منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 18 - 06 - 2016, 07:11 PM   رقم المشاركة : ( 13121 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,381

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

المسيح هو سلامنا (أف 2: 14)

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الكلُّ يتوق إلى السَّلام، والكنيسة ترتِّل: “المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السَّلام وفي الناس المسرَّة” (لوقا 2: 14)، وتصلّي: “من أجل سلام كلّ العالم”.
في الوقت نفسه، نرى السَّلام محطَّماً في رعايانا، في عائلاتنا وحتَّى في قلوبنا.
ما هو دورنا كمسيحيين من أجل توطيد السَّلام فينا وفي العالم؟.
السَّلام هبةٌ من الله. يقول الرَّبّ: “سلامي أُعطيكم ليس كما يعطي العالم أُعطيكم أنا” (يوحنا 14: 27).
كلُّ سلام يبدأ تحقيقه في أنفسنا أوَّلاً. يقول القدّيس سيرافيم ساروف: “إِقْتَنِ روحَ السَّلام في داخلك فتخلصَ نفوسٌ عديدة من حولك”.
حضورنا الهادئ السَّلاميّ في وسط مشاكل العالم يساهم في عمل المصالحة. “طوبى لصانعي السَّلام لأنهم أبناءَ الله يُدْعَوْن” (متى 5: 9).
السَّلام مرتبط بالعدالة: “الرحمةُ والحقُّ تلاقيا العدل والسَّلام تلاثما” (مز 84: 10)،
لكنَّه في عالم اليوم مرتبطٌ، أيضًا، بالإنماء، إنماء المناطق الفقيرة.
الفقر يبقى أبشع أنواع العنف. أكثر من ذلك نقول: لا يتوطّد السَّلام العالميّ بدون توطيد السَّلام والتسامح (Tolérance) بين الطوائف والمذاهب والأديان، إحترام حريّة المعتقد لكلِّ إنسان واحترام كلّ إنسان. كلّ هذا يساعد على التعايش السِّلميّ بين الناس.
يقول القديس باسيليوس الكبير (عظته للمزمور 33) “الذي يفتّش عن السَّلام يفتّش عن المسيح لأنه السَّلام”. وفي موضِع آخَر يقول: “لن أُدْعَى عبداً ليسوع المسيح إذا لم أوجد بسلامٍ مع الجميع”، حتَّى مع الذين يفترقون عنّي بآرائهم. والرسول بولس يقول: “وسلام الله الذي يفوق كلّ عقل يحفظ قلوبكم وأفكاركم في المسيح يسوع” (فيلبي 4: 7).
أفرام، مطران طرابلس والكورة وتوابعهما
 
قديم 18 - 06 - 2016, 07:16 PM   رقم المشاركة : ( 13122 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,381

