17 - 05 - 2012, 11:45 AM | رقم المشاركة : ( 111 ) | ||||
† Admin Woman †
|
«إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَنِي فَاحْفَظُوا وَصَايَايَ .» (يوحنا15:14) وصايا؟ وفي العهد الجديد؟ في كل مرة يسمع فيها الناس كلمة وصايا، يظنون على الفوَر أن الحديث يتعلق بالتقيُّد الحرفي بالناموس (ناموسية)، لكن الكلمات ليست مترادفة، لم يتكلم أحد عن الوصايا أكثر من الرَّب يسوع، لكن لم يكن أحدٌ أقل منه تقيُّداً بالناموس. ما هي الناموسية؟ مع أنه لا يمكن إيجاد هذه الكلمة في العهد الجديد، إلاّ أنها تصف جُهد الإنسان غير المنقطع لكسب أو إستحقاق رضى ﷲ، وتدل بشكل أساسي على محاولة الحصول على التبرير أو التقديس بحفظ الناموس وهذا هو المعنى الحقيقي. لكن اليوم يتم إستخدام الكلمة بمعنى أوسع لوصف ما يُعتقَد أنه ناموس أخلاقي متزمِّت، وأية محاولة لتصنيف بعض الممارسات المحظورة تُعتبر «ناموسيَّة»، وفي واقع الأمر، فإن كلمة ناموس تستعمل الآن كعصاً لصدّ أية قيود تقريباً للسلوك المسيحي أو أية سلبيات. كيف، إذاً، ينبغي على المسيحي التفكير من أجل تجنُّب الخطر المرتبط بالناموسية؟ بادىء ذي بدء، صحيح أن المؤمن قد تحرَّر من الناموس، لكن من المهم أن نضيف وبسرعة أنه ليس بلا ناموس، إنه مرتبط بناموس المسيح، وينبغي أن لا يفعل ما يحلو له بل كما يرضي المسيح. ثانياً، يجب أن نتذكّر بأن العهد الجديد مليء بالوصايا، بما في ذلك عدد لا بأس به من السلبيات، الفرق هو أن هذه الوصايا لم تُعط كناموس مرفقة بعقوبة، إنما أُعطيت كإرشادات للسلوك في البّرِ لشعب ﷲ. بالإضافة لذلك، يمكن أن تكون أموراً مسموحاً بها للمسيحي لكنها لا تكون نافعة، وقد تكون مشروعة، لكنها قد تكون أيضاً مُستَعبِدة (كورنثوس الأولى 12:6)، ومن الممكن أن يكون للمؤمن حرية لعمل شيء ما ولكنه مع ذلك قد يُعثِر شخصاً آخر في عمل هذا الشيء، وفي هذه الحالة يجب أن لاّ يفعل ذلك، وإذا وصفَ أحدهم المحظور على أنه ناموسية فهذا لا يعني أن المحظور سيّء. يستخدم الناس أيضاً كلمة «puritanical» (مُتطهِّر، أو متزمِّت) للتنديد بنمط معيّن من السلوك، لكن سلوك المُتطهِّرين كان أكثر تكريماً للمسيح من كثير ممن ينتقدونهم. في كثير من الأحيان عندما ينتقد المسيحيون أنماط سلوك التقوى المقبولة على أنها «ناموسية» فإن ذلك قد يكون إشارةً على أنهم هم أنفسهم أصبحوا أكثر تساهلاً وأنهم ينحرفون عن مرساتهم الأخلاقية، فهم يتصورون بسذاجة أنهم بقذفِهم الوَحْل على الذين يُدعَون ناموسيين أو متطهرين، قد يبدون هم أنفسهم أفضل. إن سلامتنا تكمن في البقاء على مقربة من تعاليم الكتاب بقدر الإمكان، وليس بمحاولة معرفة كم يمكننا الإقتراب من حافّة الهاوية. |
||||
17 - 05 - 2012, 11:47 AM | رقم المشاركة : ( 112 ) | ||||
† Admin Woman †
|
