|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
في أن المتناولين بعبادة يمنحون خيرات كثيرة صوت التلميذ 1 – أيها الرب إلهي، "ابتدر عبدك ببركات عذوبتك" (مزمور 20: 4)، لكي أستحق أن أدنو من سرك الجليل بأهليةٍ وعبادة. نبه إليك قلبي، وانتشلني من عمق سباتي، "افتقدني بخلاصك" (مزمور 105: 4)، فأتذوق بالروح عذوبتك، المستنيرة بكل عزارتها في هذا السر كما في ينبوعها. أنر أيضًا عيني، لأتأمل في هذا السر العظيم، وقوني لأومن به إيمانًا لا يشوبه ارتياب. فإنه صنعك لا صنع قوةٍ بشرية، وهو رسمك المقدس، لا اختراع إنسان؛ إذ لا أحد يستطيع، بنفسه، ان يدرك ويفهم هذه الأسرار، التي تفوق حدة أذهان الملائكة أنفسهم. فأنا الخاطئ غير المستحق، أنا التراب والرماد، ماذا يمكنني أن أستقصي وأُدرك، من هذا السر المقدس الجزيل السمو؟ 2 – رب، إني بسلامة قلبي، وبإيمان ثابتٍ صادق، وامتثالًا لأمرك، أدنو منك بثقةٍ واحترام، وأُومن حقًا أنك حاضرٌ هنا في هذا السر، إلهًا وإنسانًا. أنت تريد إذن أن أتناولك، وأن أتحد بك في المحبة. فأنا أبتهل إلى رحمتك، وأسألك أن تمنحني نعمةً خاصة، تجعلني أذوب وأفيض كلي في حبك، فلا أعود ألتمس من بعد تعزيةً ما، خارجًا عنك. فهذا السر السامي والجليل جدًا، إنما هو خلاص النفس والجسد، وعلاج كل سقمٍ روحي: به تعالج رذائلي، وتلجم أهوائي، وتقهر أو تضعف تجاربي، به تفاض نعمةٌ أغزر، وتنمو الفضيلة الناشئة، ويثبت الإيمان، ويوطد الرجاء، وتضطرم وتتسع المحبة. 3 – فلقد طالما جدت بالخيرات -ولا تزال تجود بها- بكثرةٍ في هذا السر، على أحبائك الذين يتناولونك بعبادةٍ يا إلهي، "عاضد نفسي" (مزمور 53: 6)، ومشدد الضعف البشري، ومانح كل تعزيةٍ داخلية. فإنك تفيض فيهم غزارة تعزيتك ليقاوموا المضايق المتنوعة، ومن عمق يأسهم تنهضهم إلى الثقة بحمايتك وتنعشهم وتنير قلوبهم، بنعمةٍ جديدة. حتى إن الذين كانوا، قبل التناول، يشعرون في أنفسهم بالقلق والفتور، يجدون ذواتهم قد انقلبوا إلى حالٍ أفضل، بعد اغتذائهم بهذا الطعام والشراب السماويين. وإنك لتعامل مختاريك بهذا السخاء، حتى يعرفوا حقًا ويختبروا بجلاءٍ مقدار ضعفهم الذاتي، ومقدار ما ينالون منك من الإحسان والنعم؛ فإنهم، من أنفسهم، باردون، قساةٌ، ليست فيهم التقوى؛ أما بك فيستأهلون أن يكونوا حارين، نشطين، أتقياء. فمن يقترب بتواضع من ينبوع العذوبة، ولا يستقي قليلًا من عذوبته؟ أو من يقف بقرب نارٍ عظيمة، ولا يقتبس قليلًا من حرارتها؟ فأنت هو ذاك الينبوع الغزير الفائض بلا انقطاع، وتلك النار المضطرمة على الدوام، التي لا تخبو أبدًا. 4 – وعليه، فإن لم يكن من الجائز لي أن أستقي من ملء هذا الينبوع، ولا أن أشرب منه حتى الارتواء، فأنا، مع ذلك، أضع فمي على فم القناة السماوية، لأنال ولو نقطة يسيرةً جدًا، تنقع ظمأي، فلا أيبس بالتمام. وإن لم أستطع بعد أن أكون بجملتي سماويًا، مضطرمًا مثل الكروبين والسرافين، فإني سأجتهد، مع ذلك، في العكوف على العبادة، وفي إعداد قلبي للحصول ولو على قبسٍ ضئيلٍ من هذه النار الإلهية، بتناولي السر المحيي، بتواضع. وأنت يا يسوع الصالح، والمخلص الجزيل القداسة، تلاف بحلمك ونعمتك كل ما ينقصني، أنت الذي تنازل أن يدعو إليه الجميع قائلًا:" تعالوا إليَّ يا جميع المتعبين والمثقلين، وأنا أُريحكم!" (متى 11: 28). 5 – فإني أكد بعرق وجهي، وأتلوى لآلام قلبي، تثقلني الخطايا، وتزعجني التجارب، أنا مرتبكٌ ومبهوظٌ بكثرة الأهواء الشريرة، وليس من معين، ليس من ينقذ أو يخلص، سواك أنت أيها الرب الإله مخلصي. فإياك أستودع نفسي وكل ما لي، لكي تحفظني وتقودني إلى الحياة الأبدية. فاقبلني حمدًا وتمجيدًا لاسمك، أنت الذي هيأ لي جسده ودمه مأكلًا ومشربًا. فهب لي، أيها الرب إله خلاصي، أن تنمو فيَّ عاطفة العبادة، بمواظبتي على تناول سرك هذا. |