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

جاء يطلب ويخلِّص

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
جاء يطلب ويخلِّص
السكون يغطي المكان، والهدوء يهيمن على كل شيء فيه. رغم أنه بالقرب من أورشليم، لكنه بعيد عن ضجيجها وصخبها وصراعاتها. بِركة صغيرة منعزلة، مياهها راكدة يرقد حولها مرضى كثيرون، عميٌ وعرجٌ وعسمٌ في انتظار أن تهتزّ المياه حين ينزل ملاك ويحرّكها فيشفى من ينزل فيها أولاً.
*
لا أحد يعرف متى، فهذا الملاك ليس له ميعاد ولا وقت للنزول.
اليوم أم غدًا أم بعد الغد؟
نهارًا أو ليلاً؟
صباحًا أم ظهرًا أم مساء؟
لا أحد يعلم لذلك يحيط المرضى بالبركة وأطرافهم تكاد تلمس الماء حتى يسرعوا بالنزول فيها حين تبدو بادرة حركة بها. الكل صامت ساكت ينتظر وهم يكتمون الأنفاس ليسمعوا صوت الملاك حين يجيء. هدوء لا يشوبه إلا أنين خافت أو سعال مكتوم أو حركة جسد على فراش.
فجأة مزّق السكون صوت أقدام تسير على الرمل الخشن. خطوات متتابعة لقادم غريب إلى محيط البركة. لم يحوّل أحد رأسه ليرى من القادم فالكل يركِّز على البركة ومياهها. استمرّ صوت الأقدام فترة ثم توقّفت عند مريض راقد منذ ثمان وثلاثين سنة. كان مغمض العينين مرهف السمع ينتظر. مرات كثيرة جاء الملاك وحرّك الماء وفي كل مرة كان المرضى يتسابقون للنزول وتمّ شفاء أول النازلين. كان دائمًا آخر من ينزل، لكنه ما يزال راقدًا ينتظر الملاك أن يحرك ماء البركة. سقط ظلٌّ على وجهه وأخفى عنه ضوء الشمس مما جعله يفتح عينيه وينظر إلى الغريب الذي كان واقفًا بجواره ويسمعه وهو يسأله:
أتريد أن تبرأ؟
(طبعًا يريد جدًا أن يبرأ. لكن كيف؟)
أجاب:
يا سيد، ليس لي إنسان يلقيني في البركة متى تحرّك الماء. بينما أنا آتٍ ينزل أمامي آخر.
قم! احملْ سريرك وامشِ.
وحالاً قام صحيحًا وحمل سريره ومشى.
هكذا جاء يسوع إلى الرجل الذي انتظر ثمان وثلاثين سنة وخلصه وشفاه.
(إنجيل يوحنا 5)
*
وجاء إلى أريحا، وكان يسير بين الجماهير التي كانت ملتفّة حوله وتتدافع من كل جهة، حتى وصل إلى شجرة جمّيز على الطريق، فوقف تحتها ورفع نظره إلى أعلى، ووجد زكا جالسًا على فرع منها مختبئًا بين الأغصان. كان زكا عشارًا يعمل تحت سيادة الحاكم الروماني الذي كفل له القوة والحماية والسلطة لجمع الأموال من الشعب، ويستولي على جزء منها كما يشاء. وكلما ازداد ثراء زاد قوة وغطرسة وطمعًا.
كرهه الجميع، ونفروا منه، وابتعدوا عنه، فهو رمز لاستبداد الاحتلال الروماني وطغيانه. كان قصير القامة، ممتلئ الجسد، يلبس ملابس غالية مزركشة لا تتناسب وتسلّقه شجرة جمّيز، ويختبئ بين أغصانها. وقف يسوع عند أسفل الشجرة وناداه وسط دهشة الجميع:
يا زكا، أسرع وانزل لأنه ينبغي أن أمكث اليوم في بيتك.
توجّهت الأنظار إلى زكا وهو يبذل جهدًا في محاولته النزول. لم يتقدّم أحد لمساعدته. هم لا يقتربون منه ولا يفهمون اهتمام يسوع به ودعوةُ نفسِه للذهاب إلى بيت زكا والمكوث فيه.
يسوع ذهب إليه واقتحم حياته وغيّرها، جعله يعطي بدلًا من أن يأخذ، ويردّ المسلوب ويتطهَّر ويقول:
ها أنا يا رب أعطي نصف أموالي للمساكين، وإن كنت قد وشيت بأحد أردّ أربعة أضعاف.
يسوع استردّ مملكته المغتصبة وأعلن:
«الْيَوْمَ حَصَلَ خَلاَصٌ لِهذَا الْبَيْتِ، إِذْ هُوَ أَيْضًا ابْنُ إِبْرَاهِيمَ،
لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ قَدْ جَاءَ لِكَيْ يَطْلُبَ وَيُخَلِّصَ مَا قَدْ هَلَكَ».

(إنجيل لوقا 19)
*
دخل يسوع إحدى المدن، وكالعادة تزاحم الناس حوله ليسمعوه ويشاهدوا أعماله الخارقة. كانوا يتدافعون ويضغطون عليه من كل جانب حتى أعاقوا حركته. فجأة توقّف التدافع وقلّ الضغط، ثم أخذ الزحام يتخلخل وتلاحم الأجساد ينفكّ، والمتزاحمون يتراجعون للخلف في بطء ثم بسرعة. تلفّت يسوع يبحث عن سبب ما يحدث. رجل أبرص دخل الساحة. مظهره أفزع الناس فبدأوا يتباعدون عنه ويهربون منه. البرص مرض مخيف يصعب الشفاء منه. مثله مثل الأمراض المفزعة التي انتشرت في العالم، الإيدز وزيكا وغيرها من الأمراض الفتاكة. فحين يهاجم البرص إنسانًا يشوّهه ويقتل فيه القدرة على الشعور بالألم. تموت أطرافه وتسقط دون أن يحسّ بها. تتغيّر ملامح المريض وتفقد شكلها ويصبح مسخًا قبيحًا مخيفًا. يهرب الناس من الوجود مع الأبرص والاختلاط به، فالمرض معدٍ وفتّاك وقاتل. يغطّي الأبرص نفسه بأسمال بالية قذرة ويُطرد من بيته ومجتمعه ولا يدنو منه أحد حتى زوجته وأولاده. ويصرخ بصوت عالٍ إذا اقترب منه أحد:
نجس... نجس... نجس!
لما رأى يسوع الأبرص والجميع يهربون منه والدائرة حوله تتسع وتخلو، تقدم نحوه فأسرع الرجل وخرّ على وجهه جاثيًا وقال بصوت مملوء ألمًا ومرارة متوسّلاً:
إن أردت تقدر أن تطهرني.
تحنن يسوع واقترب من الرجل أكثر ومدّ يده ولمسه قائلاً:
«أُرِيدُ، فَاطْهُرْ!».
وحالاً ذهب عنه البرص وأرسله إلى الكاهن ليعلن تطهيره.
لم تمنع النجاسة والقبح والرائحة النتنة الكريهة من أن يتقدّم من الرجل ويلمسه بحنان ويشفيه.
(متى 8 ،،مرقس 1 ،،لوقا 5)
*
مرة أخرى وفي نايين رأى يسوع موكب جنازة في مقدمتها أرملة تسير خلف نعش وحيدها الميت. تقدم ومدّ يده ولمس النعش. الموت بكل إجراءاته نجاسة عند الشعب اليهودي فلا يقتربون من الميت لئلا يتنجسوا.

