11 - 07 - 2013, 02:15 PM | رقم المشاركة : ( 111 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الصليب (موضوع متكامل)
إذن يجب أن تبقى أقوال الشاهدين فى موضع الشبهات حتى تتوفر لدينا شهادات متفقة يحق أن تؤخذ حجة على المتهم ، ولكن الأدلة التى عندنا تقودنا إلى اتجاة آخر غير هذا . فإن الذى قاله يسوع ، حسب رواية البشير يوحنا هو : " أنقضوا هذا الهيكل وفى ثلاثة أيام أقيمه " ويضيف الكاتب إلى هذا : ( وأما هو فكان يقول عن هيكل جسده ) . إن عبارة " ثلاثة أيام " .... تكررت فى أكثر من حديث ، خذ مثلا الشواهد الثلاثة التى وردت فى بشارة مرقس الرسول : " وابتدأ يعلمهم أن ابن الأنسان ينبغى أن يتألم كثيرا ويرفض من الشيوخ ورؤساء الكهنة والكتبة ويقتل ، وبعد ثلاثة أيام يقوم " ( مر 8 : 31 ) . " لأنه كان يعلم تلاميذه ويقول لهم أن أبن الأنسان يسلم إلى أيدى الناس فيقتلونه ، وبعد أن يقتل يقوم فى اليوم الثالث " ( مر 9 : 31 ) . " ها نحن صاعدون إلى أورشليم وابن الأنسان يسلم إلى رؤساء الكهنة والكتبة ، فيحكمون عليه بالموت ويسلمونه إلى الأمم ، فيهزأون به ويجلدونه ويتفلون عليه ويقتلونه ، وفى اليوم الثالث يقوم " ( مر 10: 33 ) . إن السيد المسيح هنا يؤكد على حتمية قيامته من الموت بعد ثلاثة أيام ، هذا هو جوهر حديث السيد المسيح عن انتصاره على الموت ، أما عدد الأيام الثلاثة – التى اتخذها الشهود الحانقين المعاندين – وجعلوا منها تهمة ، فهى ليست القضية فى تخطيط السيد المسيح فى عملية الفداء التى كان يستعد لها . بقى أن نلقى نظرة على الظاهرة الغريبة الأخرى فى هذه المحاكمة ، فإن يسوع الناصرى قد حكم عليه بالموت ، لا بناء على أدلة المدعين عليه ، بل على اعتراف انتزع منه انتزاعا بعد أن استحلفه رئيس الكهنة . ويبدوا لنا جليا أنه بعد استماع أقوال الشهود ورفض شهادتهم ، اتخذت اجراءات القضية اوضاعا شاذة غير قانونية ، وموضع عدم المشروعية أن رئيس المحكمة حاول بتوجيه الأسئلة مباشرة إلى المتهم ، أن يتلمس الأسباب اللازمة للحكم عليه مما عجز عنه الشهود أنفسهم . وهذا يناقض تناقضا تاما حرفية القانون القضائى اليهودى وروحه ، وقد كان مرماه أن يحوط حياة المواطن اليهودى بكل أسباب الضمان . فإن إقامة الدعوى فى قضية عقوبتها الموت كانت موكولة بحسب الشريعة اليهودية إلى الشهود دون سواهم ، فكانت مهمتهم أن يلقوا القبض على المتهم ، وأن يجيئوا به إلى ساحة القضاء ، وكانت مهمة المحكمة أن تصون حقوق المتهم بكل الوسائل الممكنة ، وتبذل كل جهد فى تمحيص أقوال الشهود واصدار حكم عادل لا تحيز فيه على الأدلة التى يتقدمون بها . ونظرة واحدة إلى نص الرواية فى هذه القضية تدلنا على أن المتهم فيها لم يفز بهذه الحصانة القضائية . ويبدو هذا من لهجة الحنق والغيظ التى وجه بها رئيس الكهنة سؤاله إلى المتهم بعد أن تهدمت أقوال الشهود : " أما تجيب بشىء ؟ ماذا يشهد به هؤلاء عليك ؟ " ولعل الأعتراض لم يكن على هذا السؤال فى حد ذاته ، فقد كان من حق المسيح كمتهم أن يدلى بأى أقوال أو حقائق دفاعا عن نفسه . كان من اللائق أن يسأل إذا كان لديه شىء يعلق به على أقوال الشهود . أما الذى يسترعى أنظارنا فهو العداء المكشوف نحو المتهم ، وهو نذير بما سيجىء بعد هذا السؤال ، فإن رئيس الكهنة كشف عن نواياه ، وأزال كل المظاهر التى تلبس القضية شكلها القانونى الظاهر على الأقل . ذلك أن قيافا وهو واقف فى مكانه وسط المحكمة وجه إلى يسوع القسم الأعظم فى الدستور العبرانى : " أستحلفك بالله الحى " ( متى 26 : 63 ) ولم يكن بد أن يجيب يسوع وهو اليهودى التقى النقى المحافظ على الشريعة صونا لحرمة هذا القسم العظيم : وقد جاء بكتاب المشنة اليهودى : " إذا قال قائل : أستحلفك بالله القادر على كل شىء ، أو بالصباؤوت ، أو بالعظيم الرحيم ، الطويل الأناة ، الكثير الرحمة ، أو بأى لقب من الألقاب الإلهية ، فإنه كان لزامل على المسئول أن يجيب " . وكان السؤال الذى وجهه قيافا رئيس الكهنة إلى المسيح مباشرا صريحا ، مجردا عن المصطلحات العبرانية الخاصة : " أأنت المسيح ؟ أتدعى أنك أنت هو الآتى ؟ " ولم يكن المتهم بأقل صراحة من سائله ، وهذه هى النصوص الثلاثة لاجابته : " أنا هــــو " ( مرقس 14 : 62 ) . " أنت قلـــت " ( متى 26 : 64 ) . " أنتم تقولون إنى أنا هـــو " ( لوقا 22 : 70 ) . لقد نطق يسوع بإجابته فى شىء كثير من التصميم والحزم . ونرى قيافا قد سر بعد أن حصل من المتهم نفسه على هذا الإقرار الهائل الخطير . ويكاد المرء يسمع رنة الفوز والظفر فى صوته وهو يلتفت إلى الأحبار وشيوخ الشريعة قائلا : " ما حاجتنا بعد إلى شهود ؟ قد سمعتم التجاديف ! أبصروا أنتم " والقارىء اليقظ المتنبه لما يسمى بالحقائق الخفية الدفينة فى القصة ، يرى لذة ومتاعا فى تطور القضية هذا التطور الفجائى وبلوغها هذه الذروة المفجعة . المعروف أن جماعة الصدوقيين الأقوياء الذين ينتمى إليهم رئيس الكهنة كانوا قد وطنوا العزم على إبعاد يسوع من طريقهم . ولا تتحقق أغراضهم هذه إلا بعقوبة الموت . ومن الغريب أنه مع هذا التصميم ، لم يسعهم الأكتفاء بقضية ثبت فيها التجديف أو الشعوذة ، لأن قيافا كان عليه أن يبتعد بنظره الثاقب إلى آخرين من غير طائفته ، إلى جماعة المعارضين فى مجلس السنهدريم ، وإلى أحكام الشريعة الموسوية ، وإلى ذلك الحاجز المنيع الذى أقامته روما من قوتها وتسامحها . ولم يكن أحد أكثر من قيافا يعرف النتائج السياسية والشخصية التى تترتب على مجىء المسيا الذى ترقبته الأمة اليهودية . فإن هذا معناه ظهور نوع من الملكية يكون مقامها فى أورشليم والمقادس الأخرى . ومعناه أيضا تحدى السلطات الرومانية فى كل البلاد ، وثورة الشعب عن بكرة أبيه ، وقيلم حملة تأديبية مريعة على يد قائد رومانى أشبه بتلك الحملة المريعة التى حدثت بعد هذا التاريخ بأربعين عاما ودمرت المدينة تدميرا . وقد كان قيافا رئيس الكهنة سياسيا أريبا وداهية ماكرا حين قال لقومه : " خير أن يموت إنسان واحد عن الشعب ولا تهلك الأمة كلها " ( يو 11 : 50 ) . |