21 - 06 - 2014, 03:19 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الاقتداء بالمسيح - الراهب توماس أكيمبيس
في سمو هذا السر وفي درجة الكهنوت صوت الحبيب 1 – إنك، ولو كانت لك طهارة الملائكة، وبر القديس يوحنا المعمدان، لما كنت أهلًا لقبول هذا السر ولا للمسه؛ لأن استحقاقات البشر، لا يمكن أن تخول الإنسان حقًا بأن يقدس سر المسيح ويلمسه، ويغتذي بخبز الملائكة. عظيمةٌ هي مهمة الكهنة، وعظيمةٌ رتبتهم! فلقد أُعطي لهم ما لم يعط للملائك: فإن السلطان على إقامة الذبيحة، وعلى تقديس جسد المسيح، لإنما هو لأولئك الكهنة فقط، الذين حصلوا على السيامة الشرعية في الكنيسة. فالكاهن هو خادم الله، يستعمل كلام الله بأمر الله وترتيبه، ولكن الفاعل الأهم هنا، والعامل غير المنظور، إنما هو الله، الذي كل شيءٍ يخضع لإرادته، وكل شيءٍ يطيع أمره. 2 – فعليك، في هذا السر السامي جدًا، أن تصدق الله القدير، أكثر من حكمك الذاتي، أو أي دلالةٍ ظاهرة. وعليك، إذن، أن لا تدنو منه إلا بتهيبٍ واحترام. "لاحظ نفسك" (1تيموتاوس 4: 16)، وانظر من هو صاحب الخدمة التي وكلت إليك بوضع يدالأسقف. ها قد أصبحت كاهنًا مقدسًا لإقامة الذبيحة: فاحرص الآن على أن تقرب لله، بأمان وتقوى، هذه الذبيحة في أوانها، وأن تحفظ نفسك بغير لوم. إنك لم تخفف حملك، بل أصبحت مقيدًا بوثاقٍ من النظام أشد إحكامًا، وأصبح واجبًا عليك البلوغ إلى قداسةٍ أعظم. على الكاهن أن يكون متحليًا بجميع الفضائل، فيعطي الآخرين مثال السيرة الصالحة. فليس نهجه نهج الرعاع والعامة، بل هو نهج الملائكة في السماء، أو أهل الكمال على الأرض. 3 – إن الكاهن المتشح بالأثواب المقدسة، ينوب مناب المسيح، ليتوسل إلى الله، بإلحاحٍ وتواضع، عن نفسه وعن جميع الشعب. إنه يحمل، من الأمام ومن الوراء، رسم صليب الرب، ليتذكر آلام المسيح بلا انقطاع. يحمل الصليب على صدره حلته، ليتأمل جيدًا آثار المسيح، ويسعى بنشاطٍ في اتباعها. وهو موسوم بالصليب على ظهره، ليحتمل بوداعة، ومن أجل الله، جميع المعاكسات التي تلحق به من قبل الآخرين. إنه يحمل الصليب أمامه، ليندب خطاياه الخاصة، ويحمله من ورائه، ليبكي بالشفقة خطايا الآخرين أيضًا. وليعلم أنه قد أُقيم وسيطًا بين الله والخاطئ، فلا يفتر عن الصلاة وتقديم الذبيحة المقدسة، حتى يستحق الحصول على النعمة والرحمة. عندما يقدس الكاهن، يكرم الله، ويفرح الملائكة، ويبني الكنيسة، ويساعد الأحياء، ويوفر للأموات الراحة، ويجعل نفسه شريكًا في جميع الخيرات. |
||||
21 - 06 - 2014, 03:20 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الاقتداء بالمسيح - الراهب توماس أكيمبيس
ابتهال لمعرفة ما يجب فعله قبل التناول صوت التلميذ 1 – عندما أُفكر، يا رب، في عظمتك وحقارتي أرتعد جدًا، وأقع في الحيرة. فإن لم أدنُ منك، تباعت عن الحياة، وإن بادرت إليك عن غير أهلية، عرضت نفسي لسخطك. فماذا أصنع يا إلهي وناصري، ومرشدي في الضيقات؟ 2 – علمني أنت سواء السبيل، دلني على إحدى الرياضات الوجيزة، مما يليق بالتناول المقدس. فإنه من المفيد لي أن أعرف بأي عبادةٍ واحترام، يجب عليَّ أن أُعد لك قلبي، لأتناول سرك هذا تناولًا يأول إلى خلاصي، أو لأقيم هذه الذبيحة العظيمة الإلهية. |
||||
21 - 06 - 2014, 03:21 PM | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الاقتداء بالمسيح - الراهب توماس أكيمبيس
