منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 20 - 06 - 2016, 07:26 PM   رقم المشاركة : ( 13131 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,381

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الله هو المتكلم في الخدمة
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

لا يجوز في الخدمة أن يتكلم أحد من ذاته. حتى بلعام نسمعه يقول: "الكلام الذي يضعه الله في فمي، به أتكلم" (عد38:22).
إذن الخادم هو شخص يتكلم بما يضعه الله في فمه.
هو مجرد شخص يأخذ من الله، لكي يوصل للناس. وما عليه إلا أن يكون موصلًا جيدًا لكلمة الله. إنه شخص ناطق بالإلهيات.. إننا نقرأ كثيرًا في سفر اللاويين هذه العبارة:
وكلم الرب موسى قائلًا: كلم بني إسرائيل قول لهم:
(لا1:1، 2)، (لا1:4، 2)، (لا29:28)، (لا1:11، 2).
وهكذا كان موسى يأخذ من فم الله، ويكلم الناس، موسى ما كان يعرف أن يتكلم. وقد سبق أن قال للرب "لست أنا صاحب كلام منذ أمس ولا أول من أمس، ولا من حين كلمت عبدك، بل أنا ثقيل الفم واللسان". فأجابه الله "أنا أكون مع فمك. وأعلمك ما تتكلم به" (خر10:4، 12).
هوذا ربنا يسوع المسيح يقول لتلاميذه قولًا معزيًا:
"لستم أنتم المتكلمين، بل روح أبيكم الذي يتكلم فيكم" (مت20:10).
ما أجمل هذا، إن الإنسان لا يتكلم من ذاته، إنما يوصل كلمة الله للناس، وليس فكره الخاص، ولا مفهومه الخاص، وإنما فكر المسيح (1كو15:2). بل هوذا بولس الرسول نفسه بكل مواهبه يطلب من أهل أفسس أن يصلوا بكل صلاة وطلبة في كل وقت من أجله.. وتسأله لماذا؟ فيقول:
"لكي يعطي لي كلام عند افتتاح فمي" (أف19:6).
إنه يطلب أن يعطيه الله الكلام الذي يقوله
أليس هذا درسًا لنا نتعلمه من هذا القديس العظيم، أعظم كارزي المسيحية؟! فهل أنت تصلي من أجل هذا أيضًا، لكي يعطيك الله كلمة عند افتتاح فمك غير معتمد على ذكائك ومعلوماتك وخبرتك..؟! فالله هو "المعطي كلمة للمبشرين بعظم قوة" (مز11:68).
فإن كنت لم تأخذ من الله، فمن الخطورة أن تتكلم.
نعم من الخطورة أن تملأ أذهان الناس بكلام بشرى، أو كما يقول الرسول "بكلام الحكمة الإنسانية المقنع" (1كو4:2)، وليس بكلام الله.
اسكب نفسك إذن أمام الله قبل الخدمة، لكي يعطيك الكلمة المناسبة النافعة للناس. الله إذن هو الذي يدعو ويرسل وهو الذي يعطي الكلمة. وماذا يعطي أيضًا؟
 
قديم 20 - 06 - 2016, 07:27 PM   رقم المشاركة : ( 13132 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,381

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

تعرفوا
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أجمل إحساس فى طفولتك وانت صغيّر وبتجري على أبوك...
إنك بتترمي في الحضن اللي فيه المسئوليّة والطاقة والقوّة والحبّ...
الصلاة في فكر المسيح هي لحظة التقاء في حضن الآب...
أنت بترمي نفسك في حضن ربنا.
وانت بتقوله مالي غيرك يارب
اتصرف انا محتاجلك قوي خليني جوة حضنك
الفرح المسيحي هو الحضن التاني لينا
لما بنكون مضايقين او مخنوقين بنجري نفتحه
ونقرأ الكلمات المعزية
دائما ربنا بيبعت لكل واحد فينا رسالة عن طريقه
بتوضح له الطريق وبيطبطب عليك وبيقوله انا معاك لا تخف
كل سنة وانتم طيبين
 
قديم 20 - 06 - 2016, 07:47 PM   رقم المشاركة : ( 13133 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,381

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الإنسان الجديد

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الإنسانُ يتجدَّدُ من الداخل، والجِدَّةُ هي في رؤيةِ وجهِ الله. لا يمكنُكَ أن ترى وجهَ ربِّكَ إِنْ لم تَرَهُ على وجهِ الإخوة.
ذلك من عمل النِّعمة. كيف يتجدَّدُ الإنسان؟ كيف يتغيَّر؟ وحدَهُ اللهُ يستطيعُ أن يغيِّرَكَ. هي التَّوبةُ الى الله بالمعنى العميق. الكلمة الأصليَّة “Métania” تعني تغيير الذٍّهن. طبعاً، لا بدَّ أن يشارِكَ الإنسانُ في هذه العمليَّة، أن يكون قابلاً لها. في كلّ الأحوال، إن أَرَدْتَ أن تجِدَ معنًى لحياتِك إِجْتَهِدْ دوماً أن تملأها من حضور الله.
لا يكفي الشُّرْبُ والسُّكْرُ والمخدِّرات وحتى تغيير الجوّ، كما ينصح الأطبَّاء، لكي يرتاح الإنسان من أتعابه. هناك عنصرٌ يفوقُ الطَّبيعة من شأنه أن يريحَ الطَّبيعة. إنَّـه، بعبارة أُخرى، الأبديَّة عندما تَسْتَفِيقُ فيكَ بشكلٍ عجيب. كلُّ ذلك يقتضي، أوَّلاً، أن تتخلَّى عن شهواتِكَ، عندها يصير المسيحُ يعمل فينا ويجدِّدُنا.
لا تستطيع أن تصيرَ إنساناً جديداً إن كنتَ بعدُ غارِقاً في الزِّنى، في الطَّمع، في الغضب وفي الكَذِب، على سبيل المثال. وكيفَ تحارِبُ مثلَ هذه الخِصال السيِّئة؟ يمكنُكَ ذلك إنْ أَحْسَسْتَ أنَّ اللهَ يحبُّك. عندها، تحدِّثُهُ، تتضرَّعُ إليه في صلاتك وفي تأمُّلاتِكَ الإنجيليَّة وفي أعمالِكَ الصَّالِـحَة. تَغَلَّبْ على خطيئةٍ واحِدَةٍ فَتَكُرُّ
المسبَحَة وتَسْهُلُ عليكَ مواجهةَ الخطايا الأُخرى. “أُهْرُبْ من الزِّنى” يقول الرَّسول (1 كور 6: 18)، فتَسْهُلَ عليكَ، بعدها، مقاومةُ الطَّمع، وتُعطي مجَّاناً، وإذا أحببتَ اللهَ وأَذْكَيْتَ هذا الوِدَّ بصلاتِكَ ومطالعاتِكَ عندها لا تعودُ تخافُ ولا تعودُ تكذِب. شيئاً فشيئاً تُسِلِّمُ نفسَك للمسيح الَّذي سوفَ يَعولُكَ في كلِّ شيء.
* * *
مرَّةً أُخرى أقولُ لكم لا تَتَوَخَّوْا التغيير الَّذي يأتي فقط من الخارج، بل قولوا مع رجاء بطريركنا الجديد:
“كلُّنا رجاءٌ أَنَّ ما تمرَّ به بلادُنا الحبيبة سيعبُرُ عنها”.
بادِرُوا أنتم فيخلُصَ الناسُ حولَكُم. هناك من يحلُم، وهم كثيرون في أيَّامِنا، أنَّ إنقاذَ العالم يتمُّ عن طريق تغيير الأحوالِ السِّياسيَّة والاقتصاديَّة. هذا صحيح، لكنَّه لا يكفي، لأنَّ أي تبديلٍ خارجيٍّ إجتماعيٍّ يبقى سطحيًّا ومؤقَّتاً ما لم يرافِقْهُ تبديلٌ في القلوب.
أَعْطِ قلبَكَ أَوَّلاً للرَّبِّ وهو يُعطيكَ كلَّ شيءٍ آخَر مع سلامِه.
+أفرام
مطران طرابلس والكورة وتوابعهما
 