«إِنْ سَأَلْتُمْ شَيْئاً بِاسْمِي فَإِنِّي أَفْعَلُهُ.» (يوحنا14:14) إن اﷲ يستجيب للصلاة، يستجيب لها تماماً وبنفس الطريقة تماماً مثلنا لو كانت لنا الحكمة المطلقة والمحبة والقدرة، فأحياناً يعطينا ما نريد، وفي بعض الأحيان يستجيب لصلواتنا بسرعة، وفي أحيان أخرى يعطينا ما هو أفضل لكنه دائماً يعطينا ما نحتاج إليه، وأحياناً يستجيب لصلاتنا بسرعة، وفي أحيانٍ أخرى يعلّمنا أن ننتظر بصبر. يستجيب اﷲ للصلاة عندما تكون القلوب ضعيفة أحياناً، ويعطي لأولاده العطايا التي يطلبونها بالضبط، لكن في كثير من الأحيان يجب على المؤمن أن يعرف سلاماً أعمق، ويثق بصمت اﷲ عندما لا يتكلم، لأن الذي إسمه محبة سيُرسل الأفضل. قد تنطفئ النجوم ولا تثبُت الجبال، لكن اﷲ حقٌ ووعوده أكيدة. على أن هناك شروط صلاة للذين يطلبون، فما يظهر غالباً على أنه صك مفتوح (كل ما تطلبون)، فهو مرتبطٌ بشرط (بإسمي). يجب النظر في وعود الصلاة الفردية في ضوء نصوص الكتاب المقدّس حول هذا الموضوع. هنالك أسرار للصلاة. من السهل التفكير في كل أنواع الأسئلة حول «لماذا» وبِ «حيثيات الأمور»، لكن بالنسبة لمعظمها تعتبر هذه الأسئلة غير بنّاءة، وعليه فمن الأفضل الصلاة ومراقبة كيف يعمل اﷲ من محاولة حل كل الأسرار المرتبطة بالصلاة. أُحِب ما قاله الأسقف تِمبل: «عندما أصلّي، تحدث المصادفات، وعندما لا أصلّي لا يحدث شيء». عندما نصلّي إلى الِلّه بإسم الرَّب يسوع، فإنها تكون تماماً كما لو أنه هو يقدّم تلك الطلبات إلى الآب مما يعطي أهمية وقوة لصلواتنا، وهذا هو السبب في أننا لا نستطيع أبداً الإقتراب أكثر من كُليّ القدرة مما عندما نصلّي. بطبيعة الحال، لن نكون كُليّي القدرة أبداً ولا حتى في الأبدية، لكن عندما نصلّي بإسم الرَّب يسوع، نتمسّك بالقوة الأبدية. إن أفضل صلاة تأتي من حاجة قوية في الداخل، هذا يعني أنه كلّما كنا معتمدين على الرَّب أكثر، كلما تكون حياة الصلاة فينا فعّالة أكثر. عندما نصلّي نرى أموراً تحدث، لن تحدث أبداً وفقاً لقوانين الصدفة أو الإحتمال، تجيش حياتنا بقوة خارقة فتصبح مُشعَّة بواسطة الروح القدس، وعندما نؤثر على حياة آخرين يحدث شيء لمجد اﷲ. يجب أن نكون مثل القدّيس الذي قال «أقيس تأثيري بعدد الذين يحتاجون إلى صلواتي وعدد الذين يصلّون من أجلي». |
||||
17 - 05 - 2012, 12:05 PM | رقم المشاركة : ( 113 ) | ||||
† Admin Woman †
|
«وَكَانَ يَسُوعُ يَطُوفُ كُلَّ الْجَلِيلِ يُعَلِّمُ فِي مَجَامِعِهِمْ وَيَكْرِزُ بِبِشَارَةِ الْمَلَكُوتِ وَيَشْفِي كُلَّ مَرَضٍ وَكُلَّ ضَعْفٍ فِي الشَّعْبِ.» (متى23:4) ثمة مشكلة متكرِّرة بين المسيحيين وهي عدم الحفاظ على التوازن السليم فيما بين الكرازة والمشاركة الإجتماعية، فيُتَّهم الإنجيليون عادة باهتمامهم بنفوس الناس دون إبداء إهتمام كاف بأجسادهم، وبعبارة أخرى، أنهم لا يقضون وقتاً كافياً في إطعام الجياع وكسوة العُراة وتطبيب المرضى وتعليم الأميين. إن قول أي شيء ضدَّ أي من هذه الخدمات يكون مثل إنتقاد الأمومة. كان الرَّب يسوع بالتأكيد مهتماً بحاجات الإنسان الجسدية وعلّم تلاميذه بأن يهتموا هم أيضاً بها، وتاريخياً، كان المسيحيون دائماً في المقدّمة بتقديم أعمال الرحمة. ولكن كما هو الحال في مجالات أخرى عديدة من الحياة، فإنها مسألة أولويات. فما هو الأكثر أهمية، هل الزمني أم الأبدي؟ للحكم بحسب هذا الأساس فإن الإنجيل هو المرجع الرئيسي، وقد ألمَح يسوع إلى هذا عندما قال، «هذا هو عمل ﷲ، أن تؤمنوا..»، فالتعليم يأتي بالمشاركة الإجتماعية. إن بعض مشاكل الإنسان الإجتماعية الأكثر إلحاحاً ناتجة عن الديانة الزائفة، على سبيل المثال، هناك أناس يموتون من الجوع لأنهم لا يذبحون بقرة لإعتقادهم أن روح قريب قد تقمّصت في البقرة. وعندما ترسل شعوب أخرى شحنات هائلة من الحبوب فتأكل الجرذان منها أكثر ممّا يأكله الناس، لأنه لا أحد يقتل الجرذان، فهؤلاء الناس مُكبلون بديانة زائفة، والمسيح هو الحلّ الوحيد لمشاكلهم. في محاولة لتحقيق التوازن السليم بين الكرازة والخدمة الإجتماعية، هناك دائماً خطر أن نصبح منشغلين بتقديم «القهوة والكعك» فلن يعود هناك مجالٌ للإنجيل. إن تاريخ المؤسّسات المسيحية يمتلئ بأمثلة كهذه بحيث يصبح ما هو جيّد عدواً للأفضل. إن بعض أشكال المشاركة الإجتماعية مشكوكٌ فيها إن لم يكن في كلها، فالمسيحي ينبغي ألا يشترك أبداً في المحاولات الثورية أو الإنقلابية ضد الحكومة، فإنه من المشكوك فيه، عند اللجوء إلى الوسائل السياسية، أن يكون قادراً على تصحيح الظُّلم الإجتماعي. إن الرَّب لم يقم ولا الرُّسل بمثل هذا، إنما يمكن تحقيق الكثير بواسطة نشر الإنجيل مما يمكن تحقيقه عن طريق سن القوانين. إن المسيحي الذي يترك كل شيء كي يتبع المسيح، والذي يبيع كل شيء كي يعطي الفقراء، والذي يفتح قلبه ومحفظته كلما رأى إحتياجاً، لا يحتاج لتأنيب الضمير لأجل القضايا الإجتماعية. |
||||
17 - 05 - 2012, 12:22 PM | رقم المشاركة : ( 114 ) | ||||
† Admin Woman †
|
«لأَنَّ مَنْ يَزْرَعُ لِجَسَدهِ فَمِنَ الْجَسَدِ يَحْصُدُ فَسَاداً.» (غلاطية8:6) لا أحد يستطيع أن يخطئ ويفلت من العقاب، ونتائج الخطيئة ليس فقط لا مفرَّ منها، بل إنها مريرة للغاية، وقد تبدو الخطيئة كقطةٍ غير مؤذية لكنها في النهاية كالأسد يفترس بلا رحمة. إن بريق الخطيئة المُفترض ينال تغطية واسعة، ونادراً ما نسمع الجانب الآخر منها، وقليلون هم الذين يتركون وصفاً لسقوطهم وبؤسهم اللاحق. هذا ما فعله أحد الكُتّاب الإيرلندييّن اللامعين، فلقد بدأ هذا الرجل ينشغل بالرذائل وأخذت رذيلة تقود إلى أخرى حتى أصبح متورطاً في دعاوى جنائية أوصلته أخيراً إلى السجن، فكتب ما يلي: «لقد أعطتني الآلهة كل شيء تقريباً. كان لي عبقرية واسمٌ مُتميّزٌ، مكانة إجتماعية مرموقة وذكاء وجرأة فكرية، جعلت الفنُ فلسفةً والفلسفةُ فناًّ، غيَّرتُ أفكار الناس ولون الأشياء ولم يكن