09 - 06 - 2016, 06:13 PM | رقم المشاركة : ( 13011 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
جحيم اللاّمبالاة!.
الإنسان إحساس. يَضمر الإحساس فيه فيموت. إذ ذاك، تموت مقوِّمات الإنسان فيه قبل أن يموت جسدُه ويُوارى الثَّرى!. كيف تعرف إن كان فيك إحساس أم لا؟ لا أقصد ما تظنّ في نفسك، بل ما أنت عليه. إن أحسست بألم غيرك!. أقول بـ”ألمه” لأنّ كلّ إنسان متألّم. الألم هو أدلّ إشارة على واقع الإنسان!. لا يكفي أن يحسّ المرء بألمه الخاصّ به ليكون إنسانًا. الحيوان، أيضًا، يحسّ بما هو خاصّ به. لكن هذا لا يجعله إنسانًا. كذلك، يحسّ الحيوان بمعاناة مَن له. لكنْ، هذا، لأنّهم له، منه… حتّى لو أحسّ ابن آدم بمعاناة مَن له، فهذا يبقى في حدود الإحساس بخاصّته هو، في الامتداد!. ولا هذا يجعله إنسانًا!. الإنسان يبدأ مشروع إنسان، طاقة إنسان، إنسانًا بالقوّة، بالمعنى الفلسفيّ للكلمة!. الإحساس يقتنيه بالجهد!. ينمو فيه بالتّعب!. للإنسان أميال، أهواء، نزعات، استعدادات… الحيوان تسيِّره الغريزة. ما يأتيه يأتيه بقوّة الغريزة؛ يدافع عن نفسه، لحفظ البقاء، بقوّة الغريزة؛ ويفترس بقوّة الغريزة!. لذلك، لا يعرف الحيوان الخطيئة!. الإنسان ليس كذلك. ليست للحيوان إرادة. للإنسان إرادة. في الإنسان ما هو شبيه بما هو في الحيوان، لكنّه ليس حيوانيًّا، لأنّ للإنسان قلبًا. كلّ ما في الإنسان محكوم بالقلب!. يحبّ، يكره… الحيوان لا يحبّ ولا يكره!. لذلك يعرف الإنسان الخطيئة!. الخطيئة موضوع إرادة، موضوع قلب!. الخطيئة، في الإنسان، هي أن لا يحبب!. كلّ خطأ في الإنسان له علاقة بالخطيئة فيه!. الإنسان يحبب أو لا يحبب. لا شيء بين هذا الأمر وذاك!. إن أحبّ أحسّ بآلام غيره، بآلام الغرباء عنه، الّذين لا رابط قربى له بهم، ولا مصلحة تشدّه إليهم!. فقط لأنّه يحبّهم ينعطف صوبهم. لا يطلب شيئًا لنفسه فيهم. يطلبهم لذاتهم. هذا ما يصيِّره إنسانًا. يحقّقه كإنسان. لا يولد الإنسان إنسانًا. يصير إنسانًا!. فقط بالمحبّة تستقيم نفسه!. للحيوان إحساس عضويّ نفسيّ. طبعًا، للإنسان، أيضًا، إحساس عضويّ وشعور نفسيّ خاصّ به، لكنْ، ليس هذا، بصورة أساسيّة، ما يميِّزه!. ما يميِّزه، في العمق، هو إحساسه في القلب، في الكيان!. كلّ اعتبار للإنسان حيوانًا متطوّرًا، بما في ذلك القول به، في الأصل، نوعًا من الأسماك أو القرود، فكر عبثيّ، هرطقة إنسانيّة، تأتي من اعتبار الحبّ واقعًا عضويًّا شعوريًّا، ما يجعله معطًى حيوانيًّا!. متى اقتبل أحدٌ مثل هذا التّصوّر عن الإنسان، اقتبل، لا بل اكتفى من مقارنته بالحيوان بما للعقل من قوّة فيه، فقال بالإنسان “حيوانًا عاقلًا!. في هذا السّياق، كلّ تعامل للإنسان مع الحيوان كأنّه مع الإنسان، أو كأنّه يستعيض به عن الإنسان، لا يعدو كونه إسقاط مشاعر وانحرافًا وإمعانًا في فقدان الإنسان الإحساس الكيانيّ القويم بالآخرين وآلامهم، ما يضربه بالاختلال الكيانيّ في مستوى القلب!. في هذا الاختلال، بالذّات، يكمن عمق الخطيئة في الإنسان!. على هذا، ليس الخيار بين أن يصير الإنسان إنسانًا بالإحساس، بالحبّ، أو أن يكون حيوانًا، أي يسلك حيوانيًّا!. كلّا!. بل إمّا يصير الإنسان إنسانًا أو يصير شيطانيًّا!. أنتم من أب هو إبليس وأعمال أبيكم تعملون، قال يسوع لليهود!. إمّا يعمل الإنسان أعمال الله، أي يحبب، لأنّ الله محبّة، فيصير الله أباه، وإمّا يعمل أعمال إبليس، أي يحبب نفسَه، لا إلّاها، لأنّ إبليس هو المغترّ بذاته، فيصير إبليسُ أباه!. روحيًّا، أنت ابنُ مَن تعمل عمله!. عمل إبليس، ما أساسه؟ أساسه الكذب والقتل!. فمَن يعمل أعمال إبليس يرائي، يراوغ، يداهن، يخدع، يحتال… لذلك يتظاهر بالنّور وهو ظلمة. في قرارة نفسه، ابن إبليس فاسد النّيّة، غرضيّ، لا يطلب إلّا ما لنفسه، ولا يبالي إلّا بما لنفسه. يمكن أن يَصدق في الظّاهر، لكنّه لا يستطيع أن يتعاطى الحقّ!. بلى، يصدق، أحيانًا، ولكنْ ليخدَع!. هذه أفضل الحيلة عنده!. يصدق ولكن في معرض الكذب!. أمّا مَن يعمل عمل الله فإنّه يكون سليم الطّويّة، محبًّا، صالحًا!. لذا يكون في الحقّ!. قد لا يصدق أحيانًا، لكنّه لا يستطيع أن يتعاطى الكذب!. بلى، لا يصدق، أحيانًا، ولكنْ، لينفع، ليقي!. قد لا يقول الصّدق ولكنْ، يكون ذلك في معرض الحقّ!. في عالم السّقوط، لا يناسب، دائمًا، أن تكون صادقًا!. هذه ليست دعوة إلى الكذب أو تبريرًا له!. كلا، أبدًا!. المهمّ، أوّلاً وأخيرًا، أن يكون الحقّ فيك!. فلأنّ هناك سقوطًا، لم يعد هناك تلازم بين الصّدق والحقّ!. قبل السّقوط، لم يكن الأمر كذلك، ولا هو كذلك بعد القيامة العامّة!. في هذا السّياق، أمران يلفتان: كان السّيّد، أحيانًا، يتظاهر بما ليس عليه، كما في مرافقته تلميذَي عمواس. فعندما اقتربوا من القرية، تظاهر يسوع كأنّه منطلق إلى مكان أبعد (لوقا 24: 28)!. وعدم قول الصّدق، أحيانًا، يتضمّن الإخفاء!. يسوع أخفى عن عيون اليهود الويلَ الّذي كان ينتظرهم لنجاسة قلوبهم (لوقا 19: 41 – 42)، كما أخفى عن التّلاميذ فَهْم قوله لهم، إنّ ابن الإنسان سوف يُسلَم إلى أيدي النّاس، لأنّ السّاعة، ساعة إدراك معنى ما قاله لهم، لم تكن قد حانت، بعد!. عدم قول الصّدق، عند ربّك، هو للأثيم، المعاند، بقصد الحرمان، لأنّ له عينَين ولا يُبصِر وأذنَين ولا يسمع؛ وهو للصّدّيق، بقصد البنيان، لأن لكشف الحقّ، عند ربّك، أزمنة وأوقاتًا!. إذًا، الكذب شيء وعدم قول الصّدق شيء آخر!. الموضوع موضوع نيّة!. الكذب ينبع من إثم القلب الكذوب، فيما اللّاصدق من تدبير القلب المحبّ، المقيم في الحقّ!. والكذب، في الكَذوب، عديم الإحساس بالآخر، أي لا يقيم وزنًا للآخر ولا يبالي بمعاناته!. الآخر عند الكذوب نكرة لأنّ قلب الكذوب حجر!. لذلك يترافق الكذب والقتل في إبليس، وكذا في أبنائه، لأنّ إبليس أبُ كلّ كذوب، وهو القتّال للنّاس، من البدء، وأب كلّ قاتول!. ليس القتل نحرًا للآخر في جسده، متى نحر أحدٌ الآخر، إلّا لأنّ الآخر، في قلب الكذوب، شيء وليس كيانًا!. الكذوب يشيّء الآخرين، يلغيهم، لا يبالي لا بهم ولا بآلامهم، وهذا عينُ قتلِه إيّاهم، سواء نحرهم في أجسادهم أم لم ينحرهم!. ناحرهم هو، في قلبه، في أرواحهم، متى كان كذوبًا!. على هذا، أنت لست إنسانًا في ذاتك. تصير، تتحقّق، تصبح ناجزًا، كإنسان، تتكمّل، بالانعطاف، صوب الله، أوّلًا، وبالله، صوب النّاس، كلّ النّاس، بلا استثناء!. هذه حركتك الدّاخليّة لينمو ويتفتّح الإنسان الإلهيّ فيك، الإنسان الّذي شاءه ربّك، في الخلْق، أن تكون إيّاه!. ولأنّك تأتي من واقع السّقوط، مسيحك يأتيك كطبيب، ووصيّته كدواء!. طاعتك له علاجيّة!. لذا، ليس بإمكانك أن تسلك في وصاياه، إلّا بغصب النّفس، بالجهاد، بالتّعب!. لعازر، الّذي هو أنت، مريض!. لعازر، اللّفظة، يعني مَن يعينه الله، أو مَن لا معين له إلّا الله!. أنت لا تعرف طبيعة مرضك!. فقط تعي مرضك لأنّك تعاني، تتألّم، تقيم في الفراغ، في القلق، في الخوف العميق، في الاضّطراب!. تدرك، في عمق نفسك، أنّ مرضك للموت، نظير كلّ الّذين ماتوا!. غيرك سعى وأنت تسعى لاجتناب العاقبة، ولكنْ على غير طائل!. واحد فقط يقول لك كما قال للعازر ذات مرّة: “هذا المرض ليس للموت، بل لأجل مجد الله…” (يوحنّا 11: 4)!. ألم يكن يسوع يعلم أنّ لعازر سوف يموت في الجسد؟ ومع ذلك قال ما قاله وترك لعازر يموت!. كان يتحدَّث على موجة غير الموجة العاديّة للنّاس!. هناك مرض جسديّ وهناك مرض روحيّ!. المرض الجسديّ يؤدّي إلى موت الجسد، والمرض الرّوحيّ إلى موت الرّوح!. المرض الرّوحيّ هو أساس المرض الجسديّ والموت الجسديّ!. لو تكلّم يسوع على المرض الرّوحيّ وشفاء الإنسان منه، وكذلك على الموت الرّوحيّ وقيامة الإنسان منه، دون أن يشفي أمراض الجسد، ويقيم الموتى، فمَن كان يصدِّق ما يقوله؟ ما كان أحد ليؤمن به، ليثق بأنّ ما يقوله حقّ!. لذلك شفى المرضى مرّات ومرّات. حياته ملأى بأخبار الأشفية الّتي جرت على يديه. وكذلك، أقام الموتى: ابنة يايرس، رئيس المجمع، ابن أرملة نايين… وهنا يسوع يقيم لعازر بعد أربعة أيّام من موته!. كلّهم عادوا فماتوا من جديد!. صحيح!. لكن يسوع قام بالجسد إلى الأبد، وهو يقيمنا بالرّوح منذ الآن!. أما قال: مَن كان حيًّا وآمن بي فلن يرى الموت إلى الأبد؟ إذًا يسوع أعطانا البرهان أنّه يقيم الموتى، وقام هو وظهر لكثيرين!. وهو سيقيمنا في الجسد، في الوقت الّذي ارتآه في تدبيره!. أما قال: “تأتي ساعة، وهي الآن، حين يسمع الأموات صوت ابن الله والسّامعون يحيون…” (يوحنّا 5: 25)!. لكلّ ذلك، تطيع يسوع لتُشفى، لتحيا. هو وحده المخلِّص، الطّبيب والمحيي!. تتعب في حفظ وصاياه لتفعل نعمةُ الله، من خلال وصاياه، فيك!. بدوني لا تستطيعون أن تعملوا شيئًا!. فقط بالوصيّة، وتاليًا بالنّعمة الّتي تأتي من حفظ الوصيّة، تُعطَى أن تستقيم علاقتك بالنّاس. تصير قابلًا للإحساس بآلام النّاس. لا فقط تحسّ بآلامك الخاصّة، بل تعرف خطيئتك وتحسّ بفظاعتها ووطأتها عليك!. وخطيئتك غربتك عن الله!. غربتك عن النّاس من غربتك عن الله!. لذا متى عدت إلى نفسك، أي متى وعيت حقيقتك العميقة، ومن ثمّ عدت إلى الله، أي تبت إليه، وجدتك تعود، بصورة تلقائيّة، إلى النّاس. تقاربهم، تنعطف صوبهم، تحسّ بمعاناتهم!. وحدها معرفتك بخطيئتك وإحساسُك، بعمق، بها، يتيح لك أن تعرف حقيقة معاناتك، ومن ثمّ تجعلك حسّاسًا، حتّى التناضح، لمعاناة الآخرين!. فقط، إذ ذاك، يصير النّاس شركاء في حمْل آلام بعضهم البعض ويتحابّون، ويأتي تعبيرهم عن هذا التّحابّ في خطّ قول السّيّد: “احملوا بعضكم أثقال بعض، وهكذا تمّموا ناموس المسيح”!. هذه وحدها علامة الشّفاء، وهذا وحده عربون القيامة!. في مناخ اللّامبالاة الرّاهنة، في تعاطي النّاس، أحدهم بالآخر، يُفتقد إحساسُهم بعضهم بالبعض الآخر. الإنسان يموت!. أين تجد الإنسان، بعد؟!. أبناء إبليس يُفسدون أنفسهم ويملأون الأرض!. يتهافتون على الكذب والموت!. كلٌّ قتيل أهوائه وقاتل أخصّائه!. أعداء الإنسان أهل بيته!. لذّة الكذب تسري في عروقهم ومتعة الموت في أحشائهم!. الأرض تستحيل جحيمًا، والإنسان وحشًا!. ولكن، ثمّة بقيّة تشهد، وهي ملح الأرض، وتبقى كذلك، إلى أن يجيء ربّك في مجده!. الأرشمندريت توما (بيطار)، رئيس دير القدّيس سلوان الآثوسي، دوما – لبنان |
||||
09 - 06 - 2016, 06:17 PM | رقم المشاركة : ( 13012 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