قديم 20 - 06 - 2016, 07:47 PM   رقم المشاركة : ( 13134 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,381

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

علم الكاهن

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
منـذ سبعـين سنـة ونيّـف، وأنا تـلميـذ مـدرسـة كـاثوليـكيـة، كنتُ في ضيـق كبيـر مما كنـتُ أتلـقّى المسيحيـة من هـؤلاء الرهبان، ولم يكن كاهـن أرثـوذكسيّ قادرًا أن يقول لي كـلمة عن إيماننا. أية كانت تقوى كاهني كنتُ أَحنّ الى الإنجيل والعقيدة، وأحزن أنه كان عليّ أن ألجأ الى الغـرباء عن كنيستي لأعرف شيئًا عن المسيح.
يُحـزنني أكثر فأكثر أن مشهد الجهل عنـدنا لم يـنتـه كليًا ولو تقـدّمنا كثيرًا. طوال حيـاتي الفتيـّة لم أكـن أفهم أن المطـران الذي تعلّم في خالكي او أثينا او موسكو وأَتقـن لغـات كان يقبـل هذا الفرق في المعرفـة بينه وبين كهنتـه. ما كان يبذل ايّ جهـد ليُعلّمهـم شيئًا. كيف كان يقبل أن تكـون أدمغتـهم فارغـة وكتـابـه يقـول لـه ان هناك معلّمين ووعـاظًا وتاريـخ الكنيسـة كشف له أن قادتها كانوا باسيليوس ويوحنا الذهبيّ الفم وغريغوريوس اللاهوتي ويوحنا الدمشقيّ ومن إليهم. الفراغ لا يقـدّم الا الفراغ. منذ أربعين سنة أنشأْنا معهدَ اللاهوت في البلمند، وهو إنجاز عظيم، ولكن لا يتسجَّل فيه العـدد الـلازم مـن الطلاب الذيـن نحـتـاج اليهـم. هذا يعـنـي أننـا مضطرّون على رسامة كهنة أُمّيين او شبه أُمّيين. لا يُبذل الجهد الضروري لتقبّل طلاب، والذريعـة أنليس عندنا المال الكافي. اذًا يكـون سعيُنا أن نجد المال لسدّ نفقـات المعهد، ويجب ان نقوم بإحصاء لمعرفـة عدد الكهنـة الذين نحن في حاجة إليهم بعد موت المسنّين منهم. لنفرض مثلا أننا في العشرين سنـة المقبلة نحن في حاجة الى تخـريج أربع مئة تلميـذ او ست مئـة ليملأوا كلّ الشواغر، نكون قد حللنا مشكلة الرعايا التي تنتظر كهنة مثقـّفـين.
يبقى السـؤال لماذا لا يأتينا العدد المطـلـوب مع أنّ هناك حسًّا روحيًّا واضحًا عند الكثير من شباب لنا يودّون الانخراط في خدمة الكنيسة. الجـواب الوحيد عندي أن بعضًا من الذين لا ينخرطون في هذه الدراسة يخشون الفقـر في حياة الكاهن. تاليًا مشكلة معيشة الكاهن مرتبطة بالانتماء الى المعهد اللاهوتي. اذًا السؤال الأساسي هو كيف نستعـدّ في كلً الأبـرشيّات منذ الآن لإيجاد رواتب كافية تُدفع للأربع مئـة او الخمس مئة كاهن الذين نحتاج إليهم بحيث نقول للمتخرّج: بعد أربع سنين، تقضي سنـة او سنتين في التمـرين على الكهنوت في إحدى الكنائس في درجة شمّاس مثلا او كاتب عند مطران تتقاضى معاشًا كافيًا ولا تفتّش محمومًا عن كنيسة غنيّة إذ لا بدّ أن نصل الى وقت يكون المتخرّجون عندنا مستعدّين أن يلتحقوا بأيّة كنيـسة في المدينة أو الريف.
هذا يعني أن حُبّ الدراسة متوفّـر عند عدد من شبابنـا، وأن المشكلـة الوحيـدة ماليّة تُحلّ على مستوى الكرسي الأنطاكي كلّه بسبب فقر بعض الأبرشيـات. اذا كان الإيمـان الأرثـوذكسي يجب أن يُغـذّى في كلّ مكان، تقضي المحبة الأخويّة أن تنصُر الأبرشيةُ الميسورةُ نسبيًّا تلك التي لا تستطيع أن تدفع للكـاهن الآتي راتـبـه. هذا يقضي أُخوّة كبيرة، إحساسًا بالأخ الضعيف.
لندخل إذًا بعلم الإحصاء وتلتهب فينا محبَّة يسوع لإيجاد كهنة لائقين به.
جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان)
 
قديم 20 - 06 - 2016, 07:50 PM   رقم المشاركة : ( 13135 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,381

