![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 13001 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() الأول والأخير، الألف والياء
![]() من الرموز المطلقة في الكتب المقدسة، وفي الرسومات المقدسة أيضاً أي في الأيقونات، نرسم لربنا يسوع المسيح الحرفين الأول الألف والياء، ويقول عنه سفر الرؤيا أنه الأول والآخر، أي الأخير، وهكذا نضع له في الحروف اليونانية الألفا والأوميغا. وبالتالي ما بينهما يجب أن ينسحب عليها كلها، وعندما نقول أنه هو البداية والنهاية، أي أنه هو أيضاً ما بينهما، وبدون ذلك هناك تشويش وإضطراب، وعدم إنسجام. هو هو أمس واليوم والى الأبد، يقول لنا الرسول بولس. لا يكون هو اليوم شيء، وغداً شيء، وبعده شيء، وفي نهاية الدنيا يكتمل. بل هو هو أمس واليوم والى الأبد. في الزمن هكذا هو، في العمل هكذا هو، في كلامه معنا، في سره، وفي علانيته، هو هو لا يتغير ولا يتبدل، إله السلام وأبو المراحم، العطوف، الرحوم، المحب، ونحن مدعوون أن نكون على صورته ومثاله. أن نكون على ملء قامته، لا نكون اليوم بحسب العالم، ولا نكون فيما بعده في خليط ما بين العالم، وما يريده. وبعد ذلك نصبح شيئاً آخر إما أفضل وإما أسوء، ولهذا يقول لنا في سفر الرؤيا: لا تكن فاتراً، كن حاراً أو بارداً، غير معوّجٍ أو معرج بين الميلين كي لا اتقيأك يقول الرب الإله. إذا سمعنا للترانيم التي رتلت، وللأفاشين التي تليت، وللأقوال التي قيلت على مسامعنا ومنا ورددناها جميعاً بأفكارنا وعواطفنا وقلوبنا نجد أن الموضوع واحد، وما يتفرع عنه لا يختلف، بل هو كأزهار في بستان واحد، هذا البستان هو محبة الله، ومحبتنا لله، وبعد ذلك ما فيه من نعم، ما فيه من فضائل، من عطايا صالحة، من مواهب كاملة، من أعمال إلهية جرت في التاريخ، وتلقي الناس لها في التاريخ، وكيف اعلونها في الماضي، ويعلوننها في الحاضر، وسيعلوننها في المستقبل هي هي ذاتها عبارة عن هذه العطايا أزهار هذا البستان الذي هو المحبة. لأن المحبة كما يقول لنا الرسول بولس: تتأنى وترفق ولا تحسد. المحبة لا تأتي قباحة، المحبة لا تشتهي إلا ما لها، أي هناك إنسجام تام. لا خلاف في بداية الصلاة عما في نهايتها، لا في الاقوال ولا في التوجيهات ولا في الترانيم. بكل تأكيد هذا ما نعنيه نحنا أيضاً بالزمن عندما نتكلم عن الزمن، عندما نتكلم عن توالي الايام، هذه عندما نولد من المعمودية بنعم الروح القدس على صورة ربنا يسوع المسيح، نموت بموته، ونقوم على شبه قيامته، أو لا بل نقوم بقيامته أيضاً، لماذا؟ لأن الوحدة الكونية لا يمكنها أن تكون بتعدد الأشياء. ليس بمعنى إختلاف الأقانيم كل منا سيحتفظ بشخصيته، ولكن كما يقول لنا في الكتاب المقدس: “أنتم آلهة” أي علينا ان نتصرف وأن ننسجم تماماً أشخاصنا مع شخص ربنا يسوع المسيح، أن نكون قياميين، أن نكون ممتلئين من نعم الروح القدس الذي سنعيّد لإنسكابه عليه في المعمودية بعد أيام. أن نكون الآلهة الذين إذا كنا نتكلم كآلهة، ومما يتكلم الله، ومما يقول الله، وإذا قمنا بعمل لا نقوم به إلا على هذا المستوى، وعند ذلك ماذا سيحدث. هل هناك زمن اذا لم يكن هناك متحرر، إذا لم تكن هناك حوادث، حيث اللاحوادث هناك الأبدية لأن الإنسان يقف مشدوهاً أمام الله، وينتقل من مجد الى مجد من غير أن يدرك كيف ينتقل كما هو هنا ايضاً لا يدرك متى تأتيه النعمة ومتى يمجده الله ومتى يجاوبه الله ومتى يمسه بنعمته، ولكن هو عليه ان يقول أنه سيصيّر الزمن كما أراد له ربنا يسوع المسيح أن يكون زمناً مليئاً بالقداسة تحدده الاعمال المقدسة والفاضلة يصبغه الناس الذين ليسوع المسيح بأزاهير المحبة ونباتاتها وما يمكن أن يوجد فيما بينها وازاهيرها. اذاً هذا هو واجبنا أن نفكر ان كل شيء مرتبط بيسوع المسيح هو مرتبط بنا نحن أيضاً هو قد حول الزمن وصار الزمن يعرف بميلاده وكان الأفضل أن يعرف بقيامته، أي بالتحول الذي صار بالقيامة. هكذا نحن أيضاً علينا أن نصبغ الزمن كما اصطبغنا نحن بصبغة أخرى هي صبغته بصبغة المعمودية أي أن نعمد الزمن ونجعله غير ما يريده أهل العالم. متى نقول عن زمن شرير؟ عندما تكون أعمال الناس شريرة. هل الجمعة والسبت والأحد… يختلفون عن بعضهم البعض؟ إذا ما فيه ناس؟ الناس تعمل الأزمنة شريرة، والناس تعمل الأزمنة متلونة ما بين المحبة والكره. الناس تجعل الأيام فاسدة، تجعل الأيام قاسية، وعند ذلك يشعر الإنسان بالزمن. واحد يشعر بأن يومه لا ينتهي، وغيره يشعر بأن أيامه تنتهي بسرعة إذا كان في السعادة الكاملة والتامة. اذاً نحن نقف مع نهاية هذا العام على أبوابه على عتبات العام الجديد مدركين تماماً في أعماق نفوسنا أننا نحن أي البشر هم الذين يجعلون زمن الواحد منهم، وزمن الجماعة أيضاً، يجعلونه إما مقدساً، وإما سعيداً، وإما مليئاً بالفضيلة، وإما مليئاً بما يعاكس ما ذكرت. نجانا الله من عكس ما ذكرت من إيجابيات عبر الزمن. نعم هكذا نستطيع أن نجعل من أزمنتنا بدايتها كنهايتها، جهاداً صالحاً، أقوالاً طيبة، تعاوناً حميداً مع بعضنا البعض بنعمة ربنا يسوع المسيح الذي هو الألف والياء، البداية والنهاية، الأول والأخير له المجد الى الأبد آمين. باسيليوس، مطران عكار وتوابعها |
||||
|
|||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 13002 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() كيف نعرف حق الإنجيل ![]() الأسئلة : · كيف يمكنكم أن تثبتوا أبوّة الله للمسيح ؟ · وما رأيكم في تفضيل محمد على غيره من الأنبياء ؟ · ويُقال إن التوراة والانجيل قد حُرّفا ، فم هو جوابكم على ذلك ؟ · ما هي أدلّتكم على أن المسيح مات مصلوباً ؟ · أليس وجود أربعة أناجيل دليلاً على تحريف الإنجيل ؟ أسئلة من : السيد م. ز . ص. – طرابلس – لبنان. يا صديقي الكريم ، يسرّني جداً أن أجد عندك هذا الميل إلى البحث في حقائق الإنجيل ، وحسناً تفعل فى هذا الاتجاه ، وفقاً لقول رسول الجهاد العظيم بولس : " لا تطفئوا الروح ، لا تحتقروا النُّبوَّات . امتحنوا كل شيء . تمسَّكوا بالحسن " ( 1 تسالونيكي 5: 19-21). يبدو من مقدمة رسالتك أنك أردت الدخول في نقاش حول بعض المعتقدات المسيحية ، فحملك الحماس على تحويل المناقشة إلى مجادلة أهل الكتاب " بغير التي هى أحسن " (العنكبوت 29: 46) . لكأنك نسيت تحذير القرآن القائل : " وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله " (المائدة 5: 43) فأنت في محاولة الاعتراض على أكثر العقائد المسيحية ، استعملت بعض الشواهد من القرآن وليس من الكتاب المقدَّس ، الذي عيَّنه القرآن حَكَماً في الخلاف بين المسيحي والمسلم ، بدليل أنه أحال محمداً نفسه ، في حال الشك في صحة عقيدة ما إلى أهل الكتاب . إذ يقول : " فإن كنت فى شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرأون الكتاب من قبلك " (يونس 10: 94). وهذه الوصية تفرض علىكل مسلم أن يحتكم في خلافاته العقائدية مع أهل الكتاب إلى كتابهم ، وذلك وفقاً لنص آخر يقول : " إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء .. ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون " ( المائدة 5: 44) . فالمسيحي إذاً غير ملزم بنصوص القرآن على الإطلاق ، وعلى العكس ، فإن القرآن يدعوه للتمسك بكتابه ، إذ يقول : " قل يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليكم من ربكم " ( المائدة 5: 68). " وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون " ( المائدة 5: 47). وفيما يلي تجد الرد على اعتراضاتك على بعض العقائد المسيحية: أولا : بنوة المسيح: في محاولتك التعرض لبنوّة المسيح استندت إلي نصوص قرآنية من سورتي الأنعام : " بديع السموات والأرض أنَّى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كل شيء وهو بكل شيء عليم" (الأنعام 6: 101). وقصدى من الاستشهاد بهذا النص . أن ألفت نظرك الكريم إلى علّة اعتراض الإسلام على بنوّة المسيح . ففى القديم نادى بعض الملتصقين بالكنيسة من أصل وثني ببدعة مفادها أن مريم العذراء إلهة . ولعلهم استعاضوا بها عن " الزهرة " التي كانوا يعبدونها قبلاً ، وقد أطلقوا على أنفسهم اسم المريميين نسبة إلى مريم . وأشار إليهم العلامة أحمد المقريزى فى كتابه " القول الإبريزي" (ص 26). وكذلك ذكرهم ابن حزم فى كتابه " الملل والأهواء والنحل" (ص 48) . وبما أن بدعتهم تفترض اتخاذ الله زوجة وإنجاب ولد منها ، فبديهيّ جداً أن يشجبها القرآن ، ولكن هذه الفكرة بعيدة كل البعد عن المسيحية . وليس ثمة مسيحي واحد يؤمن بها . بل إن المسيحيين يعتبرونها إهانة موجَّهة إلى جلال الله القدوس المنزه عن كل خصائص الجسد. ولقد انبرى علماء المسيحية لمقاومة هذه الضلالة بكل الحجج الكتابية والعقلية ، وهكذا لم ينته القرن السابع حتى كانت قد تلاشت تماماً. فمما تقدم يتضح لنا أن القرآن لم ينتقد عقيدة المسيحيين ، بل بدعة المريميين التى مصدرها الوثنية ، لأن الوثنيين الذين كانوا منتشرين في مصر وبلاد العرب واليونان كانوا يعتقدون بأن آلهتهم تتزوج وتنجب أولاداً . أما المسيحيون فلا يعتقدون بأن المسيح ابن الله على طريقة الاستيلاد من صاحبة . بل يعتقدون أنه ابن الله على طريق الصدور من ذاته فى الوجود الإلهي، بصفة كونه " كلمة الله وروح منه" وقد أشار الرسول بولس إلى هذه الحقيقة إذ قال : " بولس عبد ليسوع المسيح ، المدعو رسولا ، المفرز لإنجيل الله ، الذى سبق فوعد به بأنبيائه فى الكتب المقدسة ، عن ابنه ، الذى صار من نسل داود من جهة الجسد ، وتعين ابن الله بقوة من جهة روح القداسة ، بالقيامة من الأموات " ( رومية 1: 1-4). وحين نستعرض أقوال المسيح نرى فيها تصريحات واضحة تؤكد البنوة الإلهية ، منها " طوبي لك يا سمعان بن يونا ، إن لحماً ودماً لم يعلن لك ، لكن أبى الذي في السموات" (الإنجيل بحسب متى 16: 17) " فهكذا أبي السماوي يفعل بكم " ( الإنجيل بحسب متى 18: 35). " لماذا كنتما تطلباننى ؟ ألم تعلما أنه ينبغي أن أكون في ما لأبي؟ " ( الإنجيل بحسب لوقا 2: 49). فأجابهم يسوع " أبي يعمل حتى الآن وأنا أعمل " ( الإنجيل بحسب يوحنا 5: 17). وحين تمت معمودية المسيح فى نهر الأردن . سُمع صوت من السماء : " هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت" ( الإنجيل بحسب متى 3: 17). والآن لنعد إلى كلمة القرآن : " لم يلد ولم يولد ، فقد فسرها الإمام البيضاوي هكذا : " لم يلد" لأنه لم يجانس ولم يفتقر إلى ما يعينه أو يخلف عنه لامتناع الحاجة والغناء عنه ، " ولم يولد " لأنه لا يفتقر إلى شيء ولا يسبقه عدم ، فالولادة المعنيّة فى سورة الإخلاص لا تكون إلا جسدية تناسلية ، وهذا ليس اعتقاد المسيحيين إطلاقاً. ثانياً: تفضيل محمد على غيره من الأنبياء : لو كان المسيح مجرد نبي لأجزت لنفسي الدخول معك في مناظرة لتعيين الأفضل . أما والمسيح أعظم من الأنبياء والملائكة ورؤساء الملائكة ، وكل خليقة فى السماء وعلى الأرض مما يُرى وما لا يُرى ، فليس من لزوم للبحث في هذا الموضوع ، فقد جاء في كتاب الله " من ثم أيها الأخوة القديسون ، شركاء الدعوة السماوية ، لاحظوا رسول اعترافنا ورئيس كهنته المسيح يسوع ، حال كونه أميناً للذي أقامه ، كما كان موسي أيضا في كل بيته . فإن هذا قد حُسب أهلاً لمجد أكثر من موسي . بمقدار ما لباني البيت من كرامة أكثر من البيت . لأن كل بيت يبنيه إنسان ما ، ولكن باني الكل هو الله . وموسي كان أميناً فى كل بيته كخادم ، شهادة للعتيد أ، يتكلم به . وأما المسيح فكأبن على بيته . وبيته نحن إن تمسكنا بثقة الرجاء وافتخاره ثابتة إلى النهاية " (عبرانيين 3: 1-6). ونقرأ أيضا " الله بعد ما كلم الآباء بالأنبياء قديماً ، بأنواع وطرق كثيرة . كلمنا في هذه الأيام الأخيرة فى ابنه – الذى جعله وارثا لكل شيء الذي به أيضاً عمل العالمين ، الذي وهو بهاء مجده ورسم جوهرة ، وحامل كل الأشياء بكلمة قدرته . بعد ما صنع بنفسه تطهيراً لخطايانا ، جلس فى يمين العظمة فى الأعالى ، صائرا أعظم من الملائكة بمقدار ما ورث اسماً أفضل منهم . لأنه لمن من الملائكة قال قط : " أنت ابني أنا اليوم ولدتك؟ " وأيضاً " أنا أكون له أباً وهو يكون لي ابناً : ( عبرانيين 1: 1-5) ومزمور 2: 7). ثالثاً : تحريف التوراة الإنجيل: يمكنك أن تقول عن أيّ كتاب ديني بأنه محرف ، ولكن يوجد فرق بين الادعاء بالتحريف وبين إثبات ذلك بالبرهان . أما برهانك الأول الذي قدمته وهو القول بأنّ الإنجيل يحرّم الطلاق ، بينما القرآن يبيحه ، وأن الإنجيل يبيح الخمر بينما القرآن يحرّمه ، فهو برهان ضعيف لا يستطيع الوقوف أمام الحقيقة ، وذلك لسببين : 1. إن الإنجيل لم يحرم الطلاق ، وإنما لكي يضع حداً لمخالفات الكتبة والفرّيسيين اليهود فى تفسير الوصية الخاصة بالطلاق الواردة في التوراة ( تثنية 24: 1) علم بوجوب الرجوع إلى ما قضي الله به في البدء ، إذ رسم أن يدوم اقتران الرجل والمرأة ما زالا حيَّين (تكوين 2: 24) وذلك حرصاً منه على صيانة راحة العائلة ، والآداب العامّة ، والاعتبار الواجب للمرأة كأم وكشريكة للرجل في الميراث الروحي . بيد أن المسيح أجاز الطلاق في حالة انحلال رباط الزيجة بارتكاب أحد الزوجين خطيّة الزنى ( الإنجيل بحسب متى 5: 32). وقد رأينا في السنين الأخيرة أن بعضاً من مفكري الإسلام وزعمائه قد وضعوا قوانين تمنع الطلاق الكيفي حفظاً لكيان العائلة والأمة ، ولعلهم فعلوا هذا تجاوباً مع الحديث النبويّ القائل : " أبغض الحلال عند الله الطلاق " (سنن أبي داود كتاب 13، باب 3) . 2. لم يبح الإنجيل الخمر ، بالعكس نهى عنه إذ يقول : " ولا تسكروا بالخمر الذي فيه الخلاعة ، بل امتلئوا بالروح " ( أفسس 5: 18) ، " لا تَضِلُّوا ! لا زناة ولا عبدة أوثان ولا فاسقون ولا مأبونون ولا مضاجعوا ذكور ، ولا سارقون ولا طماعون ولا سكيرون ولا شتامون ولا خاطفون يرثون ملكوت الله " ( 1 كورنثوس 6: 9-10) . وفوق هذا ، فإن اختلاف الإنجيل والقرآن في بعض مواد التشريع لا يجيز لك الحكم بأنّ الإنجيل محرّف ، لأنه لو أنطلقنا من هذا المبدأ ، فما يمنع المسيحيّ أن يقول بأن القرآن محرف لأنه يسمح بالطلاق لأسباب لا يقرها الإنجيل ؟! قلت في رسالتك : " أنا أعتقد أن عيسي عليه السلام عندما علم بمؤامرة صلبه ترك كتابه هناك على الأرض. ولما صُلب شبهه أُحرقت الكتب جميعها ، فأعاد بعض الناس كتابة بعض ما عرفوه ، وزادوا عليه كثيراً من عندهم . وهذا ما يفسر لنا كثرة الأناجيل التي يختلف واحدها عن الآخر ، بينما القرآن لم يتجزأ ولم يتغير ، وكذلك التوراة حُرفت ، وهي ليست التي نزلت على موسي" . أنا لا أريد أن أجادلك في أمر القرآن إن كان قد تجزأ أو تغير ، لأن هذا ليس من شأني . وإنما من حقي البديهي أن أسألك قبل كل شيئ أي كتب هي التي أُحرقت جميعها؟ إن كانت أسفار الإنجيل فهذا غير ممكن . لأن الإنجيل لم يكن قد كُتب بعد . وإن كانت أسفار التوراة ، فالتوراة كانت دائما محفوظة فى الهياكل والمجامع تحت حراسة مشددة . لست أدرى إن كنت تعنى فعلاً أن المسيح كان له كتاب فتركه على الأرض لكي تتناوله أيدي العابثين بالحرق، وبالتالي أن يبدلوا نصوصه أو قسماً منها. أنا لا أظن أن مسلماً في العالم يوافقك على هذه الرواية التي لا يقبلها منطق سليم ، وخصوصاً لأن قرآن المسلمين شهد للإنجيل بالصحة ، إذ يقول : " يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليكم من ربكم" (المائدة 5: 68). " وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون " ( المائدة 5: 47). فإذا أضفنا إلى هذه النصوص دعوة القرآن لمحمد أن يؤمن بما جاء في الكتاب المقدس " قل آمنت بما أنزل الله من كتاب وأمُرت لأعدل بينكم . الله ربنا وربكم لنا أعمالنا ولكم أعمالكم لا حجة بيننا وبينكم الله يجمع بيننا وإليه المصير" ( الشورى 42: 15). يواجهك سؤال محرج جداً , وهو : هل يصح أن يدعو الله محمدا، بعد مئات السنين من صعود المسيح إلى السماء لكي يؤمن بكتاب محرف؟ ولا أظنك تجهل أن القرآن دعا المسلمين فى كل جيل وعصر إلى أنا يؤمنوا بالكتاب المقدس ، إذ يقول " يا أيها الذين آمنوا ، آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله والكتاب الذي نزل من قبل " ( النساء 4: 136). " شرع لكم من الدين ما وصي به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصَّينا به ابراهيم وموسي وعيسي أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه " ( الشورى 42: 13). وإذغ تعمقنا في دراسة القرآن نرى فى محتوياته ، ليس فقط عشرات الشهادات بصحة التوراة والإنجيل ، بل أيضاً عدة وعود من الله بالحفاظ على كلمته من عبث وتحريف منها: · " إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون " ( الحجر 15: 9). · " ولن تجد لسنة الله تبديلا " ( الأحزاب 33: 62). · " ولا مبدل لكلمات الله " ( الأنعام 6: 34). ولا تنس أن الذكر هو كل ما يذكر بالله سبحانه ، كما جاء في سورة الأنبياء 21: 105 " ولقد كتبنا فى الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون " وسورة الأنبياء 21: 48 " ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياء وذكراً للمتقين " . فإن حصل تحريف في كلام الله يكون المعنى أن وعود الله ، التي قطعها على نفسه وجاءت فى القرآن بحفظ كتبه المقدسة قد سقطت وهذا غير ممكن ، لأن الله أمين وصادق وقادر أن يحفظ كلمته. وخصوصاً لأن حقه وقداسته يستلزمانه ذلك . وأخيراً أين تذهب يا صديقي بقول القرآن " قل فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدي منهما ( أي التوراة والإنجيل ) أتبعه إن كنتم صادقين " ( القصص 28: 49)؟ والآن انصافاً للحقيقة لا يسعنى إلا سؤال المدّعين بالتحريف أن يذكروا لنا الوقت الذي حصل فيه التحريف المزعوم . فإن كان قبل نشوء الإسلام . فلماذا شهد القرآن للكتاب المقدس ونوه بمحتوياته وصدق عليها؟ ولماذا قال : " لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد " ( فصلت 41: 42)؟ وإن كان التحريف المزعوم حدث بعد انتشار الإسلام ، فإن الزعم يسقط بوجود نسخ من الكتاب المقدس محفوظة في المتاحف ، يعود تاريخ نسخها إلى ما قبل الإسلام بثلاثة قرون . ونصوصها لا تختلف في شيء عن نصوص النسخ المتداولة في أيامنا. ولا يسعني في هذه المناسبة إلا أن اسأل إن كان يصح أن يشهد القرآن للكتاب العزيز بأنه حق أُنزل من الله هدى للناس ورحمة ، ثم يعود بعد ذلك فينسب له التغيُّر؟ في الواقع لو حصل شيء كهذا لكان الأمر فشلاً للقرآن في إتمام مهمته كحافظ للكتاب ، لأنه يقول : " وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه" ( المائدة 5: 48). وهناك سؤال أخير حول هذا الموضوع : ما هو موقف المدعين بالتحريف من منطق الواقع الذي يضع حداً للنقاش في موضوع تحريف التوراة ؟ لأنه من غير المعقول أن اليهود حرفوها قبل المسيح، وإلا لما صادق المسيح عليها واقتبس منها . ولا يُعقل أن يكونوا غيروها بعد المسيح وإلا عارضهم المسيحيون . وإنه لمن المستحيل أن يتفق اليهود والمسيحيون على تغيير محتويات الأسفار المقدسة لأنهما أمتان متضادتان أولاً ، وثانياً لأن الكتاب المقدس قد انتشر فى كل العالم وبلغات متعددة ، ولا سبيل إلى جمع نسخه الكثيرة جداً للعبث بها. رابعاً : صلب المسيح : يبدو أنك كالكثيرين ، أخذت بحرفية نص القرآن . وقد فاتك العلم بأن القرآن نفسه ينقل إلينا شهادة الأمة اليهودية عن صلبهم للمسيح إذ يقول : " وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسي ابن مريم " ( النساء 4: 157) . فالأمة اليهودية نقلت هذا النبأ بالتواتر عبر العصور أباً عن جد إلى يومنا هذا . وليس شهادة اليهود قاتلي المسيح هي الدليل الوحيد على صلب المسيح ، فهناك شهادات تؤيد هذا الحدث العظيم لا يمكن نقضها ، منها: 1. النبوات : هذا دليل لا يمكن دحضه ، فقد جاء في كتابات الأنبياء الذين أوحي إليهم عدد عديد من التنبؤات عن الأمور التي رافقت موت المسيح على الصليب، كبيعه بثلاثين من الفضة (زكريا 11: 12) وشراء حقل الفخاري بثمنه ( زكريا 11: 13) والتنكيل به قبل أن يُصلب ( المزمور 22: 16-17) وأنه يثخن بالجراح ( إشعياء 53: 5) وأنه يتقبل أوجاعه بصمت ( إشعياء 53: 7) وأنه يُجلد أثناء محاكمته ويُبصق في وجهه ( إشعياء 50: 6) وأنه يُستهزأ به ( المزمور 22: 12-13) وأنه يُسقى خلاً ( المزمور 69: 21) وأن الجند يتقاسمون ثيابه بالقرعة ( المزمور 22: 18) وأنه يتعجب لماذا تركه الآب ( مزمور 22: 1) وأنه يُطعن بحربة (زكريا 12: 10) وأنه يُصلب بين اللصوص ( إشعياء 53: 9) وأن عظامه لا تُكسر ( المزمور 34: 20) ، فحين نقرأ العهد الجديد ، نرى أن كل هذه النبوات قد تمت بالحرف . 2. شعار الصليب : هذا الشعار كان أداة تعارف بين المسيحيين منذ عهدهم الأول حين كانوا عرضة للاضطهاد . وقد نقشوه على أضرحة الموتي وفي السراديب التي كانوا يجتمعون فيها خوفاً من نيرون الطاغية . ويستطيع كل إنسان أن يشاهد ذلك إذا زار مدينة روما. 3. كرازة الرسل بالمسيح المصلوب : قال بطرس لليهود : " يسوع .. هذا أخذتموه مسلَّماً بمشورة الله المحتومة وعلمه السابق ، وبأيدي أثمة صلبتمون وقتلتموه . الذي أقامه الله ناقضاً أوجاع الموت " ( أعمال الرسل 2: 22-24). وقال يوحنا : " مِن يسوع المسيح الشاهد الأمين ، البكر من الأموات ، ورئيس ملوك الأرض ، الذي أحبنا ، وقد غسلّنا من خطايانا بدمه ، وجعلنا ملوكاًَ وكهنة لله أبيه ، له المجد والسلطان إلى أبد الآبدين . آمين " ( رؤيا 1: 5-6). 