منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 22 - 02 - 2016, 06:44 PM   رقم المشاركة : ( 11311 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,321

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

سامحني يا رب سامحني
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أفكارى مشوشه وقلبى مضطرب ..
بينى وبينك يا ألهى سداً عالياً من الخطايا ..
يقتلنى الندم على كل ما صنعت من خطايا وأفعال شريره ..
أصرخ لك يا ألهى فلترحمنى فأنا اليك أخطأت والشر قدامك صنعت
سامحني ..و لا تسمح لى بتكرار فعل الخطيه ....
بحق الدم الثمين الذى سفكته من أجلى على الصليب فلتسامحنى
سامحني يا رب سامحني...
قلبى لك خاشع وساجد
جئت لاأضع أمامك ضعفى وخوفى وترددى ..
فأنت يا رب كثير الرأفه والتحنن
وأنا واثقه بحبك الابدى الازلى ..
 
قديم 22 - 02 - 2016, 06:45 PM   رقم المشاركة : ( 11312 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,321

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

العثرة
مت 18 : 1- 15
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


العثرة


1 في تلك الساعة تقدم التلاميذ الى يسوع قائلين فمن هو اعظم في ملكوت السموات. 2 فدعا يسوع اليه ولدا واقامه في وسطهم 3 وقال.الحق اقول لكم ان لم ترجعوا وتصيروا مثل الاولاد فلن تدخلوا ملكوت السموات. 4 فمن وضع نفسه مثل هذا الولد فهو الاعظم في ملكوت السموات. 5 ومن قبل ولدا واحدا مثل هذا باسمي فقد قبلني. 6 ومن اعثر احد هؤلاء الصغار المؤمنين بي فخير له ان يعلق في عنقه حجر الرحى ويغرق في لجة البحر. 7 ويل للعالم من العثرات.فلا بد ان تاتي العثرات ولكن ويل لذلك الانسان الذي به تاتي العثرة. 8 فان اعثرتك يدك او رجلك فاقطعها والقها عنك.خير لك ان تدخل الحياة اعرج او اقطع من ان تلقى في اتون النار الابدية ولك يدان او رجلان. 9 وان اعثرتك عينك فاقلعها والقها عنك.خير لك ان تدخل الحياة اعور من ان تلقى في جهنم النار ولك عينان.

10 انظروا لا تحتقروا احد هؤلاء الصغار.لاني اقول لكم ان ملائكتهم في السموات كل حين ينظرون وجه ابي الذي في السموات. 11 لان ابن الانسان قد جاء لكي يخلص ما قد هلك. 12 ماذا تظنون.ان كان لانسان مئة خروف وضل واحد منها افلا يترك التسعة والتسعين على الجبال ويذهب يطلب الضال. 13 وان اتفق ان يجده فالحق اقول لكم انه يفرح به اكثر من التسعة والتسعين التي لم تضل. 14 هكذا ليست مشيئة امام ابيكم الذي في السموات ان يهلك احد هؤلاء الصغار


++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++

ما زال التلاميذ يفكرون فى ملكوت السماوات بطريقة بشرية، فطلبوا أن يعرفوا من هو الأعظم فى السماء. وهذا يظهر مباحثات وأفكار داخلهم عمن هو الأعظم فيهم، ومن سيكون رئيسا فى الملكوت الجديد؛ ومحبة الرئاسة بالطبع نوع من الكبرياء.

كان رد المسيح عليهم أن الأعظم، هو المتضع البرىء الذى يحب الكل. وقد قدم لهم إجابته بشكل عملى، فأقام طفل فى وسطهم، وطالبهم أن يصيروا مثله فى الاتضاع والبراءة والحب، فهذه هى شروط دخول الملكوت. ويلاحظ أنه لم يجب على سؤالهم وهو من هو الأعظم،بل أعلن شروط دخول الملكوت، ليُفهَم أنه بمحبة الرئاسة والكبرياء لن يدخلوا الملكوت.

+++ اهتم، ليس فقط بالأطفال، بل بكل إنسان ليس له من يسأل عنه، أو يعانى ضعفا، فمحبتك المقدمة له يفرح ﺑﻬا الله كأﻧﻬا له شخصيا.

الأطفال شديدو الثقة بطبيعتهم، فهم يثقون في الكبار، ومن خلال هذه الثقة تنمو قدرتهم على الثقة في الله. فالوالدون الكبار الذين لهم تأثير على الصغار، مسئولون أمام الله عن كيفية تأثيرهم في قدرة هؤلاء الصغار على الثقة. وقد حذر الرب يسوع من أن من يبعد الصغار عن الإيمان، سينال عقابا صارما.

حذر الرب يسوع تلاميذه من ثلاث طرق يمكن أن تعثر "الصغار" وتحول بينهم وبين الإيمان : تجربتهم (18: 7-9)، إهمالهم أو الحط من قدرهم (18: 10-14)، تعليمهم تعاليم كاذبة (18: 15-26). وعلينا، كقادة، أن نساعد الصغار أو المؤمنين الجدد لتجنب أي شيء أو أي شخص يمكن أن يسبب لهم عثرة في إيمانهم ويقودهم للخطية. يجب ألا نتهاون إطلاقا في التعليم الروحي للصغار والأحداث في الإيمان وحمايتهم.

+++ دقق فى كلامك ومظهرك وتصرفاتك، حتى لا تُعثر البسطاء وتُبعدهم عن اللهٍ... فكيف تُسقط من مات المسيح لأجلهم، كيف تسلمهم للخطية باستهانتك؟!

يجب أن نزيل كل حجر عثرة يؤدي بنا إلى الخطية. وليس معنى هذا أن نقطع جزءا من جسدنا، ولكن معناه إزالة أي شخص أو أي برنامج أو تعليم في الكنيسة يهدد النمو الروحي للجسد. فالرب يسوع يقول إنه خير أن نذهب إلى السماء بيد واحدة من أن نذهب إلى الجحيم ولنا يدان. فالخطية أعظم أثرا من الأيدي، لأنها تؤثر في أفكارنا وقلوبنا.

لا تقل سأترك الخطية وأتمسك بالعلاقة الشريرة، ما دمت قد سقطت، فاهرب بحياتك من هذه العلاقة، لأن خلاص نفسك أهم شىء. لا تتهاون وتُلْق بنفسك فى العذاب الأبدى. ضع فى قلبك أنك لابد أن تحيا للمسيح إلى الأبد، فتترك عنك كل ما يؤدى إلى الخطية،
حتى لو أساء الناس الأشرار إليك بسبب ابتعادك عن الشر. فاحتمال أى شىء، حتى الموت نفسه، أسهل من العذاب الأبدى.

يجب أن يكون اهتمامنا بالصغار في مستوى معاملة الله لهم، فهناك ملائكة معينون لرعاية الأطفال، ولهم حق المثول أمام الله. ويجب أن يرتفع رنين هذه الكلمات بكل قوة في المجتمعات التي تستهين بالأطفال أو تتجاهلهم، أو تبيح الإجهاض. فإذا كان لملائكتهم حق المثول أمام الله باستمرار، فأقل ما نعمله هو أن نسمح للأطفال بالاقتراب منا بسهولة بالرغم من حياتنا البالغة الازدحام.

اهتم الرب يسوع كالراعي الصالح بخروف ضال واحد ففتش عنه في الجبال، وهكذا يهتم الله بكل نفس بشرية يخلقها (فهو لا يريد لأحد من الناس أن يهلك 2بط 3: 9). ونحن نتعامل مع صغار يحتاجون إلى المسيح، في البيت، وفي المدرسة، وفي الكنيسة، وبين جيراننا. فقدهم إليه بقدوتك وبكلماتك، وما تقوم به من أعمال الرحمة.


+++ ثق أن لك مكانا فى قلب الله لا يملأه أحد غيرك، فإن سقطت، تُبْ سريعا، لتعود إلى مكانك فتفرح وتُفِرحه


+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
أفكارى مشوشه وقلبى مضطرب .. بينى وبينك يا ألهى سداً عالياً من الخطايا ..
يقتلنى الندم على كل ما صنعت من خطايا وأفعال شريره ..
أصرخ لك يا ألهى فلترحمنى فأنا اليك أخطأت والشر قدامك صنعت
سامحني ..و لا تسمح لى بتكرار فعل الخطيه ....
بحق الدم الثمين الذى سفكته من أجلى على الصليب فلتسامحنى
سامحني يا رب سامحني...
قلبى لك خاشع وساجد
جئت لاأضع أمامك ضعفى وخوفى وترددى ..فأنت يا رب كثير الرأفه والتحنن وأنا واثقه بحبك الابدى الازلى ..



 
قديم 24 - 02 - 2016, 10:50 AM   رقم المشاركة : ( 11313 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,321

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

يونان
التفسير التطبيقي للكتاب المقدس
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


الخطية تجتاح المجتمع، ذلك ما تشهد به عناوين الصحف اليومية والسجون المكتظة بروادها. وما استغلال الأطفال والأفلام الفاضحة وسلسلة الاغتيالات والإرهاب والفوضى الاجتماعية والدكتاتورية القاسية إلا أدلة على ما امتلأ به العالم من عنف وكراهية وفساد إلى درجة الفيضان. وإذ نقرأ أو نسمع أو حتى نعايش هذه المآسي، ينتابنا الاقتناع بضرورة قصاص الله. بل ربما نجد أنفسنا راغبين في الانتقام بأي وسيلة من مرتكبي العنف، مرددين أنهم قد استعصوا على أي خلاص أو فداء! لكن افترض أن الله، وسط هذه الأفكار، طلب منك أن تحمل البشارة إلى أعتى هؤلاء المجرمين، تُرى ماذا سيكون رد فعلك؟
ذلك كان الواجب الذي أُعطي ليونان، فقد طلب الرب منه أن يذهب وينادي بالتوبة في نينوى لان إثم اهلها قد صعد اليه (يون2:1)، كانت نينوى أهم مدينة في أشورالتي كانت تمثل القوة العالمية العظمى في تلك الأيام، والتي قدر لها وخلال خمسين عاما أن تكون عاصمة الامبراطورية الأشورية الممتدة. لم يذكر يونان شيئا كثيرا عن شر نينوى، لكن ناحوم النبي يعطينا فكرة أوفر. يقول ناحوم إن نينوى كانت مذنبة في:
1: تآمرها على الرب (نا 1: 9)،
2: استغلال الضعفاء (نا 2: 12)،
3: الوحشية أثناء الحرب (نا 2: 12، 13)،
4: الزنى والسحر والاستعباد (نا 3: 4).
تلك كانت نينوى التي طلب الله من يونان أن يذهب إليها، لقد كانت أشور الإمبراطورية العظيمة والشريرة هي عدو إسرائيل المفزع، وكان الأشوريون يستعرضون قوتهم أمام الله والعالم من خلال أفعال وحشية عديدة بلا قلب. لذلك عندما تلقى يونان أمر الله بالذهاب للأشوريين والمناداة بالتوبة لهم، أسرع إلى الاتجاه المعاكس.
لا نكاد نعرف عن يونان سوى بضع عبارات وردت عنه فى العهد القديم والجديد، وبعض التقاليد اليهودية غير الثابتة، وهذه وتلك قد تعطينا ضوءاً كافياً، لنعرف أنه يونان بن أمتاى، من جت حافر، وأنه كان سابقا لعاموس، تنبأ فى عصر يربعام الثانى أقوى ملوك اسرائيل، ومن المرجح أنه بدأ نبوته فى أوائل حكم هذا الملك أوعام 785 ق.م. وربما يكون واحدا من جماعة الانبياء الذين جاء ذكرهم مرتبطا بارسالية ايليا (2 مل3:2 )، حتى ان سفره يختلف عن بقية اسفارالأنبياء، لأنه يحكي عن النبي ولا يركز على نبواته، وفي الحقيقة إن عددا واحدا فقط من سفره يلخص رسالته الى أهل نينوى.
ويحكي سفر يونان قصة هروب النبي وكيف أوقفه الله وأعاده إلى وجهته. فقد أوحى إليه أن يمضى إلى مدينة نينوى وينادي فيها وينذر اهلها بقضائه، ففكر في نفسه قائلا "لو كان الله يشاء هلاكهم لما طالبني بإنذارهم، وأخشى أن أمضى إليهم وأبلغهم هذا الإنذار فيتوبوا فلا يهلكهم. وأكون أنا كاذبا فلا يعود أحد يصدقني فيما بعد "فأقم وأهرب".. فماذا عساه ظن هذا النبي؟ كيف يستطيع أحد أن يهرب من وجه الله؟ هل ظن يونان أن الله غير موجود في السفينة أو في البحر، وأنه يمكنه أن يفلت من يده؟! أليس في هذا منتهى الجهل وعدم الأيمان بقدرة الله غير المحدودة؟! أم تراه عملا طفوليًا لجأ إليه أنسان حائر لا يعرف كيف يتصرف؟! اما درى أن أمر الله سيلاحقه في كل موضع..! حقا أن الخطية تطفي في الإنسان نور المعرفة، وتنسيه حتى البديهيات!. لكنه من المؤكد انه أراد بالهرب أن يبتعد عن مدينة نينوى لأنه لم يشاء القيام بإنذارهم لمعرفته أن الله رؤوف ورحيم، بطئ الغضب نادم على الشر، ذلك ما كشفه للرب في صلاته (2:4). "فقام يونان ليهرب من وجه الرب ونزل إلى يافا حيث وجد سفينة ذاهبة إلى ترشيش فأقلع مع ركابها إلى ترشيش. فأرسل الرب ريحا شديدة وحدث نوء عظيم في البحر حتى كادت السفينة تنكسر، فخافوا وصرخ كل واحد إلى إلهه. ثم قال بعضهم لبعض هلما نلقى قرعة لنعرف بسبب من هذه البلية. فلما اقترعوا أصابت القرعة يونان، فقالوا له ما الذي فعلته حتى جاء علينا هذا بسببك؟ فقال لهم اطرحوني في البحر فتسلموا، فاستغفروا الله ثم طرحوه فبلعه حوت عظيم. ومكث في جوفه ثلاثة أيام وثلاث ليال ثم قذفه عند نينوى" (يون1 و2 ). "فقام عند ذلك ودخل نينوى، وأنذر أهلها فتابوا جميعهم، الملك العظيم، والفقير، والشيخ، والطفل، وصرخوا إلى الله صائمين ورجع كل واحد منهم عن طريقه الرديئة، فقبل الله توبتهم ورحمهم" (يون3 ).
قصة يونان هي أكبر بكثير من مجرد حكاية رجل وحوت، رغم محاولة الكثيرون أن يفسروا هذا الحدث على أنه خيال. لكن الكتاب المقدس لا يصوره على أنه حلم أو أسطورة، حتى ان الرب يسوع نفسه استخدم اختبار يونان كمثال لموته وقيامته (مت 12: 39، 40).. ولعله مما يسترعي الملاحظة والانتباه، أن اللّه، لكى يتمم مشيئته، كشف عن ذلك في الايات التالية: "فأرسل ريحاً شديدة".."فأعد حوتاً عظيماً".. "فأعد الرب الإله يقطينة".." ثم أعد اللّه دودة". ( يون 1 :4 و 17، 4 : 6 و 7 ) ولو تأملنا الفعل "فأرسل" والفعل الذى كرر ثلاث مرات "أعد"، نلاحظ ان الله قد استخدم الريح، والحوت، واليقطينة، والدودة، على النحو العجيب المثير لاكمال خطته، أو بعبارة اخرى، أن اللّه كان وراء الطبيعة، والحيوان الضخم، والنبتة الصغيرة، والدودة الحقيرة، لكى يؤكد استخدامه لكل شئ، وهو ينفذ تلك الخطة.. إنها قصة صراع بين الذات الإنسانية والله‏ من جهة، والتصوير العميق لمحبة الله ورحمته ونعمته من جهة اخرى، نعم كان سكان نينوى قد اثاروا غضب الرب واستحقوا قضائه، وكان يونان يعلم ذلك، لكنه كان يعلم أيضا أن الله مستعد أن يسامحهم ويباركهم لو رجعوا عن خطاياهم وعبدوه. كما كان يونان يعرف أيضا مدى قوة رسالة الله، فباستجابتهم لها، حتى من خلال ضعف تبشيره، سينجون حتماً من قصاص الله. لكن يونان اذ ركّز على ذاته وسمعته الشخصية اكثرمن تركيزه على واجبه كنبي، رغب في الانتقام لا الرحمة، فعقد العزم على الهروب.
إلا أنه أذعن في النهاية وبشر في شوارع نينوى، وتاب الشعب ونجوا. ومع ذلك غضب يونان متذمرا شاكياً إلى الله، "لأني عرفت أنك إله رحيم رؤوف بطيء الغضب كثير الإحسان، ترجع عن العقاب"(4: 2). فكان لابد لله أن يواجهه في ختام الأمر بأنانيته وافتقاره إلى الرحمة والشفقة، من خلال يقطينة اعدّها الرب فنمت وارتفعت لتقي يونان من شدة الحر، فابتهج بها كثيرا، لكنه ما لبث ان حزن لجفافها في اليوم التالي، فغضب حتى الموت حينئذ قال له الرب: "لقد أشفقت أنت على اليقطينة التي لم تتعب في تنميتها وتربيتها. هذه اليقطينة التي ترعرعت في ليلة وذوت في ليلة. أفلا أشفق أنا على نينوى المدينة العظيمة التي يقيم فيها أكثر من مئة وعشرين ألف شخص ممن لا يفرقون بين يمينهم وشمالهم، فضلا عما فيها من بهائم كثيرة؟.(يون:4).
لاحظ وأنت تقرأ كتاب يونان الصورة الكاملة لمحبة الله وعطفه لتدرك أن لا أحد يستعصى على الخلاص. فالبشارة هي لكل من يتوب ويؤمن. ابدأ في الصلاة من أجل من يبدون أنهم أبعد الناس عن الملكوت وابحث عن طرق تخبرهم بها عن الله. تعلّم من قصة هذا النبي الشديد المقاومة، مصمماً أن تطيع الله وأن تعمل كل ما يطلبه منك وتذهب حيثما يقودك.