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الشلل النفسي

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


أيها الإخوة الأحباء، الانجيل المقدس، إنجيل اليوم يروي لنا إحدى معجزات الرب يسوع. ولكن من أجل فهم أفضل لهذه المعجزة، يجب أن تُسقط على حياة كل منا بشكل فردي وتدرس بشكل شخصي.
ولكي تتحقق المعجزة نفسها بحياتنا لا بد أن نسمح لنعمة الله أن تعمل فينا.
ماذا يقول إذا الأنجيل المقدس؟ يقول: في أورشليم عند باب الغنم ( اي الباب الذي منه كانت تعبر الغنم المزمع أن يُضحى بها في الهيكل)، كان هناك بركة تدعى بيت حسدا لها خمسة اروقة. فيها اجتمع جمهور كبير من المرضى. مياه هذه البركة كانت لها خصائص خارقة. حيث كان ملاك الرب ينزل ويحرك الماء على فترات متباعدة، وهكذا بعد تحريك الماء كانت مياه البركة تأخذ قوة شفائية مؤقة للحظات، والذي كان ينزل من بعد تحريك الماء كان يُشفى من أي مرض أصابه. وهكذا تعود المياه بعد العجيبة إلى حالتها الطبيعية كأي نبع ماء.
هذا الأمر كان يعطي المرضى الأخرين الذين فقدو الأمل بشفائهم على يد الأطباء عزاءً ورجاءً، أن دورهم لا بد أتٍ ليحصلوا هم أيضاً على الشفاء من بعد تحريك الماء، من قبل ملاك الرب. لهذا تجمع حول البركة جمهور كبير من المرضى، من عميان وعرج ويابسي الأعضاء، بشكل دائم يترقبون اليوم الذي فيه سيشفون.
بين هؤلاء كان هناك أنسان مخلع مريض منذ ثمان وثلاثين سنة، لم يكن من يُعينه ويهتم به ويساعده على النزول إلى الماء العجيب ليحصل على الشفاء. هذا كل هذه السنين، كان يرى بأم عينيه الكثير من المرضى ينزلون إلى الماء بعد تحريكه ويشفون من أمراضهم ويعودوا إلى بيوتهم سالمين، هو الوحيد الذي لم يكن بإمكانه الوصول إلى الماء، هو الوحيد الذي كان بلا معين، وهكذا عذابه يستمر ويكبر، وبعد هذا الزمان الطويل ثمان وثلاثين سنة، ومحاولات كثيرة فاشلة للوصول إلى النبع الشافي، يتسائل الواحد منا أي رجاء كان لديه؟ ربما كان قد أخذ قراره أنه لن يتحرك من هناك قبل الشفاء، فإما يموت في موضعه ويلقى في التراب أو يلقى في الماء فينال الشفاء.
كل هذه السنين لم يفقد الأمل، واستمر يغذي نفسه بالرجاء، صبر وكأنه على أمل اللقاء بنبع الشفاء الحقيقي وطبيب المرضى ونبع العطاء.
أخيراً أتت اللحظة التي فيها ستنتهي معاناته، بعد صبرٍ دام أعواماً طويلة، ورجاء لم ينقطع. جاء إليه الطبيب الرحيم، طبيب النفوس والأجساد، جاء إليه المسيح الكلي القدرة والمعطي الحياة. خاطبه بكلمة فقط أعادت له عافيته، نعم نعم إنها عجيبة كبرى، هذا الحي الميت وقف على قدميه، وذاك العاجز على أن يتحرك، دبت فيه الحركة والحياة وحمل سريره الذي كان مضطجعاً عليه.
نعم هذا المقعد المخلع أصبح معلماً لنا في الصبر والرجاء. ثمان وثلاثون سنة لم يفقد الرجاء، لم ييأس، لم يتطاول على الله ويتفوه بكلمة ضد خالقه. نعم بينما الكثير الكثير منا، من لهم سنوات أقل في مرض أو وجع ما، يتجرأون ويتطاولون على الله، بصبره ورجاءه جعل الله يأتي إليه، نعم ليس طبيبا عاديا وإنما الرب نفسه أتى إليه.
هذا المريض، بعد شفائه لم يعد لبيته وإنما ذهب إلى الهيكل ليشكر الله، وليس هذا فقط، بل أصبح بوقاً صادحاً بعجائب الله، أصبح كارزاً بمحبة الرب ورحمته العظمى.
لنقف عن التكلم عن المريض المخلع ولنتحدث عن مخلعي عصرنا الحالي.
أيعقل أن يكون في عصرنا مخّلعون؟
نعم هناك الكثير منهم، ولا أقصد المخلعون جسديا وإنما المخلعون على الخصوص نفسياً، وهؤلاء يجدرُ بنا أن نحزن عليهم أكثر.
ولكن ما هو هذا المرض، الشلل الروحي النفسي؟ يمكننا القول أن هذا المرض أصبح آفة مجتمعنا، كيف لي أن أبدء بالحديث عن هكذا مرض؟ سأقدم بعض الأمثلة.
أولاً: المخلع الذي شفاه الرب كان له ثمان وثلاثين سنة لم يذهب لبيت الرب، ذهب طفلاً صغيراً وبعد شفائه ذهب أيضاً ولكن بشعر أبيض بعد هذه السنين من العجز. لكن هذا المقعد عنده حجته فالأمر ليس بيده، كان مريضا، لم يكن يستطيع المشي ، لم يكن له أحد يساعده، أما المقعدين روحيا ونفسيا في عصرنا هذا، بينما هم أصحاء جسدياً وليس من أمرٍ يُعيق حركتهم، بالرغم من ذلك لهم أربعين وخمسين سنة لم تطأ قدماهم الكنيسة، ذهبوا إليها أطفالاً حين أعتمدوا وسيدخلون إليها مرة أخرى ليُصلى على جثمانهم. إلى الكنيسة لا يذهبون، لكن بكل سرور يذهبون إلى السينما والملاهي الليلية والسهرات. ينسون الله الذي يمنحنا العطايا الكثيرة والصحة ولا يأتون ليقولوا له كلمة شكرٍ. ينسون أن أقدامنا يجب أن تسلك بحسب مشيئة الرب وليس مشيئة الشهوة والشيطان.
أتريدون مثلاً أخرللمشلولين روحياً؟ إليكم هذا المثل، تكلمنا عن الذين شلّلت أقدامهم عن الذهاب الكنيسة والمشاركة في تمجيد الخالق، لكن ماذا عن أولائك الذين شلّلت أياديهم عن العطاء على مثال المعطي الحياة؟ ماذا عن محبي المال والمتنعمين بالأرضيات الذين يسرفون بالبذخ؟ وبيوت الله بحاجة لتُجّمل وأخاهم الفقير ليس له من يقدم له الطعام؟ والأخ الصغير الذي تكلم وأوصى به الرب يسوع، ليس له من يرحمه ويستر عورته ويطعم أولاده؟ هؤلاء عندما يُطلب منهم صدقة لأخيهم يشعرون أن أيديهم شُللت عن العطاء ونفسهم عن الشعور بالضعيف. يشُلهم شيطان حب الفضى، نعم يسهرون طول الليل يقضون وقتهم باللهو ويخجلون من حمل الصليب على صدورهم ورسمه عند مرورهم من أمام بيت الله لأن أيديهم شُلّلت عن تمجيد الخالق ولم تعد تُمد للتسبيح والعطاء وإنما للرشوة وحب المال والتطاول على الأخ الضعيف. نعم لم تعد أيديهم تعمل وصايا الله لكن تعمل الخطيئة !!!!
مثالٌ أخر يا أحبتي على الشللل العصري الذي يُحيق بالكثير منا، أنه شلل اللسان. هذا العضو الذي خلق بأجلى بيانٍ للتواصل مع الأخرين فبواسطته تُعبر عن حبك للخالق والخليقة وتشرحُ عواطفك وما يختلج في صدرك. ولكن إن فتشنا بين ملايين الكلمات التي تقال على السنة أعضاء مجتمعنا، لا نجد جواهر روحية. نادرا ما نسمع حمدا وشكراً وكلاماً معزي للنفوس الضعيفة، وكلام مدحٍ صادق بالأخريين، لكن على الأغلب نجد العكس، لعناتٍ وذماً وكلاماً منمقً أنانياً وعجرفةً ما بعدها عجرفة، وإهاناتٍ للفقير والضعيف واستهزاءً بالمتألم.
أما كلمة الله فنادراً ما تُسمع على ألسنتنا، نعم بتنا بدون محبة للخالق والخليقة بتنا نحاس يطن وصنج يرن وما أحوجنا إلى أناس يلتجأون برجاء وصبر، إلى نبع الشفاء إلى نبع العطاء إلى الرب يسوع.
عسانا نفهم أن الله هو وحده القادر على أن يشفينا من الشلل العصري المحيق بنا، ندعوه أن يرحمنا ويباركنا أجمعين آمين.
قدس الأرشمندريت د. أرسانيوس دحدل
 
