17 - 06 - 2016, 08:09 PM | رقم المشاركة : ( 13111 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
المفتاح الصغير تقابل خادم مع رجل مختبر وممتلئ من الروح القدس فقال لاحظت شيئاً غريباً فيه، لم أكن حاصلا عليه، الأمر الذي كان له منبعاً للراحة والقوة والفرح الدائم. ولم أنس منظراً رأيته في الساعة 7 صباحاً. بينما كان نور النهار يتسرب إلى غرفة نومه. رأيت الكتاب المقدس مفتوحاً أمامه وهو يقرأه على ضوء شمعة. وبعدما تناول الفطور، مشينا معا وتحدثنا على هذا النحو. قلت له "لقد لاحظت أنك استيقظت مبكراً اليوم" قال "نعم إني قد استيقظت في الساعة الرابعة. لأن سيدي المسيح يعرف عندما أنام كفاية أن يوقظني ليكون لي شرف الشركة معه" سألت "وماذا كنت تعمل؟" أجاب "تعرف أن المسيح قال إن أحبني أحد يحفظ كلامي" وأنا أطالع الكتاب كل صباح حتى أرى كم أنا أحفظ من وصاياه وكم مقدار محبتي له" سألته "وهل صرفت كل هذا الوقت من الرابعة إلى ما بعد السابعة صباحاً في مطالعة الكتاب؟" قال "نعم صرفتها في مطالعة الكتاب والصلاة" سألته "وكيف أكون نظيرك؟" أجاب "هل فتحت قلبك للمسيح لكي يملأك من شخصه؟" قلت "نعم إني فتحت قلبي له بطريقة عامة. ولست أظن أنى فعلت هذا بطريقة خاصة" قال "عليك أن تفعل هذا بكيفية خاصة". وفي مخدعي ركعت على ركبتي في تلك الليلة. وافتكرت أنى أقدر أن أسلم نفسي للمسيح بسهولة. أعطيته حلقة حديدية مملوءة مفاتيح، حلقة مفاتيح إرادتي مع كل مفاتيح حياتي، بعد أن انتزعت منها مفتاحاً واحداً صغيراً وضعته في جيبي، فسألني الرب "هل هذه كل المفاتيح؟" أجبت "نعم يارب قد أعطيتك الكل إلا مفتاحاً واحداً صغيراً، وهو مفتاح غرفة صغيرة في قلبي يجب أن أكون أنا المسيطر عليها" قال الرب "إذا كنت لا تأتمني على الكل فأنت لا تأتمني بالمرة." وحاولت أن أنتحل لنفسي أعذاراً وأقدم شروطاً للرب. قلت "يا سيدي الرب إني نستعد أن أكرس لك كل شئ آخر. فقط أنا لا أقدر أن أعيش بدون محتويات هذه الغرفة" في ذلك الوقت كنت كمن يعرج بين الفرقتين. فلو أنني امتنعت عن تسليم مفتاح تلك الغرفة ما كان باركني الرب أو بارك خدماتي. أراد أن يتركني، إلا أني بادرت ودعوته وقلت "يارب أنا لست راضياً لكني أريد أن تجعلني راضياً" تقدم إليَّ واقترب منى ثم تناول المفتاح الصغير من يدي، وذهب توا إلى الغرفة المحبوبة وفتحها. عرفت ما سيحدث هناك كما عرف هو أيضاً. وفي الحال نظف تلك الغرفة نظافة تامة، ولم يتركها فارغة، بل ملأها بشيء آخر أفضل. عندئذ أدركت مقدار غباوتي وجهلي. إنه أراد أن يزيل الجواهر المزيفة، ليعطيني بدلاً عنها جواهر حقيقية وثمينة. لقد نقاها مما أتلف حياتي، وعوض ذلك أعطاني نفسه. من ذلك الوقت صار الرب متكلي وسندي وكان تكريسي الكامل شرطاً ضرورياً وأساسياً لنوالي كل بركاته واختبار قوته الحافظة". |
||||
18 - 06 - 2016, 06:55 PM | رقم المشاركة : ( 13112 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
التـــائــــب
يا ابن الله افتح لي بمحبتك الباب العظيم إنك أنت الباب والطريق والحياة للسائرين إليك، أيها الرفيق الصالح الأمين إني لسائر معك إلى مرسلك، إلى أبيك السماوي، إن للشرير أتباعاً كثيرين ولن يكون لهذا الشرير نصيب بعد في عالمي الجديد، لقد سلكت طريقه السهلة فأعمتني الغواية وضللتني حيله، فوقعت في أشراكه ومن ظلام الهاوية رأيت نورك البهي ساطعاً كالشمس، وسمعت صوتك الفضي يناديني بمحبته فنفضت عني لحاف الظلمة وانتصبت واقفاً، وسرت إليك مستنداً إلى عكاز رحمتك ومدفوعاً بعظيم إيماني بمحبتك التي لا تحد، إن نفسي المريضة سألتك أن تأتي إليها، طلبت منك أن تفتقدها فلبيت طلبها ودخلت مخدعها، لقد فعلت بها كما فعلت بحماة بطرس، لقد مسكتها بيدها كما مسكت بيدي تلك فقامت على قدميها لتخدمك، إن الخطايا كانت تحيط بها كما تحيط الأمراض بالرجل العليل، والجراحات كانت تنزف الدم من كثرة السهام التي رماني بها الإثم فما أرحمك يا الله، لقد غفرت مآثمي فانطفأت فيّ حرارة الأهواء وضمدت جراحي فانقطع النزيف وأحببتني فعاد إلي جمالي ونقاوتي وحريتي. لقد كانت إرادتي وحدها تمنعني من تحقيق هذا الفعل العظيم، كم طلبت من هذه الإرادة أن ترجع عن الشرور فلم تقبل، كنت كلما ملت إلى الصالحات أشعر بأن قوة تدفعني إلى فعل الشر وكلما أبغضت الإثم فعلته، إرادتان تعملان فيّ الواحدة تضاد الأخرى إرادة الخير وإرادة الشر، وكثيراً ما كنت فريسة للإرادة الأخيرة لأنها قوية بالنسبة لضعف الإنسان، والضعف يستهويه، ولكني عندما التجأت إليك شعرت بأن ضعفي كان وهماً وإرادتي الشريرة كانت ضعفاً بالنسبة ليمينك القوية، وضراوة الإثم دخاناً من حطب رطب بلله الشرير، ورأيت نقاوة صورتي بعد أن أعدت إليها صفاءها وغسلتها بمائك المقدس، فانزاح الغبار عن صفحتها، وسكبت ينابيع غفرانك في الجروح التي انفتحت تحت ضربات الشرير لتملي هاوياتها السحيقة بفيض شلالات غفرانك، ومسحت بيمينك باصرة النفس فانفتح أمامها الأفق بطهره ونقاوته وجماله وشعرت بتصاعد التهاليل من أعماقي، ورأيتك وأنت تبتسم لتوبتي فسبحتك بمحبة ومجدتك بجلال، وقدستك بطهر، وغنيتك نشيدي بصفاء روح ونقاوة قلب. كنت خاطئاً ففتحت لي أبواب التوبة، وباب التوبة مفتوح والطريق سهل للذين يهربون باختيارهم، والمرضى يجدون أدويتهم أمام الباب القائد إلى الحظيرة المقدسة، والداء محبة وحنان وغفران، وهذه الأدوية تشفي الذين يريدون مخلعين كانوا أم عمياناً وتضع حداً للمرض الروحي، والذين يموتون روحياً يجدون الحياة، إن الذين سلكوا طريق الرب أقامهم الرب من بين الأموات، والذين اشتركوا في موت المسيح يقيمهم الله في مجده الظافر، فأين هو الجرح العميق الذي لا يشفى؟ وأين هي العين التي لا ترى؟ وأين هو الكسيح الذي لازم سريره؟ إن الذين لا يؤمنون ولا يريدون أن يشفوا طاردهم المرض وأقعدهم، أما الذين قالوا للرب: افتح لنا يا الله، افتح لنا إننا مؤمنون، نالوا ما أرادوا فاستحال الطين نوراً في عيني الأعمى، واستعاد اليعازر الحياة، وحمل المخلع سريره وعاد إلى مريم المجدلية توازنها الداخلي، وجعل من شهواتها عطراً سكبته على أقدام مخلصها وصارت مثلاً للتحرر الراقي المعتق والمخلص. أولئك الذين لا يؤمنون يتخبطون بظلماتهم، فلا هم بانسياب النور إليهم يشعرون، ولا بدبيب الألوهة في داخلهم يحسون، ولا برحيق الحياة الطافح من كأس الحياة الخالدة يلتذون، ولا الصوت المجلجل في أعماقهم يسمعون، ولا بالدم المراق والجسد المسفوح، دم التجديد وجسد القوة الخلاقة يشتركون، إنهم كالصخر المصقول المنحني على الهاوية يستقبل خير السماء ويقذفه إلى الوادي المظلم ولكن الله الرحيم يطيل أناته، فهو آب، والآب يحب ويغفر ويرحم، وهو في حبه كريم جواد يحب الخطأة ويذهب وراءهم، فإن هم جدوا المسير مبتعدين، طاردهم حتى إذا أضناهم المسير وأقعدهم التعب وجرحت أقدامهم الأشواك حملهم على كتفيه وأعطاهم قدميه ليسلكوا إليه على أقدامه، فاتحاً طريقهم بنفسه ومضمداً لجراحاتهم العميقة بيديه، يتعهدهم بالرفق والحنان ويطعمهم من جسده، ويسقيهم من دمه حتى يساهموا معه في خليقته الجديدة ويساهموا بإعادة البنيان الذي تداعى تحت ثقل الخطيئة. إن التوبة عملية عظيمة، إنها صورة واضحة لتقدم الإنسان في عالم الحرية وبعث لها ومساهمة في الخليقة الجديدة وإعادة نحت التمثال العظيم الذي سقط وتكسّر وتشوّه، إنها القوة التي تفيض دموعاً وتتحرك تحت إشاعات الفيض الإلهي كما تتحرك مياه المحيطات تحت تأثير القمر، وهكذا تتعانق اللجج وتلتقي الإشعاعات، وتتعرى الصورة من أقنعتها، ويغرق الجزء في محيط الكل ويعانق الكل بالمحبة في وحدة الغاية والهدف، وتتم عملية الخلاص بالوحدة الإلهية ويصبح الإنسان كلمة للكلمة المتجسد وإبداعاً في عالم الخلاص البشري، إن عملية التوبة تبتدئ بالدموع، والدموع تغسل الأوساخ المتراكمة في طريق البصيرة، وتنتهي بتركيز الإرادة في طريقها الصحيح، وتعيد صورة اللاهوت إلى جمالها القويم ونورها المشرق، والإرادة الملتوية إلى طريقها القويم، والتوبة محبة تستيقظ بعد زيقانها، وهي محبة تحطم الحواجز، محبة لا تسقط أبداً، محبة مبطنة بالدموع، والتائبون يشربون من دموعهم كوثر الفرح العظيم ويأكلون طعام الأزل الخالد، بعكس الخطيئة التي هي انحراف عن الطريق السوي، وفوضى في مجاري علاقات الإنسان مع نفسه، وتقلص في حرارة النفس ودفئها لابتعادها عن النار المطهرة بالمحبة والعدل، وجفاف في ينابيعها الدفاقة لابتعادها عن النبع الغزير، وعمى يحول الحقائق إلى ظلمات تتكدس في مجاري الحياة الباطنة فتصبح مع الزمن كيانية في الكيان الإنساني، لها مفعولها وقوتها ومراميها وغاياتها، وهكذا يتقوى ملكوت الشيطان في الإنسان، ويصبح الإنسان ألعوبة بيده ويصبح الفردوس المفقود مفصولاً عنه بملكوت قائم مظلم، خلقه كبرياء الإنسان وغروره ومطامعه وتخطي هذا الملكوت يتم عن طريق التوبة المتضعة، التوبة الواعية، التوبة المارقة من أتون الألم المطهر والفاصلة جذرياً ما لا يكون عن الحقيقة التي يجب أن تكون، والدافعة لكل القوى الروحية نحو الهدف المنشود الذي من أجله خلق الإنسان، وبدون هذه التوبة لا يمكن أن تعود للنفس أصالتها ولا يمكن أن تتمتع بحريتها. لأن التوبة تفكيك لكل العقالات، وتحطيم لكل القوى الواهية، وانفتاح جديد على عالم الجمال الأزلي، وحب عميق للمثال يتجه تصاعدياً نحوه للاتحاد به والتمتع بجمال الحرية الحقيقية، والتوبة محبة مستيقظة، وحب الحرية بمعناه الجوهري هو الدافع لهذه اليقظة الروحية أو بالأحرى لهذه الثورة الكيانية على أوضاع قلقة مضطربة لتحرير الكيان من فضلات دخيلة على جوهره، فالتوبة بمعناها الحقيقي تحرر ومحبة وثورة وخلق وإبداع، تحرر من عبودية ومحبة لأزل وثورة على حالة بائسة وخلق في بنيان هدمته الإرادة المريضة، وهي كذلك معمودية مستمرة تحمل في داخلها قوة التجديد والإبداع والتائب يغسل خطاياه بدموعه، ومعمودية الدموع تحمل قوة الغفران بالنعمة التي تستدرها الدموع، وتجسّد الثالوث بالمحبة المتجهة نحو الثالوث وتنصب بين الأرض والسماء سلماً كسلم يعقوب يربط الأرض بالسماء يصعد عليها التائبون إلى الحظيرة المقدسة، ويحدث من جراء عملية التوبة طوفان مدمر يغمر كل ما فينا من زائد ويدمر كل بنيان الخطيئة لتبقى الصورة بعد غسلها بالدموع براقة لماعة نقية يعود إليها عملها لتساهم بالنعمة بعمل التجسد الخلاصي وتشارك الكلمة التجسد المستمر، حياة بالدم والجسد في تحرر الإنسان من سلطان الشر البغيض. المطران الياس (معوّض) مطران حلب وتوابعها |