النور والإيمان
مصدر النور هو الله. يقول الربّ يسوع المسيح الإله – الإنسان: “أنا نور العالم، من يتبعني فلا يمشي في الظلمة بل يكون له نورُ الحياة” (يوحنا 8: 12). الإنسان المستَنير بنورِ الله يصبح بدوره نورًا للعالم، كما أنَّ نور القمر يأتي من الشمس. يعلِّمنا آباؤنا القدّيسون أنَّ الإنسان يستنير بعد أن يُطَهَّر من أدران الخطيئة. لذا، بعد المعموديّة المقدّسة، ندعو الطفل بـ”المستنير جديدًا”، إذ إنَّ المعموديَّة تُدْخِلُ نورَ الله ليسكن ويستقرَّ في قلب الإنسان. * * * تأتي الاستنارة، أيضًا، من الإيمان، “والإيمان ليس للجميع” كما يقول الرسول بولس (2 تسالونيكي 3: 2). الإيمانُ شرارةٌ روحيَّة تلمَعُ في الدماغ (étincelle spirituelle) كما يقول القدّيس مكسيموس المعترف. صحيح أنَّنا نتربَّى على إيمان ذوينا، لكنَّ الإيمان يبقى “الثّقة بما يُرجى والإيقان بالأمور التي لا تُرى” (عبرانيين 11: 1) . الإيمان هو النَّظر إلى البعيد، كالنظّارتين الّلتين تساعداننا على الرؤية البعيدة حيث أن العينين الطبيعيّتين وحدهما لا تكفيان. كيف يستنير الإنسان بكلام الله؟ يبدأ الجهاد بغصب النَّفس في الصَّلاة ، في المطالعة وفي العمل أيضًا. يقول القدّيس يوحنا السلّمي:”إجتهِدْ أن تحبس فكرك في كلمات الصلاة”. عندها، تبدأ النِّعمة الإلهيَّة تتحرَّك وهي الكامِنَة في عمق النَّفس، إذ إنَّ كلمات الصَّلاة، أو كلام الله، تنزل من العقل إلى القلب. فإذا ثَبَتَ الإنسان في جهاده تصعدُ النِّعمة إلى كلّ أعضاء الإنسان حتى أطراف الحواسّ، كما يقول القدّيس ذياذوخس فوتيكي، فيُضْحِي الإنسانُ كلّه ممتلئًا من الرُّوح، وهكذا يستنيرُ الكيانُ كلّه، إلى حدّ أنَّ الفكر يصبح فكرَ المسيح والنَّظَرات نظرات المسيح والسَّمع سمعَ المسيح… هذا ما يحصل عند تناول جسد المسيح ودمه، كما يوضح القدّيس باسيليوس الكبير. * * * عسانا، بتسليم ذواتنا إلى الإيمان بيسوع المسيح إلهنا، وبجهادنا في الصَّلاة والعمل، نستنيرَ بنور الله ونصبحَ هكذا نورًا لهذا العالم. آمين. |
||||
09 - 06 - 2016, 06:34 PM | رقم المشاركة : ( 13013 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
العبادات الشيطانية: تاريخها، تطورها ووسائل انتشارها للاب اسبيريدون فياض إن من أكثر حيل الشيطان دهاء قدرته على إقناع الناس بأنه ليس له ثمة وجود حقيقي”. بود لير يحاول الإنسان إزاء عالم يسحقه وكائنات تخيفه، أو يرغب هو في السيطرة عليها، أن يكتسب قدرة تفوق قواه الخاصة، فتجعله سيّد الألوهية وبالتالي سيد مصيره. ولئن كانت الأنماط والأساليب قد تغيّرت اليوم، إلا أن الميل للسيطرة والرغبة في إخضاع المجهول لا يزالان متأصلين في قلب الإنسان، ويؤديان إلى ممارسات عدّة. وانه لمن الأمور التي تدعو إلى القلق البالغ في هذه الأيام الاهتمام المتزايد بالعبادات الشيطانية. في حديثنا عن العبادات الشيطانية لا يجب أن يغيب عن بالنا ما كان يتم في العبادات الوثنية من سحر، دعارة،ضحايا وسكر وفجور. لن نتكلم عنها الآن لأنها ليست خافية على أحد. وقد ندد بولس الرسول بالعبادات الوثنية،مرجعاً إياها إلى عبادة الشياطين: “ما يذبح للأوثان إنما يذبح للشياطين” .(1كور10: 20-21). كانت هناك تجربة تراود دائماً الوثنيين بأن يسعوا إلى استمالة هذه الأرواح الشريرة. بتقديم ذبائح لها.وهكذا يعملون على تأليهها. وعلى ضوء هذا نفهم كيف أن الكتاب المقدس وحّد الصورة صراحة بين الشياطين وبين الآلهة الوثنيّة. (مزمور96: 5). ولو أردنا أن نعرّف الوثنية لقلنا بأنها عبارة عن أناس يعبدون الشيطان بدلاً من اللّه ويقومون بأعمال الشيطان بدلا من أعمال الله. لان الشيطان أعمى أذهانهم وأعاقهم عن معرفة الإله الحق صانع السماوات والأرض. الأصنام عند الوثنيين ليست مجرد أفكار بل تستند أيضا على أسس روحية. فالعهد الجديد يظهر لنا كيف أن آلهة الأمم كافروديت وأبولو وزفس…، ليست مجرد تشخيص لقوات طبيعية بل هي إشارة حقيقية لقوات شيطانية تكمن وراءها. وهذا ما يؤكده بولس الرسول في رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس عندما يقول: “فماذا أقول. أوان الوثن شيء أو أن ما ذبح للوثن شيء. بل أن ما يذبحه الأمم فإنما يذبحونه للشياطين لا لله. فلست أريد أن تكونوا انتم شركاء الشياطين. لا تقدرون أن تشربوا كأس الرب وكأس شياطين لا تقدرون أن تشتركوا في مائدة الرب وفي مائدة شياطين” (1كور10: 19-21 ). لم تكن عبادة الأوثان حالة عابرة تم اجتيازها نهائياً. إنها تعود للظهور تحت أشكال مختلفة. فكل مرّة يكف الإنسان عن خدمة الرب، يصبح عبداً لمختلف الأسياد: المال (مت6: 24)، الخمر (تيطس2: 3)، الجشع القائم في رغبة السيطرة على القريب (كولسي3: 5، أفسس5: 5)، السلطان السياسي (رؤيا13: 8)، الشهوة والحسد والبغض (رومة6: 19،تيطس 3:3)، الخطيئة (رومة6:6). الشيطان بحسب الكتاب المقدّس والكنيسة: «أن تقفوا ضد مكائد إبليس. فإن مصارعتنا ليست ضد دم ولحم بل ضد الرئاسات ضد السلاطين، ضد ولاة العالم،عالم ظلمة هذا الدهر، ضد أجناد الشّر الروحيّة في السماوات… واحملوا علاوة على ذلك ترس الإيمان الذي به تقدرون أن تطفئوا جميع سهام الشرير الملتهبة”. (أفسس6: 11-17). إن الرسول بولس يحدّثنا عن قوات تحاربنا وتصارعنا.رئاسات،سلاطين،ولاة،أجناد الشّر…! من هي هذه القوات التي يوصينا الرسول أن نقف ضدها وضد مكائدها؟ ما هو عالم ظلمة هذا الدهر ؟. تعريف: الشياطين هي هذه الكائنات الروحيّة الشريرة التي لم يوضح الوحي الإلهي إلا تدريجيّاً وببطءٍ شديد.ففي البداية استخدمت النصوص الكتابية بعض العناصر المنقولة عن المعتقدات الشعبيّة، ولكن دون ربطها بسر إبليس. وفي النهاية وعلى ضوء السيّد المسيح الذي أتى إلى العالم لكي يحرر الإنسان من قوّة إبليس، أتضح لكل شيء معناه. كلمة شيطان هي ترجمة للكلمة العبريّة (شطن) ومعناها (مقاوم) وفي اللغة اليونانية (ذيافولس) ومعناها (مشتكٍ). ويسمى أيضاً المهلك أو ملاك الهاوية (رؤ9: 11) وبليعال (2كور6: 15) وإبليس والكذّاب وأبو الكذاب (يو8: 44) وهو كبير الأرواح الساقطة (رؤ12: 9) وهو الروح الذي يعمل في أبناء المعصيّة (أفسس2: 2).والشيطان هو كائن حقيقي. ورئيس رتبة من الأرواح النجسة (مت12: 24). طبيعة الشياطين : أما طبيعة الشيطان فإنها روحيّة. فقد كان أحد تلك القوات الملائكيّة، وهو لم يكن شريراً بطبيعته، بل كان صالحاً ومخلوقاً على الصلاح، ولم يضع الخالق في تكوينه أثراً للشّر البتة، لكنه لم يحمل الإنارة ولا الكرامة اللتين خصّه الخالق بهما.فحاد بمطلق حريته عّما هو من طبيعته إلى ما هو خارج عن طبيعته، فانتصب اتجاه الله صانعه مريداً أن يقاومه، فأصبح أول منتقل من الخير إلى الشّر. والشّر ما هو إلا فقدان الخير. كما أن الظلام هو أيضا فقدان النور. وعلى هذا النحو فالخير نور عقلاني والشّر ظلام عقلاني. وعليه فإن الله خلقه نوراً وكوّنه صالحاً (تك1: 31). وقد أصبح الشيطان ظلاماً بمطلق إرادته الحرّة، وأنجر إليه وتبعه وسقط معه عدد لا يحصى من الملائكة الخاضعين له. وقد كانوا مع الملائكة ومن طبيعتهم نفسها فصاروا أشراراً، لأنهم حادوا عن الخير إلى الشّر بمطلق حريتهم. إذاً فالشيطان هو ملاك ولكنه سقط بسب الكبرياء. ولكن على الرغم من ذلك فقد بقي يمتاز بكل امتيازات هذه الرتبة من الكائنات، سواء أكانت عقليّة كالإدراك والذاكرة والتمييز. أو حسية كالعواطف والشهوات. أو إرادية كالاختيار (أفسس6: 12). وهو خبيث يعمل ضد البّر والقداسة، وهو مملوء بالكبرياء والمكر والقساوة. وهو عدو الإنسان اللدود (1بط5: 8- 2كور2: 1) فكره مشتغلٌ على الدوام بالمقاصد والأعمال التي مآلها قلب مقاصد الله وأعماله. قوة الشياطين: إن الشيطان منذ أن أخضع آدم وحواء في جنة عدن، أخضع كل جنسنا تحت صولته الظالمة، لأنه خدع الجميع (أفسس2: 1-3،رؤ12: 9). وقد جرّب الجميع بالخطيئة، حتى المسيح في البرية ولكن المسيح قهره وانتصر عليه (متى4: 11، 31). لذا يجب أن ننظر إلى حياة السيد المسيح وعمله من زاوية هذا الصراع الذي يقوم بين عالمين والذي يرتهن به في نهاية الأمر خلاص الإنسان. فيسوع شخصّياً يواجه إبليس وينتصر عليه. وهنا تجدر الإشارة إلى أن الشياطين لا تستطيع إكراه الإنسان. فالشرور والتأثيرات المدنسة كلها تصل إلى عقولنا من قِبَل الشياطين. وقد سمح الله لهم بتجربة الإنسان ولكنهم لا يقوون على إكراهه، لأن فينا من القوة (قوة اسم يسوع) أن نقبل التجربة وأن لا نقبلها. لذلك فمن الآن وصاعداً فإنه سيتم طرد الشيطان باسم يسوع (متى7: 22،مر9: 38-39). فالمسيح عندما أرسل تلاميذه إلى الكرازة، منحهم السلطان على الأرواح الشريرة (مر6: 7). وبالفعل فإن التلاميذ تحققوا بأن الشياطين قد أُخضعت لهم بقوّة اسم يسوع. لذلك فقد أُعدّت النار التي لا تُطفأ والعقاب الأبديّ لإبليس وشياطينه وللذين يتبعونه. ازدادت شهرة الشيطان في الشر وازدهرت أعماله فدعا بعض الناس إلى عبادته شخصيّاً. ففي الغرب ازدهرت هذه العبادة وازدهرت صلة الإنسان بالشيطان ليس عن طريق الإغواء فحسب بل عن طريق الاتصال الشخصي. يجدر بنا هنا أن نذكر قصة البارون دي ريس ماريشال فرنسا الذي ارتبط أسمه بلقب آخر وهو أغنى رجل في أوربا، ولكن ارتبط أسمه أيضا بلقب أخطر سفاح للأطفال في العالم. من هو هذا الشخص؟ ولماذا نذكره هنا في موضوعنا؟.. إنه (جيل دي لافال) أو البارون، عاش في منتصف القرن الخامس عشر وكان أغنى رجل في أوربا. في ذلك الوقت كان يحيط نفسه بمأتي فارس كحرس خاص له، وكان يعيش حياة الترف والبذخ بدرجة أكبر من إمبراطور فرنسا في ذلك الوقت شارل السابع. ما يمّيز حياة هذا الشخص حبه الشديد وشرهه للمال وحبه للشيطان، حبه للمال هو الذي دفعه للانشغال بالأبحاث الكيميائية بهدف التوصل إلى تركيب ما يسمى (بحجر الفيلسوف) الذي يقال أنه يحوّل أي معدن إلى ذهب. وحبه للشيطان وشهواته دفعه للانشغال بالعالم السفلي وتحضير الأرواح الشريرة والتورط في ممارسات عبادة الشيطان لدرجة أنه كان يقدم القرابين البشرية لهذه الشياطين والقوى الشريرة. ونظرا للنفوذ الهائل الذي كان البارون يتمتع به، لم يستطع أحد التصدي لممارساته الجنونية الشريرة رغم الصرخات التي كانت تتردد داخل قصره في الليل والتي كان الجميع على ثقة من أنها صرخات ضحاياه من الأطفال الذين كان يعذبهم قبل أن يذبحهم ويقدمهم كقرابين للشيطان. في سنة 1440 تم إلقاء القبض على البارون وتم تشكيل إحدى محاكم التفتيش لمحاكمته، وقد بلغ عدد الاتهامات الموجهة ضده (47) اتهاما من بينها تحضير الأرواح واغتصاب الأطفال وتعذيبهم وذبحهم وتقديمهم قرابين للشيطان. جاء في نص الاتهام الموجه إليه من قبل المحكمة ما يلي : «لقد تسبب البارون دي ريس في معاناة الكثيرين من الضحايا الذين كانت صرخاتهم تحطّم القلوب، كان يختطف الأطفال من الذكور والإناث فيمزق أجسادهم أو يحرقهم وهم أحياء بعد أن يقوم بتعذيبهم بوحشية قبل أن يقدمهم كقرابين للشياطين التي باع روحه لها. وقد مارس البارون اللواط والشذوذ الجنسي بأشكاله المختلفة مع ضحاياه بينما هم تحت تأثير التعذيب الوحشي، كما اغتصب وانتهك أعراض فتيات صغار تحت سن العاشرة …، ووصل إجرام هذا البارون الشرير إلى اغتصاب جثث الأطفال الموتى من ضحاياه، بل كان يستمتع بهذا الاغتصاب الجنوني حتى في لحظات احتضار هؤلاء الضحايا». وقد جاء في اعترافات أحد خدام البارون (إيتان كورليه) تفاصيل مروعة، قال فيها :» نعم كان البارون يقدم القرابين من البشر للشياطين ة الأرواح الشريرة. وكانت هذه القرابين دائما من الأطفال الذين كان يحضرهم في منتصف الليل إلى قاعة رهيبة داخل القصر تغطي الدماء جدرانها وتنبعث من أرجائها الروائح العفنة. وكان البارون يجرد هؤلاء الأطفال من ملابسهم ثم يبدأ في ضربهم بوحشية باستخدام السياط، وبعد ذلك يقوم بالاعتداء عليهم، وفي بعض الأحيان كان الطفل يفقد وعيه من قسوة العذاب الذي يتعرض له، وكان البارون يستمر في طقوسه الشيطانية التي كانت تنتهي دائما بذبح الطفل البريء أمام تمثال اسود للشيطان». لقد كان لابد لنا إلا أن نذكر قصة هذا السفاح لأن ما كان يقوم به سوف نراه يتردد صداه بين الحين والآخر مع عدد كبير ممن كانوا ينتمون إلى عبادة الشيطان عبر التاريخ حتى يومنا هذا وكأني به قد أصبح ناموسا لهم. في العقدين الأخيرين من القرن التاسع عشر، تكونت الجمعيات وتأسست الأندية المختلفة في أوربا أمريكا لعبادته والإقرار بفضله، وأول جمعية أنشئت لهذا الغرض جمعية أمريكية باسم ساتنست “المتشيطنين» (Satanists). وغرض هذه الجمعية، عبادة الشيطان ذاته شخصيا حتى لا يضرهم، وانضم لهذه الجمعية العدد الوفير. منهم من كان يقصد قضاء حاجة معينة، ومنهم من كان يقصد قضاء رغبة جنسيّة دنيئة، ومنهم من كان يقصد تعلم السحر. وقامت جمعية أخرى بمدينة شارلستون، بالولايات المتحدة الأمريكية برئاسة المدعو (أوريانو ليمي) فكان هو وجماعته يقومون بطقوسهم الشيطانية وكلها عبث ومجون وفسق وفجور، وجنس فاضح. الأمر الذي ساعد على انتشار هذه العبادة الإبليسية. ومن الجمعيات العالمية للاتصال بالشيطان، جماعة الإله “مونتاكا” في الهند. وكذلك جماعة المدعو “دوكر” في بلجيكا التي كانت تدعو إلى عبادة الشيطان فهو في رأيهم الحاكم المطاع في العالم، وهو الذي يضر وينفع. ومن الجدير بالذكر هنا أن نذكر قصة دير الرهبان الذي أسسه “فرنسيس داشوود”. الذي ورث أموالاً طائلة أراد أن يعّب عباً من لذائذ الحياة المحرّمة قبل أن يموت، فأتخذ من أحد الأديرة القديمة، وهي ضمن ممتلكاته ( دير مادنهام ) مقراً لمعبده الشيطاني الحديث فأعاد بناءه، بحسب ما تقتضيه الشرائع الإبليسية، وكان جميع أعضاء هذا الدير من أجمل وأثرى شباب وشابات إنجلترا وكان في رأيه جنة فإن من يدخل فيه لا يخرج منه مطلقاً، ففيه ما تلذ الأنفس وتشتهيه، توفر متع الحياة، ولذتها من خمور معتقة كان يستوردها من فرنسا وإيطاليا ومأكولات شهيّة تثير الرغبة والشهوة، وكان كل ما في هذا الدير (المعبد الشيطاني) يمثّل الإباحيّة فصور القديسين استبدلت بصور نساء عاريات في أوضاع داعرة. ومكتبة لا تحتوي إلا كتب الجنس المبتذلة، والتراتيل التي كانوا يرتلونها عند قيامهم بطقوسهم الشيطانية كانت كلها فسق وفجور. في أول هذا القرن وتحديداً عام 1900 حاول أليستر كراو لي أن يعيد الحياة والنشاط إلى الشيطانية ( عبادة الشيطان ) فقد حاول أن يكون الرجل الأكثر شراً في العالم أو بتعبير آخر بارون القرن العشرين. فدعا إلى السحر الجنسي والتضحيات البشرية والحيوانية وتعاطي المخدرات بقوة. ويعتبر كراو لي أن الجنس أفضل طريقة للسحر وإعطاء الطاقة. لقد وضع كراو لي عدة خطوات لنشر أفكاره وتعاليمه الشيطانية ومارسها من بعده أتباعه. من هذه الخطوات: • توريط العائلة بأجمعها مع الشيطانيين حيث تنتقل التعاليم من الأهل إلى الأطفال الذين سيصبحون بدورهم متورطين في أعمار مبكرة • الجيل الجديد والذي سبقه سيكونان مسؤولين عن نشر التعاليم الشيطانية • يقوم عدد من الأشخاص بصحبة الأتباع الذين جمعوهم بإقرار مجموعة من التعاليم الخاصة بهم والتي يحرصون بها على خرق القانون. • تتشكل مجموعة من الشيطانيين والتي يطلق عليها اسم المجموعة الرسمية وهم من المتشددين لتعاليمهم والفخورين بدينهم، مهمة هذه المجموعة سنّ القوانين وتنظيم المجموعات الأخرى وتقوم أيضاً بإقامة الندوات والدعوة لمحاضرات تشرح فيها معتقداتها. وهذه المجموعة مدرّبة بشكل جيد لإغواء الأشخاص بالانضمام إليها. • تحريض المراهقين الذين يرغبون بالثورة والانتفاضة على كل التقاليد والعادات والديانات وتعدهم بالقوة اللازمة لتغيير أنفسهم والعالم من حولهم. ويعلمونهم بان الشيطان يمنحهم الطاقة الجنسية والتي تخلق بدورها قدرة للعبادة. أما في الستينات من هذا القرن (1966) فقد شهد العالم عودة هذه العبادات بصورة جليّة. عندما عمل المدعو ( أنتوني ليفي ) والمعروف باسم الدكتور ليفي على تأسيس ما يسمى بكنيسة الشيطان!!!. إنه ليس وهماً كما قد يظن البعض ورجالها ليسوا وهميين بل هم أناس من لحم ودم، يكرسون العمر والوقت والمال وكل شيء في سبيل خدمة الشرير. تعنى هذه الكنيسة بتمجيد الشيطان ومهاجمة الكنيسة المسيحية والتي بنظرهم تأخذ الناس إلى العبودية. ولقد ضمت كنيسة الشيطان هذه حوالي 40 ألف شيطاني من المؤمنين بالسحر والشعوذة، يتابعون إقامة القداديس السوداء، يزرعون الصلبان المقلوبة، يمارسون الجنس عليها ويبصقون، مضحين بالحيوانات كجزء من طقوس العبادة الواردة في إنجيلهم الخاص الذي وضعه أنتوني ليفي مسميا نفسه “بعل زبول” رئيس الشياطين القادم ليمحق الأعداء الضعفاء أي المسيحيين. والقادر على تأسيس قانون (الأقوى) أي الشيطان. انتوني ليفي والملقب أيضا “بزعيم الشرور في العالم” مقره في سان فرنسيسكو في أمريكا. ولكن لا أحد يعرف على وجه الدقة ماذا يحصل في الأقبية المظلمة التي يديرها والتي تضم رجالاً ونساءً وأطفالاً، لكن المؤكد أن هناك الكثير من الدم والجريمة والشعوذة. ولقد أشارت تقارير عديدة إلى أن الكثيرين من شباب الدول المختلفة سقطوا ضحايا لفكر هذا المشعوذ اليهودي الذي جمع أفكاره الجنونية الشاذة في كتاب أطلق عليه أسم “إنجيل الشيطان». تعتمد هذه الكنيسة في منهجيتها على إقناع أتباعها بان العبادة الشيطانية ليست بجريمة يعاقب عليها القانون،وتعمل على حث الشبان على إرضاء رغباتهم الدنيوية من لهوٍ،إثارة، طمع،وحرية زائفة. ويعبّر عن هذه المنهجية أنتو ني ليفي عندما يقول: “إن كنيستنا تقوم على حثّ أتباعها على اللحاق وممارسة ملذاتهم وشهواتهم بدلاً من إخمادها”. هذه العبادة تصوّر أن الله هو ضد الحريات وضد الإنسان. وبأن الشيطان هو صديق الإنسان يرعى احتياجاته ويمنحه حريات مطلقة. إنهم يصوّرون الله كعدو وآسر. والشيطان كصديق محرر إنهم يقلبون المفاهيم ويزيفون الحقيقة. إنها الحرية الشخصية !. وتحت هذا الشعار ارتكب ويرتكب الشيطانيون الجرائم العديدة، ففي ألمانيا ارتكب الشيطانيون جرائم عديدة بعضها في إطار ممارسة الطقوس الشيطانية مثل قتل الأطفال واستخدام دمائهم في ممارسات عبادة الشيطان. والبعض الآخر ارتكبوه وهم تحت تأثير المخدرات وعقاقير الهلوسة وتنفيذا لأفكار غريبة ترفض كل القيم والأديان والمعتقدات السوية. الأمر الذي جعل الشرطة الألمانية في شهر آذار من عام 1997 أن تشن أكبر حملة ضد هذه الجماعات. جاءت هذه الحملة بعد بلاغ تقدّمت به سيدة ألمانية إلى السلطات تؤكد فيه أن أبنتها تغيبت عن المنزل لمدة شهر ثم عادت وهي في حالة يرثى لها وأكدت للأم أنها كانت محتجزة بواسطة إحدى جماعات عبادة الشيطان التي أقنعها صديقها بالانضمام إليها وهناك اكتشفت الممارسات الإجرامية لهؤلاء الشبان الضائعين الذين اغتصبوها واعتدوا عليها بالضرب واجبروها عل أداء طقوس غريبة في إطار عباداتهم الملعونة للشيطان. وفي جنوب أفريقيا فقد كشفت تقارير الشرطة عن أضحية لأطفال رضّع قدمت للشيطان. وكذلك الأمر في فرنسا واليونان وإسرائيل حيث أقدم شاب على قتل صديقه كقربان للشيطان لكي يتم قبوله في جماعات عبدة الشيطان. ولقد جاء في اعتراف سيدة شابة من كاليفورنيا أنها قدمت رضيعها ذبيحة للشيطان. سلخته هي ومن معها وأكلوه معا. وشاب آخر عمل عهدا مع الشيطان بان ذبح طفلا ثم أكل قلبه. الأمر يضيق بنا لو أردنا أن نستعرض بعض الممارسات التي سجلتها دوائر الأمن العام في مختلف أنحاء العالم عن تورط أولئك الشيطانيين بمثل هذه الممارسات ولكننا نكتفي بأن نستعرض البعض القليل منها : 1. لقد تعرضت مدينة ساندفورد بولاية ماين الأمريكية خلال عام 1983 لسلسلة من عمليات اختفاء الأطفال في ظروف غامضة وظهرت شائعات تشير إلى أن المسؤول عن هذه الظاهرة هم جماعة من عبدة الشيطان يقتلون هؤلاء الأطفال ويستخدمون دمائهم في الطقوس الغريبة التي يمارسونها ليلا في الغابات والمناطق الجبلية والنائية. ووصلت الأمور إلى حد تدخل رجال الشرطة وإجراء تحقيق رسمي الذي لم يسفر عن أية تأكيدات تامة حول هذه المجموعة. ولكن العثور على جثة الطفلة جزيل كوت طافية فوق مياه نهر الموسام الذي يخترق المدينة أعادت إلى ذاكرة الأهالي العديد من حالات اختفاء الأطفال وخاصة بعد ربطها بالتهديدات التي وصلت إلى عدد كبير من الفتيات الصغيرات خلال الأسابيع السابقة لعيد جميع القديسين 31 أكتوبر. بعد توجه أحد السكان إلى قسم الشرطة ليبلّغ عن رؤيته لشخص غريب بمنطقة الغابات قرب بايك هيل وهو المكان التي توجهت إليه جزيل للقاء أصدقائها في نفس توقيت الحادث تقريبا. وشهد آخرون بأنهم رأوا نفس الشخص أربع مرات بل وأكد أحد الشهود أن هذا الشخص الغريب كانت تسير معه فتاة تنطبق عليها صفات جزيل حيث كان يضع يده فوق كتفها أثناء سيرهما على ضفة النهر، وأخذت الشرطة الأمر مأخذ الجد وقامت بإجراء تحريات واسعة أسفرت على أن هذا الشخص الغامض الذي تعرف عليه الشهود هو سكوت ووتر هاوس 18 سنة وهو طالب فاشل ومنحرف. ألقت الشرطة القبض على ووتر وعند تفتيش منزله عثر في غرفته على أشياء غريبة تؤكد انتمائه لجماعات عبادة الشيطان ومن بينها مذكرة بعنوان عهد مع الشيطان وخطاب موجه إلى المتهم وموقع باسم يسوع المسيح وكتيب بعنوان أفكار الشيطانين وأشارت التحريات إلى أن الشاب سكوت انضم إلى إحدى جماعات عبادة الشيطان بعد أن قرأ نسخة من كتاب إنجيل الشيطان الذي كتبه اليهودي أنطوني ليفي مؤسس جماعات عبادة الشيطان في الولايات المتحدة الأمريكية كما مر معنا. كما أكدت التحريات أن ووتر هاوس غير مستقر نفسيا وأنه يتعاطى عقار الهلوسة المعروف باسم LSD بجانب الماريجوانا وغير ذلك من العقاقير والمخدرات.