ثُمَّ تَقَدَّمَ وَلَمَسَ النَّعْشَ، فَوَقَفَ الْحَامِلُونَ. فَقَالَ:
«أَيُّهَا الشَّابُّ، لَكَ أَقُولُ: قُمْ!».
فَجَلَسَ الْمَيْتُ وَابْتَدَأَ يَتَكَلَّمُ، فَدَفَعَهُ إِلَى أُمِّهِ.

(لوقا 7)
*
يسوع كرّس حياته، حين كان على الأرض، لاحتياجات المرضى والخطاة والفقراء والمنبوذين. كان يذهب إليهم ويلمسهم ويشفيهم ويخلصهم.
"رُوحُ السَّيِّدِ الرَّبِّ عَلَيَّ، لأَنَّ الرَّبَّ مَسَحَنِي لأُبَشِّرَ الْمَسَاكِينَ، أَرْسَلَنِي لأَعْصِبَ مُنْكَسِرِي الْقَلْبِ، لأُنَادِيَ لِلْمَسْبِيِّينَ بِالْعِتْقِ، وَلِلْمَأْسُورِينَ بِالإِطْلاَقِ."
(إشعياء 1:61)
* * *
يارب أشكرك أحبك كثيراً...
بركة الرب لكل قارئ .. آمين .
وكل يوم وأنت في ملء بركة إنجيل المسيح... آمين

يسوع يحبك ...
 
قديم 18 - 06 - 2016, 07:17 PM   رقم المشاركة : ( 13123 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,381

