما حفظته ليوم دفني…). عندها ذهب يهوذا الاسخريوطي، وكان واحداً من الاثني عشر، إلى الكهنة وقال لهم: (ماذا تعطوني وأنا أسلمه لكم). فوافق الكهنة أن يدفعوا ليهوذا مبلغ ثلاثين من الفضة .
أثنى يسوع على عمل المرأة لأن هذا العمل كان أولاً تكريماً مسبقاً مقدماً لموته ودفنه، ومن ثم لأنه تعبير عن محبة كبيرة ليسوع كان من الجائز والشرعي للمرأة أن توجهه له بدل المساكين في هذه الفترة القصيرة التي كان مستمراً في قضائها بين البشر. لكن هل يمكننا أن نجد في كلام يسوع هذا توجيهاً واضحاً لعملنا ؟ يبدو أن ذلك ممكن. بارك يسوع من جهة كرم المرأة لأسباب معيّنة: وجوده المنظور بين البشر وقرب دفنه. لكن هذه الأسباب لم تعد اليوم قائمة، فيكون الواجب بالتالي مختلفاً. وبدون أن ندين استعمال الغنى والجمال لخدمة الله، لا بد أن يسخَّرا خصوصاً في خدمة أعضاء جسد المسيح المتألمين. بناء الكنائس الفخمة بينما الفقراء يموتون جوعاً هو عمل مشين بالنسبة لله . لكن لحادثة بيت عنيا، من جهة ثانية، مغزى أعم من تقدمة الطيوب. يمكن لنا أن نظهر كرمنا ليسوع بأن نكرس له ليس فقط أموراً مادية بل أموراً غير منظورة، كحياة صلاة، حياة نسك وحياة تأمل، وتضحيات صعبة الخ… سيحتج العالم كما فعل التلاميذ في بيت عنيا: لماذا هذا الإسراف وهذا التبذير؟ أليست الحياة العادية في خدمة البشر أنفع وأجدى ؟ لكن يبقى تقدير (قيمة البذل) عصب كل دين حيّ. إذا كان لا بد لنا أن نفضل مساعدة الضيقات الموضوعية الصارخة على الترف الثقافي مثلاً، فلنا الحق أيضاً في أن ندفق على رأس يسوع طيباً غير منظور، أي أن (نخسر) من أجله (بالفعل أن نربح) أحسن ما يوجد في حياتنا. قلبنا هو أول قوارير الطيوب التي يجب كسرها أمامه، ومن أجله.
لا نتجاسر على تفسير وضع يهوذا لكثرة ظلمته وفظاعته. لكن فلنعد إلى ما يقال في خدمة الختن، يوم الأربعاء العظيم: (إن التلميذ العادم الشكر، إذ كان موعباً من نعمتك رفضها…). يستحيل رفض النعمة بعد أن نكون قد امتلأنا منها. كم من المسيحيين لم يقولوا خلال حياتهم للهوى الأكثر تسلطاً عليهم – الجسد، المال، التكبر -: (إني على استعداد أن أبيعك يسوع. قل لي ما هي الملذات التي ستمنحني إياها وأسلمه لك ؟)
وفي العديد من الكنائس يمنح سر مسحة المرضى بعد ظهر الأربعاء أو مساء اليوم لكل المؤمنين الذين يودون تقبل عزاء روحي وجسدي.
الاب ليف جيللة
 
قديم 24 - 06 - 2016, 06:48 PM   رقم المشاركة : ( 13292 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,381