||||
18 - 06 - 2016, 06:56 PM | رقم المشاركة : ( 13113 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
القدّاس الإلهيّ سرّ الشكر
أهمّ صلاة نؤديّها لله هي صلاة الشكر. القدّاس الإلهي معروف أنّه سرّ الشكر بامتياز . لماذا؟ لأنّ أفضل ما نشكر الله عليه هو من أجل ذبيحته الإلهيّة على الصليب لخلاص نفوسنا. “واجب وحقٌّ أن نسبّحك ونباركك، نحمدك ونشكرك ونسجد لك في كلّ مواضع سيادتك… أنت أخرجتنا من العدم إلى الوجود… من أجل هذه كلّها نشكرك، من أجل كلّ الإحسانات الصائرة إلينا، التي نعلمها والتي لا نعلمها، الظاهرة وغير الظاهرة..” لا نشكر الله فقط من أجل المال، لا نشكره فقط من أجل الصحّة. الصحّة ليست دائماً مفيدة، ولا تقرّبنا دائماً من الله. نقول أيضًا في القدّاس “نشكرك من أجل هذه الذبيحة الإلهيّة التي ارتضيت أن تقبلها من أيدينا…” أهمّ شيء حدث في التاريخ هو الذبيحة الإلهيّة على الصليب. القدّاس الإلهيّ عرسٌ، فيه نتّحد بالمسيح عن طريق الإنجيل وعن طريق المناولة. إنّه عرسٌ روحيٌّ نُصلّي فيه لكي نشعر أنّنا فقراء إلى الله. هذه أهمّ نعمة يهبنا إيّاها الله. في اليونانيّةِ ندعوه أفخارستيّة أي مُعطي كلّ نعمة. الدافع للمجيء إلى القدّاس هو الإيمان والشكر، التمجيد والتسبيح. قد لا نفهم كلّ ما يقال وكلّ ما يحصل في القدّاس. اللقاء مع الربّ، وسط جماعة المؤمنين، هذا هو الأهمّ. هناك نشترك بمائدة الربّ ولا نبقى منعزلين في بيوتنا. في اليونانيّة أيضًا ندعو المناولة koinonia وتعني شركة أو مجتمع société- communion. ليس هناك قدّاس خاصّ لعائلة معيّنة. نحن دائماً معًا. يقول البعض “القدّاس ممسوك” هذا لا يعني شيئاً في مفهوم الكنيسة. سرّ المعموديّة، سرّ الزواج كلّ الأسرار كانت تقام مع الجماعة في القدّاس الإلهيّ، كذلك الرسامة الكهنوتيّة. الكاهن لا يقيم الذبيحة الإلهية وحده. الكاهن ماثل في حضرة الله يحمل معه الجماعة والعالم، لأنّ القدّاس هو ارتفاع الكون كلّه إلى فوق. هنا الدخول إلى مملكة الثالوث الأبديّة. “مباركة هي مملكة الآب والابن والرّوح القدس الآن وكلّ أوان وإلى دهر الداهرين آمين…” هكذا نودّ أن تكون أيّامنا مليئة بالحضور الإلهيّ. المؤمن بانشداد دائم إلى فوق، من الأرض إلى السماء، من الجسديّات إلى الروحيّات. هذا هو جهاده المستمرّ. هي الحركيّة الدائمة طالما نحن في الجسد متغرّبون عن الله إلى أن يسود الله على قلوبنا في ملكوت محبّته. عندما يذوق المؤمنون الإنجيل وجسد الربّ يضعون أنفسهم بين المجيء الأوّل والمجيء الثاني. الخلاصة أيّها الأحباء: تعالوا جميعاً إلى القدّاس الإلهيّ! وذوقوا ما أطيب الربّ! + أفرام مطران طرابلس والكورة وتوابعهما |
||||
18 - 06 - 2016, 06:58 PM | رقم المشاركة : ( 13114 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أحد جميع القديسين
في كل يوم من السنة عيد لقديس أو أكثر، ولكن هذا التعييد اليوميّ لا يشمل كل القديسين الذين مجّدهم الله وجعلهم إليه في السماء. لذلك تذكُر الكنيسة اليوم الذين طوّبتهم بأسمائهم كلّ يوم والذين لم تُطوّبهم والله يعرفهم. رأت الكنيسة أن يُخطف فكرنا إلى القديسين الذين جعلهم الله له وهم كثيرون ولا تكفي أيام السنة لتعدادهم بأسمائهم. فأقامت هذا الأحد بعد العنصرة تُقيم فيه ذكراهم. وجاء تعيين هذا الأحد في محلّه لأنّ حلول الروح القدس يقودنا إلى ذكْر القديسين. الروح الإلهي هو مُنشئ القداسة وموطّدها. فكان من الطبيعي بعد أن أقمنا ذكرى للروح القدس أن نقيم ذكرى لمن يُظهرهم ويُظهر أعمالهم في الكنيسة عنيتُ القديسين. ليس لكلّ قديس نعرفه عيد لأن القديسين يتجاوزون عدد أيام السنة، فاضطررنا أن نقيم ذكرى القديسين مجتمعين، أولئك الذين نعرف سيرتهم والذين لا نعرف سيرتهم. فعدد الـ٣٦٥ يومًا في السنة لا يكفي لنعيّد فيه لكلّ القديسين الذين طوّبناهم ونعرفهم بأسمائهم. إلى هذا الذين لا نعرفهم بأسمائهم ومجّدهم الله. فتمجيدًا لغير المذكورين في كل أيام السنة وتمجيدًا للذين يعرفهم الله وحده ولم يدخلوا في التقويم أَوجدْنا هذه الذكرى لتشمل كل الذين أَحبّهم الله ونقلهم إليه. انه موقف محبة أن نُخصّص لكل قديس نعرفه ذكرى، وقضية محبة أيضًا أن نُخصّص لمن لا نعرفهم بأسمائهم ذكرى. هذا عندنا شوق إلى القداسة وأن نملأ بذكرى كبارها كل أيام السنة. يوم بلا وجه قديس نذكره ليس يومًا من الكنيسة. الشغور من استحضار عظمائنا يجعل قلوبنا بلا مرجع. القلب إن لم يجذبه عظماء التقوى ماذا يجذبه؟ السنة سنة الله المقبولة أو هي مجموعة أيام فارغة من ذكر القداسة. إن لم تذكُر عظماء التقوى والبر، من هم الذين تذكُر؟ هناك كبار في هذه الدنيا وحسب مقاييسها. ولكن الأحبّ إلينا في دنيانا من كان يشاركنا تقوانا، من كان من جنسنا في التقوى. هؤلاء المتجانسون في التقوى يؤلّفون الكنيسة. وغير المتجانسين في معرفة المسيح ليسوا له أو ليسوا منه. نحن الذين استبْقاهم ربّهم في هذه الدنيا ليس بيننا رباط الا الرب نفسه. هذا الرباط يجعلنا كنيسة أي مجتمعا للدهر الآتي، يتخذ هويته من كونه للرب. نحن لسنا من هذا العالم وإن كنا في العالم. نحن من الدنيا التي ألّفها الرب بمحبّته وهي كنيسته. إليها نحن مشدودون ولو كانت أجسادنا تمشي على الأرض. نحن نتحرّك في الحقيقة مع أهل السماء ونتّجه جميعًا إلى العرش الإلهي لنُشاهد الله ومسيحه ونحيا بهذه المشاهدة. عندما نعيّد لجميع القديسين ولكل قديس في كل يوم نشهد أن إرادتنا هي القداسة. نعمل في هذه الدنيا كل في مهنته أو وظيفته، ولكن غاية كل أعمالنا أن نبلغ القداسة وأن نسكب فيها القداسة. الطعام والشراب والمسكن والمهنة ليست كل شيء أو ليست الغاية. غاية الوجود فيما نأكل ونشرب ونقوم بأعمالنا اليومية هي ابتغاء الوصول إلى الله. كل نشاط في هذه الدنيا إن لم نطلب فيه الله ورضاه وبركاته هو من هذه الدنيا ويفنى فيها. أما غايتنا الحقيقية فهو أن نلتمس وجه الله ليرضى عنا فنحيا برضاه. عندما نقيم في يوم واحد ذكرى لجميع القديسين، نشهد أننا نحبهم جميعًا وأننا فوق ذلك طلاب قـداسـة. لك أن تـرغـب أن تكـون عظيمـًا في مهنتـك ووافر الصحة أو كاتبًا عظيمًا. هذه كلها جيدة، وإن كنت متواضعًا يباركك الله. ولكن أعظم الأشياء في دنياك ليست بشيء إن لم تكن طريقَك إلى القداسة، إلى كراهية الشر وحب الخير، إلى اللصوق بالله. لك أن تسعى إلى أن تكون خادمًا لوطنك عظيمًا وطبيبًا حاذقًا أو محاميًا ماهرًا أو كاتبًا جذابًا. هذا كله طيّب، ولكنه محدود، ولكن ما هو غير محدود أن تطلب كمال أخلاقك حسب وصية الرب: “كونوا كاملين كما أن أباكم السماوي كامل هو”. كل شيء عظيم يأتي من الذي طلب كماله من الله. خارجًا عن ربك يمكن أن تكتمل في أية مهنة على صعيد الاحتراف، وان كنت لا تكتمل بلا أخلاق عظيمة. لا يمكن أن تكون انسانًا كاملاً الا إذا ابتغيت كمالك من الله. قبل ذلك، لك أن تُتقن مهنتك، ولكن هذا ليس الكمال. أنت لا تكتمل الا بالكامل أي إذا تشبّهت بالمسيح. جاورجيوس، مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان) |
||||
18 - 06 - 2016, 06:58 PM | رقم المشاركة : ( 13115 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
مواهب الروح القدس
عنوان هذه الفقرة الوحدة في تعدد المواهب التي يوزّعها الروح القدس فتأتي متعدّدة ولا تفرّق بيننا. المسيح موزّع النعم. هذا له هذا المقدار، والآخر له مقدار آخر. موهبة هذا تُكمّل موهبة ذاك من اجل وحدة الكنيسة. رجوع بولس في كلامه “لمّا صعد الى العُلى إلخ” مأخوذ من المزامير وينطبق على صعود موسى الى جبل سيناء حيث أخذ الشريعة وأعطاها الناس. يوحي الرسول هنا أن مراده في اقتباس كلام من المزامير يُراد به صعود المسيح الى السماء. ثم يشرح المقاصد الإلهية فيقول ان الذي صعد هو الذي نزل في التجسد. نزل الى نهر الأردن. لذلك يُقرأ هذا الكلام الأحد بعد الظهور الإلهي. وكونه قد تجسد واعتمد غايته أن يملأ كل شيء. بعد هذا يعدّ الرسول الوظائف التي يقوم بها المدعوون اليها في جسد المسيح. النزول الى “وسائل الأرض” الى جانب التجسد تعني النزول الى الجحيم بالموت. “رسلا وأنبياء” تبدوان الوظيفتين الأساسيّتين في كل كنيسة محليّة. الرسل لا تعني هنا أحدا من الإثني عشر. إنها تدلّ على من بشّر الأُمم ويضُمّ اذًا ناسًا جددًا الى الكنيسة. الأنبياء هم من ينقلون مشيئة الله الى الجماعة المجتمعة بإلهام إلهيّ. لا يستعمل لفظة أساقفة بل رعاة. لا يذكر وظيفة الأسقف او الشيخ (الكاهن). هذه صارت أوضح عند القديس إغناطيوس الأنطاكي واقليمندس الروماني بعد زمن كتابة الرسالة هذه (حوالى السنة 90 و100). المعلّمون ليسوا الوعّاظ. الواعظ يعمل في القداس. المعلّم يعطي دروسا نظامية بينها تنسيق وتتابُع. “بُنيان جسد المسيح” اي الكنيسة هو الغاية لوجود هذه الوظائف المتحركة. الكنيسة مجتمعةً غايتها أن ننتهي جميعا الى وحدة الايمان الذي هو يجمعنا ويجعلنا واحدا وهو معروف بمعرفة ابن الله اي الدخول في أعماق المسيح. كلمة معرفة تعني الاتّحاد الكبير. هكذا نصير معا إنسانا كاملا، إنسانًا واحدًا بالمعنى الجمعي. وهكذا نحقق “قامة ملء المسيج”. قامة السيد هي قامتنا. هذا اتحاد كامل. في هذا المقطع من الرسالة الى أهل أفسس، صورة الكنيسة ليست الكرمة ولا الهيكل كما في مواضع أخرى. انها صورة الإنسان المؤلّف من ناس عديدين والذين يصيرون بالمسيح إنسانا واحدا قامته قامتهم. هذه هي الروحانية العُليا فلا نُفرّق عند ذاك، بين المسيح والكنيسة. لا يجوز بعد هذه الصورة التي اقتبسناها من الرسالة الى أهل أفسس القول أنا جالس في بيتي صباح الأحد ولا ضرورة أن أَجتمع الى الآخرين. افهمْ أنك والآخرين تؤلّفون المسيح الواحد. جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان( |
||||
18 - 06 - 2016, 06:59 PM | رقم المشاركة : ( 13116 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أعطِ دمًا وخذ روحًا!.