قديم 20 - 06 - 2016, 07:52 PM   رقم المشاركة : ( 13136 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,381

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

سماءٌ على الأرض

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

قلاية الأب اسحق (عطالله)سماءٌ على الأرض
في ليلة عيد القديس اسحق السرياني (تقويم شرقي)، قصدنا عمق بريَّة جبل آثوس متّجهين نحو قلاية السابق رقاده الأب المتوحِّد اسحق (عطالله) لنشارك في مائدة صلاة، أيّ سهرانية، تمتد من الساعة التاسعة مساءً لغاية شروق شمس اليوم التالي.
كنّا مجموعة من المؤمنين، أحد عشر شخصًا، الكثير منهم اعتادوا الذهاب إلى هذه القلاية في هذه الليلة بالتحديد .
كانت الساعة السابعة والنصف مساءً، صعدنا باصًا من ديرٍ قريبٍ وسلكنا طريقًا غيرَ مُعبَّدٍ كسائر طرقات هذا الجبل، وبعد حوالي نصف ساعة تقريبًا توقَّفنا عند جسرٍ وأكملنا دربنا سيراً على الأقدام.
كان الظلامُ حالكاً للغاية، فكنّا نسير خلف بعضنا بعضًا مستعينين بالمصابيح الليلية، وأصوات صراصير الليل تملأ المكان من حولنا.
في البداية، قد ينتاب المرء شعورٌ بالتعب المسبق، إذ كيف للإنسان أن يمضي الليل بأكمله بين وقوفٍ وجلوسٍ ولا يُتلفه التعب والإرهاق .
من الناحية البشرية، قد يكون هذا الكلام صحيحًا، ولكن المفاجأة هي هنا: إذ بمجرّد أن يترك الإنسان نفسه منذ اللحظة الأولى بين يديّ خالقه، يكتشف أنه كائنٌ ليتورجيٌ بامتياز، وأنه محمولٌ على راحات الملائكة وقدِّيسي هذا الجبل، إن قرَّر الاتحاد بالله، وشفاعة الكليّة القداسة لا تفارقه لحظةً واحدة .
ويبدأ الجمال، فقبيل بدء الصلاة بلحظات قليلة، يطأ المكان وفودٌ من النسّاك كأنهم هبطوا توًّا من السماء، مجموعة تلوَ الأخرى، ظلالٌ بشرية كأنهم أتوا من عالمٍ آخر، يسيرون بخطىً ثابتة ومسرعة خلف بعضهم بعضًا، لا تستطيع أن تراهم جيدًا إذ يمتزج لون ثيابهم بسواد الليل، فتشخّصهم من لمعان وجوههم ولحاهم الطويلة البيضاء، إذ إن القلاية هي عاريةٌ بالكلية من كلّ تكنولوجيا هذا الزمان، فلا كهرباء وطريقها لا تدركها سيارة، فقط بعض القناديل على الكاز التي لا تتعدى عدد أصابع اليد الواحدة مزروعة في بعض الزوايا الأساسية للقلاية تساعد قليلاً على التحرك .
وفَور وصولنا، وبإرشاد الرهبان القاطنين هناك واستقبالهم الحار، يأخذ الوافدون مكاناً بسيطاً لأنفسهم يجلسون عليه ليرتاحوا بعض الشىء قبيل بدء الصلاة .
المقاعد كناية عن ألواح خشبية مدعومة بأحجار وطين، وفوق الرأس بعض من الخشب والقش.
وفي هذا الوقت يمر من أمامك عساكر السماء، شيوخ البرية، يتنقَّلون بخفةٍ وسط الظلام ويلقون التحية بأصوات حارة دافئة، ويأخذون البركة من الذين سبقوهم من النساك، فتشعر بحضورٍ ملائكي وبسلام وطمأنينة وفرحٍ ليس من هذا العالم.
تنظر إليهم على انعكاسات نور القناديل وضوء القمر، فتعاين وجوهًا ارتسمت عليها جهادات النسك والصلاة: صلابةٌ لا تخلو من الرحمة، وتجاعيد خاطتها أنامل النعمة والضياء.
جديّةٌ تامةٌ مغلّفةٌ بالغبطة والفرح والبذل والعطاء .
مغاويرعلى أتمّ الاستعداد، انضمّوا تحت لواء المسيح، متأهِّبين ومتمرِّسين على خوض معارك الجهاد، والصبر والانتصار بنعمة الله.
من مظهرهم فقط تستمدُّ قوةً، فيطردون من نفسك فورًا كلَّ شعورٍ بالتراخي أو التردُّد أو التعب .
المتقدّم في السنّ بينهم يفوق الشباب نشاطًا ويجول بينهم طاعةً للمتقدمين روحيًا، تواضعٌ أقصى وأمورٌ تتخطى كل الاعتبارات والمقاييس.
شيخٌ جليلٌ يأخذ البركة من كاهنٍ شاب، وهذا الأخير ينحني أمام الشيخ انحناءَ الابن لأبيه، كيف لا وهو أباه الروحي!.
فعلاً إنهم حضورٌ سماوي، يجسدّون المسيحية ويلقِّنوك ملىء اللاهوت وعمقه دون أن يتفوَّهوا بكلمة واحدة. عيونهم أدمعتها التوبةُ والعزاء، ويعكس بريقها أنوار القيامة والظفر، وإن صافَحْتَهم تلمسُكَ القداسة وعذوبة السماء.
إنهم شيوخ عظام تنحني أمامهم الجِباه، وتسقط تحت أقدامهم كلّ أمجاد الدنيا وملذاتها الزائفة والفارغة، فتعي أنك حقًا لا شيء، وكل ما تتباهى به هو أيضًا لا شيء، لا الممتلكات ولا المراكز ولا الألقاب، لا بل إنَّ كلّ ما تعتبره في الحياة جمالًا وتسعى لاكتسابه والحصول عليه هو وهمٌ وفراغ، ولا مجدَ للإنسان ولا كرامة إلا أن يكون في حضرة الله، إنسانًا بسيطًا ومتواضعًا، ولكن في الوقت نفسه غنياً بالمسيح وبكل ما أعطاه الله من نعم ومواهب.