هناك شيء قلته أو فعلته لم يجعل الناس يتساءلون، عاملت الفن كحقيقة سامية، والحياة كأنها نمط من الخيال، أيقظت مخيلة القَرن ليخلق أسطورة وخرافة من حولي، سخَّرت جميع الأنظمة في عبارة وكل الوجود في قصة ساخرة. وإلى جانب كل هذه الأشياء، كان لدي ما هو مختلف، فقد سمحت لنفسي بأن أُغرى بعمق لفترات طويلة بسهولة بالشهوة التي لا معنى لها، ألهَيت نفسي بالتأنّق كرجل من الطبقات العليا، جمعت حولي المزايا الزهيدة والعقول العادية، وأصبحتُ أنا المُبذّر لعبقرّيتي، وإضاعة شبابي للأبد أعطتني فرحاً غريباً، ولما تعبت من البقاء في القمم إنزلقت عمداً إلى الأسافل بحثاً عن أحاسيس جديدة، وما كان لي مفارقة في مجال الفكر، وقد أصبحت الدعارة متداخلة في مجال العاطفة، والشهوة في النهاية كانت هي الداء أو الجنون أو كليهما معاً، أصبحت لا أهتم بحياة الآخرين، ومارست المتعة كما يرضيني واستمريت على ذلك، نسيت أن كل عمل صغير في اليوم العادي يبني أو يهدم الشخصية، ولذلك ما كان قد عمله الشخص في غرفة سريّة سيُعلن يوماً ما من على السطوح… لقد انتهيت بخزي رهيب». المقالة التي كتبت هذا الإعتراف تحمل إسماً ملائماً «من الأعماق». |
||||
17 - 05 - 2012, 12:23 PM | رقم المشاركة : ( 115 ) | ||||
† Admin Woman †
|
«تُوجَدُ طَرِيقٌ تَظْهَرُ لِلإِنْسَانِ مُسْتَقِيمَةً وَعَاقِبَتُهَا طُرُقُ الْمَوْتِ.» (أمثال12:14) نتعلَّم من سِفر الأمثال، مرّتين (12:14و 25:16)، بأنه لا يمكن الإعتماد على حُكم الإنسان فيما يتعلّق والطريق الصواب، وما يبدو له صحيحاً ينتهي بكارثة وموت. لقد أعطت قيادة سلاح البحرية لطياريها، خلال الحرب العالمية الثانية، مثالاً حياً عن هذا، فقد أرادت أن تطبع في ذهنهم أنهم عندما يحلِّقون على علو مرتفع ولا يستخدمون الأكسجين فإنهم لا يمكنهم الوثوق بحواسهم، فقد طُلب من أحد الطيّارين دخول غرفة تخفيض الضغط لكي يجلس أمام طاولة وضِع عليها ورقة فيها مسائل حسابية، تم سحب الأكسجين من الغرفة لتبدو كما في الإرتفاعات العالية، وعندما قَلَّت كثافة الهواء، طُلب من الطيار أن يحل المسائل، وقيل له أيضاً أنه لم يستطع أحدٌ قبله أن يحلها حتى الآن. ألقى الطيار نظرة سريعة إلى المسائل مع أقصى قدر من الثقة وكأنه تغلَّب على النظام، بدت المسائل سهلة وكان لديه الثقة التامة بأنه سيحصل على العلامة الكاملة، ولم يكن عنده أدنى شك في ذلك. لكن عندما أُعيد ضخّ الأكسجين مرة أخرى إلى الغرفة وخرج ليتمم تصحيح ورقته، عَلِم أن مقدرته لحل المسائل قد هبطت بشكل خطير بسبب نقص الأكسجين الواصل إلى دماغه، وكان الدرس، بطبيعة الحال، أنه إذا حلّق على علو مرتفع دون إستخدام الأكسجين، فلن يكون قادراً على الثقة بحُكمه، وقد يتسبّب بحادث تحطُّم. لقد ضَعُفت مقدرة الإنسان على الحُكم، وبشكل خطير بسبب الخطيئة، فهو يشعر بأنه متأكّدٌ تماماً من أن الطريق إلى السماء هي من خلال