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الصليب في رؤيا المسيح

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الصليب في رؤيا المسيح
* * *
متى ابتدأ المسيح في حمل الصليب؟
وما هو المنظور الإلهي لفكرة الكفارة؟
وما هي الدواعي التي استأثرت باهتمام الله ليقوم بأعظم عملية إنقاذ في تاريخ الجنس البشري؟
بل أكثر من هذا:
ما الذي دعا المسيح ليتحمّل مسؤولية فداء هذا المخلوق المتمرّد على وصايا الله ونواهيه؟
*
إنني في هذه الدراسة القصيرة لا أسعى لأقدّم بحثًا تاريخيًا عن صحة صلب المسيح وقيامته أو أن أعرض للوثائق التاريخية التي توافرت لنا في السجلات الرسمية في زمن الدولة الرومانية أو في مؤلفات مؤرخي اليونان واليهود، وما ورد عن الصلب في كتابات آباء الكنيسة الأولى أو بعض المصادر الإسلامية، إذ يمكن الرجوع إليها في مظانِّها ولا سيما ما ورد في الدراسة القيمة التي نشرها مؤلفها فارس القيرواني باللغتين العربية والإنكليزية تحت عنوان:
هل صُلب المسيح حقًا؟
ولكنني أستهدف في هذا المقال أن أرجع القهقرى إلى بداية البدايات حتى قبل خلق الله للإنسان، وذلك على ثلاثة أسس نبّر عليها الكتاب المقدس، وهي أسس رئيسة تختصّ بجوهر الله وصفاته الأزلية، ومن ثم أستطرد في شرح هذا المنظور الإلهي الذي اشترك فيه الثالوث الأقدس في وحدانيته، أي في المشاركة العملية للآب والابن والروح القدس.
*
-1-
مبدأ العلم الإلهي الكلّي
والمبدأ الأول الذي أبغي أن أُشير إليه هو مبدأ العلم الإلهي الكلّي. فكما أن الله أزليّ فعلمه أزليّ أيضًا، أي أن الله، حتى من قبل أن يبدأ بعملية الخلق التي دوّنها لنا سفر التكوين، كان عالمًا بأن الإنسان الذي جبله من تراب الأرض سيرتكب خطيئة العصيان، ويتنكّر لنواهيه، وبذلك سيحقّ عليه عقاب الموت.
ولكن، قد يقول سائل:
إن كان الله كلّي العلم وعارفًا بتمرّد الإنسان وعصيانه وأن أحداث الماضي والحاضر والمستقبل كلها مكشوفة لديه، فلماذا خلق الإنسان في الدرجة الأولى؟
بل ما الجدوى من وجوده الذي أفضى إلى كل ما أصاب البشرية من ويلات وأهوال، بل كلّف الله ثمنًا باهظًا هو سفك دم ابنه الحبيب على خشبة اللعنة كما دعاها الكتاب المقدس؟
ألم يكن الله في غنىً عن هذه المشكلات التي تركت آثارها على السماء والأرض على حدٍّ سواء؟
قد يتعذّر على المرء أن يدرك مرامي الخطة الإلهية بجميع تفاصيلها، غير أن الكتاب المقدس الموحى به بإرشاد روح الله القدوس يُلقي أضواءً كافية، وإن لم تكن كاملة على هذه الدراما الإلهية الإنسانية، بقدر ما تستطيع عقولنا، نحن المخلوقين، أن تستوعبها، أو تتبيّن بعض مقاصدها.
وهنا لا بدّ أن نطرح سؤالاً جوهريًا:
هل كانت هناك ضرورة لخلق الإنسان على الرغم مما يسفر عنه وجوده من النتائج المرتّبة الوخيمة؟
والجواب على ذلك:
نعم. لأن قبل خلق الإنسان كان الله الأزلي الكينونة خفيٌّ في طيّ الزمن، غير معروف، ومجهول الصفات، بل إن عالم الألوهة بكليته لم يكن له أي حضور ملموس في الوجود الإنساني، فالله في ثالوث وحدانيته كان مجهولاً ولا يستطيع أن يراه أحد. ويؤكد الكتاب المقدس على هذه الحقيقة، غير أن من طبيعة الله الخلق والإبداع، فأراد أن يعبّر عن ذاته إذ أن الله ليس كائنًا متحجرًا، بل هو الحياة ذاتها، والحياة لا بُدّ أن تكون فاعلة وخالقة. وفي عملية الخلق أعرب الله خالق السماوات والأرض عن صفاته الجوهرية وإن كلفه ذلك بذل ابنه لخلاص خليقته التي أصبحت مستعبدة للخطيئة.
أجل، إن الله كلّي المعرفة لأنه خارج محدودية الزمان والمكان، لهذا كان مطلعًا على أحداث المستقبل.
*
-2-
مبدأ الله محبة
ولكن العلم الكلّي هذا ليس هو الصفة الجوهرية الوحيدة التي كشف لنا الله فيها عن ذاته. فهو أيضًا محبة كما يؤكد لنا الكتاب المقدس، وهذا هو المبدأ الثاني. هو كلّي المحبة فضلاً عن الرحمة والرأفة.
(والواقع إن صفات الله لا تُعدّ ولا تُحصى).
ومن غير خلق الإنسان، على الرغم من نقائصه ومعائبه وآثامه، كيف كان في وسع هذا الإله الأوحد، أن يجسّد ذات جوهر محبته ليكون ظاهرًا فيها خارج عالم الورائيات أو دنيا الغيبيات؟ فكل ما يجري في عالم الورائيات هو مجهول قبل خلق الإنسان. ولكن، عندما شاءت الإرادة الإلهية أن تعبّر عن ذاتها وأن تكشف عن وجودها بصورة مرئية، وفي الوقت المعيّن، أعلنها في إبداعه السماوات والأرض وعلى رأسها تاج خليقته الإنسان. وهكذا أصبحت ظاهرة في المعاملات الروحية والتاريخية والاجتماعية في حياة البشر.
*
ولكن كان لعملية خلق الإنسان مضاعفات مأساوية من ناحية ومدهشة ورائعة من ناحية أخرى. وهي لم تكن غائبة قط عن المنظور الإلهي لارتباطها جوهريًا بالخطة الإلهية لخلاص الإنسان. ولكنها في حدّ ذاتها أماطت اللثام عن تلك الصفات الخفية التي كانت مطوية في سرّ الأزل. لم تكن محبة الله التي تفوق كل فهم خافية في عالم الملكوت الأزلي، فقد أحب الله ابنه الوحيد، كما عبّر عنه الكتاب المقدس في أكثر من موضع كقوله:
"هذَا هُوَ ابْني الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ،"
و " لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، ..."

فالله الذي هو محبة لم يحجب حبه لابنه في عالم الملكوت الإلهي بسجف غير قابلة للاختراق، بل كان ذلك الحب بخورًا ذكيًا متضوّعًا في أرجاء ذلك العالم الأزلي. فالمحبة الإلهية هذه لم تُخلق لأنها كبقية الصفات، بل جواهر الله، أزلية مثله بل سرمدية. لهذا، كانت خاضعة لحتميّة التعبير عن وجودها. وعندما جاء ملء الزمان، أي المسيح، ذاك الذي كان في حضن الآب، أعلن لنا بصورة صارخة تلك المحبة التي لم يكن في وسعنا أن ندركها أو نلمسها على الأقلّ، لو لم نخلق، أو لو لم يتجسّد المسيح. لهذا عندما قال المسيح لفيلبّس:
"اَلَّذِي رَآنِي فَقَدْ رَأَى الآبَ،"
فإنه كان يشير إلى الوحدانية الإلهية التي كانت كلية العلم والمحبّة.
*
-3-
مبدأ الطاعة وحرّية الاختيار
أما المبدأ الثالث فهو مبدأ الطاعة وحرّية الاختيار. فمن حيث أن المسيح في أزليته كلّي العلم وكلّي المحبة، فقد كان عارفًا في وحدانيته مع الآب والروح القدس أن عملية خلق الإنسان ستتولّد عنها مشكلة الخطيئة. فمنذ البدء خلق الله الإنسان على صورته؛ وفي مكان آخر ورد النص التالي:
وَقَالَ اللهُ:
"نَعْمَلُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِنَا كَشَبَهِنَا، "