4. إعلانات المسيح نفسه : لقد نقل إلينا كتبة الإنجيل طائفة من إعلانات المسيح ، والتي مفادها أن عمله الخلاصي يستلزم موته على الصليب . أذكر لك واحداً منها على سبيل المثال : " وفيما كان يسوع صاعداً إلى أورشليم أخذ الإثني عشر تلميذا على انفراد فى الطريق وقال لهم : ها نحن صاعدون إلى إورشليم ، واين الإنسان يُسلَّم إلى رؤساء الكهنة والكتبة ، فيحكمون عليه بالموت ، ويسلمونه إلى الأمم لكي يهزأوا به ويجلدوه ويصلبوه ، وفي اليوم الثالي يقوم " ( الإنجيل بحسب متى 20: 17-19). 5. شهادة التواتر المسيحي : منذ فجر المسيحية واتباع المسيح يمارسون فريضة العشاء الرباني ، التي تُدعي أيضاً شركة جسد المسيح ودمه . وهذه الفريضة رسمها المسيح في الليلة التي أُسلم فيها . وأمر أن تُحفظ تذكاراً دائما على أي موت المسيح على الصليب أمر مؤكد . وهذا هو دمى للعهد الجديد الذي يُسفك من أجل كثيرين لمغفرة الخطايا .. كان يؤكد أنه يموت كفارة عن الجنس البشرى . وبالفعل فإن رسل المسيح مارسوا هذه الفريضة ، وسلموها للأجيال الصاعدة بحسب قول الرسول بولس : " لأنني تسلمت من الرب ما سلمتكم أيضا : إن الرب يسوع في الليلة التي أُسلم فيها ، أخذ خبزا وشكر فكسّر ، وقال : خذوا كلوا هذا هو جسدى المكسور لأجلكم . اصنعوا هذا لذكري " ( 1 كورنثوس 11: 23-25). 6. شهادة التاريخ : لم يقف التاريخ موقف اللامبالي من موت المسيح ، فقد أفرد المؤرخون القدماء فصولاً مطوّلة في سجلاتهم . نذكر منهم المؤرخ الوثني تاسيتوس (عام 55ميلادي) ولوسيان اليوناني (عام 100 ميلادي ) ويوسيفوس اليهودي الذي عاش بعد الصلب ببضع سنين . ورواياتهم كلها متفقة مع رواية الإنجيل عن ولادة المسيح وتعاليمه وصلبه وقيامته. 7. شهادة السجلات الرومانية : وأهمها تقرير بيلاطس الذي أرسله إلى طباريوس قيصر وفيه يذكر نشاطات المسيح والدعوى التي أقامها اليهود عليه . واضطراره للحكم عليه بالموت صلباً تجنباً للفتنة . وكان هذا التقرير في مقدمة الوثائق التي استند عليها العالم المسيحي القديس ترتليانوس في دفاعه الشهير عن المسيحيين . 8. شهادات السجلات اليهودية : معروف لدى العامة أن اليهود هم الشعب الذي يتبع توراة موسى . وقل من يعرف أن الكتاب الديني الأهم في نظر اليهود هو كتاب التلمود . وهذا الكتاب هو مجموعة تقاليد آبائهم التي توارثوها وأحلوها مكان شريعة الله . الأمر الذي من أجله وبخهم المسيح حين قال : " أبطلتم وصية الله بسبب تقليدكم !" ( الإنجيل بحسب متى 15: 6) . ففي صفحة 43 من هذا الكتاب يُقرأ : " لقد صُلب يسوع قبل الفصح بيوم واحد . ونودي أمامه أربعين يوماً أنه سيُقتَل لأنه ساحر وقصد أن يخدع إسرائيل ويضله" . 9. شهادة القرآن : في القرآن خمسة نصوص على الأقل تؤكد موت المسيح منها تعبر بكلمة " موت " أو " وفاة " ( مريم 19: 33 ، آل عمران 3: 55 ، المائدة 5: 117) واثنان يعبران عنه بكلمة قتل ( البقرة 2: 87 ، آل عمران 3: 183 ). 10.قيامة المسيح : لعل قيامة المسيح أقوى الأدلة على موته على الصليب ، لأن الانجيل المقدس يخبرنا أن يوسف من الرامة ونيقوديموس سألا بيلاطس أن يأخذا جسد يسوع . فوهبه لهما . فأنزلاه عن الصليب ولفاه بأكفان مع أطياب كما لليهود عادة أن يكفنوا ، وكان في الموضع الذي صُلب فيه قبر جديد لم يوضع فيه أحد قط . فهناك وضعا يسوع ( الإنجيل بحسب يوحنا 19: 38-42). ولكن في اليوم الثالث قبيل الفجر حدثت زلزلة عظيمة لأن ملاك الرب نزل من السماء ودحرج الحجر الضخم عن باب القبر . فمن خوفه ارتعد الحراس ، الذين أقيموا بأمر من بيلاطس لحراسة القبر بعد أن ختمه الوالي بخاتمه . ولعل بهاء الملاك بهر أعين الحراس فلم يروا المسيح حين قام ، ولكن الملاك نفسه أخبر مريم المجدلية ورفيقاتها اللواتي جئن باكراً لزيارة القبر أن المسيح قام . فالقيامة برهان لا يُنقض على أن المصلوب هو يسوع المسيح ، لأن يسوع قال لليهود : " انقضوا هذا الهيكل وفي ثلاثة أيام أُقيمه " ( الإنجيل بحسب يوحنا 2: 19) . وكل من يرفض هذه الحقيقة كأ،ه يتهم الله والمسيح والملائكة بالتواطء لخداع الناس . كان هدف اليهود من القضاء على يسوع منع الدعوة المسيحية من الانتشار ، لأنهم وجدوا في الإنجيل قضاء على عنصريتهم الضيقة المتعصبة ، ولما استطاع إقناع السلطة الرومانية بإعدامه ، ووُضع في القبر ظنوا أنهم بلغوا الهدف . ولكن إنجيل الله لم تستطع قوات الشر أن تحد منه ، بل سرعان ما امتد إلى أقاصي الأرض ، لأن الألوف انجذبت إلى صليب المسيح . فاليهود إذاً لم يبلغوا إربهم بل شبه لهم . أي ما قال القرآن بعد ستة قرون : " وإن الذين اختلفوا فيه لفى شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقينا" ( النساء 4: 157) لأنه قام في اليوم الثالث . وهكذا جاءت مقالة القرآن مصدقة للحدث العظيم وقائلة : " والسلام عليّ يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا " ( مريم 16: 33) ، " ياعيسى إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا" ( آل عمران 3: 55) . والآن اسمح لي أن اتصدى للرواية الطريفة التي أوردتها في رسالتك ، والتي خلاصتها أن إنساناً صُلب بديلاً عن المسيح . فأقول إن إشارات الأنبياء قبل تجسد المسيح بعدة قرون تشير إلى موته الفدائى ، وتصريحات المسيح نفسه ، تجعل رواية الشبه ليس اختلاقا غير موفق وحسن ، بل أسطورة مسكينة جدا . حيكت من خيوط التخمينات والظنون الهزيلة . والتي أقل ما فيها من عيوب أنها تظهر الله عز وجل في مظهر الخادع والظالم وأي ظلم أشد من هذا أن يضع الله شبه المسيح على انسان آخر فيموت عوضا عنه ، دون أن يكون له رأي ؟ وأي خداع أشر من أن يوحى الله للأنبياء بأن المسيح آت ليفتدي العالم بموته الكفارى ليرفع خطيئته ولكن حين تأتي الساعة يتراجع عن مخططه ويميت انسانا آخر دون أن يعلل الأسباب ، تاركاً الناس عرضة للشك في صدقه ؟ وهناك حقيقة لم تخطر في بالك ، وهي أن الضحية ، الذي ما كان ممكنا أن يساق إلى الموت نيابة عن غيره ، إلا ويملأ الدنيا صراخا معلناً براءته! أجل ! إنها رواية مسكينة يرفضها كل ذي عقل سليم ، ولهذا رفضها ثقات علماء المسلمين وعلى رأسهم العلامة فخر الدين الرازي ، الذي فندها تفنيداً محكماً ، حاسباً إياها سفسطة أو قدحا بالأخبار المتواترة ، ويمكنك أن تقرأ تعليقه عليها فى تفسيره الآية 55 من سورة آل عمران . خامساً : تعدّد الأناجيل : إن اتخاذك من وجود عدة أناجيل ورسائل دليلا على تحريف الإنجيل فيه مدعاة للأسف ، وكأنك لا تعرف أن البشائر ( الأناجيل ) الأربعة والرسائل وسفر الرؤيا وسفر أعمال الرسل تؤلف في مجموعها " العهد الجديد " وأن هذا العدد من الأسفار في العهد الجديد لا يعني إطلاقا أن الإنجيل قد حُرف . كما أن وجود 114 سورة فى القرآ، لا يشكل دليلا على أن القرآن محرف. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 13003 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() رحمة الله ونعمته
![]() رحمة الله تعفينى مما استحق ( الدينونة الأبدية) نعمة الله تعطينى ما لا استحق (الحياة الأبدية) .... الرحمة والنعمة مقترنتان فى الخلاص تيطس 3 : 5 لاَ بِأَعْمَال فِي بِرّ عَمِلْنَاهَا نَحْنُ، بَلْ بِمُقْتَضَى (رَحْمَتِهِ ­ ![]() G1656 Original: ἔλεος Transliteration: eleos Phonetic: el'-eh-os Thayer Definition: mercy: kindness or good will towards the miserable and the afflicted, joined with a desire to help them of men towards men: to exercise the virtue of mercy, show one's self merciful of God towards men: in general providence; the mercy and clemency of God in providing and offering to men salvation by Christ the mercy of Christ, whereby at his return to judgment he will bless true Christians with eternal life Origin: of uncertain affinity TDNT entry: 09:57,2 Part(s) of speech: Noun Neuter بطرس الاولى 1 : 3 مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي حَسَبَ رَحْمَتِهِ الْكَثِيرَةِ وَلَدَنَا ثَانِيَةً لِرَجَاءٍ حَيٍّ، بِقِيَامَةِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ مِنَ الأَمْوَاتِ ..... رومية 3 : 24 مُتَبَرِّرِينَ مَجَّانًا بِنِعْمَتِهِ بِالْفِدَاءِ الَّذِي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، غلاطية 1 : 15 وَلكِنْ لَمَّا سَرَّ اللهَ الَّذِي أَفْرَزَنِي مِنْ بَطْنِ أُمِّي، وَدَعَانِي (بِنِعْمَتِهِ) G5485 Original: χάρις Transliteration: charis Phonetic: khar'-ece Thayer Definition: grace that which affords joy, pleasure, delight, sweetness, charm, loveliness: grace of speech good will, loving-kindness, favour of the merciful kindness by which God, exerting his holy influence upon souls, turns them to Christ, keeps, strengthens, increases them in Christian faith, knowledge, affection, and kindles them to the exercise of the Christian virtues what is due to grace the spiritual condition of one governed by the power of divine grace the token or proof of grace, benefit a gift of grace benefit, bounty thanks, (for benefits, services, favours), recompense, reward Origin: from G5463 TDNT entry: 15:12,1 Part(s) of speech: Noun Feminine أفسس 1 : 6 لِمَدْحِ مَجْدِ نِعْمَتِهِ الَّتِي أَنْعَمَ بِهَا عَلَيْنَا فِي الْمَحْبُوبِ، أفسس 1 : 7 الَّذِي فِيهِ لَنَا الْفِدَاءُ بِدَمِهِ، غُفْرَانُ الْخَطَايَا، حَسَبَ غِنَى نِعْمَتِهِ، أفسس 2 : 7 لِيُظْهِرَ فِي الدُّهُورِ الآتِيَةِ غِنَى نِعْمَتِهِ الْفَائِقَ، بِاللُّطْفِ عَلَيْنَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ. تيطس 3 : 7 حَتَّى إِذَا تَبَرَّرْنَا بِنِعْمَتِهِ، نَصِيرُ وَرَثَةً حَسَبَ رَجَاءِ الْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ. .. دائرة المعارف رحمة رحمة رحيم - رحمة رحمة رق له وعطف عليه وغفر له . والرحمة هى الرأفة والعطف والافة والخير والنعمة. (1) والرحمة صفة من صفات الله الأساسية ( خر 34 : 6 ، تث 4 : 31 ، مز 62 : 12.. الخ ) . I- فمسرته فى الرحمة ( ميخا 7 : 18 ، 20 ، مز 52 : 8) فهو " أبو الرافة " ( 2 كو 1 : 3) وهو " غنى فى الرحمة " ( أف 2 : 4) وهو " كثير الرحمة ورأوف " ( يع 5 : 11) . II- ترتبط رحمته كثيراً بالغفران ( خر 34 : 7 ، عد 14 : 18 ؛ 1 تى 1 : 13 ، 16) . ج- ترتبط رحمته بطول أناته : " الرب حنان ورحيم ، طويل الروح وكثير الرحمة " ( مز 145 : 8 ، انظر أيضا رومية 2 : 4) . د- ترتبط رحمته بعهده ( 1 مل 8 : 23 ، نح 1 : 5) ، وبعدله (مز 101 : 1) ، وبأمانته ( مز 89 : 24) ، وبحقه ( مز 108 : 4) وتتحد الرحمة والحق ( ام 3 : 3 ؛ 14 : 22.. الخ ) " فالرحمة والحق التقيا " فى الصليب ( مز 85 : 10) . ه- رحمة الله للجميع " الرب صالح للكل ومراحمة على كل أعماله .. تفتح يدك فتشبع كل حي رضى " ( مز 145 : 9 ، 16) . و- تظهر رحمته فى إشفاقه ومعونته ( خر 3 : 7 ، عز 9 : 9) وقد تجلى ذلك بصورة خاصة فى المسيح وعمل الفداء ( لو 1 : 54 ، 58 ، أف 2 : 4) . ز- رحمة الله كثيرة ولا حدود لها ( مز 86 : 5 ، 15 ؛ 119 : 64 الخ ) . ح- رحمته ابدية ( 1 أخ 16 : 34 ، 41 ، عز 3 : 11 ، مز 100 : 5 ، مز 136 ، لو 1 : 5.. إلخ ) . (2) تستخدم الرحمة أيصا وصفا للإنسان ، كما انها مطلوبة من الانسان نحو أخيه الإنسان ، بل ونحو الحيوان ( تث 25 : 4 ، مز 37 : 21 ؛ 109 : 16 ، ام 12 : 10 ، دانيال 4 : 27 ، ميخا 6 : 8) كما قال الرب يسوع : " طوبى للرحماء لأنهم يرحمون ) ( مت 5 : 7 ، انظر أيضا مت 25 : 31 - 46) ، " وكونوا رحماء كما أن أباكم رحيم " ( لو 6 : 36 ، انظر أيضا لو 10 : 30 - 36 عن السامرى الصالح ، لو 14 : 12 - 16 ، يع 3 : 17) . (3) ترتبط الرحمة فى العهد الجديد بالنعمة . ويقول " ترنش " (trench ) إن النفقطة الأساسية فى النعمة هى سخاء محبة الله غير المحدودة لمن لا يستحقون ، والذى يتجلى فى غفران الخطية لأناس أثمه ، بينما النقطة الأساسية فى الرحمة هى وجود حالة من البؤس تستدعى النجدة فالخلائق كلها فى حاجة إلى رحمته ، أما نعمته فللأنسان فقط ، فهو وحدة الذى يحتاج إليها ومؤهل لقبولها . (4) من كل ما سبق يتضح لنا أن رحمة الله ليست مجرد صفحة عن الخطاه ، ولكنها موقفة من الانسان بل ومن الخليقة بعامة ، فما أكثر مراحمه ! فهى (( لا تزول )) ( مراثى 3 : 22 ) . ...... موقع سؤال وجواب السؤال: ما هو الفرق بين الرحمة والنعمة؟ الجواب: كثيراً ما يتم الخلط بين الرحمة والنعمة. ففي حين تحمل الكلمتين معان متشابهة، إلا أن الرحمة والنعمة ليستا نفس الشيء. الإختلاف بإختصار ما يلي: الرحمة هي ألا يعاقبنا الله بحسب إستحقاق خطايانا، والنعمة هي أن يباركنا الله بغض النظر عن حقيقة كوننا غير مستحقين. الرحمة هي الخلاص من الدينونة. والنعمة هي تقديم الخير لمن لا يستحقه. بحسب ما جاء في الكتاب المقدس، لقد أخطأنا جميعنا (جامعة 7: 20؛ رومية 3: 23، يوحنا الأولى 1: 8). نتيجة تلك الخطية، كلنا مستحقين الموت (رومية 6: 23) والدينونة الأبدية في بحيرة النار (رؤيا 20: 12-15). في ضوء هذا الحق فإن كل يوم يمر علينا في هذه الحياة هو تعبير عن رحمة الله لنا. لو أعطانا الله كل ما نستحقه، لكنا جميعاً الآن تحت الدينونة للآبد. يصرخ داود في مزمور 51: 1-2 "إرحمنى يا الله،اِرْحَمْنِي يَا اللهُ حَسَبَ رَحْمَتِكَ. حَسَبَ كَثْرَةِ رَأْفَتِكَ امْحُ مَعَاصِيَّ. اغْسِلْنِي كَثِيراً مِنْ إِثْمِي وَمِنْ خَطِيَّتِي طَهِّرْنِي". إن التضرع إلى الله طلباً للرحمة يعني أن نطلب منه إيقاف الدينونة التي نستحقها ومنحنا بدلاً منها الغفران الذي لا نستحقه بأي شكل من الأشكال. نحن لا نستحق أي شيء من الله. الله غير مديون لنا بأي شيء. إن أي صلاح نختبره هو نتيجة نعمة الله (أفسس 2: 5). النعمة هي ببساطة رضى غير مبرر. الله يمنحنا أشياء صالحة لا نستحقها ولا يمكن أن نحصل عليها بمجهوداتنا. بعد أن نخلص من الدينونة برحمة الله، فإن النعمة هي أي شيء وكل شيء نناله بعد ذلك (رومية 3: 24). إن النعمة العامة هي النعمة الإلهية التي يغدقها الله على كل البشر بغض النظر عن حالتهم الروحية في نظره، بينما النعمة المخلصة هي ذلك الجانب الخاص من النعمة الذي به يسكب الله معونة الهية غير مبررة على مختاريه لتجديدهم وتقديسهم. يمكن توضيح النعمة والرحمة بأفضل صورة في الخلاص المتاح من خلال يسوع المسيح. نحن نستحق الدينونة، ولكن إذا قبلنا المسيح مخلصاً فإننا ننال رحمة من الله ونخلص من الدينونة. وبدلا من الدينونة ننال بالنعمة الخلاص وغفران الخطايا والحياة الأفضل (يوحنا 10: 10) وكذلك الأبدية في السماء التي هي أروع وأعجب مكان يمكن تخيله (رؤيا 21-22). يجب أن يكون رد فعلنا تجاه نعمة ورحمة الله هو السجود وتقديم العبادة والشكر لله. تقول رسالة العبرانيين 4: 16 "فَلْنَتَقَدَّمْ بِثِقَةٍ إِلَى عَرْشِ النِّعْمَةِ لِكَيْ نَنَالَ رَحْمَةً وَنَجِدَ نِعْمَةً عَوْناً فِي حِينِهِ". |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 13004 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() بروكس أم تشانس؟
![]() بروكس أم تشانس؟ منذ سن مبكرة، تميز “بروكس رودر” (12 عامًا) بحُب الحيوانات ومساعدتها، ولذا تطوع في مركز لعلاج الطيور المصابة، وألَّف كتابًا عن تجربته، واكتشف خلال فترة تدريبه أن لـه هدفًا خاصًّا جدًّا في الحياة؛ ألا وهو مساعدة الحيوانات وتثقيف الناس عن أهمية العناية بالبيئة بحيث لا تدمر أماكن معيشة الكائنات الحية. * لقد عَلِم بروكس أن خسارة نوع واحد من الكائنات الحية، أو بالحري انقراضه، يؤثر على الأجناس الأخرى التي تعتمد عليه، وعَلِمَ أيضًا أن معدلات انقراض الحيوانات زادت بأكثر من مائة ضعف. فقديمًا جدًا كان المعدل صنفًا واحدًا فقط في السنة. أما في الوقت الحالي فتختفي 3 أجناس من الكائنات الحية في الساعة الواحدة. وعَلِم بروكس أنه بالنسبة للأجناس المهددة بالانقراض يعني أنه ما زال هناك وقت لعمل شيء ما. * لذا قرر بروكس، رغم أن عمره كان في ذلك الوقت 6 سنوات، تغيير اسمه إلى “تشانس”، وهي كلمة باللغة الإنجليزية وتعني بالعربية “فرصة”، لأنه شعر أن وجوده في هذه الحياة فرصة لمساعدة الحيوانات في البقاء على قيد الحياة. * “تشانس” يرى نفسه أنه يقوم بدور المترجم لتلك الحيوانات الجريحة والمهدَّدة بالانقراض، فالحيوانات ليس في إمكانها التحدث بلغة البشر ولا تمتلك أية وسيلة أخرى لإخبار الإنسان عن محنتها. ويأمل “تشانس” أن يجد مترجمين مثله من الشباب حتى يتمكنوا من العمل معًا لإنجاز هذه المهمة الكبرى. “تشانس” لا يترك فرصة إلا ويستغلها جيدًا فهو يُعلم ويثقف الأطفال، وله أشرطة مسجَّلة للتوعية. كذلك هو مُحاضِر يقوم بتحفيز الناس، يزور المدارس وبعض الجامعات، يذهب إلى الإذاعة والحدائق والمنتزهات لتوصيل رسالته، له برامج مع مؤسسات كبيرة، ليس عنده مانع أن يسافر لدول العالم أجمع لإيصال رسالته إلى أكبر عدد ممكن من الناس. * والآن ماذا عنك وعني؟ هل كل مِنَّا يعتبر وجوده في هذه الحياة فرصة رائعة لتوصيل رسالة أعظم وأروع؟ إن “تشانس” يطمح أن يصبح “سفيرًا للكائنات الحية” يومًا ما. وإن كان “تشانس” متألمًا بسبب انقراض أنواع كثيرة من الطيور والحيوانات، ألا نتألم نحن بسب ذهاب واحد من البشر إلى أبدية مُرعبة لا تنتهي؟! * أختي، أخي، إنها حقًّا فرصة! لماذا؟ أولاً: لأنه بعد أن تنتهي الحياة تنتهي الفرصة. نعم، هذا بالنسبة للخاطئ البعيد، ففرصته أن يسمع ويتوب ويؤمن بالرب يسوع هي الآن، وإذا انتهت الحياة ضاعت الفرصة إلى الأبد. هذا أيضًا بالنسبة للمؤمن، ففرصته أن يوصِّل رسالة محبة الله للناس هي الآن. ويمكننا معرفة ذلك جيدًا من قصة حقيقية قَصَّها لنا الرب يسوع، هي قصة الغني ولعازر : (لوقا 16)؛ فقد قَصَّها لنا ذلك الشخص الذي يستطيع أن يرى في نفس الوقت عالَم الأرواح وعالَم الأجساد. والقصة فيها فصلان: الفصل الأول : تمَّت أحداثـه في هـذا العالَم (لوقا16: 19-22)، والفصل الثاني : حدث فـي عالَـم الأرواح (لوقا16: 23-31)، إذ بعد ما مات الغني، أخذ يسترحم أباه إبراهيم دون فائدة، ثم أخذ يستعطفه أيضًا دون جدوى، فبعد انتهاء الحياة لا استرحام ولا استعطاف. * ثانيًا: الفرصة هي لنا نحن المؤمنين، لأن ملائكة السماء ليسوا مبشرين. وكلنا سمعنا عن قائد مئة الكتيبة الإيطالية؛ كرنيليوس. ففي أحد الأيام، وكان الوقت نهارًا، رأى رؤيا: ملاكًا من الله داخلاً إليه، وقال له: « يَا كَرْنِيلِيُوسُ!»... وَالآنَ أَرْسِلْ إِلَى يَافَا رِجَالاً وَاسْتَدْعِ سِمْعَانَ الْمُلَقَّبَ بُطْرُسَ... وَهُوَ يُكَلِّمُكَ كَلاَمًا بِهِ تَخْلُصُ» (أعمال 10، 11). ولنا أن نتسائل: لماذا لم يكلم الملاك كرنيليوس كلامًا به يخلص؟ لأن الملاك لا ينفع لهذه المهمة، فالذي لم يتمتع بشيء ما لا يمكن أن يعطيه. فالرب دخل إلى معركة الصليب الرهيبة ليس من أجل الملائكة، بل من أجلنا نحن، فالملائكة الأشرار لا فداء لهم ولا خلاص، والملائكة الأطهار المختارون ليسوا بحاجة إلى الفداء لأنهم باقون على طاعة الله. ونحن الذين تمتعنا بالفداء هي فرصتنا الآن أن نقدم رسالتنا إلى هذا العالم اليائس البائس. * ثالثًا: إنها فرصة، لأنه الآن الوقت لعمل الرب: « إِنَّهُ وَقْتُ عَمَل لِلرَّبِّ » (مزمور119: 126)، «وَقَلْبُ الْحَكِيمِ يَعْرِفُ الْوَقْتَ» (جامعة8: 5)؛ فقلب الحكيم يدرك أن الوقت يمر سريعًا والوقت لا يرجع مطلقًا، فالساعة التي انقضت أصبحت ماضيًا، ولا يمكن بأية حال من الأحوال أن تصبح حاضرًا مرة أخرى، وفجأة ينتهي الوقت المُعطَى للإنسان. ونفهم من سفر أيوب أن أيام الإنسان محدودة وعدد أشهره معروفة عند الله، والله عَيَّن لكل إنسان أَجَلَه فلا يتجاوزه، لذا تعالوا بنا نستيقظ من النوم ونعرف أن ننقذ ونفتدي الوقت وننظم أوقاتنا ونرتب أولويات الحياة. * رابعًا: لننتهز الفرصة، لأن مجيء الرب واختطافنا إليه قد اقترب جدًّا. أخي، هل تعلم أن الرب آتٍ مسرعًا؟ وهل تعلم ما سيأتي على الأرض من مآسٍ ورعب؟ هل قرأتَ سفر الرؤيا لتعلم الضربات التي لا بُد أن تأتي على العالم؟ يقول لنا الرسول بولس: «فَإِذْ نَحْنُ عَالِمُونَ مَخَافَةَ(رعب) الرَّبِّ نُقْنِعُ النَّاسَ.» (2كورنثوس5: 11)، فالمؤمن الحقيقي يرفع عينيه إلى فوق قائلاً للرب: “تعالَ!” وفي نفس الوقت عليه أن ينظر حوله مناديًا لكل من يتقابل معه قائلاً له: “تعال!”. كان الرسول بولس يشعر أن الضرورة للكرازة وإخبار الآخرين موضوعة عليه لذا قال: « فَوَيْلٌ لِي إِنْ كُنْتُ لاَ أُبَشِّرُ.» (1كورنثوس9: 16). إخوتي، هل نعمل حسنًا؟ تعالوا بنا نستمع إلى كلمات كرنيليوس عندما ذهب إليه بطرس: «فَأَرْسَلْتُ إِلَيْكَ حَالاً. وَأَنْتَ فَعَلْتَ حَسَنًا إِذْ جِئْتَ.» (أعمال10: 33). هل نذهب إلى النفوس مُطيعين صوت الرب مُنتهزين كل فرصة؟! {وديع هلال} * * * يارب أشكرك أحبك كثيراً... بركة الرب لكل قارئ .. آمين . وكل يوم وأنت في ملء بركة إنجيل المسيح... آمين يسوع يحبك ... |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 13005 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() هل أنا مسيحي - من هو المسيحي الحقيقي (الجــــــــــــــــزء الأول) ![]() من واقع دعوة الله العُليا المعلنة لنا في الإنجيل، فأننا نتعرَّف على من هوَّ المسيحي الأصيل، إذ أنهُ يُسمى بالنطق الرسولي أخ قديس، لذلك نجد أن الرسائل الرسولية موجهة بشكل خاص إلى جميع الإخوة القديسين (1تسالونيكي 5: 27) المؤمنين في المسيح يسوع (أفسس 1: 1)، شركاء الدعوة السماوية (عبرانيين 3: 1)، لذلك يقول الرسول: + فأطلب إليكم أنا الأسير في الرب أن تسلكوا كما يحق للدعوة التي دعيتم بها. بكل تواضع ووداعة وبطول أناة محتملين بعضكم بعضاً في المحبة. مجتهدين أن تحفظوا وحدانية الروح برباط السلام. جسد واحد وروح واحد كما دُعيتم أيضاً في رجاء دعوتكم الواحد. ربٌ واحد، إيمان واحد، معمودية واحدة. إله واب واحد للكل الذي على الكل وبالكل وفي كلكم. ولكن لكل واحد منا أُعطيت النعمة حسب قياس هبة المسيح. لذلك يقول إذ صعد إلى العلاء سبى سبياً وأعطى الناس عطايا. وأما أنه صعد فما هو إلا أنه نزل أيضاً أولاً إلى أقسام الأرض السُفلى. الذي نزل هو الذي صعد أيضاً فوق جميع السماوات لكي يملأ الكل. وهو أعطى البعض أن يكونوا رُسلاً والبعض أنبياء والبعض مبشرين والبعض رعاة ومُعلمين. لأجل تكميل القديسين لعمل الخدمة لبنيان جسد المسيح. إلى أن ننتهي جميعناً إلى وحدانية الإيمان ومعرفة ابن الله، إلى إنسان كامل، إلى قياس قامة ملء المسيح. كي لا نكون فيما بعد أطفالاً مُضطربين ومحمولين بكل ريح تعليم بحيلة الناس بمكر إلى مكيدة الضلال. بل صادقين في المحبة، ننمو في كل شيء إلى ذاك الذي هو الرأس المسيح. الذي منه كل الجسد مركباً معاً ومًقترناً بمؤازرة كل مفصل حسب عمل على قياس كل جزء يحصل نمو الجسد لبنيانه في المحبة. (أفسس 4: 1 – 16) إذاً لماذا نحن لا نستطيع أو نقدر أن نتمم الوصية الرسولية في أن نسلك كما يحق للدعوة التي دُعينا بها، الإجابة بسيطة وسهلة لأننا لم ننال الاسم الذي يُميزنا كمسيحيين الذي هوَّ: (الإخوة القديسين المؤمنين في المسيح يسوع شركاء الدعوة السماوية)، أي أننا لم ندخل بعد في طريق وحياة الإخوة القديسين، لأن هذا هو اسم وشرف ورفعة المسيحي الأصيل، أن يكون أخ في جسد واحد مركباً معاً في وحدة القداسة، لأنه كيف نحيا مسيحيين ونحن لا نستطيع أن نُعاين مجد الله الحي ونشعر حضوره فينا ومعنا ولا زلنا بعيدين عن منهج القداسة التي صارت عندنا نظرية فكرية بعيده عن واقعنا المُعاش، لأن الرب يسوع أتى ليقدسنا وينقينا بنطقه الخاص: أنتم الآن أنقياء لسبب الكلام الذي كلمتكم به (يوحنا 15: 3) فالمسيحية يا إخوتي ليست مجرد اسم النسب للمسيح الرب من جهة ميراث الآباء بالولادة، ولا هي بنود فروض نتممها بالمظهر والشكل الخارجي، ولا هي خدمات رحمة إنسانية نقوم بها، لئلا يكون كل من لا يستطيع أن يُقدِّم أي خدمة لأسباب كثيرة خاصة أصبح فاقد الأهلية للحياة الأبدية، لأنه لا يقدر على أن يُقدم عشور ولا أي مساعدة لأحد سواء مادية او معنوية بسبب فقرة أو مرضة أو أي وضع هو فيه، لأن الحياة الأبدية لا تُكتسب بالأعمال، بل لا ينالها إلا الإخوة القديسين المؤمنين في المسيح يسوع شركاء الدعوة السماوية. وبالطبع لكي نعيش الحياة المسيحية الحقيقية ونُسمى بالاسم الذي قاله الرسول (إخوة قديسين)، لا بد من أن نفهم معنى كلمة إخوة وقيمتها الحقيقية ومعنى كلمة قديسين، وكيف نحصل عليهما عن جدارة عملياً في حياتنا الشخصية لكي نكون مسيحيين حقيقيين لا حسب الاسم والقول بل حسب الجوهر كفعل واقع في حياتنا اليومية، لأن ما أسهل أن نتكلم عن حقيقة أن المسيح الرب خلصنا وصيرنا قديسين فيه وأعطانا حق الدخول إلى الأقداس العُليا ولنا المجد والملكوت، ولكن على المستوى الواقع الفعلي نجد أنفسنا مثل الحالم في الليل، فأنه يحلم بكل غنى ومجد الملوك الذي يحيا فيه، لكن متى استيقظ على أي مشكلة أو حادث فأن الحلم ينتهي ويسقط الفكر صريعاً تحت ألم الواقع العملي المُعاش البعيد كل البعد عن حياة القداسة والبرّ في المسيح يسوع، ويظهر الإحباط والحزن والضيق والقلق والاضطراب والشكوى المُرة من الواقع، وربما يظهر التطاول على الله لماذا تركني وأين هوَّ مني وانا بخدمه وأعمل ما يُرضيه متمماً كل الواجبات والفروض التي ينبغي أن أقوم بها، ومع ذلك فأني لا أشعر حضوره ولا أجده بجواري. لذلك من الواجب علينا الآن أن نستيقظ ونواجه مشكلتنا الحقيقية بشجاعة وصدق وصراحة تامة، في كوننا لم ندخل بعد في الحياة المسيحية الحقيقية كخبرة في حياتنا الواقعية المُعاشه، من جهة أننا نكون فعلاً قديسين يتنقى قلبنا باستمرار فنتعرف على الله الصالح القدوس بصورة واضحة وليست باهتة، بالخبرة الحقيقية من جهة لمسه من جهة كلمة الحياة: + انما صالح الله لإسرائيل (فقط) لأنقياء القلب (مزمور 73: 1) وفي الجزء القادم سنوضح معنى الإخوة القديسين وكيف نحيا على هذا المستوى |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 13006 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() مخافة الله!
![]() اخلع نعلَيك من رجلَيك لأنّ المكان الّذي أنتَ واقف فيه أرض مقدّسة. هذا ما قاله ملاك الرّبّ لموسى، قديمًا، لمّا عاين العلّيقة ملتهبة، ودنا منها. اقترب موسى من العلّيقة، أوّل أمره، مستغرِبًا! أراد أن يفهم! لا بدّ أن يكون ثمّة تفسير لما يحدث! لكنْ، أوقفه الملاك عن التّقدّم صوبه بنيّة معرفة ما يجري! لا يدنو أحد من حضرة الله إلاّ مخلوع النَّعلَين، أي في موقف مهابة وعبادة! المكان مقدّس! قاله الملاك! فارتعد موسى! بثّ في قلبه الملاكُ رعدةً كما لا يعرف الإنسان متى ارتجف بإزاء ما يخيف من أمور هذا الدّهر! الله يأتي كآخر تمامًا، كقدّوس؛ وحيثما حلّ يعلو الإنسان، قدّامه، عن المألوف وغير المألوف، إلى بُعد آخر، إلى عالم آخر، ليس من هذا الدّهر! إنّما الله يسمو على الفهم؛ وما لم يعطِ الإنسانَ ما يدنو به إليه من عنده، فإنّه يبقى خارجًا عنه! وإن اقتحم يموت! لا يرى أحدٌ الله ويحيا! الله خارجَك وما لك حتّى يُدخلَك إليه! القدسات للقدّيسين! ما هو إسُّ الوِقفة بإزاء الإله في الكيان؟ هو ما أسماه قوم: “الرّعدة الأسراريّة” في القلب! هذه تكون فيك فتجعلك إلى ربّك، وإن غابت تبقى خارجًا، في عقلك أو مشاعرك أو حواسك، تراودك أفكار أو أحاسيس عديمة القيمة لأنّها ليست منه، ولا تبلغه بحال! بإزائه أنت أصمّ أبكم أعمى حتّى يجعل إصبعه في أذنَيك الدّاخليّتَين ويمسَّ لسان كيانك ويفتح عيني قلبك بتفلة ماء فمه في التّراب! الجسد لا ينفع شيئًا، الرّوح هو الّذي يحيي! قديمًا قيل: “بدء الحكمة مخافة الله”. إذن لا يدخل أحد الحكمةَ النّازلة من فوق إلاّ بخوف ورعدة! لا بل كلّ المسير مع الله إليه مشوب بهذه المخافة! صحيح أنّ مخافة الله، أوّل الأمر، صبيانيّةً تكون، قريبة من مخافة ما يخيف في هذا الدّهر، وهذا أساسيّ في مطلع الطّريق لِتشرع في التّقدّم نحوه، وفق ما هو مألوف لديك، لكنَّ مخافةَ الله لا تلبث أن تأتيك بغير ما تظنّ أنّك تعرفه؛ تأتيك لتُدخلك إلى حيث لا يمكنك أن تتكهّن أنّك قد تدخل! ربّك، دائمًا، آتيك جديدًا! صعب على المرء أن يطأ أرضًا لا يعرفها سلفًا، أو لا يتصوّرها! أمّا أرض ربّك فظلمةٌ تفوق ما تعرف من الأنوار بهاء! هذه تطأها على كلمة ربّك، وفي كيانك صحوةٌ ما عرفت نظيرها، والذّهول يعتورك، والرّعدة تمدّك، في آن، بثقة عميقة وطمأنينة، وبما يُطلق فيك ما يقرب من الحسّ الفذّ، غير الأحاسيس الّتي عرفتها قاطبة. هذا يجعل الخشعة والعبادة والتّسبيح يسري فيك كمسّ كهربيّ، أو يترقرق فيك سلاميًّا عميقًا طالما أنت مُعطى أن تقف في حضرةِ مَن يوقفك لديه! وتبقى رعدةُ مخافةِ ربّك ربيبتَك، لا تدري ما تمدّك به إذا ما كان في الجسد أو خارج الجسد، حتّى تأتي بك إلى محبّة ومحبّات لم تكن لك بها قِبلة! ولو نطق أنطونيوس الكبير بكونه، وقد بلغ محبّة ربّه، لا يخاف الله بعدُ، فإنّ الرّعدة تبقى في كيانه وتترسّخ، لكنّها تنأى عن كلّ ما هو صبيانيّ، ما هو في البَشَرة ممّا يدنو من مخافات النّاس! الرّبّ الإله مدرِّبُنا على تعاطي مخافته في كلّ آن! وما الحياة في المسيح، ههنا، سوى تمرّس دؤوب على الدّخول إلى حضرة الله بخوف ورعدة! مخافته تنقّي فينا الزّغل والخَبَث، حتّى تأتي بنا، في الذّهول، إلى بهاء لا يُنطَق به وإلى ما لا يسوغ التّعبيرُ عنه! حضرة الله أبعد من الكلام! لذا تأتيك في الصّمت، لا الصّمت عن النّطق بل الدّخول إلى ما لا يُنطق به! لغة الله غير لغة النّاس! أنّى لك أن تتفوّه بما يفوق إدراكك! تكفيك، إذ ذاك، الاستكانة إلى مَن تتحرّك صوبه أحشاؤك كحبيب ولا أحبّ، وليس كأيّ حبيب! “أخبرني يا مَن تحبّه نفسي أين ترعى أين تُربض عند الظّهيرة… طَلبتُه فما وجدته… وجدني الحرَس الطّائف في المدينة، [الحائل ما بيني وبينه، النّاموس الّذي يشدّني إلى الحرف]، فقلت أرأيتم مَن تحبّه نفسي. فما جاوزتهم إلاّ قليلاً حتّى وجدتُ مَن تحبّه نفسي” (نش 1: 7؛ 3: 2 – 3)! الحياة في المسيح من مخافة الله تنبثق، وتُنشِئ على مخافة الله! مَن لا ينمو في الرّعدة الأسراريّة بإزاء الله لا يعرف الله! يبقى في حدود التّصوّر والتّخمين والتّنظير ومشاعر النّاس وأحاسيسهم! إنّما الحاجة لأن تخلع، أبدًا، نعلَيك من رجلَيك، ما يجعلك في تماسٍ مع الأرضيّات والبشريّات! الوصيّة تدرّبك، لكن الأهمّ أن تبلغ، بالوصيّة، تخطّي ذاتك إلى السّجود بالرّوح والحقّ! فقط الصّلاة والمحبّة تبلِّغانك المرتجى! كلّ كلام لا يستحيل صلاةً ومحبّةً لغوٌ! العقل لا ينفع شيئًا حتّى يصمت ويشاهد، صاغرًا، أعمال الله، ويعبّ منها، إذ ذاك يشهد بعد أن تكون رعدة العليّ قد اعتورت الكيان واشتملته، وشدّت العقل إلى ما فوق المعقولات، في فعل تمجيد يُحدِّث عن تسبيح الملائكة، ولا يكفّ عن الهذيذ حتّى الثّمالة! في عالم يحكمه العقل وتستبدّ به النّفسيّات ويغرق في ما للحواس، أنّى للرّعدة الأسراريّة أن توجد وتنمو وتستقرّ! أنّى للقلب أن يستدعي حضرة الله! هلمّ واسكن فينا وطهّرنا من كلّ دنس! لا تعطي الوصيّةُ حياةً جديدة وهي مغمّسة بأسيد هذا الدّهر! يقظةً في الكيان نلتمس في غمرة ما يملأنا من ذواتنا ويقتل فينا كلَّ رغبة في إفراغ ذواتنا والخروج من ظلماتنا إلى أنوار إلهنا! إنساننا سَكِرٌ بذاته فكيف يعرف إلهه؟! هيّا يا موسى، كليم الله، بثّنا ما خبرتَ، أن نخلع أنعالنا كما خلعت نعلَي عقلك وجسدك وأحاسيسك، دخولاً إلى قدس إلهنا، إلى شركة النّار غير المحرقة، إلى صحبة النّور الّذي يسمو على الأنوار الّتي عرفنا، عسانا نمسي، بنعمة من لدن الّذي تجسّد من لحمنا ودمنا، علّيقة ملتهبة بالرّوح النّورِ الّذي حلّ في طبيعتنا مستدعيًا إيّانا إلى الشّركة معه في الحياة الأبديّة! الأرشمندريت توما (بيطار)، رئيس دير القدّيس سلوان الآثوسي ، دوما – لبنان |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 13007 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() الظهور الإلهي في معمودية الرب