||||
11 - 07 - 2013, 02:15 PM | رقم المشاركة : ( 112 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الصليب (موضوع متكامل)
أما النتائج الشخصية التى قد تصيب قيافا على أئر مجىء المسيا المنتظر – ( مع الأخذ فى الأعتبار نظرة اليهود لدور المسيا المنتظر بأنه مخلصهم الأرضى وليس سماويا ) – لم تكن أقل خطورة من تلك النتائج السياسية ، لابد أن يطرأ تغيير على دستور مجلس السنهدريم الأكبر عند حلول النظام الميساوى ، وأن سيادة رئيس الكهنة لا بد أن تزول ، ولا بد أن الحاكم الحقيقى سيكون هو المسيا ، وسيكزن مطلق التصرف فى توجيه سياسة أمته كمنقذ قومى وكمندوب سام لإله إسرائيل !!! ....لهذا فإن ظهور المسيا قد أزعج كثيرين ممن يهمهم بقاء الأحوال الراهنة ، ولعلنا نذكر مذبحة أطفال بيت لحم عندما علم هيرودس بميلاد يسوع الطفل . كان لا بد من اختلاق تهمة أخرى غير هذا التهديد البليد بنقض الهيكل وإعادة بنائه ، أو حتى بأن يسوع هو المسيح ، تهمة يرضى عنها بيلاطس الوالى الرومانى ويصدر فيها الحكم بالموت . كان الأتهام كله على وشك أن ينهار لولا فطنة قيافا وذكائه – الشرير - الذى استنبط فورا وسيلة لإنقاذ الموقف ، وكانت إجراءاته غير قانونية ، ولكنها كانت الضربة الأخيرة اليائسة من رجل كادت تطيش السهام كلها التى أعدها فاستنجد بقسم الشهادة ، الذى كان يعتبر حتى الصمت عنده تهمة لا تغتفر ، وقد أفلحت الحيلة أكثر مما قدر لها ، لأن فى الجواب الجرىء " أنا هــو " ! الركن القوى لإثبات تهمة شنيعة أمام الوالى الرومانى . وقد يتغاضى قيصر عن أقوال داعية يسند لنفسه حقا دينيا يهتم به أبناء البلد المحتل ، ولكن لن يقدر أن يتغاضى عن شخص يطالب لنفسه بالعرش !! ... وبسرعة اقتحم قيافا فكر بيلاطس : " إن أطلقت هذا فلست محبا لقيصر ! " . يالرياء ونفاق اليهود ، فى السابق أرادوا أن يوقعوا السيد المسيح فى مشكلة الجزية ، وهل يجوز أن تعطى لقيصر أم تمنع عنه ، محاولين استغلال أى إجابة بالموافقة أو النفى ، فإذا وافق السيد على الجزية اعتبروه غير وطنى ، وإن رفض أوشوا به لقيصر ... السيد المسيح بجانب حبه لرسالته إلى المنتهى ، فهو محب لبلده إلى أقصى درجة ، ولكنها ليست هى القضية التى جاء من أجلها ، إن قضيته الأساسية هى خلاص العالم ، وبعد ذلك كل شىء يمكن أن يجىء بشخصيات سياسية أو عالمية ، .... . |
||||
11 - 07 - 2013, 02:16 PM | رقم المشاركة : ( 113 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الصليب (موضوع متكامل)
حوادث قبل منتصف الليل ...... ( ليلة الجمعـــــة ) . إن اعتبارات الزمن لعبت دورا حاسما فى تقرير الحوادث التى سبقت موت المسيح .... يتعين علينا ونحن ندرس تلك التفاصيل أن تكون عيوننا دائما ترقب الساعة .... لا سيما حينما نقترب من عنصرين هامين فى القضية وهما المفاوضات التى قام بها زعماء اليهود مع يهوذا ، ثم مباحثاتهم مع بيلاطس البنطى ...... لنبدأ أولا بقضية : يهــــــــــــوذا الأسخـــريوطى : ترى .. لماذا يظهر يهوذا فى القصة فجأة ؟ ويسوع بنفسه يقول : " إن أبن الأنسان ماض كما هو مكتوب ........! " وما الذى كان فى وسعه أن يقدم لرؤساء الكهنة مما كان عسيرا عليهم أن يفعلوه بحكم وظائفهم ؟ بل ما الداعى إلى انفاق هذا المبلغ الضئيل ثمنا للدم فى سبيل الحصول على خدمته ؟ من السخف أن نحسب يهوذا مجرد مخبر عام تطوع لإرشاد السلطات إلى المخبأ الذى آوى اليه من كان صديقا من قبل ، فإن يسوع لم يكن مختبئا ، ومنذ اللحظة التى وصل فيها إلى بيت عنيا عصر يوم الجمعة لم يفعل شيئا لإخفاء حركاته .. فحضر حفلة العشاء التى أقيمت تكريما له فى بيت سمعان الأبرص إما مساء السبت أو مساء الثلاثاء ، وانطلق إلى أورشليم على مرأى القوم فى ثلاثة أيام متتالية ( الأحد والأثنين والثلاثاء ) وكان يعود منها إلى بيت عنيا فى مساء كل يوم ليبيت هناك . لم يخفى السيد المسيح شيئا من تحركاته سوى مكان أكل الفصح ، ليتمم الطقس حسب الشريعة بهدوء ويؤسس سر الأفخارستيا ... وبعد ذلك عاد إلى البستان وهو مكان معروف لكثيرين أن السيد المسيح يختلى فيه مع تلاميذه للصلاة أولتفسير الأمثال . من السخرية أن أن نفترض أن زعماء اليهود جهلوا حركاته وانتقالاته بينما عرفت ذلك جماهير الشعب الذين أحاطوا به وزحموه فى طرقات أورشليم فى صباح يوم الأحد . ما من شك فى أنهم مقره جيدا ، وكان هينا عليهم أن يبعثوا رسلهم سرا وبسرعة إلى بيت عنيا لالقاء القبض عليه فى أى مساء من تلك الليالى الأربعة العصيبة . فلماذا لم يفعلوا هذا ؟ وما الذى حملهم على أنتظار معونة يهوذا ؟ جرت عادة الشراح أن يجيبوا عن هذه الأسئلة بما دونه الأنجيل بقولهم إن الخوف من الشعب هو الذى حملهم على هذا الموقف المحاذر ، وهذا حق ... فإن الخوف من الشعب كان له أئر كبير فى نفوس زعماء اليهود ، وما درى أحد كيف كانت تتطور القضية وأى عواقب كانت ستنشأ ، لو أن الزعماء ألقوا القبض عنفا وعلانية على شخص حسبه فريق كبير من الشعب المسيا الذى أعلنت عنه النبوات . لقد فعل الزعماء فعلتهم وهم يصوبون أبصارهم إلى الرأى العام الذى حسبوا له كل حساب . ولكننا نضيف سببا آخر .... إن وراء الخوف الظاهرى المعترف به من الشعب ، خوفا آخر أشد وأعمق – خوفا يعلل كل ترددهم وتذبذبهم ، حتى بلغت أسماعهم المذهولة رسالة رحبوا بها أيما ترحاب – ونعنى بذلك الخوف من السيد المسيح . لا نستطيع أن نضع شيوخ اليهود بمعزل عن القيود والخرافات التى شاعت فى عصرهم ، كما أننا لا ننكر أن شهرة يسوع كانت قد ذاعت بين الناس ، وعلا اسمه بين القوم وسمت شخصيته . وتناقلت الألسن قصص معجزاته فى إعادة البصر للعميان وشفاء المشلولين . وانتشرت هذه الأنباء على أورشليم من كل أجزاء البلاد ، وسلم بها الناس حتى فى الأوساط العليا . ويخيل إلينا أن معاصريه لم يرتابوا فى أن لديه بعض القوى الخارقة التى لم يألفوها فى جيلهم . أن هناك هالة من الغموض الشديد قد انعقدت حول شخص يسوع ، إن ما كنا ننتظره من قوم يملكون زمام السلطة فى موقف خطير ، أن يقوموا بإلقاء القبض على يسوع وهو فى الهيكل ، من الحقائق البارزة فى هذه القصة أن السيد المسيح ظل مسيطرا على الموقف كله إلى النهاية . أن زعماء اليهود قد خافوا أن تتدخل قوة غريبة فتأخذه من بين أيديهم ، فيعجزوا فى آخر الأمر عن إلقاء القبض عليه ، إلى أن حانت الساعة الحادية عشرة من ليلة يوم الجمعة . والظاهر أن لقاءهم بيهوذا قد هون عليهم الأمر ، إن يهوذا هو أقرب الأشخاص للسيد المسيح بحكم التلمذة ، ويستطيع أن يقدم لهم النصيحة فى حالة تعرضهم لأى شىء ممكن يحدث لهم من جانب يسوع ، لو استعمل معهم قوته الخارقة !!! وقد قيل فى هذا : " لما سمعوا فرحوا ووعدوا أن يعطوه فضة ، وكان يطلب كيف يسلمه فى فرصة موافقة " ( مر 14 : 11 ) . ولو تتبعنا سير الحوادث كما دونت فى البشائر ، لرأينا أن هذه المقابلة تمت على أقرب تقدير يوم الثلاثاء بعد حفلة العشاء فى بيت سمعان الأبرص ، ومع ذلك لم يتمكنوا من القيام بأية حركة ، ولم يتبدل ترددهم عزما إلا فى يوم الخميس ليلا ، لما أسرع يهوذا من العلية إلى نقل الأنباء إليهم . عند ذلك قاموا بعملهم الحازم . ولنفرض أن التفاهم بين يهوذا ورؤساء الكهنة قد تم على هذا النحو : " نحن قد اعتزمنا القبض عليه يوم الخميس ليلا ، فابق معه حتى تثق تماما من كل حركاته ، ثم تعال سريعا واخبرنا ، وعلينا بقية الأمر " . ... ولكننا نلاحظ أن بضع ساعات مضت بين الزمن الذى انسحب فيه يهوذا من العلية التى تناولوا فيها العشاء وبين وصول العسكر المجج بالسلاح إلى بستان جثسيمانى ، فما التعليل التاريخى لهذا الأبطاء ؟ فلنتأمل هذا الموقف مليا وننظر إلى غرابته ، لأنه حافل بالأشياء الغريبة حقا التى لا يمكن تعليلها بغير ذلك . إننا لا نتصور مثلا أن يغرق التلاميذ على التو فى النعاس بمجرد وصولهم إلى البستان ، وهم يعلمون أن أحداثا خطيرة ستقع هذه الليلة ! لم نعهد الطبائع البشرية على هذا النحو من الجمود والأستكانة ، لا بد من تعليل لهذه الفترة الطويلة التى بلغ مداها ثلاث ساعات ، فى مأساة خطيرة متشابكة الحوادث كهذه . ولزام علينا أن نعرف ما الذى كان يفعله يهوذا طيلة هذه المدة ... إننا نثق أن يسوع قد أتى إلى العالم من أجل هذه الساعة ، لما خرج يهوذا من العلية للقيام برسالة بريئة فى ظاهرها ، عرف يقينا بأمرين : عرف أن يسوع ذاهب إلى بستان جثسيمانى ، وعرف أيضا أن روحه آخذة فى الجنوح نحو الصليب ، لقد نفذ السيد المسيح عزمه على تسليم نفسه بأسلوب بارع ودقيق ، وهو العالم بنفسيات البشر وميولهم ...!! إن يسوع لم يبد أى مقاومة أمام الجند واليهود ، لأن رغبته ومزاجه وقتئذ كان أميل إلى الأستسلام والخضوع لصالبيه ..... . ومهما تكن ألفاظ الحديث ونصوصه الذى دار بين يهوذا ورؤساء اليهود ، فلا شك أنه كان فى شىء من هذا المعنى : " هو يفكر فى الموت ويتحدث عنه ، وهو الآن ذاهب إلى البستان عند سفح جبل الزيتون ويبقى هناك حتى أوافيه . فهيئوا أمركم على عجل وأنا سآخذكم إليه " . لابد أن نأخذ بهذا الأستنتاج فنحن نعلم أن يهوذا قاد الحملة المأمورة بالقبض على يسوع – إلى بستان جثسيمانى دون أن يخطىء الطريق على الرغم من الظلمة فى هذه الساعة المتأخرة من الليل ، ونعلم أيضا أن يسوع انتظر فى ذلك البستان على الرغم من إرهاق تلاميذه ، والظاهر أنه كان متأهبا لأن ينتظر هناك حتى مطلع الفجر . وقراءة يوحنا 13 : 13 ، 28 ، 29 ، تزيد فى رجحان الصدق فى هذه القصة ، يبدو أن كل تلميذ من تلاميذ السيد المسيح كان يظن بأن يهوذا كان مكلفا من قبل باقى التلاميذ بشراء لوازم للعيد ، فاضطر إلى التغيب عنهم بعض الوقت . كان بستان جثسيمانى مكانا لائقا لموعد اللقاء ، لأنه يقع فى المثلث القائم بين الطريقين الرئيسيين على أكتاف جبل الزيتون إلى تلك الضاحية الصغيرة ، ويؤدى ذانك الطريقان الجبليان ، علاوة على الطريق الرئيسى المتاخم للبستان ، إلى بيت عنيا . الأرجح أن يهوذا فضل أن يذهب إلى دار رئيس الكهنة لأنهاء الأتفاق معه ، ويؤجل مهمته الأخرى لشراء لوازم العيد ، لأنها مهمة قابلة للتأجيل . ترى ماذا كان تأثير هذا التصرف من قبل يهوذا على قيافا والصدوقيين ؟ الذين كان همهم الأكبر القضاء على يسوع . إن أمرين جوهريين فى الموقف تغلبا على كل اعتبار آخر فى سياسة القوم : الأول : أنه كان من أفدح النكبات لسمعتهم ومصلحتهم أن يبدأوا محاولة فاشلة للقبض على يسوع فى ذلك المكان . فإنه لو فشلت محاولتهم لعوامل خارقة للطبيعة ، لكان الخطب فادحا لا يمكن مداوته . |
||||
11 - 07 - 2013, 02:16 PM | رقم المشاركة : ( 114 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الصليب (موضوع متكامل)
