16 - 06 - 2016, 05:40 PM | رقم المشاركة : ( 13061 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
عظة في عيد رقاد والدة الإله اليوم نعيّد لعيد صاحبة الكنيسة وجميعنا ماثلون أمام عرش واحد وحيد قائم وهو العرش الذي يجلس عليه إلهنا. ولكن كما يقول الكتاب المقدس فإنّ الله يسكن في قدّيسيه*، ليس في الأماكن المقدسة فقط، بل في قلوب وعقول الذين تنقّوا بالجهاد والنعمة، في حياة القديسين وفي أجسادهم. واليوم نعيّد لعيد من هي أقدس من كل القدّيسين وهي والدة الإله. هي قد رقدت رقاد الموت الأرضي ولكنها كما كانت حيّة حتى أعماق طبيعتها، هكذا بقيت حيّة، حيّة بروحها الصاعدة إلى عرش الله، حيّة بجسدها القائم الذي تقف به الآن تتشفـّع لأجلنا. إنها عرش النعمة، وقد سكن فيها الإله الحي، وكان في أحشائها كما على عرش مجده. فبأي ّامتنان وبأيّ تعجّب نتأمل فيها، التي هي ينبوع الحياة كما تدعوها الكنيسة ممجّدة إياها من خلال إحدى إيقوناتها، والتي حياتها الأرضية تنتهي وهي محاطة بمحبّة الجميع. ولكن ما الذي تتركه لنا؟ وصية واحدة فقط ومثالاً عجيباً واحداً. الوصية هي تلك الكلمات التي قالتها للخدم في عرس قانا الجليل: “مهما قال لكم فافعلوه”. ففعلوا وصارت مياه التطهير في الأجران خمراً جيّدة لملكوت الله. هذه الوصية تتركها لكل منا قائلة: إفهم كلام المسيح، أصغِ إليه ولا تكن مجرّد مستمع بل نفـّذه، فعندها ستتحوّل كل الأرضيات إلى السماويات الخالدة المتجليّة الممجّدة. وقد تركت لنا مثالاً، فالإنجيل يقول إنها كانت تحفظ في قلبها كل كلمة عن المسيح وكل كلمة للمسيح ككنز، كأثمن شيء تمتلكه. فلنتعلم نحن الإصغاء بكلّ هذه المحبّة وبكل هذا الورع إلى كل كلمة من كلام المخلّص. قيل في الإنجيل الكثير من الأشياء، ولكن قلب كلّ واحد منا يستجيب تارة إلى شيء وتارة إلى شيء آخر. وما قد استجاب إليه قلبي أو قلبك هو الكلام الذي قاله المسيح المخلّص لي ولك شخصياً. وهذه الكلمة يجب أن نحفظها كطريق للحياة، كنقطة تماسّ بيننا وبين الله، كعلامة القرابة له والتقرّب إليه. وإذا عشنا هكذا وأصغينا بهذه الطريقة وحفظنا في قلوبنا كلام المسيح كما يتمّ بذر البذار في الأرض المحروثة، عندئذ يتحقق فينا ما قالته أليصابات لوالدة الإله عندما جاءت لزيارتها: “طوبى للتي آمنت أن يتمّ ما قيل لها من قبل الرب”. فليتحقق ذلك فينا أيضاً، ولتكن والدة الإله مثالاً لنا، ولنطبّق وصيتها الوحيدة، فحينئذ فقط سيكون تمجيدنا لها في هذه الكنيسة المقدّسة التي كُرّست مسكناً لها حقيقياً، لأننا سنسجد لله فيها ومن خلالها بالروح والحق. آمين. المطران أنطوني (بلوم) سوروجسكي |
||||
16 - 06 - 2016, 05:42 PM | رقم المشاركة : ( 13062 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
المرأة
المرأة الأولى حواء جلبت الخطيئة إلى العالم. المرأة الثانية مريم جلبت الخلاص. تتأرجح المرأة غالباً بين حوّاء ومريم. يُقال عنها أحياناً كثيرة أنها تفتقر إلى التوازن. عندها العاطفة تغلب على العقل. تهتّم كثيراً بمظهرها الخارجي. هي تتفوّق على الرجل بحنانها الطبيعيّ وبصبرها وأحياناً أيضًا بقداستها. أنظروا إلى حضورها الغالب في الكنائس. فلا عجب في القول إن وراء كلَّ رجل قدّيس ناجح امرأةً تقيّة حلّقت في الحياة الروحيّة. لو خطئت ثم تابت استطاعت أن تصل إلى أعلى درجات القداسة. ألم يقل الربّ: الزناة والعشارون سوف يسبقونكم إلى ملكوت السماوات! نعم كلّها تناقضات. لا تعجب أبداً من ذلك. هل تحرّكها الحواسّ أم يحرّكها الروح أو كلاهما معًا؟ سفر الأمثال في الكتاب المقدّس يحذّر من جمالها لأنّه فخّ يقع فيه الرجل، لكنّه يشيد بالمرأة الفاضلة قائلاً: “المرأة الفاضلة من يجدها، إن قيمتها تفوق اللاّلئ… الحسن غرورٌ والجمال باطلٌ أما المرأة المتّقية للرب فهي التي تُمدح” (أمثال 31: 10 و30). أمّا سليمان الحكيم فيعلّي من شأن الحكمة الإلهيّة ويقول:”سعيتُ أن اتخذها عروساً وصرتُ لجمالها عاشقاً”. لا شك أن المرأة فاقت على الرجل في كثير من الميادين. نذكر فقط ضمن الإنجيل الجرأة الفائقة التي تحلّت بها النسوة حاملات الطيب صبيحة القيامة فأُهّلن لمشاهدة القبر الفارغ، ذلك بداعي محبّتهن الكبيرة للسيّد فيما كان الرسل معتكفين بعيداً عن شخص المسيح. * * * اليوم الجنس يسيطر على الحياة الإجتماعيّة الإستهلاكيّة. والمرأة أكثر من أي وقت عرضة لتُتَّخَذ سلعة للكسب الرخيص أو لمتعة دنيئة. نحن بحاجة إلى نسوة جريئات يتحدَّين مثل هذه التجارب ويتحلَّين حسب توجيه آبائنا القديسين بشيء من الرجولية دون أن يخسرن الخصال الحميدة من أنوثتهنّ. لنا أن نكافح جميعاً للحفاظ على العائلة المسيحية وعلى أولويّة رسالة المرأة كزوجة أمينة وكأمّ. هذا لا يمنعها من أن تواكب تطوّر الحضارة الإجتماعيّة الإيجابية التي تجعلها بخاصة إلى جانب حياتها الروحيّة متساوية في العمق مع الرجل. أفرام، مطران طرابلس والكورة وتوابعهما |
||||
16 - 06 - 2016, 05:44 PM | رقم المشاركة : ( 13063 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الوحدة في الكنيسة الطابع المجمعيّ
هي وحدةُ حركة، حركةِ محبّةٍ وحركةِ شَرِكة. هناك وحدةٌ كلّيّةٌ وتَنَوُّعٌ كُلِّيّ. اللهُ واحدٌ، وفي الوقتِ نفسِه شَرِكَةُ أشخاص. هكذا في الكنيسة، أو بالأحرى هكذا يُفتَرَضُ أن يكون، وحدةٌ كاملةٌ في تَنَوُّعٍ كامل. الرّأسُ لا يَكْبُتُ حُرِّيَّةَ الأعضاء: “من أراد أن يكون فيكم أوّلَ، فَلْيَكُنْ لِلجَمِيعِ خادماً” (متى 20: 27). لا يَكْبُتُهُم، وَلا يتَسَلَّطُ عَلَيهِم، بل يظلّ في تنسيق كاملٍ معهم. الوحدة تصبح علاقةَ محبّةٍ، علاقةَ شَرِكة. بهذا المعنى الله محبّة، وبهذا المعنى الكنيسة شركة محبّةٍ، تكون على صورة الثالوث الأقدس. * * * كيف يكون الطابع المجمعيّ الذي يؤدّي إلى الوحدة؟ الكنيسة هي جسد المسيح، هي الجماعة التي افتداها الرّبُّ بِدَمِهِ. تُساهِمُ في جَمْعِ المُتَفَرِّقِينَ إلى واحد. يتجسّد هذا الاِتّحادُ الواحد في سرّ الشكر، حيث يجتمع الأسقفُ مع المؤمنين. يبقى الأسقف دائماً داخل شعب الله، ولا يَسلُكُ أحدٌ فَرْدِيّاً في الكنيسة هذه. الأسقفُ يَرعى كنيستَهُ، أي شعبَ الله، بكلمةِ الحقّ، كلمةِ يسوع المسيح، فيكتشفُ مواهبَ الأعضاء. يَحمِلُهُم في صَلاتِه، لا يهتّم بربحٍ مالِيٍّ أو مَجْدٍ دُنْيَوِيّ (راجع : بطرس 5: 2-4). “اِرْعَوا قَطيعَ الله الّذي أُوكِلَ إليكم واحرسوه… لا رغبةً في مَكْسَبٍ خَسيس، ولا تتسلّطوا على الذين هم في رعيتّكم، بل كونوا قُدْوَةً للقطيع…” المُحافِظُ على الإيمان هو شعب الله كلّه، ومهمّةُ الأُسقفِ هي الإعلان عن هذا الإيمان. اجتماعُ الأساقفةِ معًا هو أيضًا وَجْهٌ مِن وُجُوهِ الوحدة. فيه يحمل كُلُّ أُسقُفٍ كنيستَهُ معه، خبرتَها وضعفَها، كما أنّ الشّعبَ بِدَورِهِ يَحمِلُ أُسقُفَهُ في صَلاتِه، حتّى تأتيَ القراراتُ مُرْضِيَةً لِلّهِ ونافعةً لِبُنيانِ الكنيسة. أفرام، مطران طرابلس والكورة وتوابعهما |
||||
16 - 06 - 2016, 05:45 PM | رقم المشاركة : ( 13064 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
عيد رقاد السيدة
في التسمية المسيحية هو رقاد والدة الإله والرقاد تسمية شرقية للموت. الأموات في المصطلح العبادي يسمّون راقدين للدلالة على غلبة المسيح لموته وموتهم لكونهم محضوني الله قبل القيامة في اليوم الأخير. منشأ العيد شرقي تأسس في القرن السادس في اورشليم (القدس) حيث قامت كنيسة في الجثسمانية. وعمم الامبراطور مفريكيوس (بالفرنسية موريس) العيد على كل الامبراطورية. تبنى البابا سرجيوس الاول المتوفى في بداءة القرن السابع هذا العيد. وأعلن بيوس الثاني عشر ان انتقال العذراء الى السماء نفسا وجسدا هو عقيدة. لم تحدد الكنيسة الارثوذكسية انتقال مريم الى السماء عقيدة. واللاهوتيون الارثوذكسيون منقسمون بين من يعتقد بانبعاث جسدها ومن لم يعتقد لأنه حيث غياب عقيدة محددة مجمعيا أمر متروك لحرية التأويل. غير ان طقوس العيد واضحة لجهة القول بالانتقال (انك انتقلت الى الحياة بما انك ام الحياة اي المسيح). ايضا في صلاة العيد: “نهضت بعد موتك لتكوني مع ابنك سرمدا”. وبصورة اوضح: “ان الإله… حفظ جسمك في اللحد ومجدك معه بانتقالك الإلهي”. السؤال الذي يطرح نفسه للمسيحيين الشرقيين هو هل نصوص العيد ملزمة كالعقيدة؟ الجواب المبدئي العام ان العبادات تكشف موقفا اعتقاديا بعامة ولكن هذا لا يعني اننا قادرون ان نستخرج من العبادات موقفا عقديا ملزما ونبقى في التحرك النقدي ما لم يصدر تحديد واضح في مجمع مسكوني مؤلف من كل الكنائس الأرثوذكسية. توفيقا للموقفين الارثوذكسي والكاثوليكي يمكننا القول ان مريم استبقت القيامة فلا تحضر محاكمة او دينونة وتقيم في المجد اي الحالة التي نكون جميعا اليها بعد القيامة الأخيرة. هذا ما ادركه القديس يوحنا الدمشقي في القرن الثامن الميلادي لما توجه اليها في احدى العظتين اللتين وضعهما عن رقادها. قال: “لن اسمي رحيلك المقدس موتا بل رقادًا او سَفرًا والأفضل تسميته إقامة. ففيما خرجت من مدى الجسد دخلت مدى أفضل”. قلت هي مقيمة في المجد الإلهي وليست مثلنا خاضعة للحكم الإلهي في اليوم الآخر. لذلك نعظمها تعظيما كبيرا. انها سفيرتنا الى السماء. ¶ ¶ ¶ هي الممتلئة نعمة كما قال لها جبرائيل لحظة البشارة اي انها كانت حرة من كل خطيئة، مسلمة لله وحده ومهيأة لاقتبال كل كلمة منه. هذا ما عناه الملاك لما قال لها: الرب معك. مباركة انت في النساء”. كان هذا الكلام البدء في المسيرة الى المجد. وبدء المسيرة ان السيدة تجسد منها ومن الروح القدس كلمة الله الذي كان في البدء. سلام الملاك يوضح لمريم: “الروح القدس يحلّ عليك وقوة العليّ تظللك”. ما من شك ان استعمال جبرائيل لفعل ظلل يشير الى المظلة التي كانت ترافق شعب الله قديما وصارت في ما بعد هيكل اورشليم. الفكرة اذًا، ان مريم هي هيكل الله الجديد او اول كنيسة للمسيح ولا كنيسة الا اذا أقامت هي فيها. في اول كنيسة اجتمعت في اورشليم في العلية التي كان التلاميذ مجتمعين فيها “يواظبون بنفس واحدة على الصلاة كانت مريم ام يسوع معهم” (اعمال الرسل 1: 14). اذًا، لما حلّ عليهم الروح القدس حلّ ايضًا على مريم كما حلّ عليها عند البشارة ليكون الكلمة جسدًا. رافقها هذا الروح حتى منتهى سكناها الأرض. وهذه هي الحياة في المجد قبل انتقالها الى المساكن السماوية. لم يبقَ من حديث عن مريم في الإنجيل بعد هذا اذ بدأ الحديث عن الروح القدس في تكوينه للكنيسة. كانت العذراء ملازمة للكنيسة اذ قالت هي: «ها منذ الآن يطوبني جميع الأجيال» (لوقا 1: 48). الكلام الإنجيلي هكذا يوحي بأن الإنسانية التي تعتمد الإنجيل كتابا لها تلتفت الى البتول، الى تلك التي صنع القدير بها عظائم (لوقا 1: 49). الذين يعرفون قيام مريم في المجد يخاطبونها مستشفعين. نظر اليها كاتب سفر الرؤيا صورة عن الكنيسة. قال: «وظهرت آية عظيمة في السماء امرأة متسربلة بالشمس والقمر تحت رجليها وعلى رأسها اكليل من اثني عشر كوكبا» (1: 12). الفن البيزنطي ما عدا نموذجا استثنائيا يرسمها حاملة الطفل. هي تستمد منه كل ما عندها من بهاء. ليس عندها قدرة من ذاتها. انها تعطي ما نأخذ من الرب. واذا كنت انت محبا للرب تذهب الى كل سطوعاته فإنه عظيم في قديسيه وبينهم هي الأولى. فالعلم بمريم هو جزء من العلم بالمسيح. ¶ ¶ ¶ لعلّ هذا العيد مناسبة لأقول ان ما يسمى شفاعة القديسين او توسلاتهم او وساطتهم كلمات لا تلغي وساطة المسيح الوحيدة. ان الخلاص قد تم دفعة واحدة في شخص المخلص ولا يزيد عليه احد شيئا اذ ليس خارج هنا الخلاص قوة. نحن الأرثوذكسيين لا نقبل اعتبار مريم شريكة في الخلاص. ليس من انسان يقدر ان يخلّص انسانا. لكنا نؤمن ان اهل السماء يصلون كأهل الأرض لأن قيامة المسيح فاعلة منذ الآن والذين ذاقوها وطئ المسيح بها موتهم. الذين انتقلوا الى المجد قائمون على صلاتهم وليسوا مجرد عظم رميم. هم احياء عند ربهم اي يخاطبونه ونحن نخاطبهم ونواكبهم ويواكبوننا في وادي البكاء الذي نحيا فيه هنا. كنيسة السماء وكنيسة الأرض واحدة. والسماء ترتيل بعد لطف إلهي بالقديسين. هل يحق لك ان تقول ان السماويين صامتون وان مريم غائبة عن مجد ابنها وإخوتها واخواتها في البرارة! هي كلمة بعد ان سكنها الكلمة وبعد ان اعطى المدعوين الى عرس قانا الجليل في حضرتها خمرا ليفرحوا. ما معنى قول بعض: أليس يستطيع الرب ان يستجيب لنا مباشرة؟ هل اذا اودعت مريم نعمة التمستها انت وانسكبت من عندها لا يكون المخلص يعاملك مباشرة. في ملكوت المحبة فوق. ما المباشرة وما المداورة؟ ألسنا وكبار الذين سبقونا الى الرحمة جسد المسيح الواحد نتعايش في الروح القدس؟ المطران جورج (خضر) |
||||
16 - 06 - 2016, 05:47 PM | رقم المشاركة : ( 13065 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
المــــوت والحيــاة أيضًا وأيضًا
يقول القدّيس يوحنّا الدّمشقيّ: “لقد سمح الله بالموت لكي لا يكون الشّرّ عديم الزّوال”. الإنسان يتوق إلى الأزليّة. نحن لم نُخلَق للموت بل للحياة. يقول في سفر الحكمة: “ليس الموت من صنع الله… خلق الله الجميع للبقاء. فإنّ الله خلق الإنسان خالدًا وصنعه على صورة ذاته، لكن بجسد إبليس دخل الموتُ إلى العالم” (راجع سفر الحكمة 1: 13 و2: 23). في المسيح القيامة موجودة فينا بالقوّة. هي قوّة الرّوح القدس، عربون الحياة الأبديّة، نأخذه في كلّ الأسرار المقدّسة منذ المعموديّة وفي المناولة، الأفخارستيّة، سرّ الشكر… يقول القدّيس مكسيموس المعترف: “الإنسان واحد من نفس وجسد. الإنفصال بين الجسد والنّفس في الموت يناقِض الطّبيعة الأصليّة. كما أنّ الموت يناقض، هو أيضًا، مشيئة الله في الخلق”. إيماننا بالرّبّ يسوع، القائم من بين الأموات، يعطينا الإمكانيّة أن نعيش الفرح الأزليّ منذ الآن كعربون للحياة الأبديّة. *** لماذا التّفجّع عند الموت؟!. صحيح إنّه من الطّبيعيّ أن يحزن الإنسان عند فراق أحبّائه بشريًّا، ويبكي عليهم كما بكى يسوع على فراق صديقه لعازر، لكنّ الرّسول بولس يقول في رسالته إلى أهل تسالونيكي: “لا تحزنوا كباقي النّاس الّذين لا رجاء لهم” (1 تسالونيكي 4: 13). ألا تعلمون أنّ الموت هو معبرٌ من الأرض إلى السّماء، من هذه الحياة العابرة إلى الحياة الأبديّة. ألا يقول الرّبّ في إنجيله: “الحقّ الحقّ أقول لكم: من يسمع كلامي ويؤمن بالّذي أرسلني فله حياة أبديّة ولا يأتي إلى دينونة، بل قد انتقل من الموت إلى الحياة” (يوحنّا 5: 24). الّذي يقتني في قلبه ذكر الرّبّ يسوع الدّائم يبقى هادئًا عند ساعة موته أو ساعة موت أحبّائه. إنّه يعيش هذه الطِّلبة الواردة في خدمنا الكنسيّة: “أن نتمِّمَ بقيَّة زمان حياتنا بسلام وتوبة”. لا تلتصِقْ يا أخي كلِّيًّا بهذه الدّنيا الوقتيّة وملذّاتها، التصق بالرّبّ يسوع وحده حتّى يبقى فكرك دائمًا في العلاء، في الفردوس، بينما أقدامك تكون على الأرض، شاهِدًا، كربّك وحده، من خلال أعمالك الصّالحة. يقول المثل الرّهبانيّ المعروف: “إن مات الإنسان قبل أن يموت (أي إن مات عن أنانيّته) فلن يموت عندما يموت”. هذا يعني أنّ كلّ من يضحّي بنفسه وبمصلحته محبّةً بالمسيح القائم، ومحبّةً بإخوته، هذا يذوق طعم القيامة مسبقًا في أيّ وقت من حياته، وبخاصّة ساعة انتقاله إلى الحياة الأبديّة. + أفرام، مطران طرابلس والكورة وتوابعهما |
||||
16 - 06 - 2016, 05:48 PM | رقم المشاركة : ( 13066 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الصلاة تنفُّس