![]() ظهور الثالوث: ليست معمودية يسوع هي فقط ظهوره في العالم كمسيح، وغطاسه: إن المعمودية تظهره كابن الله. وهو، من هنا بالذات، “التجلي”، يعني ظهور الله، لأنه كشف لنا سر الله العظيم، أي الثالوث القدوس. رأى يوحنا الروح القدس نازلاً على يسوع مثل حمامة ومستقراً عليه. وتبين كلمة “الاستقرار” أنه منذ الأزل يحل عليه الروح القدس الذي أتى صوته من السماء قائلاً: “هذا هو ابني الحبيب”. لهذا يقول لنا القديس كيرلس الأورشليمي: أنه بظهور يسوع كمسيح تكشف لنا معمودية يسوع في الوقت نفسه سر الثالوث الإلهي. ويقول أنه كي يكون هناك مسيح وممسوح هو “الابن”، لابد أن يمسحه أحد وهو “الآب”. ومن أحد تكون المسحة وهو الروح القدس الذي يحل عليه. هكذا لانستطيع التفكير في المسيح من دون التفكير في الآب وفي الروح القدس، من دونهما قد لا يكون لكلمة مسيح معنى. نحن لا يمكننا الاعتراف بيسوع كمسيح من دون الاعتراف بالله الواحد كإله في ثلاثة أقانيم. من المألوف أن نكون فكرة خاطئة عن الله: يبدو لنا أحياناً أن الآب قد يكون إله “العهد القديم”، ثم يأتي الابن ليحل مكانه في “العهد الجديد” طوال حياة يسوع، أخيراً يأتي دور الروح القدس في زمن الكنيسة الحالي، ولن يحتفى بذكرى يسوع إلا كماض تاريخي. نعم، علينا كثيراً أن نتصور الأقانيم الثلاثة في إله واحد يعمل في العالم بمشيئة واحدة. فكيف يمكن مقاربة سر الثالوث القدوس؟ لنعد إلى معمودية يسوع عندما صعد من الماء. يرى يوحنا المعمدان المسيح يحل عليه الروح ويسمع صوت الآب يسمي يسوع “الابن الحبيب”. لقد عرف يوحنا إلهاً واحداً في ثلاثة أقانيم. ففي الأردن ظهر الثالوث للمرة الأولى. هذا ما تقوله لنا الكنيسة عبر الأيقونة وترتيلة العيد في عيد الغطاس (أو عيد الظهور الإلهي). هذا وإذ تأملنا أيقونة “الظهور الإلهي” فسنجد يسوع متسربل الماء كأنه يخترق الكون بكامله ليبله بحضوره، لينيره بنوره، ويضيئه ويقدسه. في الأعلى تماماً يد تمثل “الذي” يمسح: أي الآب، غير المنظور، لكن الذي تقدم صوته بالشهادة ليسوع ، مسمياً إياه “الابن الحبيب”. وتمثل الحمامة الروح القدس الذي يؤيد حقيقة الشهادة بحلوله على رأس يسوع واستقراره فوقه: هي المسح. أخيراً، “الابن” الذي مسح، يسوع متسربل المياه. ظهور الروح القديس بشكل حمامة: أما لماذا ظهر الروح القدس بشكل حمامة؟ الحمامة حيوان أليفٌ طاهر. وبما أن الروح القدس هو روح وداعةٍ، لذلك تراءى بشكل حمامة. ومن ناحية أخرى، هذا يذكرنا بقصةٍ تاريخيةً قديمة، عندما غمر الطوفان كل المسكونة، وكاد الجنس البشري أن يفنى، كانت الحمامة الطائر الذي بيَّن بوضوح نهاية الغضب الإلهي، حاملة في منقارها غصن زيتون، كخبرٍ مفرح يعلن السلام العام. كل ذلك كان رسماً لما سيحدث لاحقاً. كانت حالة الناس أبشع بكثير من حالتهم الحاضرة، وكانوا يستحقون عقاباً أكبر. فلكي لا تيأس أنت الآن، يذكِّرك هنا بتلك الحادثة القديمة: حين كان الرجاء مفقوداً، وُجد حلٌّ وإصلاحٌ. كان الطوفان في ذلك الوقت تأديباً، وأما الآن فقد جاء الحل عن طريق النعمة والعطية الجزيلة. لذلك ظهرت الحمامة، لا تحمل غصن زيتون، ولكنها تشير إلى الذي سيخلص من كلِّ الشدائد، وتبسط أمامنا رجواتٍ صالحة؛ لأنها لا تُخرج إنساناً من الفلك، بل تقود بظهوره المسكونة كلها إلى السماء. لا تحمل غصن زيتون بل البنوَّة للبشر كلهم. الآن، وقد أدركت قيمة العطية، لا تحسب أن قيمة الروح ناقصةٌ، بسبب ظهوره بشكل حمامة. أسمع البعض يقول إنه كما يختلف الإنسان عن الحمامة كذلك يختلف المسيح عن الروح؛ إذ ظهر المسيح بصورة طبيعتنا الإنسانية، بينما ظهر الروح القدس بصورة حمامة. فبم نجيب عن كل ذلك؟ إن ابن الله اتَّخذ طبيعة الإنسان، بينما الروح القدس لم يأخذ طبيعة الحمامة. لذلك لم يقل الإنجيلي إن الروح ظهر “بطبيعة حمامة” بل قال “بشكل حمامة”. ولم يظهر الروح بعد ذلك بهذا الشكل، الحقيقةُ شيءٌ والتدبير شيءٌ، التنازل شيءٌ، والظهور العابر شيءٌ آخر. العبرة والفائدة الروحية: فماذا يمكن القول عن الثالوث؟ كيف نفسر هذا السر –الظهور-؟ قد لا يمكن لأي كتاب ولا لأي سفر ودرس تعليم مسيحي، “تفسير” سر الله في أقانيم ثلاثة. إن المخاطرة لكبيرة جداً في تشويه غير المدرك بكلمات، وتصغير الله الأزلي بمقولات بشرية ومحدودة بالعقل. وحدهما الصلاة والعبادة تستطيعان أن تجعلانا ندرك جزءاً صغيراً من “الحقيقة” حول الله الواحد في أقانيم ثلاثة. فلننه موضوعنا بالصلاة الأنقى أي صلاة العبادة، صلاة الملائكة السارافيم والشيروبيم، مرتلين ترتيلة القدوس ثلاث مرات، إلى الثالوث المحيي:”قدوس، قدوس، قدوس، رب الصباؤوت!”. نقلاً بتصرف عن نشرتي مطرانية حلب وكنيسة رؤساء الملائكة في القاهرة عظة للقديس غريغورويوس اللاهوتي: وعندما أذكر الّله ًفليُنِركم نور واحد، وفي الوقت ذاته أنوار ثلاثة من حيث الخواص أي ثلاثة أقانيم، إذا شاء أحدكم أن يسمي الخواص أقانيم أو أشخاصاً (ولا خلاف في التسمية ما دامت هذه الكلمات تعني شيئاً واحداً). الألوهة واحدة في الجوهر تنقسم بدون انفصال أو تجزئة، وتتحد وتبقى منقسمة لأن الألوهة واحدة في ثلاثة أقانيم، والثلاثة الأقانيم جوهر واحد في الألوهة. إننا سنتحاشى التطرف والحذف غير جاعلين من الوحدة تشويشاً ومن الانقسام فعلاً وغربةً حتى يبقى موقفنا بعيداً عن مذهب سيفيليوس في مزج الأقانيم،ومذهب آريوس في التقسيم والتفريق بين الأقانيم، وكلا المذهبين غارقان في الضلال، وكلاهما في اعتبار واحد من المذهب وشر الاعتقاد. لأنه ما هو الموجب إلى هذين المعتقدين الرديئين في المزج والتفريق؟ إننا نعتقد بإله واحد، الآب الذي منه كل شيء، ورب واحد يسوح المسيح الذي به كان كل شيء، وروح قدس واحد الذي فيه كل شيء. الأقانيم الثلاثة هي بلاهوت واحد. ولكي يربط الّله بين السماء والأرض، وُتملأ الدنيا بمجد الله، خلق الإنسان الذي أكرمه بالصورة الإلهية. ولما سقط الإنسان في الخطيئة، وابتعد عن ربه بحسد الشيطان، لم يتغافل عنه ولم يهمله. ماذا حدث؟ وما هو التدبير في استدراك هذا السقوط؟ وما هو السر الرهيب العجيب الذي صار من أجلنا؟ تتجدد الطبيعة، والله يصير إنساناً ويسمّى ابن الإنسان لا يعني هذا أنه تغيّر مما هو عليه، فهو غير متغير، بل اتخذ ما لم يكنه (لأنه محب للبشر) فيصير غير الموسوع موسوعاً، ويخاطبنا بالجسد كما هو من وراء الحجاب. لأن الطبيعة البشرية الخاضعة للفساد لاتستطيع أن تحتمل ألوهيته إذا ظهرت. ولذلك اتحد الشيئان المتضادان: الولادة مع البتولية، وغير المتألم مع الألم، وغير المائت مع الجسد المائت! وبما أن مخترع الشر ظن أنه لا يُغلب ما دام قد خدعنا، انخدع هو ذاته بظهور المجد بمهاجمته لآدم الجديد فاصطدام بالله، وهكذا خّلص آدم الجديد آدم القديم، وحلّ دينونة الجسد مميتاً الموت بالموت. عن رسالة رعية مطرانية اللاذقية |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 13008 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() استقبال النور الظاهر
“توبوا فقد اقتربّ ملكوت السموات” ![]() في الأحد الأوّل بعد الظهور الإلهيّ تتلو الكنيسة على مسامعنا النصّ الإنجيليّ الذي يروي غياب المصباح وظهور النور، غروب النجم وبزوغ الشمس، رحيل السابق ومجيء المسيح. فلما سمع يسوع أنّ المعمدان قد أُسلم للسجن جاء إلى الجليل وظهر هناك للناس، بعد أن اعتمد من السابق في الأردن وبدأ كرازته. لقد اختفى الملاك المبشّر فظهر الربّ ذاته، يسوع. ارتبطت الحياة دائماً في ذهن الناس بالنور، لذلك سمّى يسوع ذاته “أنا نور العالم”، ليعني بذلك أنّه “حياة العالم”. ولذلك سُمّي عيد الظهور بعيد الأنوار. والترانيم تقول: “اليوم ظهرتَ للمسكونة يا ربّ، ونورك قد ارتسم علينا”. وبذلك تتحقّق النبوءة التي سمعناها في هذا النصّ: “الشعب الجالس في بقعة الموت وظلمته أشرق عليه نورٌ”. لكن النور عندما ظهر للعالم لم يقبلْهُ العالمُ كلّه. وأحبّ الناس الظلمة أكثر من النور، يقول القدّيس يوحنا الحبيب في الإنجيل الرابع! ويشـرح لأن أعمالهم كانت شريرة. فاستقبال النور له شرطان: الأوّل ظهوره؛ وهذا قد تمّ، والثاني رؤيتنا له وهذا ما يُنتظر. والتطويبة الإنجيليّة واضحة أنّ “أنقياء القلوب يعاينون الله”. غالباً ما تكون أهواؤنا ورغباتنا الدنيويّة الماديّة غشاءً يحجب النور الظاهر، أهواؤنا تجعلنا نحوّل نظرنا عنه إلى العتمة حيث تعيش بعض الرغبات، لأنّ النور يؤذيها. النور عموماً محبوب من الناس لأسباب أساسية عديدة. فالنور هو الحياة. أليس من الماء والنور، كما يقول الكتاب، تكوَّنت الحياة، وكما أثبت ذلك العلم الحديث. النور يجلب الدفء والصحة، من النور نستمدّ الطاقة، من النور تحيا الكائنات، في النور نستطيع أن نسلك. والظلمة أبداً كانت مكاناً للرهبة والانتظار. فالنور للناس بمثابة مصدر الحياة عينها. لذلك في إنجيل يوحنا خاصة عندما يجري الكلام عن الحياة تستخدم صورة النور ؛ وذلك كون الحياة، بضمير الإنسان، تأتي من النور. ولكن بالوقت ذاته النور أيضاً مكروه حيث تكون أعمال الظلمة محبوبة! الدراما البشريّة حقيقيّة، أنّ الناس أحبّوا الظلمة وأبغضوا النور. لأنّ النور مزعج! وذلك لأنّ النور مؤذٍ للظلمة. فالنور يكشف لي أولاً “الآخر”. من يجلس في مجلس لا نور فيه لا يشعر إلاّ بذاته. وهذا الأمر محبّذ عند الإنسان الأناني والانطوائي. ألم يقل أحد الفلاسفة الوجوديين “الآخر جحيمي”! من يحبّ ذاته فقط يكره النور، لأن النور يجبره أن يرى أنّ ثـمّة آخر بجانبه. النور يكشف لي أنّ هناك محتاجاً، وهذا أمر مزعج لمن لا يحبّ المشاركة. النور يجعلني أرى آلام البشر، وهذا أمر لا يوافق الكسالى. الذي يحيا في الظلمة يرتاح لوهم الانطوائيّة، ويُنصِّب ذاته وحدها سيّداً وغاية لحياته كلها. النور يفضح، لأنّه يكشف هذه الكذبة ويوضح أن الحياة لا تكْمن في حبّ الذات ولكن في بذلها، ويخبرني أن الآخر سيّدي وغاية حياتي. لأنّ حياة الإنسان ليست في انعزاله ولكن في تعامله. المحبّة ليست مراعاة الذات وإنّما إنكارها. و”جحيمي هو ذاتي، وفردوسي هو الآخر”. النور يدعوني لأخرج من ذاتي إلى الآخر، وهذه الحركة عموماً مؤلمة، ولكنّها الطريق الضيقة المؤدّية إلى الحياة. الظلمة لغتها التجاهل. والنور لغته المسؤوليّة. في النور لا أستطيع أن أتحمّل عوز الآخر لأنه يوضح ذلك كحاجتي. في الظلمة نرتاح حين نتجاهل أيّة حاجة ونحيا في اللامسؤوليّة. النور يوضح أنّ علينا حقوقاً. النور غير مريح مرّات عديدة لأنّه يكشف لي صورة عن ذاتي طالما حاولت تجاهلها. آه،كم يحبّ الإنسان الظهور والمديح، وكم هو ميّال لاعتبار ذاته فوق قيمتها. النور يحطّم هذا الخيال الكبير ويوضح لي حجمي العادي والصغير. في النور لا يقوم وَهْم الكبرياء ولا تُسمع لغة الادعاء. في النور ينتصب التواضع، وفي النور تتمّ معرفة الذات. في النور أرى أنّه إلى جانب ملَكاتي هناك أيضاً ضعفاتي. في النور أقرأ حقيقةَ أنني السبب في كثير من المسائل وليس الآخر هو دائماً المسبب! هل سمعنا بمتكبّر قال عن ذاته إنّه كذلك؟ وكما يروي بستان الرهبان، إن شاباً زار ديراً للاسترشاد وقال للأب المعرّف: “يا أبانا أنا لستُ متكبّراً”. فأجابه الأب: “يا بنيّ ليس من دليل واضح على الكبرياء الخفيّ أكثر من هذه العبارة”. لأن المتكبّر هو مَن ظنّ ذاته متواضعاً والعكس بالعكس. النور يُفاجئ، لأن هذا الظلّ الخفيّ، الإنسان العتيق الذي يتكلّم عنه بولس الرسول، ينكشف. ويظهر لي واضحاً أنّه عليّ أن أتبدّل وأنّه بإمكاني أن أكون أفضل. النور يعلّمني لغة المحبّة ويطلب مني صيغة للاعتذار مرّات عديدة. النور يكشف لي الآخر كما يكشف لي ذاتي، لكنّه أيضاً حين يُسلَّط علي يكشفني للآخرين. كما يقول القدّيس يوحنا السلمي: الحصان الذي يجري لوحده يظن ذاته سريعاً! النور هو معيار صادق لخدمتي وللتضحية ولمقدار المحبّة. النور يقرأ الواقع ولا يسمح بادعاءات الظلمة. النور يقيس والظلمة تصوّت. النور حياة لكنّه أيضاً يجلب في حالات التقصير التوبيخ. “أدِّبْ الحكيم يحبّك ووبخْ الجاهل يبغضك”، يقول سفر الحكمة. النور لا يراعي ولا يقبل مراءاة. لكنّنا صمّمنا أن نكون “أبناء النور”، وأن “نسير ما دام لنا النور”، وأن نحيا في النور ونتقبّل التوبيخ ونحبّ التواضع ونبذل الذات لأننا نرى الآخرين. فما هي أسلحة النور ؟ حياة القدّيسين ضوء على حياتنا. الإنجيل نور. حياة المسيح نور. الأدب الإنسانـيّ يحمل من حين لآخر ومضات من النور. لكن أفضل عاكس للنور الإلهيّ على الحياة هو سرّ الاعتراف. في الاعتراف يواجه الإنسان ذاته في علاقته مع الله والقريب. هناك يعرف ذاته بملكاته وضعافاته. هناك يتعرّف إلى حقوقه كما إلى الواجبات. هناك يواجه ذاته باتضاع ويلغي كلّ ادعاء. في الاعتراف، على ضوء الكتاب، وبالإرشاد الروحي، يقرأ الواحد منا الواقع في النور ويدع أوهام الظلمة وانتفاخها. في الاعتراف لا أقرأ حياتي من خلال ظنون الظلمة ولكن أقرؤها على ضوء الإرشاد وواقعيّة الأفعال. لذلك رتّبتْ لنا الكنيسة سرّ الاعتراف كأساس لحياتنا المسيحيّة. الاعتراف يجعلنا فعلاً أنقياء القلوب لنعاين الله الظاهر نوراً للعالم. النور من الله لكن الاستنارة بيد الإنسان. النور هو محبّة الله لنا والاستنارة هي محبّتنا له، أي تصميمنا أن نحيا له في النور، أي أن نقرأ دائماً سطور الحياة كما نراها تحت النور وليس كما نرسمها ونتخيّلها نحن في ظروف الظلمة. لذلك ليس عبثاً عندما بدأ يسوع كرازته، وكما سمعنا بالنصّ الإنجيليّ اليوم عندما ظهر للناس نوراً، أنّه افتتح كلماته بندائه: “توبوا، لقد اقتربّ ملكوت السماوات”. الله محبّة ظاهرة إلينا فنحن جماعة تائبون إليه. آميــن المطران بولس (يازجي) |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 13009 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() عظة البطريرك يوحنا العاشر الكاتدرائيّة المريمية، 1 كانون الثاني 2015
![]() إخوتي وأحبتي، عظة البطريرك يوحنا العاشر“نحن على عتبة سنة جديدة. والجِدة ليست في السنة، الجدة هي تصميمنا على تحويل الزمان إلى صالح الحقيقة، على إعطاء الزمان معنىً غيرَ المعنى الذي نعرفه. أن يكون الزمان تعبيراً عن قدسية حياتنا ووجودنا، أن ننفخ فيه روح نعمة الله التي فينا لتعود إليه أزليته ويتهادى في سهول قداستنا. الجدة ليست في السنة بل في تصميمنا على صوغنا لكياننا من جديد… وصياغة كياننا تعني فتح ذراعينا لتضما المساكين والمستضعفين في الأرض. أن نكون قوة تميت ضعفهم وتحررهم من مذلتهم. صياغة كياننا تجعلنا دسماً يشبع الجياع ودثاراً يلبسه العراة ويميناً تأخذ بيد المخلعين لتقودهم إلى المرابع الخيرة”[ عظة البطريرك الياس الرابع في مطلع سنة 1971]. “لأجل ذلك مسحني وأرسلني لأبشر المساكين وأشفي منكسري القلوب وأنادي للمأسورين بالتخلية وللعميان بالبصر وأطلق المهشمين إلى الخلاص وأكرز بسنة الرب المقبولة. هذا بدء البشارة بربنا يسوع المسيح هذا برنامجه وهذه خطته… هذه كلمات عمرها الفان وستمائة سنة. هذه كلمات عتيقة ولكنها ترن في آذاننا وكأنها ابنة اليوم. قالها المسيح منذ ألفي عام ذاكراً المساكين والفقراء ومنكسري القلوب..” [عظة البطريرك إغناطيوس الرابع في مطلع سنة 1997]. لقد آثرت أن أفتتح كلامي من على هذا المنبر بما سبق وسمعتموه الآن وهو من فم سلفي المثلثي الرحمة إغناطيوس والياس والذين أطلقوه من نفس المنبر ولنفس المناسبة. ولعل كلماتهما هذه تختصر معنى العيد الحاضر وتجلو كثيراً من الأسئلة الوجودية التي قد يسألها كلٌ منا عن معنى العيد الزمني وعن مكانة الزمن كفسحة ملكوتية من على هذه الفانية. في هذا اليوم تتجه قلوب المؤمنين إلى الرب الخالق أن يمن بالسلام على الدنيا، كل الدنيا. في هذا اليوم نقترب من مذود بيت لحم طالبين من طفل السلامِ السلامَ لأرضه وللشرق الأوسط وللعالم كله. في هذا اليوم ننحني مثل مريم، وهي المكرمة عند المسلمين والمسيحيين، ننحني أمام طفل المغارة لننشد معها ومع رعاة بيت لحم: المجد لله في العلى وعلى الأرض السلام وفي الناس المسرة. فلنتأمل سوياً حدث الميلاد ولنقتد بمريم ولنرفع معها صلاة حارة لابنها يسوع الذي يختصر بين عينيه محبة الله للبشرية ورجاء البشرية بمراحم الثالوث، صلاةً من أجل السلام في المشرق، الذي فيه ولد المسيح. رسالتي اليوم إلى العالم أجمع أوقفوا الحرب في سوريا وعلى سوريا. نحن نرفض أن يكون شبابنا وقوداً لتكفيرٍ أعمى وتطرفٍ نراه ولا نصدق أننا على الأرض السورية. نحن نرفض أن يكون شيوخنا ومطارنتنا فرق عملة في سوق الدولار. نريد اليوم أن يخرج صوتنا كالنار إلى أقاصي الأرض تماماً كما خرج صوت الحق من أنطاكية ليعلن بشارة السلام للمسكونة. من أرض أنطاكية خرجت بشارة السلام إلى الدنيا قبل ألفي عام، والحضارة الغربية التي تلقفت الإنجيل من أرض أنطاكية مدينة لها تاريخاً وحضارةً لا دماراً ولغة مصالح ولا تفرجاً وتأجيجاً لفتنةٍ وقودها أناس أبرياء. دماؤنا ليست أرخص من دماء أحد. وسلامنا وأمننا ضرورة لكل العالم. إن الله لم يكتب على جبيننا، نحن أبناءَ هذا المشرق، قدراً بأن نكون بخوراً يذيبه جمرُ حروبٍ طاحنة، بل شرّفنا بأن نكون بخوراً لذيذ العرف سلامياً أمام مذود بيت لحم، بخوراً قلبياً طيباً استقبل سيد السلام في مهده الفلسطيني وحمل نوره وإنجيله إلى الدنيا. نحن مسيحيي هذه الديار لم نميز أنفسنا عن أحد ولكننا في كل أوطاننا أوتار قيثارةٍ واحدةٍ لا تعرف إلا سيمفونية الوطن الذي إن قام يقوم بكل أبنائه وإن سقط، لاسمح الله، يسقط الجميع. نحن لم نعد نفهم لماذا علينا أن يقتل أبناؤنا، وهنا أعني كل السوريين، بأيدي الغرباء. ولم نعد نفهم لماذا علينا أن نسكت على خطف مطارنتنا وعلى خطف كل الناس. نحن المسيحيين الأنطاكيين توأم سوريا وتوأم لبنان وتوأم العراق والأردن وفلسطين وكل المشرق. نحن لم نكن يوماً زوار تاريخ ولا ضيوف لحظات. وفي الوقت نفسه، لم نكن هواة تقوقع بل خميرةَ انفتاح على الجميع وقوةً لأوطاننا بشركة الجميع. نطلب من الله ونصلي أن يرفع هذه الغيمة السوداء عن هذا البلد ويعيد إليه سلامه ونسأله رد المخطوفين ومنهم مطرانا حلب يوحنا وبولس الذي يتناسى العالم خطفهما الذي يشكل لطخة عار في جبين المتشدقين بحقوق الإنسان زوراً وزيفاً وبهتانا. ومن هذا المكان نصلي من أجل لبنان واستقرار لبنان. الذي من حقه ومن حق إنسانه أن يكون في معزل عن ارتدادات وحسابات الخارج. من حق لبنان الذي ذاق مرارة الحرب الأهلية أن ينعم بالسلام وبظل الدولة. نحن نفهم كيف أن حسابات الخارج تؤثر على الداخل اللبناني. لكننا مقتنعون أن وحدة الصف اللبناني عموماً والمسيحي خصوصاً قادرة أن توصل إلى سدة الرئاسة الشخص المناسب من دون الاضطرار إلى رمي الكرة كالعادة في ملعب التوازنات الإقليمية والحسابات الأخرى. من حق لبنان أن يكون بلد سلامٍ لا مرتعاً للخطف المدان ومن حقه أيضاً لا بل من خصائصه أن يكون بلد العيش الواحد في ظل الدولة الواحدة. صلاتنا اليوم من أجل فلسطين وجيرة فلسطين. صلاتنا من أجل مهد المسيح ومن أجل الأردن ومصر والعراق. صلاتنا من أجل كل المشرق والعالم. في مطلع السنة الجديدة، أتوجه بالتحية إلى سيادة الدكتور بشار الأسد، رئيس الجمهورية العربية السورية وإلى الشعب السوري ضارعاً إلى الله أن يزيل هذه السحابة عن سوريا. كما أتوجه بالتحية الميلادية إلى لبنان واللبنانيين جميعاً سائلاً رب السماء أن يديم سلامه ورحمته على لبنان والمشرق والعالم كله. كما أبعث بالبركة الرسولية إلى أبنائنا في الوطن وبلاد الانتشار وأسأل الرب القدير الرحمة لنفوس شهدائنا والتعزية القلبية لكل من مست قلبَه قسوةُ الدهر الحاضر. نصلي إليك يا يسوع في بدء السنة الجديدة أن تقدس أيامنا بحضورك وأن تفتقد ضعتنا بمبضع رحمتك. نرجوك وأنت الضابط إيقاعَ زماننا أن تضع عزاءك في قلبنا. من وداعة عينيك نستمد مواطن القوة ومن ضعة مزودك نرتشف قوة الرجاء فكن أنت كلّاً للكل وانفح حياتنا بنسمة قداستك لنرتل لك: “المجد في الأعالي لله وعلى الأرض السلام، الذي أثابنا به حضورك يا مخلصنا المجد لك”. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 13010 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() حتى لا يفرغ المذود!.