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

سبت النور السبت العظيم

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
تركّز الكنيسة في سبت النور انتباهنا على قبر السيّد. إن هذا اليوم هو أكثر أيام السنة الطقسية تعقيداً . لأنه يتنازعه في آن حزن الآلام وفرح القيامة. ولقد طغى الاحتفال بعيد الفصح – الذي يقدَّم بازدياد – على معظم يوم سبت النور. وبإمكاننا، في هذا اليوم، تمييز قسمين متتاليين: الأول يكمِّل الصلة بزمن الآلام، والثاني يتصل مباشرة بالفصح.
كما سبق وأشرنا، فإن خدمة (دفن المسيح)، المقامة بعد ظهر يوم الجمعة، (تقتحم) سبت النور. لكن هذا اليوم يبتدئ فعلاً بصلاة السَحَر التي تقام عادة إمّا مساء يوم الجمعة أو يوم السبت باكراً جداً (وتدعى خدمة (جناز المسيح)). نرتل، بعد الانتهاء من مزامير السَحَر وبعض الصلوات الأخرى، (قانوناً) مؤلفاً من تسع أوديات يلي ذلك تطواف ينتهي إلى وسط الكنيسة حول النعش الذي يحمل الأبيطافيون.
نرتل عندئذ (تقاريظ) الجناز، وهي مجموعة من الأبيات مقسمة إلى ثلاثة أجزاء تفصل بينها الطلبا تبعد ذلك يرشّ المتقدِّم النعش والمصلِّين بماء الورد ثم ترتل تبريكات القيامة، وتراتيل أخرى. وبعد المجدلة الكبرى، يصير تطواف كبير بالأبيطافيون يُعاد في آخره مع كتاب الأناجيل إلى الهيكل، حيث يوضعا على المذبح طيلة أسبوع الفصح (أسبوع التجديدات). ثم تقرأ نبوءة حزقيال (1:37- 14) التي تصف رؤيته للعظام المجففة العائدة إليها الحياة واللابسة مجدداً لحماً بفعل الروح. تشير هذه العظام العائدة إليها الحياة إلى الشعب الإسرائيلي، إلى المسيح القائم من بين الأموات (مع أن جسده لم يعرف الفساد)، وإلى الخاطئ الذي نال الغفران في آن. نقرأ بعد ذلك قطعتين من رسائل بولس (1كور6:5- 18 وغلا 13:3- 14) مندمجين في تلاوة واحدة، أهم ما فيها: (فإنه قد ذُبح فصحنا المسيح لأجلنا. فلنعيّد إذاً لا بالخمير العتيق ولا بالخمير السوء والخبث، بل بفطير الخلاص والحق ). تتبع هذه الرسالة تلاوة لآخر الأناجيل الاثني عشر التي تليت يوم الخميس العظيم (متى62:27- 66)، حيث نسمع أن الكهنة طلبوا من بيلاطس أن يُصار إلى ضبط القبر بالحراس، وقد تم ذلك بالفعل. وتنتهي صلاة السَحَر بطلبة وبالصلوات الختاميّة العاديّة.
بهذا ينتهي شطر خدمة سبت النور المتعلّق بآلام المسيح. وقبل الانتقال إلى الشطر الثاني التابع لزمن الفصح، لنتوقف قليلاً أمام قبر السيّد. سيساعدنا مقطعان من الكتاب المقدس على تفهم بشرى سبت النور. أولاً نص من الإنجيلي لوقا البشير (55:23- 56)، حيث نجد: (وكانت النسوة اللواتي تبعن يسوع من الجليل يرافقن يوسف. فرأين القبر وكيف وُضع فيه جسد يسوع. ثم رجعن وهيأن طيباً وحنوطاً، واسترحن في السبت حسب الشريعة…). يوجد، في حياة كل تلميذ، مراحل يبدو فيها وكأن المعلّم قد ابتعد وظل على بعده عنا. هذا ينطبق بمعنى ما على القبر. تعلّمنا النسوة كيف يجب أن نتصرّف في مثل هذه الأوقات. لقد رأين القبر، وعرفن أين وُضع يسوع. وكذلك يجب أن نفعل نحن حتى إذا بدا لنا أن يسوع لم يعد يستجيب لطلباتنا. حتى لو أصبح غير مرئي، فلا يجب أن نشك بحضوره. يجب أن نبقي نظرنا مسلطاً في اتجاهه، إذا لم نتمكن من تسليطه عليه مباشرة.
والنسوة لم يبقين عاطلات عن العمل. لم يقلن: انتهى كل شيء وليس هنالك ما نقوم به، بل عملن فهيأن الطيوب لتحنيط جسد يسوع. فهن يتابعن تكريمه حتى بعد أن فارقت الحياة جسده البشري. وهكذا علينا ألاّ نكفّ حتى في الأوقات التي يصمت فيها يسوع ويتوارى، عن جعل يسوع محور عبادتنا. فلنهيئ الطيوب – طيوب عواطفنا وأفعالنا – لكي نقدّمها منذ الآن للصديق غير المرئي، ولكي نقدمها له أيضاً عندما يشعرنا مجدداً بحضوره، لأننا واثقون أنه سيعود إلينا.
لكننا نلاحظ أنه لا تعرف استعدادات النسوة أي هيجان: إنهن يحافظن على الشريعة ويسترحن في السبت. إن زمن مكوث يسوع في القبر هو زمن الحياة السرّية، الخفية، التأملية بقربه ومعه، إنها زمن الانتظار والسكون. سبت النور عيد المتصوفين الذين يجهلهم العالم والذين لا يريدون أن يعرفهم أحد سوى يسوع. إن سلام سبت النور متجه كلياً إلى حدث أحد الفصح العظيم، إلى قدرة القيامة وفرحتها. لكن لا بد لنا من المحافظة على هذا السلام (المنتظر). وكم تعيق ذلك التحضيرات الخارجية لعيد الفصح التي تمنع العديد من الأرثوذكسيين من انتظار هذا العيد في العزلة والسكون والصمت ! فلنقرأ مجدداً في هذا اليوم كلام بولس الرسول إلى أهل رومية: (… فدُفنّا معه بالمعمودية وشاركناه في موته… فاحسبوا أنتم أيضاً أنكم أموات عن الخطيئة، أحياء لله في المسيح يسوع ربنا) (رو4:6، 11). فكم تسهل حياتي الروحية وتتبسط إن استطعت أن أقنع ذاتي بما فيه الكفاية أنني ميت مع يسوع ومدفون معه ! عندها سأقول، أمام كل تجربة وكل ما يلهيني عن الحاجة الضرورية الوحيدة، سأقول بكل بساطة: (ما المنفعة ؟ إنني ميت. إنني في القبر مع سيّدي). وبدل أن أناقش الحياة وأتخبط فيها، سأضع نفسي، بادئ ذي بدء، خارجها (أي خارج رغبات وشهوات الحياة الأرضيّة). وبموتي هذا عن العالم والخطيئة، سأكون أكثر من أي وقت مضى حيّاً (في الله). يوجد منهج روحي، إذا صح التعبير، (للدفن) مع السيّد، منهج كثير الفاعليّة وبمتناول كل البشر، بصرف النظر عن أوضاعهم. لقد رتّلنا اليوم: (نقرّب التسبيح، يا مسيحي، لدفنك)، فيمكننا الآن أن نضيف: (أعطني أن أكون معك في القبر).
والآن فلنمعن النظر في الشطر الثاني من خدم سبت النور والمتوجّه نحو القيامة.
تعبّر صلاة السَحَر، التي سبق شرحها والتي تقام عادة مساء يوم الجمعة العظيم، عن انتظار (أصدقاء) يسوع – التلاميذ والنسوة – وحزنهم، وتبيّن أن اهتمامهم قد أصبح مركَّزاً على القبر حيث وضع يوسف جسد المخلص. لكن صلاة الغروب والقداس اللذين نقيمهما صباح سبت النور يستبقان أحد الفصح وينقلان إلينا أولى بشائر القيامة.
تعلن تراتيل الغروب غلبة المسيح على الجحيم والموت: (اليوم الجحيم تنهدت صارخة: لقد كان الأجدر بي أن لا أقتبل المولود من مريم، لأنه لما أقبل نحوي، حلّ اقتداري وسحق أبوابي النحاسية… فالمجد لصليبك، يا رب، ولقيامتك)، (… المصلوب أخلى القبور، واقتدار الموت اضمحل… فالمجد لصليبك، يا رب، ولقامتك).
تُقرأ ثلاثة مقاطع من العهد القديم بعد الدورة الصغيرة. المقطع الأول يروي قصة الخلق (تكو1:1- 13)، لأن قيامة المسيح ستكون بمعنى ما خليقة جديدة. ثم يقرأ قصة تأسيس الفصح الموسوي (خر1:12- 11)، وذكر الحمل، والأبواب المصبوغة بالدم لإبعاد الموت، والخبز الفطير. وكلها عناصر من الفصح القديم ترمز إلى فصح أفضل، إلى (مرور) الرب مانحاً إيانا عظيم النعمة. (فلنشد أحزمتنا) ولنتهيأ إذاً لهذا الفصح الجديد. أمّا القراءة الثالثة فهي من سفر دانيال، حيث نقرأ عن قصة الفتيان الثلاثة الذين طرحوا في الأتون لرفضهم عبادة تمثال الملك (1:3- 88)، لكنهم حفظوا عجائبياً من الموت. إنهم يرمزون إلى غلبة المسيح القائم من بين الأموات، وصلاتهم الشكرية تشمل الطبيعة كلها في تسبيح الله: (… أيتها المياه… أيتها النار والاحتراق… أيها الندى والثلج والجليد والبرد… أيتها الأرض والجبال والتلال… باركي الرب…). وهكذا نشرك الكون كله بفرح القيامة.
توسّع الرسالة التي تتلى في القداس (رو3:6- 11) موضوعاً غالباً ما يرد عند بولس الرسول: (… إن كل من اصطبغ منّا في المسيح يسوع فلموته اصطبغنا… حتى إننا كما قام المسيح من بين الأموات بمجد الآب، كذلك نسلك نحن أيضاً في حياة جديدة). أمّا التلاوة الإنجيلية (متى1:28- 20) فهي أول نص يتحدث عن القيامة تسمعنا إياه الكنيسة في زمن الفصح هذا. إنها تصف زيارة النسوة للقبر وإعلان القيامة من فم الملاك، واجتماع الكهنة اليهود، وأخيراً ظهور يسوع للتلاميذ المجتمعين في الجليل. نرتل، أثناء الإيصودون الكبير (الدورة الكبيرة): (ليصمت كل جسد بشري، ويقف ماثلاً بخوف ورعدة، ولا يفتكر في نفسه فكراً أرضياً البتة، لأن ملك الملوك ورب الأرباب، يوافي…)، بدل الشيروبيكون. لكن البركة الختامية لم تأت بعد على ذكر حدث القيامة. لقد أعلن سبت النور القيامة، لكنه بصوت خافت. تحتفظ بشرى القيامة، صباح هذا السبت، بشيء من السرّية والخصوصية الحميمة. لكن بعد قليل، سينتهي النهار وتأتي الساعة، حيث تعلن الكنيسة، بأعلى صوتها، أن يسوع المسيح قد قام من بين الأموات.
الاب ليف جيللة
 
قديم 24 - 06 - 2016, 06:49 PM   رقم المشاركة : ( 13293 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,381