المسيحي الحقيقي هو هذا الحضور الإلهي الذي أخذ الصلاة غذاءً والجهاد مسلكًا وطريقًا وحياة .
وبعد الضيافة المقتصرة على فنجان قهوة وقطعة حلوى صيامية، يدقُّ ناقوس الصلاة وتبدأ حناجر المتوحِّدين النسّاك بشق سكون الليل بأجمل الألحان والأنغام .
تنظر من حواليك، ها الشيوخ بسرعة البرق قد توزَّعوا داخل كنيسة القلاية يمينًا ويسارًا، بخفة لم ترَ عينيك مثيلها، يتفرّقون ولا ينفصلون، فيؤلّفون جسمًا واحدًا متناغمًا رأسه المسيح .
كلُّ واحد منهم يعرف ماذا يفعل وماذا يجب أن يفعل، جنودًا للمسيح يقفون متأهِّبين، أفواههم تخطّت لغة الجسد، كائنات ملائكية تشاهدُ بأعينها الروحية من تخاطبه وتصلي له ومعه.
يا إلهي، ما هذا البهاء، شيءٌ يفوق الوصف، قلاية الأب اسحق أضحت سماءً مفتوحةً، وها الأيقونات من حولك تسبِّح طربًا مع المرتّلين وترقص فرحًا مع مَن نزل من السماء مِن ملائكةٍ وقدّيسين، لتصبح السماء والأرض حالةً واحدةً متكاملة مفعمة برائحة البخور الزكية والشموع العسلية المشتعلة، فيتذوق فيها الإنسان طعم الملكوت، فلا تعود تعرف نفسك إن كنت واقفًا على الأرض أو موجودًا في العلاء.
وفي وسط كلّ هذا الحشد الملائكي، ياروندا” (أي متقدّم) يتنقَّل كالطيف ويوزِّع الأدوار بين المرتّلين والقراء بالصمت والإشارة، فتكفي إيماءةٌ واحدةٌ منه ليعرف كلّ واحد ماذا يجب أن يقوم به، فيُغلق كتاب ويُفتح آخر دون أن تعرف كيف أو حتى تسمع ضجيجًا أو خربشةً يعكّر صفو المكان وقداسته .
بالرغم من صغر الكنيسة، تخالها أصبحت أوسع من البحار والمحيطات، نورٌ يسطع في كل مكان فتشتهي الوقت أن يطول ولا يدركك الغد ويضطرك للرحيل.
لذا، إن جاءتك لحظة تعب، تقاوم وترفض أن تغلق عينيك أو يأخذك النُّعاسلئلا يفوتك شيءٌ من هذا الجمال والبهاء وسحر المكان. وإن غفوت، تأخذك الألحان السماويّة فتتمايل بك لتعود وتستيقظ وتكتشف أنك أصبحت في حالة ملكوتية تفوق العقل والإدراك، فتقول حقًا مع الرسول: “لا شيء يبعدني عن المسيح، أنا في حضرة الله .
صلاة نوم، غروب، قراءات، سحر، قداس إلهي، جميعها تشكّل مسبحةً واحدة ووحدة كاملة ومتماسكة، مائدة مفتوحة لا تنتهي ولا تعود تعي كيف بدأت.
ففي أية لحظة أتيت، تكون قد سبقتك، ولكن في الوقت نفسه هي بانتظارك ولك فيها مكان.
أمّا مِسكُ الختام فإنه يرافق اللحظات الأخيرة من الليل قبل شروق الشمس، حيث توضع الكوليفا” (أي قمح مسلوق مزيّن بالسكر ومرسوم عليه إشارة الصليب أو وجه القدّيس ) في وسط الكنيسة، وراهبٌ يوزِّع على الكهنة شموعًا. يصطفّون جميعهم جنبًا إلى جنب في نصف دائرة، ووجوههم نحو الهيكل، لتبدأ خدمة جناز السابق رقاده الأب المتوحِّد اسحق (عطالله)
لماذا الشموع؟ لأنها علامة الفصح والبزوغ من القبر. فلا موت في المسيح. إنه رقاد وانتقال.
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
تبدأ الخدمة بأبهى جمالها داخل الكنيسة لتُستَكمل خارجًا أمام مثوى الأب اسحق.
سواد الليل يتحوّل نهارًا قياميًا لتدرك في نفسك أنَّ الأب اسحق يشارك معك في الخدمة نفسها، يقف بجانبك ويرتّل مع المرتلين وينشد مع الفرحين.
نعم تشعر أنه حيّ، فتريد أن تكلّمه وتنحني أمامه لتأخذ منه البركة.
وتنتهي الخدمة، فتتفاجأ أنَّ الساعة قد قاربت السادسة صباحاً، ليشارك الجميع مائدة المحبة. فتقول في نفسك: كيف مضى الليل كلّه ببرهة ولم أتعب؟! حقاً إن ألف سنةٍ في عيني الرب كيوم أمس الذي عبَر، إنه عرسٌ سماويٌ زفَّته الملائكة بنفسها.
هذه هي قلاية الأب اسحق (عطالله) من نَابَيّْه، الذي ترك وطنه الأرضي لبنان ليدخل فردوس والدة الإله، وينضم إلى قافلة أتقياء الله، ويحوّل بقعة أرضٍ من جبل آثوس مصعدًا سماويًا يستعيد فيه الإنسان هويته الأم الأولى، ألا وهي الملكوت .
هذا هو جبل آثوس، وهذه هي الأرثوذكسية، حياةً معاشةً بالجهاد والدم .
حقاً الملكوت يبدأ من الآن، وأبوابه مفتوحة على مصراعَيْها، فإن أدركتم السّحر الآثوسي:”صبرًا حسنًالأدرككم العشق الإلهي وأتقنتم فن الفنونأيّ الصلاة والجهاد والتوبة والرجاء والفرح والعزاء، فتنضمّون إلى قوافل المجاهدين وتسبّحون الرّب تائبين وفرحين وتقولوا له آمين.
الأب أثناسيوس (شهوان)
11 تشرين الأول 2012
جبل أثوساليونان
 