![]() “إذا سكت هؤلاء، فالحجارة تصرخ” (لو19: 40) ليس عندنا، في الكنيسة، سلطة، بمعنى أنّ ثمّة مَن يتسلَّط باسم الله!. الثّيوقراطيّة مفهوم غريب عن وجدان الكنيسة الحقّ!. عندنا خدمة ذات طابع نبويّ، إلهيّ بشريّ!. الأوّليّة بيننا أوّليّة في هكذا خدمة!. هكذا المتقدِّم!. يجعل نفسه آخرَ الكلّ وخادمًا، أي عبدًا، للجميع!. السّيادة والتّسلّط لا مطرح لهما في الوجدان الكنسيّ القويم!. لذا قيل: “رؤساء الأمم يسودونهم والعظماء يتسلَّطون عليهم، فلا يكون هكذا فيكم” (متّى 20: 25 – 26)!. السّلطة الّتي تُمارَس في الكنيسة، على غرار ما يتعاطاه رؤساء الأمم في العالم، بادّعاء الخدمة، وعلى أساس أنّها خدمة، تشويهٌ للخدمة!. في السّلطة تسوس وفي الخدمة تبذل!. ذروة السّياسة العدل وذروة الخدمة البرّ!. العدل أن تعطي كلّ ذي حقّ حقّه، والبرّ أن تبذل نفسك، لا فقط من أجل السّالكين في الحقّ، بل من أجل السّالكين في الباطل، أيضًا!. بالعدل تتوسّم ما هو بشريّ، وبالبرّ ما هو إلهيّ!. لذا العدل والبرّ لا يتماهيان!. العدل لا يرقى إلى البرّ، والبرّ أرقى من العدل!. فمَن سلك في البرّ ما عاد بحاجة لأن يسلك في العدل، وإن سلك فيه فلئلا يُعثر الضّعفاء!. في كلّ حال، المؤمنون إخوة، في العمق إخوة، ولا شيء يجمعهم إلاّ الأخوّة، ولهم أب واحد، مَن هو فوق!. السّلطة، لكي تتعاطاها، تحتاج إلى قوّة!. من دون قوّة لا تقوم قائمة لسلطة!. لذا السّلطة تُفرَض فَرْضًا!. تحقِّق بغيتها بالإرهاب!. طبعًا، لا الإرهاب بمعنى العبث بإثارة الرّعب!. بل الإرهاب بمعنى أن تكون للقيِّم على القانون رهبتُه في النّفوس!. مستنَد السّلطة الخوف!. لذا السّلطة تعاقِب المخالِفين!. وقد يصل العقاب، أحيانًا، حدّ الإعدام، عبرةً للنّاس!. أيضًا وأيضًا، هذا إذا عدلت السّلطة!. أمّا إذا لم تعدل، فقد تبلغ من الشّكليّة والعشوائيّة والنّفاق والرّياء والفساد والظّلم حدود العبث والفوضى والخواء المطبِق!. أمّا الخدمة، لا سيّما لدى المتقدِّمين فيها، الّذين يؤمّون الجماعة، المعتَبَرين أعمدةً، المدبِّرين، فلا تحتاج إلى قوّة لتفرض ذاتها على أحد!. طبعًا، في الكنيسة ما يُعرَف بـ”الشّرع الكنسيّ”. هذا يُطبَّق على المخالفين، لا لمعاقبتهم – لا عقاب في الكنيسة – بل لإصلاحهم!. مستَنَد الخدمة، والحال هذه، ليس الخوف من العقاب، بل الخوف من الله!. الكنيسة تؤدِّب؟!. بكلّ تأكيد!. ولكن لا لتتشفّى، بل لتشفي بالتّوبة والحرمان والتّكفير!. على أنّ التّوبة، في سياق الحياة المسيحيّة، لا تُفرَض فرضًا!. يلتزمها المؤدَّب بإرادته، ويقتبل الحرمان علاجًا، ويُخضِع ذاته للتّكفير تنقيةً، باتّضاع قلب، متى لُفظ حكمُ الشّرع الكنسيّ بحقّه!. يَعرف، في قرارة نفسه، أن في التّأديب خيرًا لنفسه وخلاصًا!. بإمكانه، طبعًا، أن يتمرَّد!. إذ ذاك يُقطَع من الكنيسة عساه يرعوي!. انتماؤه أو عدم انتمائه إليها، في نهاية المطاف، خيار شخصيّ!. فإذا ما سلك في التّوبة، فإنّ ما ترومه الكنيسة له هو استعادة عِشرة الله ورهبته اللّتَين يكون قد خسرهما بتأثير إقباله على المفاسد كالابن الشّاطر!. التّوبة، والحال هذه، تتكلَّل باسترداده مخافة الله ونقاوة القلب وسلامة النّيّة، ومخافةُ الله تُعيده إلى فَلك الله، وتعيد له الاتّزان الدّاخليّ، الّذي يدفعه قدُمًا، من جديد، في معارج الحياة الرّوحيّة القويمة!. في السّلطة، بين النّاس، هناك سيِّد وهناك مَسود عليه. في الخدمة، في الكنيسة، ليس الأمر كذلك. ثمّة سيِّد، طبعًا، ولكنْ، الّذي في السّماء!. سيادة مَن هو فوق مختلفة، تمامًا، عن سيادة مَن هم على الأرض!. السّيّد الرّبّ الإله محبّة، لذا هو عبد، خادم، باذل، مبذول!. سيادته من محبّته، إذًا ليست من نوع السّيادة الّتي نعرف بشريًّا!. لا يتعاطاها لا بالإكراه ولا شرفًا!. يتعاطاها بالإيمان: إيمان بني البشر به!. في ذاته، ليس الله سيِّدًا!. في ذاته محبّة!. لذا يتجلّى في إفراغ الذّات!. في امتداده صوب الآخر!. لا يسود، قسرًا، على أحد!. الخَلْق، من جهة الله، فيضُ محبّة!. ومع ذلك، هو سيِّد بإزائنا!. ولأنّه سيِّد بإزائنا هو سيِّد علينا!. هذا ليس لأنّه هو يفرض نفسه سيِّدًا علينا، بل لأنّنا نحن نفترضُه على أنفسنا!. المحبّة لا تفرض ذاتها على أحد!. المحبّة تستدعي المحبّة بملء حريّة مَن تمتدّ صوبه!. لذا نحن الّذين يتّخذون الله سيِّدًا، وسيِّدًا أوحد عليهم!. هذا يبدأ بالإيمان، كما قلت، أي بالثّقة اليقينيّة الكاملة بالله، ويمتدّ بالطّاعة لوصاياه، ويتكلَّل بالاتّحاد به بالمحبّة والنّعمة!. بالعودة إلى مدبِّرينا، نحن نطيعهم في المسيح!. نطيع المسيح فيهم!. بالرّوح عينه، روحِ الله، الّذي فينا، نطيع روح الله الّذي يدبِّرنا في مدبِّرينا!. لذا نحن لا نطيع لا الهراطقة، ولو تلبّسوا بهيئة المدبِّرين، ولا مَن يسلكون بخلاف الشّرع الكنسيّ والتّقليد الشّريف المتعارف عليه!. المدبِّرون، من ناحيتهم، يسلكون كقدوة للمؤمنين، يرفقون بالضّعفاء، ويقسون على المخالفين المستكبرين، بمثابة إيقونات حيّة لمسيح الرّبّ، راعيًا. يأتون الرّعيّة من الرّاعي الصّالح حتّى لا تجفل الخراف وتتبدَّد وتضيع!. أتحبّني يا بطرس؟ ارعَ خرافي، ارعَ حملاني!. لا أقسى من أن يُفتقد وجه المسيح في المدبِّرين، ولا أوجع من أن تمسي الخراف أعجز من أن تتبيَّن صوت المسيح فيهم لأنّه يمسي ناشزًا!. متى غار المدبِّرون في سلطانهم باسم الله، تحوّلوا من تدبير الرّعيّة إلى تدبير نفوسهم وأهوائهم!. وباتوا يرعون أنفسهم ولا يرعون، بعدُ، القطيع!. الرّعاة يندرون والسّادة يزدادون، والرّعيّة في شتات شاردون!. ائتمان الرّعيّة الواحدة للرّاعي الواحد، ماذا بقي منه؟!. ثمّة خوف من انقسام؟!. الانقسام حاصل!. المدبِّرون في عالم وأهل البيت في عوالم أخرى!. وجه المسيح بالكاد تتبيّنه، هنا وثمّة، ووجوه أضداد المسيح تملأ المكان!. ماذا بقي حتّى لا نتكلّم، بعد!. نخشى العثرة؟!. أهي المبالاة دافعُنا، خشية العثرة، أم اللاّمبالاة؟!. أَمِنْ براءةٍ، بعدُ، إلاّ لدى النّدرة، حتّى نخشى العثرة؟!. الأكثرون في غربة… عن المسيح، كأنّهم غير معنيّين بما يجري!. أو، بتعبير أدقّ، بات المسيح غريبًا عنّا، عن أكثر شعبه!. لو لم تبق لنا بقيّة لشابهنا صادوم وصرنا كعامورة!. هذه الّتي قلنا: أبواب الجحيم لن تقوى عليها، تُسيَّب كلّ يوم!. تركوني أنا، ينبوع الماء الحيّ، وحفروا لأنفسهم آبارًا، آبارًا، لا تضبط ماء!. قالوا: المحبّة هي الكنيسة!. قلت: أين تجدها، بعدُ؟!. تعطيها؟!. صحيح!. لكنّ الأكثرين بحاجة لأن يأخذوا، والمؤن في السّوق شحيحة!. ما شعرنا بأنّ مسيح الرّبّ يرعانا مباشرة أكثر من هذه الأيّام، وإلاّ لَكُنّا قد خُرنا!. إلى مَن تذهب؟!. ليس، بيسر، مَن تذهب إليه!. مَن تتعزّى لديه!. مَن تلقي برأسك على كتفه!. عندك الكيدي وعندك العبثيّ وعندك النّفعيّ!. كأنّ البيت ليس، بعدُ، بيت صلاة!…. طبعًا، طبعًا، الكلّ، بالسّلطة “المخوّلة” لهم، يتكلّمون!. ولكنْ أين، بعد، التّراث الحيّ لمَن قال: أمّا أنا وأهل بيتي فللرّبّ!. بتَّ تخشى من الغد، ماذا يحمل لك!. ثمّة حسّ يذوي!. والأكثرون ينقضّون على خناق بعضهم البعض!. الكلّ يزعم أنّه المنقِذ، ويا للمفارقة(!.)، وغيره الجاني، فيما السّفينة تغرق باطّراد!. غدًا، يفد المجوس من البعيد!. أتراهم يجدون أحدًا في المغارة، والطّفلَ في المذود؟!. ماذا تغيَّر؟!. في ذاك الزّمن، لم يكن له مكان في المنزل. أَلَهُ، في هذا الزّمان، مكانٌ بعدُ؟!. ابحثوا عنه، إذا طلبتموه، عند فقراء شعبي، عند بقيّة بسطائي، عند مشرَّديّ، عند مُتعَبيّ!. إن كان فيكم أخ عريان أو أخت عريانة ينقصهما قوتُ يومِهما، وقال لهما أحدكم: “اذهبا بسلام فاستدفئا واشبعا، ولم تعطوهما ما يحتاج إليه الجسد، فماذا ينفع قولُكم (يعقوب)؟!. ماذا ننتظر بعد؟!. لا شيء من هنا!. ننتظر مجيئه!. تكفينا هنا رحمة الله!. الخلاص بالإنسان باطل!. واليوم أكثر من الأمس!. ويل لنا لأنّنا خطئنا!. لهذا سَقُمت قلوبُنا، ولهذا أظلمت عيونُنا!. صار لي كلام الرّبّ عارًا فقلتُ: لا أذكره!. لكنّه كان في قلبي كنار محرقة، أجهدني احتمالُها ولم أَقوَ على ذلك (إرميا)!. سألتُ راعي هذه الأبرشيّة، يومًا: لِمَ يسمح الرّبّ الإله برعاة على غير قلبه!. قال: تأديبًا لشعب قاسي الرّقبة!. اللّهم تب علينا واغفر لنا وافتقدنا برحمتك واسترددنا!. الأرشمندريت توما (بيطار)، رئيس دير القدّيس سلوان الآثوسي، دوما – لبنان |
||||