هذا قول سارٍ في أوساط الرّهبانيّة. يحكي الشّهادة. ولو كان بذل الدّم، محبّةً بالمسيح والنّاس، متضمَّنًا فيه، بنعمة من فوق، فالشّهادة، بالأحرى، بذل مستمرّ، يوميّ، الكلام على الدّم فيه كلام على تقديم الله والآخرين، حبًّا، على الذّات، وروح التّضحية بإزائهم!. البذل، تحديدًا، معناه أنّ مَن تبذل نفسك من أجله فقيرٌ، بالحبّ، إليك وما لديك. أقول إليك وما لديك، لأنّ البذل عطيّة قلب، أوّلاً، وما لديك ليس في ذاته القيمة، وإن كان لا يخلو من قيمة، بل هو علامة حبّ، وتعبير وداد، وفيض قلب. إذًا، الله، بالحبّ، فقير إلينا قبل أن يُكلف إلينا فقراءه!. هي طبيعة الحبّ تقتضي الامّحاء ليتجسّد في استجابة المحبوب لمَن أحبّه. هنا يكمن سرّ الصّورة والمثال، الصّورة لأنّ الإنسان يأتي من حبّ الله، وهو قادر على أن يحبّ، والمثال متى قال الآمين وأحبّ بمحبّة ربّه!. خارج هذا المثال وتلك الصّورة، الإنسان تراب ورماد، أو قل: عدمٌ، وروحُ عدمٍ في تراب ورماد!. كلّ موجود يأتي من حبّ، خَلْقًا، والإنسان، من دون حبٍّ، موطنُ روح العدم!. هذا معنى الظّلمة. الظّلمة الخارجيّة الّتي يذهب إليها الّذين فعلوا السّيِّئات، أي الّذين لم يصيروا على مثال الله في المحبّة، هي من طبيعة الظّلمة الّتي سبقت الخلق. الظّلمة، هنا، لا تعني أنّه كان هناك وجودٌ ما، دخله الرّبّ الإله وجعله نورًا، بل تعني أنّ محبّة الله لم تكن، إلى الخلق، قد خَلقت!. قبل الخلق كان الله، ولا شيء إلاّه، ثمّ فعلت المحبّة، فكان النّور بإزاء ظلمة ما قبل الخلق، وكانت الخليقة!. النّور والظّلمة استعارتان من عالم النّاس حتّى يفقهوا، بالمقاربة، ما لربّهم!. على أنّ النّور والظّلمة، بعد الخلق، أتيا بوجود نورانيّ وبوجود ظلاميّ!. الوجود النّورانيّ نفهمه، بمعنًى، لأنّ الوجود أساسه النّور، أمّا الوجود الظّلاميّ فلا نفقهه لأنّه تناقضيّ: وجود عدميّ، وعدم وجوديّ!. ما طبيعة هذا الأخير؟ مناقِضة للمحبّة!. إذًا الوجود الظّلاميّ إيغال في محبّة الذّات، من دون محبّة الآخر في الحقّ، إلى المنتهى!. جلست إلى صديق عرف، عن كثب، المتروبوليت الرّاحل بولس (بندلي)، عليه رحمة الله، فحدَّثني عنه. عرفت الرّجل عن بعد، فكنت بحاجة لشهادة ممّن عايشوه ولهم همّ القداسة. أقول بحاجة لأنّ القداسة تعنيني وتَشغلني، فيما ألحظ أنّ الإحساس بالقداسة، بيننا، على شيء من ضمور، والنّاس، بعامّة، يعبرون بمَن يتقدّسون عبورهم بالعاديّين، فلا تستوقفهم التماعات روح الله فيهم. لفتني معيارُ القداسة لديه أنّه بذل الدّم من أجل الفقير، وألاّ يخيِّب ربَّه البتّة!. لذا ما عرف الرّاحة أبدًا. همّه كان أن يريح الفقيرَ إلى الرّاحة!. كان آلة تعب من أجل الله!. يتخطّى نفسه أبدًا!. ما كان يتوقّف عن العمل من أجل الآخر ليستجمع قواه!. كان في سيرورة من عمل إلى عمل إلى عمل!. لا ينام إلاّ مُنهكًا!. جاء إلى دار أسقفيّةٍ شبه متداعية وغادرها إلى ربّه شبه متداعية، كما هي!. لم يكن همّه فيها. الباب الخارجيّ، لديه، مفتوح أبدًا!. همّه كان الإنسان. والإنسان والفقير عنده واحد. الحبّ لا طبقيّة فيه. لذا لم يعمل في السّياسة بل في الإلهيّات!. سؤال، في ذهني، بشأنه، كان يشغلني: لِمَ كان يأبى إلاّ أن يهتمّ بحاجات النّاس بنفسه لا بالتّوكيل؟ فلو جاءه مريض، مثلاً، بحاجة إلى مستشفى، فإنّه كان يأخذه، شخصيًّا، بسيّارته، ولا يخليه إلاّ بعدما يقضي له حاجته بالكامل!. أهذا سوء إدارة وتدبير أم شيء آخر؟ طرحت التّسآل على محدّثي فردّ عليّ بجواب جميل!. ما كان يشاء، قال، أن يعامِل أحدًا إلاّ بالاهتمام والإكرام الكاملَين إنفاذًا للقول الإلهيّ: كلّ ما تريدون أن يفعل النّاس بكم، هذا افعلوه أنتم، أيضًا، بهم. وكذا، الحقّ، أقول لكم بما أنّكم فعلتموه بأحد إخوتي هؤلاء الصّغار فبي فعلتموه!. هذا جعله، لا فقط يقيس الآخرين على نفسه، بل يماهي الآخرين بمسيح الرّبّ!. لا بالكلام بل بالتّعب الدّؤوب على تحقيقه!. على هذا، كان المتروبوليت المبارَك في حركة لا تتوقّف. سائقان، لا واحد، كانا يُقلاّنه، قبل الظّهر وبعده، إلى اللّيل، في كلّ الاتّجاهات!. مَن يتصوّر راعيًا يغطّي عكار برمّتها، يحضر كلَّ جنازة فيها، أو أقلّه يعزّي مَن تعذّر عليه الصّلاة على الرّاقدين، من ذويهم؟ فقيرًا كان في كلّ أمر، لا يطلب نفسه في شيء. لا يهن ولا يعرف التّراخي. مشدود تمامًا. يعمل الكلّ على أكمل ما يكون، طبعًا قدر الطّاقة!. بذلٌ بلا حدود!. تعبٌ حتّى الدّم سيرتُه!. هذا بلا تمييز بين النّاس، مسيحيِّين ومسلمين، لا فرق، في وفرة من التّمييز، في الرّوح والحقّ!. هذا إنجيلٌ حيّ، قال محدّثي. جَدْوِلِ الوصايا، وقابلها بسيرة الرّجل، تَرَ تطابقًا أخّاذًا، بينها وبينه!. في الفقر، في العفّة، في الطّاعة، في الإمساك، في الوداعة، في الاتّضاع، في عدم المساومة، في الغربة عن محاباة الوجوه، في لطف الكلمة، في طيب القلب. عندما كان يضحك لنادرة، كان يستغرق في الضّحك كالطّفل. الابتسامة لا تفارق فاه، وعينُه مجروحة على النّاس. فرح وشركة في المعاناة معًا!. فرحًا مع الفرحين وبكاءً مع الباكين!. المسيحيّة شيمتها التّضحية، بكلام القدّيس بائيسيوس الآثوسيّ. التّضحية من الضّحيّة، من الذّبيحة، من بذل الدّم!. لا يسفك حبيبُ المسيح دمَ أحد، وهذا شاملٌ الرّفقَ بخَلْقِ الله، قاطبة، بل يبذل دمَه لكلّ أحد، تضحيةً، محاكاة ومدًّا لمَن بذل نفسه من أجل الجميع!. هو مَن يساهم حَمَل الله الرّافع خطيئة العالم!. سألتُ صديقي: أتعتبر المطران بولس قدّيسًا؟ أجاب بلا تردّد: بكلّ تأكيد!. قلت: أصار قبره محجّة؟ قال: لست أدري!. فأردفت: أسمعتَ بأعجوبة أتاها في حياته، أو حكاها أحد، بعد رقاده؟ أجاب: كلاّ!. ثمّ أضاف: لكنّه، في وجدان العديدين، من كلّ المشارب، رجلٌ لله!. لا شكّ أنّ الرّجل يَشْغَل لدى الكثيرين موقعًا مميَّزًا، وأنّه كان نموذجًا طيِّبًا للمؤمنين. هل يكفي ذلك لتُعلَن قداسته؟ لا آظنّ!. آراء النّاس، هنا وثمّة، تلفتنا إليه، لكنّ روح الله هو يعلن قداسته!. معايير البشر لا تؤكّد قداسة أحد، ولا تقولها إلاّ إذا حرّك الرّوح وجدان المؤمنين في الكنيسة!. لا السّيرة إثبات، ولا كلام النّاس، حتّى لا نقع في الاستنساب، والتّمنّي!. ومتى حرّك الرّوح وجدان الكنيسة استبان حضوره في المؤمنين تقوًى غير عاديّة بإزاء الرّجل وما يخصّه. إذ ذاك يعتور النّاس حياله ما لا قِبْل لها به. يُتَعاطى كقدّيس قبل أن تعلِن الكنيسةُ قداستَه. المجمع المقدّس دورُه الأوّليّ الملاحظة والمتابعة والتّسجيل. يشهد لما هو حاصل. ولا يقول كلمتَه إلاّ بعد أن تكون كلمةُ روحِ الله قد باتت بَيّنة، مسموعة من الجميع!. هنا، لا بدّ من الإيضاح، في زمن الإعلام، أنّ على الكنيسة أن تحذر طغيان الإعلام، ودفعَ إعلان القداسة بالتّرويج الإعلاميّ لمَن يُعتبر “مرشّحًا” لإعلان القداسة. في مثل هذا المسعى خطَر عميم، إذ نستعيض عن عمل روح الله بالتّركيز على ما يوفّره لنا الإعلام من فرص!. نؤثّر في النّاس بالكلام المدروس والدّراما السّينمائيّة، ما يجعل إعلان القداسة شأنًا إيحائيًّا نفسانيًّا!. علينا أن نميِّز بين التّعريف بالقدّيس، والتّرويج للقدّيس!. هذا بحاجة إلى نضج روحيّ ووعي وحرص لدى المشرفين على رعاية المؤمنين حتّى لا نجدنا كمَن يقود حملة تسويقيّة لمرشّح سياسيّ أو منتَج استهلاكيّ أو شعار وطنيّ!. الشّأن الرّوحيّ يُتعاطى بالخفر والتّقوى والصّوم والصّلاة، وانتظار التّجلّيات!. بالعودة إلى الكلام على المتروبوليت بولس (بندلي)، لا شكّ أنّنا بحاجة إلى تدوين أخباره وعظاته بأمانة وتدقيق، بإشراف الرّؤساء والحريصين على ميراث الكنيسة؛ بإصرار، ولكن بهدوء، بروح المسؤوليّة، ولكن من دون ارتجال!. هذا الأحد أحد الصّليب من الصّوم الكبير. لا تستمرّ الكنيسة إلاّ بقدّيسيها، ولا يستبين القدّيسون إلاّ على الصّليب!. عندنا، ههنا، في شخص أبينا بولس، مَن علّمنا دروسًا في بذل الدّم من أجل المسيح، على الصّليب!. سؤالنا ورجاؤنا هو: أما آن الأوان لمقاربة روحيّة له ولأمثاله، وهؤلاء بيننا، عسانا بتشوّفنا إلى تلمّس عمل روح الله، نستدعيه لنفرح ونتعزّى ونُبنى ويصير لنا، في هذا الزّمن، مثالٌ نسير في خطاه ونتقدّس به ونستشفع؟ أنطاكية، تراث القداسة، مفتوحة لنا، اليوم، لنلاحظ الرّوح ونسير في ركبه، في غمرة ما يكدّنا من آلام وتجارب ومحن!. وحده هاجس القداسة، في هذه الدّيار، يبقينا متماسكين، حتّى لا نتفرّق!. الأرشمندريت توما (بيطار)، رئيس دير القدّيس سلوان الآثوسي، دوما – لبنان |
||||
18 - 06 - 2016, 07:00 PM | رقم المشاركة : ( 13117 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
المساكين
“طوبى للمساكين بالرُّوح لأنَّ لهم ملكوت السَّماوات” (متى 5:3). المسكين، كنسيًّا، هو كلّ من جعلَ نفسه مسكنًا لله، مسكنًا للرُّوح القدس. بهذا المعنى تأتي، أيضًا، عند متَّى (11: 5 )”المساكين يُبَشَّرُون”. أمَّا في إنجيل لوقا فالعبارة تأتي بالكلمة “مساكين” مُنْفَرِدَة “طوباكم أَيُّهَا المساكين لأنَّ لكم ملكوت الله” (لوقا 6: 5). ممَّا لا شكَّ فيه أنَّ عبارة لوقا، وهي الأقدَم، تُشِيرُ إلى المحتاجين بصورة عامَّة، أعني إلى الفقراء. الرَّبُّ يسوع المسيح لم يكن ضِدّ المال وضِدّ الغِنَى، لكنَّه يُشِيرُ إلى خطرِه على الإنسان عندما قال : “لا تَقْدِرُونَ أن تَعْبُدُوا رَبَّيْنِ الله والمال”. (لوقا 16: 13). العِبَادَةُ والعُبُودِيَّةُ في اللُّغَةِ واحِدَة. أنا عبدٌ لله وإن كنتُ ﭐبْنًا له لأنِّي أَعْشَقُهُ، لذا أَسْتَعْبِدُ نفسي له بالمحبَّة الغزيرَة. هذا ما يمكن أن ينطَبِقَ أيضًا على الغنيّ بالنِّسبة للمال. إذًا، يمكن أن يأسُرَكَ المال أو الأرزَاق أسرًا رهيبًا فلا يبقَى عندئِذٍ في القلبِ أيّ مكانٍ للرَّبِّ يسوع أو حتَّى للقريب بحسب قول الله: “أَحْبِبِ اللهَ من كلِّ قلبِكَ ومن كلِّ نفسِكَ ومن كلِّ فكرِكَ وقريبَكَ كنفسِكَ” (متى 22: 37-39). المسيحيَّةُ دعوةٌ في سبيل الفقراء، لكن ليس بمعنى الدَّعوة إلى الجهاد في سبيل إقامَةِ نظامٍ سياسيّ أو ثورة إجتماعِيَّة. إنَّها دعوة لإقامة ملكوت الله راسِخًا في قلوب النَّاس على غرار ما فعل الرُّسل الأوَّلُون إذ “تركوا كلَّ شيء وتبعوه”. كلّ هذا لا ينفي مَيْلَ المسيحيَ الواضِح، إنطِلاقًا من إيمانه المُتَجَسِّد، بأن تكون في العالم عدالة معقُولَة. * * * إذًا، ماذا بعد هذا الكلام كلّه؟ ما معنى قول الرَّبّ: “طوبى للمساكين بالرُّوح لأنَّ لهم ملكوت السَّماوات” (متَّى 5: 3)؟ لا شكَّ أنَّ الرَّبَّ يسوع، كما ذَكَرْنَا سابِقًا، يتوجَّهُ، بحسب لوقا، إلى الفقراء ويطوِّبُهُم، ليس لأنَّهم مُعْدَمُون، مُحْتَاجُون إلى الخبز، بل لأنَّه بإمكانِهِم أن يُصْبِحُوا، بسهولة، فقراءَ إلى الله. صعبٌ على الأغنياء أن يصيروا مساكين، فقراء إلى الله. قليلًا وقليلًا جِدًّا نراهم يَرْتَادُونَ الكنيسةَ ويعودونَ إلى الله. طبعًا، هذا ليس بمستحيل إذا تواضَعُوا وأَخلوا ذواتَهم من حُبِّ المال وﭐنطلَقُوا في سبيل العطاء وخدمة المحتاجين. المهمُّ في كلِّ هذا أن نكون نحن المسيحيِّين، عباد الله، عاشِقِين إيَّاه ومعتبرينه كلّ شيء، كلّ الوجود. المسكين المسيحيّ الحقّ هو من يعتَبِرُ نفسه لا شيء. وأنَّ الله عنده كلّ شيء، مثل الأب بورفيريوس الَّذي كان شعاره: “المسيح هو كلّ شيء”. + أفرام مطران طرابلس والكورة توابعهما |
