كان كاهنًا، وهو من أشهر آباء البرية حول أرسينوي Arsinoe، إذ كان رئيسًا على عددٍ كبيرٍ من الأديرة ومرشدًا لعشرة آلاف راهبًا. وقد زاره بترونيوس Petronius الذي كتب كيف أنه في وقت الحصاد كان كل واحد من الإخوة يأتي إليه بجزء من مكسبه، حتى يقضي على الفقر والعوز من المنطقة المحيطة.والقديس سيرابيون هذا هو الذي ورد اسمه في سيرة المتوحد الليبي ماركوس أثينينسيس Marcus Atheniensis، وهو الذي قام بدفنه.
هو أسقف (بطريرك) إنطاكية الذي تنيح سنة 212 م.، وقد اشتهر بتعاليمه وكتاباته اللاهوتية. عاصر الإمبراطور الروماني سبتيموس سويرس، ويشير المؤرخ يوسابيوس Eusebius إلى إحدى الرسائل الخاصة التي كتبها هذا القديس إلى كاريكوس Caricus وبونتيوس Pontius، والتي فيها يحذرهما من فساد بدعة مونتانوس Montanism، ورسالة أخرى (يوسابيوس6: 12) يجادل فيها شخصًا يدعى دومنينوس (Domnos) Domnin، جحد الإيمان تحت تأثير الاضطهاد وتحوّل إلى اليهودية. في أثناء حبرية القديس سيرابيون، ثارت مشاكل في كنيسة رهسوس Rhossos بكيليكية Cilicia بين رأس الخنزيرة والإسكندرونة حوّل شرعية الكتاب المسمى "إنجيل بطرس"، وهو أحد كتب الغنوسيين. في بادئ الأمر، إذ لم يكن القديس يعلّم بمحتوى الكتاب واعتقد بصحته، سمح بقراءته علانية في الكنيسة. ثم استعار نسخة من الكتاب وقرأه فوجد أنه ينكر حقيقة ناسوت السيد المسيح، ويضيف إضافات غير حقيقية لتعاليم المُخَلِّص، فكتب إلى كنيسة هرسوس يمنع استعماله، ويخبرهم بعزمه على زيارتهم لتوضيح الإيمان المستقيم. يتفق هذا الإنجيل الذي أُكتشف في أخميم عام 1886 مع ما ذهب إليه البطريرك سيرابيون. ففي مُجْمله أرثوذكسي لكنه يتضمن آراء غريبة. من رسالته عن إنجيل بطرس:
لأننا أيها الأخوة نقبل كُلا من بطرس وسائر الرسل كرسل المسيح، لكننا نرفض بشدة الكتابات المنسوبة إليهم زورًا، عالمين أن مثل هذه لم تُسلم إلينا.
لكنكم سترون مما كتب إليكم أيها الإخوة أننا قد عرفنا طبيعة بدعة مرقيون، وأنه ناقض نفسه بنفسه إذ لم يفهم ما قاله.
لأننا إذ حصلنا علي هذا الإنجيل من أشخاص آخرين درسوه دراسة وافية، أي من خلفاء أول من استعملوه... فقد استطعنا قراءته ووجدنا فيه أشياء كثيرة تتق مع تعاليم المخلص الصحيحة، غير أنه أضيفت إلي تلك التعاليم إضافات نشير إليكم عنها فيما بعد.
من أهل الإسكندرية، ضعُف أثناء اضطهاد دقلديانوس وبخّر للأوثان. وقد استخدم القديس ديوناسيوس السكندري Dionysius قصة سيرابيون هذا كدليلٍ عمليٍ ضد بدعة النوفاتيين Novatism، وهي البدعة التي كتب عنها إلى فابيوس الإنطاكي Fabius of Antioch الذي كان من أتباعها وهم متشددون جدًا في قبول من جحد الإيمان أثناء الإضطهاد. ضعفه أمام الاضطهاد:
عاش سيرابيون حياة طويلة بلا لوم، ولكنه ضعف أخيرًا في النهاية. إذ ندم على فعلته هذه، طلب الصفح بإلحاح والسماح له بالدخول مرة أخرى للكنيسة، ولكن طلبه كان يقابل بالرفض دائمًا. مرض سيرابيون مرضًا شديدًا ومكث ثلاثة أيام لا يستطيع النطق، وأخيرًا عاد إلى وعيه وأرسل حفيده طالبًا الكاهن، الذي كان بدوره مريضًا لا يستطيع الذهاب لسيرابيون. إلا أنه أرسل الإفخارستيا المقدسة، وقد عاش سيرابيون حتى تلقى الأسرار المقدسة ثم تنيح بسلام. ويستخدم ديوناسيوس هذا كإعلان ودليل إلهي ضد رأي النوفاتيين.