في فحص الضمير وفي العزم على إصلاح السيرة صوت الحبيب 1 – ينبغي لكاهن الله، فوق كل شيء، أن يتقدم لتقديس هذا السر ولمسه وتناوله، بتواضع قلبٍ عميق، واحترامٍ وتذلل، وإيمانٍ كامل، ونيةٍ خالصةٍ في إكرام الله. افحص ضميرك فحصًا مدققًا، وطهره ونقيه ما استطعت بالندامة الحقيقية والاعتراف الذليل، حتى لا تعود تشعر بشيءٍ يثقلك أو يبكتك، أو يعوقك عن التقرب بحرية. تأسف على جميع خطاياك عمومًا، وابك وتنهد، على الخصوص، لسقطاتك اليومية. وإن سمح لك الوقت، فاعترف لله، في خلوة قلبك، بكل ما أوصلتك إليه أهواؤك من الشقاء. 2 – تنهد وابك، لكونك لا تزال، حتى الآن، جسديًا بهذا المقدار، مولعًا بالعالم؛ غير مائتٍ عن أهوائك، بل مفعمًا من حركات الشهوات؛ غير ضابطٍ حواسك الخارجية، بل مرتبكًا غالبًا يبكثرة التخيلات الباطلة؛ مائلًا بإفراطٍ إلى الأُمور الخارجية، متوانيًا جدًا عن الداخلية؛ تخف إلى الضحك والعبث، وتقسو عن البكاء وانسحاق القلب؛ تسرع إلى الرفاهية وتنعمات الجسد، وتتباطأ عن التقشف والعبادة. تواقًا إلى استماع الأخبار والنظر إلى الجمالات، نافرًا من تعاطي الأُمور الوضيعة الحقيرة. جشعًا في امتلاك الكثير، شحيحًا في العطاء، مبالغاَ في الحرص. غير متبصرٍ في الكلام، ولا طاقة لك على الصمت؛ غير منضبطٍ في آدابك، ولجوجًا في أعمالك؛ منصبًا بنهمٍ على الطعام، متصامًا جدًا عن كلام الله؛ مسرعًا إلى الراحة، ومتوانيًا عن العمل؛ متيقظًا للخرافات، متناعسًا في الأسهار المقدسة، تتعجل نهايتها، وتسهو عن الانتباه إليها؛ متهاونًا جدًا في تلاوة ساعات الفرض، شديد الفتور في إقامة الذبيحة، كثير اليبوسة في التناول؛ سريع التشتت، نادرًا ما تجمع حواسك وخواطرك بالتمام؛ فوار الغضب فجأة، تسوء الآخرين بكل سهولة؛ ميالًا إلى دينونة القريب، وعنيفًا في توبيخه؛ بطرًا في الرخاء، جزوعًا عند الشدة؛ كثيرًا ما تقصد المقاصد الصالحة، وقلما تسوقها إلى الإنجاز. 3 – فإذا اعترفت بما فيك من هذه النقائص وغيرها، وبكيتها متوجعًا، وتأسفت على ضعفك. فاقصد القصد الثابت، بأن تواظب دومًا على إصلاح سيرتك، وتزداد تقدمًا في الصلاح. ثم قرب ذاتك بملء الاستسلام وكمال الإرادة، محرقة دائمة، على مذبح قلبك، لإكرام اسمي، مفوضًا إليَّ بإيمانٍ جسدك ونفسك، فتستحق بذلك أن تدنو وتقرب لله ذبيحة القداس، وتتناول سر جسدي تناولًا يأول إلى خلاصك. 4 – فإنه لا قربان أكرم، ولا كفارة أعظم، لمحو الخطايا، من أن يقرب الإنسان نفسه لله، في القداس والتناول، قربانًا خالصًا كاملًا، مع قربان جسد المسيح. فإن عمل الإنسان ما في وسعه، وتاب توبةً حقيقية، فكل مرةٍ يقبل إليَّ لأجل الغفران والنعمة، "فحيٌّ أنا -يقول الرب- إن مرضاتي ليست بموت الخاطئ، بل أن يرجع فيحيا" (حزقيال 33: 11)، "لأن خطاياه لن أذكرها من بعد" (عبرانيين 10: 17)، بل تمحى له كلها. |
||||
21 - 06 - 2014, 03:22 PM | رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الاقتداء بالمسيح - الراهب توماس أكيمبيس
في تقدمة المسيح على الصليب وفي تسليم الذات صوت الحبيب 1 – كما أنني قدمت نفسي طوعًا لله الآب من أجل خطاياك، ويداي مبسوطتان على الصليب، وجسمي عريان، حتى لم يبق فيَّ شيءٌ إلا قدمته ذبيحة استعطافٍ لله، كذلك أنت أيضًا، عليك أن تقرب لي نفسك تطوعًا كل يومٍ في القداس الإلهي، قربانًا طاهرًا مقدسًا بكل قواك وعواطفك، وبأعمق ما تستطيع من العبادة. وهل أطلب منك شيئًا آخر، سوى أن تجتهد في تسليم ذاتك لي بجملتك؟ فكل ما تعطينيه، غير نفسك، لا أعبأُ به، لأني إياك أطلب، لا عطاياك. 2 – كما أن جميع الأشياء لا ترضيك، إن لم تحصل عليَّ، كذلك لا شيء مما تعطينيه يستطيع أن يرضيني، إن لم تقرب لي نفسك. قرب لي نفسك، واستسلم بكاملك من أجل الله، فيكون قربانك مقبولًا. ها أنا ذا قد قربت ذاتي كلها للآب من أجلك، بل أعطيتك جسدي ودمي كله قوتًا لك، لأكون كلي لك، وتكون أنت لي على الدوام. ولكن إن بقيت في نفسك، ولم تقرب ذاتك لإرادتي طوعًا، فتقدمتك غير كاملة، ولن يكون بيننا اتحادٌ تام. فإن شئت أن تنال الحرية والنعمة، فعليك، قبل جميع أعمالك، أن تقرب نفسك طوعًا بين يدي الله. وإن كان الذين يبلغون إلى الاستنارة والحرية الداخلية، قليلين جدًا، فما ذلك إلا لكونهم لا يعرفون أن ينكروا ذواتهم إنكارًا كاملًا. حكمي ثابتٌ بأن "من لا يزهد في كل شيء، لا يستطيع أن يكون لي تلميذًا" (لوقا 14: 33). فأنت، إذن، إن شئت أن تكون لي تلميذًا، فقرب لي نفسك مع جميع عواطفك. |