وقد انغمس ووتر هاوس حتى أذنيه في أنشطة وممارسة السحر الأسود وكان يعشق رؤية الفزع والرعب في عيون الفتيات الصغيرات. في البداية أخذ الشاب المتهم ينفي ارتكابه أية جريمة ويؤكد أنه بريء ورغم ذلك تم تقديمه للمحاكمة وأكد المحلفون أنه مذنب وأكدت المحكمة اطمئنانها لإدانة المتهم في تهمة قتل الفتاة جزيل على الأقل وأصدرت حكمها بإعدام الشاب سكوت ووتر هاوس وأوصت بعدم إتاحة أية فرصة له للحصول على العفو. قبل تنفيذ الحكم بدأ ووتر هاوس يتحدث مع زملائه في السجن عن تلك الليلة الرهيبة التي قضتها الطفلة جزيل مع جماعة عبادة الشيطان في المنطقة الجبلية المعروفة باسم بايك هيل وكانت آخر ليلة على قيد الحياة. وقال ووتر هاوس أنه قابل الطفلة تسير وحدها في الغابة فعرض عليها أن يرافقها لحمايتها من أي خطر ثم أحضرها إلى مكان اللقاء الأسبوعي للجماعة حيث احتشدوا جميعا حول نار أشعلوها ووقفوا حولها في صورة نصف دائرة، بعد ذلك اقترب رئيس الجماعة الذي رفض المتهم ذكر اسمه وأحدث جرحاً صغيراً في كتف الفتاة التي كانت في حالة مروعة من الرعب والفزع وأخذ كل عضو يلعق هذا الجرح بلسانه. بعد ذلك بدأ الشيطانيون في تعاطي المخدرات والعقاقير المخدرة وأقراص الهلوسة التي أصابتهم بحالة هستيرية وأخذوا يرقصون في جنون حول الفتاة التي وضعوا العقاقير المخدرة عنوة في فمها. قال قائد الجماعة الشريرة إن الشيطان يريد قربانا وأنه اختار سكوت ووتر هاوس لكي يقدم هذا القربان.. وكان الأمر الشيطاني واضحا وهو ضرورة قتل الطفلة جزيل لكي تكون هي هذا القربان.. ولم يتردد ووتر هاوس في حالة الهلوسة والهستريا التي كانت تسيطر عليه فتقدم من الطفلة التي كانت في حالة إغماء بسبب الخوف والمخدرات التي أجبروها على تناولها وأخذ يضغط بيديه على عنقها حتى لفظت أنفاسها الأخيرة وبعد انتهاء الطقوس الشيطانية حمل سكوت الطفلة وألقى بها في النهر. 2. كانت عقارب الساعة تشير إلى ما بعد منتصف الليل بقليل في إحدى ليالي شهر شباط شديدة البرودة وفي مكتب شرطة مدينة مونبيلية الفرنسية كان أعضاء المكتب يتناولون القهوة في هدوء وسكينة عندما أقتحم المكتب شاب يصرخ في فزع قائلا : النجدة.. أنقذوني… إنهم يريدون قتلي. كان الشاب في حالة رهيبة من الفزع وقد مزقت ملابسه وكانت الدماء تنزف من جرح في رأسه بينما كان وجهه ملطخ بالسواد ومصاب بحروق وكدمات وكأنه خارج لتوه من حريق مروع. تم استدعاء الإسعاف الذين قاموا بنقله إلى المستشفى بعد أن أعطوه حقنة مهدئة وعملوا على وقف نزيف الدم من رأسه. قال الشاب أنه يدعى أنطوان ديمسكي وهو ينتمي لأسرة هاجرت من بلغاريا إلى فرنسا خلال الحرب العالمية الثانية ويمتلك والده محلا لبيع الخضر والفاكهة جنوبي مونبيلية. وأضاف الشاب قائلا أن عمره 23 عاما وهو يدرس الفلسفة بأحد المعاهد المتخصصة حيث تعرّف على مجموعة من الزملاء ذوي الأفكار الميتافيزيكية الغريبة شكلوا جماعة شيطانية غريبة أطلقوا عليها أسم “أخوان الجحيم” وأعتقد أنطوان في البداية أن هذه الجماعة عبارة عن فريق أو شلة من الأصدقاء لذلك رحّب بشدة عندما عرضوا عليه الانضمام إليهم. وبعد فترة قصيرة فوجئ أنطوان ببعض الممارسات الغريبة التي يقوم بها أعضاء هذه الجماعة مثل ذبح الحيوانات كالقطط والكلاب والفئران وتلطيخ أيديهم وملابسهم بدمائها وطلبوا منه دق وشم حجمه كبير على صدره ونجمة زرقاء على كتفه ففعل ذلك معتقدا أنها من قبيل الموضة التي يقبل عليها بعض الشباب. ذات يوم توجه أنطوان إلى إحدى لقاءات الجماعة التي كانت تعقد في منزل منعزل مهجور. ووجد مع زملائه رجلا عجوزاً مقيداً بالسلاسل إلى الجدار وبعد مراسم الرقص الهستيري وتناول المخدرات قام أعضاء الجماعة بالتوجه نحو العجوز المسكين وكان كل منهم يمسك في يده بقطعة من الخشب أو الحديد وجردوا الرجل من ملابسه ثم انهالوا عليه ضربا حتى تفجرت الدماء من رأسه وكل أجزاء جسده وتقدم زعيم الجماعة وهو شاب يدعى بيير وأخذ يلطخ يديه بدماء الرجل ثم يمسح بها وجوه بقية الأعضاء حتى جاء الدور على أنطوان الذي كان في حالة من الفزع ورفض تلويث وجهه بالدماء البشرية مما جعل الزعيم يؤكد للباقين أنه مارق ومتمرد ولابد أن يكون جزاؤه هو الموت ولكن بعد الانتهاء من طقوس الليلة. ومضى أنطوان يحكي قصته أو بالأحرى مأساته لمفتش الشرطة فقال أنه لاحظ أن الرجل العجوز الذي تعرّض للضرب لا يتحرك فأقترب منه ليكتشف أنه فارق الحياة، وأخذ يصرخ في زملائه قائلا أن الرجل قد مات وأنهم أصبحوا قتلة ولكن أحدا لم يهتم به وواصلوا طقوسهم الجنونية حتى النهاية. وهنا حاول أنطوان مغادرة المكان ولكنهم رفضوا السماح له بالخروج وأبلغوه أن قوانين الجماعة تقضي بمحاكمته جزاء رفضه لأوامر الزعيم وأخذوا يتشاورون وأخيرا قال له بيير أن أمامه فرصة للنجاة من الموت إذا قدّم قربانا للشيطان وهو دماء شخص آخر عليه أن يقتله لتكون روح هذا القتيل بدلا من روحه. رفض أنطوان بشدة أن يرتكب هذه الجريمة فهجم عليه أعضاء الجماعة يضربونه بقطع من الخشب المشتعل بهدف قتله وأخذوا يوجهون الضربات له، ولكنه حاول مقاومتهم وتمكن من الإفلات والجري بسرعة خارج المنزل ولكنهم طاردوه لمسافة عشرة كيلومترات وسط الحقول والأشجار حتى أصيبوا بالإعياء فتركوه ولكنه ظل يجري حتى وصل إلى قسم الشرطة. أدلى أنطوان بأسماء جميع أعضاء هذه الجماعة الشيطانية حيث كانوا جميعا من الشباب ومعظمهم من طلبة المدرسة العليا للفلسفة. واكتشفت الشرطة أن العجوز القتيل هو جد أحد هؤلاء الأعضاء الذي أطاع زعيم الجماعة عندما أمره بتقديم جده كقربان للشيطان واستخدام دمائه في طقوسهم الجنونية. 3. هذه القصة بدأت أحداثها في مدينة برسبان الأسترالية بمقتل شخص يدعى أدوارد باد لوك وأشارت التقارير الأولية إلى أن الجريمة ارتكبت بواسطة عصابة من النساء عبدة الشيطان يعشقن شرب الدماء البشرية. المجموعة أو العصابة مكونة من أربعة فتيات ( تراس ويجبجتون ) 25 عاما وهي زعيمة العصابة وقد اعترفت تراس بدورها في جريمة قتل أدوارد باد لوك بطريقة وحشية وهو عامل عمره 47 عاما ويعمل في مجال تشييد وتعبيد الطرق. و اعترفت تراس أيضا بأنها اشتركت في قتل باد لوك مع ثلاث نساء أخريات هن ليزا تباشينسكي وهي صديقتها التي تعاني مثلها من الشذوذ وعمرها 25 عاما أيضا أما الشريكتان الأخريتان فهما كيم جيرفيس وتراس ووج وكلاهما في الرابعة والعشرين من العمر. وقالت المتهمة الأولى ليزا أمام المحكمة أنهما التقتا بالمجني عليه الذي كان يسير وحده على أحد الطرق ووجهوا له الدعوة لركوب سيارتهن لتوصيله إلى المكان الذي سيذهب إليه لكنهن توجهن إلى ناد لليخوت يقع في منطقة نائية على شاطئ البحر وهناك هاجمته زعيمة الجماعة تراس بسكين ووجهت إليه عدة طعنات قاتلة في رقبته لدرجة أن رأسه قد انفصلت تقريبا عن جسده ولقد اعترفت أيضا بأنها شربت من دماء العامل المسكين بعد أن أمرتها الزعيمة بأن تفعل ذلك وقالت أن تراس ذات شخصية قوية وتستطيع أن تؤثر على أي شخص بحيث لا يعصى لها أمرا ولذلك لم يكن أمامها سوى تنفيذ ما أمرتها به واعترفت المتهمة ليزا أيضا للمحلفين خلال المحاكمة بأن زعيمة العصابة تراس مصاصة دماء تعيش على الدماء البشرية. **أحبوا أعداءكم وأحسنوا إلى مبغضيكم والذين يسيئون إليكم** “ما هذه الفلسفة الحقيرة “؟؟؟. “أكره أعداءك من كل قلبك.إذا ضربك إنسان على أحد خديك، فحطّمه ! أضربه على رد فه وفخذه لان المحافظة على النفس هي القانون الأعلى”؟؟؟؟. “اللعنة على عابدي اللّه إنهم خراف مجزوزة”؟؟؟. هذا شيء بسيط مما تعلمه هذه الجماعة التي تسمي نفسها بكنيسة الشيطان. من هنا نلاحظ أن الشيطانية تدعو للانقلاب على المسيحية. وما هو خير في تلك الديانة (المسيحية ) فهو شرّ لهم. وأنها تؤمن بأن قوة الشيطانيين مصنوعة من الشّر وليس الخير. وأقل واجب عليهم هو حرق الصليب أينما وجدوه. ويؤمنون أن الحيوانات عندما تموت تصعد قوتها إلى الخارج. وإذا قتل الحيوان داخل الدائرة السحرية فإن هذه الطاقة ستذهب إلى كل شخص موجود ضمن الدائرة. والحيوانات الصغيرة مفضّلة على الكبيرة لأن الطاقة الموجودة في الأولى أقوى. كما يعتقدون أن المصدر الأقوى لوجود الطاقة ليس الحيوان بل الإنسان. وهذا ما يناقشه (ريتشارد كافنديش) في كتابه “فنون السحر الأسود” فيقول : “إن تقديم كائن بشري كذبيحة يكون له تأثير أكبر بسبب المقاومة الكبيرة التي تحدث. ومع أن هذا النوع من الذبائح غير مرغوب فيه إلا أن هناك عرف يقول أن أكثر الذبائح أثرا على الشياطين هي الذبائح البشرية». وإذا كان هناك نقص في الضحايا البشرية لتقديمها كذبائح فان الساحر (الكاهن) يقدم حيوانا كذبيحة دموية أو أن يجرح نفسه أو أحد مساعديه، وإذا ارتبط تقديم الذبيحة بإطلاق الطاقة الجنسية عند هزة الجماع فان هذا يضاعف من قوة الكاهن. بالطبع فان الذين يعبدون الشيطان لهم أسباب مختلفة لتقديم الذبائح الآدمية. إنهم يكتسبون قوة متزايدة من الحصول على أجزاء معينة من الجسم البشري. إنهم يعتقدون أن الرأس تحتوي على الروح، كما يعتقدون أنهم إذا ناموا ومعهم الرأس لعدة أسابيع فإنه يمتص قوة هذه الروح، كما يعتقدون أن القلب يحتوي على النفس فيأكلونه للحصول على القوة. لقد كتب كراو لي: “العمل الروحي الأفضل هو أن تختار الضحية التي تحتوي على أعظم قوة. والطفل الذكر ببراءته الكاملة، وذكائه العالي هو أكثر إشباعاً وأفضل ضحية”. وهذا ما سار عليه أنتو ني ليفي خليفته في ابتداع الشّر. جوي تشايلدرس مدّرس في مدرسة ثانوية نجح بأن يترك عبادة الشيطان