نقاط الضعف والخطأ:
- كان نبيا مقاوما لم يستسغ الارسالية الموكلة اليه، فاختار ان يهرب من الله بدلا من اطاعته.
‏- لم يكن يونان من النوع الذي يطيع تلقائيا‏. ‏إنما كان يناقش أوامر الله الصادرة إليه‏، ‏ويري هل توافق شخصيته وذاته أم لا‏.‏
-كان متمركزا على ذاته ومهمتما بسمعته الشخصية اكثر من اهتمامه بحق الله وتمجيد اسمه.

دروس من حياته:
لايمكن الهروب من سيادة الله المطلقة: قد يكون خوف يونان أو غضبه من اتساع رحمة الله هو ما جعله يهرب، الا ان هروبه دفع به إلى مشكلة أصعب، فالى أين يهرب، والرب موجود في كل مكان؟! فكان عليه أن يدفع ثمنا باهظا لهروبه لان الله كان وما يزال يملك زمام الموقف، وله طرقه التي يعلمنا بها دائما كيف نطيعه ونتبعه، فكما يقول داود ال نبي "أين المهرب من روحك؟ أين المفر من حضرتك؟ إن صعدت إلى السماوات فأنت هناك، وإن جعلت فراشي في عالم الأموات فهناك أنت أيضا. إن استعرت أجنحة الفجر وطرت، وسكنت في أقصى أطراف البحرفهناك أيضا يدك تهديني ويمناك تمسكني" (مز11,7:139). فبتحكم الله في البحر العاصف والحوت واليقطينة والدودة، اظهر قيادته المطلقة والمُحِبة ايضا، مما جعل يونان يدرك أخيرا أنه كان من الأفضل له تنفيد ما طلبه الله منه منذ باديء الأمر!. قد نكون مثل يونان احيانا، فعندما يعطينا الله توجيهاته من خلال كلمته مطالبا ايانا بعمل اشياء لانريد ان نعملها، نجد انفسنا ميالين الى الهروب في خوف وعناد، متعللين بان الله يطالبنا باكثر من اللازم، فقطعاً لم تكن المهمة التي حددها الله ليونان من المهام السهلة والمحببة الى النفس، لانها كانت رسالة دينونة لواحدة من اشر واقوى الامم الوثنية في العالم، لكن لايجب على من يحمل كلمة الله الى الاخرين ان يدع الضغوط الاجتماعية ولا الخوف من الناس يحددان ما سيقول. فهو مدعو لتوصيل رسالة الله وحقه سواء راقت له ام لا، والافضل هو طاعة الله بدلا من ان نتحداه او نهرب. فلنضع ثقتنا فيه فيما يتعلق بكل ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا، ونهتم بامور الله اكثر من اهتمامنا بذواتنا. فسرعان ما تؤدي بنا كلمة "لا يا رب" الى المهالك. وفي المقابل، تفتح لنا كلمة "نعم" ابوابا واسعة لفهم الله وخطته للعالم.
رسالة الله موجهة الى كل العالم: كان الهدف الذي وضعه الله امام يونان هو ان يبشر نينوى عاصمة اشور العظيمة، ولكن لانها كانت عدو اسرائيل المفزع، اظهر يونان الغضب وعدم المبالاة كان يتمنى هلاك اهلها وليس حصولهم على الغفران، غير مدركا بان اله اسرائيل هو اله كل العالم. كان عليه ان يتعلم بان الله يحب كل الناس. وبذلك ذكّر الله بني اسرائيل، من خلال يونان، بهدف ارساليتهم. فلم يكن اليهود يريدون أن تشاركهم الأمم رسالة الله في أيام يونان، تماما مثلما قاوموا نفس الفكرة أيام بولس ( 1تس 2: 14-16). لقد تناسوا دورهم الأساسي كأمة وهو أن يكونوا بركة للعالم بتوصيل رسالة الله لبقية الأمم (تك 22: 18). فالله يريد من شعبه ان يعلن حبه للعالم كله بالكلمات والافعال، وذلك ما يريده منا ايضا، أن نكون رسله لنحمل بشارة المحبة والخلاص الى كل مكان يرسلنا اليه فهو يحب كل واحد منا، حتى عندما نخذله، لكنه يحب ايضا الاخرين ممن ليسوا في مجموعتنا او بيتنا اوجنسنا او طائفتنا، "لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد، لكي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية" (يو16:3). وعندما نتمتع بحبه علينا ان نقبل ايضا كل من يحبهم هو، حينئذ سيكون يسيرا علينا ان نحب الاخرين عندما نحب الله ذاته.
الله يمكنه أن يستخدم كل شيء لمجد أسمه: ان كان بسبب طاعة يونان سيخلص اهل نينوى، فقد كان عصيانه سببا لخلاص ركاب السفينة، فان الرب الذي يستطيع ان يحول الخير الى الشر، استطاع اضافة الى استخدامه للكائنات الغير عاقلة، ان يستخدم عصيان يونان لكي يخلّص طاقم السفينة. وللسخرية عمل البحارة الوثنيون ما لم تعمله كل امة اسرائيل، فعندما اشتدت العاصفة وبدأت السفينة بالغرق، ابتهلوا الى الرب لكي لايهلكهم، ولما استجاب الرب لصلاتهم سبحوه وقدموا له نذورا بان يخدموه (16,14:3). وبذلك كشف الله لنا حقيقة هامة هي، إن الأنبياء ليسوا من طبيعة أخرى غير طبيعتنا. بل هم أشخاص مثلنا لهم ضعفاتهم، ولهم نقائصهم وعيوبهم، ومن الممكن أن يسقطوا كما نسقط. كل ما في الأمر أن نعمة الله عملت فيهم، ومنحتهم قوة ليست قوتهم وانما هي قوة الروح القدس العامل في ضعفهم، لكي يكون فضل القوة لله وليس لنا (2 كو 4 : 7). وقد كان ليونان النبي ككل الانبياء عيوب واخطاء، وقد اختاره الرب على الرغم من عيوبه، وعمل به وفيه، لكي يرينا بهذا أيضا انه يمكن آن يعمل معنا ويستخدم ضعفنا. كما عمل مع يونان من قبل، فهو يستطيع ان يستخدم حتى اخطاءنا ليساعد الآخرين على الرجوع اليه. فان اعترافنا باخطائنا، وان يكن مؤلما، الا انه اقوى مثال يمكن ان نقدمه لمن لايعرفون الله.
التوبة: عندما ذهب المبشّر المقاوم الى نينوى، كانت الاستجابة عظيمة، آمن أهل نينوى الوثنيون برسالة يونان وتابوا وعادوا الى الله. ياله من أثر معجزي ذلك الذي أحدثته كلمة الله في هذا الشعب الشرير! وياله من تباين صارخ بين توبتهم وبين عناد بني إسرائيل وتصلبهم! فكم من رسائل استمع لها هذا الشعب من أنبيائه ورفض أن يتوب. كان كافيا لشعب نينوى أن يسمعوا رسالة الرب مرة واحدة ليتوبوا. "قال الرب يسوع: إن أهل نينوى سيقومون في يوم الدين مع الإسرائيليين ليدينوهم لعدم توبتهم" (مت 12: 39-41). لقد كان ذلك بمثابة توبيخ قوي لبني اسرائيل الذين كانوا يظنون انفسهم أفضل من غيرهم مع أنهم كانوا يرفضون الاستجابة لرسالة الله .. ان الله على استعداد ليغفر لكل الذين يرجعون عن خطاياهم ولكنه لايحب الرياء او الادعاء، فلا يمكننا ان نطلب محبة الله وفي نفس الوقت نهرب منه. فهو يطلب التكريس الصادق من كل فرد. فلا يكفي المشاركة في امتيازات المسيحية، بل علينا كذلك ان نتوب ونطلب الغفران من الله لرفع خطايانا، فرفض التوبة يساوي حب الخطية.
معاملة الاخرين بالمحبة والشفقة: عندما نقع في المخالفة، يجدر بنا أن نشفق على المخالفين، واضعين أمامنا قول الرسول "اذكروا المقيدين كأنكم مقيدون أيضا مثلهم" (عب 13 : 3). إن كان الله القدوس الذي وحده بلا خطية يشفق على الساقطين، فالأجدر بنا أن نشفق عليهم نحن الذين نسقط مثلهم. ومع ذلك فأن يونان سقط، ولكنه لم يشفق! فالمثير للدهشة في موقفه هو انه اولا: حتى البحارة الوثنيون اظهروا تعاطفا معه بمحاولة انقاذه، أكثر مما أظهر هو حين رفض أن يحذّر أهل نينوى من قصاص الله المنتظر(13:1). فنراه يهرب من مهمة توصيل الرسالة (1: 2، 3). ثم إذا به يطلب الموت لأن القصاص لم يتم. ياللسرعة التي نسي بها يونان رحمة الله من نحوه عندما كان في بطن الحوت (2: 9، 10)!. فقد كان سعيدا عندما نجاه الله، لكنه غضب عند نجاة نينوى. لقد ظن أن الله لن يمنح خلاصه بهذه السهولة لأمة وثنية شريرة. ثانيا: حزن على ذبول اليقطينة (9,8:4) ولم يحزن على المصير الذي كان ينتظراهل نينوى.. وما زال بعض الناس ياخذون نفس مواقف يونان في بعض الاحيان فيودون لو نزل القصاص والهلاك بالخطاة الذين طغى شرهم حتى استدعى عقابا فوريا. او يبكون على فقدان اشياء سبق وان ارتبطوا بها وجدانيا، ولكنهم لايعيرون اي اهتمام لاصدقاء او معارف لهم لايعرفون الرب، فكم هو سهل ان نكون حساسين تجاه اهتماماتنا الشخصية اكثر جدا من احتياجات الاخرين الروحية من حولنا والعكس هو الاهم.. وينبغي أن يخجل المؤمنون حين يظهر غير المؤمنين الاهتمام والشفقة أكثر منهم، وعلينا ان لانستغرب او نغضب اذا عاد شخصا على غير توقع الى الله، وان لاتكون نظرتنا بهذا الضيق مثل يونان، بل ان نفرح كالفرح الذي يكون في السماء بعودة التائب (لو7:15). فالله يريدنا ان نهتم بكل شعبه الضال والمؤمن على حد سواء، لانه على استعداد دائم ليغفر لكل الذين ير جعون عن خطاياهم ويقبلون اليه بايمان، فقد انقذ البحارة حينما طلبوا الرحمة (14,1)، وتعامل ايضا برفق مع يونان وانقذه حينما صلى له من جوف الحوت، مع انه كان بامكانه ان يمحوه من الوجود بسب غضبه الذي تجرأ به على الله، لكنه اعطاه درسا بطريقة رقيقة هادئة. وكذلك في رحمته الغى العقاب الذي توعد به اهل نينوى عندما استجابوا لرسالته على فم يونان، وهو نفس ما يفعله معنا اليوم، اذ ان هدفه من العقاب دائما هو التقويم وليس الانتقام. فكان على يونان أن يتعلم درسا قيما عن رحمة الله وغفرانه، وذلك ما يجب ان نتعلمه نحن ايضا فلنلتفت الى تحذيراته من خلال كلمته المقدسة ونستجيب بالطاعة لننال نعمته ونختبر رحمته لاقصاصه.
ضرورة الصلاة في كل حين: قال يونان "عندما وهنت نفسي في داخلي، تذكرت إلهي".. وغالبا ما نتصرف نحن بنفس الطريقة، فعندما تكون الحياة سهلة طيعة لا نلتفت كثيرا إلى الله، لكن ما إن نفقد الأمل حتى نسرع صارخين إليه، وهذا النوع من العلاقة مع الله يؤدي إلى حياة روحية غير ثابتة تعلو وتهبط ارتفاعا وانخفاضا، لذلك نحتاج إلى التزام يومي ثابت مع الله لتكون علاقتنا معه متينة راسخة. وقد تحدّث الرب يسوع له كل المجد عن وجوب الصلاة دون ملل (لو:18) والسهر والصلاة (لو:21). إن تكرار الصلاة حتى تستجاب لا يعني تكرارا بلانهاية، إلى حد الملل، ولكن الصلاة الدائمة معناها أن نضع طلباتنا أمام الله على الدوام، إذ نحيا له يوما فيوم، مؤمنين دائما أنه يستجيب، وعندما نحيا هكذا بالإيمان، لن نيأس أبدا. فإن الله قد يؤخر استجابته للصلاة، لكن هذا التأخير له دائما أسبابه القوية، وينبغي ألا نخلط بين التأخير والتجاهل، فقد يسمح الرب بالضيق احيانا لكي نرجع إلى حضنه ونطلب منه رغم انه يعلم أننا غير مستحقين ومع ذلك هو يدعونا أن نطلب بلجاجة وكأنه حق لنا أن نأخذه. فلنلتفت إلى الله دائما في وقت الراحة ووقت العناء فنتمتع بحياة روحية أقوى. وبإلحاحنا في الصلاة تنمو شخصياتنا وإيماننا ورجاؤنا.