||||
21 - 06 - 2014, 03:22 PM | رقم المشاركة : ( 6 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الاقتداء بالمسيح - الراهب توماس أكيمبيس
في انه من الواجب علينا أن نقرب لله ذواتنا وكل ما لنا، وأن نصلي لأجل جميع الناس صوت التلميذ:- 1 – رب، لك هو كل ما في السماء وعلى الأرض. إن بغيتي هي أن أقرب لك نفسي قربانًا طوعيًا، وأبقى لك على الدوام. رب، إني بسلامة قلبي، أقرب لك اليوم نفسي عبدًا مدى الدهر، تقدمة خضوعٍ وذبيحة حمدٍ أبدي. فاقبلني مع هذا القربان الأقدس، قربان جسدك الكريم، الذي أُقربه لك اليوم بحضرة الملائكة، القائمين هنا قيامًا لا يرى، لكي يكون لخلاصي وخلاص جميع شعبك. 2 – رب، إني أُقرب لك، على مذبحك الاستعطافي، جميع الخطايا والذنوب، التي اقترفتها قدامك وقدام ملائكتك القديسين، منذ يوم أصبحت قادرًا على الخطيئة لأول مرة، حتى هذه الساعة؛ لكي تحرقها جميعًا وتفنيها بنار محبتك، وتمحو جميع أدناس خطاياي، وتنقي ضميري من كل إثم، وتعيد إليَّ نعمتك التي خسرتها بالخطيئة، غافرًا لي آثامي كلها مغفرةً كاملة، وقابلًا إياي برحمتك لقبلة السلام. 3 – ماذا يمكنني أن أصنع للتكفير عن خطاياي، سوى أن أعترف بها وأنوح عليها بتواضع، وألتمس عطفك بلا انقطاع؟ إني أبتهل إليك، فاستجب لي بعطفك، لأني ماثلٌ أمامك يا إلهي. إني متأسفٌ جدًا على جميع خطاياي، ولا أُريد أن أقترفها أبدًا من بعد، بل أنا أبكيها، وسأبكيها ما حييت، وإني لمستعدٌّ أن أتوب وأفي عنها قدر استطاعتي. اغفر لي، يا رب، اغفر لي خطاياي من أجل اسمك القدوس، خلص نفسي التي فديتها بدمك الكريم. ها أنا ذا أُفوض أمري إلى رحمتك، وأستسلم بين يديك؛ فعاملني بحسب صلاحك، لا بحسب شري وإثمي. 4 – إني أُقرب لك أيضًا كل ما فيَّ من خير -وإن قليلًا وناقصًا جدًا- لتنقيه وتقدسه، وتصيره مقبولًا ومرضيًا لديك، وتزيد في كماله على الدوام، وتقتادني إلى نهايةٍ سعيدةٍ حميدة، أنا الكسول البطال، أحقر جميع البشر. 5 – إني أُقرب لك أيضًا جميع ما يتمناه ذوو التقوى من الأماني الصالحة، مع احتياجات والدي وأصدقائي، وإخوتي وأخواتي، وجميع أحبائي، الذين أحسنوا إليَّ أو إلى غيري جبًا لك؛ والذين رغبوا إليَّ أو طلبوا مني أن أُصلي أو أُقدس لأجلهم ولأجل جميع ذويهم، سواءٌ كانوا بعد أحياءً في الجسد، أم غادروا هذا الدهر؛ ليشعروا جميعًا في أنفسهم بمعونة نعمتك، ووفرة تعزيتك، وبحمايتك لهم من الأخطار، وإنقاذك إياهم من الشدائد، حتى إذا نجيتهم من جميع الشرور، يؤدون لك بفرحٍ شكرًا عظيمًا. 6 – إني أُقرب لك أيضًا – وبنوعٍ خاص – هذه الصلوات والقرابين الاستعطافية، لأجل الذين ظلموني في شيءٍ ما، أو أحزنوني أو ذموني، أو ألحقوا بي بعض الضرر أو الغم؛ ثم لأجل جميع الذين قد أكون أحزنتهم أنا أو أزعجتهم أو غممتهم، أو سببت لهم عثارًا بالأقوال أو الأفعال، عن معرفةٍ أو عن جهل. لكي تغفر لنا جميعًا خطايانا وإساءاتنا المتبادلة! انزع، يا رب، من قلوبنا، كل ريبةٍ وسخطٍ وغضبٍ وخصام، وكل ما يمكنه أن يثلم المحبة، أو ينقص المودة الأخوية! ارحم، يا رب، ارحم الذين يلتمسون رحمتك! هب نعمتك للمحتاجين إليها، واجعلنا نعيش عيشةً تؤهلنا للتمتع بنعمتك، والبلوغ إلى الحياة الأبدية، آمين. |