(تكوين 26:1)
ونستخلص من فحوى نواهي الله ووصاياه لآدم وحواء أن الله قد أعطى لهما حرية الاختيار بين الطاعة والعصيان، وأن لكل اختيار نتائجه ومسؤولياته. فهذا المبدأ في حرية الاختيار كان مرتبطًا بكل أعمال الله وتصرفاته وعلاقته مع الإنسان منذ عصور الخلق. لهذا، فإن المسيح، الابن الأزلي والأقنوم الثاني من الثالوث الأقدس، المطّلع على كل شيء، رأى "حادثة" سقوط الإنسان في خطيئة العصيان وما سينجم عنها من نكبات، من قبل أن تبدأ الإرادة الإلهية في عملية الخلق، وكان عالمًا أيضًا بالمسؤولية التي سيتحمّلها في خطة الخلاص المعدّة تطوّعًا واختيارًا ومحبّة، لتنفيذها حين يكتمل زمان إنجازها. ولدينا على ذلك أدلة كثيرة في الكتاب المقدس في الرموز الكفارية التي أوصى الرب الإله نبيّه موسى أن يفرضها على الشعب. ولكن المتأمل في الكتاب المقدس يعثر على العديد من هذه الرموز قبل إعلان الشريعة للشعب. فمثلاً، بعد ارتكاب آدم خطيئة العصيان أقدم الله على ذبح حيوان صنع من جلده إزارين لآدم وحواء، فكانت هذه أول ذبيحة كفارية، وبعد ذلك نقرأ عن تقدمة هابيل من خيرة حملانه ذبيحة للرب؛ ونجد في فلك نوح الذي أشار إليه العهد الجديد رمزًا لكفارة المسيح عن خطايا المؤمنين به. والصورة الأروع التي نقرأ عنها هي قصة إبراهيم وابنه إسحاق، وفيها نزولاً عند أمر الله، أزمع إبراهيم أن يقدّم ابنه ذبيحة لله، فافتداه الله بكبش عظيم. فهذه جميعها لم تكن سوى رموز تشير إلى الذبيحة الأبدية العظمى، ذبيحة الابن الحبيب الذي أطاع حتى الموت موت الصليب.
والواقع، إن التاريخ الإلهي المعروف والمجهول كان يدور حول الصليب، والمسيح لعلمه المسبق بما سيصيب الإنسان المخلوق من ويلات وأهوال، تحمّل طوعًا واختيارًا أن يكون الحمل الأبدي الذبيح، ليفتدي الإنسان الخاطئ من الدينونة الأبدية التي يستحقّها.
وخلاصة القول، وجوابًا عن متى ابتدأ المسيح في حمل الصليب؟
هو منذ الأزل، وما كان تجسده وصلبه سوى التحقيق الظاهري المادي لتلك الخطة الإلهية التي وجدت من قبل تأسيس العالم.
* * *
يارب أشكرك أحبك كثيراً...
بركة الرب لكل قارئ .. آمين .
وكل يوم وأنت في ملء بركة إنجيل المسيح... آمين

يسوع يحبك ...
 
قديم 20 - 06 - 2016, 01:56 PM   رقم المشاركة : ( 13124 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,381