القيام بأفضل ما يستطيع، فإذا قلت له أنّ لا أحد يَخلُص قطّ بأعماله الصالحة، فسيبقى عنده كل الثقة بأنه سيكون أول إنسان يتخَطّى هذا النظام، وأنه متأكدٌ من أن اﷲ سوف لا يَطرده عن أبواب السماء. لكن مما لا ريب فيه أنه مخطئ تماماً، وإذا أصرَّ على حاله من نقص في «الأكسجين الروحي» فسوف يهلك، فسلامته تكمن بالثقة في كلمة ﷲ بدلاً من حُكمه هو، فإذا ما أقرَّ بذلك فسيتوب عن خطاياه ويقبل الرَّب يسوع المسيح ربّاً ومخلّصاً له. ولأن كلمة اﷲ حقّ، فإن الذين يؤمنون بها يمكنهم الثقة بأنهم يتبعون الطريق الصحيح. |
||||
17 - 05 - 2012, 12:41 PM | رقم المشاركة : ( 116 ) | ||||
† Admin Woman †
|
«…كَعِيسُو، الَّذِي لأَجْلِ أَكْلَةٍ وَاحِدَةٍ بَاعَ بَكُورِيَّتَهُ.» (عبرانيين16:12) غالباً ما يكون من الممكن مقايضة أفضل قِيَم الحياة بلحظة إشباع لشهيَّة مادية. هذا ما عمله عيسو. فقد كان راجعاً من الحقل مُنهَكاً وجائعاً. في تلك اللحظة كان يعقوب يطبخ وعاءً من حساء العدس الأحمر، وعندما طلب عيسو قِصعَةً من «الشيء الأحمر»، قال يعقوب، في الواقع، «بالتأكيد، أعطيك بعضاً منه إذا بعتني بكورّيتك بالمقابل». لقد كانت البكورية عبارة عن إمتيازٍ قيِّمٍ يعود إلى الإبن البكر في العائلة، وكان الإمتياز قيِّماً لأنه يعطيه في نهاية المطاف مكانة الرئاسة للعائلة أو القبيلة ويعطيه الحق في حصّة مضاعفة من الميراث. لقد اعتبر عيسو أن البكورية ليست ذات قيمة، وفكَّر في نفسه، ما فائدة البكورية لرجل جائع مثلي؟ وقد بدا جوعه قاهراً حتى أنه كان على إستعداد لإعطاء أي شيء تقريباً ليشبع جوعه، ولكي يقضي شهية وقتية، كان مستعداً للتنازل عن شيء ذي قيمة باقية، وهكذا قام بهذه المقايضة الرهيبة. يجري إعادة تمثيل هذه الدراما يومياً تقريباً. ها هو إنسان قد حافظ على شهادته سنيناً طويلة، تمتع بمحبة عائلته الجميلة واحترام شركة المؤمنين، وعندما كان يتكلّم كانت كلماته تحمل سُلطة روحية، وخدمته قد باركها الله. فهو مؤمن مثالي. لكن تأتي لحظة عاطفة شديدة يبدو الحال فيها كما لو أنه هو الذي يتم حَرقه بنيران التجربة الجنسية القوية، وفجأة، يبدو أن لا شيء أكثر أهمية مثل إشباع هذه الرغبة الجسدية، فيتنازل عن مقدرته على التفكير المنطقي ويصبح مستعداً للتضحية بكل شيء في سبيل هذا الإتحاد غير الشرعي. وهكذا يغرق في الجنون! ويستبدل كرامة اﷲ وشهادته وتقدير عائلته واحترام أصدقائه وقوة صفاء صفاته المسيحية بلحظة شهوة، أو كما قال ألكسندر ماكلارين، «ينسى شوقه للِبرّ، ويرمي بعيداً فرح شركته الإلهية، تُظلِم نفسه وينتهي نجاحه ويهبط على رأسه غمراً من الكوارث لبقية حياته، ويجعل من إسمه ومن ديانته هدفاً للتهكُّمات الجارحة لكل أجيال الإستهزاء القادمة، وفي كلمات الكتاب التقليدية، إنه يبيع بُكوريته بخليط من الحساء». |
||||
17 - 05 - 2012, 12:43 PM | رقم المشاركة : ( 117 ) | ||||