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الجلجلة الجمعة العظيمة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
لقد تبعنا يسوع في يوم الخميس العظيم إلى العلّية. أمّا اليوم، يوم الجمعة العظيم ، فسنتبعه إلى الجلجلة. لن نتبعه مثل بطرس الذي (تبعه من بعيد… لينظر النهاية) (متى58:26)، بل مثل أمه ويوحنا والنسوة القديسات الذين لم يتخلوا عنه.
يبدأ يوم الجمعة العظيم الليتورجي مساء الخميس بخدمة أناجيل الآلام. نقرأ بعد مزامير السَحَر مجموعة من النصوص الإنجيلية موزعة على اثنتي عشر تلاوة تشمل تقريباً كل أحداث الآلام. تبدأ التلاوة بخطاب يسوع بعد العشاء السرّي وبالصلاة الكهنوتية ، ثم تقرأ قصة اعتقال يسوع في جبل الزيتون (وهنا تجدر الملاحظة أنه لا يؤتى على ذكر صلاة يسوع في جبل الزيتون ). ثم نقرأ عن محاكمة يسوع من قبل رئيس الكهنة والوالي الروماني (لكن مثول يسوع أمام هيرودوس لم يذكر)، يلي ذلك قصة جلد يسوع ووضع إكليل الشوك على هامته، ثم حمله الصليب والصلب والموت وأخيراً دفن السيّد. نرتل بعد كل إنجيل: (المجد لطول أناتك يا رب، المجد لك). ومن بين التراتيل التي ننشدها خلال هذه الخدمة سنأتي هنا على ذكر الأنتيفونا الخامسة عشرة التي نعتبرها من أجملها وترتل بين الإنجيل الخامس والسادس: (اليوم علّق على خشبة، الذي علّق الأرض على المياه. إكليل من شوك وُضع على هامة ملك الملائكة. برفيراً كاذباً تسربل الذي وشح السماء بالغيوم…).
وفيما تُرتل هذه الأنتيفونا، يثبت الصليب بعد طواف احتفالي مهيب في وسط الكنيسة ومن ثم يتقدم الشعب ويسجد له ويقبِّله . وتنتهي الخدمة، بعد تلاوة الأناجيل الاثني عشر بطلبة كبرى، وبركة تبدأ بالعبارات التالية: (يا من احتمل البصاق والسياط والتقريعات والموت لأجل خلاص العالم، أيها المسيح، إلهنا الحقيقي…).
تذكِّر خدمة ساعات يوم الجمعة العظيم بالخدمة المماثلة المتعلقة بعيدَي الميلاد والظهور الإلهي. تشمل كل من الساعات ثلاثة مزامير (ما عدا الساعة الثالثة حيث يوجد فقط مزموران)، قراءة واحدة من العهد القديم، ثم الرسالة والإنجيل. المزمور 21 هو أحد المزامير التي تقرأ في الساعة الأولى، وهو المزمور الذي ذكر يسوع على الصليب أول آية فيه أمّا القراءة من زخريا (10:11- 13) فتأتي على ذكر ثلاثين قطعة من الفضة ألقيت في الهيكل . وقد اختيرت الرسالة إلى أهل غلاطية (14:6- 18) بسبب آيتها الأولى القائلة: (أمّا أنا فحاشى أن أفتخر إلاّ بصليب ربنا يسوع المسيح الذي به صُلب العالم لي وأنا صُلبت للعالم). ويتكلم الإنجيل (متى1:27- 56) عن أحداث الآلام ابتداء من المحاكمة أمام بيلاطس إلى الهزة الأرضية التي تبعت موت يسوع. ويربط المقطع المتكلم عن ندامة يهوذا و (حقل الدم) هذه التلاوة الإنجيلية بالقراءة النبوية التي سبق ذكرها .
أمّا في الساعة الثالثة فتأتي القراءة من أشعياء النبي (4:50- 11) على ذكر الآلام، خاصة في الآية التالية: (بذلت ظهري للسياط، وخديّ للطمات، ولم أستر وجهي عن التعييرات والبصاق. الرب ينصرني، لذلك لا أخجل…). وتتكلم الرسالة (رو 6:5- 10) عن الفداء قائلة: (… إن المسيح… مات عنّا… ونحن الأعداء فقد صولحنا مع الله بموت ابنه…). ويذكر الإنجيل (مر16:15- 41) كل أحداث الآلام التي جرت من وضع إكليل الشوك على رأس السيّد حتى موت يسوع واهتداء قائد المئة.
نقرأ في الساعة السادسة نبوءة أشعياء الشهيرة (13:52- 1:54) التي دُعيت (الإنجيل الخامس) والتي تصف مصير (الخادم المتألم) : (… مزدرى ومخذول من الناس، رجل أوجاع ومتمرس بالعاهات… إنه قد أخذ عاهاتنا وحمل أوجاعنا… جرح لأجل معاصينا وتألم لأجل آثامنا… فأبقى الرب عليه خطايانا كلها… وبجراحه شُفينا… كشاة سيق إلى الذبح، وكحمل صامت أمام الذين يجزّونه ولم يفتح فاه … ولأجل معصية شعبي سيق إلى الموت… وهو حمل آثام كثيرين وشفع في العصاة…). الرسالة (عبر11:2- 18) هي نفسها التي نقرأها في خدمة الساعة التاسعة، عشية الميلاد، وتعاد قراءتها هنا لأجل الآيتين الأخيرتين اللتين تتكلمان عن يسوع الذي (أصبح شبيهاً بإخوته في كل شيء ليكون رئيس كهنة رحيماً أميناً في ما لله حتى يكفر عن خطايا الشعب. لأنه إذا كان قد تألم مجرَّباً فهو قادر على أن يغيث المبتلين). أمّا الإنجيل (لو32:23- 49) فيسرد الأحداث التي حصلت منذ الصلب وحتى موت يسوع.
يبتدأ المزمور الأول (68) الذي يقرأ في الساعة التاسعة بهذه الكلمات التي تناسب الآلام: (خلصني يا لله فإن المياه قد دخلت إلى نفسي…). أمّا القراءة من نبوءة ارميا (18:11- 5:12، 9- 10، 14- 15) فتسترعي آيتها الثانية الانتباه إذ تقول: (وكنت أنا كخروف برئ من الشر يساق إلى الذبح…). تدعونا الرسالة (عبر19:10- 31) لنكتسب (الثقة بالدخول إلى الأقداس بدم يسوع، بطريق جديد قد كرّسه لنا نجوز به في الحجاب هو جسده…). أمّا الإنجيل (يو23:19- 27) فيتابع سرد أحداث الآلام من اقتسام لباس يسوع إلى طعن جنبه بحرية.
يوم الجمعة العظيم هو اليوم الوحيد في السنة بحيث لا تقام فيه أية خدمة إفخارستية.