||||
21 - 06 - 2014, 03:23 PM | رقم المشاركة : ( 7 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الاقتداء بالمسيح - الراهب توماس أكيمبيس
في أنه لا ينبغي ترك التناول بسهولة صوت الحبيب 1 – عليك أن تلتجئ بتواترٍ إلى ينبوع النعمة والرحمة الإلهية، إلى ينبوع الصلاح وكل طهارة، لكي تستطيع الشفاء من أهوائك ونقائصك، وتستحق أن تتقوى وتصبح أشد تيقظًا تجاه جميع تجارب إبليس وخدائعه. فإن العدو – لعلمه بأن أعظم الثمار، بل الدواء الأنجح، إنما هو في التناول المقدس – يحاول بكل وسيلةٍ وفي كل فرصة، وبقدر ما يستطيع، أن يعوق ويصد عنه المؤمنين العباد. 2 – فإن من الناس من يشعرون بشر حملات الشيطان، ساعة يستعدون للتناول المقدس. إن هذا الروح الشرير -كما هو مكتوب عنه في سفر أيوب- "يدخل بين بني الله" (أيوب 1: 6)، فيقلقهم بمألوف خبثه، أو يصير بهم إلى الخوف الشديد والحيرة، لينقص محبتهم، أو ينزع إيمانهم بهجماته، عساهم أن يتركوا التناول بالكلية، أو يتقربوا إليه بفتور. ولكن علينا أن لا نكترث لحيله وخيالاته، مهما كانت قبيحةً ومروعة، بل أن نرد على رأسه جميع خيالاته. فإن هذا الشقي يستوجب الاحتقار والسخرية، فلا ينبغي ترك التناول المقدس، لما يقوم به هو من هجماتٍ، أو يثير من اضطرابات. 3 – وكثيرًا ما يعوق الإنسان أيضًا عن التناول، فرط اهتمامه بالحصول على العبادة اللازمة، أو بعض القلق بشأن الاعتراف. إصنع بحسب مشورة الحكماء، واطرح القلق والوسواس، لأنهما يحولان دون نعمة الله، ويهدمان عبادة الروح. لا تهمل التناول المقدس لأدنى اضطرابٍ أو ثقل ضمير، بل أسرع إلى الاعتراف، واغفر للآخرين جميع إساءاتهم بطيبة نفس. وإن كنت أنت قد أسأت إلى أحد، فالتمس الصفح بتواضع، فيغفر الله لك برضى. 4 – أي نفعٍ في تأخير الاعتراف طويلًا، أو في تأجيل التناول المقدس؟ أسرع إلى تنقية نفسك؛ عجل في قذف السم، بادر إلى تناول الدواء، تشعر بأنك أحسن حالًا مما لو تأخرت طويلًا. إن أجلت اليوم التناول لهذا السبب، فقد يعرض لك غدًا سببٌ أهم. وهكذا يمكن أن تعاق طويلًا عن التناول، فتضحي أقل استعدادًا له. فانفض عنك هذا التثاقل والجمود، بأسرع ما يمكن، إذ لا خير في طول القلق، والعيش في اضطرابٍ مستمر، والامتناع عن الأسرار الإلهية، لعوائق تنشأ كل يوم؛ بل على عكس ذلك، فإن تأجيل التناول طويلًا مضرٌّ جدًا، إذ من شأنه، عادةً، أن يولد فتورًا عظيمًا. يا للأسف! إن قومًا من الفاترين المتراخين، يرتاحون إلى تلقي كل عذرٍ لتأخير الاعتراف؛ وهم إنما يبتغون تأجيل التناول المقدس، لئلا يلزموا بتشديد المراقبة على أنفسهم. 5 – أوه! ما أقل المحبة وما أضعف العبادة، في الذين يؤجلون التناول المقدس بمثل تلك السهولة! ما أسعد وما أحظى لدى الله، من عاش حافظًا ضميره في الطهارة، بحيث يكون مستعدًا ومتشوقًا جدًا للتناول، حتى كل يوم، لو جاز له ذلك، واستطاع إتمامه دون أن يلفت إليه الأنظار! إن امتنع أحدٌ أحيانًا عن التناول، لتواضعه أو لعائق صوابي، فتهيبه جديرٌ بالمديح؛ ولكن، إن كان قد دب فيه الفتور، فعليه أن يستحث نفسه، ويعمل ما في وسعه؛ والرب يعضد رغبته، نظرًا إلى إرادته الصالحة، التي إنما ينظر الله إليها على الخصوص. 6 – فإن عاقه عائق صوابي، فإنه يحافظ دومًا على حسن استعداده ونيته التقية بأن يتناول؛ هكذا لا يحرم ثمرة السر؛ لأن كل إنسانٍ ورعٍ يستطيع، في كل يومٍ وفي كل ساعة، أن يدنو ويتناول المسيح تناولًا روحيًا خلاصيًا، من غير مانعٍ البتة. على أنه ملتزمٌ، في بعض الأيام، وفي الوقت المحدد، أن يتناول جسد فاديه في سر القربان الأقدس، باحترامٍ ومحبة، وأن يبتغي حمد الله وإكرامه، أكثر من تعزيته الذاتية. فإنه كلما ذكر، بعبادة، سر تجسد المسيح وآلامه، اضطرم في محبته، يتناول تناولًا سريًا، ويغتذي به على وجهٍ غير منظور. 