† Admin Woman †
|
«حَتَّى مَتَى تَنُوحُ عَلَى شَاوُلَ, وَأَنَا قَدْ رَفَضْتُهُ عَنْ أَنْ يَمْلِكَ عَلَى إِسْرَائِيلَ.» (صموئيل الأول1:16) يأتي وقت في حياتنا حين يتعيَّن علينا التوقُّف عن النَّوح على الماضي ونواصل العمل الحاضر. كان ﷲ قد رفض أن يكون شاول ملكاً، وكان القرار نهائياً لا رجعة فيه. لكن كانت عند صموئيل صعوبة في قبول القرار، فقد ارتبط بشاول إرتباطاً وثيقاً وهو الآن يبكي لرؤية آماله تخيب، وواصل حزنه على الخسارة التي لا يمكن إعادتها البتّة، فقال اﷲ، في الواقع، «كفّ عن النَّوْح، واخرُج وامسَح خليفة لشاول. إن برنامجي لم يفشل، ولديّ رجل أفضل من شاول ليأتي على مسرح تاريخ إسرائيل». كنا نود التفكير بأن صموئيل لم يكن قد تعلّم الدرس لنفسه فقط، بل إنه نقله لداود الذي حلّ ملكاً مكان شاول. على أية حال، لقد أظهرَ داود أنه قد تعلّم الدرس جيداً، فطالما كان رضيعه على وشك الموت، صام وبكى على أمل أن يحفظ اﷲ إبنه، لكن عندما مات الرضيع، استحم وأبدل ثيابه وذهب إلى خيمة الإجتماع ليَعبُد ثم تناول وجبة طعام. قال لأولئك الذين شكَّكوا في واقعيته: «وَالآنَ قَدْ مَاتَ، فَلِمَاذَا أَصُومُ؟ هَلْ أَقْدِرُ أَنْ أَرُدهُ بَعْدُ؟ أَنَا ذَاهِبٌ إِلَيْهِ وَأَمَّا هُوَ فَلاَ يَرْجِعُ إِلَيَّ» (صموئيل الثاني23:12). يوجد في هذا ما يُكَّلم حياتنا المسيحية وخدماتنا، أحياناً قد يحدث أن تُنتَزع منا خدمة ما وتُعطى لشخص آخر، أو نحزن لنهاية إحدى مجالات الخدمة، وربما تُقطع صداقة أو شراكة، ونتيجة لذلك تبدو الحياة فارغة وراكدة. ربما نُصاب بخيبة أمل قاسية لموت عزيز علينا، ونبكي على موت صداقة قيِّمة، أو قد يكون ذلك تحطُّم حلم العمر أو إحباط لطموح ما، فنحن نبكي موتَ طموحٍ نبيلٍ أو رؤيا نبيلة. لا خطأ في الحزن، لكن ينبغي ألا يكون لفترات طويلة لدرجة أنه يشلَّ فعاليتنا في مجابهة تحديات الساعة. لقد قال ستانلي جونز أنه قرر «أن يسترد قواه في غضون ساعة من الحزن الذي يضرب الحياة»، ربما لا تكون ساعةٌ من الزمن بالوقت الكافي لمعظمنا، لكن يجب ألاّ نظلّ غير متقبِّلين للتعزية إلى الأبد على الظروف التي لا يمكن تغييرها. |
||||
17 - 05 - 2012, 12:44 PM | رقم المشاركة : ( 118 ) | ||||
† Admin Woman †
|
«مُلْقِينَ كُلَّ هَمِّكُمْ عَلَيْهِ لأَنَّهُ هُوَ يَعْتَنِي بِكُمْ.» (بطرس الأولى7:5) يمتلئ الكتاب المقدس نسبياً برموز عناية اﷲ الرائعة لشعبه، فخلال رحلة الأربعين سنة التي قضاها بنو إسرائيل في البرية كانوا يأكلون طعاماً من السماء (خروج4:16)، وكانت إمدادات المياه لا تفتر (كورنثوس الأولى4:10)، وتزوّدوا بنِعال لا تبلى أبداً (تثنية 5:29). ينطبق نفس الشيء على رحلتنا البرية، ولإثبات ذلك، يُذكِّرنا ربُّنا بأن عنايته بنا تفوق بكثير عنايته بالطيور وبالأزهار والحيوانات، فهو على سبيل المثال يتكلّم عن العصافير، يزوّدهم بطعامهم (متى26:6) وليس واحد منها منسياً أمام اﷲ (لوقا6:12) ولا يسقط أي منها على الأرض بدون إذنه (متى29:10)، أو كما يقول ه.