بيانات أساسية:
المكان: يافا، نينوى
المهنة : نبي
معاصروه والشخصيات المرافقة له: عاموس النبي، الملك يربعام الثاني، ربان السفينة والطاقم.

الاية الرئيسية لسفره: أفلا أشفق أنا على نينوى المدينة العظيمة التي يقيم فيها أكثر من مئة وعشرين ألف شخص ممن لا يفرقون بين يمينهم وشمالهم، فضلا عما فيها من بهائم كثيرة؟.(يون11:4).
ونجد قصة يونان في سفر يونان، كما جاء ذكره في (2مل25:14) ، (مت40,39:12).
 
قديم 24 - 02 - 2016, 10:54 AM   رقم المشاركة : ( 11314 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,321

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

يونان: الهارب من وجه الله
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
"1وَصَارَ قَوْلُ الرَّبِّ إلى يُونَانَ بْنِ أَمِتَّايَ: 2"قُمِ اذهَبْ إلى نِينَوَى الْمَدِينَةِ الْعَظِيمَةِ وَنَادِ عَلَيْهَا لأَنَّهُ قَدْ صَعِدَ شَرُّهُمْ أَمَامِي" 3فَقَامَ يُونَانُ لِيَهْرُبَ إلى تَرْشِيشَ مِنْ وَجْهِ الرَّبِّ فَنـزلَ إلى يَافَا وَوَجَدَ سَفِينَةً ذَاهِبَةً إلى تَرْشِيشَ فَدَفَعَ أُجْرَتَهَا وَنـزلَ فِيهَا لِيَذْهَبَ مَعَهُمْ إلى تَرْشِيشَ مِنْ وَجْهِ الرَّبِّ. 4فَأَرْسَلَ الرَّبُّ رِيحاً شَدِيدَةً إلى الْبَحْرِ فَحَدَثَ نَوْءٌ عَظِيمٌ فِي الْبَحْرِ حَتَّى كَادَتِ السَّفِينَةُ تَنْكَسِرُ. 5فَخَافَ الْمَلاَّحُونَ وَصَرَخُوا كُلُّ وَاحِدٍ إلى إِلَهِهِ وَطَرَحُوا الأَمْتِعَةَ الَّتِي فِي السَّفِينَةِ إلى الْبَحْرِ لِيُخَفِّفُوا عَنْهُمْ. وَأَمَّا يُونَانُ فَكَانَ قَدْ نـزلَ إلى جَوْفِ السَّفِينَةِ وَاضْطَجَعَ وَنَامَ نَوْماً ثَقِيلاً. 6فَجَاءَ إِلَيْهِ رَئيسُ النُّوتِيَّةِ وَقَالَ لَهُ: "مَا لَكَ نَائماً؟ قُمِ اصْرُخْ إلى إِلَهِكَ عَسَى أن يَفْتَكِرَ الإِلَهُ فِينَا فَلاَ نَهْلِكَ". 7وَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: "هَلُمَّ نُلْقِي قُرَعاً لِنَعْرِفَ بِسَبَبِ مَنْ هَذِهِ الْبَلِيَّةُ". فَأَلْقُوا قُرَعاً فَوَقَعَتِ الْقُرْعَةُ عَلَى يُونَانَ. 8فَقَالُوا لَهُ: "أَخْبِرْنَا بِسَبَبِ مَنْ هَذِهِ الْمُصِيبَةُ عَلَيْنَا؟ مَا هو عَمَلُكَ؟ وَمِنْ أَيْنَ أَتَيْتَ؟ مَا هِيَ أرضكَ وَمِنْ أَيِّ شَعْبٍ أَنْتَ؟"9فَقَالَ لَهُمْ: "أَنَا عِبْرَانِيٌّ وَأَنَا خَائف مِنَ الرَّبِّ إِلَهِ السماءِ الَّذِي صَنَعَ الْبَحْرَ وَالْبَرَّ". 10فَخَافَ الرِّجَالُ خَوْفاً عَظِيماً وَقَالُوا لَهُ: "لِماذا فَعَلْتَ هَذَا؟"فَإِنَّ الرِّجَالَ عَرَفُوا أَنَّهُ هَارِبٌ مِنْ وَجْهِ الرَّبِّ لأَنَّهُ أَخْبَرَهُمْ. 11فَقَالُوا لَهُ: "ماذا نَصْنَعُ بِكَ لِيَسْكُنَ الْبَحْرُ عَنَّا؟"لأَنَّ الْبَحْرَ كَانَ يَزْدَادُ اضْطِرَاباً. 12فَقَالَ لَهُمْ: "خُذُونِي وَاطْرَحُونِي فِي الْبَحْرِ فَيَسْكُنَ الْبَحْرُ عَنْكُمْ لأَنَّنِي عَالِمٌ أَنَّهُ بِسَبَبِي هَذَا النَّوْءُ الْعَظِيمُ عَلَيْكُمْ". 13وَلَكِنَّ الرِّجَالَ جَذَّفُوا لِيُرَجِّعُوا السَّفِينَةَ إلى الْبَرِّ فَلَمْ يَسْتَطِيعُوا لأَنَّ الْبَحْرَ كَانَ يَزْدَادُ اضْطِرَاباً عَلَيْهِمْ. 14فَصَرَخُوا إلى الرَّبِّ: "آهِ يا رَبُّ لاَ نَهْلِكْ مِنْ أجل نَفْسِ هَذَا الرَّجُلِ وَلاَ تَجْعَلْ عَلَيْنَا دَماً بَرِيئا لأَنَّكَ يا رَبُّ فَعَلْتَ كَمَا شِئت". 15ثُمَّ أَخَذُوا يُونَانَ وَطَرَحُوهُ فِي الْبَحْرِ فَوَقَفَ الْبَحْرُ عَنْ هَيَجَانِهِ. 16فَخَافَ الرِّجَالُ مِنَ الرَّبِّ خَوْفاً عَظِيماً وَذَبَحُوا ذَبِيحَةً لِلرَّبِّ وَنَذَرُوا نُذُوراً. 17وَأَمَّا الرَّبُّ فَأَعَدَّ حُوتاً عَظِيماً لِيَبْتَلِعَ يُونَانَ. فَكَانَ يُونَانُ فِي جَوْفِ الْحُوتِ ثَلاَثَةَ أيام وَثَلاَثَ لَيَالٍ"
الله والعالم

اذا سألنا هذا السؤال المصيري: ما هو موقف الله من هذا العالم، اين نذهب لكي نجد الجواب المقنع؟ ليس باستطاعتنا الاجابة على هذا السؤال أن اتكلنا على آرائنا أو افكارنا الخاصة. الجواب الوحيد الذي نستطيع أن نركن اليه هو جواب الوحي الإلهي. والوحي الإلهي ينبئنا عن ترتيب أو منهج الله الخلاصي بخصوص هذه البشرية المعذبة والمتألمة. ويجرى هذا الاعلام الإلهي منذ أيام إبراهيم. فاذا عدنا إلى أيام ما قبل الميلاد فاننا نقول أن إبراهيم هو أعظم شخصية في التاريخ القديم وكل شيء في تلك الحقبة من التاريخ له علاقة بما ذكره الله لعبده وخليله. وتكلم معه الله قائلا"4"أَمَّا أَنَا فَهوذَا عَهْدِي مَعَكَ وَتَكُونُ أَباً لِجُمْهورٍ مِنَ الأُمَمِ 5فَلاَ يُدْعَى اسمكَ بَعْدُ أَبْرَامَ بَلْ يَكُونُ اسمكَ إبراهيم لأَنِّي أَجْعَلُكَ أَباً لِجُمْهورٍ مِنَ الأُمَمِ. 6وَأُثْمِرُكَ كثيراً جِدّاً وَأَجْعَلُكَ أُمَماً وَمُلُوكٌ مِنْكَ يَخْرُجُونَ" (التكوين 17: 4-6).. وبعد أن اظهر إبراهيم إيمانه التام بالله ورغبته في تقديم ابنه اسحق كمحرقة سمع هذه الكلمات السماوية"15وَنَادَى مَلاَكُ الرَّبِّ إبراهيم ثَانِيَةً مِنَ السماءِ 16وَقَالَ: "بِذَاتِي أَقْسَمْتُ يَقُولُ الرَّبُّ أَنِّي مِنْ أجل أَنَّكَ فَعَلْتَ هَذَا الأمر وَلَمْ تُمْسِكِ ابنكَ وَحِيدَكَ 17أُبَارِكُكَ مُبَارَكَةً وَأكثر نَسْلَكَ تَكثيراً كَنُجُومِ السماءِ وَكَالرَّمْلِ الَّذِي عَلَى شَاطِئ. الْبَحْرِ وَيَرِثُ نَسْلُكَ بَابَ أَعْدَائه 18وَيَتَبَارَكُ فِي نَسْلِكَ جَمِيعُ أُمَمِ الأرض مِنْ أجل أَنَّكَ سَمِعْتَ لِقَوْلِي" (التكوين 22: 15-18). ويمكن تلخيص المقصد الإلهي من هذا الوعد العظيم الذي اعطاه لعبده إبراهيم بأن الله كان سيبارك بواسطة نسل الخليل جميع أمم الأرض. فمقصد الله قد حصر معاملاته الخلاصية مع بني إسرائيل بصورة خاصة وذلك في أيام ما قبل الميلاد الا أن ذلك كان أمراً مؤقتا تحضيريا تعليميا لا أمراً نهائيا. وحدث في كثير من الاحيان أن نسي بنو إسرائيل أن الله كان يهيء العالم بأسره للوقوف على النبأ السار بأن واحدا من نسل إبراهيم ألا وهو السيد المسيح كان سيكون سبب بركة لجميع أمم الأرض. لم يفقهوا هذه الحقيقة الأساسية بل تخيلوا أن الله انتخبهم من أجل انفسهم فقط! ومضت الاعوام والأيام والحقب التاريخية المتعددة وازدادت هذه الافكار الضيقة قوة وصلابة حتى أن أحد الأنبياء امتنع عن الامتثال للأمر الإلهي المتعلق بالمناداة بالكلمة في نينوى.
من كان هذا النبي ومتى عاش؟ كان اسمه يونان النبي وقد عاش في القرن الثامن قبل الميلاد في القسم الشمالي من فلسطين أي في اقليم الجليل. هذا النبي مثل في شخصيته بني جنسه، والمصاعب التي جرها على نفسه كانت منبثقة من تعصبه. ولكن الله أعطاه رسالة خاصة فأوصلها إلى أهل نينوى بالرغم من ميوله الخاصة. ورسالة يونان تظهر لنا بأن العالم بأسره هو مسرح لعمل الله الخلاصي وأنه تعالى ينوى انقاذ الناس من سائر الشعوب والاقوام. ومع أن سفر نبوة يونان هو مختلف عن بقية أسفار الأنبياء وذلك لانه لا يحتوى على نبوات – كما نعرفها حسب العادة – الا أن التاريخ المدون في هذا السفر هو تاريخ رمزى ونبوى فهو لذلك يساعدنا على معرفة الله معرفة صحيحة وعلى الوقوف على فحوى مشيئته بخصوص عالمنا.
1. الاقليمية الضيقة تتحدى الله ومشيئته الخلاصية الرحيمة: "1وَصَارَ قَوْلُ الرَّبِّ إلى يُونَانَ بْنِ أَمِتَّايَ: 2"قُمِ اذهَبْ إلى نِينَوَى الْمَدِينَةِ الْعَظِيمَةِ وَنَادِ عَلَيْهَا لأَنَّهُ قَدْ صَعِدَ شَرُّهُمْ أَمَامِي"ظهرت مشيئة الله الخلاصية والانقاذية في هذه الكلمات التي كان النبي يونان قد استلمها. اذهب يا يونان وناد على تلك المدينة وأنذرها نظرا لكثرة شرورها وآثامها. ومن الجدير بالذكر أن نينوى كانت مدينة هامة للغاية وتقع في شمالي البلاد ما بين النهرين أي بالقرب من مدينة الموصل الحالية في الجمهورية العراقية. هل انصاع النبي إلى أمر الله الصريح؟ كلا انه تحدى الله وقال له: كلا!"3فَقَامَ يُونَانُ لِيَهْرُبَ إلى تَرْشِيشَ مِنْ وَجْهِ الرَّبِّ"قام يونان بهذا العمل المحزن لأنه كان يعكس في موقفه هذا الاقليمية الضيقة والعنصرية العقيمة التي كانت سائدة في أيامه وبين بني جنسه. لم يهرب يونان النبي من وجه الله لأن المهمة كانت شاقة أو عسيرة بل هرب من الله لأن مهمته كانت قد تؤول إلى خلاص اهل نينوى الغارقين في عبادة الاصنام. وبعبارة أخرى كان يونان يرغب في احتكار الرحمة الإلهية ضمن شعب واحد أو منطقة واحدة أو بقعة واحدة من هذه الكرة الأرضية ولذلك تحدى الله وهرب من وجهه إلى ترشيش (وكانت هذه المدينة مرفأ بناه الفينيقيون في بلاد أسبانيا).. كان عمل يونان هذا بمثابة اعتراض مبدئي على برنامج الله الخاص بإنقاذ العالم من الخطية ومن عواقبها الوخيمة.
2. دينونة الاقليمية الضيقة: "4فَأَرْسَلَ الرَّبُّ رِيحاً شَدِيدَةً إلى الْبَحْرِ فَحَدَثَ نَوْءٌ عَظِيمٌ.." ظن يونان بأنه يستطيع التهرب من القيام بمطلب الله وانه كان بمقدوره الذهاب باتجاه الغرب بينما كان عليه الذهاب شرقا فشمالا! ولكن الله أرسل دينونته العادلة فوقعت على النبي العاصي على ربه وخالقه. مسكين يونان – ها إنه قد أسرع بكل ما كان في طاقته فوصل ميناء يافا وأقلع مع بحارة ذاهبين إلى مرفأ ترشيش في أسبانيا وما أن وطأت قدماه السفينة حتى هرع إلى جوفها ونام. في النوم كان يستطيع أن ينسى الأمر الإلهي، ولكن متى كان النوم يحل مشاكل الإنسان الشخصية منها والاجتماعية؟
ومن الجدير بالذكر أن البحارة مع كونهم من عابدي الأوثان الا انهم لم يكونوا بدون أي تفهم لأمور الدين ولذلك فانهم أفاقوه من سباته العميق وطلبوا منه أن يصلي إلى إلهه طالباً المعونة. ثم عزموا بأن يلقوا قرعا لمعرفة شخصية الجاني والهارب من وجه الله فوقعت القرعة على يونان.
لم يعد في مقدور يونان بأن يبقي سره في طي الكتمان فأعترف بجرمه وقال"أَنَا عِبْرَانِيٌّ وَأَنَا خَائف مِنَ الرَّبِّ إِلَهِ السماءِ الَّذِي صَنَعَ الْبَحْرَ وَالْبَرَّ"ثم أخبرهم كيف هرب من وجه الله. ثم قال لهم"خُذُونِي وَاطْرَحُونِي فِي الْبَحْرِ فَيَسْكُنَ الْبَحْرُ عَنْكُمْ لأَنَّنِي عَالِمٌ أَنَّهُ بِسَبَبِي هَذَا النَّوْءُ الْعَظِيمُ عَلَيْكُمْ"تردد بحارة السفينة في القيام بما طلب منهم النبي لأنهم لم يريدوا بأن يكونوا سبب غرق وموت إنسان ولذلك حاولوا بأن يرجعوا سفينتهم إلى الشاطيء ولكنهم لم يتمكنوا من ذلك وازداد البحر اضطرابا عليهم"14فَصَرَخُوا إلى الرَّبِّ: "آهِ يا رَبُّ لاَ نَهْلِكْ مِنْ أجل نَفْسِ هَذَا الرَّجُلِ وَلاَ تَجْعَلْ عَلَيْنَا دَماً بَرِيئا لأَنَّكَ يا رَبُّ فَعَلْتَ كَمَا شِئت". 15ثُمَّ أَخَذُوا يُونَانَ وَطَرَحُوهُ فِي الْبَحْرِ فَوَقَفَ الْبَحْرُ عَنْ هَيَجَانِهِ"
كيف نفسر اختبار يونان هذا؟ هل نقف موقف المستهزئين والملحدين ونقول اننا لا نقبل هذا الكتاب الموحي به من الله؟ كلا أن قمنا بذلك فأننا نكون حارمين انفسنا رحمة الله وطريقته الوحيدة للخلاص والتحرير والانقاذ من الشر. كلا اننا لن نقف موقفا سلبيا من سفر يونان بل نتعظ مما ورد في الفصل الأول ومن اختبار النبي المرير على السفينة الذاهبة إلى اسبانيا. يكلمنا الله بواسطة ذلك الحدث التاريخي ويقول لنا: لا تتصوروا بأنني مهتم ببقعة واحدة من الأرض فقط، لا تظنوا أن مشيئتي تتعلق بجنس واحد أو بعرق معين. اني قطعت عهدا مع عبدي إبراهيم وقلت له: ويتبارك في نسلك جميع أمم الأرض! ما اهم وعد الله لإبراهيم: جميع امم الأرض، هل سمعنا جيدا؟ جميع امم الأرض تتبارك في نسل إبراهيم. وعد الله هو وعد عام شامل كامل تام لا يمكن جعله اقليميا عنصريا ضيقا. طبعا كما ذكرنا سابقا شاء الله خلال حقبة معينة من التاريخ أن يحصر تعامله مع شعب معين هو بني إسرائيل في أيام ما قبل المسيح ولكن ذلك كان تدبيرا مؤقتا تحضيريا تمهيديا ولكن غايته النهائية كانت تعم الشعوب في العالم كله. ولذلك كان الله يصحح مرارا وتكرارا الآراء الخاطئة التي نبتت على سطح الأرض المقدسة والتي تجسمت في يونان النبي.
النوء الشديد الذي منع يونان عن السفر والقاء يونان من قبل البحارة في البحر هما صورتان حيتان لدينونة الله العادلة والصريحة على اية اقليمية ضيقة أو نظرية تحصر بواسطتها الرحمة الإلهية أو المشيئة الإلهية الانقاذية الخلاصية ضمن أي نطاق ضيق! الله هو اله الناس كلهم ولن تقف في وجهه اية عقبة تمنعه عن القيام بتتميم وعده الإلهي لإبراهيم. وكان وعد الله لإبراهيم أن جميع أمم الأرض ستتبارك بواسطة نسله.
3. رحمة الله تسمو على كل شيء: "17وَأَمَّا الرَّبُّ فَأَعَدَّ حُوتاً عَظِيماً لِيَبْتَلِعَ يُونَانَ. فَكَانَ يُونَانُ فِي جَوْفِ الْحُوتِ ثَلاَثَةَ أيام وَثَلاَثَ لَيَالٍ" ما أعظم رحمة الله التي تسمو على جميع أخطاء وخطايا الإنسان! لولا رحمة الله لما كان هناك سفر نبوة يونان. لولا رحمة الله لمات يونان غرقا في مياه البحر الابيض المتوسط بالقرب من مدينة يافا!
دينونة الله العادلة منعت يونان من تتميم خطته للهرب من وجه الله. ولكن علاقة الله بالإنسان لا يمكن أن ترى من زاوية الدينونة فقط بل هناك رحمة الله ومحبة الله اللتان لا تتركان الإنسان شأنه لأن الله يود انقاذ الإنسان من شره وضلاله. واما الرب فأعد حوتا... لا لقتل يونان بل لانقاذ يونان.
يجدر بنا أن نذكر الآن أن أعظم من يونان جاء بعد نحو ثمان مئة سنة كان اسمه المسيح. لم يتهرب المسيح من القيام بالمشيئة الإلهية بل ذهب إلى الصليب ليكفر عن خطايا الناس. وقد قبر المسيح وظل تحت سلطة الموت من يوم الجمعة حتى فجر الاحد عندما قام من الأموات واظهر النصر الشامل والكامل على الموت والشر والخطية والشيطان. المسيح هو نسل إبراهيم وبواسطته تتبارك جميع أمم الأرض. لا تتم هذه البركة بطريقة أوتوماتيكية بل بواسطة الإيمان – إيمان كل من يسمع بكلمة الله المفرحة، الثقة التامة بأن المسيح هو المنقذ والمحرر. وفي المسيح يسوع لا عنصرية ولا اقليمية ضيقة، لا شرق ولا غرب، لا شمال ولا جنوب بل اخوية عامة شاملة تعمل على خدمة الله والبشرية المعذبة.
هل اختبرت أيها القارئ العزيز البركة التي وعد بها الله لعبده إبراهيم؟ آمن بالمسيح المخلص فتنال المغفرة والسلام والنصر، آمين.
من جوف الحوت