تقام صلاة غروب يوم الجمعة العظيم بعد ظهر الجمعة وتدعى خدمة الدفن. نقرأ أثناءها، بعد تلاوة مزامير المساء وترتيل عدد من الأناشيد، ثلاث قراءات من العهد القديم. نبدأ بمقطع من سفر الخروج (11:33- 23) نسمع الله يقول فيه لموسى: (فإذا جاز مجدي أجعلك في نقرة الصخر وأظللك بيدي حتى أجتاز…). تعتبر الكنيسة أن هذه الكلمات تنطبق على قبر المسيح. مع القراءة الثانية ينتهي اليوم سفر أيوب بالكلام عن ذريته وموته وقيامته: (إنه سيقوم مع الذين يقيمهم ربنا) . لا بد من التذكير هنا أن أيوب بآلامه والتعزية التي تبعتها هو صورة عن المسيح. ونقرأ أخيراً المقطع الذي قرأناه في الساعة السادسة من سفر أشعياء والذي يتكلم عن (آلام المسيح). بعد قراءات العهد القديم نسمع مقطعاً من الرسالة الأولى إلى أهل كورنثوس (18:1- 2:2): (أمّا نحن فنكرز بالمسيح مصلوباً، شكاً لليهود وجهالة للأمم… حكمت بألاّ أعرف بينكم شيئاً إلاّ يسوع المسيح وإياه مصلوباً). ثم يتلى الإنجيل الذي هو مجموعة من النصوص (متى1:27- 38، لو39:23- 43، متى39:27- 54، يو31:19- 37، متى55:27- 61)، تسرد أحداث الآلام من تسليم يسوع لبيلاطس إلى دفنه. يصار بعد هذه القراءات كلها إلى تتميم طقس (الدفن). فيجرى طواف في الكنيسة يرفع فيه الأبيطافيون (الثوب الإلهي وهو بمثابة قطعة من القماش رُسمت عليها صورة المسيح في حالة الموت) ويوضع أخيراً في (النعش) المعدّ لهذه الغاية والموضوع في وسط الكنيسة والمزيّن بالأزهار. ويوضع على الأبيطافيون كتاب الأناجيل. فيتقدم المؤمنون ويقبّلونهما، بينما تنتهي الخدمة بترتيل طروباريتين، تقول إحداهما: (إن يوسف المتقي أحدر جسدك الطاهر من العود، ولفّه بالسباني النقية وحنّطه بالطيب وجهّزه وأضجعه في قبر جديد).
إن خدمة (دفن السيّد) تقتحم خدمة سبت النور، إذ تقول إحدى التراتيل: (أهلَّت هذا السبت لمجدك وإشراقاتك وللبركة الإلهية)، مع أن صلاة الغروب التي سبقتها مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالآلام وبيوم الجمعة العظيم، لأننا نرتل أثناءها: (اليوم سيّد الخليقة يمثل أمام بيلاطس وبارئ الكل يُدفع إلى الصلب…). وبذلك تكون خدمة (الدفن) هذه بمثابة خدمة (انتقالية) بين الجمعة والسبت. وهي تنتهي (إذا أقيمت بعد ظهر الجمعة) تقريباً في الساعة التي أنزل فيها جسد يسوع من الصليب ووُضع في القبر .
بعد كل هذه الخدم الطويلة والغنية، يجدر بنا أن نرجع إلى ذواتنا بصمت ونقف عند صليب يسوع ساعتين لفهم المعنى العام لهذا اليوم العظيم. يعطينا كل قسم من أحداث الآلام، بدون شك، مادة لتأملات كثيرة الفائدة. لكن يجب أن نجمع كل هذه الأقسام المختلفة حول بعض المحاور الرئيسية لكي تزداد عبادتنا وعياً ودقة.
يواجهنا يوم الجمعة العظيم بيسوع المسيح المصلوب من أجل خلاصنا. فيمكننا، في ملاقاتنا هذه مع صليب المسيح، أن نميّز العديد من الملاحظات والعناصر الأساسية.
يوجد أولاً سر الفداء الموضوعي. الصليب أداة الخلاص، أداة ذبيحة المسيح. ولكن بأي معنى نحن مخلَّصون بالصليب ؟ وبأي معنى نتكلم عن ذبيحة المسيح ؟ نقول أن المسيح مات من أجلنا. ولكن هل لدينا فكرة واضحة عن معنى هذه الكلمات: (مات من أجلنا ؟) نردد هذه العبارة، لكن هل نعطيها مضموناً حيّاً ؟ أتوازي واقعاً نشعر به بالعمق ؟ أراد السيد المسيح بالصليب أن تري ترى البشرية مدى حبه لها، حيث لو أن هدفه الوحيد من الصلب هو خلاصنا، لخلصنا دون التعرض للصلب.(هذه الفقرة تم تعديلها بواسطة موقع روم أورثوذكس)
ندرك سر الفداء بالندامة أو التوبة . يسوع المصلوب هو مظهر السر الموضوعي. أمّا بطرس الذي يبكي بكاء مرّاً بعد نكرانه للسيّد وبعد وقوع نظر يسوع عليه، واللص الشكور الذي يترجى يسوع المصلوب، فهما يشكلان مظهر السرّ الشخصي. لن نحمل ثمار يوم الجمعة العظيم إن لم ترمنا حركة توبة عنيفة على أقدام يسوع. هل يكون هذا اليوم، بالنسبة لي، يوم حزن مقدس ؟
يُعلن الغفران من على الصليب، إذ يقول يسوع للص: (ستكون اليوم معي في الفردوس (. لا يكفي أن أسعى، في هذا اليوم، لأن أدرك سر الصليب وخلاصي بواسطة الإيمان والتوبة، بل عليّ أن أجتهد للحصول على كلمة غفران من شفاه المخلّص. ربما سأسمع كلمة خاصة بالكليّة يقولها يسوع في أعماق نفسي. لكن، إن عرفت أن أتقبَّل كل كلمة غفران صادرة عن الكنيسة أو الكتاب المقدس ككلمة من المخلّص نفسه، سيكون لها ذات القيمة التي لكلمة يسوع الخاصة . هل سعيت، في هذا اليوم، وراء كلمة الغفران ؟
يجب أخيراً أن أضع صليب يسوع في وسط حياتي. صليب يسوع: ليس فقط أداة آلام، بل أداة غَلَبَة. يكمن (الاهتداء الثاني)، الذي سبق وتكلمنا عنه، في جعل ذبيحة يسوع محوراً للحياة – الفكر والإدارة والشعور- ، في النظر إلى البشر والأشياء من منظار الصليب، في الاعتبار أنه لا يوجد في العالم شيء يفوق أهمية ذبيحة المسيح، المقدَّم والحاضر إلى الأبد. في هذا تكمن الرؤية الجديدة الرائعة التي تجعلنا نقلل جذرياً من أهمية كل الأمور التي كانت تبهرنا سابقاً. تضطرنا هذه الرؤية إلى تغيير جذري لكل حياتنا، يصبح يسوع المصلوب، بموجبه، (المصفاة) التي نرشّح من خلالها كل شيء. اليوم الذي يفهم فيه الإنسان (محورية) الصليب – الصليب المشعّ والصليب المدمي – هو يوم حافل في حياته. فليكن لي يوم الجمعة العظيم هذا يوم ميلاد جديد ! سلام عليك أيها الصليب.
الاب ليف جيللة
 
قديم 24 - 06 - 2016, 06:50 PM   رقم المشاركة : ( 13294 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,381

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الأيقونة الدامعة – العذراء الطاهرة AMOLUNTOS

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
تتواجد أيقونة العذراء الطاهرة موجودة في دير تجلي الرب برام الله، فلسطين. وقد رسمت الإيقونة عام 1992 للخلاص من قبل راسم الأيقونات الارثوذكسي المحلّي جبرائيل جايلمنتيان. هذه الأيقونة عجائبيّة وقد تمّ شفاء الكثيرين بمجرّد مسحهم بالميرون (الزيت المقدس) الذي تذرفه الأيقونة.
في صباح 17\6 الموافق 4\6 يولياني (شرقي) عام 1998، دخل إلى الكنيسة الكاهن نيقولا عقل ليشعل القناديل كالعادة، فوجد برواز الأيقونة الطاهرة الزجاجي ساقطاً على الأرض ومحطّماً (مع العلم أن معظم أيقونات الكنيسة مغطّاة بالزجاج خوفاً من التلف). ارتبك الكاهن وذهب مسرعاً ليبلغ الأرشمندريت ميليتيوس بصل وهو رئيس دير تجلي الرب منذ عام 1997. كلا الكاهنين ظنا أن سبب سقوط الزجاج هو تصادم القنديل الذي أمام الأيقونة بالزجاج بفعل الرياح الشديدة التي أتت من نافذة مفتوحة. لكن سرعان ما لاحظوا أن القنديل ما زال مضاءاً من اليوم السابق مما يدل على أن السبب لم يكن الريح. فتركا الموقع دون أن يفعلا شيئاً وكانت تغمرهما الدهشة والحيرة.
بعد ساعات، طلب من الكاهن جريس مرزوقة (رقد بالرب 25-12-2015) دخول الكنيسة وإزالة الزجاج المكسور عن الأرض. وأثناء قيامه بعمل التنظيف جرحت يده وصرخ طالباً المساعدة، فأتاه الأرشمندريت ميلاتيوس مسرعاً، وعندما رأى أن يده تنزف بشدة، ذهب ليأتي ببعض القطن والكحول ليطبب جراح الكاهن الآخر. والدهشة كانت عندما عاد الأرشمندريت ميلاتيوس حاملاً القطن والكحول فوجد أن الأب جريس مندهشاً وساجداً ومصلّياً، ونزيف الدم قد توقّف وإلتأم الجرح وكأنّه لم يكن جرحاً. وأنّ لا أثر لوجود الدم.
بعد هذا الإرتباك، وعندما تأملا في الأيقونة بدقّة، لاحظوا أن على الأيقونة خطوط سيلان من “الميرون” وكانت العذراء في الأيقونة تذرف الدمع.
وما زالت الأيقونة تذرف الدمع إلى يومنا هذا. ويجمع الدمع “الميرون” ليدهن به المؤمنين المستمدّين الشفاء والأدعية.
طروبارية العذراء الدامعة باللحن الرابع
أيتها العذراءُ الطاهرة النقية، إنَّ أيقونَتكِ الدامعة في رام الله يا والدةَ الإله،
قد وهبتْ ينبوع الأشفية للمستغيثين بكِ،
لأجل ذلك، وفدَ إليك مُكرموكِ من أقطار المسكونة ليتباركوا منك أيتها السيدة.
 
قديم 24 - 06 - 2016, 06:56 PM   رقم المشاركة : ( 13295 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,381

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

طول الأناة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الفضيلة الصعبة والثمينة
أمّا ثمر الروح فهو…. طول الأناة“.
إنّ طول الأناة من الفضائل النادرة. فالمرء لا يقتنيها بسهولة. وهناك حاجّة ماسّة اليوم لوجودها في عالمنا، وحاجة كبرى ليقتنيها الإنسان، فهي ستغيّر وجهة نظره، ستفتح أمامه أبواباً لفرص كثيرة، ستخلصه من معارك وتنهدات وأحزان متنوعة.
إنّ فضيلة طول الأناة نافعة جداً للحياة، فهي تعطي نعمة للنفس، ونعمة وفائدة لقلوب الآخرين. تطفئ نيران الغضب وتسكّن الألم، تبعد الخصومات والمشاحنات وتروّض التصرفات البريّة.
إنّها تلك الفضيلة التي تعطي قوّة نفسية تجعل الإنسان يحتمل الأمور بوداعة، ويصبر على الجور والظلم والإهانات والمضايقات من قبل الآخرين. يحتمل ويصبر من دون اضطراب أو بلبلة، من دون غضب أو سخط أو احتواء روح انتقام.فماهية طول الأناة في الإنسان نفس قوية، وقلب شجاع. عالمنا اليوم يتقدّس بثمر وبهاء الروح القدس.
إنّها فضيلة صعبة الاقتناء، يهبها الروح القدس للنفس المتجددّة الممتلئة من المحبّة والطيبة. فمن يحبّ يستطيع أن يتخطّى أخطاء الآخرين وهفواتهم، ويبررها وينساها المحبّة تحتمل كلّ شيء وتصدّق كلّ شيء” (1كور7:13).
طول الأناة قوة للنفس
تظهر طول الأناة الإنسان ذو عقل راجح، متزن مع رؤية واضحة لأموره. “بطيء الغضب كثير الفهم“(أمثال29:14). من يتحلى بفضيلة طول الأناة يكون هادئاً رزيناً بعيداً عن الضوضائية والصخب.
إنّ سريع الغضب يخلق النزاعات والمخاصمات والطعنات. أمّا طويل الأناة فيطفئ نيران المخاصمات ويهدئ الأرواح. طول الأناة قوة كبيرة للنفس، تجعل الإنسان أقوى من القوي والصلب البطيء الغضب خيرٌ من الجبار ومالك روحه خيرٌ ممّن يأخذ مدينة” (أم32:16).
إنّ هذه الفضيلة ضرورية الاقتناء للجميع، فهي ثمرة رائعة للروح القدس ووصية الله. على المرء أن يحتمل أخطاء وضعفات الآخر مطبقاً فضيلة طول الأناة.
بكل تواضع ووداعة وطول أناة محتملين بعضكم بعضاً في المحبة” (أفسس2:4). علينا أن نخرج الثوب الوسخ؛ ثوب حبّ الانتقام، وأن نلبس زيّ طول الأناة. “البسوا كمختاري الله القديسين المحبوبين أحشاء رأفاتٍ ولطفاً وتواضعاً ووداعة وطول أناةٍ” (كولوسي12:3). مثالنا هو الانبياء والقديسون الذين شتموا واضطهدوا وانساقوا إلى السجون لأنّهم تكلّموا باسم الربّ، فصبروا واحتملوا من أجل الربّ بطول أناة.
طول الأناةتريد قلوباً منسحقة
لنكون طويلي الأناة علينا أن نتعلّم الغفران، وأن نكون مستعدين لنغفل عن أخطاء الآخرين، وأن نقبل باستمرار أخطاءهم.
الآخر يخطئ تجاهنا؟ ونحن أيضاً كم من المرات في اليوم نخطئ تجاههم. فكما نريد أن يكون الآخر طويل الاناة مع أخطائنا وعثراتنا، هكذا نحن أيضاً علينا أن نحتمل الآخرين. هل نريد من الآخر مسامحتنا؟ فلنفعل نحن ايضاً كذلك. أنريد ألاّ ينتقموا منّا ، وألاّ يغضبوا من عيوبنا ورذائلنا؟ فلنحتمل ونفعل نحن هذا أولاً، ولنتعلّم ان نسامح ونغفر للآخرين.
نحن أمام الله خاطئين باستمرار. ننغصّ الخليقة من حولنا بقساوتنا اليومية. نهين ونشتم صلاحه بخطايانا. لكنّ الله طويل الاناة لا يدمرنا مباشرة على أفعالنا، بل يحتملنا وينتظر توبتنا . وهو مستعد أن يغفر لنا ويسامحنا إن طلبنا رحمته. “فالربّ رحيم ورؤوف طويل الروح وكثير الرحمة“(مز8:103).
الربّ لا يعمل ضدّنا، ولا يرد عقوباته متوافقة مع مقياس خطايانا. يقول روح الله بلسان داود الرب طويل الروح كثير الإحسان“(عدد18:14). طالما أنّ الله يطيل أناته بشكل لا يحدّ.
كالينيكوس ميتروبوليت بيرياس
نقلتها إلى العربية ماريا قبارة
 