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

اقلاديوس لبيب احد علماء اللغة القبطية
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ولد في قرية مير بأسيوط في يوم 6 يناير 1868، وفي طفولته اهتم بتعلم اللغة القبطية، ثم نزح إلي القاهرة والتحق بمدرسة الأقباط الكبري، وفيها تعلم اللغتين الإنجليزية والفرنسية حتي أجادهما تماما . كما اتصل بعلماء الآثار الفرنسيين وتعلم منهم الهيروغليفية.
_______________
ونظرا لإجادته أربع لغات وبالذات اللغة القبطية عين مفتشا للآثار القبطية ببولاق، ولقد تزوج بفتاة قبطية اسمها "وردة " اهتم بتعلميها اللغة القبطية، ولقد أنجب أقلاديوس لبيب ولدين وخمس بنات، أهتم بتسميتهم جميعا بأسماء فرعونية وهم «باهور وشنوتي» أما البنات فهن» توتو، نفرتاري، تسامون؛ موني، هانوف»
______________
ولقد ألف أقلاديوس حوالي 25 كتابا في اللغة القبطية، كما اهتم بعمل قاموس قبطي - عربي قام بطبع خمسة أجزاء منه، وقد وافته المنية قبل أن ينهي هذا المشروع الجبار . كما اهتم بجمع الكلمات والعبارات العامية التي لها أصل فرعوني أو قبطي، فكان يطوف البلاد مستمعا للأغاني الشعبية والمواويل وعازفي الكمان ومرددي الأغاني الشعبية مجزلا لهم العطاء ليرددوا علي مسامعه أغانيهم الشعبية الجميلة.
______________
ولقد أنعم عليه الخديوي عباس حلمي الثاني بلقب البكوية وكان ذلك عام 1903.
وقصة هذه البكوية أنه عندما سافر البابا كيرلس الخامس إلي أسوان لحضور احتفالات إنشاء خزان أسوان وكان برفقته اقلاديوس لبيب باعتباره مدرس اللغة القبطية بالكلية الاكليركية. وحدث أن البابا والخديوي كانا أمام حجر أثري عليه كتابات فرعونية فقام اقلاديوس لبيب بشرحها وترجمتها للبابا والخديوي، وعند الرجوع إلي القاهرة طلب الخديوي عباس حلمي الثاني من البابا كيرلس الخامس ترشيح اقلاديوس لبيب لرتبة البكوية حيث إنه كان جديرا بها، وبالفعل تمت الموافقة وأنعم عليه باللقب.
___________
ولقد توفي اقلاديوس لبيب فجأة في يوم الخميس الموافق 9 مايو 1918 عن عمر يناهز حوالي الخمسين عاما، ولقد نعاه علماء الآثار المصرية والقبطية في العالم كله.
 
قديم 20 - 06 - 2016, 02:41 PM   رقم المشاركة : ( 13125 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,381

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

اشكر وابتسم وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

اشكر وابتسم
من أجل حنان الله ورحمته لنا

" الرَّبُّ حَنَّانٌ وَصِدِّيقٌ، وَإِلهُنَا رَحِيمٌ. " (مز 116: 5)
الله يسمع صوت تضرعاتي وتضرعاتك
ويميل أذنه أليك وإليّ كأب يحنو على ابناءه
الله رحوم وحنان فهو يحنو علينا رغم خطايانا
يحبنا ولكنّه لا يحب خطايانا
وفى أشتياق ان نتوب عنها

أشكرك يا الهى لأنك حَنَّانٌ وَصِدِّيقٌ ورَحِيمٌ
ابرام تاوضروس
20 يوينو 2016

 
قديم 20 - 06 - 2016, 02:46 PM   رقم المشاركة : ( 13126 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,381

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

صوم الرسل هذا العام 22 يوماً وهذه طريقة حساب أيام صوم الرسل
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
نحدد اليوم الذي فيه عيد القيامة وكم يوما مضى من الشهر.
أ- فإذا كان العيد في برمهات نأخذ باقي برمهات ونضيف إليه 45 يومًا فيكون المجموع هو عدد أيام صوم الرسل.
ت‌- وإذا كان العيد في برمودة نأخذ باقي برمودة ونضيف إليه 15 يومًا فيكون المجموع عدد أيام صوم الرسل.
مثال:
عيد القيامة هذا العام جاء في يوم 23 برمودة
فيكون الباقي من الشهر 7 يوماً
نجمع 7 + 15 = 22 يومًا
إذن صوم الرسل هذا العام مدته يكون 22 يومًا.




 
قديم 20 - 06 - 2016, 02:50 PM   رقم المشاركة : ( 13127 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,381

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

صوم الرسل
البابا شنوده الثالث




لا يستهن أحد بصوم آبائنا الرسل، فهو أقدم صوم عرفته الكنيسة المسيحية في كل أجيالها وأشار إليه السيد بقوله "ولكن حينما يرفع عنهم العريس فحينئذ يصومون"..

وصام الآباء الرسل، كبداية لخدمتهم. فالرب نفسه بدأ خدمته بالصوم، أربعين يومًا على الجبل.

صوم الرسل إذن، هو صوم خاص بالخدمة والكنيسة.

قيل عن معلمنا بطرس الرسول إنه صام إلى أن " جاع كثيرًا واشتهى أن يأكل" (أع 10: 10). وفي جوعه رأى السماء مفتوحة، ورأى رؤيا عن قبول الأمم.

وكما كان صومهم مصحوبًا بالرؤى والتوجيه الإلهي، كان مصحوبًا أيضًا بعمل الروح القدس وحلوله. ويقول الكتاب: "وبينما هم يخدمون الرب ويصومون، قال الروح القدس أفرزوا لي برنابا وشاول للعمل الذي دعوتها إليه. فصاموا حينئذ وصلوا، ووضعوا عليهما الأيادي، ثم أطلقوهم. فهذان إذ أرسلا من الروح القدس، انحدرا إلى سلوكية" (أع 13: 2 - 4).