7 – من لا يستعد للتناول إلا في حلول عيدٍ أو لدى اقتضاء العادة، فكثيرًا ما يكون غير مستعدٍ له. طوبى لمن يقرب نفسه محرقةً للرب، كلما قدس أو تناول! لا تكن، في إقامة القداس، بطيئًا بإفراط، ولا عجولًا بإفراط؛ بل راع العادة الحميدة، المألوفة عند من تعيش معهم. ينبغي لك أن لا تعني وتسئم الآخرين، بل أن تسلك السبيل المألوف، الذي رسمه الأقدمون، وأن تفضل منفعة الآخرين، على إرضاء عبادتك وميلك الخاص. |
||||
21 - 06 - 2014, 03:25 PM | رقم المشاركة : ( 8 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الاقتداء بالمسيح - الراهب توماس أكيمبيس
في أن جسد المسيح والكتاب المقدَّس هما ضروريان جدًا للنفس المؤمنة صوت التلميذ:- 1 – أيها الرب يسوع الجزيل العذوبة، ما أعذب ما تتذوق النفس العابدة، المتنعمة معك في وليمتك، حيث لا يقدم لها طعامٌ آخر تقتات به، سواك أنت حبيبها الوحيد، الذي تشتهيه فوق رغبات قلبها جميعًا! ما أعذب ما يكون لدي، لو أمكنني أن أُذرف في حضرتك دموع الحب العميق، فأبل، مع المجدلية الورعة، قدميك بعبراتي! ولكن أين هي تلك العبادة؟ أين السخاء في تذريف الدموع المقدسة؟ أجل، لقد كان من الواجب أن يضطرم قلبي كله، ويبكي من الفرح فيحضرتك وحضرة ملائكتك القديسين. فإني أجدك حاضرًا حقًا في سر القربان الأقدس، وإن محجوبًا بشكلٍ غريب. 2 – إن عيني لا تقويان على النظر إليك في ضياء جوهرك الإلهي، بل العالم كله لا يستطيع الثبات في مجد عظمتك السني. فأنت إذن، مراعاةً لضعفي، تحجب نفسك في هذا السر. إن من تجسد له الملائكة في السماء، أملكه أنا حقًا وأسجد له؛ لكنني لا أزال بعد أراه بعد بالإيمان فقط، أما هم فوجهًا لوجه ومن غير حجاب. فعليَّ أن أكتفي بنور الإيمان الحقيقي، وأسلك فيه إلى أن "ينسم نهار الضياء الأبدي، وتنهزم ظلال الرموز" (نشيد الأناشيد 2: 17). " فمتى جاء الكامل" (1كورنثيين 13: 10)، بطل استعمال الأسرار، لأن الطوباويين في المجد السماوي، لا حاجة بهم إلى علاج الأسرار. فهم يفرحون فرحًا لا نهاية له في حضرة الله، ويشاهدون مجده وجهًا إلى وجه، وإذ يتحولون من مجدٍ إلى مجدٍ في لجة اللاهوت، يتذوقون كلمة الله الصائر جسدًا، كما كان منذ البدء، وكما سيبقى إلى الأبد. 3 – فعندما أتذكر هذه الغرائب، تنقلب لي جميع التعزيات -حتى الروحية منها- سأمًا ثقيلًا، إذ ما دمت لا أرى ربي معتلنًا في مجده، فكل ما أراه أو أسمعه في العالم، هو كلا شيءٍ عندي. أللهم، أنت لي شاهدٌ أن ما من شيءٍ يستطيع أن يعزيني، ولا خليقةٍ أن توليني الراحة، سواك أنت يا إلهي، الذي أتوق إلى مشاهدته مدى الأبد. ولكن ذلك غير مستطاعٍ لي، ما دمت في هذا الجسد المائت. فما لي إذن سوى أن أُوطن النفس على صبرٍ عظيم، وأن أخضع لك في كل رغبة. فإن قديسيك، يا رب، الذين يتهللون الآن معك في ملكوت السماوات، قد ترقبوا هم أيضًا، مدة حياتهم، بالإيمان والصبر الجميل، إقبال مجدك. فما آمن به أُولئك، فأنا أيضًا أُومن به، وما ترجاه أُولئك، فأنا أيضًا أترجاه، وما بلغ إليه أُولئك، فأنا أيضًا أثق بالبلوغ إليه بواسطة نعمتك. وبانتظار تلك الساعة، "سأسلك في الإيمان" (2كورنثيين 5: 7)، تقويني أمثلة القديسين. "وسأتخذ الأسفار المقدسة، تعزيةً لي" (1مكابيين 12: 9) ومرآة حياة، وفوق ذلك كله، سأتخذ جسدك الأقدس دواءً وملجأً فريدين. 