كان من أهل بينوسة من أعمال مصر السفلى، وكان ذا أموال ومقتنيات كما كان محبًا للصدقة جدًا، ولما جاءت أيام الاضطهاد وسمع أن أرمانيوس والي الإسكندرية قد وصل إلى الوجه البحري ليعذب المسيحيين. خرج إليه هو وصديقٍ له اسمه ثيؤدورُس وآخر من رعاة الدواب اسمه توما واعترفوا أمامه بالسيد المسيح، فطرحهم في السجن. سمع بذلك أهل بلده فأتوا حاملين السلاح لقتل الوالي وإطلاق القديس، ولكن القديس منعهم وعرّفهم بأنه هو الذي يريد الاستشهاد على اسم المسيح فانصرفوا. عذاباته:
أما الوالي فأخذ القديس معه في سفينة إلى الإسكندرية، وهناك عذبه بالهنبازين، وألقاه في حفرة ملأها بالنار، ثم وضعه في إناء به زفت وقطران وأوقدوا تحته النيران، وفي هذا جميعه كان الرب يشفيه ويقيمه سالمًا. وأخيرًا صلبوه وأخذوا يضربونه بالنشاب، فجاء ملاك الرب وأنزل القديس. بعد ذلك أسند الوالي أمر تعذيب القديس إلى أحد الأمراء اسمه أوريون، فسافر به بحرًا إلى بلده وعند المساء رست السفينة على إحدى القرى وناموا. وفي الصباح وجد أن المكان الذي رست أمامه هو بلد القديس الذي تعجب من ذلك، فأتاه صوت قائلًا: "هذه بلده فأخرجوه"، وبعد عذاب كثير قطعوا رأسه المقدس ونال إكليل الشهادة، وخلع أوريون قميصه ولف به جسد القديس وسلمه لأهله.العيد يوم 27 طوبة.
جاء في كتاب "مشاهير الآباء" للقديس جيروم: رأيناه في إقليم أرسينوي (الفيوم)، وكان شيخًا وأبًا للأديرة ولرهبانها الذين كانوا نحو عشرة آلاف رجلًا: وكان يهتم باحتياجاتهم كلها. وكان الذين يحصدون في الحقول يأتون له بكمية 12 أردبًا، كان يقدمها لخدمة ذوي الحاجة. ويوزعها بيده. حتى يأخذ كل الفقراء في المنطقة نصيبهم، كما أرسل لفقراء الإسكندرية عطاياهم. وكان آباء البرية لا يهملون حاجات الفقراء. ولكن نظرًا لانشغالهم في حياة الجهاد الروحي، فكانوا يملأون المراكب بالطعام والملبس ويرسلونها، من عام لآخر، إلى فقراء الإسكندرية (العاصمة). لأن الفقراء الذين كانوا يعيشون حولهم (في الصحراء) كانوا قلائل.وقد رأينا في منطقة بابليون (مصر القديمة) وممفيس (البدرشين) الكثير من الآباء العظام، وكانوا بلا حصر. وكانوا من الرهبان الذين تزّينوا بالأعمال الصالحة، وكانوا مباركين ومقبولين لدى الله.