أمور هامة، تميز بها صوم آبائنا الرسل، منها: الصوم، والصلاة، والخدمة، وعمل الروح القدس.

ويسرنا أن يعمل الروح القدس خلال الصوم وأن تأتى الدعوة الإلهية خلال الصوم وأن تتم سيامة الخدام أثناء الصوم أيضًا.. وأن يبدأ الخدام بالصوم، قبل البدء بالخدمة..

هناك أصوام خاصة بالتوبة، مثل صوم أهل نينوى، ومثل أصوام التذلل التي تكلم عنها سفر يوئيل. وأصوام لإخراج الشياطين، كما قال الرب إن هذا الجنس لا يخرج بشيء إلا بالصلاة والصوم . وأصوام نصومها قبل كل نعمة نتلقاها من الرب، كالأصوام التي تسبق الأسرار المقدسة كالمعمودية والميرون والتناول والكهنوت.

أما صوم الرسل فهو من أجل الخدمة والكنيسة، على الأقل لكي نتعلم لزوم الصوم للخدمة، ونفعه لها.

نصوم لكي يتدخل الله في الخدمة ويعينها. ونصوم لكي نخدم ونحن في حالة روحية. ونصوم شاعرين بضعفنا..

كم اشتهينا مجيء هذا الصوم، خلال الخمسين المقدسة.
 
قديم 20 - 06 - 2016, 03:41 PM   رقم المشاركة : ( 13128 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,381

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

خرجوا من العليَّة أقوياء
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
خرجوا من العليَّة أقوياء.
كانوا بسطاء فأصبحوا علماء.
كانوا خائفين فأصبحوا بالروح لا يهابون.
إن الخمرة التي نزفت من جروح المصلوب
على الجلجثة هي التي كانوا يشربون ..
هذه الخمرة الجديدة هي التي غيَّرتهم،
وهي التي علَّمتهم،
وهي التي نَفخت فيهم روح الإيمان وشجعتهم..!!
" مار يعقوب السروجي "
 
قديم 20 - 06 - 2016, 07:25 PM   رقم المشاركة : ( 13129 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,381

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الروح القدس

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
صعب الكلام على الروح القدّس، لأنه ليس ذا وجه منظور كوجه المسيح.
في البدء كانت الخليقة خربة خالية، وكان روح الله يرفّ على وجه المياه، فانتقلت به السماء والأرض من الفوضى إلى شيء منظّم. ثم كان الأنبياء، فكان الله ينتقي من بني اسرائيل قومًا يفرزهم لنفسه ويقدّسهم بكلمته، ويجعل فيهم نفحات من روحه، حتى جاء الكلمة الإلهي ومات وقام. قرأنا في إنجيل اليوم «ان الروح القدس لم يكن أُعطي بعد لأن يسوع لم يكن قد مُجّد بعد». أي لمّا بلغ الحب الإلهي أقصاه بالموت، انطلق الروح الإلهي إلى العالم.
في هذا العيد، في اليوم الخمسين من بعد الفصح، لما أرسل الله روحه بشكل ألسنة ناريّة على كل واحد من التلاميذ، دخلنا في اللهب الإلهيّ حيث الكلمة محيية، حيث تصير المياه نارًا تضيء في المعمودية، أي ان الروح يصبح حياة شخصية لكل منا بحيث يصبح الإله الذي يقود الكون، إلهًا شخصيًّا لي أنا. الروح القدّس هو ذلك الأقنوم، ذلك الوجه الذي يجعل كلام الإنجيل ذا نسمة، كلامًا مُحرّكًا، كلامًا مُحييًا. به لا يبقى المسيح مخلّص العالم فقط، ولكنه يصبح مخلصي أنا أيضًـا.
هذا الانتقال من الإله الكوني الذي يقول به الفلاسفة إلى إله يواجهني وأواجهه، إله يحرّك قلبي فيصبح مقرًّا لله، هذا هو عمل الروح القدّس.
كل منا بحاجة، اليوم وغدًا، إلى ان يصبح المسيحُ مسيحَهُ ورب العالم ربَّه. كل منا بحاجة إلى ان يبطل اعتقاده في إله يسكن السماء حصرًا. الله لا يسكن السماء وحدها. هذا قلناه مرارًا. الله يسكن قلوب الناس، ولكن الناس يبعدونه إلى السماوات لكي لا تبقى لهم علاقة به. لأنه اذا كان الله في السماء، يبقى الإنسان حرًّا على الأرض، ويتصرّف حسب شهواته. هذا هو السبب الذي جعل المفكرين يقولون ان الله في السماء أن تبقى الأرض لهم وحدهم. ولكن ان كانت السماء غير موجودة حسّيًا -وهي غير موجودة- وإن كان القلب وحده هو السماء، فلكل إنسان حظ بأن يغدو إلهيًا يحرّكه الله.
ثم الأرض ملك الله وهي ملك للإنسان ان كان من الله. والأرض تُستَباح، والإنسان يمرض ويخطئ. ليس هو -أي الإنسان- إلهًا، لكنه مرشح للألوهة. أنت لستَ وحدك إلهًا، لكنّك إله مع الكل. وإن كنت لا تحبّ الكلّ أو الكلّ لا يحبونك، لا يمكن ان يضمد جرحك. أنت يجب ان تضمد جراحات الناس.
من أجل ذلك الروح القدس هو «المعزّي» لأنه روح الإنصاف، روح الرجاء، لأنه يبلسم جراحنا حتى يعود الكل إلى الآب. الروح القدّس ليس معزيًا بمعنى انه يعوّض عن الناس وعن وجوه الناس، ولكنه هو الذي يعيد وجوه الناس صحيحة، هو الذي يجعل وجوه الناس جميلة، هو الذي يجعل بهاء الله يرتسم على وجه كل إنسان لأنه ختم بمسحة من القدوس.
خذوا اليوم نعمة الروح القدس.
جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان)
 