ويتخلص منها. يقول جوي محذرا الآخرين :” كنت ضمن عبدة الشيطان منذ أن كنت صغيرا حتى بلغت الواحدة والعشرين من عمري. وكانت كل عائلتي من عبدة الشيطان. لقد اختبرت طقوس اغتصاب الفتيات وطقوس تقديم ذبائح من الأطفال والكلاب. وطقوس أكل لحم البشر والبراز والقيء والبول. وطقوس شرب دم الإنسان والحيوان… وكانت بعض الطقوس تجري للحصول على القوة من الشيطان من خلال الرعب الذي ينتاب الطفل عندما يموت جوعا أو عندما يعذب أو يغتصب. وكانت بعض هذه الطقوس مخصصة لتقديم الذبائح للشيطان. كان الطفل يقتل بطعنه بسكين في قلبه في الوقت الذي يغتصبه فيه واحد من أعضاء هذه الجماعة. لقد كان الغرض من هذا هو الوصول إلى ذروة الاتصال الجنسي في وقت قتل هذا الطفل للحصول على القوة. وكانت أجساد الذين يقتلون تحرق دائما وكانوا يحتفظون ببعض عظامهم كأدوات في هذه الطقوس. أما بالنسبة لتقديم الطفل الذبيحة إلى الشيطان طقوس خاصة. إذ يدخل الجموع المضحيّة مع الطفل إلى غرفة سوداء يوجد بداخلها شموع طويلة مضاءة ومكان مخصص لتقديم الذبيحة الطفل والذي يقوم الأهل برضاهم بتقديم طفلهم كذبيحة للشيطان، فيقطعونه إرباً. فجسده الصغير الغض تبتر منه الساقان واليدان ثم يحرق ويرمى رماده مع الأطراف على زوايا الطرقات ! لأن ذلك بحسب اعتقادهم سيجلب كل من يمر بالقرب من هذه البقايا إلى العبادات الشيطانية!. ألم يكن هذا ما نبّه عنه داو ود الملك في كتاب المزامير عندما قال: “و ذبحوا بنيهم وبناتهم للأوثان” ( مز 106: 37) وأيضاً ألم يكن هذا ما أوصانا الكتاب المقدس بالابتعاد عنه “لأن كل من يفعل ذلك مكروه عند الرب”. ( تث 18 : 12 ). لقد أورد (كنيث ف لايننغ) في تحقيق له عن موضوع الانتهاك الطقوسي للأطفال والمقدم إلى وحدة علم السلوكيات في المكتب الفيدرالي للتحقيقات عام 1992 بعض الجرائم التي تمارس من قبل الشيطانيين : • التخريب. • تدنيس الكنائس والمقابر. • سرقة الكنائس والمقابر. • عصابات المراهقين.(المقصود هنا ما يختص بالمخدرات). • قتل الحيوانات والتمثيل بها ( تقطيعها ). • انتحار المراهقين. • انتهاك الأطفال. • الخطف. • القتل والتضحيات البشرية. سأورد وصفا من لبنان لما يسمى بالقداس الأسود بحسب ما رواه أحد الأشخاص الذين شاركوا به: “كان الجميع يجلسون بشكل دائري وقطة في الوسط، وصاحب المنزل كان قربها يلبس لباسا مختلفا، وعرفت أنه الكاهن رغم أن عمره لم يتجاوز الثلاثين عاما. بدأت الحفلة أو ما عرفت فيما بعد أنه يسمى القداس الأسود. الموسيقى بدأت تخفت شيئا فشيئا وطقوس عبادة تتم فالجميع يتكلم بعبارات لا أفهمها. كان ذلك غريبا فالجميع صبغوا وجوههم باللون الأبيض والإشارات التي لم أكن أعلم معناها، في هذه الأثناء قام الكاهن بقطع رأس القطة بسكين حادة وسط المواء الحاد والدم، وبعد أن تم هذا أرسلت القطة لترمى في صندوق القمامة… بعد ذبح القطة أتوا بصورة السيد المسيح وأمه العذراء ورموها على الأرض وبدءوا يبصقون عليها ثم وضع بعضهم سكينا على رقبة المسيح المصلوب وعرفت وقتها أن شعارهم هو الصليب المقلوب… فخلعت الفتيات ثيابهن وبقين بالملابس الداخلية فقط وبدءوا بممارسة الجنس وتعاطي المخدرات». هذا الطقس نراه يتكرر في كل مكان فيه عبدة الشيطان إن كان في مصر أو في الأردن أو في بلجيكا أو في فرنسا أو في أمريكا أو في الكويت. ولكن كل مكان له خاصيته في طريقة إقامة هذه الطقوس الشيطانية. وسائل انتشار العبادات الشيطانية : لقد اتبعت هذه المدرسة الشيطانية طريقة الاعتماد على موسيقى صاخبة تسمى (الهيفي ميتال) «HEAVY METAL « أو (الهارد روك) «HARD ROCK» من خلال كلمات معينة تدعو الشباب للابتعاد عن كل ما هو ديني أو كنسي، عن طريق كلمات معينة أو شعارات معينة كرأس العنزة والنجمة الخماسية أو بتشويه صور القديسين. ومن أشهر هذه الفرق الحالية والذائعة الصيت.// ميتاليكا- أيرون ميدن – الإسي ديسي //. وهناك مجموعة شيطانية في ولاية تكساس تحرض المراهقين على تمجيد الروح الشريرة والشيطان وذلك عن طريق الترويج لها بالإعلانات المتوفرة من مذياع، تلفزيون، أفلام توجيهية وملصقات ملفتة على بعض ألبسة الشبان والشابات. سنستعرض فيما يلي بعض هذه الوسائل: 1. وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة. 2. الموضة. 3. ألعاب الكمبيوتر. 4. أفلام الأطفال. 5. أفلام الرعب والعنف والخيال العلمي. 6. الموسيقى والأغاني. 7. الصور والفيديو كليب. .سوف نركز هنا على موضوع الإعلانات ووسائل الإعلام لأنه عن طريقها يتم الترويج لكل شيء. لذلك لابد لنا من أن نعرف الدعاية والإعلان. تعريف الدعاية والإعلان: بحسب علماء النفس والإعلام “هي التأثير المتعمّد على أفكار وسلوك أُناسٍ آخرين فيما بالقيم والمعتقدات والسلوك وذلك عبر الرموز والإشارات والكلمات والصور والموسيقى”. إذاً هناك مؤثرات أخرى يتعلق كالموسيقى والحركات والرموز بإلاضافة إلى الكلمات، فهي ليست فقط إعلام عبر فيلم عادي يُقطع ليظهر(مدهش) أو (توبر) ولكن هناك تأثير على الناس فتذهب السيدة لإحضار (مدهش)، فالهدف من الدعاية إذاً هو التأثير المخطط له من اختراع أشخاص مختصين مفكرين مكرسين لدراسة التأثيرات النفسية لكل كلمة أو حركة أو لقطة… كلهم يجب أن يصبّو في خانة التأثير على المشاهد. تأثير الدعاية يتم على الوعي وبالتالي ضمن حدود الإدراك أو على اللاوعي فترى الدعاية ظاهرها عادي ولكن بعد المشاهدة تشعر برغبة قوية لإحضار المادة المعلن عنها بالرغم من أن الدعاية لا تجذب، والسبب يعود إلى أن الدعاية كانت مبرمجة بكافة عناصرها لتحاكي اللاوعي. الكلمات : الحب كلمة سامية وقد ترادفت هذه الكلمة مع الله “الله محبة” وبها يتلخص مجمل حياة الإنسان المسيحي. أُخذت هذه الكلمة وبوسائل الإعلام المختلفة تحوّلت إلى كلمة مترادفة مع كلمة الجنس. ففي أي فيلم أو رواية الفتى عندما يريد أن يعرض على الفتاة ممارسة الجنس(SEX) يقول لها “هيا بنا نمارس الحب” أي أن مفهوم الحب بالمعنى الراقي أصبح غير موجود وأصبح البديل عنه الزنى !!!.الكنيسة لا تساوم على الخطأ وتسمّي الأمور بأسمائها، الخطيئة خطيئة والزنى زنى ولكن للأسف فإن المجتمع وبعد تأثير وسائل الإعلام أصبح له مفاهيم مختلفة وغريبة عن الكنيسة. الموضة: الإنسان المعاصر أصبح عبداً لما يسمى الموضة. فلو سألت شاباً أوشابّةً: ما هذه الأزياء والملابس والتسريحات الغريبة؟ لكان الجواب مباشرة :”هذه هي الموضة”. بالرغم من أنه غالباً ما تكون القناعات مختلفة. الموضة تسيّطر باقتناع أو بعدمه، فإن كانت باقتناع فيجب أن تحترم، وإن كانت هذه هي الموضة فهذا يتطلّب وقفة ومراجعة للذات لكي نعرف إن كانت معتقداتنا وأفكارنا تتغيّر مع الموضة!؟ في وقت كان لبس الطويل هو الموضة الكل لبسوا الطويل. وفي وقت صار القصير هو الموضة الكل لبسوا القصير !!!!. درجت منذ فترة قريبة موضة الثياب الممزقة ؟..بنطال ممزق عند الركبتين أوفي مكان آخر. بنطال الجينز على الأقل سعره 1000 ليرة سورية، الأب يكدح ليحضر لأبنه بنطالاً كأصدقائه. يأتي هذا الولد أو في أغلب الأحيان الشاب فيمزقه دون أن يهتم لتعب أبيه؟؟! سأسألكم سؤالٌ ضميري: “إن أتـى أهلك ببنطال أو فستان جميل وتمزّق قليلاً أتلبسينه؟”. الجواب معروف ( لا ) لأنه ممزق، وليس هو موضة. ولكن إن كانت موضة فتمزقه أنت ولا تستحي به. أنظروا كم أصبح الإنسان اليوم عبداً لِما تقدمه كلمة الموضة. الرموز : الصليب على قفا الحذاء قد تفهم (+) لكن المعمل الذي قام بتصنيعها كان قصده من وراء ذلك إشارة الصليب. فكيفما سرت أنت تدوس على الصليب! وبغض النظر عن أي شيئ أنت حرٌّ بفكرك وبإمكانك أن تعتبره ما شئت ولكن الذي روّج هذه البضاعة كان هدفه تشويه الصليب بكل ما يحمل لنا من معاني سامية. قامت ضجة في البلاد الأرثوذكسية وخاصة اليونان وتمت حملات توعية الأمر الذي أدى بصاحب المعمل أن يغيّر الرمز إلى رمز آخر. الصليب بالآذان! من قال أن الصليب هو للزينة **ليس الصليب سلاسلاً ذهب يزين طلعتك** فمن يحمل الصليب يقصد به : 1. أنه حامل لألام المسيح الذي صلب عليه وأنه مستعد لأن يصلب شهواته عليه حتى يستطيع أن يكون مع المسيح القائم. 2. لكي أقول للناس أنا أؤمن بهذا الإله المصلوب. والاثنين نوع من الشهادة، فلا أضع الصليب على صدري: تعالوا شوفوا أنا مسيحي وبالنهار القصير أهين الصليب ومن علق عليه عشرات المرات. قدموه لنا في الآذان في الأرجل في الأيدي، ولكن نحن نعرف أن مكانه الأساسي هو الصدر لأنه الأقرب إلى القلب. الصليب الفرعوني أو مفتاح الحياة أو مفتاح النيل! رمز للفراعنة ولكن بوقت الاضطهاد بمصر اعتبر رمزا للصليب بين المسيحيين. وبعد الاضطهاد الغي من حياتهم لأنه ليس لنا. الأن قدم لنا مزيناً بخرزات فوضعناه بدل صليبنا الحقيقي. أحبتي نحن لا نصنع صلبانا على أذواقنا. الصليب الايطالي، الفرنسي،……….الخ. الغاية منهم تشويه إشارة الصليب. شهود يهوه يرسمونه بشكل خاص T أي المسيح لم يصلب وإنما علق على العود. الصور: الفيديو كليب كان منذ وقت طويل ولكن بأشكال بسيطة. مطرب تحت شجرة او في السيارة… الخ. أما الأن فإن الأمر مختلف، فإننا نلاحظ سرعة التصوير وتعاقب الصور الكثيرة بحيث أن العين لا تستطيع أن تستوعب كل اللقطات المتتابعة. فمع انتشار الفيديو كليب انتشرت ظاهرة المشاهد المتلاحقة غير المتتابعة في شكل لا يخاطب الوعي أو الفهم لدى الإنسان وإنما تمجيد للتشويش واختلال المنطق، والأخطر من ذلك أن بعض الفرق الفنية لم تتورع في أن تضمّن الفيديو كليب الذي تصوره مشاهد عن ذبائح وطقوس وشعائر تنتمي بجملتها إلى عبادات وثنية وعصابات وطوائف مشبوهة تمارس نشاطها في أماكن عديدة في العالم. هذا ما يسمى بتقنية الصورة الـ (26) التي تمر بين كل 25 صورة. إنها رسالة تتخطي عتبة الوعي لدى المستمع. رسالة كهذه تنفذ إلى الأذن والى العينين إلى الحواس الخارجية وتتغلل في اللاوعي العميق لدى المستمع الذي لا يستطيع المقاومة على الإطلاق حيال هذا الشكل العدواني. اول من استعمل هذه الطريقة شركة الكوكا كولا والفايسروي للتأثير على المشاهدين وحثهم على شراء هذه السلع دون غيرها. /شرح تقنية هذه العملية/. المراجع 1. الكتاب المقدس. الطبعة البروتستانتية. 1978. 2. قاموس الكتاب المقدس. تأليف نخبة من الأساتذة ذوي الاختصاص واللاهوتيين. منشورات مكتبة المشعل. الطبعة السادسة. بيروت 1981 3. معجم اللاهوت الكتابي. عرّب عن الفرنسية. دار المشرق. بيروت 1986 4. عبادة الشيطان في العصر الحديث. تأليف القمص تادرس يعقوب ملطي. منشورات كنيسة الشهيد مار جرجس باسبورتينج. مصر. طبعة تمهيدية 1997. 5. السحر وتحضير الأرواح. د. السيد الجميلي. دار أسامة. دمشق وبيروت. الطبعة الثانية 1991. 6. الشيطان ليس أسطورة. بقلم ق. جون ازوالد. ترجمة ق. وجيه وديع. دار لوجوس سنتر. القاهرة 1995. 7. قاتل من العالم الآخر. بريان لين. نقلا عن جريدة أخبار الحوادث. مصر. عدد291. السنة السادسة. 30 أكتوبر 1997. ص 11-12. 8. عبادة الشيطان بالألماني. جريدة أخبار الحوادث. مصر. عدد 256. السنة الخامسة. 27 شباط 1997. ص21. 9. طقوس القداس الأسود. مجلة البناء. لبنان. العدد 875. 7\6\1997. ص16. 10. الظلمة الآتية على العالم. جون أنكر برج وجون ولدون. ترجمة ايفا وهيب. دار لوجوس. مصر 1996. 11. جريدة أخبار الحوادث، السنة السادسة، العدد 300، 1يناير 1998، القاهرة، مصر. |
