21 - 06 - 2014, 03:28 PM | رقم المشاركة : ( 121 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الاقتداء بالمسيح - الراهب توماس أكيمبيس
في اشتياق بعض العباد الشديد إلى جسد المسيح صوت التلميذ:- 1 – "ما أعظم وفرة عذوبتك، يا رب، التي ادخرتها للمتقين لك" (مزمور 30: 20)! عندما أتذكر، يا رب، بعض العباد الذين يتقدمون إلى سرك بأكمل الورع والمحبة، أشعر غالبًا في نفسي بالحزن والخجل، لأني أتقدم بمثل هذا الفتور، بل بمثل هذه البرودة، إلى هيكلك، وإلى مائدة التناول المقدس؛ ولأني أبقى يابس القلب، خاليًا من الحب، غير مضطرمٍ كلي أمامك يا إلهي، ولا مخطوفٍ إليك بمحبةٍ شديدة، مثل كثيرٍ من العباد، الذين، لشدة اشتياقهم إلى التناول، وشديد ما كانوا يحسون في قلوبهم من المحبة، لم يكونوا يتمالكون عن البكاء؛ بل من صميم نفوسهم كانوا يشتاقون إليك، أيها الإله الينبوع الحي، فاتحين لك أفواه القلوب والأجساد، غير قادرين على تلطيف جوعهم أو إشباعه، إن لم يتناولوا جسدك بكل حبورٍ ونهمٍ روحي. 2 – يا له إيمانًا حقيقيًا مضطرمًا، يقيم البرهان القاطع على حقيقة حضورك المقدس! "لأن الذين يعرفون ربهم حقًا عند كسر الخبز، إنما هم أُولئك الذين تضطرم قلوبهم جدًا في داخلهم، عندما يكون يسوع سائرًا معهم" (لوقا 24: 32). أما أنا فما أبعدني، في الغالب، عن مثل هذه العواطف والعبادة، وعن مثل هذا الحب الشديد المضطرم! فيا يسوع الصالح، العذب والحليم، تعطف عليَّ، وهب لي أنا عبدك الفقير البائس، أن أشعر -ولو حينًا بعد آخر- بقليلٍ من عواطف هذا الحب في قلبي، عند التناول المقدس، ليتقوى إيماني، وتنمو ثقتي بخيراتك. حتى إذا اضطرمت فيَّ المحبة اضطرامًا كاملًا، وتذوقت المن السماوي، لا تخبو من بعد أبدًا. 3 – إنك قادرٌ برحمتك أن تهب لي هذه النعمة التي أبتغيها، وأن تتلطف وتفتقدني بروح الحرارة، في اليوم الذي ارتضيته لذلك. فإني، وإن كنت غير مضطرمٍ بمثل الشوق الذي يشعر به عبادك الأخصاء، فأنا، مع ذلك، أتوق بنعمتك إلى هذا الشوق العظيم المستعر، راغبًا ومتضرعًا إليك، أن تجعلني شريكًا لجميع أُولئك الذين يحبونك بحرارة، وأن تحصيني في جماعتهم المقدسة. |
||||
21 - 06 - 2014, 03:29 PM | رقم المشاركة : ( 122 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الاقتداء بالمسيح - الراهب توماس أكيمبيس
في أن نعمة العبادة إنما تكتسب بالتواضع وإنكار الذات صوت الحبيب:- 1 – ينبغي لك أن تطلب نعمة العبادة بإلحاح، وتلتمسها برغبة، وتتوقعها بأناةٍ وثقة، وتقبلها بشكر، وتحفظها بتواضع، وتعمل معها بنشاط، وتفوض إلى الله زمن الافتقاد العلوي وكيفيته، إلى أن يحين أوانه. وعليك أن تتضع خصوصًا، حين لا تشعر في داخلك بالعبادة إلا قليلًا، أو لا تشعر بها البتة؛ ولكن عليك أن لا تفشل كثيرًا، ولا تكتئب بإفراط، فكثيرًا ما يعطي الله، في لحظةٍ قصيرة، ما قد رفضه مدةً طويلة، ويهب أحيانًا، في آخر الصلاة، ما قد ماطل بعطائه في أولها. 