"1فَصَلَّى يُونَانُ إلى الرَّبِّ إِلَهِهِ مِنْ جَوْفِ الْحُوتِ 2وَقَالَ: "دَعَوْتُ مِنْ ضِيقِي الرَّبَّ فَاسْتَجَابني صَرَخْتُ. مِنْ جَوْفِ الْهاوية فَسَمِعْتَ صَوْتِي. 3لأَنَّكَ طَرَحْتَنِي فِي الْعُمْقِ فِي قَلْبِ الْبِحَارِ. فَأَحَاطَ بِي نَهْرٌ. جَازَتْ فَوْقِي جَمِيعُ تَيَّارَاتِكَ وَلُجَجِكَ. 4فَقُلْتُ: قَدْ طُرِدْتُ مِنْ أَمَامِ عَيْنَيْكَ. وَلَكِنَّنِي أَعُودُ أَنْظُرُ إلى هَيْكَلِ قُدْسِكَ. 5قَدِ اكْتَنَفَتْنِي مِيَاهٌ إلى النَّفْسِ. أَحَاطَ بِي غَمْرٌ. الْتَفَّ عُشْبُ الْبَحْرِ بِرَأْسِي. 6نـزلْتُ إلى أَسَافِلِ الْجِبَالِ. مَغَالِيقُ الأرض عَلَيَّ إلى الأَبَدِ. ثُمَّ أَصْعَدْتَ مِنَ الْوَهْدَةِ حَيَاتِي أيها الرَّبُّ إلهي. 7حِينَ أَعْيَتْ فِيَّ نَفْسِي ذَكَرْتُ الرَّبَّ فَجَاءَتْ إِلَيْكَ صَلاَتِي إلى هَيْكَلِ قُدْسِكَ. 8اَلَّذِينَ يُرَاعُونَ أَبَاطِيلَ كاذبة يَتْرُكُونَ نِعْمَتَهُمْ. 9أَمَّا أَنَا فَبِصَوْتِ الْحَمْدِ اذبَحُ لَكَ وَأوفِي بِمَا نَذَرْتُهُ. لِلرَّبِّ الْخَلاَصُ". 10وَأمر الرَّبُّ الْحُوتَ فَقَذَفَ يُونَانَ إلى الْبَرِّ"
نبوة­ يونان - الفصل الثاني