أ أيرونسايد «يحضُر اﷲ جنازة كل طير»، ومعنى القصة، في طبيعة الحال، هو أننا أكثر قيمة عنده من عصافير كثيرة (متى31:10). فإذا كان يُلبِس زنابق الحقل بأجمل ممّا لبِسَ سليمان، أليس بالحريّ جدًّا يلبسنا نحن؟ (متى 30:6)، وإذا كان يزوّد الثور بإحتياجه، فكم بالحرِّي يهتم بحاجاتنا؟ (كورنثوس الأولى9:9). إن الرَّب يسوع، كاهننا العظيم، يحمل أسماءنا على كتفه مكان القوة (خروج28: 9-12) وعلى صدره مكان العاطفة (خروج28: 15-21)، كما ونُقشت أسماؤنا في راحتي يديه (إشعياء16:49) وهذه حقيقة لا بد أنها تُذكّرنا بجراح المسامير التي تحمّلها لأجلنا في الجلجثة. إنه يعرف العدد الدقيق لشعور رؤوسنا (متى30:10)، يحصي كل حركاتنا في الليل ويحفظ عدد دموعنا في سفْره (مزمور8:56)، «لأَنَّهُ مَنْ يَمَسُّكُمْ يَمَسُّ حَدَقَةَ عَيْنِهِ» (زكريا8:2). «كُلُّ آلَةٍ صُوِّرَتْ ضِدَّكِ لاَ تَنْجَحُ» (إشعياء 17:54). بينما يحمل الوثنيوّن آلهتهم على أكتافهم (إشعياء7:46)، يحمل ربنا شعبه (إشعياء 4:46)، وإذا اجتزنا في المياه أو الأنهار أو النار، فهو يكون معنا (إشعياء2:43). في كل ضيقنا يتضايق (إشعياء 9:63). حارسنا لا ينعس ولا ينام (مزمور3:121، 4)، لقد دعا أحدهم صفة اﷲ هذه «الأرق الإلهي». إن الراعي الصالح الذي بذل حياته لأجلنا لن يمسك أيّ صلاح عنّا (يوحنا11:10، مزمور11:84، رومية32:8). إنه يعتني بنا من أول العام حتى نهايته (تثنية12:11)، وهو يحملنا حتى في شيخوختنا (إشعياء 4:46). إنه في الواقع لن يتركنا ولن يهملنا (عبرانيين5:13). إن اﷲ ليعتني بنا حقاً. |
||||
17 - 05 - 2012, 12:51 PM | رقم المشاركة : ( 119 ) | ||||
† Admin Woman †
|
«وَأُعْطِيكَ ذَخَائِرَ الظُّلْمَةِ.» (إشعياء3:45) عندما جعل ﷲ هذا الوعد لكورش، كان يتكّلم عن كنوز مادية من بلاد الظلمة التي قد يحتلّها كورش. لكننا لا نسيء إلى العدد عندما نأخذ به ونطبّقه بالمعنى الروحي. هناك كنوز قد اكتشفت في ليلة ظلماء في الحياة لم يُعثر عليها في الأيام الوضّاءة بالشمس. وعلى سبيل المثال، يمكن أن يوحي اﷲ بترانيمَ في أحلك الليالي (أيوب10:31)، والتي ما كانت لترنّم أبداً لو كانت الحياة خالية تماماً من التجارب، وهذا هو السبب الذي دفع بالشاعر أن يكتب: كثيرٌ من إحتفالات جذْلة بين أبناء النور ستقول عن ترانيمها العذبة «لقد تعلمتها في الليل» وكثير من الأناشيد المتداولة التي تملأ بيت الآب بكَت أول تدريب لها في غرفة مظلمة هناك ظلام ما، وهذا ما يدعوه ج. ستورت هولدن «أسرار لا يمكن تفسيرها؛ المصائب، الكوارث، والتجارب المفاجئة غير المتوقّعة التي قد تأتي في الحياة والتي لم تكن كل تدابيرنا كافية لدرءها، والحياة مظلمة بسبب الحزن، الخسارة وخيبة الآمال والظلم وسوء فهم الدوافع، والإفتراء»، وعلى