والثانى : أنه كان من الخطر عليهم أن يقبضوا على يسوع ثم يضطرون إلى تأجيل محاكمته مدة السبعة الأيام التى قررها عيد الفصح . ولم يكن فى وسعهم الأعتداء على هذا التقليد بأى حال من الأحوال . وكانت أورشليم فى أيام الفصح بسبب ازدحامها بالغرباء والزائرين ، تتهيج لأقل الأشياء وتعمد إلى الثورة والأضطراب لأتفه الأسباب ، وربما كان لهم أن يركنوا إلى الذهول المؤقت الذى يطرأ على الرأى العام على أئر حادثة خطيرة كالقبض على يسوع ، ولكن لا يلبث أن يعقب ذلك رد الفعل بعد بضع ساعات . وبينما هم يواجهون هاتين المشكلتين ، جاء يهوذا الأسخريوطى فى ساعة متأخرة من ليلة الخميس بنبأ خطير أصلح موقفهم إزاء هذه المشكلة ، وزاد صعوباتها عشرة أضعاف ..! أصلح موقفهم لأنه أكد لهم إمكان القبض عليه ، ولكنه زاد صعوباتهم لأنه حمل النبأ فى ساعة متأخرة ، وكان عليهم أن يواجهوا أمر القبض بما انطوى عليه من أخطار قد يكون فيها القضاء على سمعتهم وكرامتهم وكيانهم فى الشعب . السؤال الذى كان محل البحث : هل فى الأمكان القبض على يسوع ومحاكمته وضمان تنفيذ حكم الأعدام فيه قبل مغيب شمس الغد ؟ . كان أمام رئيس الكهنة أن يتشاور مع زعماء الأحزاب المختلفة التى تألف منها مجلس السنهدريم ، .... وهناك شىء أخطر من هذا ، ما هو ؟ لأبد أن مخابرة قد جرت بين زعماء اليهود وبين بيلاطس البنطى الوالى الرومانى ، قبل إصدار الأمر بالقبض عليه ، هل يمكن أن نصدق أن قضية خطيرة مثل هذه تعرض على بيلاطس فى صباح يوم الجمعة ، بدون سابق علمه ، وقبل التأكد من استعداده للنظر فيها ؟ بالنسبة لؤساء الكهنة كان الأمر جوهرى جدا أن يضمنوا ، ولو فى ساعة متأخرة من الليل ، رضاء الوالى الرومانى وتعاونه معهم . وبرغم أن البشائر الأربعة لم تذكر شيئا عن هذا الموضوع ، إلا أن هناك حالة صغيرة الحجم ولكنها كبيرة المقدار : عندما نرى أن بيلاطس عدل عن العادة المألوفة فى مثل هذه الأحوال ، وتقدم بنفسه إلى اليهود وذلك إرضاء لتقاليدهم الطقسية التى قضت عليهم بعدم دخول فناء الغريب فى ذلك اليوم . وعلتهم فى ذلك أن الوقت لم يعد يسمح بالتطهير الواجب قبيل الفصح ومعنى هذا لولا أن قضية يسوع عاجلة وخطيرة ، لما عقد بيلاطس مجلس الحكم فى ذلك اليوم ، فإنه من السخف فى سير الحوادث العادية ، أن يعقد مجلس الأحكام القضائية فى يوم تقضى طبيعة الأشياء أن يتغيب فيه كبار الموظفين والشهود . وكون بيلاطس لم يجلس على منصته فى ذلك اليوم ، ويتقدم بلا تردد ظاهر لسماع القضية فى الفناء خارج دار الولاية – يدل على أن بينه وبين الزعماء تفاهما من نوع ما .... من جهة أخرى كانت الصعوبات القانونية هائلة – فانعقاد المحكمة فى هزيع الليل ، وانعقاد السنهدريم فى جلسة كاملة فى صباح الغد – كل هذه استدعت تفكيرا جبارا وتنظيما عاجلا ... ثم .. أفى وسعهم إقناع بيلاطس أن يتمكن من تنفيذ حكم الأعدام قبل حلول العيد ؟ أيرضى بيلاطس أن ينظر فى القضية بالظروف والملابسات التى يفرضونها على هذا النحو ؟ أتراه يلح على إجراء محاكمة كاملة ، أم يكتفى بالتصديق على قرار أصدرته محاكمهم الخاصة ؟ وما هو المقابل المادى أو الفائدة الأدبيه لبيلاطس ( على أقل تقدير ) مقابل ذلك . كما أن محاكمة المتهمين اليهود أمام الوالى الرومانى ، كانت تستدعى الحصول على موافقة بيلاطس الشخصية ورضائه قبل إعداد الجدول. لم يكن فى أورشليم كلها غير انسان واحد يجرؤ بحكم وظيفته على مقابلة بيلاطس فى ساعة متأخرة من الليل فى الوقت المخصص لراحته ، سوى قيافا رئيس الكهنة ، والأرجح أنه هو الذى قام بهذه المهمة . فهو ، دون سواه ، يستطيع أن يدلى ، بحكم مركزه السامى وسلطته الرسمية ، بالأسباب التى تؤيد هذه المحاكمة . إذا كانت هذه الزيارة – التى لم يذكرها الأنجيل – قد تمت ، فسيكون لها شأن فى تعليل بعض الحوادث الغامضة علينا أثناء محاكمة السيد المسيح ، ونقصد مسلك بيلاطس الغريب ( وكذلك زوجته ) فى يوم الجمعة الذى تقرر فيه مصير السيد المسيح . |
||||
11 - 07 - 2013, 02:16 PM | رقم المشاركة : ( 115 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الصليب (موضوع متكامل)
الجمعــــــة العظيمــــــــة وأحداث الصـــــــــــــلب يخطىء كل من يزعم أنه يواجه أمرا هينا عند بحث محاكمة يسوع الناصرى أمام بيلاطس الوالى الرومانى ، فإن الأمر غامض ودقيق ... والشىء الغريب فى هذه القصة ، لا نجده فى مسلك اليهود ولا فى مسلك المتهم نفسه ، بل فى مسلك بيلاطس ، وجدير بنا أن نقرأ ما كتبه الرسل فى البشائر الأربعة ، حول محاكمة رب المجد ، نقرأ ما كتب أكثر من مرة ، لنقف على أكبر مهزلة تاريخية نسجها الأطراف الثلاثة : يهوذا الخائن ، واليهود العميان ، وبيلاطس المهزوز . ولنلق نظرة على بيلاطس ، ذلك الجندى الفظ غير المثقف ، تقول بعض التقاليد أنه تزوج من " كلوديا بروشلا " وهى حفيدة أغسطس قيصر ، وهذا الزواج كان له الفضل فى وصول بيلاطس واليا على اليهودية ، وبعد نيله هذه الوظيفة السامية طلب أن يؤذن له بامتياز أن يأخذ زوجته معه ، وهذا الأمر لم يكن مصرحا به لولاة الرومان . كان المعروف عن بيلاطس أنه رجل خشن فظ ، تعوذه الحنكة والسياسة ، وتطغى على عقله عوامل العناد والقسوة ، أعطى سلطانا فلم يحسن سياسته ، تسبب فى مشاكل كثيرة مع الأمة اليهودية ، ولسنا هنا بصدد البحث فيها ... إنما يكفى الأشارة لبيلاطس وشخصيته من خلال تلك الكلمات القليلة التى دونها عنه المؤرخون . قلنا أن هناك مقابلة – المفترض أنها تمت – بين رئيس الكهنة وبيلاطس ، كذلك فإن