حالتنا مع الرب اننا دائمًا معذبون وان الرب دائمًا يشفي. ليس لنا ان نتساءل لماذا نحن هكذا، لماذا نحن في الآلام، لماذا وُجدنا في الآلام. الوحي الإلهي لا يجيب عن هذا السؤال، لا يقول لأي سبب نحن مطروحون في الأوجاع، في أوجاع الجسد، في أوجاع الروح، في أوجاع الضمير. يكتفي الكتاب الإلهي بأن يلاحظ ذلك وينطلق منه ليكشف لنا كيف نستطيع أن نخرج من هذه الآلام او كيف نقدر ان نحتملها ونحوّلها الى طاقة إبداع وتقرّب من الله فنجعلها سُلّمًا نرتقي بها الى السماء. عندنا في الكتاب الإلهي وعود بالشفاء وبالخلاص المؤكد من الخطيئة. وعندنا وعد بالفرح وكشف للحياة الأبدية التي تأتي عندما نتقبّل سرّ الله ونطيعه في كل ما نذوقه من مصائب الدنيا، في الروح كان أم في الجسد. عندما نكون في حال من هذه الأحوال، في عذاب كالذي كان فيه كل الذين طلبوا الشفاء من السيد، يكون لسان حالنا مثلهم : “يا رب ارحمني”. “يا ابن داود ارحمني”. “يا رب ارحم ابني فأنه يتألم جدًا…” نلاحظ أن كلها كلمات استرحام وهذا أشمل من الشفاء. عندما نطلب الشفاء، أكثرنا يطلب شفاء الجسد، وهذا جيّد. لكننا لم نصل الى أن نتألم من تسرّب الخطيئة الينا فنطلب أن تُرفع عنا ونبقى للمسيح. ما هو موقفنا من المُصاب بعد ان نقع في الشر، بعد ان تجتاح الظلماتُ نفوسنا؟ أية صلاة نصلّي؟ هل نحن واثقون بأن الله نفسه ينحدر الينا اذا صلّينا؟ هل نعرف بأن الله يريد أن نحدثه؟ ان ندخل معه في حوار؟ الله قادر بالطبع أن يستجيب في كل حين، وهو مستجيب بالفعل اذا سألنا واذا لم نسأل لأنه يعرف حاجاتنا. ومع ذلك فالرب يفضّل أن نكلّمه لكي نتدرب على صداقته. انه يطلب منّا هذه الدالّة، دالّة البنين على أبيهم. وهذا ما نطلبه في القداس الإلهي قبل أن نتلو الصلاة الربيّة إذ نقول: “وأَهّلنا أيها السيد ان نجسر بدالة لندعوك أبًا”. الله يريد ن يختلط بنا، أن يُعاشرنا لكي نعرف أننا ارتفعنا الى مصف الألوهة ولكي ندرك أن الله تنازل الى مصف البشر. واذا جاء الله الى نفوسنا كما هي، كما نعهدها، في ضعفها، في هَوانها، في قذارتها، اذا جاء الله الى هذه النفوس فهو شافيها. ان مشكلة الانسان الحديث المعاصر هي انه يكتفي بذاته لأنه اصطنع دمى، أُلعوبات يلهو بها، وظن انه يكتفي بهذا لا سيما اذا كسب بعض المال وكفى نفسه شر العيش، فإنه ينغلق على نفسه ولا يسأل عن شيء. هذا هو شر الانسان في هذا الجيل الذي نحن فيه، ولهذا يقول الرب: “ايها الجيل الفاسد الشرير، الى متى أكون معكم، حتى متى أَحتملُكم” (متى ١٧: ١٧). عندما يغلق الانسان النوافذ بالكلية على نفسه، مع الوقت يموت لأنه لا يتنفّس. نحن متى اكتفينا بأُلعوباتٍ اصطنعناها واكتفينا بها نُغلق نافذة السماء علينا ونختنق. الانسان لا يختنق فقط من رئتيه ولكن عقله يتجمّد وقلبه يذبُل وضميره يسكع فيموت روحيا. ما هي الصلاة إزاء هذا الوضع؟ الصلاة هي ان نفتح النوافذ متى أَحسسنا بالانغلاق، نفتح نوافذ القلب الى السماء فيأتي الله الى نفوسنا، وعند ذاك فقط نستطيع أن نعيش. الصلاة تنفّس. اذا ما كنا متأكدين من هذا الأمر، نستطيع ان نتغلب على جميع تجارب الدنيا لأن أرواحنا تكون مليئة من هواء النعمة. جاورجيوس، مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان) |
||||
16 - 06 - 2016, 05:49 PM | رقم المشاركة : ( 13067 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
البراكليسي
كلمةٌ معناها ﭐبتهال. في النِّصف الأوَّل من شهر آب، تُشير الكلمة إلى خدمةٍ اِبْتِهَالِيَّة للعذراء والِدَة الإله تُقَامُ كلّ يوم خلال هذه الفترة الصِّيامِيَّة الَّتي تَسْبِق عيدَ رُقَادِ السَّيِّدَة في 15 آب. شهرُ آب هو شهر مريم العذراء الكُلِّيَّة القَدَاسَة. تَمْتَدُّ خِدْمَةُ العيدِ إلى يومِ وداعِه في 23 آب. قديمًا، وبموجَبِ قرار من الإمبراطور أَنْدْرُونِيكُس الثَّاني باليولوغُس، كان ذِكْرُ والدةِ الإله، في عيد رقادِها، يمتدُّ خلال شهر آب كلّه، من 1 إلى 31 منه، حتَّى أنَّه في 31 آب يُعَيَّدُ لوضعِ زَنَّارِ والدة الإله الكريم. * * * أمَّا البراكليسي، فهي صلاةٌ خُشُوعِيَّةٌ تَعُودُ نَوَاتُهَا إلى القرنِ الخامِسِ، وقد تطوَّرَت وﭐتَّخَذَتْ شكلَها الحاليّ “قانونًا” شِعْرِيًّا ذا تسع تسابيح. في القرن التَّاسِع وفي القرن الخامس عَشَر أُضيفَتْ إلى هذا القانون الطِّلْبَات والطُّروبارِيَّات، فـﭑكْتَمَلَ ترتيب خدمة البراكليسي بشكلها النِّهائيّ. خدمةُ البراكليسي