ذلك، غالباً ما تكون هذه الأشياء هي التي تجعل الحياة مظلمة. من الناحية الإنسانية، لا أحد منا يختار هذه الظلمة، ومع هذا فإن فوائدها لا تحصى. كتبت لِيزْلي وذيرهيد قائلة: «ككل الناس، أحب وأفضّل أيام الإختبارات المشمسة، عندما تزداد الصحة والسعادة والنجاح، لكنني تعلّمت عن اﷲ والحياة وعن نفسي في ظلام الخوف والفشل أكثر ممّا تعلّمت في أي وقت مضى في الشمس المشعَّه. هناك أشياء مثل كنوز الظلام، الظلام يمرُّ، الشكر للّه، على أن ما يتعلّمه الشخص في الظلام يمتلكه إلى الأبد». |
||||
17 - 05 - 2012, 12:51 PM | رقم المشاركة : ( 120 ) | ||||
† Admin Woman †
|
«الْجَارِيَةُ الَّتِي مِنْ أَرْضِ إِسْرَائِيلَ.» (ملوك الثاني4:5) ليس من الضروري أن يكون الشخص معروفاً بالإسم من أجل تحقيق مآثر عظيمة لأجل الرَّب. في الواقع، لم يتم تحديد هوية بعض الأشخاص بأسمائهم في الكتاب المقدس الذين حظيوا بشهرة خالدة. كان هناك ثلاثة رجال جلبوا المياه لداود من بئر بيت لحم (صموئيل الثاني23:13-17). إعتبر داود العمل تَفانٍ ملحوظاً لدرجة أنه لم يشرب الماء بل سكبه كتقدمة مقدسة، لكن الرجال لم تذكر أسماؤهم، فنحن لا نعرف إسم المرأة العظيمة من شونم (ملوك الثاني4:8-17) لكن سيكون دائماً لها ذِكر أنها شيَّدت غرفة للنبي أليشع. كانت جارية يهودية مجهولة تلك التي بنصيحتها أُرسِلَ نعمان إلى النبي أليشع ليُشفى من البرص (ملوك الثاني5:3-14) إن ﷲ يعرف إسمها وهذا هو المهم في الأمر. مَن كانت المرأة التي دهنت رأس يسوع بالزيت؟ (متى26: 6-13)، لم يكشف متّى عن إسمها، لكن أُعلنت شهرتها في قول ربّنا «اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: حَيْثُمَا يُكْرَزْ بِهَذَا الإِنْجِيلِ فِي كُلِّ الْعَالَمِ يُخْبَرْ أَيْضاً بِمَا فَعَلَتْهُ هَذهِ تَذْكَاراً لَهَا» (عدد13). إن الأرملة الفقيرة التي ألقت بفِلسَيها في الخزانة هي الأخرى من أتباع اﷲ «غير المعروفين» (لوقا2:21)، وهي توضِح الحقيقة بأنه لأمر رائعٍ كيف يمكنك أن تفعل الكثير لأجل اﷲ إذا كنت لا تهتم من الذي يحصل على الشكر. ثم، بالطبع، كان هناك الفتى الذي قدَّم أرغفته الخمسة وسمكتيه للرَّب ورآها تتكاثر لتطعم خمسة آلاف رجل بالإضافة إلى النساء والأولاد (يوحنا9:6)، إننا لا نعرف إسمه لكن ما فعله لن يُنسى أبداً. إليك توضيح أخير! لقد أرسل بولس إثنين من الأخوة إلى كورنثوس مع تيطس بما يتعلَّق والتقدمة المجموعة من أجل الفقراء القدّيسين في أورشليم. إنه لا يعطي إسميهما لكنه يمتدحهما كرسولَي الكنيسة ومجد المسيح (كورنثوس الثانية23:8). عندما نظر جِراي إلى شواهد قبور أناس مجهولين في مقبرة كنيسة ريفية، كتب: زهرات كثيرة تتفتح حُمرتها، تتبدّد حلاوتُها في نسيم الصحراء. ومع ذلك، لا شيء يضيع مع اﷲ، إنه يعرف أسماء جميع المجهولين الذين يخدمونه وهو سيكافؤهم بطريقة جديرة باستحقاقه. |
||||
|