هناك شيئا آخر يؤيد تلك القصة ، ذلك أن كلوديا بروشلا زوجة بيلاطس كانت فى القصر الهيردسى تلك الليلة ، ومما له مغزاه الخطير أن يسجل الأنجيل هذه الأشارة الوحيدة التى تناقلتها الأجيال عنها فى هذه المأساة ، فيقال عنها : " انها حلمت عن يسوع المسيح فى الليلة السابقة لموته " . وإذ نتتبع المحاكمة الرومانية سائرة حسب الأصول التقليدية التى بموجبها قدم اليهود - يسوع المسيح – متهما فى صباح الجمعة دون تدبير سابق ، فإننا لا نجد معنى للأشارة إلى بروشلا .. وتبدو لنا القصة فى هذه الحالة عارية عن المنطق ، بعيدة عن كل احتمال ، أما حين نضع الأمور فى نصابها ونرتب الحوادث فى تسلسلها الطبيعى فتكون كالآتى : كان بيلاطس ليلتها فى أورشليم ، للأقامة مدة العيد العشرة ، بحكم مسئوليته المباشرة عن الأمن العام فى مثل هذه المناسبات ، ومن المحتمل أن تكون كلوديا قد قدمت معه ، وكان من الطبيعى أن يقضى بيلاطس وزوجته وقتا طويلا معا للتحدث والتسامر وهما فى هذه المأمورية ..... فإذا أتفقنا أن زيارة يهوذا لقيافا تمت الساعة الثامنة أو التاسعة من مساء الخميس ، وأن القبض على يسوع كان فى حوالى الساعة الحادية أو الثانية عشرة من مساء الخميس ، فإننا نستنتج أن زيارة قيافا لبيلاطس كانت حوالى مابين التاسعة إلى الحادية عشرة من يوم الخميس مساءا ، وإلا فكيف تمكن رؤساء الكهنة من تقديم القضية إلى الوالى فى صباح اليوم التالى ، وحمله على النظر فيها يوم الجمعة صباحا ؟ . لسنا ندرى كيف حصل اليهود على رضاء الوالى الرومانى للنظر فى القضية على وجه السرعة بعد إخطار قصير الأجل ، إلا إذا سلمنا أن قوة شخصية وسلطة يهودية عليا لعبت دورها فى الألحاح والأقناع . لنفترض أن قيافا قد تعرض لموضوعين أئناء مباحتاته مع بيلاطس : الموضوع الأول : أنه سيتم القبض على مهيج سياسى خطير ، ومن الصالح العام أن تتم محاكمته فى صباح اليوم التالى ، وأن يكون الحكم بأقصى عقوبة ، وتم اشتئذان بيلاطس أن تعرض القضية عليه فى صباح الجمعة ، حتى يتسنى إصدار الحكم وتنفيذه قبل مغيب الشمس وحلول العيد . الموضوع الثانى : هل يتنازل بيلاطس فى هذا الظرف الخاص ، ويخرج من ساحة القضاء إلى مقابلة الوفد الذى سيجىء اليه بالمتهم وبقرارات المحكمة اليهودية ؟ . ربما يكون الحديث قد استغرق حوالى النصف ساعة ، عاد بعدها بيلاطس إلى مخدعه ، وهنا قص على زوجته موضوع زيارة رئيس الكهنة ، والأتفاق الذى تم لمحاكمة يسوع فى اليوم التالى ، ..... وحينما آوت كلوديا إلى مضجعها فى تلك الليلة وذهنها مشغول بحقد اليهود على يسوع البرىء ..... فلما استيقظت فى الصباح بعد حلم أليم ومزعج ، ورأت زوجها قد غادر القصر ، عرفت أين ذهب ، وعرفت القضية الدقيقة التى تحتم عليه اليوم أن يفصل فيها ، وفى تلك اللحظة ، بعثت إليه برسالة – تكاد تكون أشبه برسالة برقية فى قصرها وسرعتها – نقلت فيها إليه أفكارها ومخاوفها ، وما ينبغى عليه أن يفعل فى القضية " إياك وذلك البـــــــار ، لأنى تألمت اليوم كثيرا فى حلم من أجلـــــــه " . إن ما يلفت النظر ، هو أن الحلم ما كان ليزعج بروشلا على هذا النحو عند يقظتها فى الصباح الباكر لو لم تكن قد عرفت وأيقنت أن هناك اتفاقا قد تم بين قيافا وبيلاطس على الحكم على يسوع بأقصى عقوبة وهى الصلب ... !! ولو لم يضمن قيافا أن بيلاطس سينفذ الحكم أو يصدره ، ما كان قد أقدم على القبض على يسوع بهذه السرعة ، وآثر التربص إلى وقت آخر . ولو وضعنا ماجاء فى روايات البشائر الأربعة فى صفحة واحدة ، ثم نقارن بينها ، نجدها مجمعة على واحد وهو أن بيلاطس سأل يسوع : " أأنت ملك اليهود ؟ " . والمهم فى الأمر هنا أن البشارتين المتقدمتين فى التاريخ لم تشيرا قط حتى إلى نوع التهمة التى أقامها اليهود أمام بيلاطس . فمتى ومرقس بما عهد فيهما من الأيجاز فى القول والبعد عن التبسيط فى الحوادث ذكرا أن بيلاطس سأل هذا السؤال الهام مباشرة ، دون أن تسبقه مقدمات تدعو إليه : رواية متى الرسول رواية مرقس الرسول " ولما كان الصباح تشاور جميع رؤساء الكهنة وشيوخ الشعب على يسوع حتى يقتلوه . فأوثقوه ومضوا به ودفعوه إلى بيلاطس البنطى الوالى ...... فوقف يسوع أمام الوالى فسأله الوالى قائلا : " أأنت ملك اليهــــــــــــود ؟ " . " وللوقت فى الصباح تشاور رؤساء الكهنة والشيوخ والكتبة والمجمع كله ، فأوثقوا يسوع ومضوا به وأسلموه إلى بيلاطس . فسأله بيلاطس : " أأنت ملك اليهــــــــــــــــــود ؟ " . رواية يوحنا البشير رواية لوقا الأنجيلى " فخرج بيلاطس إليهم وقال : أية شكاية تقدمون على هذا الأنسان ؟ أجابوا وقالوا له : لو لم يكن فاعل شر لما كنا قد سلمناه إليك . فقال لهم بيلاطس : خذوه أنتم واحكموا عليه حسب ناموسكم . فقال له اليهود : لا يجوز لنا أن نقتل أحدا . ليتم قول يسوع الذى قاله مشيرا إلى أية ميتة كان مزمعا أن يموت . ثم دخل بيلاطس أيضا إلى دار الولاية ودعا يسوع وقال له " أأنت ملك اليهــود ؟ " . " فقام كل جمهورهم وجاءوا به إلى بيلاطس . وابتدأوا يشتكون عليه قائلين : إننا وجدنا هذا يفسد الأمة ، ويمنع أن تعطى جزية لقيصر ، قائلا إنه هو مسيح ملك . فسأله بيلاطس قائلا : " أأنت ملك اليهود ؟ " . من سياق ماورد ذكره بالبشائر الأربعة ، نستطيع أن نرتب تفاصيل المحاكمة مع الوالى الرومانى كالآتى : عـــــرض لأفتـتـــــاح المحاكمـــــــة " ثم جاءوا بيسوع من عند قيافا إلى دار الولاية لكى لا يتنجسوا فيأكلون الفصح " . تقديم المتهم إلى بيلاطـــس : " فخرج بيلاطس إليهم وقال : أية شكاية تقدمون على هذا الأنسان " . طلب بيلاطس إقامة الدعــوى : " أجابوا وقالوا : لو لم يكن فاعل شر لما كنا قد سلمناه إليك " . تمنع اليهود عن إقامة الدعوى : " فقال لهم بيلاطس خذوه أنتم واحكموا عليه حسب ناموسكم " . رد بيلاطـــــــس : " فقال له اليهود لا يجوز لنا أن نقتل أحدا . وابتدأوا يشتكون عليه قائلين : اننا وجدنا هذا يفسد الأمة ، ويمنع أن تعطى جزية لقيصر ، قائلا إنه هو مسيح ملك " . جواب الكهنة تهمة مرتجلـة : " ثم دخل بيلاطس أيضا إلى دار الولاية ودعا يسوع وقال له : أأنت ملك اليهود ؟ . سؤال بيلاطـــــس للمتهـــــم : أول الترتيبات للمحاكمة كان إحضار يسوع من دار رئيس الكهنة قيافا إلى باب القصر ... ، وعند الوصول للقصر ينتظر الجميع بالخارج لدقائق ريثما تبحث الوثائق والمستندات ، وبعد ذلك يقاد المتهم ، مخفورا بجندى رومانى ، إلى قاعة البلاط التى يجلس فيها بيلاطس ، أما الوفد والمرافقون له فيبقون خارجا . وهنا نأتى إلى النقطة التالية ، خروج بيلاطس بنفسه إلى الوفد اليهودى وسألهم : " أية شكاية تقدمون على هذا الأنسان ؟ وقد كان هذا السؤال دليلا لا شك فيه على أن بيلاطس اعتزم إعادة النظر فى القضية ، مما أثار حنق رؤساء الكهنة – لأن جوابهم عليه كان خاليا من اللياقة : " لو لم يكن فاعل شر ، لما كنا قد سلمناه إليك " . وكأن باليهود يودون أن يقولوا لبيلاطس : أما تكتفى بالتحقيق الذى أجرته محكمتنا التى اتضح لها أن هذا الأنسان فاعل شر ؟ ولماذا تريد البحث من جديد ما دمنا قد وجدناه مستحق للموت ؟ . وقد أجاب بيلاطس جوابا ماكرا لبقا : " خذوه أنتم واحكموا عليه حسب ناموسكم " . وأبتدأ اليهود يلفقون تهما سياسية للسيد المسيح لأحراج بيلاطس : إننا وجدنا هذا يفسد الأمة ويمنع أن تعطى جزية لقيصر قائلا إنه مسيح ملك ...! " . حينئذ دخل بيلاطس إلى القصر ووجه إلى السيد المسيح هذا السؤال التاريخى : " أأنت ملك اليهود ؟ " . |
||||
11 - 07 - 2013, 02:16 PM | رقم المشاركة : ( 116 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الصليب (موضوع متكامل)
المسيح أمام هيرودس :
عندما علم بيلاطس أن يسوع تابع لولاية الجليل حتى أرسله إلى هيرودس الذى كان هو أيضا فى أورشليم فى تلك الأيام ( لوقا 23 : 5 – 7 ) . " ولما رأى هيرودس يسوع ابتهج ابتهاجا عظيما ، لأنه كان يتوق لأن يراه منذ زمن بعيد ، بسبب ما كان يسمعه عنه ، وكان يود أن يرى إحدى العجائب التى تجرى على يديه ، وقد سأله بكلام كثير ، ولكنه لم يجبه بشىء ...... " . " فهزأ به هيرودس مع جنوده ، وسخر منه ، وألبسه ثوبا براقا ، ثم أعاده إلى بيلاطس ، فأصبح بيلاطس وهيرودس صديقين فى ذلك اليوم ، وقد كانت بينهما من قبل عداوة " ( لو 23 ) . " إننا لا نغفل هنا رسالة " كلوديا " زوجة بيلاطس العاجلة له ، ربما كان بيلاطس يريد إنهاء المحاكمة بالتصديق على حكم الأعدام حسب اتفاقه المسبق مع قيافا، ولكن تحذير زوجته له أدى إلى : محاولته إقناع اليهود أن ينفذوا الحكم بأنفسهم .....، وثانيا محاولته إطلاق المتهم ثلاث مرات .... ، وثالثا نراها فى إحالة القضية إلى هيرودس ، ونراها أخيرا فى اللحظة الخطيرة التى عجز فيها عن إسماع صوته وسط ضجيج الجماهير فأخذ ماء وغسل يديه معلنا أن لا يد له فى القضية . وهكذا خار بيلاطس لدى سماعه التهديد بتدخل قيصر ، وهكذا انتهت المعركة بين اليهود وبيلاطس بهزيمة الوالى الرومانى ، وانتصار الأرادة اليهودية ، .... وفى داخل بيلاطس انكسار وغيظ من تسلط اليهود ، حتى أنه انفعل عندما أرادوا تغيير عنوان اللافتة : " هذا ملك اليهود " قائلا لهم : ما كتبت فقد كتبت – وانكشف فى النور بيلاطس الحقيقى بعد أن ولت ساعة السمو والأرتفاع فى أزمة شخصية لم تقو فيها نفسه على معاناة التجربة . |
||||
11 - 07 - 2013, 02:16 PM | رقم المشاركة : ( 117 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الصليب (موضوع متكامل)
السيد المسيح يخرج للصلب : كان من العادة أن ينصب القائم الرأسى للصليب فى مكان الصلب ، ويحمل المحكوم عليه بالصلب العارضة الأفقية للصليب ، من سجنه إلى مكان صلبه فى موكب يسبقه قارعو الطبول .. وذلك كنوع من تخويف الشعب ، ولقد كان الصليب والمصلوب عليه لعنة عند اليهود " ملعون كل من علق على خشبة " ( غلاطية 3 : 13 ) .... ولهذا كانوا ينزلون المصلوب من على الصليب ويخلعون الصليب من الأرض ، القائم الرأسى والعارضة الأفقية كليهما قبل حلول المساء : " فلا تبت جثته على الخشبة بل تدفنه فى ذلك اليوم . لأن المعلق ملعون من اللـه " ( تثنية 21 : 23 ) . خرج السيد المسيح وهو حامل صليبه فى طريقه إلى هضبة الجلجثة أو الجمجمة التى يعتقد أن جمجمة آدم مدفونة تحتها وهذه الهضبة تقع خارج أورشليم عند بوابة جنات عند ملتقى الطريقين القادمين من أريحا والسامرة . رافق السيد المسيح فى موكبه لصان .... كان قد حكم عليهما بالصلب من مدة ، أما السيد المسيح فلم تراع معه القاعدة القانونية التى تنص على أن يحجز المحكوم عليه بالأعدام فى السجن لمدة عشرة أيام يتم فيها الأعلان فى المدينة أن من لديه مايبرىء هذا المتهم فليتقدم به ، وكان هذا الأستعجال بالنسبة لتنفيذ الحكم فى السيد المسيح ناجما عن خوف رؤساء الكهنة من أن يعلم أتباعه فيحدثون شغبا ... أو على الأقل يتقدموا إلى بيلاطس بما يحمله على إطلاق سراح السيد المسيح أو إعادة محاكمته . حمل كل من اللصين العارضة الأفقية الخاصة به فى سهولة ، أما السيد المسيح ذو الجسد المثخن بالجراح ، والدماء التى تنزف من كل جزء منه ... كان فى حالة من الأعياء والتعب حتى