قديم 24 - 06 - 2016, 06:58 PM   رقم المشاركة : ( 13296 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,381

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

قصة إيقونة صيدنايا في التراث الأثيوبي

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
كان في مدينة صيدنايا امرأة اسمها مرتا غنيّة ومختارة من الله.
في يوم من الأيّام، كانت تفكر في أنّها تبدّد ثروتها عبثاً مثل كلّ النّاس وتقول في نفسها: “ما هي المنفعة الّتي أجنيها لنفسي ولحياتي، كما يقول الإنجيل، إذا ربحت العالم كلّه وخسرت نفسي؟ ماذا ينفع الإنسان إذا لم يُعطِ كلّ شيء مقابل حياته؟”
تأمّلت مرتا كثيراً في هذا القول، وأرادت أن تصنع ما هو الأفضل بمالها، وفكّرت مليّاً في العمل الخيريّ الّذي يفوق كلّ عمل خيريّ آخر.
في تلك السّاعة تذكّرت إبراهيم أبا الآباء، وخليل الله، الّذي كان يضيف الغرباء، فاستأهل أن يستضيف الثّالوث القدّوس في بيته، وربح إقامة ملاكَيْن عنده.
وأخت لعازر، مرتا، كانت تحبّ استقبال الفقراء كثيراً. وبهذه الطّريقة، استحقّت أن يكون منزلها مكاناً لراحة السّيّد الرّبّ يسوع المسيح، خلال ذهابه وإيابه، في شهر الرّحمة ويوم الخلاص، كما قيل عنه: “إنّ ابن الله سوف يُدعى غريباً”.
عرفت مرتا، بقلبها، أنّ هذه الأعمال الثّلاثة هي أفضل من سواها، فابتنت نزلاً كبيراً لإضافة الغرباء. ومنذ ذلك اليوم، كانت تعدّ مائدة كبيرة وجميلة كالّتي يقيمها الملك لعرس ابنه من أجل الوافدين إلى النّزل.
هكذا، كانت تُعدّ لنفسها عرساً سماوياً.
بعض نزلائها كانوا من الرّهبان. بعد أن يأكلوا ويشربوا، كانت تسألهم عن الأمور الإلهيّة وقصص الآباء القدامى.
وفي يوم من الأيّام، تجمّع الإخوة في بيتها، كعادتهم، لقضاء اللّيلة.
وأخذت هي كعادتها تسألهم كلمة منفعة.
فروَوا لها أنّه يوجد في أورشليم أناس يرسمون إيقونة لسيّدتنا، القدّيسة الدّائمة البتوليّة مريم، والدة الإله، تحصل من خلالها عجائب عديدة؛ فكلّ ما يطلبه المرء كانت تحققه له والدة الإله. لم يكن هناك شيء مستحيل عليها، كما لم يكن هناك شيء مستحيلٌ على ابن العذراء الفائق القدرة.
عندما سمعت مرتا هذا الكلام، التهب قلبها بمحبّة السّيّدة، القدّيسة الدّائمة البتوليّة مريم، والدة الإله.
وأخذت ترجوهم قائلة: “هل سيذهب أحدكم إلى أورشليم، حتّى أعطيه ذهباً، ليحضر لي إيقونةً مرسومةً لمريم سيّدتي؟”
عندما سمع الرّهبان من مرتا كلمات المحبّة الّتي تكنّها للعذراء، قال أحدهم: “أنا سوف أذهب وأشتري لك إيقونة من مالي الخاصّ، وأحضرها لك. وعند عودتي، أستوفي منك ثمنها”.
في هذه اللّحظة، سجدت مرتا أمامه، وقبّلت رجليه، وأغدقت عليه بأدعيتها.
في الصّباح الباكر، انطلق الرّاهب إلى أورشليم. وبعدما أنهى كلّ أعماله هناك، تذكّر ما أوصته به المرأة؛ فابتاع لها إيقونة جميلة لوالدة الإله، يقال إنّ القدّيس لوقا الإنجيليّ هو الّذي رسمها.
أخذ الرّاهب الإيقونة ووضعها في صدره. وانطلق إلى صيدنايا.
في الطّريق، صادف أسداً يزأر بوجهه، ويستعدّ لافتراسه؛ فارتعب لهذا المنظر. وللحال، خرج صوت من الإيقونة أشدّ هولاً من زئير الأسد؛ فهرب الأسد على الأثر بسرعة البرق، كما لو أنّ فارساً كان يتبعه يريد قتله.
تابع الرّاهب سيره مذهولاً من سماعه الصّوت يخرج من الإيقونة.
وفجأة، وجد نفسه أمام عصابة من المجرمين يهدّدونه. من جديد، خرج صوت من الإيقونة كصوت الرّعد؛ فارتعب أفراد العصابة، وهربوا جميعاً من دون أن يعرفوا من أين صدر الصّوت.
بعد أن سمع الرّاهب الأصوات ورأى المعجزات الباهرة تحدث، قال في نفسه: “سوف آخذ الإيقونة إلى بلدي أثيوبيا، لتعينني هناك، بخاصّة بعد أن شهدت عجائبها”.
لم يكن الرّاهب يعلم أنّ الإيقونة لم تأته بمشيئته الخاصّة بل لتكون مع المرأة الّتي أحبّتها من كلّ قلبها. ظنّ أنّه حصل عليها بماله الخاصّ، واشتراها من دون مشيئة والدة الإله، تماماً كالأغراض الأخرى الّتي يشتريها الحجّاج.
لذا، قال في نفسه: “لن أعطيها لتلك المرأة، ولن أذهب إلى بيتها، بل إلى بلدي”.
وبينما هو يتأمّل هذه الأمور، وصل إلى شاطئ البحر، حيث وجد عدّة سفن. سأل البحّارة عن وجهة سيرهم، فقال له أحدهم: “إلى صيدنايا”؛ فتركه الرّاهب، وسأل آخر، فقال له إنّه ذاهب إلى أثيوبيا؛ فصعد الرّاهب سفينته ليذهب معه. ويعدما أقلعت السّفينة، وعند وصولها إلى منتصف الطّريق، في وسط البحر، هبّت ريح عاصفة غيّرت اتّجاه السّفينة، وحوّلته إلى جهة صيدنايا.
ذهب الرّاهب إلى بيت مرتا ليستريح، وكان يقول في نفسه: “كيف ستعرف أنّي أنا الّذي أوصته بالإيقونة؟”. ثمّ إنّه دخل إلى منزلها مع المسافرين الآخرين.
في الصّباح، أراد أن يخرج معهم. وما إن وطئ عتبة النّزل، حتّى خرج الجميع إلا هو، لأنّه لم يستطع أن يعبر من الباب، الّذي كان يُغلَق بوجهه بفعل أعجوبة للسّيّدة، الدّائمة البتوليّة مريم والدة الإله، فيما كان الآخرون يدخلون ويخرجون بحرّيّة.
كانت عادة مرتا أن تستقبل وتودّع الزّوّار عند باب المدخل، وتعطي المحتاجين زاداً للسّفر؛ فوجدت هناك الرّاهب يحاول عبثاً الخروج، فقالتْ له: “أيّها الأب، أرى أنّك مريض، امكث هنا اليوم، وغداً تذهب، فإنّ بيتي مخصّص لاستضافة المسافرين”. فقبل الرّاهب.
في اليوم التّالي، عندما أراد الذّهاب، تكرّر ما حدث له، ولم يستطع أن يعبر الباب؛ فاستضافته المرأة من جديد.
وفي اليوم الثّالث، إذ لم تغادره رغبته في الخروج، حاول مجدّداً، ومجدّداً لم يستطع.
عندما رأت مرتا أنّ هذا الحدث تكرّر لثلاثة أيّام على التّوالي، تعجّبت، إذ إنّ الرّاهب لم يكن يبدو عليه المرض عند رقاده في المساء، إلا أنّه في الصّباح لم يكن يستطيع عبور الباب، فسألتّه:” ماذا يحصل لك، أيها الأب؟ تكلّم.”
فشعر الرّاهب بالخجل، وقال لمرتا: “ألم تتعرّفي إليّ؟! أنا الّذي طلبتِ منه أن يحضر لك إيقونة للسيّدة، الدّائمة البتوليّة مريم، والدة الإله، من أورشليم”.
فقالت له: كيف لي أن أعرفك، وكثيرون هم القادمون والخارجون من هنا؟!”.
عندها، روى لها الرّاهب كل العجائب الّتي حصلت معه بوساطة الإيقونة، منذ اليوم الّذي ابتاعها فيه حتّى الآن.
ثمّ أخرج الإيقونة من صدره، وأعطاها لها قائلاً: “إليك هذه الإيقونة المذهلة”.
لدى سماع مرتا ذلك، سجدت عند قدمي الرّاهب، لشدّة حبّها للعذراء. وأخذت الإيقونة من يديه، وسجدت من جديد، كما سجدت الملكة هيلانة عندما وجدت صليب ربّنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح، وصرخت بفرح كبير، حتّى إنّ كلّ النّاس سمعوها وتحلّقوا حولها.
فيما بعد، شيّدت مرتا للإيقونة منزلاً جميلاً كالّذي شيّده سليمان لعرش صهيون، وأحاطتها بكلّ الإكرام الّذي يليق بها، على قدر طاقتها، وأضاءت إلى يمينها وإلى يسارها قنديلين لا ينطفئان لا ليلاً ولا نهاراً.
وكانت تسجد أمامها وتقبّلها، لدرجة أنّها لم تعد تقدر على فراقها حتى لتستريح.
الشيء المذهل والمعجزة الجديدة لوالدة الإله أنّ الإيقونة كانت تظهر لها كأنّها تلبس جسداً حيًّا، كما رأى المجوس مريم في المغارة حاملة ابنها الحبيب.
كما كانت (أي الإيقونة) تذرف الدّمع وتتصبّب عرقاً، وكلّ من كان يمسح نفسه بهذا السّائل كان يشفى من أدوائه حتّى المستعصيّة منها.
لتكن صلواتها وبركتها ورحمة
ابنها المحبوب معنا أجمعين
إلى أبد الآبدين آمين
 