||||
09 - 06 - 2016, 06:59 PM | رقم المشاركة : ( 13014 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
عاش في خوف سفر ناحوم " وحي على نينوى سفر رؤيا ناحوم الالقوشي " اقرأ سفر ناحوم ... ناحوم يقرع ناقوس موت نينوى ، فهو يعلن الدينونة والهلاك على آشور حيث كانت نينوى عاصمة تلك الأمة . ويقول ناحوم ان الله عادلٌ في إدانته ِ ومعاقبته ِ لهذه الأمة . لقد عاد الناس الى الوثنية من جديد بعد أن تابوا على يد النبي يونان وعادوا الى وحشيتهم كما كانوا سابقا ً . لقد كانت تلك القوة العظيمة المدعوة آشور وعاصمتها نينوى قد سمعت رسالة الله على يد النبي يونان ، وقد اهتدى الناس لفترة من الوقت لا نعلمها تماما ولكنهم رجعوا بعد نحو مئة الى مئة وخمسين سنة الى سابق عهدهم ، لهذا فسوف يدينهم الله الآن . لقد كان دمار نينوى حسبما ورد في نبوة ناحوم رهيبا ، لذلك تُعد هذه رسالة تعزية لشعب عاش في خوف ٍ من أمة ٍ قوية وشريرة ، فالله سيهلك أية أمة ٍ شريرة ، وكل ما ينبغي عليك أن تفعله هو أن تُمسك أي كتاب تاريخ وتقرأ ما جاء فيه لتجد بأن كل قوة عالمية قد زالت وبادت حينما انغمست في الخمر والجنس والمجون . فحينما تصل أي أمة الى هذا الحد فاعلم انها على وشك السقوط . فقد كان هذا هو مصير جميع الأمم العظيمة في الماضي . وما يجعل سفر ناحوم سفرا ً مميزا ً هو انه يتحدث عن حال الكثير من الأمم في وقتنا الحاضر أيضا ً . |
||||
09 - 06 - 2016, 07:01 PM | رقم المشاركة : ( 13015 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أعمل خير وبشّر بالخير
أعمل خير وبشّر بالخير غالبا ما يغييب الفعل : “نعمل” وسط زحام كثرة الكلام، وحظيان الخدمات الشفوية بنصيب وافر في مجالات الخدمة، مما اختزلها في مخيلة الغالبية في أقوال تُقال أكثر من عمل ينجز. أما عن تعبير “عمل الخير”، فهو يرتسم في أذهان الكثيرين أنه مجرد : “خدمة اجتماعية” تقتصر على تسديد بعض الاحتياجات المادية أو توفير بعض العطايا العينية سواء في صورة غذاء أو كساء أو دواء.. الخ. ومعروف عند الناس أن عمل الخير يعني التوجه إلى دور الأيتام والمستشفيات والأحياء الفقيرة لتقديم يد المساعدة، وهي إحسانات تُقدَّم لمن هم أولى بها، من خلالها تسَعد نفوس بائسة وتسدَّد احتياجات مُلِحَة. يليق بالمؤمن أن يكون له قلب رحيم مترفق بكل بائس، مظهرًا بذلك أنه من أبناء الآب الرحيم. يقول الكتاب: «افْعَلِ الْخَيْرَ» (مزمور37: 3). فهل ما سبق هو كل ما قصده الوحي بعمل الخير؟ السؤال الذي أريد أن أطرحه لأذكِّركم ببُعدٍ آخر لخير يحتاجه البشر بصورة أكثر ضرورة. * -1- ما هو مفهوم : «الخير»؟ هل يقتصر على تسديد الاحتياجات الجسدية والعاطفية فقط؟ أم أن هناك خير يمكن أن يلمس أشد صور الاحتياج وأعمقها وهو ما تحتاجه روح الإنسان؟ أليست معظم الجمعيات والمؤسسات الخيرية على مستوى العالم تأسست بواسطة مُرسَلين كانت غايتهم القصوى ألا تمتلئ فقط بطون الجائعين بالخبز بل تمتلئ قلوبهم بالمخلِّص «خُبْزُ الْحَيَاةِ.»، ولا أن تكتسي أجسادهم فحسب بل نفوسهم بثياب الخلاص، ولا يعالجون من الأمراض الجسدية بل ليبرئوا من داء الخطية الذي يدفع ضحاياه إلى الموت الأبدي والطرح في الجحيم؟ إن أعظم خير يمكن أن نقدِّمه للناس هو بشارة الخلاص، فالمبشرون بالإنجيل هم مبشرون بخيرات باقية وأبدية، وخلاص المسيح هو الخير العظيم : « تَعَرَّفْ بِهِ وَاسْلَمْ. بِذلِكَ يَأْتِيكَ خَيْرٌ.» (أيوب22: 21). * -2- لماذا نعمل الخير؟ (أ) تمثُلاً بسيدنا الكريم الذي جاء إلى العالم المعذَّب ليظهر محبة الآب الرحيم للمساكين. فلم يشهد التاريخ البشري إنسانًا ولا هيئة إغاثة في التاريخ عمل الخير مع الناس نظير ربنا الحبيب الذي وصف نفسه : بـ”ابن الإنسان” إذ هو صاحب الإنسانية الكاملة والمشاعر الرقيقة أمام حاجة الإنسان. عواطف البشر تأثّرت بالخطية الساكنة فيهم فجعلت مشاعرهم جامدة، أما سيدنا البار فكانت عواطفه رقيقة وحساسة جدًا لأنه بلا خطيةـ لذا : «جَالَ يَصْنَعُ خَيْرًا وَيَشْفِي» (أعمال10: 38). (ب) لأننا سنحصد نتائجه في الوقت المعين: قد يكون حصاد هذا الزرع الجيد هنا في الزمان الحاضر لكن بالتأكيد سيكون في المستقبل أمام كرسي المسيح. هذا الفكر يجعل المؤمن لا يخشى الفشل ولا يخور من الكلل. وكلمة : “وقته” تعني “في الموعد المعيَّن لها”. هنا الرب يشجعنا بأن عمل الخير لن يكون عبثًا ولن يضيع هباءً. * -3- من الذي يعمل الخير؟ (أ) من يدرك الاحتياج وفي طاقة يده أن يفعله: توجد ثلاثة عوامل لعمل الخير. -1- إحتياج واضح، -2- من يرغب في سده، -3- المقدرة على تسديد هذا الإحتياج. يقول الكتاب : «لاَ تَمْنَعِ الْخَيْرَ عَنْ أَهْلِهِ، حِينَ يَكُونُ فِي طَاقَةِ يَدِكَ أَنْ تَفْعَلَهُ» (أمثال3: 27). فالذي يعرف من هم أهلاً للخير ليفعله طالما في طاقة يده أن يعمله. (ب) من يصنع الخير هو من الله (3يوحنا11). الطبيعة الجديدة التي في المؤمن هي طبيعة أبينا الصالح الذي لا يكُفّ عن عمل الخير، إنها تنتج بل تبتكر الخير : «الرَّحْمَةُ وَالْحَقُّ فَيَهْدِيَانِ مُخْتَرِعِي الْخَيْرِ» (أمثال14: 22). وتعبير «مخترعي الخير» يعني أنهم يبذلون الجهد الكثير سواء بمشاعرهم أو بأيديهم، والمحرك الأساسي الذي يعمل فيهم هو الرحمة الممتزجة بالحق. الرحمة تحرِّك المشاعر والعدل يقتضي أننا كما أخذنا من الرب كل عطاياه وهباته الكثيرة مجانًا وجب علينا أن نعطي مجانًا. * -4- لمن نعمل الخير؟ «فَإِذا حَسْبَمَا لَنَا فُرْصَةٌ فَلْنَعْمَلِ الْخَيْرَ لِلْجَمِيعِ، وَلاَ سِيَّمَا لأَهْلِ الإِيمَانِ» (غلاطية6: 10). تقديم الخير لأهل الإيمان أمر واجب، والرب يحسبها ذبيحة يسَرُّ بها «وَلكِنْ لاَ تَنْسَوْا فِعْلَ الْخَيْرِ وَالتَّوْزِيعَ، لأَنَّهُ بِذَبَائِحَ مِثْلِ هذِهِ يُسَرُّ اللهُ.» (عبرانين13: 16). ومما لا شك فيه أن المحبة الأخوية الشديدة تدفع المؤمنين أن يراعوا الفقراء والمحتاجين من إخوتهم ويطلبون خيرهم. قيل عن نحميا إنه رجل جاء يطلب خيرًا لشعبه. لكن هل يا ترى نفعل خيرًا مع جميع الناس كما تقول الوصية: «اتَّبِعُوا الْخَيْرَ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ وَلِلْجَمِيعِ» (1تسالونيكي5: 15) سواء كانوا زملاء، جيران أو رؤساء؟ وهل نُحسِن إلى الذين يعاملوننا حسنًا فقط؟ ماذا عن الذين يبغضوننا ويناصبوننا العداء؟! هل نمنع عنهم الخير إن كان في طاقتنا؟ قال الرب: « وَإِذَا أَحْسَنْتُمْ إِلَى الَّذِينَ يُحْسِنُونَ إِلَيْكُمْ، فَأَيُّ فَضْلٍ لَكُمْ؟ فَإِنَّ الْخُطَاةَ أَيْضًا يَفْعَلُونَ هكَذَا». (لوقا 6: 33) أما المسيحي فله منهج أسمى بكثير من منهج الناس الطبيعيين الذين يتصرفون بطبيعتهم البشرية الفطرية. الإحسان هنا بمعنى العمل الحسن أو الطيب أو الجيد، وليس فقط الصدقات أو العطايا المادية. المؤمن القريب من سيده يكون له ذات مشاعر سيده الرقيقة الرحيمة إذ يفيض قلبه بالحب لجميع الناس سواء كانوا صالحين أم أشرار. الأمر لا يقف عند حد العطاء المادي أو العيني بل يمكن أن نفعل خيرًا عندما نعكس محبة الله لهم في المناسبات المختلفة. * -5- متى نعمل الخير؟ (أ) حسبما تكون لنا فرصة للعمل: جيد للمؤمن أن يشارك في كل ما ينتج خيرًا للناس مثل فصول محو الأمية أو الخدمة الطبية أو ممارسة أعمال الرحمة بكل صورها. إن كلمة تشجيع وابتسامة صادقة يمكن أن تُحيي الرجاء في نفس بائسة. ربما مكالمة تليفونية تنقذ - جارًا أو زميلاً يائسًا - من الانتحار. عاش ربنا الكريم في ذات العالم الذي نعيش فيه وكان يفيض حنانًا ولطفًا وإشفاقًا على منكسري القلوب. كم من المرات تُتاح لنا الفرصة أن نصنع خيرًا مع نفوس ينتظرها هلاك أبدي دون أن ننذرهم حين وجب أن نختطفهم من النار؟ إن اغتنمنا كل فرصة لعمل الخير سنجد أن اليوم بطوله وعرضه يمتلئ بالفرص. إن سلكنا في ذات الطريق، نمجد أبانا الطيب والحنان، ونعطي فرصة للناس أن تصل إليهم نعمة الله الرحيم من خلالنا فيميزوا بين المسيحية المؤسَّسة على محبة ونعمة الله وبين ديانات العالم التي يعرفها الإنسان. (ب) نعمل الخير بالرغم من المقاومة والآلام التي تواجه المتمثلين بالخير «لأَنَّهُ أَيُّ مَجْدٍ هُوَ إِنْ كُنْتُمْ تُلْطَمُونَ مُخْطِئِينَ فَتَصْبِرُونَ؟ بَلْ إِنْ كُنْتُمْ تَتَأَلَّمُونَ عَامِلِينَ الْخَيْرَ فَتَصْبِرُونَ، فَهذَا فَضْلٌ عِنْدَ اللهِ،» (1بطرس2: 20): هنا نرى سمو الحياة المسيحية إذ يقترب الشبه بين المسيحي والمسيح الذي هو أعظم مثال، إذ لم يكُفّ عن الإحسان حتى في مشاهد آلامه ورفضه. شر الإنسان لم يعطِّل خيره وعنف الإنسان لم يمنع لطفه. * -6- كيف نعمل الخير؟ (أ) نتكل على الرب : «اتَّكِلْ عَلَى الرَّبِّ وَافْعَلِ الْخَيْرَ. اسْكُنِ الأَرْضَ وَارْعَ الأَمَانَةَ.» (مزمور37: 3) إن فعل الخير يأتي بالاستناد على نعمة الله التي تضمن لنا أن نخرج من دوائر أنفسنا وأنانيتنا ونفكِّر في الآخرين ونكون رحماء. والنعمة تهبنا أن لا ندخر وسعًا كي نجود بسخاء ونصنع المعروف مع الجميع. (ب) نتعلم فعل الخير: وبَخ الرب شعبه على لسان إشعياء النبي بقوله: «تَعَلَّمُوا فَعْلَ الْخَيْرِ. اطْلُبُوا الْحَقَّ. انْصِفُوا الْمَظْلُومَ. اقْضُوا لِلْيَتِيمِ. حَامُوا عَنِ الأَرْمَلَةِ» (إشعياء1: 17). عمل الخير أمر متنامي ويحتاج إلى تدريب يومي. بقدر ما نسلك بالقداسة ومخافة الرب ونقترب من الرب أكثر سنعرف ما في قلبه تجاه من نتعامل معهم فهو الوحيد الذي بالحق يحمل الخير للجميع. * * * يارب أشكرك أحبك كثيراً... بركة الرب لكل قارئ .. آمين . وكل يوم وأنت في ملء بركة إنجيل المسيح... آمين يسوع يحبك ... |