4 – فأنا أشعر بأني محتاج جدًا، في هذه الحياة، إلى شيئين، بدونهما تصبح حياتي هذه الشقية حملًا لا يطاق. ما دمت معتقلًا في سجن هذا الجسد، فأنا أُقر باحتياجي إلى هذين الشيئين، أعني الغذاء والنور. ولذلك قد أعطيتني، أنا الضعيف، جسدك الأقدس قوتًا للنفس والجسد، وجعلت "كلمتك مصباحًا لقدمي" (مزمور 118: 105). لا أستطيع أن أحيا حياةً صالحةً بدون هذين الشيئين: لأن كلمة الله هي نور نفسي، وسرك خبز الحياة. ويمكن أيضًا تسميتهما مائدتين قد أُقيمتا على جانبي خزانة الكنيسة المقدسة. فالواحدة هي مائدة المذبح الأقدس، عليها الخبز المقدس، أي جسد المسيح الكريم. والأُخرى، هي مائدة الشريعة الإلهية، تحوي التعليم المقدس، وتعليم الإيمان القويم، وتقود بأمانٍ إلى داخل الحجاب، حيث قدس الأقداس. فيا أيها الرب يسوع، يا ضياء النور الأزلي، شكرًا لك على مائدة التعليم المقدس، التي هيأتها لنا بواسطة عبيدك الأنبياء والرسل، وسواهم من المعلمين. 5 – شكرًا لك يا خالق البشر وفاديهم، يا من، لكي يعلن محبته للعالم كله، قد أعد عشاءً عظيمًا، لم يقدم فيه الحمل الرمزي مأكلًا، بل جسده ودمه الأقدسين، مفرحًا، بهذه الوليمة المقدسة، جميع المؤمنين، ومسكرًا إياهم بكأس الخلاص، التي فيها جميع لذات الفردوس، وفيها يشاركنا الملائكة القديسون، ولكن بسعادةٍ وغبطةٍ أعظم. 6 – يا ما أعظم وأشرف وظيفة الكهنة! فقد وهب لهم أن يقدسوا رب الجلال بالكلمات المقدسة، وأن يباركوه بشفاههم، ويمسكوه بأيديهم، ويتناولوه بأفواههم، ويوزعوه على الآخرين! آه! كم يجب أن تكون نقيةً تلك الأبدي، وطاهرًا ذلك الفم، ومقدسًا ذلك الجسد، ومنزهًا عن كل وصمة، قلب الكاهن الذي ينزل به مرارًا كثيرةً مبدع الطهارة! إن الكاهن الذي يتناول سر المسيح بهذا التواتر، يجب أن لا يخرج من فمه إلا ما كان مقدسًا وصالحًا ونافعًا من الكلام. 7 – ويجب أن تكون عيناه بسيطتين محتشمتين، فقد ألفتا النظر إلى جسد المسيح، ويداه طاهرتين مرتفعتين نحو السماء، فقد ألفتا أن تلمسا خالق السماء والأرض. فإنه للكهنة خصوصًا قد قيل في الناموس: "كونوا قديسين، لأني أنا الرب إلهكم قدوس" (أخبار 19: 2). 8 – لتعضدنا نعمتك أيها الإله القدير، نحن الذين قبلوا رتبة الكهنوت، لكي نستطيع أن نخدمك بأهليةٍ وعبادة، بكل نقاوةٍ وضميرٍ صالح. وإن كنا لا نستطيع أن نسلك بنقاوة السيرة الواجبة علينا، فهب لنا، على الأقل، أن نبكي بكاءً صادقًا على الشرور التي صنعناها، وأن نخدمك منذ الآن فصاعدًا، بغيرةٍ أعظم، بروح التواضع وعزم الإرادة الصالحة. |
||||
21 - 06 - 2014, 03:26 PM | رقم المشاركة : ( 9 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الاقتداء بالمسيح - الراهب توماس أكيمبيس
في أنه ينبغي لمن عزم على تناول المسيح أن يستعد لذلك باجتهاد عظيم صوت الحبيب:- 1 – أنا محب الطهارة، ومانح كل قداسة. أنا أطلب قلبًا طاهرًا، فهناك موضع راحتي. "أعدد لي عليةً كبيرةً مفروشة، فأصنع عندك الفصح مع تلاميذي" (لوقا 22: 11،12). إن شئت أن آتي إليك، وأمكث عندك، "فاطرح الخمير العتيق" (1كورنثيين 5: 7)، ونق مخدع قلبك. أقص عنه العالم بأسره، وكل اضطراب الرذائل؛ واجلس "كالعصفور المنفرد على السطح" (مزمور 101: 8)، متذكرًا تعدياتك بمرارة نفس. فإن كل محبٍ إنما يعد لحبيبه العزيز، المكان الأفضل والأجمل، إذ بذلك تعرف المودة عند من يضيف حبيبه. 2 – ولكن اعلم أنك باستحقاق أعمالك لا تستطيع أن تستعد الاستعداد الكافي، ولو خصصت له سنةً كاملة، لا يشغل فيها فكرك شيءٌ آخر. فإن أُذن لك بالتقرب من مائدتي، فما ذلك إلا بفضل حنوي ونعمتي، كما لو دعي متسولٌ إلى وليمة غني، وهو لا يملك ما يكافئ به الإحسان، سوى التذلل والشكر. اصنع ما في وسعك، واصنعه بنشاط، لا على سبيل العادة أو عن اضطرار، بل اقبل، بمخافةٍ واحترامٍ ومحبة، جسد الرب إلهك المحبوب، الذي يرتضي أن يأتي إليك. أنا هو الذي دعاك، أنا أمرت بذلك، فأنا أُكمل ما ينقصك: فهلم تناولني. 