قديم 24 - 06 - 2016, 06:59 PM   رقم المشاركة : ( 13297 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,381

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الصّمت والكلام!.

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
لا لغة، كما نعرف نحن اللّغة، يتعاطاها الثّالوث القدّوس، ولا كلام، وكذا الملائكة وفي ملكوت السّموات. لغة الله الصّمت وكلامه التّحاب. هذا غير صمت النّاس وغير كلام البشر. الصّمت، بيننا، هو الإمساك عن الكلام. والكلام هو النّطق بما في النّفس. ذاك صمت خارجيّ، وهذا كلام يصوِّر ما في داخل النّفس. الصّمت الخارجيّ مغروض، ذو دافع موجب أو سالب، فيما الصّمت الدّاخليّ ممتلئ كلامًا. أمّا الكلام فيتراوح بين الثّرثرة والتّواصل. ثرثرة حين يتكلّم أحدٌ، بالأحرى، ليسمع نفسه، أو حين يكون التّواصل تفهًا!.
إذا لم يكن القلب إلى القلب، فالمكالمة تواصلٌ تجاريّ نفعيّ، كلّ يبتغي فيه تسوّقًا أو تسويقًا، كائنة ما كانت السّلعة المبتغاة. والسّلعة قد تكون أيّ شيء ذي قيمة في عين طالبه. في التّعامل التّجاريّ، تحتاج إلى لغة. لغتك، في هذا السّياق، تأتي من القلب، نيّةً ومصدرًا، ولكن لا علاقة لها بالقلب المحبّ. مصحوبة ببعض المشاعر قد تكون، وقد تقتصر على حركات مصطنعة، يضمِّنها صاحبها ابتسامات أو كلمات ألطاف أو ما يعادلها. لكن جلّها، إذا ما أحسن صاحبها القول، تركيبات عقليّة استغلاليّة. طبعًا، ثمّة ميل محبَّذ يقضي، في التّعامل التّجاريّ الرّاقي، بالاستعاضة عن اللّطف باللّياقة، وعن الودّ بالتّهذيب، وعن الأصالة باللّباقة. أنّى يكن الأمر، فإظهار المشاعر، في العمل التّجاريّ المحترف، ضعفًا وتشويشًا يُحْسَب، من حيث إنّ حوار العقل وحده هو المفترض أن يكون بيّنًا، والقصدُ مخفيًّا، والنّباهة هي الضّابط، إن ابتغى المرء معاملة بيع أو شراء ناجعة ناجحة!.
من هنا طغيان التّواصل التّفه أو التّجاريّ على مكالمات النّاس. ثمّة آليّة جرى تطويرها، محورها البيّنُ العقل، أو سرت عفوًا، مادّتها الابتذال، زكّت ازدواجيّة في النّفوس، أو قل انفصامًا؛ كأنّك بالإنسان اثنان، واحد آلة عضويّة تجاريّة نفعيّة، وآخر يمتّ إلى القلب!. قد يكون إنسان القلب مستنيرًا بنور من فوق، يفيض، في العلاقات، إشعاعاتِ وداد وقيم وشيم وفضائل؛ وقد يكون مُعتمًا بظلمة مَبعثها الإنِّيّة والغرور وألوان الهوى. للأوّل، المستنير، الإزدواجيّةُ تجربةٌ قاسية، وربّما قاسية جدًّا، تضغطه لشيوعها، من ناحية، ولارتباطها الحيويّ، من ناحية أخرى، بحاجاته وطموحاته. الاستقامة، بالأكثر، عقبة أمام النّجاح في عالم طغاه الالتواء؛ في كلّ حال شواذ هي، إذا ما أتاحت للإنسان طبيعةُ عمله فرصةً مؤاتية لأن يثبت قويمًا!. والغالب أنّ التّمسّك بالنّجاحات الدّهريّة يفضي إلى مساومات في النّفس بين الاستقامة وغضّ الطّرف عنها!. هذا يطيح الاستقامة لأنّها، بطبيعتها، لا تقبل الخلطة. عمليًّا، إمّا يودي بك التّمسّك بالاستقامة إلى نبذ النّجاحات الدّهريّة البارزة، والاكتفاء بالقليل، لتأمين عيشك، وإمّا تستحيل استقامتك، بالأكثر، ظواهريّة!. هنا تجدك ضحيّة ازدواجيّة قاتلة، بعامّة!. أمّا المعتمة نفوسهم، فازداوجيّتهم مختلفة، يقيمون، في سرّهم، في الانحلال، ويتظاهرون بالصّدق والكياسة!.
وإذا ما كان الكلام لينقل ما في قصدك إلى خارج، فالصّمت، صمتك الخارجيّ، يتضمّنُ أنّ في داخلك كلامًا كثيرًا، لكنّك لا تشاء أن تفضي به، لسبب أو لآخر، ربّما عن خوف، أو ابتغاء مصلحة تقضي بعدم الكلام!. لا فقط تثرثر بلسانك بل بفكرك أيضًا!. ثرثرة الفكر، إلى الأوهام والخيالات، هي الأكثر شيوعًا بين النّاس!. ولكن مهما ثرثر المرء بلسانه، فثرثرة أفكاره أضعاف أضعاف، حتّى أمكن القول: الإنسان جبّ أفكار سمجة ولغو لا قرار له!.
إلهيًّا، الصّمت حالة وليس فعلاً. بالقياس عينه، ينطبق القول على الملائكة والقدّيسين. الكيان الصّامت كيان هادئ ساكن. القدّيس مَن هدأ إلى ربّه، وسكن إليه. مَن صار ربُّه القِبلةَ بالكامل لديه. من كلّ قلبك، ومن كلّ نفسك، ومن كلّ فكرك، ومن كلّ قدرتك. الكيان، إذ ذاك، ينعطف على الله بالكلّيّة. لا شيء آخر، بعدُ، لا فكر ولا هوى، يَشغله عنه. يمّحي تمامًا، في القصد والنّيّة، بإزائه. يمسي كتلة إراديّة واحدة متماسكة تلتمس مشيئة الله. “وجهك يا ربّ أنا ألتمس”. يستحيل، في الرّغبة الكيانيّة العميقة، نارًا تُحرق هشيم الرّغائب الأهوائيّة في النّفس، متعاليةً على ما لذاتها، ممتدّةً إلى فوق، ملبّيةً نداء العليّ: “مَن يسمع فليقل: “تعالَ!.”، ومَن يعطش فليأت، ومَن يُرد فليأخذ ماءَ حياةٍ مجّانًا (رؤيا 22)!. والرّبّ الإله يجيب. يسكب في القلبِ ذاته، محبّةً، حتّى بالمحبّة الّتي يُسبغها على محبوبه، يحبّه محبوبُه!. إذ ذاك، نار أحبّة الله تخترق العتمة النّورانيّة الّتي تغلِّف الله، ليستقرّ كلّ ناهد إلى حبّه فيه، متّحدًا به بالنّعمة!.
الكيان الهادئ السّاكن يستقرّ في الرّاحة. والرّاحة، في الله ومسيحه، ليست راحةً من تعب، وإن أتى الإنسان من تعب. الرّاحة، إلهيًّا، إقامة في روح القدس؛ وبشريًّا، إقامته فينا!. هذا لأنّ الله محبّة. روح الله روح مَحبّة. يصير الاثنان جسدًا واحدًا: في مستوى البشرة جسدًا واحدًا بالمحبّة، وفي المستوى الإلهيّ روحًا واحدًا!. أنا فيك وأنت فيّ، وكِلانا واحد في الحبّ، في الرّوح، ولكن في كيانَين متمايزين. الله كيان في كيان في كيان، ثالوثًا، ومحبّةٌ واحدة نابعة من جوهر واحد!. الكيان، في الله، غير المحبّة. نميِّز الكيان عن المحبّة. وفي آن، الكيان محبّة. الله الآب محبّة، والله الابن محبّة، والله الرّوح القدس محبّة. والمحبّة هي إيّاه الله، واحدة. محبّة متكوننة!. هي هو!. المحبّة تفترض الكيان، لأنّها لا تحبّ ذاتها، وإلاّ لا تكون محبّة!. في المحبّة، الكيان هو نحو الكيان!. تلقى المحبّة لا في مَن يحبّ بل في حبيب مَن يحبّ!. المحبّة تأخذ الكيان إلى الكيان!. يمّحي الكيان، إراديًّا، في ذاته، في المحبّة، ليتجلّى في كيان سواه!. كلّ يحدِّث، في ذاته، عن الآخر!. يشهد له!. يحكيه!. يكشفه!. من هنا القول إنّ الكيان يهدأ إلى الكيان، يسكن إليه، يصمت بإزائه، أي يفيض حبًّا لديه، يقول كيانَه فيه!.
الصّمت ملء الكلام!. كلّ الكلمة في الصّمت!. الله الابن هو الكلمة!. فيه صمت الآب، أي ملء محبّته!. هذا هو ابني الحبيب الّذي به سُررت!. أنت لا تصمت، أنت تدخل الصّمت، أي محبّة الله!. تجدك إليه وفيه وتجده إليك وفيك!. هو الصّمت الإلهيّ، هذا، ما يجعلك خِلقةً جديدة، بروح الله، كيانًا جديدًا، من طبيعة محبّيّة: أنا إليك أو لا أكون!.
في واقع الصّمت الإلهيّ، هذا، لا تعود بحاجة إلى كلام. الصّمت يمسي اللّغةَ والمحبّة الكلام، وروحُ القدس، روحُ المحبّة، ينفذ بك إلى الوجود كلّه!. الكلّ يكون مكشوفًا، مفتوحًا، بديهيًّا!. في الصّمت يشفّ الوجود شفوفًا كاملاً، حتّى إلى قعر أعماقه!. تقرأه بلا كلام، وتخاطبه بلا لسان!. لا حواجز فيه، بعد، لا في الزّمان ولا في المكان، ولا في الكيان!. هذا ما أعلنه الله لنا بروحه، فبتنا نتكلّم بحكمة الله في سرّ، لأنّ الرّوح يفحص كلّ شيء حتّى أعماق الله (1 كورنثوس 2)!. من الصّمت الإلهيّ، ومن دخولنا هذا الصّمت، نستمدد كلّ كلمة تقال في هذا الدّهر، حتّى لا يكون القول لغوًا!. هي المحبّة وحدها تُقال كلمةً، أو تبقى البشريّة غيّة اللّسان!.
مبتغانا الله، مبتغانا المحبّة، مبتغانا الكلمة، مبتغانا الصّمت السّمائيّ حتّى ينتصب السّلّم الكيانيّ، وجوديًّا، بين السّماء والأرض، فنصير، منذ الآن، إلهيِّين، بعدما حلّ الإله، بيننا، بشريًّا!.
تبارك الإله، ثالوثًا، من الآن وإلى الدّهر!.
الأرشمندريت توما (بيطار)، رئيس دير القدّيس سلوان الآثوسي ، دوما – لبنان
 
قديم 24 - 06 - 2016, 07:01 PM   رقم المشاركة : ( 13298 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,381

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

التواضع

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
طوبي للذي بتعب في الحياة دون أن يضجر، ودون أن يرى ثمر تعبهكالمزارع. ينثر الحبوب دون أن يعلم ماذا سيلحق. لديه ثقة كاملة بالله. وتمر الأيام وتأتي زخات المطر، الثلوج والصقيع ثم يأتي تموز. ويجني الحصاد. هكذا يجب ان تفعل في حياتك اليومية. أن تذكر دائما جاهزيتك للحياة الأبدية. حينها ستواجه المواقف بطريقة أخرى. حذرة وناضجة. وهذا هو هدفنا النهائي.
في علاقتك مع الله إن لم تضع نفسك في تلك المكانة – وان تكون دائما – أن تطيع الله. . واصمت عندما لم تستطيع ان تفهم.
لا يوجد إنسان يخلو من الأشياء الصالحة. ومن خلال الاشياء الصالحة يظهر الله.
 
قديم 24 - 06 - 2016, 07:02 PM   رقم المشاركة : ( 13299 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,381