قديم 20 - 06 - 2016, 07:53 PM   رقم المشاركة : ( 13137 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,381

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الأحد بعد رفع الصليب

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

قال الرب :” من أراد أن يتبعني فليكفر بنفسه ويحمل صليبه ويتبعني” للوهلة الأولى تظن أن الأمر مستحيلاً فكيف لك أن تكفر بنفسك؟ هل ينكر الإنسان ذاته؟ وماذا يقصد الرب يسوع؟ نعم أن تنكر ذاتك يعني أن تحب الرب يسوع أكثر من أي شيئ، لتستحق أن تتبعه، أن تتخلى عن مجدك، والأنا التي تتملكك لتمتلك محبة المسيح وتغدو تلميذه الحقيقي. فمهما يبدو الأمر صعبا إن كنت تحب حباً حقيقياً، يساعدك الله في التخلي عن الذات وأمجادها ويزينك بصفة التلميذ، فما تعود تلميذاً لذاتك بل تلميذاً للمحبة تلميذاً للرب يسوع.
حمل الصليب يعني أن تتبع درب الجلجلة كما مُعلمك، أن تتبعَ المسيح في درب ألامه، فكما معلمك استهزؤا به وعيروه, هكذا أنت ستُعَيّر لأن الناس سيعاكسونك ويسخرون منك، وهذا لا يقتصر على من هم من غير إيمانك، بل ستُضطهد أيضاً ممن ينتمون إسمياً لجسد الكنيسة، الذين انحرفوا عن طريق الرب، فأصبحوا كالدم الفاسد في الجسم الصحيح.
إن رغبت إذاً أن تتبع المسيح، فعليك بحمل الصليب. سامح الآثمين ولكن لا تُذعنْ لهم. لا تعطي أُذنك لملذات العالم الباطلة بل فقط لنداء الرب يسوع الجميل.لا تَدَعْ سعادة الشرير الكاذبة تفسدك. ازدري كل شيء لتستحق العيش بصحبة من خلق كل شيء وأبدع الكل بكلمته.
“لأن من أراد أن يخلص نفسه يهلكها ومن أهلك نفسه من أجلي ومن أجل الإنجيل يخلصها”
يقول المغبوط أوغسطينوس :” إهلاك النفس خطيئة كبرى وهذا ما لا يريده الرب لكن المقصود بإهلاك النفس، هو أن تقتل ما في داخلك من تعلقٍ بالدنيا، لأنه يبعدك عن التعلق بالأبديات ويلصقك بالفانيات”. فأنت بقتل الخطيئة في ذاتك تخسر الدنيا وما فيها لتربح المسيح ومجده المعدُ لك منذ إنشاء العالم. نعم تخلص نفسك ناقلاً إياها من الزمن الوقتي إلى الأبدية.
إن إنكار الذات وإهلاك الخطيئة وحمل الصليب من قبل الإنسان يتطلب منه أن يمتلك قدمين كقدمي المسيح أن يمتلك قدمي التواضع والمحبة، الفضيلتين اللتين تقودان إلى القمة. فعليه إذاً أن يقيم في المسيح ويمشي بقدمي المحبة والتواضع محباً حتى الموت، وباذلاً نفسه من أجل الأخرين كما عليه أن يماثل ِضعَتَ المسيح إن أراد أن يبلغ رفعته.
فماذا ينفع الإنسان إن ربح الأرضيات وملذات العالم وخسر السماويات وأفراحها، ماذا ينفعه إن كسب هذا الزمن المحدود وخسر الأبدية التي لا نهاية لها.
نعم يا إخوتي يقول سيزاريوس أسقف أرليس: ” من الأجدى والأفضل أن نحب العالم من ضمن علاقته بصانعه. العالم جميل، لكن الذي كوّنه أجمل بكثير. العالم مجيد، لكنَّ الذي أسَّسه أَمجد منه. لذلك فلنعمل على قدر طاقتنا، يا أحبّة لكي لا يغرقنا حب العالم، ولكي لا نحب المخلوق أكثر من الخالق. لقد أعطانا الله الأرضيات لكي نحبه بكل قلوبنا ونفوسنا[1]. لكننا نثير غضبه علينا عندما نحب عطاياه أكثر من حبنا إياه.”[2]
“لأن من يستحي بي وبكلامي في هذا الجيل الفاسق الخاطئ يستحي به ابن البشر متى أتى في مجد أبيه مع الملائكة القديسين.”
إن ابن الله صُلب، وأنا لا أخجل إذا خجل الناس منه. إن إبن الله مات. وهذا ما أُؤمن به، لأنه قد يبدو ذلك للأخرين حماقة كما أنه بالحقيقة قام لأنه هو نفسه الحق. يقول العلامة ترتليانوس[3]
هل يظُنُّ نفسه مسيحياً من يكون خجلاً بمسيحيتهِ، أو من يخاف أن يكون مسيحياً؟ كيف يقدر أن يكون مع المسيح من يخجل أو يخاف من الإنتماء إلى المسيح؟ يذكر القديس كبريانوس[4].
حريٌ بنا أن نفتخر بمسيحيتنا فالرب طوَّب المضطهدين من أجل إسمه، قائلاً إن أجرهم عظيم في السماوات.
فإن كان الرب يسوع قد قبل طبيعتنا واحتمل ضِعتها ليمحنا أن نشاركه بمجده الإلهي، أفليس جديرٌ بنا أن نفرح بمسيحنا، ونفتخر باسمه القدوس؟ ثم إنك إن فعلت هذا فأنت تعيش ملكوت السموات في داخلك منذ هذه اللحظة، ولن تموتَ إذا متَ، لأنك قد متِ قبل أن تموت، فأنت تعيش الملكوت في داخلك وتتطلع لكماله في الآخرة وللمشاركة مع الأبرار والقديسين في المجد الأزلي
آمين.
قدس الأرشمندريت الدكتور أرسانيوس دحدل
 