2 – لو كانت النعمة تمنح دائمًا فورًا وبحسب المبتغى، لما تيسر للإنسان الضعيف احتمالها. فعليك إذن أن تتوقع نعمة العبادة بثقةٍ وطيدةٍ وصبرٍ وتواضع، فإن لم تعطها، أو نزعت عنك سرًا، فانسب ذلك لنفسك ولخطاياك. إن ما يعوق النعمة ويحجبها، قد لا يكون في بعض الأحيان سوى أمرٍ يسير – هذا أن صح أن نسمي يسيرًا، وليس بالحري أمرًا جسيمًا، ما يحول دون خيرٍ عظيمٍ كهذا. ولكن سواءٌ كان يسيرًا أو جسيمًا، فإن أنت أقصيته عنك، أو انتصرت عليه انتصارًا كاملًا، فإنه يكون لك ما طلبت. 3 – فإنك حالما تستسلم لله من كل قلبك، غير طالبٍ هذا الأمر أو ذاك، عن رغبةٍ أو إرادةٍ ذاتية، بل جاعلًا ذاتك كلها في الله، تجد في الحال نفسك قد اتحدت به، وحصلت على السلام؛ إذ ما من شيءٍ يستطيع أن يلذ لك ويسرك، مثل رضى المشيئة الإلهية. فمن يرفع نيته إلى العلاء، إلى الله بقلبٍ سليم، متجردًا عن كل حبٍ أو كرهٍ للخلائق غير مرتب، فإنه يصبح جديرًا جدًا بنيل النعمة، وأهلًا لموهبة العبادة. فالرب إنما يسكب بركته حيثما يجد الآنية فارغة. بقدر ما يكتمل زهد الإنسان في الدنيويات، ويموت هو عن نفسه باحتقار نفسه، تزداد النعمة مبادرةً إليه، ووفرةً في الدخول إلى قلبه، فتحرره وترفعه أكثر فأكثر. 4 – "حينئذٍ يرى ويستغني، ويدهش ويرحب فيه قلبه" (اشعيا 60: 5). لأن "يد الرب معه" (لوقا 1: 66)، وهو قد جعل نفسه في يد الرب إلى الأبد. "هكذا يبارك الإنسان الذي يلتمس الرب بكل قلبه" (مزمور 127: 4، 118: 2)، ولم ينل نفسه باطلًا. فهذا الإنسان، بقبوله سر الإفخارستيا المقدس، يستحق النعمة العظيمة، نعمة الاتحاد بالله، لأنه لا ينظر إلى عبادته وتعزيته الخاصة، بل إلى مجد الله وكرامته، فوق كل عبادةٍ وتعزية. |
||||
21 - 06 - 2014, 03:30 PM | رقم المشاركة : ( 123 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الاقتداء بالمسيح - الراهب توماس أكيمبيس
في أنه من الواجب علينا أن نكشف للمسيح حاجاتنا ونطلب نعمته صوت التلميذ:- 1 – أيها الرب الجزيل العذوبة والودود جدًا، المشتاق أنا الآن إلى قبوله بعبادة، إنك تعرف ما أنا عليه من الضعف، وما أُقاسي من الشدائد، وما أنا ملقى فيه من الشرور والرذائل، وكم أنا في الغالب مبهوظٌ، مجربٌ، قلقٌ، مدنس. فأنا آتي إليك ملتمسًا الدواء، وأبتهل إليك أن تعزيني وتفرج عني. إني أُكلم العليم بكل شيء، من كل ما في داخلي جليٌّ لديه، ومن هو وحده القادر أن يعزيني وينصرني، تمام التعزية والنصرة. أنت تعلم الخيرات التي أحتاج إليها بالأكثر، وكم أنا فقيرٌ بالفضائل. 2 – ها أنا ذا واقفٌ أمامك بائسًا عريانًا، أطلب النعمة وألتمس الرحمة. فأشبع بائسك الجائع، أدفئني بنار حبك أنا المقرور، وأنر عماي بضياء حضورك. حول لي جميع الأرضيات إلى مرارة، وجميع المشقات والمعاكسات إلى ترويضٍ في الصبر، وجميع الدنيويات والمخلوقات، إلى موضوع احتقار ونسيان. ارفع إليك قلبي نحو السماء، ولا تدعني أهيم على الأرض. كن أنت وحدك عذبًا لي من الآن إلى الأبد، لأنك أنت وحدك طعامي وشرابي، وحبي وفرحي، وعذوبتي وكل خيري. 3 – ليتك تضرمني وتحرقني بحضورك، وتحولني كلي إلى ذاتك، فأُصبح وإياك روحًا واحدًا، بنعمة الاتحاد الداخلي، وذوبان الحب المضطرم! لا تدعني أنصرف عنك جائعًا ظمئًا، بل عاملني بالرحمة، كما عاملت قديسيك مرارًا كثيرة، على نحوٍ عجيب. وهل من عجبٍ إذا اتقدت كلي بك، ففنيت في نفسي، وأنت النار المضطرمة على الدوام، التي لا تخبو أبدًا، والحب الذي يطهر القلوب وينير العقل؟ |