||||
09 - 06 - 2016, 07:04 PM | رقم المشاركة : ( 13016 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
لنحذر وننتبه جداً بخوف الله
لتحذر جداً لأن الأيام شريرة، والخطايا الشبابية التي هي الاندفاع والغيرة في غير موضعها والتسرع في الردود على الناس ومهاجمة المهاجمين، صارت على أشدها واختلطت الأمور والكل وقع في نفس ذات الفخ عينه الذي جعل الكثيرون يخسرون أنفسهم دون أن يدروا، حتى وقعوا في البغضة والكراهية عن دون قصد منهم، لأنهم بدءوا بغيرة حسنة أنتهت بالسخط والغضب الذي لا يصنع برّ الله، فلنخرج سريعاً إذن من هذا الفخ وننتبه لكلام الرسول لئلا نُشابه الهابطين في الجب الواقعين في الأسر ويظنوا أنهم يدافعون عن الحق وهم متعثرون في الطريق ولا يحيون كما يحق لإنجيل المسيح رب القيامة والحياة: + ولكنني أطلب إليكم أيها الإخوة باسم ربنا يسوع المسيح أن تقولوا جميعكم قولاً واحداً ولا يكون بينكم انشقاقات، بل كونوا كاملين في فكر واحد ورأي واحد (لأنه من عرف فكر الرب فيعلمه وأما نحن فلنا فكر المسيح – 1كورنثوس 2: 16). لأني أُخبرت عنكم يا إخوتي من أهل خلوي أن بينكم خصومات. فأنا أعني هذا: أن كل واحد منكم يقول (بتحزب) أنا لبولس وأنا لأبلوس وأنا لصفا وأنا للمسيح. هل انقسم المسيح! ألعل بولس صُلِّب لأجلكم! أم باسم بولس اعتمدتم! (1كورنثوس 1: 10 – 13) + لأني أخاف إذا جئت أن لا أجدكم كما أُريد وأُوجد منكم كما لا تريدون، أن توجد خصومات ومحاسدات وسخطات وتحزبات ومذمات ونميمات وتكبرات وتشويشات (2كورنثوس 12: 20) + ولكن أن كان لكم غيرة مُرة وتحزب في قلوبكم فلا تفتخروا وتكذبوا على الحق؛ لأنه حيث الغيرة والتحزب هناك التشويش وكل أمرٍ رديء (يعقوب 3: 14، 16) + وأما الذين هم من أهل التحزب ولا يطاوعون للحق بل يطاوعون للإثم فسخط وغضب (رومية 2: 8) + أعمال الجسد ظاهرة التي هي زنى، عهارة، نجاسة، دعارة، عبادة الأوثان، سحر، عداوة، خصام، غيرة، سخط، تحزب، شقاق، بدعة، حسد، قتل، سكر، بطر، وأمثال هذه التي اسبق فأقول لكم عنها كما سبقت فقلت أيضاً أن الذين يفعلون مثل هذه لا يرثون ملكوت الله. (غلاطية 5: 19 – 21) |
||||
10 - 06 - 2016, 06:07 PM | رقم المشاركة : ( 13017 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أجداد المسيح
إن مطلع إنجيل متى الذي يُقرأ الأحد القادم، هو: «كتاب ميلاد يسوع المسيح ابن داود ابن ابراهيم…»، غير أن بشارة لوقا (٣: ٢٣-٣٨) تنسب المسيح ليس فقط إلى إبراهيم ولكن إلى آدم، أي انها تجعل انسانيته متصلة ببداءة الكون وتجعله وارثًا لأبعاد التاريخ كله وهدفًا للحقائق السابقة لظهوره وكأنه منتهى تبلور ومنطلق ضياء. انه بهذا المنظار نهاية الدروب وطريق جديدة. ما يلفت في صلوات الكنيسة انها تؤكد اتصال المسيح بمن سبق الشريعة الموسوية، وتؤكد الخط الآدمي لا الخط الإبراهيمي حصرًا كما توضح اتصال السيد بنوح وبغيره من الأبرار الذين تقول التوراة انهم غير عبرانيين. هناك التواصل مع عربي مثل أيوب وكنعاني مثل ملكي صادق. هؤلاء جميعا قالت عنهم صلاة الغروب أمس ان المسيح الفادي عظّمهم في جميع الأمم. نخرج هنا من الحصرية اليهودية إلى مسكونية الأصل وإلى استبطان المعاني الروحية المرتبطة بهذه المسكونية. فبنوح مثلا يقيم الله مع البشرية عهدا كونيا سابقا للعهد الإبراهيمي ولا يبطله العهد الإبراهيمي. بملكيصادق هناك صلة مع كنعان -وليس فقط الصلة النموذجية التي تتحدث عنها الرسالة إلى العبرانيين لمّا نقول عنه انه على مثال ابن الله من حيث ان لا أبَ له ولا أُم ولا نسب ولا لأيامه بداية ولا لحياته نهاية، غير ان الطقوس، وهي محلّ التفسير، تجعله من أجداد المسيح. وبالرجوع إلى سفر التكوين (١٤: ١٨) حيث يُذكر ملكيصادق للمرة الأولى لا نجد أية علامة نسب ممكنة بين إبراهيم وبينه، ومع ذلك تجعله الكنيسة جدا للسيّد. لماذا تأخذه من الموقع الذي هو فيه إلى موقع نسابة؟ أليس ذلك لتؤكد اليوم ارتباط المسيح بكل الشعوب قبل أن تؤكد عبرانيته لتشير إلى انه مهيأ بترابيته أيضًـا لخلاص العالم؟ نخلُص من هذا إلى ان الحركة ليست من المسيح إلى الوراء، بل من الأجداد الأمميين (الذين من الأمم) ومن الآباء الإبراهيميين إلى المسيح. هو الذي يكشف قيمة الأسلاف والأبرار من كل صوب ومن خلاله تتعين النبوءة، ليس بعد رجعة إلى التاريخ بل حركة استقطاب للتاريخ وبالتالي حركة تجاوز له، ذلك لأن المسيح في أيام بشريته كان في ديمومة الناسوت، يأخذ هذا الناسوت إلى ألوهيته ويذيب التاريخ في الكشف بغية الدخول إلى ملكوت المعنى، حتى يصحّ قول القديس يوحنا الدمشقي ان «الكلمة صار جسدا والجسد كلمة». أمام الكشف العيسوي، الكون وما فيه كلمة. العالم يعبر إلى مصيره بالمسيح لأن العالم مشدود الي المسيح المُعلن بعدما كان العالم في الكلمة الأزلي المكنون. فكما انكشف العالم من الكلمة المستتر في الله، كذلك يتقلّص العالم في الكلمة المتجسد وتنطوي فيه الأمم جميعا. الحضارات له تهيء كما منه تنطلق من بعده، ولئن كانت الآتية اليه والذاهبة منه ليست الا بمقدار قيامها به. أحد الأجداد اليوم لا يعظّم الأمم بل يسبّح المسيح الذي عظّم الأمم. كذلك لا يمجّد العبرانيين: «لا لنا يا رب لا لنا بل لاسمك أَعط المجد» (مزمور ١١٥: ١). ليس لأمة من عظمة منفصلة عن عزّة الله والا وقعنا في وثنية الأمة. الاثم القومي في عمقه انه يعزل الأُمّة ومصيرها عن الله، يجعل لها كينونة مستقلة عن الرسالة التي لم يحملها ولكنه حملها لمن انتمى اليه في كل أُمّة. الرسالة لم تُلقَ على أكتاف الأمم بل أمامهم. الأُمّة ليست أُقنوما او ذاتا. هي شيء على قدر اقترابها من الله. جاورجيوس، مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان) |
||||
10 - 06 - 2016, 06:08 PM | رقم المشاركة : ( 13018 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
خلق الله واختلاق الإنسان!.
في سِفر الأمثال، أن: “مَن ازدرى بالكلمة يُخرب نفسه” (13:13). ثمّة مَن بها يبالون، وثمّة مَن لا يبالون!. القول عن كلمة الله، أو، بتعبير أدقّ، عن الإله الكلمة، من حيث إنّه لا ما يفصل الله عن كلمته!. تَقُلْها تَقُلْه!. تُعْطِها تُعْطِه!. روحٌ الكلمة!. والرّوحُ روحُ الحياة!. نَفَسُك!. بدونه لا تكون!. مأساة الإنسان أنّه لا حياة له في ذاته!. لذا يَختلق الحياة اختلاقًا لكي لا يموت أسًى!. يلهو!. وفي اللّهو عبث!. داوني بالّتي كانت هي الدّاء!. الحاجة إلى واحد!. إن تُضِعْه تَضِعْ!. هذه هي الظّلمة!. أنّى لك أن تبحث عن النّور في الظّلمة؟ ولو بحثتَ أتجدْ؟ ولو وجدتَ، ماذا تجد؟ ميراثَ عدم!. لِمَ لا يبالون؟ لأنّه ليس الحقّ فيهم!. إذًا مكتفون بالباطل!. وباطلهم حقّ في عيونهم!. مَن يقدر أن يُقنع مَن؟ العقل، إذ ذاك، أبله!. إذا لم يكن القلب إلى القلب، فما المنفعة؟ وصيّة القدّيس بورفيريوس الرّائيّ كانت، إلى المنتهى، أحبَّ الرّبّ يسوع، إذ ذاك ترَ وتفرح!. كيف أُحببك وأنا ملئي نفْسي؟ إن كنتُ لا أرى إلاّ نفسي فيك، فكيف أراك؟ أنّى لي أن أعرفك؟ إن لم أبحثْ عنك فكيف أجدُك؟ أجدني!. لذا أختلقك!. تخلقني فأختلقك!. فما المحصّلة؟ أوهام!. أوثان!. أقيم متمرِّغًا في أوحالي، حتّى أستفيق!. ومتى أستفيق؟ متى عجزت، متى تلاشيت، متى بلغت عمقَ الضِّعة، متى أُهِنْتُ في كياني، متى مَلِلْتُ نفسي، متى بلغتُ حدَّ العبث، طريقًا مسدودًا، متى وجدتُني في فراغ، ممتلئًا جراحًا… متى استنفدتُ أوهامي!. يومذاك، أعود إلى نفسي، أَعِيكَ، أعودُ إليك!. لكلّ نفس حكاية، ولكلّ قلب مسير!. الله يُعين إذا كنتَ به تستعين!. أمَا نور الشّمس إليك؟ ولكن، كيف ينفعك إن لم تكن عينُك إليه؟ لعبة الخالق والمخلوق لا تكافؤ فيها!. دودة، أنا، لا إنسان!. ما خَطبي؟ جهالتي بإزاء حكمة العليّ!. النّملة تناطح الجبل وهو يحيد عنها لطفًا ورِفقًا، فتنعطفَ عنه إلى هناك فإلى هنالك، فتلقاه منعطفًا عليها بأرفق، أبدًا، حتّى تعيا، فيريها ثقبًا تدخل فيه إلى الدّاخل!. إذ ذاك، تذكر المزمور القائل: “ها أنا الآن أرقد وأنام بسلام، لأنّك أنت وحدك يا ربّ الّذي أسكنتني في مسكني بأمان” (4: 8)!. أيتغيَّر الإنسان؟ ما لم يتغيَّر قلبُه فلا شيء، في العمق، فيه، يتغيَّر!. فقط يتلوّن!. يتفاعل ومحيطه لينال مأربه منه ويأمن شرّه!. خوفُه الرّاسخ مَن يبدّده؟!. لا آلم من اليُتم!. يتيمَ الله تراني!. فقير أنا وفي الشّقاء منذ حداثتي!. هذه سيرتي، يا دهرُ، ميتّمٌ حتّى أُتيَّم!. وحده حبّ إلهي يطّرح خوفي إلى خارج!. هذا تذيقني إيّاه فأنتشي، فتذيقني إيّاه من جديد، فأنسى فأتعب ولا تتعب، وأنت تعيد الكرّة أبدًا!. ما كنتُ لأطلبك لو لم أعرفك مرّة ومرّات!. وحدك الثّابت فيّ وإليّ، وأنا في طيشي، عنك، في راحتي، وإليك، في ضنكي!. في عيني، طريقي طويلة، ولست مدرِكًا تعاريجَها!. كلّ لحظة جديد!. تخبطني الأيّام خبط عشواء، كمَن حطّه السّيل من علو!. وما، في عينيك، أمرٌ عشواء، لأنّك تراني لديك، حتّى قبل أن أصير إليك!. أحكمُ عليك في ظلمتي لأنّي مستغرِب عنك، ولا تحاكمني لأنّي مقيم أبدًا في نورك، في حبّك، ولا تراني إلاّ على فراش وثير في خِدر قلبك، إذ تعلم ما أتيتُه على نفسي من أتعاب، جهلاً وغباء!. تعالوا إليّ يا جميع المتعَبين والثّقيلي الأحمال وأنا أُريحكم!. الحلّة الأولى أعددتَها لي، منذ الدّهر، ولا تراني إلاّ فيها؛ لكنّك لا تنتظرني كأنّي بعيد عنك، لأنّك تعرف، في عمق محبّتك، أنّك فيّ وإليّ كلّما عَمُق شرودي عنك!. بعادي عنك، في عينك، يدنيني منك… بالألم!. نعمتك تأبى أن تفارقني!. تواكب جراحي، كلّ حين، لتستردّني إلى العافية!. “رحمتك تتبعني جميع أيّام حياتي”!. صليبي، نيرُك اللّيّن، الّذي لا اشاء أن أحمله لأتّبعك، أستعيض عنه بصليب خطيئتي؛ نيرٌ ولا أقسى؛ وسيادةَ حبّك الرّاحمة أبيعها بسيادة أهوائي، تنهشني وتسحقني!. “أيّامي فنيت كالدّخان… ذويتُ كالحشيش وجفّ قلبي…” (مزمور 101: 3 – 4)!. “ويحي، مَن ينقذني من جسد الموت هذا؟!.” أهوائي توهن مشيئتي حتّى لا أحبّ أحدًا إلاّي!. ولكنْ، نفسي الّتي خيِّل إليّ أنّي أحبّها باتت ثقلاً عليّ!. تزوّجتُ أهوائي فصرت بها من