قديم 20 - 06 - 2016, 07:55 PM   رقم المشاركة : ( 13138 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,381

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

قل لي مَن تُعاشر أقُل لك من أنت


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

“قُلْ لي من تعاشر أَقُلْ لك من أنتَ”. الحديث والإلفة مع شخص مثقَّف يُوصِلان الكثير من المعرفة. الحديث (أي الصلاة) والإلفة مع المسيح يُكْسِبُنا الكثير من صفات السَّيِّد. كذلك، الحديث مع القدِّيس يجلِبُ القداسة. هكذا، “مع البارِّ تكون بارًّا ومع الوديع تكون… وديعًا ومع القويم تكون قويمًا” (مزمور 17: 25-26).
* * *
الآباء القدِّيسون ولدونا في المسيح أي نقلوا إلينا تعالميه في إطار ثقافةِ العصر الذي كانوا يعيشون فيه. لقد جمعوا التَّعليم إلى القداسة، ولذلك سمَّيناهم الآباء القدِّيسين. إن اكتسب الواحدُ فكرَ الآباء وروحيَّتهم، عن طريق مطالعة كتاباتهم، يصل إلى هدفهم الذي هو الخلاص. إن كنتَ واحدً مع رأيهم وروحهم تَخلُص أنتَ أيضًا. كتابات الآباء القدّيسين مكتوبة بوحي من الرُّوح القدس. كلُّها موحَّدَة بالإنجيل. الإنجيل يسمحُ فقط للمتواضع بالدخول إلى أعماقه.
* * *
الآباء هم الَّذين نقلوا ونشروا العقيدة القويمة وتعليمَ الرسل. كانوا معلِّمين بالدَّرجة الأولى، بل، أكثر من ذلك، كانوا شهوداً لديمومة البشارة وأصالتها بنقلهم إيّاها من جيل إلى جيل. الإنسان لا يقدر أن يفهم الإنجيل وكتابات الآباء ما لم يتُبْ، ما لم يغيِّر ذهنُه، تفكيرُه بل حياتَه. التوبة لا تعني فقط الإقرار بالخطايا والندم عليها، بل تعني أيضاً “تغيير الذهن” الذي يبدأ بنُكران الذَّات ويتحقَّق بختم الرُّوح القدس. نعيش اليوم في عصرٍ من الفوضى الفكريَّة. لذا، يبقى هذا “الإيمان الذي سُلِّمَ مرَّة للقدّيسين” (يهوذا) ) يُرْشِدُنا وسط الضباب الفكريِّ على الرغم من أنَّه، في تعابير الكتاب المقدّس أو كتابات الآباء، يظهر لنا قديماً بحسب مقياسنا العالميّ. يقول القدّيس إيريناوس: “ليست الكنيسة متحفًا للودائِع المَيْتَةِ”. لا نستطيع أن نبنيَ عالمًا جديدًا إلاّ ببناء الإنسان الجديد. ويقول الأب فلورفسكي: “إنَّ مؤلّفات الآباء أكثر حداثة لمشاكل عصرنا الحاضر من نِتاج اللاهوتيِّين المعاصِرين”.
* * *
لأجل هذا كلّه، أنشأنا في هذه الأبرشية المحروسة من الله المركز الرعائي للتراث الآبائي الأرثوذكسي الذي نتوّخى منه أن يساهم في تعريف شعبنا المحبّ لله بتراث كنيسته وفكر آبائها لبناء النفوس والإجابة على أسئلة المؤمنين الملَّحة والمعاصرة بروح تسليم الكنيسة لما فيه تألق شهادة كنيستنا وأبنائها في هذا العالم لمجد الله، آمين.
للمطران افرام (كرياكوس)
 
قديم 20 - 06 - 2016, 07:58 PM   رقم المشاركة : ( 13139 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,381

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

أنا الكرمة وأنتم الأغصان

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أمامي أيقونة للسيد يحتضن الإنجيل مفتوحًا، والمسيح طالع من جذع شجرة، وحوله من الجانبين الرسل الاثنا عشر، والإنجيل مفتوح على الصفحة التي عليها: “أنا الكرمة وأنتم الأغصان”. والشجرة كرمة اذ تتدلّى منها عناقيد، والمسيح خمر الوجود. وإن كنت لا تشربها هنا، فأنت شاربها في الآخرة لأن المسيح هو الفرح.
في هذه الأيقونة العناقيد التي تنزل من أغصانها، وان كل عنقود ينتهي بصورة واحدٍ من الاثني عشر، بمعنى اننا نحن الذين نتشبّعه فرح للعالم، وليس من سكر إلاّ هذا.
يبقى المسيح في أيقونتي أعظم وجه وأعظم قامة، ولا تبقى قامات الرسل إلا مزيّنة له. دقّقت في الكتاب المطروح على قامته، وإذ به يستهلّ بقول المخلّص: “أنا الكرمة”. كل كيانك أنت أنك من الكرمة.
الجذع جذعًا ينتهي عنده. التلاميذ أغصان، والأغصان شيء مهم. إنها تأخذنا إلى الجذع فننتهي عنده، ولولاه لما كان نسغ.
تبقى الأيقونة أمامي فيما أكتب. لا أستطيع ان أزيد عليها شيئًا. هي تتكلم. إن كنت قرأت أفلاطون، ترى أن الأيقونة عنده صورة عن الفكرة. وفكرة الأشياء صورتها، وفكرة الأفكار عنده الله، اذ كان يعرف في تنبوئه الفلسفي أن الكلمة كان عند الله وانه كان إلهًا.
لا تزال أيقونة المخلّص على مكتبي. كيف أكتب إن أعدتها إلى مكانها؟ أنت لا تستطيع أن تكتب إلاّ من أيقونة أمامك أو في ذهنك إذا كنت كاتبًا إلهيًا، أي آتيًا من الإلهام العُلويّ. كل شيء بعد هذا تركيب عقل قبل أن يخطفنا الله إليه. أنت تُصوّر فقط ما أُنزل عليك في العشق الإلهي. غير هذا من البشرة. لا تأخذ القلم إلاّ عند إلهام لأنّ الكتابة إلهية. إن عرفت نفسك غير آتٍ من فوق، لا تسوغ لك الكتابة. احذر القلم إن أحسست انك لا تزال من هذه الدنيا. إن لم تكتب كلمة الله لا يعدّك القديسون كاتبًا.
هل أنت تقرأ الإنجيل قراءة أم أنت حاضنه؟ هل أنت ابتلعته أي صرته أم صارك؟ يهم المسيح أولا ان تصير أنت إنجيلا أي مكتوبًا في هذا العالم. هذا يعني أن يصير فكرك من فكره بل أكثر، أي ان يصبح الرب يسوع كل فكرك، واذا كان الفكر هو الكيان ان يصبح المسيح متّحدا بك حتى الوحدة.
المسيح يريد كلا منا أن يصير صورته، والصورة عند أفلاطون تشارك المثال الذي أُخذت عنه. لا أعرف أحدا يطمح ان يصير مثل الله وهذا ما طلبه الله. هو لا يقبلك دونه. لا أعرف لماذا يقبل الإنسان ان يكون دونيا. هو لا يريدك وضيعًا. يقبلك متواضعًا. إن لم تطمح ان تصير مثل المسيح، لا تكون على شيء. هو لا يريدك دونه لأنه يحبك، أي طامعا في أن تصير على قامته.
جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان)
 