||||
21 - 06 - 2014, 03:31 PM | رقم المشاركة : ( 124 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الاقتداء بالمسيح - الراهب توماس أكيمبيس
في الحب المتقد والشوق الشديد إلى تناول المسيح صوت التلميذ:- 1 – إني بمزيد التقوى والحب المضطرم، وبكل عواطف قلبي وحرارته، أشتاق لأن أتناولك يا رب، كما اشتاق إليك، في التناول، كثيرٌ من القديسين وأهل التقوى، الذين أرضوك جدًا بقداسة سيرتهم، عائشين في اضطرام العبادة. إلهي، أيها الحب الأزلي، يا كل خيري، وسعادتي التي لا تنتهي، إني أشتهي أن أقبلك بأشد شوقٍ وأليق احترام، حصل عليه أو استطاع أن يشعر به أحدٌ من القديسين. 2 – ومع كوني لا أستحق الحصول على تلك العواطف التقوية، فأنا، مع ذلك، أُقرب لك أشواق قلبي جميعها كما لو كنت أنا وحدي حاصلًا على جميع تلك الرغبات المضطرمة، المرضية لديك جدًا. بل كل ما تستطيع نفسٌ تقيةٌ أن تتصور أو تشتهي، فأنا أهبه وأُقربه لك باحترامٍ عظيمٍ وحرارةٍ داخلية. لا أُريد أن أستقي لنفسي شيئًا، بل أن أُقرب لك، بطيبة نفسٍ كاملة، ذاتي وكل ما لي، ذبيحةً طوعية. أيها الرب إلهي، خالقي وفاديَّ، إني أتوق أن أُقبلك اليوم، بمثل الشوق والاحترام، والحمد والإكرام، بمثل الشكر والتهيب والحب، بمثل الإيمان والرجاء والطهارة، التي بها تاقت إليك وقبلتك أُمك الجزيلة القداسة، مريم العذراء المجيدة، عندما بشرها الملاك بسر التجسد، فأجابته بتواضع وتقوى:" ها أنا أمة الرب، فلكن لي بحسب قولك" (لوقا 1: 38). 3 – وكما أن سابقك المغبوط، أرفع القديسين، يوحنا المعمدان، قد ارتكض في حضرتك، متهللًا بفرح الروح القدس، وهو بعد محتجبٌ في أحشاء أُمه، وكما أنه، في ما بعد، إذ رأى يسوع سائرًا بين الناس، كان يقول في كثيرٍ من التواضع والحب والورع:" أما صديق العروس، والواقف يسمعه، فإنه يفرح فرحًا لصوت العروس" (يوحنا 3: 29)، كذلك أنا أيضًا أتمنى أن أضطرم بالرغائب العظيمة المقدسة، فأُقرب لك ذاتي من كل قلبي. ومن ثم فإني أُقدم وأُقرب لك أيضًا تهاليل جميع القلوب الورعة، مع أشواقها المضطرمة، واختطافاتها العقلية، واستناراتها الفائقة الطبيعة، ورؤاها السماوية، مع كل فضيلةٍ وتسبيح، تشيد وستشيد به خليقةٌ في السماء وعلى الأرض؛ أُقرب لك ذلك من أجلي ومن أجل جميع من طلب إلي أن أُصلي لأجلهم، لكي يسبحك الجميع ويمجدوك إلى الأبد كما يليق. 4 – فاقبل أمانيَّ أيها الرب إلهي، ورغبتي في أن أُسبحك تسبيحًا لا ينتهي، وأُباركك بركةً لا حد لها. فإن التسبيح والبركة يحقان لك على حسب العظمة التي لجلالك المعجز البيان. ذاك هو ما أقربه، وأريد أن أقربه لك كل يومٍ وفي كل لحظةٍ من الزمن، وإني لأدعو الأرواح السماوية بأسرها، وجميع مؤمنيك، وأناشدهم متضرعًا من صميم القلب، أن يسدوا لك معي الشكر والتسبيح. 5 – لتسبحك جميع الشعوب والقبائل والألسنة، وليعظموا بتهليلٍ عظيم، وعبادةٍ مضطرمة، اسمك القدوس القاطر عذوبة. وليؤهل جميع الذين يقدسون باحترامٍ وتقوى سرك الجزيل السمو، ويقبلونه بإيمانٍ كامل، أن يجدوا لديك نعمة ورحمة، وليبتهلوا متضرعين من أجلي أنا الخاطئ. ومتى حصلوا على نعمة الورع التي يبتغونها، ونالوا نعيم الاتحاد بك، ثم انصرفوا عن مائدتك المقدسة السماوية، ممتلئين تعزية، ومغتذين بنوعٍ عجيب، فليتفضلوا ويذكروني أنا المسكين. |