3 – إذا منحتك نعمة العبادة، فاشكر الله لا لأنك تستحقها، بل لأني رحمتك. وإن لم تكن لك تلك النعمة، بل كنت بالحري تشعر باليبوسة، فالزم الصلاة، وتنهد واقرع، ولا تكف حتى تؤهل لنيل فتيتةٍ أو قطرةٍ من هذه النعمة الخلاصية. إنك أنت المحتاج إليَّ، لا أنا المحتاج إليك. لست أنت تأتي لتقدسني، بل أنا آتي لأقدسك وأجعلك أفضل حالًا. أنت تأتي لتتقدس مني، وتتحد بي، وتنال نعمة جديدة، تضرمك ثانيةُ لإصلاح نفسك. لا تهمل هذه النعمة، بل أعدد قلبك بكل نشاط، وأدخل إليك حبيبك. 4 – بيد أنه من الواجب عليك، لا أن تستحث نفسك على العبادة قبل التناول فحسب، بل أن تحرص أيضًا على حفظها بعد قبولك هذا السر. فإن المحافظة على العبادة بعد التناول، ليست بأقل لزومًا من حسن الاستعداد قبله. لأن حسن المحافظة بعد التناول، هو أيضًا خير استعدادٍ للحصول على نعمةٍ أعظم. فمن انصب في الحال بإفراطٍ على التسليات الخارجية، عاد منها سيئ الاستعداد جدًا. إجتنب كثرة الكلام، وامكث في الخلوة متنعمًا بإلهك، فإن في حوزتك من لا يستطيع العالم كله أن ينزعه منك. لي أنا يجب أن تسلم ذاتك كلها، بحيث لا تعود تعيش من بعد في ذاتك، بل فيَّ أنا، خاليًا من كل هم. |
||||
21 - 06 - 2014, 03:27 PM | رقم المشاركة : ( 10 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الاقتداء بالمسيح - الراهب توماس أكيمبيس
في أنه ينبغي للنفس العابدة أن تتوق بكل قلبها إلى الاتحاد بالمسيح في سر القربان الأقدس صوت التلميذ:- 1 – رب، "من لي بك فأجدك" (نشيد الأناشيد 8: 1) وحدك، وأفتح لك قلبي كله، وأتنعم بك كما تشتهي نفسي، "فلا يذمني أحد، ولا تزعجني أو تنظر إليَّ خليقةٌ البتة، بل أنت وحدك تخاطبني وأنا أُخاطبك، كما هي عادة الحبيب في مخاطبة حبيبه، والصديق في مؤاكلة صديقه! إن ما أطلب وما أشتهي، هو أن أتحد كلي بك، وأن أُجرد قلبي عن كل الخلائق، وأتعلم، بالتناول المقدس والمواظبة على إقامة الذبيحة، أن أزداد تذوقًا للأُمور المساوية والأبدية. آه! أيها الرب إلهي، متى أصير بجملتي متحدًا بك، وغارقًا فيك، وناسيًا ذاتي تمام النسيان؟ هب لي أن تكون أنت فيَّ وأنا فيك، وأن نبقى أبدًا على هذه الوحدة. 2 – " أنت حقًا حبيبي: من بين أُلوفٍ اخترتك" (نشيد الأناشيد 5: 10)، ولقد سرت نفسي بالسكنى فيك جميع أيام حياتها. أنت حقًا مانح السلام لنفسي، إذ فيك السلام الأعظم والراحة الحقيقية، وليس خارجًا عنك إلا تعبٌ ووجعٌ وشقاءٌ لا حد له. "أنت حقًا الإله المتحجب" (أشعيا 45: 15)، ومشورتك ليست مع الكافرين بل "إلى المتواضعين والمستقيمين نجواك" (أمثال 3: 32). آه! ما أعذب روحك يا رب! فإنك، لكي تعلن عذوبتك لبنيك، تتنازل وتقوتهم بخبزٍ لذيذٍ جدًا، ينزل من السماء. "حقًا إنه ما من أُمةٍ أُخرى -مهما عظمت- لها آلهتها قريبةً منها، مثلما أنت، يا إلهنا" (تثنية الاشتراع 4: 7). حاضرٌ بين جميع مؤمنيك، تهب لهم ذاتك مأكلًا ونعيمًا، لتعزيهم كل يوم، وترفع قلوبهم إلى السماء. 3 – أي أُمةٍ أُخرى، لها من المجد مثل ما للشعب المسيحي؟ أم أي خليقةٍ تحت السماء، هي محبوبةٌ كالنفس العابدة، التي يأتي إليها الله ليشبعها بجسده المجيد؟ يا لها نعمةً تعجز البيان! يا له من تنازلٍ عجيب! يا له حبًا لا يقاس، قد خص به الإنسان دون سواه! ولكن بماذا أُكافئ الرب عن هذه النعمة، وعن هذه المحبة السامية؟ ليس لي تقدمةٌ أبذلها، وتكون أكثر مرضاةً لإلهي، من أن أسلم له قلبي تسليمًا كاملًا، وأن أتحد به اتحادًا صميمًا. وعندما تتحد نفسي بالله اتحادًا كاملًا، فحينئذٍ تتهلل أحشائي جميعها. حينئذٍ يقول لي: إن شئت أنت أن تكون معي، فأنا أُريد أن أكون معك! فأُجيبه أنا: ارتض، يا رب، أن تقيم معي، فأنا أُريد بكل سرورٍ أن أكون معك، ورغبتي كلها، إنما هي أن يكون قلبي متحدًا بك. |
||||
|