قديم 20 - 06 - 2016, 07:59 PM   رقم المشاركة : ( 13140 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,381

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

حماقة الصليب

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
معاني الصليب كثيرة ولكني سأحاول ان أستخلص أهم ما فيها مما كتبه الرسول بولس في رسالته الأولى أهل كورنثوس التي قرأنا مقطعا منها اليوم. الرسول وجد نفسه في اليونان أمام حضارة عظيمة، وواجهه النحت والهندسة المعمارية الخلابة في أثينا، كما واجهته مدرسة فلسفية منتشرة هناك، وفي الساحة العامة آريوس باغوس، تحت تلك الهضبة العظيمة القائمة في قلب المدينة. أخذ علماء الكلام والفصاحة يتحدّون الرسول ولم يقبلوه. توجّه إلى كورنثوس، إلى عمّال المرفأ، وهؤلاء الفقراء المهمَلون قبلوا الإيمان عن يده فأدرك بولس أنه لن يؤمن أحد إن كان متمسكا بعقله كل التمسك، وإن كان عقله لا يخضع لإنجيل المسيح.
كذلك طارده اليهود في كل مجامعهم -وكان يرتاد اجتماعاتهم في آسيا الصغرى واليونان- طاردوه لأنهم احتقروا المصلوب. اليهود يطلبون آيات من السماء، معجزات، وقد درّبهم موسى على العجائب وظنّوا ان الله يتظاهر ويتعاظم عن طريق المعجزات الطبيعية. ظن اليهود ان الله جبّار بطّاش، وظن أفلاطون ان الآلهة جميلة. في أورشليم تعلّق بالقوة، وفي أثينا تعلُّق بالعقل والجمال.
يأتي بولس العامل الحائك الذي لم يقرأ كل الفلسفة اليونانية والذي كان ضعيفًا في الجسد يلازمه المرض كما نستخلص من رسالته إلى أهل غلاطية، يأتي أمام المسكونة ويقول: “ان كلمة الصليب عند الهالكين جهالة”، حماقة، جنون. لأن الناس لا يطلبون إلهًا مصلوبًا. بعض منهم يلتمسون إلهًا مسيطرًا، وما كان الله عليهم بمسيطر. والآخرون يطلبون إلهًا ذكيا جميلا، ولكن الله على خشبة الصليب لم يكن جميلا. بعضٌ يطلبون آية وآخرون يطلبون حكمة، فذلكة عقلية ذهنية، واما نحن المخَلَّصين فالمسيح لنا هو قوة الله وحكمة الله. الله يأتي ويُساكن المساكين، يرفض القسوة، يرفضها الى الأبد، يتحدّى الأقوياء، يتحدّاهم دومًا، يتحدّى المعتزّ بجماله وعلمه ومواهبه. المسيح يُلاشي غرورنا ويُميت أمجادنا الباطلة. ونحن قد عشنا في هذا الشرق منذ أربعة عشر قرنا وأمجادنا في دماء الشهداء، في العبادة، في اللاهوت القوي الذي نعبّر به عن الله.
نحن سمّرْنا أنفسنا على الصليب مرة واحدة إلى الأبد لنقول اننا زهّاد بكل ما يعطي هذا العالم، لنقول بأننا فقراء إلى نعمة ربنا ولسنا فقراء إلى أموال هذا العالم. أي ان كل من اتخذ ديانة الصليب فقد اعتنق الموت. نحن أحياء نُرزق ولكننا في مغامرة موت، أي اننا في كل لحظة نميت شهواتنا حتى نحيا بالرب يسوع فوق الشمس حسبما قال بولس: “حاشا لي أن أفتخر الا بصليب ربنا يسوع المسيح الذي به صُلب العالم لي وأنا صُلبت للعالم” (غلاطية ٦: ١٤).
الصلبان لا تقام في شوارع المدينة مضاءة لنقول اننا في حي وان الآخرين في حي آخر. الصليب لا يفرّق بين الأحياء. الصليب ليس بحدّ ولكنه امتداد. انه قلب الله مفتوحا على العالمين. نحن نغلب، نعم، ولكننا لا نذهب في صليبية من أجل هذه الغلبة. نحن لا نقاتل، لا نذبح أحدا. نحن لا ندافع عن أنفسنا مدافعة شرعية. نحن نغلب. هناك غالب وهناك مغلوب. ولكن الغالب هو المؤمن، والمغلوب هو المؤمن. كيف ذلك؟ المغلوبة هي شهوات المؤمن. أنت وحدك مسرح القتال. مسيحك غالب فيك، وشيطانك فيك مغلوب. نحن طلاب سلام وطلاب فرح وطلاب قيامة، وعبر الصليب نذهب إلى القيامة.
هذه الدنيا زائلة. إن ارتضيتموها كذلك، فأنتم مع المصلوب. ولكن إن أردتم أنفسكم قهّارين للناس، فأنتم مع اليهود لأن إله اليهود قهّار. وإن أردتم أنفسكم حكماء متفذلكين مؤمنين بأذهانكم وترتيباتكم الأرضية، فأنتم مع اليونانيين، مع الأمم الوثنية. ولكن إن رفضتم هذه وتلك، ان كنتم مجانين، إن استطعتم أن تجنّوا، ان تنعموا بنعمة الحماقة السماوية، إن دلّوا بأصابعهم عليكم على أنكم حمقى لا تفهمون شيئا، إن استصغروكم واحتقروكم واستوطوا حيطانكم، عندئذ قد ارتضيتم ان تصبحوا على غرار المعلّم معلّقين على خشبة. ولكن ينبغي ان تفهموا أنكم بهذه الخشبة وحدها وبهذا المصير إلى الموت ظافرون. هذا هو إنجيلكم.
جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان)
 
موضوع مغلق


الانتقال السريع


الساعة الآن 02:48 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024