أنه سقط تحت ثقل العارضة الأفقية ثلاث مرات ... ولما رأى الجنود أنه لا يسير معهم بالسرعة الكافية ، وربما خشوا من أن يموت قبل أن يتم صلبه ، سخروا أحد الواقفين على جانبى الطريق وأسمه " سمعان القيروانى " ( وهو أبو الكسندر وروفس المعروفين فى الدوائر الكنسية فى روما ( مرقس 15 : 21 ) ( رومية 16 : 13 ) وقد كان عائدا من الحقل لكى يحمل الخشبة بدلا من السيد المسيح . وفى الطريق رأته نساء أورشليم فبكين إشفاقا عليه لمنظره المؤثر :" أخرجن يابنات صهيون وأنظرن الملك سليمان بالتاج الذى توجته به أمه فى يوم عرسه وفى يوم فرح قلبه ... " ( نشيد الأناشيد 3 : 11 ) فخاطبهن السيد المسيح ملمحا إلى خراب أورشليم : " يابنات أورشليم لا تبكين على ، بل أبكين على أنفسكن وعلى أبنائكن لأنه هى ذى أيام تأتى سيقولون فيها ما أسعد العواقر والبطون التى التى لم تلد والثدى التى لم ترضع " وتقدمت واحدة منهن إسمها " فيرونيكا " تمسح وجهه الملطخ بالدماء والطين بمنديلها ، فكافأها بأن طبعت صورة لوجهه واضحة المعالم على المنديل ( وهى صورة إيجابية وليست سلبية كالمطبوعة على كفن السيد المسيح ، وكذلك هى للوجه فقط دون باقى الجسد ) . وعندما وصل الموكب إلى مكان الصلب ألقى سمعان العارضة الأفقية ، وبدأت على الفور إجراءات الصلب ، وكانوا يقدمون مخدرا من خمر رخيصة ممزوجة بمر للمحكوم عليهم بالصلب حتى يتخدروا ولا يقاوموا أثناء عملية الصلب ، ولكن السيد المسيح رفض أن يشرب هذه الكأس لأنه لن يقاوم إذ جاء بإرادته إلى الصليب ... ولأنه يريد أن يشرب كأس الآلام إلى منتهاها . ( متى 27 ، مر 15 ، لو 23 ، يو 19 ) . |
||||
11 - 07 - 2013, 02:17 PM | رقم المشاركة : ( 118 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الصليب (موضوع متكامل)
الصـــــلب : كانت تتم عملية الصلب فى العادة بأن يعلق المصلوب على الصليب بربط يديه ورجليه بالحبال ، ويترك حتى يموت ، أما السيد المسيح فقد ثبت على الصليب بأن دقوا مسامير فى يديه ورجليه ، وقد عبر زكريا النبى عن هذا بعد أن رآه بروح النبوة " فيقول له ما هذه الجروح فى يديك ، فيقول هى التى جرحت بها فى بيت أحبائى " ( زكريا 13 : 6 ) – ولم يفهموا أن ما ربطه على الصليب ليس هو المسامير وإنما حبه لخلاصنا . صلبوه بين لصين كزعيم للأشرار " جعل مع الأشرار قبره " ( اشعياء 53 : 9 ) " أحصى مع أثمة " ( أشعياء 53 : 12 ) . وضعوا على الصليب لافتة مكتوبا عليها باللغات العبرانية واليونانية واللاتينية " يسوع الناصرى ملك اليهود " . وجلس عند الصليب أفراد الكتيبة ينتظرون موت السيد المسيح ويقتسمون فيما بينهم الأشياء التى كانت تخصه ... وأخذوا القميص أيضا ، وإذ كان بغير خياطة منسوجا كله من أعلاه إلى نهايته ، قال بعضهم لبعض " لا نشقه " بل نقترع عليه لمن منا يكون ، كى يتم قول الكتاب " اقتسموا ثيابى بينهم ، وعلى قميصى أقترعوا " . وهذا ما فعله الجند وهذا النص ورد فى المزامير " اقتسموا ثيابى وعلى ردائى ألقوا قرعة " ( مزمور 22 : 18 ) . |
||||
11 - 07 - 2013, 02:17 PM | رقم المشاركة : ( 119 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الصليب (موضوع متكامل)
أحداث وقت الصلب : بمجرد أن صعد السيد المسيح على صليبه ... حدثت فى الطبيعة ظواهر غير عادية ... فقد حصل كسوف للشمس وحدثت ظلمة على وجه الأرض التى بدأت تموج فى نبضات متتابعة من الزلازل إستمرت طوال فترة الصلب ، والمعروف علميا أنه لا يمكن أن يحدث كسوف للشمس حينما يكون القمر بدرا .... ولا يمكن أن يستمر الكسوف لمدة ثلاث ساعات ... الأمر الذى حير ديونيسيوس الأريوباغى العالم والفيلسوف اليونانى ابن قاضى قضاة أثينا .... وكان فى هذا الوقت يدرس الفلك فى مصر فلما رأى هذه الظاهرة انزعج وقال قولته الشهيرة " إما أن إله الطبيعة وضابط الكون متألم أو أن قوانين الكون قد اختلت ونهاية العالم قد أوشكت " . ويقول الأنجيل للقديس لوقا : " فلما رأى قائد المائة ما حدث مجد الله قائلا " حقا كان هذا الأنسان بارا " . لقد أدرك قائد المائة ( لونجينوس ) من مظاهر الطبيعة غير العادية ، أن يسوع المسيح قد صلب غدرا وظلما ، ولذلك تحركت الطبيعة معلنة إحتجاجها على هذا الظلم فأعربت عن ذلك إعلانا وأحتجاجا على الظلم الذى وقع على يسوع المسيح فهتف معترفا ببراءة المصلوب . وهذا القول هو غير ما قاله فيما بعد بعدما رأى الدليل على ألوهية السيد المسيح فقال " حقا كان هذا الأنسان هو أبن الله " ( متى 27 ، مر 15 ) . وأيضا " كل الجموع الذين احتشدوا عند هذا المشهد لما رأوا ما حدث رجعوا وهم يقرعون صدورهم " . حدثت هذه الظواهر غير العادية فى الطبيعة الجامدة مشاركة منها لربها فى الآمه ..... ومعلنة غضبها على صالبيه ، وبعدما تم الفداء أشرقت الشمس من جديد فى نحو الساعة التاسعة " ويكون فى ذلك اليوم إنى أغيب الشمس فى الظهر وأقتم الأرض فى يوم نور " ( عاموس 8 : 9 ) . " بل يحدث أنه فى وقت المساء يكون نور " ( حزقيال 14 : 7 ) . وفى الظلمة أيضا إشارة إلى حجب الأب لوجهه عن السيد المسيح كذبيحة خطية وإثم ، وكذلك إشارة إلى الظلمة الروحية التى إلتحف بها اليهود " فإنى لا أريد أيها الأخوة أن تجهلوا هذا السر لئلا تكونوا عند أنفسكم حكماء وهو أن عمى قد حصل لجانب من إسرائيل إلى أن يكون قد دخل ملء الأمم ( رومية 11 : 25 ) . |
||||
11 - 07 - 2013, 02:17 PM | رقم المشاركة : ( 120 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الصليب (موضوع متكامل)
كلمات السيد المسيح على الصليب :