لماذا لا نكون صريحين للغاية؟ عالم اليوم لا يؤمن بالمعجزات! عالم اليوم هو عالم متحرر ومتفتح، انه عالم خلبه العلم والعلم المطبق في سائر انحاء مرافق الحياة أي التكنولوجيا. وهكذا فإن الجو الفكرى المحيط بنا اليوم لا يسمح لنا بأن نسلم بوجود المعجزات. ولا يكتفي عالم اليوم بانكار امكانية المعجزات بل انه يذهب إلى الوراء تاريخيا وينكر واقعية المعجزات التي حدثت في الماضي. ولسان حال ايديولوجية العصر الحاضر هو: لا آيات ولا معجزات في الأمس أو اليوم أو الغد.
لكن عالم اليوم هو عالم متخبط بالمشاكل المستعصية، مشاكل لم تعرف في الماضي وذات أبعاد كثيرة وكبيرة. وهكذا فإن الجو الفكرى المحيط بنا والذي يشبع سماء عالم اليوم لا يمكن له بأن يتشدق بأنه أكثر واقعية من الإيمان الديني الصحيح ذلك الإيمان الذي يبدأ بعقيدة الخالق عز وجل. وعلينا أن نكون صريحين للغاية كما ذكرنا آنفا ولذلك نقول أن انكار امكانية المعجزات ليس بالأمر المنفرد الشاذ بل انه يشكل جزءا من النظرية الإلحادية التطورية التي هي فلسفة اليوم. وهذه الفلسفة تدعي بأن الكون بأسره هو عبارة عن وجود كوني تلقائي أزلي وان المشاكل والمعضلات والمتناقضات التي نجدها في عالمنا اليوم انما هي من صلب تكوين العالم. وهذا يعني اننا – اذا ما سلمنا بهذه النظرية – نرغم على اعتناق فلسفة حتمية لا تساعدنا مطلقا على حل جميع ما يعكر سماء حياتنا والموضوع الذي نجابهه اليوم ليس هو بالسؤال عما اذا كان هنالك معجزات ام لا؟ هذا أمر فرعي جانبي. الموضوع الحقيقي الذي نجابهه في القسم الأخير من القرن العشرين هو وجود أوعدم وجود الله، هل الله أعظم حقيقة في الوجود ام هل كوننا هذا هو بدون الله؟ هذا هو مفترق الطرق في يومنا هذا: الإيمان الحي بالله أوعدم الإيمان به. الحياد غير ممكن تجاه هذا الموضوع.
ونحن أن سلمنا بالله لابد لنا بأن نذهب إلى الخطوة التالية فنقول اننا نؤمن بالله الخالق. لا يكفينا الاقرار بالله ثم نسيان كل شيء عن هذا الاقرار. نحن نؤمن بالله الخالق أولاً نؤمن به. من اعتقد بوجود الله ولم يذهب إلى الخطوة التالية وأقر بأنه تعالى هو الخالق لكل شيء في الوجود فانه لا يكون معترفا بالاله الحقيقي بل بإله وهمي!
ان آمنا الآن واعترفنا وشهدنا بالله الخالق نكون مقرين بأعظم حقيقة مبدئية في الوجود. أن كانت شهادتنا تبدأ بهذه الحقيقة العظمى، أي أن كنا نرجع كل شيء في الوجود من ناحية كونه وصيرورته، أن كنا نرجع كل ذلك إلى الله أفمن العسير لنا إذ ذاك الإيمان بأن اله يقوم بأمور خارقة للطبيعة؟! من كان مؤمناً بالله الخالق أيصعب عليه الإيمان بحقيقة منبثقة عن تلك الحقيقة الأولية: الاقرار بأن الله شاء أحيانا وقام بمعجزة أو بآية على أرضنا هذه؟ هل من العسير لنا أن نؤمن بأن الله قد سمح لنبي بأن يبتلع من حوت وان يبقى هذا النبي حيا لمدة ثلاثة أيام وثلاث ليال؟!
استهزأ الكثيرون من الناس منذ القديم بحادثة يونان النبي وأنكروا انه ابتلع من الحوت وأنه بقي حيا ولم يصب بسوء. أن عدم الإيمان بمعجزة واحدة هو عدم إيمان بجميع المعجزات الاكيدة المذكورة على صفحات الكتاب ولذلك فنحن نجد انفسنا مرغمين بأن نتكلم عن الموضوع بصورة عامة قبل المجيء إلى البحث في سيرة يونان بصورة خاصة.
كان يونان هذا نبيا وقد عاش في القسم الشمالي من فلسطين في اقليم الجليل وانه استلم دعوة إلهية للذهاب إلى مدينة نينوى للمناداة عليها بكلمة الله. ونينوى هذه كانت مدينة عظيمة كبيرة في شمالي ما بين النهرين أي بالقرب من مدينة الموصل الحالية في الجمهورية العراقية.
نـزل النبي إلى ميناء يافا باتجاه ترشيش. وترشيش هذه كانت مدينة فينيقية في بلاد اسبانيا. طلب الله من النبي الذهاب شرقا فذهب غربا لأن النبي أراد الهرب من وجه الله. ولكن من يستطيع الهرب من الله؟ ارسل الله ريحا شديدة إلى البحر فحدث نوء عظيم حتى أوشكت السفينة على الغرق. وأخيرا اعترف النبي الهارب بذنبه وطلب من البحارة بأن يلقوه في البحر وما أن قاموا بذلك حتى سكت النـوء"17وَأَمَّا الرَّبُّ فَأَعَدَّ حُوتاً عَظِيماً لِيَبْتَلِعَ يُونَانَ. فَكَانَ يُونَانُ فِي جَوْفِ الْحُوتِ ثَلاَثَةَ أيام وَثَلاَثَ لَيَالٍ"
ولكن لماذا هرب يونان من وجه الرب؟ هل كان متخوفا من أهل نينوى؟ كلا! انه امتنع عن الانصياع لارادة الله لأنه لم يرغب في تبليغ أهل نينوى رسالة الله – لأنهم أن قاموا بما طلبه منهم الله فانهم سينجون من الدينونة. اما يونان فانه كان ذا نـزعة اقليمية عنصرية ضيقة ولذلك فانه قال لله: لا، لن اذهب برسالتي إلى آل نينوى. نلاحظ أن الله عاقب يونان ثم رحمه وانقذه. هذا هو الدرس العظيم الذي نتعلمه من الفصل الثاني من نبوة النبي يونان. كان الحوت سبب خلاص يونان من الموت غرقا في البحر الابيض المتوسط.
1. رحمة الله تسموعلى كل شيء: قد نتعجب إذ نسمع أن يونان رفع صلاة من جوف الحوت فنقول: كيف تمكن النبي من القيام بذلك؟ هل جوف الحوت بمكان لائق بالصلاة إلى الله؟ صلى النبي إلى الله من جوف الحوت صلاة شكر لأنه علم علم الأكيد أن الله عاقبه وانقذه في نفس الوقت. والخلاص الذي اختبره النبي دفعه إلى القول"دَعَوْتُ مِنْ ضِيقِي الرَّبَّ فَاسْتَجَابني"نحن لا نعلم طول الصلاة التي صلاها يونان وهو يهوى إلى الأعماق والله لا يقيس الصلاة حسب كثرة كلماتها. ربما لم يتمكن يونان الا من القول: يا الله! المهم انه دعا الله في ضيقه فاستجابه الرب. وحتى قبل أن يلفظه الحوت على الشاطيء فإن يونان كان متأكدا بأن الله سينقذه ويبقيه حيا على هذه الأرض. ويا له من اختبار أليم! قال النبي واصفا ما جرى له"3لأَنَّكَ طَرَحْتَنِي فِي الْعُمْقِ فِي قَلْبِ الْبِحَارِ. فَأَحَاطَ بِي نَهْرٌ. جَازَتْ فَوْقِي جَمِيعُ تَيَّارَاتِكَ وَلُجَجِكَ. 4فَقُلْتُ: قَدْ طُرِدْتُ مِنْ أَمَامِ عَيْنَيْكَ. وَلَكِنَّنِي أَعُودُ أَنْظُرُ إلى هَيْكَلِ قُدْسِكَ. 5قَدِ اكْتَنَفَتْنِي مِيَاهٌ إلى النَّفْسِ. أَحَاطَ بِي غَمْرٌ. الْتَفَّ عُشْبُ الْبَحْرِ بِرَأْسِي. 6نـزلْتُ إلى أَسَافِلِ الْجِبَالِ. مَغَالِيقُ الأرض عَلَيَّ إلى الأَبَدِ"يا لها من أمور مرعبة. ظن النبي للحظات بأن النهاية كانت على الابواب وانه كان سيموت كثائر على الله. ولكنه لم ييأس من رحمة الله. ما أهم هذا الموقف! علينا ألا نيأس من رحمة الله لأن رحمة الله تسموعلى كل شيء. قال النبي"صَرَخْتُ. مِنْ جَوْفِ الْهاوية فَسَمِعْتَ صَوْتِي"نعم ما أعظم رحمتك يا الله وما اسماها! رحمتك تعلوعلى كل شيء!
ولكن رحمة الله ليست لرجل واحد أو انسان واحد أولشعب واحد. رحمة الله هي عامة وشاملة ويستفيد منها كل مؤمن تائب. علم الله عبده ونبيه يونان وهولا يزال في جوف الحوت، علمه بأنه سيظهر رحمته أيضاً لأهل نينوى أولئك الذين كانوا يعبدون الاصنام ويقدمون الذبائح للآلهة الكاذبة. كان الله سيظهر رحمته لهم لأنه تعالى لا يسر بموت الخطاة بل بتوبتهم!
ورحمة الله لا تزال تعمل في دنيانا اليوم أيضاً. هل نتساءل احيانا لماذا لا ينهي الله تاريخ العالم ولماذا لا يأتي اليوم الأخير ولماذا لا يعود السيد المسيح؟ هل نتساءل لماذا لا تنـزل على عالمنا اليوم دينونة الله العادلة؟ الجواب هو أن الله يهتم بعباده وانه رحيم غفور يود من الناس بأن يتوبوا اليه ويبتعدوا عن سائر مظاهر الصنمية والإلحاد. لولا رحمة الله لما كان عالمنا هذا اهلا بالسكني! لولا رحمة الله لقام الإنسان بكل ما يصوره له الشيطان ولصارت أرضنا هذه مثل الجحيم! نعم ما أعظم رحمة الله!
2. نهاية طريق وبداية طريق: في جوف الحوت وصل النبي يونان إلى نهاية طريق السلبية. في جوف الحوت ابتدأ يونان بالسير على طريق الايجابية الموصل إلى الحقيقة المفرحة. قال النبي: "7حِينَ أَعْيَتْ فِيَّ نَفْسِي ذَكَرْتُ الرَّبَّ فَجَاءَتْ إِلَيْكَ صَلاَتِي إلى هَيْكَلِ قُدْسِكَ. 8اَلَّذِينَ يُرَاعُونَ أَبَاطِيلَ كاذبة يَتْرُكُونَ نِعْمَتَهُمْ. 9أَمَّا أَنَا فَبِصَوْتِ الْحَمْدِ اذبَحُ لَكَ وَأوفِي بِمَا نَذَرْتُهُ. لِلرَّبِّ الْخَلاَصُ"
قد يظهر من الغريب جدا لنا أن يجد الإنسان نفسه وان يعود إلى رشده في جوف الحوت السابح في مياه المتوسط! ولكن أليس هذا هو اختبار العديدين من الناس وان كانوا لم يبتلعوا من قبل حوت حقيقي؟ فعندما نقع في الحضيض نظرا لهربنا من مواجهة الحقيقة وعندما نحاول الهرب من الله الحق وإذ نصل إلى نهاية المسعى ألسنا أيضاً في حالة تساعدنا على السير على طريق جديد الجواب هو نعم فيما اذا صرخنا إلى الله وطلبنا منه المعونة واتكلنا على رحمته وعلمنا بأنه لن يتركنا في جب الهلاك أن تبنا اليه وآمنا بمن أرسله ليكون مخلص العالم.
فكما كان جوف الحوت نهاية الطريق وبداية الطريق بالنسبة ليونان هكذا أيضاً يمكن لمصاعب الحياة بأن تكون بالنسبة الينا – فيما اذا تمسكنا برحمة الله.
وقد تقول لي: ولكن كيف أتأكد أنا من رحمة الله؟ أنا لا أستطيع أن اعيد اختبار يونان في حياتي. هذا صحيح، كان اختبار يونان فريدا من ناحية ولكنه كان أيضاً اختبارا رمزيا ودلنا على عدم امكانية الهرب من الله. لنعود إلى سؤالك: كيف أتأكد من رحمة الله؟ نرى رحمة الله على ذروتها في شخص وحياة واختبارات المسيح. لقد جاء السيد المسيح له المجد مرسلا من الله ليقوم بعمل انقاذى حاسم ولصالح سائر المؤمنين به. لقد اظهر المسيح عظمة رحمة الله بموته عنا كفاريا ونيابيا على صليب خشبي. وقد ظل هو أيضاً في حالة الموت لمدة ثلاثة أيام ثم قام منتصرا على الموت لكي ينقذ كل من يؤمن به. لولا رحمة الله ولولا محبة الله لنا لما جاء المسيح ولما تعذب ولما مات ولما قبر ولما قام من الأموات.
نعم ظهرت رحمة الله في حياة يونان النبي ولكن رحمة الله ظهرت بصورة فائقة في حياة وأعمال المسيح الذي هو أعظم من يونان. هل تؤمن بالمسيح إيماناً خلاصيا؟ آمن اليوم واختبر ضمن حياتك الحرية الحقيقية التي يمنحها الله لنا نظرا لرحمته العظيمة، آمين.
غضب الله ورحمته

"1ثُمَّ صَارَ قَوْلُ الرَّبِّ إلى يُونَانَ ثَانِيَةً: 2"قُمِ اذهَبْ إلى نِينَوَى الْمَدِينَةِ الْعَظِيمَةِ وَنَادِ لَهَا الْمُنَادَاةَ الَّتِي أَنَا مُكَلِّمُكَ بِهَا". 3فَقَامَ يُونَانُ وَذَهَبَ إلى نِينَوَى بِحَسَبِ قَوْلِ الرَّبِّ. أَمَّا نِينَوَى فَكَانَتْ مَدِينَةً عَظِيمَةً لِلَّهِ مَسِيرَةَ ثَلاَثَةِ أيام. 4فَابْتَدَأَ يُونَانُ يَدْخُلُ الْمَدِينَةَ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَاحِدٍ وَنَادَى: "بَعْدَ أَرْبَعِينَ يَوْماً تَنْقَلِبُ نِينَوَى" 5فَآمَنَ أَهْلُ نِينَوَى بِاللَّهِ وَنَادُوا بِصَوْمٍ وَلَبِسُوا مُسُوحاً مِنْ كَبِيرِهِمْ إلى صَغِيرِهِمْ. 6وَبَلَغَ الأمر مَلِكَ نِينَوَى فَقَامَ عَنْ كُرْسِيِّهِ وَخَلَعَ رِدَاءَهُ عَنْهُ وَتَغَطَّى بِمِسْحٍ وَجَلَسَ عَلَى الرَّمَادِ. 7وَنُودِيَ فِي نِينَوَى عَنْ أمر الْمَلِكِ وَعُظَمَائه: "لاَ تَذُقِ النَّاسُ وَلاَ الْبَهَائم وَلاَ الْبَقَرُ وَلاَ الْغَنَمُ شَيْئا. لاَ تَرْعَ وَلاَ تَشْرَبْ مَاءً. 8وَلْيَتَغَطَّ بِمُسُوحٍ النَّاسُ وَالْبَهَائم وَيَصْرُخُوا إلى اللَّهِ بِشِدَّةٍ وَيَرْجِعُوا كُلُّ وَاحِدٍ عَنْ طَرِيقِهِ الرَّدِيئة وَعَنِ الظُّلْمِ الَّذِي فِي أَيْدِيهِمْ 9لَعَلَّ اللَّهَ يَعُودُ وَيَنْدَمُ وَيَرْجِعُ عَنْ حُمُو غَضَبِهِ فَلاَ نَهْلِكَ". 10فَلَمَّا رَأى اللَّهُ أعمالهُمْ أَنَّهُمْ رَجَعُوا عَنْ طَرِيقِهِمِ الرَّدِيئة نَدِمَ اللَّهُ عَلَى الشَّرِّ الَّذِي تَكَلَّمَ أن يَصْنَعَهُ بِهِمْ فَلَمْ يَصْنَعْهُ"
نبوة يونان- الفصل الثالث