||||
21 - 06 - 2014, 03:32 PM | رقم المشاركة : ( 125 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الاقتداء بالمسيح - الراهب توماس أكيمبيس
في انه لا يليق بالإنسان أن يكون فضوليًا في استقصاء هذا السر، بل أن يقتدي بالمسيح بتواضع مخضعًا حكمه الإيمان المقدس صوت الحبيب:- 1 – إن كنت لا تريد الغرق في لجة الريب، فتحاش أن تسبر، ببحثٍ فضوليٍ باطل، أعماق هذا السر البعيد الغور. " فإن من يسبر جلال الله، يعييه مجده" (أمثال 25: 27)، لأن الله قادرٌ أن يصنع، فوق ما يستطيع الإنسان أن يدرك. إن البحث عن الحقيقة بتواضع وتقوى مسموحٌ به، ما دام المرء مستعدًا لقبول التعليم، مجتهدًا في السير حسب آراء الآباء الصحيحة. 2 – طوبى للسذاجة، التي تترك مسالك الأنجاث الوعرة، وتسلك في سبل وصايا الله، المعبدة الأمينة! كثيرون قد فقدوا التقوى، حين أرادوا استقصاء الأُمور السامية. إنما يطلب منك الإيمان ونقاوة السيرة، لا سمو الفهم والتعمق في أسرار الله. إن كنت لا تفهم ولا تدرك ما هو دونك، فكيف تستوعب ما هو فوقك؟ اخضع لله وطأطئ حكمك للإيمان، فتعطى نور العلم بحسب منفعتك وحاجتك. 3 – من الناس من يجربون بشدةٍ في ما يخص الإيمان بهذا السر، ولكن لا ينبغي أن ينسب ذلك إليهم، بل بالحري إلى العدو. فلا تكترث، ولا تجادل أفكارك، ولا تجب على ما يلقي الشيطان في قلبك من الشكوك، بل آمن بكلام الله، آمن بقديسيه وأنبيائه، فيهرب عنك العدو الشرير. كثيرًا ما يعود بفائدةٍ عظمى على خادم الله، أن يعاني مثل هذه التجارب. فإن الشيطان لا يجرب الكفار والخطأة -فهم ملكه دون منازع- لكنه إنما يجرب المؤمنين الأتقياء، ويعذبهم على وجوهٍ مختلفة. 4 – فتقدم إذن بإيمانٍ سليمٍ لا يشوبه ارتياب، وادنُ من هذا السر بهيبةٍ وتخشع، وفوض باطمئنانٍ، إلى الله القدير، كل ما يفوتك إدراكه. فالله لا يخدعك، وإنما ينخدع من يفرط في الوثوق بنفسه. إن الله يماشي البسطاء، ويتجلى للمتواضعين، "يعطي الفهم للصغراء" (مزمور 118: 130)، ويفتح أذهان النفوس الطاهرة، ويحجب نعمته عن الفضوليين والمتكبرين. العقل البشري ضعيفٌ قابلٌ الضلال، أما الإيمان الحقيقي، فلا يمكن أن يضل. 5 – إن كل قياسٍ عقليٍ وبحث طبيعي، إنما يجب أن يتبعا الإيمان لا أن يسبقاه أو يخالفاه؛ لأن الإيمان والحب يقدمان هنا على كل شيء، ويعملان، بطرقٍ خفية، في هذا السر الأقدس السامي الجلال. فإن الله سرمديٌّ، غير محدود، وغير متناهٍ في القدرة، "يصنع، في السماء وعلى الأرض، عظائم لا تفحص" (أيوب 5: 9)، وعجائبه ليس لها استقصاء. فلو كانت أعمال الله سهلة الإدراك على العقل البشري، لما حق أن تدعى عجيبةً ومعجزة البيان. |
||||
|