قديم 20 - 06 - 2016, 07:26 PM   رقم المشاركة : ( 13130 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,381

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

حلول الروح القدس

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
اليوم المذكور هنا هو يوم الخمسين بعد الفصح اليهودي. كان الرسل مجتمعين في عليّة صهيون غالبًا، تلك التي تناول فيها السيّد العشاء الأخير مع تلاميذه وأسس فيها سرّ الشكر (“خذوا كلوا هذا هو جسدي”). وغالبًا كان معهم المسيحيون الآخرون مع النساء حاملات الطيب.
العنصرة التي يصفها الكتاب كانت صورتها “ألسنة منقسمة كأنها من نار استقرّت على كل واحد”. كل من التلاميذ تقبّل الروح القدس. نزول الروح هو على كل الكنيسة ولكنّه أيضًا “على كل واحد” كما يقول سفر الأعمال. وهذه العنصرة ذاتها تكررت في ما بعد اذ يتلقى كل مسيحيّ بعد معموديته الروح القدس في سرّ الميرون المقدّس.
امتلأوا كلهم من الروح القدس بمعنى ان الروح نزل على الكنيسة كلها وعلى كل واحد. في القداس ينزل على الكنيسة كلها. في المعمودية مع سر الميرون يأخذه كل معمّد.
عند نزول الروح القدس أخذوا يتكلّمون بلغات أخرى ذكرها بعد أسطر قليلة سفر الأعمال. هل عنى سفر الأعمال أنهم نطقوا بألسنة غير الآرامية التي كان ينطق بها يهود فلسطين أَم أراد أن السامعين صاروا يفهمون هذا الكلام الغريب؟ التفسيران واردان. “كل واحد كان يسمعهم ينطقون بلغته” يمكن ان تعني انهم تطقوا بألسنة أخرى ويفهمها الجميع او أن كل واحد سمع لغته التي وُلد عليها.
سفْـُر الأعمـال يُعدّد البلـدان التي هاجـر اليها اليهود الذين جـاؤوا الى اورشليم للعيـد وتعلّمـوا لغـة البلد الذي قطنوه. وهنا يذكُر فصل الأعمال بلدانا مختلفة من الشرق والغرب وشمالي افريقيا. العرب الذين يذكُرهم بين هؤلاء الأقوام كانوا عرب حوران، وليس ما يدلّ على أنّه في ذلك الزّمن الغابر كان اليهود يسكنون الحجاز على أيّة حال. غالبًا أتى اليهود الى الجزيرة العربية نتيجة دمار اورشليم السنة السبعين. هاجر قسم من اهل اورشليم الى الحجاز كما هاجر آخرون الى مناطق اخرى.
يذكر الكتـاب شعـوبا كثيـرة كان منها مَن حَجّ الى فلسطين للفصح. هؤلاء نُسمّيهم أهل الشتات كانوا منتشرين في العالم المتمدّن آنذاك اي في الامبراطوريّـة الرومانيـّة. هـؤلاء عرفهـم بولس الرسـول في جولاته الثـلاث. يذكُرهم سفر الأعمال باسم البلدان التي هاجروا اليها. هؤلاء شهدوا على أنّ الرسل والمسيحيين الأوائل، بعد أن حـلّ عليهم الروح القدس، أخـذوا ينطـقـون بلغـات اليهـود الذين كـانـوا قد تجمّعوا للعيد في أورشليم.
هذه العنصرة إياها مستمرة في الكنيسة بما يسمّيهم العهد الجديد مواهب الروح القدس في الكنيسة الأولى. وتشترك فيها اليوم، الى هؤلاء، كل الجماعات التي تُقيم القداس الإلهي وينزل عليها الروح في الاستحالة. كما يشارك فيها من خصّه الروح بمواهب خاصة معطاة الى هذا او ذاك لمنفعة الكنيسة كلها.
جاورجيوس، مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان)
 
موضوع مغلق


الانتقال السريع


الساعة الآن 03:45 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024