نطق السيد المسيح وهو على الصليب بسبع كلمات : + ثلاث منها قبل تمام الكسوف .... أى فى المرحلة الأولى منه . + وأثنتان منها فى تمام الكسوف وتمام الظلمة . + وأثنتان منها بعد أن بدأ القمر يتحرك مبتعدا تاركا قرص الشمس . فى المرحلة الأولى : 1- أعلن غفرانه لصالبيه : كان هلاك المتآمرين على السيد المسيح أشد إيلاما لنفسه من الآمه وعذابه . كل أعضاء جسمه مصابة ، كإنسان لم يكن يستطيع إلا أن ينطق وحتى لسانه يبس " يبست مثل شقفة قوتى ، ولصق لسانى بحنكى " ( مزمور 22 : 15 ) ومن المعروف أنه عند العطش الشديد وعندما يفقد الأنسان الكثير من السوائل فى جسده ، أن لسانه ييبس ويلتصق بسقف الحلق ، ويصبح ليس من السهل تحريكه ، وبهذا اللسان صلى من أجل صالبيه : " المحبة قوية كالموت . الغيرة قاسية كالهاوية ، لهيبها لهيب نار لظى الرب . مياة كثيرة لا تستطيع أن يطفىء المحبة والسيول لا تغمرها " ( نشيد الأناشيد 8 : 6 ، 7 ) . طلب من أجلهم ... وحيثيات طلبه أنهم لا يعلمون ما هم فاعلون هذا تبيان لحالهم فقط ، ولكن ليس عذرا لهم لأنهم وإن كانوا لا يعلمون شخصه فعلى الأقل أهدروا دما بريئا ... ولكنه صلى من أجلهم وقال : " يا أبتاه اغفر لهم لأنهم لا يدرون ما هم فاعلون " . من استفاد من صلاته هذه ؟ كل من استجاب لعمل روح الله فى داخله وقدم توبة صادقة لله مهما كانت خطاياه وشروره السابقة .. اللص ... قائد المائة ... وكثيرون آخرون .... أما اليهود الذين قالوا : " دمه علينا وعلى أولادنا .. " . ولم يقدموا توبة عن أعمالهم فهل أستفادوا ، وهل وثيقة الفاتيكان بتبرئتهم تنفعهم ؟ وثيقة تبرئة اليهود من دم السيد المسيح : فى العقد الماضى نهض بابا روما من غفوة ، وبدلا من أن يهتم بمشاكل كنيسته ، أو بانقسام الكنيسة منذ مجمع خلقيدونية ، وبالتبعية انبثاق عشرات الطوائف من الكنيسة الكاثوليكية !! وهلاك هؤلاء المسيحيين ، وحزن السماء على الكنيسة وحالها بسبب روح الكبرياء وحب الذات والحقد على كنيسة الأسكنرية التى كانت وما زالت راعية للأيمان الأرثوذكسى القويم لم يجد بابا روما فى كل هذه الأمور ، إضافة للعصور المظلمة فى تاريخ الكنيسة الكاثوليكية ، وصكوك الغفران ، وفضائح بابوات روما وتحالفهم مع أصحاب المصالح السياسية ، والأغنياء والأثرياء ، وتأييدهم للحروب الصليبية التى جرت على المسيحيين فى الشرق الأوسط مشاكل لا حصر لها ، ..... كل هذا لم يجد بابا روما - الذى أصدر هذه الوثيقة المشئومة بتيرئة اليهود من دم المسيح - !! فى تلك الكوارث مايجعله يهتم بعلاجها ويجعل همه الأول العمل على إعادة وحدة الكنيسة ، وتصحيح الأخطاء العقائدية التى يؤمنون بها ، وبالتالى إعادة تلك الطوائف والمعتقدات الغريبة إلى مسارها الصحيح ، ....... وكأن السيد المسيح قد فوض كنيسة روما بنقض حكمه بادانة اليهود وخراب أورشليم ، هذا الحكم والأدانة من جانب رب المجد قامت محكمة نقض أرضية ( بابوية روما ) لأسباب سياسية ودعائية باصدار الوثيقة المذكورة . اعتمادا على صلاة السيد المسيح بالغفران لصالبيه ، وقد فاتهم أن من يتمتع بهذا العفو من قدم توبة عن أعماله الشريرة ،، ونحن نذكر أن السيد المسيح اثناء استجواب بيلاطس البنطى له قال له ان الذى أسلمنى اليك خطيئته أعظم ، وقبل ذلك قال السيد المسيح عن يهوذا الأسخريوطى بأنه ابن الهلاك ، إن جرم صلب السيد المسيح يتحمله أطراف ثلاثة : الطرف الأول هو يهوذا الخائن ، الذى باع بكوريته مثل عيسو من أجل ثلاثين من الفضة !! ولم يكن من الممكن أن يتمتع بالعفو مثل بطرس الرسول الذى ضعف وأخطأ وأنكر المسيح ، هناك فرق بين من باع سيده وبين من أخطأ ، فالبيع خيانة عظمى أما الخطأ عن ضعف فهذا من طبيعة الأنسان ، وبطرس ندم وبكى بكاء مرا . أما يهوذا فقد ختم السيد المسيح على هلاكه ... ولا توجد سلطة دينية أو روحية على الأرض تستطيع أن تغير من الأمر . والطرف الثانى فى الجريمة هو قيافا ورؤساء الكهنة وأتباعهم الذين أسلموا السيد حسدا وحقدا ولأسباب ليست خافية على أحد ، فإن قيافا قد تعرض لضرر أدبى عندما أقام السيد المسيح لعازر من الأموات ، وهذا يتناقض مع عقيدته وهو صدوقى لا يؤمن بالقيامة أو وجود ملائكة أو أرواح ، وبهذا تغلبت عقيدة الفريسيين على عقيدة الصدوقيين ، والسبب الثانى الضرر المادى من جراء طرد السيد المسيح للغنم والبقر والمواشى من الهيكل ، وقلب موائد الصيارفة ، وكان قيافا ورؤساء الكهنة هم المحتكرين لهذه التجارة ، ويقومون بتأجير أروقة الهيكل للقادمين لزيارة الهيكل أو للتجار ، اما الطرف الثالث فهم الرومان الذين صدقوا على حكم رؤساء الكهنة بصلب السيد المسيح ، وقاموا بتنفيذ حكم الصلب ، علاوة على الجلد بالسياط والأستهزاء برب المجد ، وبيلاطس نفسه ( وكذلك زوجته التى حذرته ) يعلمان أن هذا المتهم برىء ، ولكن حبا فى الأحتفاظ بالسلطة والمكاسب الدنيوية أسلمه للصلب . يبدو أن بابا روما استشعر جرم أجداده الرومان فى أرتكاب هذه الجريمة النكراء ، وأراد أن يبرىء أجداده فشمل بوثيقته هذه شركاء الأجداد وهم اليهود بالعفو . ونحن نقول إن هذه الوثيقة لا تنفع اليهود شيئا ،انهم لم يستفيدوا من الخلاص الذى قدمه السيد المسيح للبشرية وهو على الصليب ، وطالما هم على معتقداتهم واصرارهم على عدم الأيمان بالسيد المسيح .. المسيا المنتظر ... فهم بعيدون عن ملكوت السموات |
||||
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
موضوع متكامل عن الصليب |
موضوع متكامل عن الصليب المقدس |
الصليب (موضوع متكامل) |
موضوع متكامل عن الصليب |
الصليب (موضوع متكامل) |