||||
18 - 06 - 2016, 07:01 PM | رقم المشاركة : ( 13118 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الذّكرانيّة
أن نتذكّر يعني أنّ نُحبّ. المحبّة تستمرّ بعد الموت في الكنيسة يُعبّر عن هذه المحبّة عن طريق الصلاة. صلاة الذكرانيّة (تريصاجبون) في اليوم الثالث بعد الرقاد، والتاسع، والأربعين، تفيد النفس من أجل خلاصها. في هذه المناسبات نقدّم قمحاً مسلوقاً Kollyva رمزاً لما ذُكر في إنجيل يوحنّا: “الحقَّ الحقَّ أقولُ لَكُم إنْ لم تقعْ حبّةُ الحنطةِ في الأرض وتَمُتْ فهي تبقى وحدها. ولكن إن ماتت تأتي بثمر كثير” (يو12: 24)، وإشارةً إلى القيامة. * * * سؤال: كيف أصلّي للّذين رحلوا خاطئين أو من خارج الكنيسة؟ يقول القدّيس يوحنّا الذهبيّ الفم: دَعُونا نتذكّر أمواتَنا ونكرّمهم عن طريق الإحسانات والصدقات، ممّا يجعل الله يتحرّك من أجل أن يرحمهم وينجّيَهم من العذاب الأبديّ”. من هنا نفهم أهميّة التبرّعات للكنائس والأديار من أجل ذكر أمواتنا خلال أربعين قدّاساً متتالياً. ما أجمل ترتيب مأدبة للفقراء من أجل راحة نفس أناس راقدين نحبّهم. نذكر أهمية مرافقة المريض قبل رقاده عن طريق الصلاة، حثّه على الاعتراف والتوبة إن أمكن وتقبّله بوعي القربان المقدّس. هذه الذكرانيّات تُعمل عادةً نهار السبت. وقد جرت العادة نقلها إلى الأحد لأسباب رعائيّة من أجل توفّر حضور عدد أكبر من المؤمنين، إلّا أنّ السبت يبقى مخصّصاً لذكر الأموات الرّاقدين. اليوم السابع (السبت) تـهيئةٌ وظِلّ، اليوم الثامن (الأحد) كمالٌ وحقيقة. في سبت الأموات نذكر جميع الذين رقدوا في المسيح على رجاء قيامة الحياة الأبديّة. نقول هذه الصلاة “يا اله الأرواح والأجساد كلّها، يا من وطئ الموت، ونقض قوّة الشيطان، ومنح الحياة لعالمه: أنت يا ربّ، أرحْ نفوسَ عبيدك السابق رقادهم من الملوك والبطاركة ورؤساء الكهنة والكهنة والشمامسة والرهبان والراهبات والعلمانيّين والعلمانيّات وإخوتنا وآبائنا واجدادنا… في مكان نيّر، في مكان خضرة، في مكان انتعاش حيث لا وجع ولا حزن ولا تنهّد. وبما أنّك إلهٌ صالحٌ ومحبّ للبشر، اغفر لهم كلّ خطيئة اقترفوها بالقول أو بالفعل أو بالفكر، لأنه ليس من إنسان يحيا ولا يخطأ بل أنت وحدك منزّةٌ عن الخطيئة، وعدلك عدلٌ إلى الأبد، وقولك حق. أفرام، مطران طرابلس والكورة وتوابعهما |
||||
18 - 06 - 2016, 07:02 PM | رقم المشاركة : ( 13119 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الشجاعة والقداسة
الإخوة الأبناء الأحباء، بعد مرور عيد العنصرة وصلنا اليوم إلى أحد جميع القديسين أو بكلمة أخرى عيد القداسة التي تثبتت لجنسنا البشري بحلول الروح القدس. وإذا لم يتقدس الإنسان يبقى من التراب وإلى التراب أو من الأفضل أن يبقى هكذا ولا يدخل في مرحلة الحساب. القداسة هي التي تشعر الإنسان بالشجاعة لمواجهة الله. لأن القداسة تعطي للإنسان خبرة والخبرة تنمي المعرفة والإنسان العارف بشيء معين يجاوب عنه واثقاً في أي وقت يُسأل عنه. ولكن الشجاعة لا ترتبط بالقداسة كمرحلة لاحقة للمعرفة بل هي ملازمتها في كل وقت. فالإنسان المجاهد لا يمكنه أن يتقدَّم في ساحات الجهاد الروحي إذا لم يكن قد وطد العزم وثبَّت الوجه لمواجهة الشرير عدو الإنسان وللمواجهة اللائقة والمرتبة في كل حين. هكذا يتكلَّم الآباء القديسون، أن الإنسان الشجاع هو الذي لا يخشى أن يواجه ذاته وضعفاته. ولا يخشى أن يتخلى عن أنانيَّته وأن يبتعد عن شهواته. الإنسان الشجاع هو الذي تعمَّق في السلام الداخلي ولم يعد محتاجاً لا لحراس ولا لجنود ولا لبوابات حديديَّة ولا لأسوار عالية. الإنسان الشجاع يستطيع أن يفعل كما فعل الفيلسوف سقراط صاحب الفضيلة الأسمى في أثينا، يمشي في السوق بدون حراس بينما الملك لا يمشي بدون حراس. الإنسان الشجاع هو الذي يقترب ويتغلَّب بلا سلاح إلى ما يقترب منه صناديد الرجال بالسلاح والدروع والسيوف. لقد أَعْطَتِ القداسةُ (أي الروح القدس) للآباء القديسين أن لا يخافوا الوحوش. فكانوا ينامون معها (القديس سابا وغيره) أو يستخدمونها كالقديس جراسيموس الاردني. والقديس ماماس وغيرهم ألم تربض الوحوش بنعمة عند قدمي القديسة الشجاعة تقلا، ألم تبتعد عنها الأفاعي السامّة. إن من يطالع سير القديسين يجد إلى أي حد من الشجاعة قد توصلوا فيقدمون على ملاقات الموت مباشرة وبدون خشية، مثالنا الأهم على ذلك القديس إغناطيوس الإنطاكي بطريرك إنطاكية الذي قال كلمته المشهورة راجياً المسؤولين في روما ألا يتواسطوا ويبعدوا عنه قرار رميه للوحوش “أنا حنطة يجب أن أطحن بين أنياب الوحوش لأكون خبزاً لذيذاً لسيدي يسوع المسيح”. لقد أذهل المسيحيون الأوائل العالم بصلابتهم أمام الموت. نتساءل لماذا؟ الجواب لأنهم كانوا يعيشون تلمذتهم ليسوع المسيح كما يرتضي يسوع المسيح وكانوا واثقين أنَّهُ هو الذي يشجعهم على هذه المواقف التي يقف الكثيرون أمامها غير مصدِّقين ما يقرأون أو ما يسمعون. فكيف سيصّدقون أن تلميذ أحد الآباء أمره بإحضار الضبعة على أنها عجلة فأحضرها له، وهم في كل حياتهم عندهم كلمات الرفض والعنف والشك تجاه الآخرين والأنانية المتجذِّرة في توجهاتهم وهذه كلها ضد القداسة وقاطعة لطريق القداسة. كيف يصدِّقون ما يروى عن القديسين صدقاً حقيقياً وهم يشتهون أن يعيشوا مثلهم ولكنهم لا يتجرأون. لا يقول الكتاب في من يفتح مدناً في الحروب شيئاً ولكن الكتاب يمدح الذي يضبط ذاته، قائلاً عنه، إنَّ من يضبط ذاته أفضل ممن يفتح مدينة. مثال الشجاعة: هو القدوس الوحيد ربنا يسوع المسيح الذي كان يسير بخطى حثيثة نحو الصلب ولم يخشَ اليهود ولا الحكام ولا العادات والتقاليد الدينية وغير الدينية إذا كانت ضد حرية الإنسان وكرامته وعيشه كما يليق بالخليقة العظمى التي جعلها الله على الأرض متسلطة (الإنسان) ووريثة لملكوت السماوات. أيها الإخوة الأحباء، إن المجتمعات الاستهلاكية اليوم لا تقودنا في طريق القداسة وبالتالي لا تأخذ بيدنا في سبيل الشجاعة والمواجهة بل تجعل من الإنسان ورقة يابسة في مهب الريح يحتاج لكل شيء ويخاف من كل شيء يخاف أن يجوع، يخاف أن ينقص شيء مما معه، يخاف أن يواجه ذاته، يخاف أن يسبقه غيره في الصرف والتنعم والتبذير، يخاف من أولاده، يخاف من أصحابه، يداري الجميع، أما الثابت الجنان المملوء بالنعمة فيخاف فقط أن يخسر طريق الفضيلة ويخشى على الناس ضياعهم وتشتتهم. المهم أيها الإخوة الأحباء أن طريق القداسة سهل وهيِّن وهكذا يؤكد لنا السيد له المجد “احملوا نيري عليكم لأنَّ نيري هين وحملي خفيف”. وكل من تشجع وتقوى في هذا الطريق تقدَّس وصار يأتي بأعمال عظيمة فوق إمكانيات العقل البشري. أما من سار بغير طريق فيعيش في الندم والضياع وسيكون محظوظاً إذا أدرك التوبة. من بين أنواع الشجاعة، شجاعة بشريّة لا يقدم عليها الإنسان المملوء من النعمة وشجاعة أخرى لا يقبلها من يكتفي بالشجاعة المعروفة في هذا العالم. الإنسان المؤمن بالرغم من اكتفائه أن يعيش جريئاً في روحانياته وفضائله يمكن أن يقف مواقف بطولة بحسب العالم وتدهش العالم. أما الشجاع في العالم فقط فهو جبان أمام ذاته ولا يجرؤ أن يدخل عالم الروحانيات. بحسب العالم، الإنسان الشجاع هو من يدبر ذاته ولو سحق الناس. أما بحسب الله فالإنسان الأشجع هو الذي يسحق ذاته لكي يخلص الآخرين وليس حب أعظم من هذا. نسأل الله تعالى أن يجعلنا جميعاً قديسين ويقدسنا بنعمة روحه القدوس ذاته التي سكبها على تلاميذه في يوم العنصرة لنعيش الحق ونشهد للحق بأقوالنا وأفعالنا ليكون الله المثلث الأقانيم عجيباً فيكم وأنتم بجلباب القداسة رافلون وكل عام وأنتم بخير. باسيليوس، متروبوليت عكار وتوابعها |
||||
18 - 06 - 2016, 07:09 PM | رقم المشاركة : ( 13120 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
دعوة تلاميذ
اختار يسوع تلاميذه وقبلوا الدعوة. سلك يسوع مسلك بعض الربانيين (المفردة العامية هي حاخام) الذين كانوا يجمعون تلاميذ حولهم كانوا يتلقون منهم الكلمة الإلهية. هذه كانت تجمّعات ليس فيها رتب اذ كان هذا غير معروف في العهد القديم. روايةُ جَذْب يسوع التلاميذ اليه يعرضها إنجيل يوحنا بما هو أوضح. “وفي الغد ايضا كان يوحنا (المعمدان) واقفا هو واثنان من تلاميذه. فنظر الى يسوع ماشيا، فقال: هوذا حَمَلُ الله. فسمعه التلميذان يتكلم فتبعا يسوع”. (يوحنا 35:1 و 36). واقع الدعوة حسب متّى أن الرب كان في الجليل وهو موطنه والميدان الأساسي لتحرّكه. الإنجيل يذكُر من التلاميذ أوّلا سمعان وهو اسم عبريّ (شمعون) سمّاه في ما بعد (متى 16: 18) بطرس Petros الذي نحَتَه يسوع من كلمة Petra وتعني الصخرة. كان هذان الأخَوان (أبوهما يونا) يُلقيان شبكتهما في بحيرة طبرية المسمّاة هنا بحرًا. هذه اسمُها الآخر هو بحر الجليل. هذه يشكّلها نهر الأردن بعد خروجه من لبنان. هذان كانا صيادَين. كذا كان كل التلاميذ ما عدا متّى. قال الرب لسمعان و أندراوس: “هلمّ ورائي فاجعلكما صيادَي الناس”. التلاميذ اصطادوا الناس بالكلمة. ليس من أداة أُخرى لتربح البشر للمسيح. البشارة في العالم كله هي الصيد العجيب. “هلم ورائي”. ليس من مبشّر فعّال، حقيقي الا اذا كان محبا ليسوع حبا يأخذ منه كل جوارح قلبه. “فللوقت تركا الشباك وتبعاه”. كل انضمام حقيقيّ إلى السيّد يبدأ بتركنا لأشياء كانت تُعيقنا عن الاتحاد به. هذه الأشياء هي شهواتنا المؤذية. ثم يلتقي المخلّص بآخرَين هما يعقوب بن زبدى وأخوه يوحنا الذي هو صاحب الإنجيل الرابع. كانا مع أبيهما على شاطئ البحيرة يُصلحان شباكهما ما يدلّ على أنهما كانا على شيء من البحبوحة (شباك لا شبكة واحدة). ايضا هما تبعاه وتركا ما كان اهم من الشباك وهو أبوهما. هذا يكلّف عاطفيًا أكثر. أسماء بقية التلاميذ تأتي بعد هذا في متى وفي بقية الأناجيل. بعد بداءة الدعوة، أخذ السيّد يطوف الجليل في المنطقة في شمالي فلسطين والتي هي على حدودنا اللبنانية. يُعلّم في مجامع اليهود. المجمع هو ما نسمّيه اليوم كنيس، والكنيس قاعة كبيرة يجتمع فيها اليهود في السبوت لقراءة العهد القديم والوعظ به. في المجامع وخارج المجامع كان السيّد يبشّر بالملكوت على اساس هذه العبارة “توبوا فقد اقترب ملكوت السموات”. الى جانب البشارة، “كان يشفي كل مرض وكل ضعف في الشعب”. وسيذكر متّى بالتفصيل عجائب كثيرة. يسوع لا يتكلم فقط. كان يحبّ. وسوف يوجّه التلاميذ الى الاهتمام بالمرضى. كان يوليهم أهمية كبرى من حنانه. أخذت الكنيسة من المسيح هاجس المرضى عنده في سرّ مسحة المرضى وفي بناء المستشفيات. الكلمة الإلهية والتعزية للمريض مع تطبيبه بوسائل العلم. جاورجيوس، مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان) |
||||