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

صلاةُ القديسين من أجلنا

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
للقديس يوحنا الذهبيّ الفم
يحسُن بنا الاعتمادُ على صلاة قديسي الله، حتّى ولو كنّا نشيطين بتتميم الواجب! فقد تقول: ما الحاجة الى صلاة الآخرين إذا كنتُ أُتمم واجباتي بنشاط؟ فأنا لست بحاجة إليها! لم يقل القديس بولس الرسول: لا حاجة الى صلاة الآخرين، مع أن الذين صلّوا لأجله لا يُضاهونه بشيء. فكيف تقول انت ما حاجتي الى صلاة الآخرين عني؟ والقديس بطرس الرسول لم يقل ما الحاجة الى هذه الصلاة، بل قيل: “وكانت الكنيسة تُصلّي الى الله من أجله بلا انقطاع” (أعمال 5 : 2)، وأنت تقول ما الحاجة الى صلاة الآخرين؟ إنها تَلزَم مع أنك لا تعترف بالحاجة إليها. فإنك في حاجة الى صلاة الآخرين، ولو كنتَ معادلاً للرسل المتقدّمين على غيرهم.
إنني أكرر القول أن صلاة الغير من أجلنا نافعة لنا إذا كنا نتعب بتأدية واجباتنا. أمَا شهِدَ رسولُ المسيحِ بقوله: “لأني أَعلمُ أن هذا يَؤُول الى خلاصي بصلاتكم وبإعانة روح يسوع المسيح” (فيلبي 1: 19)، وقال أيضًا: “والذي يُنقذنا الآن بمعونة دعائكم لنا حتى إنّ كثيرين يُؤَدّون الشكر على الموهبة” (2كور 1: 10 و11).
ولكن، لا أحد يستطيع أن يساعدنا بصلواته إذا كنّا متهاملين. فما الفائدة التي حصل عليها النبي إرميا لليهود؟ ألم يصرخ الى الله ثلاثًا ويَسمع ثلاثًا: “وأنتَ فلا تُصَلِّ عن هذا الشعب ولا تَرفع صراخًا ولا صلاةً لأجلهم ولا تَشْفَعْ إليّ فإني لا أَسمعُ لك” (إرميا 7: 16). وما المنفعة التي قدّمها النبي صموئيل للإسرائيليين؟ ألم يهلكوا جميعًا غير ناظرين إلى نبيِّ اللهِ الذي شهد عن نفسه: “وأما أنا فحاشا لي أن أُخطئ الى الرب وأترك الصلاة من أجلكم” (صموئيل الأوّل 12: 23)؟ لذلك يجب أن نعلم أن صلاة الآخرين من أجلنا تعود علينا بالنفع العظيم إذا قمنا بواجبات الصلاة نحن أيضاً. إن الصلاة تعمل وتساعد مَن يتمّم واجباته، أما إذا كان متكاسلاً فلا تعود عليه بفائدة. ألم يصلِّ القديس بولس الرسول من أجل العالم بأسره؟ ألم نصلِّ نحن من أجل خلاص الجميع؟ فلماذا لا يصير الأشرار أبرارًا؟ لأنهم لا يهتمّون لنفوسهم! فالصلاة من أجلنا تفيدنا إذا أَتممنا ما يجب علينا.
أتريد أن تعرف أيها المسيحي كيف تكون الصلاةُ نافعةً لنا؟ إسمع ما يقول يعقوب للابان: “ولولا أن إله أبي إبراهيم ومهابة إسحق معي لكنتَ صَرَفتَني فارغًا” (تك 31: 42). واسمع أيضًا ما قاله الرب الإله: “فأَحمي هذه المدينةَ وأُخلّصها من أجلي ومن أجل داود عبدي” (الملوك الثاني 19: 34). لكن متى يكون هذا؟ كان بواسطة حزقيا الذي كان صِدّيقًا. ولكن إذا كان للصلاة قوةٌ أثناء الشدائد العظيمة، فلماذا أَسلم الربُّ المدينة الى نبوخذنصَّر عند هجوم البابليين؟ لأن الفساد ازداد في تلك الأيام. وهكذا النبي صموئيل من أجل الإسرائيليين، نجح لما أَرضى الإسرائيليّون العليَّ.
قد تقول هنا: ما الحاجةُ الى صلاةِ الآخرين من أجلكَ إذا كنتَ عائشًا في طاعة الله؟ هذا لا يجوز لك أن تقوله مطلقًا، بل اسمع ما قاله السيدُ الرب عن أصحاب أيوب: “إن عبدِي أيوب يُصلّي من أجلكم فتُترك لكم خطاياكم” (أيوب 42: 8)، لأنهم قد خطئوا، ولكن خطيئتهم لم تكن عظيمة. وهذا الصِدّيقُ نفسُه الذي خَلّص أصدقاءه لم يقدر أن ينقذ اليهود من الهلاك لأن “إثمهم كان عظيمًا” (حزقيال 14: 14).
وقد قال السيد الرب بواسطة أنبيائه: “ولو كان فيها هؤلاء الرجال الثلاثة نوح ودانيال وأيوب، إنهم لا يُنقذون لها بنينَ ولا بناتٍ، والأرض تَصير مستوحشة” (حزقيال 14: 15). “لو أن موسى وصموئيل وقفا أمامي لما توجّهَتْ نفسي الى هذا الشعب” (إرميا 15: 1). وعندما صرخ النبيُّ حزقيال: “آه أيها السيد أتُهلِكُ جميعَ بقيّةِ إسرائيل؟”، عرَّفَه الرب أن عدم مساعدته للإسرائيليين لم تكن لأنه توسَّط لهم، بل “لأن إثم إسرائيل ويهوذا عظيمٌ جداً” (حزقيال 9: 8-9).
فبتذكُّرِنا أيها الأحباء كل هذا، يجب ألا نحتقر صلاة القديسين أو نعتمد عليها وحدها، بل لنحافظْ على الشرط الثاني أي ألاّ نتكاسل، ونصرف حياتنا في البطالة، حتى لا نُحرَم من الخيرات العظيمة.
فلنسألْ سكان السماء القديسين أن يساعدونا بصلواتهم لنقضي حياتنا في الصلاح حتى نحصل على الملكوت الأبدي.
عن كتاب “منهج الواعظ” للمطران أبيفانيوس (زائد)
 
قديم 24 - 06 - 2016, 07:03 PM   رقم المشاركة : ( 13300 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,381

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

التألُّه كيف يكون

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

يقول القدّيس أثناسيوس الإسكندريّ الكبير:”صار الله إنساناً لكي يصير الإنسان إلهاً”، ويضيف في كتابه عن تجسُّد الكلمة: لقد تجسَّدَ كلمةُ الله لكي يتَّحِدَ بالطبيعة البشريّة كما تتَّحِدُ النَّار بالحديد. (راجع أيضًا 2 بطرس 1: 4).
هنا يكمن هدف الحياة البشرية، في ما حصل في شخص يسوع، “الطفل الجديد الَّذي هو إلهنا قبل الدُّهور”، ” أي اتِّحاد الطبيعة البشرية مع الطبيعة الإلهيّة في أقنوم ابن الله. هذا الاتِّحاد يمكن أن يتحقّق ويجب أن يتحقَّق في كلِّ واحِدٍ مِنَّا بنعمة الرُّوح القدس: اللهُ يصيرُ فينا ونحنُ نصيرُ فيه.
هدفُ التجسُّد أن تشتعل(تلتهِبَ) الطَّبيعةُ البشريَّةُ بالنَّار الإلهيَّة كما يشتعِلُ(يلتهِبُ)الحديدُ بالنَّار. في شخص المسيح، الإله-الإنسان، تتَّحِدُ الطَّبيعةُ البشريَّة بالطَّبيعةِ الإلهيَّة بدون امتزاجٍ ولا افتراقٍ، وذلك من أجلِ خلاصِ الإنسانِ وإعادتِهِ إلى الاتِّحادِ بالله عن طريقِ النِّعمةِ لا عن طريقِ الجوهر. “أنا في أبي وأنتم فيَّ وأنا فيكم” (يوحنا 14: 20).
عندما نُعَرِّضُ أنفسَنَا لأشعَّةِ الشَّمس وحرارتِها نشترِكُ بطبيعةِ الشَّمس نفسها دون أن نصير جوهرها: نستدفِئُ من حرارتِها دون أن نختلِطَ بكيانِها. هكذا عن طريق القِوى الإلهيَّة غير المخلوقة التي تشعُّ فينا، ندخُلُ في اتِّحادٍ صميميٍّ مع الله: هذه هي الحياة في المسيح.
* * *
في الإفخارستيَّا، القدَّاس الإلهيّ، وفي المناولةِ، تحديدًا، نتَّحِدُ بجسد المسيح ودمه عن طريق الإيمان وبواسطة نعمة الروح القدس،فينزل الله (ويسكن بالنعمة) في جسدِنا كما نزلَ في جسد العذراء ليجدِّدنا وينيرنا ويطهِّرنا (مع فارِق أنَّ ابن الله بشخصه سكن في أحشاء مريم، أمّا نحن فيسكن فينا بنعمته وليس بشخصه). يقول الكاهن عند المناولة. “يناول عبدالله فلان جسد ودم ربنا وإلهنا ومخلّصنا يسوع المسيح من أجل غفران خطاياه وحياة أبدية”.
لم يأتِ الرّبّ يسوع فقط لكي يعطينا وصايا أخلاقيَّة أو شريعة، كما في العهد القديم، جاء لكي يَشفي طبيعتَنا الساقِطَة وينقِذَنا من الألم والمرض والموت.
* * *
ظهور الله الأوّل في الميلاد هو بدءُ الخلاص وتدشينُ ملكوت السَّماوات على الأرض كلّها بداعي محبّته للبشر. الحياة في المسيح لقاءُ حبٍّ، والحبُّ عملٌ مجَّانيّ لا يُفرَضُ علينا. ولنا أن ندعو بدورنا الآخَرين إلى هذا اللقاء، عندها لا يعود المال أو اللذَّة محركِّنا الوحيد، ونقول مع الرب يسوع بلسان بولس الرسول: “ليس يهوديٌّ ولا يونانيٌّ، ليس عبدٌ ولا حُرٌّ، ليس ذكرٌ أو أنثى، لأنَّكم جميعاً واحدٌ في المسيح يسوع”.
أفرام، مطران طرابلس والكورة وتوابعهما
 
موضوع مغلق


الانتقال السريع


الساعة الآن 03:35 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024