تقامُ خلال صومِ السَّيِّدَة تهيئَةً لعيدِ رُقَادِهَا، ولكن، يمكِنُ أن تُقامَ أيضًا في طَلَبِ شفاءِ مريضٍ، في الكنيسة أو في منزل المريض. الجدير بالذِّكْرِ هنا، أنَّه جَرَتِ ﭐلعَادَة بتأليف خَدَمَاتٍ ﭐبْتِهَالِيَّة تَوَسُّلِيَّة لقدِّيسين كِبَارٍ آخَرين على غِرار خدمة البراكليسي الموجَّهَة للعذراء والدة الإله. العذراءُ مريمُ والدةُ الإله هي “الشَّفيعَة غير الخَازِيَة” و”الوسيطَة غير المردودَة”، تُسْرِعُ إلى معونتِنَا نحن الصَّارِخِينَ إليها كما يُرَنِّمُ، بالضَّبْطِ، شاعِرُ القِنْدَاقِ: “يا شفيعةَ المسيحِيِّين…”. عندما نُرَدِّدُ الآيَة: “أيَّتُها الفائِقُ قُدْسُهَا والدةُ الإلهِ خلِّصينَا”، نقصدُ خلاصَنَا بشفاعاتِهَا عند ﭐبْنِهَا الرَّبّ يسوع المسيح ربّنا ومخلّصنا وحده. كيف تتمّ هذه الشَّفَاعَة؟. اُنْظُرُوا جَيِّدًا عملَ القدِّيسين العجيب. مريمُ هي أمُّنَا جميعًا نحن تلاميذ الرَّبّ الَّذين أحبَّهُم يسوع فادينا على الصَّليب. “هوذا أمّكم” (راجع يوحنا 19: 26-27). اذًا، نحن أيضًا بجرأة ومحبّة الأولاد للأمّ نتوجَّه بهذا ﭐلاِبْتِهَال، البراكليسي، إلى والدة الإله لكي تنقل إلى ربّنا يسوع طلباتنا من أجل خلاص نفوسِنَا وخلاص العالم أجمع. كم نحن بحاجة إلى هذه الصَّلاة في أيَّامنا الصَّعْبَة هذه!… كيف تتم الشَّفاعة؟! وما معنى الدَّالَة عند مريم لدى ﭐبنها ومخلّصها يسوع؟ هي الممتَلِئَة نعمة، الأرحَب من السَّماوات، الملكة الجالِسَة عن يمين الملك. كلّ القِوى غير المخلوقَة تَكْتَنِفُهَا من كلِّ جانِب أقوى من أشعَّة الشَّمس العقليَّة، وهي بطَهَارَتِهَا، وكما يذكر القدِّيس نيقولاوس كَبَاسِيلاس بموجب محبّتها الغزيرة نحو ﭐبنها، تعكسُ هذه القِوَى الخلاصيَّة لكلِّ من يبتَهِلُ إليها من كلّ قلبه من أجل خلاصه وخلاص العالم. مرآةٌ صافِيَةٌ، إِنَاءٌ نَقِيٌّ، حنانٌ كامِلٌ، هذه هي مريم الَّتِي نتوسَّلُ إليها في خدمة البراكليسي الكبير والصَّغير في كلِّ يومٍ من أيَّام صوم السَّيِّدَة. فَلْنُقْبِلْ إليه في غروب كُلِّ يومٍ وَلْنَبْتَهِلْ إلى والدة الإله بحرارة ومن عمق القلب واثِقِينَ أنَّها قادِرَةٌ أن توصِلَ طلباتِنَا إلى العرش الإلهيّ حيث ﭐبنها الحَمَل المذبُوح والغالِب الموت، الجالِس على العرش الإلهيّ مخلِّص نفوسنا ومنقذ هذا العالم الحزين الَّذي يتخبَّط من كلّ صوب طَلَبًا للنَّجاة. + أفرام مطران طرابلس والكورة وتوابعهما |
||||
16 - 06 - 2016, 05:50 PM | رقم المشاركة : ( 13068 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
“أنا الكرمة وأنتم الأغصان”
(يوحنّا 15: 5) الرّبّ يسوع المسيح هو الدّالِيَة المُعَلَّقَة على خشبة الصَّليب، يلتصق بالخشب، ويلتصق، أيضًا، بالعنب: “واحد من الجند طعن جنبه بحربة وللوقت خرج دمٌ وماء” (يوحنّا 19: 34). الدّم يشير إلى ذبيحة الخلاص، سرّ الأفخارستيّة، والماء يشير إلى سرّ المعموديّة، الولادة الجديدة. كلّ ذلك يتمّ بإعطائه لنا موهبة الرّوح القدس. فبنعمة الرّوح القدس نحن، كالأغصان، ملتصقون بالكرمة، مرتبطون بالمسيح، متّحدون به. هذا ما يقوله جليًّا القدّيس كيرلّس الإسكندريّ. يضيف الإنجيليّ يوحنّا: “كلّ غصن فيّ لا يُثْمِرُ يقطعه، وكلّ غصن يُثْمِرُ ينقيّه ليأتي بثمر أكثر” (يوحنّا 15: 2). الغصن معلّق بدالِيَةِ الكرمة. إن وُجِدَ بدون ثمر يأتي الكرّام ويقطعه بالمقصّ، ويطرحه في النّار فيحترق. أمّا الأغصان الّتي تُثْمِرُ فهي تُنقَّى لئلّا تصبح حطبًا، ولكي تُثْمِر أكثر. هكذا، كما يقول الرّسول بولس: “اِحملوا سلاح الله الكامِل… وسيف الرّوح الّذي هو كلمة الله” (أفسس 6: 17). الإنجيل، أي كلمة الله، هو الّذي يطهِّرُ الأغصان الفاسِدَة، أي ينقّيها من تلوُّث الملذَّات لكي تُثْمِر أكثر، لأنّ الإهتمامات الدّنيويّة وملذّاتها هي الّتي تعيق تَقَدُّم الإنسان وإِثْمَاره بالفضائل. الكرمة هي، أيضًا، جسد المسيح، أي الكنيسة. الأغصان، الّتي هي نحن، تأخذ رطوبة حياتها من أمّها الكرمة، الكنيسة، لكي تحمل ثمارًا. هذه الرّطوبة، الماء الحيّ، هي نعمة الرّوح القدس، ويوصينا الرّبّ يسوع بشدّة قائلًا: “بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئًا (…) اُثْبُتُوا فِيَّ وأنا فيكم… اُثْبُتُوا في محبَّتِي، هذا إذا حفظتم وصاياي” (راجع بدقّة الإصحاح 15 من يوحنّا). ما أحلى وما أجمل هذا الكلام!!. يُبَيِّنُ المسيحُ، هنا، أهمّيّة المحبّة المرتَبِطَة به، كما يقول القدّيس كيرلّس الإسكندري. أمّا المغبوط أغوسطينوس فيُشِيدُ بالنّفوس المتواضِعَة بقوله: “الّذين يَوَدُّونَ إِرضاء أنفسهم، فيظنّون أنّهم ليسوا بحاجة إلى الله للقيام بالأعمال الصّالحة (…) هذا منتهى الكبرياء”. كم يَسْرِي هذا الكلام بالنّسبة للإنسان المعاصِر. فقولوه يا إخوة إلى كلّ من حولكم، قولوه لأنفسكم أوّلًا، ومن ثمّ للعالم أجمع: “بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئًا” (يوحنّا 15: 5). أخيرًا وليس آخِرًا، يأتي القدّيس يوستينوس الشّهيد ويشجّعنا للصّمود أمام الأحداث الصّعبَة الحاضِرَة بقوله: “الكرمة الّتي غرسها الله، المسيح المخلّص، هي شعبه، فإذا اقتطع أحد ما أجزاءً من هذه الكرمة المُخْصِبَة، تَثْبُتُ أغصان أُخْرَى، فتنمو مُزْدَهِرَةً ومُثْمِرَة”. هكذا، إذا اضْطُهِدْنَا وتَعذَّبْنَا فلا نتخلَّيَنَّ عن اعترافنا المسيحيّ، لأنّه بذلك نتنقّى نحن المسيحيّين من خطايانا فيزداد بسببنا الإيمان بالرّبّ. أفرام، مطران طرابلس والكورة وتوابعهما |
||||
16 - 06 - 2016, 05:51 PM | رقم المشاركة : ( 13069 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الهيكل الحيّ لله (حول خدمة المديح الذي لا يُجلس فيه) “يا والدة الإله، انبما ك هيكل حيٌ لله، نمدحك مرتلين هكذا: افرحي يا خيمة للإله الكلمة، افرحي يا قدّيسة أفضل من قدس الأقداس”
تتكلّم هذه الصور الرائعة عمّا تحقّق في العذراء من نبوءاتٍ ورسومٍ مسبقة عنها وردت في العهد القديم. فالعذراء هي الهيكل الحقيقيّ، لأنّها حَوَت وحملت الكلمة ذاتها. في العهد القديم، استلم موسى الوصايا الإلهيّة العشر على جبل سيناء مكتوبةً على لوحَين حجريَين، فصارتْ هذه الكلمات المنقوشةُ على لوحَين حجريَين، كلمةَ الله وخطابَه للبشر، وكانت تمثّل إرادته، وتعبّر عن حضوره بينهم. لذلك حلّت محلّ الله مباشرة. وبنى الناس لله هيكلاً ووضعوا فيه هذه الألواح. وكان هذا الهيكل متنقّلاً مع الشعب من مكانٍ لآخر. إذ وضعوا هذين اللوحين في صندوق، أو “تابوت”، وهو عبارةٌ عن بيتٍ خشبيٍّ، ووشّحوه بالذهب، ونصبوا حوله رسوماً للشاروبيم والسارفيم. وكانت هذه الخيمة ترافقهم. كانت هذه الخيمة بما فيها التابوت مع لوحَي العهد هي الهيكل في العهد القديم. وكان الشعب يصطحبها معه في مسيرته وكانت مجداً للكهنة وملجأً لهم في الحروب، تتقدّمهم ويأخذون منها العون الإلهيّ. لما استقرّ الشعب في أرض كنعان، كان هذا الهيكل المنتقل كنـزهم ومجدهم، فتقاسموه بين أسباطهم، وكانوا ينقلونه فيما بينهم. ما كان صوراً ورسوماً صار حقيقةً. الهيكل هو المكان الذي يحضر الله ويلاقي الإنسان فيه. كلُّ الهياكل حَوَتْ داخلها حضرةَ الله، أو كلمةً من كلماته أو عشر كلماتٍ منها. أمّا الهيكلُ الحقيقيُّ والمتنفِّسُ والمصنوعُ من بَشَرةٍ إنسانيّةٍ لا من طبيعةٍ حجريّةٍ، فكان العذراءَ مريم، التي لم تحوِ وصايا الله بل حَوَتْ الله ذاته. فالعذراء هي الهيكل الحيّ وهي الأقدس من قدس الأقداس، لأنّها حملت الكلمة ذاتها. والعذراء هي تابوت عهد الله موشّح، ولكن ليس بالذهب الماديّ، وإنّما كان مذهّباً بالروح القدس الذي ظلّلها وحلّ عليها. العذراء هي كنـزٌ لا يفنى، إنّها تابوت العهد الجديد الذي يفوق تابوت العهد القديم بكثير. فهي كنـزٌ لا يفنى ولا يتقاسمنا عليه أحد، ولا يُفقد كما فُقد التابوت في العهد القديم أثناء السبي. إنها الهيكل الحقيقيّ وتاج الملوك وحمايتهم الحقيقيّة، بشفاعتها التي لا تُردّ. كيف