ما هو موقف الله من عالمنا اليوم؟ هل الله راض عما يجرى على أرضنا هذه من شرور وآثام ومعاصي؟ الجواب هو: كلا! الله غير راض على عالمنا اليوم لأن الله لا يرغب مطلقا في رؤية الشر يدمر عالمه الذي خلقه والذي هو لمجد اسمه القدوس؟ لا يرضى الله عن كل عمل مخالف لمشيئته المقدسة والذي يتم على أرضنا. الشر المرتكب يجلب غضب الله على الناس لأن الشر الذي يرتكبه الإنسان انما هو تحد لله القادر على كل شيء والذي له السلطة المطلقة في كوننا هذا بما في ذلك عالم الإنسان. وهكذا فاننا اذا عدنا إلى السؤال الأول: ما هو موقف الله من عالمنا اليوم لابد لنا من القول بأن الله غاضب على عالمنا لأن الناس يعبثون بوصاياه واحكامه ويظنون بأنهم يستطيعون بأن يبنوا عالما جديدا بدون اخذ الله وشريعته بعين الاعتبار. كيف يمكن لله بأن يرضى على الذين يتحدونه ويقفون منه موقفا سلبيا؟
وما ذكرناه آنفا عن غضب الله على عالمنا ليس بالموقف الوحيد الذي يقفه الله تجاه خليقته، إذ انه تعالى اسمه لو كان غاضبا فقط على عالمنا ولو كان الغضب موقفه الوحيد لما بقي إنسان على أرض البسيطة! هناك موقف اخر لله تجاه عالمه وهذا هو موقف الرحمة. الله رحيم رؤوف يشفق على عباده وهولا يسر ولا يبتهج بموت الخطاة بل يبغي توبتهم ورجوعهم اليه. كيف نؤكد اليوم هذين الأمرين عن الله بخصوص موقف من العالم؟ كيف نقول في أن واحد أن الله غاضب علينا وعلى عالمنا وبأنه يشفق علينا في أن واحد؟ نقول ما قلناه لا لأننا ابتدعنا شيئا جديدا بل لأننا انما نرى هذا التعليم الهام على صفحات الوحي الإلهي المدون في الكتاب المقدس.
نرى في حياة النبي يونان وفي الوحي الذي استلمه هذا النبي من الله أن موقف الله من العالم هو في أن واحد موقف غضب على الشر والخطية والاثم بشتى ابعادها وموقف رحمة وشفقة على الناس الذين يحتاجون إلى الخلاص والتحرير والانعتاق من الشر والخطية والاثم والمعصية.
علم يونان بواسطة اختباره المرير انه من المستحيل التهرب من الله أو الوقوف المتحد للخالق تعالى اسمه. يخبرنا الوحي ان"1ثُمَّ صَارَ قَوْلُ الرَّبِّ إلى يُونَانَ ثَانِيَةً: 2"قُمِ اذهَبْ إلى نِينَوَى الْمَدِينَةِ الْعَظِيمَةِ وَنَادِ لَهَا الْمُنَادَاةَ الَّتِي أَنَا مُكَلِّمُكَ بِهَا". 3فَقَامَ يُونَانُ وَذَهَبَ إلى نِينَوَى بِحَسَبِ قَوْلِ الرَّبِّ. أَمَّا نِينَوَى فَكَانَتْ مَدِينَةً عَظِيمَةً لِلَّهِ مَسِيرَةَ ثَلاَثَةِ أيام. 4فَابْتَدَأَ يُونَانُ يَدْخُلُ الْمَدِينَةَ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَاحِدٍ وَنَادَى: "بَعْدَ أَرْبَعِينَ يَوْماً تَنْقَلِبُ نِينَوَى"
1. بعد أربعين يوما تنقلب نينوى: تعبر هذه الكلمات عن غضب الله على الخطية وتظهر لنا في نفس الوقت أن هذا الغضب ليس بموقف نظرى أو خيالي بل انه يجلب دينونة الله. نعم لا يرضى الله على الناس ولا على الجماعات الذين يعيشون وكأنه لم يتكلم أوكأنه سبحانه وتعالى لم يعط شريعته لبني البشر. أن ارتكاب الشر على الصعيد الفردى والاجتماعي انما هو تحد سافر لله ولسلطته وملكوته. وهذا التحد لا يمكن له أن يستمر بدون قصاص لأن الله لا ينكر ذاته. وبما أن شر نينوى كثر جدا فإن الله صمم بأن يقلب تلك المدينة بما فيها من بشر وحيوانات بعد مدة اربعين يوما.
وما كتب في الأسفار النبوية انما هو لتعليمنا نحن البشر الذين نعيش بعد آلاف من السنين في تلك الأيام. لا يتغير الله من يوم إلى آخر بل انه هو هو امس واليوم وإلى الابد فإن كان الله يغضب على الشر في أيام النبي يونان أفنظن انه لا يغضب على الشر في أيامنا هذه أيضاً؟
وبينما كان الناس في تلك الأيام لا يعرفون الا النـزر اليسير عن الله وذلك لأنهم كانوا في أغلبيتهم قد وقعوا فريسة للوثنية الا اننا في هذه الأيام لا نقدر بأن نظهر نفس الجهل. نحن سكان القرن العشرين نعيش في أيام اكتمال الوحي الإلهي. اننا نعيش في ظل العهد الجديد وقد سمعنا عن موقف الله من الشر والمعصية أكثر بكثير من معاصري يونان النبي. فلنحذر اذن من الاختباء وراء اعذار واهية ونقول اننا لا نعلم أي شيء عن موقف الله منا أو عن علاقة الله بأمور عالمه. طبعا أن دينونة الله لا تقع دائما على الناس على منوال واحد بل أن لها اشكال وانواع مختلفة ولكن الدينونة اكيدة – لكل من يستمر في الثورة على الله وعلى وحيه المقدس.
عندما نادى يونان النبي بكلمة الله على نينوى فإن مناداته كانت تظهر رحمة الله أيضاً. لوكان موقف الله مجرد موقف الغضب لما كانت حاجة إلى انذار يونان للناس بل لوقعت الدينونة على نينوى بدون سابق مناداة. وهكذا نقول: حتى عندما ينذر الله الناس ويظهر غضبه على شرهم وضلالهم فانه يظهر في نفس الوقت رحمته وشفقته. فلنذكر جيدا اذن أن الله يسر بالتوبة ويقوم بحث الناس على العودة عن غيهم وضلالهم وذلك بواسطة المناداة بكلمته الخلاصية.
"5فَآمَنَ أَهْلُ نِينَوَى بِاللَّهِ وَنَادُوا بِصَوْمٍ وَلَبِسُوا مُسُوحاً مِنْ كَبِيرِهِمْ إلى صَغِيرِهِمْ"رأي سكان تلك المدينة العظيمة نبيا ينادي في وسطهم وينذرهم بالعاقبة الوخيمة التي كانت تنتظرهم بعد اربعين يوما – فيما اذا استمروا على شرورهم وآثامهم ومعاصيهم وخطاياهم. رأوا يونان وسمعوا كلماته القليلة التي كانت تعبر عن موقف الله منهم. وظهر لهم بوضوح مفترق الطريق: اما الاستمرار على الطريق المعوج واختبار دينونة الله العادلة أو التوبة والإيمان بالله والسير على سراطه المستقيم والوصول إلى الحياة. اختار اهل نينوى الطريق الثاني وأظهروا ذلك بصورة عملية كما رأينا في النص الكتابي.
ان المظاهر الخارجية للديانة لا تنفع في حد ذاتها أي أن كانت بمفردها وان كان يقوم بها الناس بصورة روتينية ولكن المظاهر الخارجية لها قيمة كبيرة فيما اذا كانت تعبر عن الشعور العميق بالحزن والتوبة إلى الله. وهكذا علينا أن نفسر موقف ملك نينوى والعظماء وسائر الناس في تلك المدينة انهم تابوا إلى الله توبة كبيرة واظهروا حزنهم العميق بسبب شرورهم ومظالمهم وذلك عندما صاموا وصلوا إلى الله. هل سمع الله لصلواتهم؟
يخبرنا الوحي"10فَلَمَّا رَأي اللَّهُ أعمالهُمْ أَنَّهُمْ رَجَعُوا عَنْ طَرِيقِهِمِ الرَّدِيئة نَدِمَ اللَّهُ عَلَى الشَّرِّ الَّذِي تَكَلَّمَ أن يَصْنَعَهُ بِهِمْ فَلَمْ يَصْنَعْهُ"، نعم ما أعظم رحمة الله وما اشد محبته لبني البشر. تاب اهل نينوى عن شرهم ولذلك قرر الله بأن لا يجلب عليهم الدينونة التي أنذرهم بها.
وما علاقة كل ذلك بنا اليوم؟ نحن نعيش في عالم مختلف عن عالم أيام ما قبل الميلاد. طبعا يختلف عالمنا من عدة وجوه عن عالم أيام النظام القديم ولكن الله لم يتغير وموقف من البشرية لم يتغير. انه تعالى لا يزال يغضب على الشر والاثم ولا يزال ينذرنا نحن بني البشر لكي نعود اليه تائبين.
ونحن نعيش في ظل النظام الجديد أي في أيام ما بعد المسيح، في أيام تتميم عمل الله الخلاصي الفدائي التحريرى والانقاذى. أن مسيح الله جاء إلى عالمنا وعلمنا الكثير عن الله واظهر لنا أن باب التوبة هو مفتوح لكل إنسان وان الله يطلب منا جميعا الا نبقى على شرورنا وآثامنا بل نعود اليه تائبين. وقد مات المسيح على الصليب للتكفير عن خطايانا نحن الذين نؤمن به، ولذلك فانه ليس هناك أي عذر مقبول لمن يستمر في الثورة على الله. ومع أن مهمة المسيح كانت انقاذية وتحريرية وخلاصية وفدائية عندما وفد عالمنا منذ نحو الفي سنة – الا أن وقت التوبة محدود. نحن لا نعلم متى ستنـزل دينونة الله على أرضنا هذه وبصورة كبيرة، ولكننا نعلم علم الأكيد بأن الدينونة آتية أن لم يحصل رجوع عام وشامل في عالمنا هذا إلى الله وإلى شريعته المقدسة.
لابد انك مهتم بصورة كبيرة بمصيرك الخاص يا قارئي الكريم. هل تود أن تنجو من الدينونة الآتية وهل تود أن تخلص من غضب الله الذي سيقع على عالمنا هذا؟ آمن بمن جاء من الله ليكون فادي البشرية الأوحد، آمن بالمسيح المخلص فتنال حياة أبدية لن تنـزع منك. واعلم جيدا أن المسيح الآتي ثانية إلى عالمنا سيأتي ليدين الأحياء والأموات وليؤسس ملكوته الأبدي العظيم، هذا هو رجاؤنا الحي، آمين.
رحمة الله العظيمة

"1فَغَمَّ ذَلِكَ يُونَانَ غَمّاً شَدِيداً فَاغْتَاظَ 2وَصَلَّى إلى الرَّبِّ: "آهِ يا رَبُّ أَلَيْسَ هَذَا كَلاَمِي إذ كُنْتُ بَعْدُ فِي أرضي؟ لِذَلِكَ بَادَرْتُ إلى الْهَرَبِ إلى تَرْشِيشَ لأَنِّي عَلِمْتُ أَنَّكَ إِلَهٌ رَأوفٌ وَرَحِيمٌ بَطِيءُ الْغَضَبِ وَكَثِيرُ الرَّحْمَةِ وَنَادِمٌ عَلَى الشَّرِّ. 3فَ الآن يا رَبُّ خُذْ نَفْسِي مِنِّي لأَنَّ مَوْتِي خَيْرٌ مِنْ حَيَاتِي" 4فَقَالَ الرَّبُّ: "هَلِ اغْتَظْتَ بِالصَّوَابِ؟" 5وَخَرَجَ يُونَانُ مِنَ الْمَدِينَةِ وَجَلَسَ شَرْقِيَّ الْمَدِينَةِ وَصَنَعَ لِنَفْسِهِ هُنَاكَ مَظَلَّةً وَجَلَسَ تَحْتَهَا فِي الظِّلِّ حَتَّى يَرَى ماذا يَحْدُثُ فِي الْمَدِينَةِ. 6فَأَعَدَّ الرَّبُّ الإِلَهُ يَقْطِينَةً فَارْتَفَعَتْ فَوْقَ يُونَانَ لِتَكُونَ ظِلاًّ عَلَى رَأْسِهِ لِيُخَلِّصَهُ مِنْ غَمِّهِ. فَفَرِحَ يُونَانُ مِنْ أجل الْيَقْطِينَةِ فَرَحاً عَظِيماً. 7ثُمَّ أَعَدَّ اللَّهُ دُودَةً عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ في الْغَدِ فَضَرَبَتِ الْيَقْطِينَةَ فَيَبِسَتْ. 8وَحَدَثَ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ أن اللَّهَ أَعَدَّ رِيحاً شَرْقِيَّةً حَارَّةً فَضَرَبَتِ الشَّمْسُ عَلَى رَأْسِ يُونَانَ فَذَبُلَ فَطَلَبَ لِنَفْسِهِ الْمَوْتَ وَقَالَ: "مَوْتِي خَيْرٌ مِنْ حَيَاتِي" 9فَقَالَ اللَّهُ لِيُونَانَ: "هَلِ اغْتَظْتَ بِالصَّوَابِ مِنْ أجل الْيَقْطِينَةِ؟"فَقَالَ: "اغْتَظْتُ بِالصَّوَابِ حَتَّى الْمَوْتِ". 10فَقَالَ الرَّبُّ: "أَنْتَ شَفِقْتَ عَلَى الْيَقْطِينَةِ الَّتِي لَمْ تَتْعَبْ فِيهَا وَلاَ رَبَّيْتَهَا الَّتِي بِنْتَ لَيْلَةٍ كَانَتْ وَبِنْتَ لَيْلَةٍ هَلَكَتْ. 11أَفَلاَ أَشْفَقُ أَنَا عَلَى نِينَوَى الْمَدِينَةِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي يُوجَدُ فِيهَا أكثر مِنِ اثْنَتَيْ عَشَرَةَ رَبْوَةً مِنَ النَّاسِ الَّذِينَ لاَ يَعْرِفُونَ يَمِينَهُمْ مِنْ شِمَالِهِمْ وَبَهَائم كَثِيرَةٌ!"
نبوة يونان الفصل الرابع