بنات الهوى!. الآن علمت عِظَم حرقة المرأة الخاطئة، مرّةَ النّفس، حين حضرتْ لدى السّيّد، في بيت سمعان الفرّيسيّ، وكانت تذرف دموعًا من نار استنبعتها من جحيم نفسها المبيعة في سوق نخاسة الشّيطان!. إلى مَن كان يمكن أن تذهب وإيّاي، كأعميَي أريحا، إلاّ إليك، لأنّ كلام الحياة الأبديّة عندك!. ارحمنا يا سيّدُ، يا ابن داود!. الكلمةَ، الكلمةَ!. حتّى متى يا نفسُ لا تسمعين؟!. يا ليت كياني جبًّا لا يتردَّد فيه إلاّ صوتك، سيِّدي!. يكفيني أن أسمعك!. ليتني سمعتُ، إذًا لأبصرت وتكلّمت!. “نجّني فإنّي فقير ومسكين وقلبي مضطّرب في داخلي” (مزمور 108: 22)!. خربَتْ نفسي لأنّي لم أسمعك!. رجائي أنّي خروفك الضّال… ليتقدَّس اسمك، كما في السّماء كذلك على الأرض، عليَّ!. ما أغباني؟!. كنت أشاء، أبدًا، أن أتكلّم، وأنا غيّ اللّسان!. كيف للساني أن ينفتح ولمّا يمسّه إصبعك المبلّل برَطَبِ روحك، مجبولاً بترابيّتي؟!. لذا كلّ كلامي كان غضبًا وعنفًا وتفَهًا!. كم اختلقتُ قضايا؟!. استحلتُ بؤرة قيح!. ولطالما عملتُ على أن أرفع النّير عنّي، فوجدتني، كلّ مرّة، أثقّل على كواهل عبيدك، أولئك الّذين أوليتني الاهتمام بهم قائلاً: طوبى لمَن يعتني بالمسكين والفقير… الرّبّ يعينه على سرير ألمه، على سرير أهوائه، على سرير مرض خطيئته!. إن يُفرِغ الإنسانُ نفسَه من أناه، من ولههِ بذاته، إذ ذاك، يُحبِبْ!. يمتلئ منك ومن أحبّتك!. يصير، إذ ذاك، إنسانًا!. يتحقّق!. في ذاته، مشروعٌ ناقص هو!. شمعةٌ برسم النّور!. أذن برسم السّماع!. لسان برسم الكلام!. هيكل برسم الرّوح!. ملكوت برسم الملك!. هلمّ واسكن فينا!. افتحوا أيّها الرّؤساء أبوابكم، وارتفعي أيّتها الأبواب الدّهريّة ليدخل ملك المجد!. أنا العرس لديك!. ذبحتَ لي العجلَ المسمّن!. الفرح أُعدّ!. ولمّا أشأ أن آتي إليك!. إلى أين أهرب من وجهك؟!. رغم ذلك تقتبلني، تبيّض صفحتي!. فقط، إن قلتُ: أخطأتُ إلى السّماء وأمامك!. ولستُ مستحقًّا، بعدُ، لأن أُدعى لك ابنًا!. اجعلني كأحد أجرائك!. ربّك لا يسيء إليك ولا ينتقم منك!. مصلوب عليك!. اغفر لهم يا أبتاه، البارحة واليوم وغدًا، لأنّهم لا يدرون ماذا يفعلون!. كلّ هذا الّذي عانيتَه، يا بنيّ، ويا بنيّتي، منكَ، ومنكِ!. الكذّاب أوحى ويوحي لكما به وأنتما صدّقتماه وتصدِّقانه!. بؤبؤُ عيني أنت، رائحةُ عطري، أريجُ محبّتي!. لأجلك قدّستُ ذاتي، أفرغتُ نفسي، اتّخذتُك!. أحزانَنا حمَلَها، وأوجاعنا تحمَّلها!. مجروح لأجل معاصينا!. مسحوق لأجل آثامنا!. الرّبّ وضع عليه إثم جميعنا!. ضُرب من أجل ذنب شعبي!. سُرّ الرّبّ أن يسحقه بالحزن لأنّ مسرّة الرّبّ بيده تنجح!. سكب للموت نفسه سكيبًا لأنّه أحبّ!. هذا أنا!. هذا صليبي!. صليبي ليرفع صليبَك!. به أعطيك حياتي!. أأدعوك إلى الموت؟!. هل دعا سيّدٌ المَسُودَ عليهم لديه إلى اتّباعه في الموت؟!. أما تفهم أنّ صليبي قيامتُك وأنّ موتي حياتك!. مَن آمن بي وكان حيًّا فلن يرَ الموت إلى الأبد!. حتّى متى تأبى أن تثق بي؟!. أن تؤمن؟!. يا غبيّ، اللّيلة تُطلب نفسك منك، فهذه الّتي أعددتَها لمَن تكون؟!. أصليبي، حبّي، يرعبكِ؟!. “لحظةً تركتكِ، وبمراحم عظيمة سأجمعكِ”!. الجبال تزول والآكام تتزعزع!. أمّا إحساني فلا يزول عنكِ (إشعياء 54)!. لا تطيلي آلامَك، بعدُ، يا أمّةٌ غبيّة!. هذا ميراث عبيد الرّبّ وبرّهم من عندي، أنا ميراثهم يقول الرّبّ!. كفاكم عبثًا واختلاقًا وأوهامًا!. الأرشمندريت توما (بيطار)، رئيس دير القدّيس سلوان الآثوسي، دوما – لبنان |
||||
10 - 06 - 2016, 06:10 PM | رقم المشاركة : ( 13019 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
هل أنا حارس لأخي؟
(تكوين 9:4) “أخي هو حياتي”، هذا قول مشهور للقدّيس سلوان الآثوسيّ، ويعني أنّ الآخر، قريبي، زميلي في العمل والأشخاص الذين ألتقي بهم جميعا هم حياتي. فلنتأمّل في هذه الكلمات، فبالرغم من أنّ مجتمعنا يسير باتّجاه التركيز على الأنا (individualism) إلا أنّ إيماننا الأرثوذكسيّ عمل ويعمل دائما عكس هذا الإتّجاه. فنحن المسيحيين نؤمن أنّ البشر مترابطون بعضهم ببعض بشكل وثيق، وهذا الأمر كان واضحا في تعليم ربّنا وإلهنا يسوع المسيح، فهو القائل: “كنت جائعاً، كنت عطشانَ، كنت عرياناً، كنت مريضاً وفي السجن – كلّ ما فعلتموه بأحد إخوتي هؤلاء فبي فعلتم”. كما أنّ هناك أمثالاً كثيرة في الكتاب المقدّس أراد المسيح من خلالها الإشارة إلى هذا الأمر المهمّ أيّ، أنّ راحة أخي وسعادته هم جزء لا يتجزّأ من راحتي وسعادتي، لا بل حتى، إنّ سعادة أخي وراحته على حساب راحتي وسعادتي هما ضمانة لسعادتي وراحتي الأبديّتين. مثل الغنيّ ولعازر واضح جدًّا من ناحية طرح هذا الأمر الأساس في نجاح حياتنا الروحيّة. فالغنيّ لم يلحظ وجود لعازر الفقير والمريض على باب بيته، تجاهله بالكلّيّة. المسيح أدان الغنيّ وبارك لعازر، ولكن لماذا؟ من المؤكّد أنّ المسيح لم يُدن الغنيّ بسبب غناه، فالكنيسة لا ترى في الغنى واقتناء الممتلكات خطيئة. بالرغم من هذا فالكتاب المقدّس يحذّرنا من خطورة أن يكون المرء غنيّا. لماذا؟ لأن الغنىيحاول أن يجعلنا عبيدًا له لكي نعتمد عليه وليس على الله. يمكن للغنى أن يعمي قلوبنا وأن يجعلنا عادمي الإحساس أمام تنهّدات المحتاجين وحاجاتهم إلى المعونة. يا إخوة إنّ الراحة والأمن الذاتيّ يجعلاننا نشعر بأنّنا لا نقهر(بضمّ النّون) وهذا الأمر يجذّر فينا الغرور والكبرياء. فنبدأ بالظنّ أنّنا حصلنا على هذا الغنى وهذه الأمبراطورية بواسطة قدراتنا الذاتيّة، الفكريّة، الصحّيّة ومؤهِّلاتنا، ناسين أنّ “كلّ عطيّة كاملة هي منحدرة من عند الله”. لهذا، في معظم الأحيان، نخدع أنفسنا عندما نعتقد أنّ السعادة والأمان يأتيان بواسطة الغنى. الغنى والمال هما تجربة خطيرة، لأنّهما يحاولان أن يأخذا مكان الله ووصيّته في حياتنا. منذ بدء الزمان، سأل قايين الله “أأنا حارس لأخي؟” أجاب الله بصراحة مطلقة: “نعم، كلٌّ منّا هو حارس لأخيه”. فهذه مسؤوليّة عمليّة، ملحّة وضروريّة في حياتنا الروحيّة التي تكمل بواسطة الأعمال الحسنة حسب قول الرسول يعقوب في رسالته الجامعة، وهي مكمِّلة لكلّ ما هو نافع لنفوسنا. فدَعُونا يا إخوة نتذكّر دائما أنّ إخوتنا هم حياتنا لأنهم صورة لإلهنا الذي أحيانا ولا يزال يحيينا، ودَعُونا نتشارك كلّ ما هو حسن مع الآخرين الذين هم صورة خالقنا، لكي يسمح لنا الربّ بالمشاركة في ملكوته السماويّ، لأنّنا، ببساطة، إن أحببنا أبناءه فبالتالي أحببناه بهم. وبدون حبّ ما يُرى لا يمكن حبّ ما لا يُرى على حسب قول القدّيس يوحنّا الإنجيليّ البشير. +أفرام، مطران طرابلس والكورة وتوابعهما |
||||
10 - 06 - 2016, 06:17 PM | رقم المشاركة : ( 13020 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
قريبي والاستعداد للميلاد
الأب أنطوان ملكي فيما ندخل صوم الميلاد، يدخل العالم من حولنا إحدى أكثر فترات السنة انشغالاً وضغطاً على العائلات. فالإعداد للميلاد يتضمّن التسوّق والثياب الجديدة والتزيين والتخطيط للاحتفالات وغيرها. ومن نافل القول أنّ كل هذا لا يرتبط بالميلاد بشيء، ومن الضروري التكرار بأن الاستعداد للميلاد يكون بالصلاة والصوم والصدقة والمصالحة والتوبة، وإلا فإن استعداداتنا ليست لتمجيده في ولادته. من هنا تأتي القراءة اليوم لتذكّرنا بكل هذا. فالناموسي سأل “مَن هو قريبي” لأنه يريد أن يتهرّب من سؤال السيد عن تطبيقه للناموس، بينما نحن فينبغي أن يكون واضحاً لنا أن كل محتاج هو قريبنا وأن كل مَن يحتاج إلى المعونة يستحق الرحمة منّا. هذا هو معنى محبة القريب. ومع دخولنا في صوم الميلاد، أي فترة التهيئة لهذا العيد، علينا جميعاً الاعتراف بأننا مقصّرون عن تنفيذ وصية السيد. كمثل الفريسي نحن نريد بأن لا تضمّ لائحة أقربائنا أحداً غير الذين يحبوننا ونحبهم، حتى نشعر بالرضى بأننا نطبّق وصية المسيح. كان السؤال المطروح على يسوع من هو قريبي وقد أجاب عليه بسؤال: أي هؤلاء تحسب صار قريباً؟ ما يريد قوله السيد هو أن الإنسان يصنع قريبه، إذا أحبّ الآخر يجعله قريباً.السؤال ليس إذاً مَن هو القائم بقربي بل أي انسان أقدر أن أصيَره قريباً. الجواب انا أخلق القربى بما أعطيه. جواب يسوع كان: “الذي صنع إليه الرحمة“. القرابة صيرورة خلق وليست كلاماً. يصير الإنسان قريباً للآخر ويصير الآخر قريبه بالمحبة. الإنسان يصنع القريب بالمحبة والرحمة. المحبة تفترض متابعة وانتباهاً متواصلاً، لأن المحبة ليست عاطفة عابرة، بل هي أمر يدوم ويواظَب عليه، والذي يحبه الإنسان يتحمله ويحفظه في قلبه، ينفق من وقته وحياته وماله وصحته من اجله، وبذلك يكون قد اقترب منه وجعله قريبه. اذ ينقل الله إليه من خلال عطفه ومحبته وانتباهه، يقترب هو تدريجياً من الله ويتعرّف عليه. لذلك، عمل الرحمة مطلوب من كلّ مؤمن، لأنّ مَن يسدّ أذنيه عن صراخ المسكين، يصرخ هو أيضاً لا يُسمع له (امثال31:21). أمّا مَن يرحم قريبه فيُقرِض الرب (امثال17:19) ويكنز في السماء كنوزاً من الرحمة يعينه الرب بها عند الحاجة . نحن تقبّلنا أعظم الرحمة في مجيء المسيح. وفي تعييدنا لميلاده نعيّد لتقبّلنا هذه الرحمة. لذا يجب أن نتعلّم الرحمة لكي نتلقاها. مَن لا يمارسها ولا يشعر بها ومن لا يعطيها يبقَ خارجاً. الدينونة بلا رحمة لمَن لم يعمل الرحمة (يعقوب13:3).آباء الكنيسة رأوا أن السامري الشفوق هو صورة للمسيح ابن الله، الذي أتى ليرحم الذين لا يحبونه من دون تمييز بين الأعراق والأديان والطبقات واللغات. إذاً، يدعونا إيماننا للتحضير لعيد الميلاد بطرق مختلفة جداً عما هو شائع في حضارتنا القائمة. فالأمر ليس كلّه هدايا ومشتريات وحفلات واهتمام بعدم اكتساب الوزن. بل بالأحرى، الأمر هو النمو في الرحمة والشفقة. الاستعداد للميلاد هو في اظهار المحبّة الحقيقية لله وللقريب. علينا أن نستفيد من صوم الميلاد وزمن الاستعداد، للإعداد على أكمل وجه لاحتضان بشريتنا المكسورة وإنسانيتنا الفاسدة التي وُلد المسيح، آدم الثاني، لكي يستعيدها. ليست الحياة المسيحية مجموعة من القواعد بل هي المسار الذي يسلكه المرضى والضعفاء والمضطهدين والمحبطين ليصلوا إلى البركة والقداسة التي خُلِقوا لها على صورة الله ومثاله. دعوة يسوع الاخيرة للناموسي بقوله “امضِ واصنع انت أيضاً كذلك” موجّهة لكلّ مؤمن اختبر افتقاد الله وايقن أنّه قريبه. |
||||