لا وترانيم المديح كُتبت بعد غلبة الشعب المسيحيّ بواسطة أيقونة العذراء القائدة. ومن هناك دخلت ترنيمة: “إني أنا عبدك يا والدة أكتب لك رايات الغلبة…”. العذراء إذاً هي سورٌ لا ينهدم وبرجٌ للكنيسة لا يتزعزع. بالعذراء يقوم الظفر ويسقط الأعداء الروحيّون. في العهد القديم، كان الهيكل الحجريّ يحوي كلمات الله -الوصايا. وكان ذلك تمهيداً ورسماً لما سيتحقّق في البتول، التي هي الهيكل الحيّ والتي حوت الله ذاته. هناك سمع الناس كلمات الله وهنا تصّرف الناسُ مع الله. يعمّم بولسُ الرسول الهيكلَ على الناس جميعاً. ويقول: “أنتم هيكلُ الله الحيّ”. وهذه حقيقةٌ نحياها وتتحقّق فينا بالمناولة وبالنعم الإلهيّة المعطاة لنا في الكنيسة. لذلك نتابع نحن تحقيقَ ما أراد الله تحقيقه في العذراء. وبحسب بولس الرسول، علينا إذاً أن نكون هياكلَ نظيفةً طاهرةً وشريفة. العذراء هي الهيكلُ الحيُّ الأمثل. وجميعنا بعدها نقتدي بها فنصير هياكلَ لكلمة الله مثلها، حين نكون عذارى النفس وطاهري القلب وأنقياء بالحواس والأعمال وفي كلّ تصرفات الحياة، آميــن. المطران بولس (يازجي |
||||
16 - 06 - 2016, 05:52 PM | رقم المشاركة : ( 13070 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
إيمان بطرس
الحـادثـة التي سـبـقـت أُعـجـوبـة مشـي يسـوع عـلـى سطـح بحيـرة طبـريـا كـانـت حـادثـة إكثـار الخبـز، والـناس كـانـوا كثيـريـن وكـان لا بـد ليسـوع ان يصـرف الجمـوع، فألـزم الـرب تـلاميـذه أن يسبـقـوه الـى الضفـة الأُخـرى مـن البحيـرة وهـي المسمّـاة العِـبـر حـتـى يصـرف الجـمـوع. بعـد أن صرفهم صعد الى الجبـل ليصـلّـي. يسوع في طبيعته البشرية كان يُصلّي الى الله الآب. كان دائمًا يصلّي وحده في بنوّته للآب، ليس أحد معه. كلامه للآب غير كلام الناس. لم يكن عنده حاجات يطلبها. بقي وحده في الجبل، وقد سارت السفينة حتى أواخر الليل تقذفها الأمواج لأن الريح كانت مضادة. وبحيرة طبريا كبيرة جدا (12 كيلومترًا طولا) والرياح ممكنة فيها. التـقى يسـوع بالسفـينـة مـاشيـا عـلى البـحـر. ولـما رآه التـلاميـذ لـم يـعـرفـوه فـنـاداهـم قـائـلا: تـشـجّـعـوا أنـا هو لا تخـافـوا. الطـمأنـيـنـة تـأتـيـنـا مـن يسـوع اذا كـنـا فـي حـالـة اضطراب. المسيح وحده يُخـرجنـا مـن الخـوف لأنـه هـو السـلام. بعـد كـلام الـرب أجـابـه بـطـرس: “مُـرنـي أن آتـي إليـك. فقـال: تعـال”. فـنـزل بـطـرس ومشى على المـاء ليـأتـي الى يسـوع. بـقـوة يسـوع استـطـاع أن يعمل مثـل يسـوع اي أن يمـشي عـلى الـماء. “لكـن لمـا رأى الـريح شديـدة خـاف وأخـذ يغـرق”. لـما كـان يـرى يسـوع وحـده لـم يكـن يضطـرب مـن العـاصفـة، لـم يحـسّ بالعـاصفـة. “فـفـي الحـال مـدَّ يسـوع يـده وأَمسـك بـه وقال له: يا قليل الإيمان لماذا شككت”. أَدخل المخلّصُ الى قلب الرسـول السلام فـعـاد ينظـر الى وجـه يسوع فقط. الانسان يخشى كل عاصفة وكل ضعف يأتيه. المخلّص وحده يجعله غير متأثر بأية حال من حالات الضعف. عنـدما عـادت الطمأنينة الى قـلب بطـرس مشى مـع يسوع الى السفينة. “ولما دخلاها سكنت الريح”، اي عندما أحس بطرس انه في حماية يسوع ورعايتـه زال عـنـه الخـوف. ولما رأى التـلاميذ أعجـوبـة خلاص بطـرس مـن الغـرق سجـدوا ليسـوع اي اعتـرفـوا بأنـه مخـلّصهم من كل خـوف ومـن كـل سقطـة. “فسجـدوا له” أي اعتـرفـوا أنـه ابـن الله. هذا هو الاعتراف الذي سيـقـولـه بطـرس بعـد فـتـرة وجـيـزة: “انـت المسيـحُ ابـنُ الـله الحـيّ”. هذا كان إيمـان التـلاميـذ لـمـا نجـوا مـن الغـرق. إيمان بطرس هو إيمان الجمـاعـة وهـو صخـرة الكنيسـة. القـول بأن المسيـح هـو ابـن الله الحيّ هـو كل الإيمان. وأي كلام آخـر متفـرّع عنـه. وهـذا هـو الاعتـراف الذي تبـنـّاه دستــور الإيمـان في المقـطع الذي يبـدأ “وبـرب واحـد يسـوع المسيـح ابـن الله الوحيـد”. جاورجيوس، مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان) |
||||