اذا القينا نظرة خاطفة على عالمنا اليوم نشاهد حالا مشاكلا مستعصية تقض مضاجع الناس. وكلما استفقنا من نومنا في صباح كل يوم انما نستفيق للمشاكل والمعضلات التي لم نحلها والتي سنواجهها في هذا اليوم. لقد اصبحت الحياة في أيامنا هذه حياة شاقة مليئة بالمخاطر العديدة التي لم يكن يحلم بها آباؤنا وأجدادنا في العصور الماضية.
وإذا وضعنا اللوم كله على الاكتشافات العديدة التي يتميز بها عصرنا الحاضر فأننا نكون من الخاطئين. الاكتشافات العديدة التي يكتظ بها عالمنا اليوم يمكن أن تستعمل اما للخير أو للشر. من العبث لوم الطائرة مثلا أن جلبت معها الموت والهلاك اذا انها قد جلبت أيضاً الخير والسعادة. الاختراع هو موضوع حيادى يمكن أن يتحول اما كأداة للخير أو للشر. يجب أن نضع اللوم على الإنسان: مشكلة المشكلات هو الإنسان لا أكثر ولا اقل. الإنسان هو الذي يستعمل اكتشافات العصر الحاضر كأداة للشر وليس فقط كأداة للخير. الإنسان المعاصر كقرينه الإنسان القديم لا يبغي الخير لقريبه الإنسان! وهذا هو لب المشكلة في هذا العصر. ونحن نشعر بشدة مشاكل أيامنا هذه نظرا لتكاثر الناس على كرتنا الأرضية بصورة لم يكن لها مثيل في عصور التاريخ ونظرا لكثرة الاختراعات الممكن استعمالها للشر. ولكن أساس المشكلات لا يكمن في مجرد تكاثر الناس ولا في كثرة اختراعاتهم بل في الإنسان ذاته. يعيش الإنسان في عالمه الصغير هذا عيشة غير متناسقة مع صلب نظام الوجود الذي أوجده الخالق عز وجل. لقد أصبح الإنسان غريبا واجنبيا في ذات الأرض التي وضع عليها كمواطن واصيل.
اتريد أن ترى ابعاد المشكلة البشرية؟ تعال معي لنستعرض سيرة حياة احد الأنبياء الذين عاشوا في أيام ما قبل الميلاد ألا وهو يونان النبي.
كما رأينا من قراءتنا للفصل الرابع من نبوة يونان نلاحظ انه من الممكن أن نظن الآن أن ما حدث في مدينة نينوى صار سبب فرح وبهجة في قلب يونان النبي ولكننا نكون مخطئين اذا فكرنا أن النبي رحب بقرار الله بألا يقلب مدينة نينوى وذلك لأن سكانها من كبيرهم إلى صغيرهم تابوا إلى الله. نقرأ في الوحي الإلهي ما يلي"1فَغَمَّ ذَلِكَ يُونَانَ غَمّاً شَدِيداً فَاغْتَاظَ 2وَصَلَّى إلى الرَّبِّ: "آهِ يا رَبُّ أَلَيْسَ هَذَا كَلاَمِي إذ كُنْتُ بَعْدُ فِي أرضي؟ لِذَلِكَ بَادَرْتُ إلى الْهَرَبِ إلى تَرْشِيشَ لأَنِّي عَلِمْتُ أَنَّكَ إِلَهٌ رَأوفٌ وَرَحِيمٌ بَطِيءُ الْغَضَبِ وَكَثِيرُ الرَّحْمَةِ وَنَادِمٌ عَلَى الشَّرِّ. 3فَ الآن يا رَبُّ خُذْ نَفْسِي مِنِّي لأَنَّ مَوْتِي خَيْرٌ مِنْ حَيَاتِي" 4فَقَالَ الرَّبُّ: "هَلِ اغْتَظْتَ بِالصَّوَابِ؟"
اغتم يونان لأن الله لم يدمر مدينة نينوى؟! ولكن كيف يمكن ليونان بأن يتخذ هكذا موقف شاذ؟! أن يونان انما هو طراز أورمز للإنسان حتى للإنسان المستنير نظريا – لا حياتيا – المستنير بالمعرفة الصحيحة عن الله والذي نراه لا يضع هذه المعرفة موضع التنفيذ في حياته اليومية. يونان هو ممثل للاقليمية الضيقة الافاق، انه ممثل للتعصب الاعمى لجنس واحد أو لعرق واحد أو لأسرة بشرية واحدة. والذي يؤلم ويؤلم بشدة انه كان يعرف عن الله معرفة صحيحة. ألم يعترف يونان الاعتراف الحسن عندما قال لله في صلاته انك اله رؤوف ورحيم بطيء الغضب وكثير الرحمة ونادم على الشر! نعم أن الله رؤوف ورحيم بطيء الغضب وكثير الرحمة ونادم على الشر أي انه تعالى اسمه لا يجلب الشر على الأشرار – فيما اذا تابوا وعادوا إلى ربهم واعترفوا بالله. كان يونان يعرف الكثير عن الله وعن صفات الله وعن موقف الله من البشرية ولكنه استخلص من هذه عكس ما يود الله من الناس أن يستخلصوا! نظرا لأن أهل نينوى آمنوا بالله واختبروا رحمة الله وغفرانه فإن يونان حسدهم على ذلك وقال لله"3فَ الآن يا رَبُّ خُذْ نَفْسِي مِنِّي لأَنَّ مَوْتِي خَيْرٌ مِنْ حَيَاتِي" 4فَقَالَ الرَّبُّ: "هَلِ اغْتَظْتَ بِالصَّوَابِ؟"!
ظل يونان يترجى دمار المدينة العظيمة فخرج من المدينة وجلس شرقي نينوى وصنع لنفسه هناك مظلة وجلس تحتها في الظل حتى يرى ماذا يحدث في المدينة ونلاحظ هنا أن الله تعالى اراد أن يلقن عبده درسا عمليا لا ينساه فلذلك أعد يقطينة فارتفعت فوق يونان لتكون ظلا على رأسه لأن الشمس كانت حادة للغاية. ففرح يونان من أجل اليقطينة فرحا عظيما! ثم أعد الله دودة عند طلوع الفجر في الغد فضربت اليقطينة فيبست. وحدث عند طلوع الشمس أن الله اعد ريحا شرقية حارة فضربت الشمس على رأس يونان فطلب لنفسه الموت وقال"مَوْتِي خَيْرٌ مِنْ حَيَاتِي"
"هَلِ اغْتَظْتَ بِالصَّوَابِ مِنْ أجل الْيَقْطِينَةِ؟"فَقَالَ: "اغْتَظْتُ بِالصَّوَابِ حَتَّى الْمَوْتِ". 10فَقَالَ الرَّبُّ: "أَنْتَ شَفِقْتَ عَلَى الْيَقْطِينَةِ الَّتِي لَمْ تَتْعَبْ فِيهَا وَلاَ رَبَّيْتَهَا الَّتِي بِنْتَ لَيْلَةٍ كَانَتْ وَبِنْتَ لَيْلَةٍ هَلَكَتْ. 11أَفَلاَ أَشْفَقُ أَنَا عَلَى نِينَوَى الْمَدِينَةِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي يُوجَدُ فِيهَا أكثر مِنِ اثْنَتَيْ عَشَرَةَ رَبْوَةً مِنَ النَّاسِ الَّذِينَ لاَ يَعْرِفُونَ يَمِينَهُمْ مِنْ شِمَالِهِمْ وَبَهَائم كَثِيرَةٌ!"
اين كان منطق يونان؟ اغتاظ يونان لأن اليقطينة هلكت والتي كانت بنت ليلة واحدة ولكنه لم يسر عندما أنقذ الله سكان مدينة نينوى الذين كانوا عديدين إذ كان لديهم من الاطفال مائة وعشرين ألف طفلا؟ اين المعرفة الحياتية لله التي كان عليها أن تظهر في موقف يونان من آل نينوى؟
قد نهز رؤوسنا ونحن نحكم بشدة على يونان وعلى موقفه الشاذ وغير الحميد من سكان مدينة نينوى. الا انه يجدر بنا أن نفكر في الموضوع مليا ونرى أن يونان لم يكن ممثلا لنفسه فقط بل انه كان طراز الكثيرين من الناس الذين كانوا يودون احتكار رحمة الله وبركته لأنفسهم فقط. اختبار يونان ليس بالاختبار الفريد بل انه اختبار رمزى نرى فيه بشاعة العنصرية والاقليمية الضيقة نرى في نفس الوقت عظمة رحمة الله التي تسمو على كل شيء.
ولكن لابد لنا من أن نسأل انفسنا هذا السؤال: كيف يجد الإنسان الخلاص من هكذا مواقف غير متلائمة مع المشيئة الإلهية؟ كيف يجد الإنسان الحرية الحقيقية ليكون إنسانا حقيقيا لا قزما ولا بشريا مشوها؟! كيف يحصل الإنسان على الانقاذ الروحي الذي يساعده بأن يرى الله الرحيم الغفور والذي يود خلاص الناس لا هلاكهم؟
في الوقت المعين من قبل الله وبعد مئات السنين من أيام يونان وفد عالمنا هذا مسيح الله المخلص يسوع المسيح! وقد جاء إلى دنيانا هذه دنيا العذاب والشقاء دنيا الكراهية والبغضاء والعنصرية لكي ينقذ الإنسان من هذه الأمور المحزنة التي تعبث بحياته فرديا وجماعيا. وقد عاش المسيح حياة ملؤها المحبة والرحمة والغفران والقداسة والطهارة وانتهت حياته بالموت على خشبة الصليب خارج مدينة القدس. ولم يكن موت المسيح عبارة عن مفاجأة أو نهاية مفجعة بل كان أعظم عمل تم في دنيانا هذه ألا وهو عمل الله الفدائي الخلاصي الانقاذي التحريري. مات المسيح لكي ينقذ الإنسان من سطوة الشر والشيطان. لقد مات المسيح كفاريا أي للتكفير عن خطية الإنسان ولكي يستطيع الإنسان المؤمن بأن يكون إنسانا بالحقيقة عاكسا في حياته وفي مواقفه وفي تصرفاته رحمة الله وغفرانه.
فالسؤال الحيوي الذي نواجهه اليوم هو: هل نود بأن نكون من الذين يعرفون الكثير عن الله وعن صفاته وكماله والذين يفتقرون إلى القوة التي تمكنهم من العيش بمقتضى هذه المعرفة؟ أم هل اننا نرغب في معرفة الله معرفة حياتية خلاصية إيمانية تلك التي تمكننا من أن نكون من سفراء المصالحة، المصالحة مع الله والمصالحة بين الإنسان وقرينه الإنسان. لنأتي إلى من كان أعظم من يونان، لنأتي إلى المسيح المخلص ولنؤمن به إيماناً قلبيا ولنؤكد بأنه مات عنا لكي نتمكن من الابتهاج والفرح برحمة الله لا أن نتجادل مع الله كما كان يونان يفعل قبل اختباره النهائي، آمين.
 
قديم 24 - 02 - 2016, 11:10 AM   رقم المشاركة : ( 11315 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,321

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

مـا معنى الكنيسـة؟
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
هذه الكلمة معربة من "كنوشتا" الآرامية (السريانية) التي تعني المجمع أو الجماعة. وهذه بدورها مأخوذة عن الكلمة العبرانية "كنس". أما الكلمة المستخدمة في العهد الجديد (الإنجيل) فهي الكلمة اليونانية "إكليزيا", وتعني مجمع المدعوين من أهل المدينة المسؤولين عن حياة سكان المدينة.
تعني الكنيسة جماعة المؤمنين المسيحيين, كما هو واضح في إنجيل متى والإصحاح الثامن عشر والعددين 51 و71 : "إن أخطأ إليك أخوك.....فقل للكنيسة". أي أخبر جماعة المؤمنين المسيحيين. كما أن الكلمة "كنيسة" لم تستعمل بوضوح في العهد الجديد للدلالة على المبنى الذي يجتمع فيه المسيحيون لممارسة العبادة.
ممن تتألف:

تتألف الكنيسة من كل الذين اتخذوا المسيح رباً وفادياً لحياتهم كما هو مدون في كتاب الله:"إلى كنيسة الله التي في كورنثوس المقدسين في المسيح يسوع المدعوين قديسين مع جميع الذين يدعون باسم ربنا يسوع المسيح في كل مكان"(رسالة كورنثوس الأولى 1:2). فكل مؤمن بالمسيح يسوع هو عضو في كنيسة المسيح الجامعة والكنيسة بكاملها تعد جسد المسيح المقدس.
هدف الكنيسة:

هدف وغاية الكنيسة هو تمجيد اسم الله الذي دعاها لتخبر بمحبته للبشر ولتعلن الخلاص الأكيد بالإيمان بالمسيح الذي بذل نفسه عن كل البشر وأيضاً هدف وغاية الكنيسة هو تنمية وتقوية إيمان أولاد الله ومساعدتهم على فهم حقائق الكتاب المقدس. وأيضاً تمنحهم الفرصة للمشاركة.
 
قديم 24 - 02 - 2016, 11:16 AM   رقم المشاركة : ( 11316 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,321

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

ما هي أسس السعادة الزوجية؟
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
إلى الأخ العزيز:

سلام الله معك. وصلتنا رسالتك ونشكرك عليها. بدورنا نرسل لك هذه الأسطر عربون صداقة وأخوة، راجين الله أن تصلك وأنت بصحة تامة بعونه تعالى. وهذا جواب عن سؤالك:
إن الوضع الكتابي للزواج والغرض الرئيسي منه هو ما قاله الله: "ليس جيداً أن يكون آدم وحده, فأصنع له معيناً نظيره". إذ قصد الله أن يتعاون الشريكان معاً في السراء والضراء, وأن يعملا بقانون المسيح: إن الأعظم هو من يخدم وليس الذي يتكيء على الدوام لكي يخدمه غيره. قال الكتاب: "احملوا بعضكم أثقال بعض وهكذا تمموا ناموس المسيح". وإن صح هذا عامة, فهو الزم للحياة الزوجية بين الشريكين.
بعض الطرق لعلاج إهمال التعاون والصداقة بين الزوجين:

قال أحدهم:
(1) ليدرس الزوجان الأسباب التي عطلت الصداقة والتعاون بينهما.
(2) ليقرّ كل منهما بخطئه بتواضع, وإلا تعذر العلاج لوجود الكبرياء والتعالي, وليعرف كل منهما أن من يبدأ بالاعتراف فهو الأعظم وليس بالعكس.
(3) ليبدأ الاثنان في الصداقة العملية وفي التعاون البناء في الحال.
(4) إذا اختلفا حول أمر من الأمور ليأخذا المسألة بسهولة وبالإقناع باللطف, ويتركا المسألة للزمن لزيادة الفهم إذا لم يتم الإقناع.
(5) وإذا أمكن ليحتكم الاثنان إلى صديق للطرفين أو لرجل من رجال الدين يثقان به وممن يحفظون أسرار الناس.
(6) وقد يحتكم البعض إلى إجراء القرعة عن الأمر الذي يختلفان فيه إذا كان الاثنان يستسيغان هذه الطريقة. قال أحدهم: إن صفات اللطف والصبر والاحتمال, هي كالشحم للآلات يلينها ويسهل عملها. وهكذا لا تسير عجلة الحياة الزوجية إن لم تشحم بشحم هذه الصفات السامية. وكما أن الآلة تحدث أصواتاً مزعجة, ويصعب إدارتها بدون تشحيم, هكذا تحدث لماكينة الحياة الزوجية, تحدث صخباً وصياحاً وإزعاجاً بل تتعطل وتتوقف عن التقدم.
الثقة والصراحة بين الزوجين:

(1) ازدياد المحبة بين الاثنين على مر الأيام.
(2) عدم فتح ثغرة للوشاة الخبثاء.
(3) استئمان الواحد منهما للآخر على كل شيء.
(4) عدم تطرق الشك إلى قلبيهما.
(5) اتخاذ كل منهما الآخر صديقاً وعوناً على مصائب الدهر.
(6) تقاسم مسرات الحياة معاً.
(7) سيادة السلام القلبي بينهما, والسعادة الصحيحة.
قال أحدهم: من آفات الزواج عدم الصراحة بين الزوجين وأن كلاً منهما لا يفضي بما فيه. وهذا يكثر الشك والتوجس والظنون والانتقاد. والأجدر أن يفضي كل منهما للآخر برغباته أو انتقاداته بروح اللطف المسيحي. وباستعمال الصراحة تتلاشى الأفكار السيئة وتتوطد دعائم الصداقة بين الزوجين. قال بلي جراهام الواعظ الأمريكي المشهور: "ليست الزوجة لعبة أو أداة من أدوات الزينة في منـزلك ولكنها شريكة حياتك في كل أمور الحياة. لذلك يجب ألا تحتفظ بأسرار تخفيها عنها. بل اعرض عليها مشروعاتك وناقشها فيها". لكن آخر يرى أن لكل قاعدة شواذ, فعندما لا تكون الزوجة مستحقة لأن تكون موضع ثقة فيستمع الزوج للقول الإلهي: "احفظ أبواب فمك عن المضطجعة في حضنك"(ميخا 7: 5).
قد تتعطل الثقة والصراحة بين الزوجين لأسباب منها:
(1) كتمان الأمور الواحد عن الآخر وعدم التشاور.
(2) دخول بعض الوشاة بين الاثنين.
(3) ضعف الحياة الروحية.
(4) وجود بعض التقلب في حياة أحدهما أو أي الاثنين.
(5) الميل لتصديق آخر أكثر من الشريك الآخر.
(6) عدم الحكمة في بعض التصرفات.
(7) عمل أشياء مشكوك في أمرها من أحدهما أو من الاثنين.
محبة وخضوع:

الخضوع الدائم هو الخضوع للرجل, لأن الرجل رأس المرأة, والرأس لا يتسلط بل يقود ويوجه. هذا الخضوع ينبغي أن يكون شاملاً إذ هو في كل شيء. كما ينبغي أن يتمثل بخضوع الكنيسة للمسيح. ويتم هذا الخضوع عملياً بالاحترام والإجلال "أما المرأة فلتهب رجلها". وسر الأخطار والأضرار التي تصيب المجتمع تأتي من بُعد المرأة عن هذا الولاء والتقدير. أما الرجل فمن واجبه المحبة. على أن المحبة في ذاتها لا تحتاج إلى وصية, لكن الرسول بولس لا يقف عند مجرد المحبة بل يرتقي بها إلى محبة المسيح الباذلة العجيبة, وعندما توجد المحبة يوجد معها كل شيء.
ذكر الأستاذ لويس بجامعة أكسفورد في كتاب "آداب السلوك المسيحي" ما يلي: "تتعهد الزوجة المسيحية في رابطة الزواج أن تطيع زوجها, والرجل في الزواج المسيحي هو "الرأس". وهنا يثير بعضهم أو على الأصح بعضهن سؤالين:1) لماذا هذا الرأس? ولماذا لا تكون مساواة? 2) ولماذا يكون الرجل هو الرأس... والجواب هو:
إن الحاجة إلى رأس ناشئة عن الفكرة بأن الزواج علاقة مستديمة ثابتة, وطبعاً ما دام الوفاق قائماً بين الزوج والزوجة فلا مجال للتحدث أو التفكير فيمن هو الرأس. وهذا هو الوضع الطبيعي الذي نرجوه في كل زواج مسيحي. ولكن إذا وقع شقاق, فما الذي يحدث? الشيء الطبيعي هو بذل الجهد لإزالته بالعتاب الودي والكلام العاقل, ولكن إذا فرض أنهما فعلا كل هذا ولم يصلا إلى اتفاق, فما الذي يفعلانه بعد ذلك? لا يمكن تسوية النـزاع بأغلبية الأصوات, لأن مجلساً مؤلفاً من اثنين فقط لا أغلبية فيه. لا شك أن الذي يحدث هو أحد أمرين:
1) فإما أن ينفصلا ويذهب كل منهما لحال سبيله, وإما أن يكون لأحدهما القول الفاصل. وما دام الزواج رابطة مستديمة, فلا بد أن يكون لأحد الطرفين في آخر الأمر, حق تقرير سياسة الأسرة, ولن تعيش أية هيئة مستديمة بدون دستور يحكمها وسلطة ما تشرف عليها.
2) وإن كانت هنالك ضرورة للرأس فلماذا لا يكون الرجل? أعتقد أن المرأة ذاتها لن تسيطر على رجلها إذا كانت تحبه, فإن سلطة الزوجات على الأزواج شيء غير طبيعي. والمرأة العاقلة الحكيمة لا ترضاها, بل المرأة بصفة عامة تخجل من هذا الموقف وتحتقر الرجل الذي تكون هي رأسا له.
التعبير عن العواطف:

قال أحد رجال الأعمال "إنني متزوج منذ أكثر من ثمانية أعوام وقلما ابتسمت لزوجتي خلال هذا العمر الطويل. بل قلما حدثتها بأكثر من بضع عبارات ابتداء من الساعة التي أصحو فيها حتى أغادر البيت قاصداً عملي. لقد كنت أسوأ مثل للرجل العبوس المتجهم. فلما قصدت أن أبتسم فكرت أن أجرب الابتسام مع زوجتي. ففي الصباح التالي, بينما أنا أمشط شعري أمام المرأة تطلعت إلى صورتي وقلت لنفسي "إنك ستمحو اليوم هذا العبوس المخيم على سحنتك, ستبتسم دائماً, وأبدأ في هذه اللحظة". فلما جلست على المائدة لتناول طعام الإفطار حييت زوجتي بهذه التحية على الدوام. وقد جلب هذا الموقف الجديد لبيتنا خلال الشهرين الماضيين سعادة لم نذق مثلها خلال العام الماضي كله".
رد الشر بالخير:

كانت الزوجات المسيحيات كثيراً ما يعرضن أحوالهن مع أزواجهن على القديسة "مونيكا" أم القديس أغسطينوس, ويشكين لها مصابهن, ويتعجبن كيف تعيش مع زوجها براحة وسلام, مع أنه مشهور بشراسته وغضبه الشديد, فكانت تجيبهن بالقول: "إنه إذا احتد وغضب, فإني أسكت سكوتاً تاماً, بل كثيرا ما أنشغل بالصلاة في أثناء هياجه وسخطه, وعلى هذه الصورة يسكن غضبه ويهدأ اضطرابه, فأعيش معه بحب وسلام حتى أني قد استملتُه إلى المسيحية. فافعلن مثل ذلك تعشن ورجالكن, براحة بل تقدسن أنفسكن ورجالكن".
كان أحد الأفاضل يتحدث مع شيخ تقي. فسأله عن سبب تجديده, فصمت دقيقة, وكان السؤال أصاب وتراً حساساً في نفسه, وأجاب بتأثر شديد وقد سالت الدموع من عينيه: "لقد جاءت زوجتي إلى الله قبلي بعدة سنين فاضطهدتُها وأسأتُ إليها بسبب دينها, غير أنها لم ترد علي إلا بالشفقة. وكانت تظهر باستمرار اهتمامها لتزيد من راحتي وسعادتي. فكان سلوكها الطيب مع كل ما لقيته من ألم من سوء معاملتي فها هو أول ما أرسل سهام التبكيت إلى نفسي".
المحبة الزوجية:

أوضح أحد الحكماء المحبة في الزواج بقوله: "هناك ثلاثة أنواع من الحب: (1) الحب الكاذب, الذي يطلب ما لنفسه, كما يحب الإنسان الذهب والكبرياء والنساء خارج الحدود التي رسمها الله (2) وهناك الحب الطبيعي, كحب الوالد لابنه والأخ لأخته (3) وفوق الكل الحب الزوجي الذي يتغلب على كل شيء ولا يطلب إلا الشريك الآخر فيقول: أنا لا أطلب ما هو لك, لا ذهبك ولا فضتك, بل أطلبك أنت. وهذا النوع من الحب يطلب المحبوب كله. ولو لم يكن آدم قد سقط لكان الحب الزوجي أقدس ما في الوجود, ولكن الحب الزوجي الآن ليس نقياً كما ينبغي, لأن حب الذات يتدخل فيه. لقد شدد البيوريتان الذين ظهروا في انجلترا في القرن السادس عشر ونادوا بضرورة التدقيق الديني الشديد, بأن الزوجين يجب ألا يقدما ولاءهما لبعضهما عن ولائهما للمسيح وإلا اعتبر هذا عبادة أصنام. فقد كتب كرومويل زعيمهم الأول المشهور لابنته على اثر زواجها يقول: "لا تدعي حبك لزوجك يقلل من حبك للمسيح بأي شكل من الأشكال. إن أكثر ما يجتذبك هو مدى تشبهه بالمسيح, فصورة المسيح فيه هي ما يجب أن يجذبك إليه أولاً". وقد كتب احد البيوريتان إلى خطيبته يقول: "يا حمامتي لا أعطيك قلبي لأني قد سبق وأعطيته للسماء من زمن طويل, ما لم يكن قلبي خدعني, وأنا واثق انه ليس ملك أحد في هذا العالم. ولكن الحب الذي تسمح السماء لي بأن أقدمه لإنسان أقدمه لك وحدك".
الطلاق:

الطلاق هو مظهر الرفض وعدم الرضا بواقع معين أي بالزواج. وعدم قبول العيش مع شريك الحياة أو شريكة الحياة. وان المبدأ العام هو أن احد الزوجين أو كليهما يرفض أن تستمر على ذلك النوع من الحياة التي ربما كان راضياً بها من قبل. ونظراً لوجود مخرج من هذه الحياة, أو نظراً لوجود سبيل للخروج من ذلك السجن الذي يرفضه الزوجان, يهرب كل منهما أو أحدهما إلى التحرر. فالطلاق إذن مظهر للرفض وأسلوب للإنعتاق والتحرر من سجن الزوجية كما يسميه البعض.
لو عرف الإنسان أن هذا السجن له أبواب من ذهب, وقيود من حرير لعزف عن تسميته سجناً, وبارك الله لأجل تأسيس الزواج. لكن هذه الظاهرة هي بخلاف ترتيب الله وبخلاف إرادته. والكتاب المقدس يعيدنا إلى ما قاله السيد المسيح عن هذا الموضوع, حيث قال الكتاب المقدس بأن الله من بدء الخليقة ذكراً وأنثى خلقهما. ويقول أيضاً: "من أجل هذا يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته, ويكون الاثنان جسداً واحداً, فالذي جمعه الله لا يفرقه إنسان". لكن الفريسيين إذ أرادوا أن يجربوا المسيح قالوا له: "فلماذا أوصى موسى أن تعطى كتاب طلاق فتطلق?" فقال لهم: "إن موسى من أجل قساوة قلوبكم أذن لكم أن تطلّقوا نساءكم. ولكن من البدء لم يكن هكذا. وأقول لكم: إن من طلّق امرأته إلا بسبب الزنى وتزوج بأخرى يزني, والذي يتزوج بمطلقة يزني". وهكذا لقد أصلح المسيح مفهوم الطلاق ووضع له شرطاً, وأعاد ترتيب الزواج إلى وضعه الأول إذ قال: "يكون الاثنان جسداً واحداً", وهذا الجسد لا يمكن أن ينفصل بسهولة ولا يحق لأي إنسان أن يتدخل لفصله لأن الذي جمعه الله لا يفرقه إنسان. وهكذا نجد أن تعليم المسيح واضح جداً وهو منع الطلاق إلا بسبب واحد وهو عدم الوفاء. وبما أن الله لا يريد ولا يحب عدم الوفاء, إذاً فهو لا يريد ولا يحب الطلاق, ولا يأذن أيضاً بالطلاق.
 
قديم 24 - 02 - 2016, 04:39 PM   رقم المشاركة : ( 11317 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,321

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

أعترف
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

أنني قد قبلت الرب يسوع ربي ومُخلصي
وقد انتقلتُ إلى الحرية المجيدة التي لأولاد الرب !
وأنا في وعي لحياة المسيح التي فيّ،
لذلك فأنا أحيا اليوم الحياة السامية،
فوق المرض، والسقم، والألم،
والفقر، والموت، وإبليس،
في اسم يسوع.
آمين
 
قديم 24 - 02 - 2016, 04:39 PM   رقم المشاركة : ( 11318 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,321

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

حياة تتخطّى هذا العالم

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
وَهذِهِ هِيَ الشَّهَادَةُ: أَنَّ الرب أَعْطَانَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً،
وَهذِهِ الْحَيَاةُ هِيَ فِي ابْنِهِ. مَنْ لَهُ الابْنُ فَلَهُ الْحَيَاةُ،
وَمَنْ لَيْسَ لَهُ ابْنُ الرب فَلَيْسَتْ لَهُ الْحَيَاةُ.
1يوحنا 11/5–12

لقد أحضر لنا الرب يسوع الحياة. ويقول الكتاب المقدس أنه أحضر الحياة والخلود بإنارة الإنجيل (2تيموثاوس 10/1). وأعلن في يوحنا 26/5، "لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الآبَ لَهُ حَيَاةٌ فِي ذَاتِهِ، كَذلِكَ أَعْطَى الابْنَ أَيْضًا أَنْ تَكُونَ لَهُ حَيَاةٌ فِي ذَاتِهِ." والحياة التي يُشير إليها يسوع هنا هي الحياة الإلهية! فعندما سار في الأرض، حل فيه ملء اللاهوت؛ فكان له تمام الحياة الإلهية: "لأَنَّهُ فِيهِ سُرَّ أَنْ يَحِلَّ كُلُّ الْمِلْءِ."كولوسي 19/1

وإن كنتَ مولوداً ولادة ثانية، يقول الشاهد الافتتاحي أن لديك نفس نوعيّة الحياة التي كانت ليسوع: "... وَهذِهِ الْحَيَاةُ هِيَ فِي ابْنِهِ. مَنْ لَهُ الابْنُ فَلَهُ الْحَيَاةُ..." وهي نوع خاص من الحياة؛ إنها حياة تتخطى هذا العالم! فلقد دُعيت لمثل هذه الحياة المجيدة والمُنتصرة، حيث تسود وتملك على المرض، والسقم، وإبليس

إن هذه الحياة لا تتواجد مع المرض، والسقم، والفشل والموت؛ إنها الحياة الإلهية المعجزية. إنها الحياة التي إن كانت لإنسان، فسيحيا إلى الأبد. حياة لا يمكن أن تُقهر بالفشل، أو الهزيمة، أو الفقر، أو الظُلمة! فهي تُدمر السكتة الدماغية، والسرطان، والسكر، والكولسترول وكل أنواع الأمراض والأسقام! وإدراك هذه الحقيقة هو ما جعل بطرس مُتشدداً بالإيمان ليقول لإينياس، الذي كان مشلولاً وطريح الفراش لمدة ثمانية أعوام، "يشفيك يسوع المسيح!" ويقول الكتاب المقدس أنه (إينياس) قام في الحال. أعمال 33/9–34

إن السبب في أن الكثيرين حول العالم هم من ديانات وعقائد مختلفة هو أنهم يؤمنون بأن هناك شيئاً أسمى من حياة البشر الطبيعية! حقاً هناك هذا؛ إنها الحياة السامية التي في المسيح. ولكن، هذه الحياة هي فقط لأولئك الذين قد قبلوا واعترفوا أن يسوع المسيح رباً ومُخلصاً لهم! وكخليقة جديدة في المسيح، قد حلّت الحياة الإلهية محل تلك الحياة البشرية التي وُلدتَ بها من أباك وأمك تماماً؛ إنها حياة تتخطى هذا العالم

أعترف

أنني قد قبلت الرب يسوع ربي ومُخلصي وقد انتقلتُ إلى الحرية المجيدة التي لأولاد الرب ! وأنا في وعي لحياة المسيح التي فيّ، لذلك فأنا أحيا اليوم الحياة السامية، فوق المرض، والسقم، والألم، والفقر، والموت، وإبليس، في اسم يسوع. آمين
 
قديم 24 - 02 - 2016, 04:44 PM   رقم المشاركة : ( 11319 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,321

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

صلاة
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

أبي الرائع،
أشكرك على بركة كلمتك في حياتي اليوم،
وأشكرك على المعرفة الجديدة المُعلنة
التي تُنير عيون ذهني لأعرف
أن أتبع طريق النجاح من خلال كلمتك.
وأشكرك على الحكمة العاملة فيّ
لأعمل إرادتك الكاملة دائماً،
في اسم يسوع.
آمين
 
قديم 24 - 02 - 2016, 04:44 PM   رقم المشاركة : ( 11320 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,321

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

النجاح الحقيقي

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
وَقَالَ لَهُمُ: انْظُرُوا وَتَحَفَّظُوا مِنَ الطَّمَعِ،
فَإِنَّهُ مَتَى كَانَ لأَحَدٍ كَثِيرٌ فَلَيْسَتْ حَيَاتُهُ مِنْ أَمْوَالِهِ
(لوقا 15:12)


هل تساءلت أبداً ما هو حقاً النجاح الحقيقي، أو ما هي رموز النجاح الحقيقي؟ كيف تقيس النجاح؟ وهل تستخدم رموز العالم لتُخبرك إن كنتَ ناجحاً أم لا؟ يعتقد البعض أن النجاح هو في جلب المزيد من المال أو المزيد من التأثير في العالم. أنت لستَ ناجحاً لمجرد أنك مشهوراً ويحتفل بك الناس، أو لأن عندك ممتلكات هذا العالم. فالنجاح الحقيقي يسمو فوق كل هذا


إن النجاح الحقيقي هو أن تكون الرجل أو السيدة الذي قد دعاك الرب لكي تكون وتُحقق دعوته في حياتك، بغض النظر عمّا يظنه الناس من حولك. سواء كان لديك رمز العالم للنجاح أم لا، فهو لا يهُم. فإن النجاح الحقيقي هو أن تكون ما قد دعاك الرب لأن تكون عليه، لأنه خلقك. وهو الوحيد الذي يعرف سبب وجودك في هذا العالم
1 بطرس9:2


فإن وضع مصنع لصناعة السيارات سيارة على الطريق، وعملت السيارة وفقاً لمواصفات المصنع، إذاً فالسيارة مُنتج ناجح. ولكن إن أنتج المصنع سيارة ووجد أنها استُخدمت لشيء آخر غير كونها سيارة؛ فاستُخدمت مثلاً لتخزين أشياء، فالمنتج إذاً قد أُسيء استخدامه

فلا تُسيء استخدام حياتك! وكُن ما قد دعاك الرب لأن تكونه وافعل ما قد دعاك لتفعله. يمكن لأي شخص أن يبدو ناجحاً في أمور عديدة هنا على الأرض، ولكن ليس لهذا ثقل. فما يهم هو أن تكون ناجحاً مع الرب. فأنت ناجح في فكر الرب عندما تصبح مُغيراً للحياة ومُبارِكاً كما قد دعاك لكي تكون. 2كورنثوس 19:5

صلاة

أبي الرائع، أشكرك على بركة كلمتك في حياتي اليوم، وأشكرك على المعرفة الجديدة المُعلنة التي تُنير عيون ذهني لأعرف أن أتبع طريق النجاح من خلال كلمتك. وأشكرك على الحكمة العاملة فيّ لأعمل إرادتك الكاملة دائماً، في اسم يسوع. آمين
 
موضوع مغلق


الانتقال السريع


الساعة الآن 03:23 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024