كان طول حياته لا يضع على جسده سوى ثوبًا خشنًا، وعاش حياة إنكار للذات. ومع أنه لم يكن متعلمًا لكنه حفظ الكتب المقدسة عن ظهر قلب، ولم يسكن في قلاية: بل كان يطوف ويعلم الجموع وبذلك كسب عددًا كبيرًا للرب. باع نفسه لفرقة مسرحية كوميدية:
باع نفسه بعشرين دينارًا لفرقة مسرحية كوميدية في مدينة وثنية. ولما حصل على المبلغ حفظه في حقيبة مختومة، وخدم الممثلين الذين اشتروه وكان يغسل لهم أرجلهم: واستطاع أن يصيرهم كلهم مسيحيين: وجعلهم يتركون المسرح. وكان القديس لا يأكل سوى الخبز الجاف والماء، ولم يتوقف لسانه عن تلاوة الآيات الكتابية. تحريره:
بعد فترة وجيزة أصبح كل هؤلاء الممثلين قديسين بعدما علّمهم وساعدهم على سلوك طريق البرّ، وسرعان ما عرفوا قدره فحرّروه من الرق لأنه حرّرهم من الوثنية. فكشف لهم حقيقة أمره وطلب منهم أن يذهب إلى مكان آخر بعدما رد لهم المال الذي أخذه منهم. في أثينا:
سافر إلى أثينا وجاع هناك ولم يجد من يطعمه خبزًا ولم يكن يحمل مالًا ولا غطاء. ولما مرّ اليوم الرابع صعد إلى مكان عال،ٍ حيث يجتمع أشراف المدينة وصرخ بصوت مرتفع: "يا رجال أثينا ساعدوني". فلما تجمع حوله الناس قال لهم: "إني مصري الجنس وقد وقعت بين ثلاثة من الدائنين، رحل اثنان منهم عني بعدما أخذا مالهما، ولم يفارقني الثالث!" قال له الفلاسفة: "أرنا هؤلاء الدائنين لنساعدك". أجابهم قائلًا: "إنني منذ صباي أحببت المال والزنا وشهوة البطن التي تضغط عليَّ. وقد تحرّرت من الأولين، ولم أتخلص بعد من شهوة البطن، لأن لي أربعة أيام وهي تطالبني بالدين!" ظن الفلاسفة أنه اخترع ذلك لاحتياجه إلى المال فأعطاه أحدهم دينارًا اشترى به رغيفًا من الخبز. باع نفسه لهرطوقي:
في مدينة أخرى باع نفسه لمسيحي يتبع مذهب هرطوقي. فمكث معه في بيته سنتان، علّمه فيهما مبادئ الإيمان الصحيح. ولم ينظر إليه بعد ذلك كعبدٍ بل كأب وسيد وامتدح حكمته ومجّد إلهه الذي أرسله إليه. إلى روما:
مرة قرر الذهاب إلى روما وركب سفينة من الإسكندرية. ومرّ اليوم الأول وجلس البحارة يتناولون طعامهم أما هو فلم يأكل، وهكذا حتى مرّ اليوم الرابع فسألوه عن سبب عدم أكله، فعرّفهم بأنه لا يحمل طعامًا ولا مالًا. فأشفقوا عليه وأطعموه إلى أن وصل إلى إيطاليا. كان هدفه من هذه الزيارة اللقاء مع راهبة اشتهرت بالبرّ الذاتي، فذهب لمن تخدمها وأعلمها بأنه قد أتى من عند الرب لزيارتها. وبعدما انتظر يومين رآها وبادرها بالسؤال: "هل أنت حيّة أم ميتة؟" فأجابته قائلة: "إنني أؤمن أنني ميّتة". فقال لها: "إنه من السهل على من مات عن العالم أن يفعل كل شيء ماعدا الخطية"، ثم أضاف قائلًا: "أخرجي من دارِك إلى خارج"، فقالت له: "إن لي خمسة وعشرين عامًا لم أخرج فيها إلى الآن". فقال لها: "من مات عن العالم فخروجه ودخوله سواء". ثم أخذها وذهب إلى الكنيسة.في الطريق قال لها: "هل تستطيعين أن تخلعي ملابسك وتضعينها فوق رأسك في الشارع؟" فأجابته بأنها لا تستطيع أن تفعل ذلك لئلا يتعثر الناس. فقال لها: "إن كنتِ قد متِّ عن العالم فهل يعنيكِ قول الناس أنك قد فقدتِ عقلك؟" ثم نصحها بألًا تعتقد بأنها أصبحت أكثر كمالًا من غيرها. ولما وضع حدًا لكبريائها ولقّنها التواضع الحقيقي عاد إلى البرية في وادي النطرون وعاش هناك ستّين عامًا، ثم تنيح بشيبة صالحة.
كان متوحدًا في جبل نتريا، ويُذكَر اسمه مع مكاريوس Macarius، بامبونيوس Pambonius وهيراكلياس Heraclius وآخرين، الذين اشتهروا واجتذبوا كثيرين حولهم في زمن الإمبراطور قنسطنطيُن Constantius، وحفظوا الإيمان السليم الذي وضعه آباء مجمع نيقية. كان معاصرًا للقديس أنطونيوس، وزاره بولا Paula سنة 386 م.، وميلانيا الكبرى Elder Melania سنة 387 م.، وبالاديوس Palladius سنة 390 م.
يشتهر هذا الأسقف الروماني بتعاليمه وحماسه وغيرته الدينية ومقاومته للهرطقات، وإعادة النظام إلى الكنيسة بالقوانين التي أصدرها. من الهراطقة الذين قاومهم هذا الأسقف هم الراهب جوفينيان Jovinian الذي أنكر دوام بتولية السيدة العذراء، وبونوسوس Bonosus أسقف سارديكا الذي شاركه في هذه الهرطقة. فرض التبتل على الإكليروس في روما:
كتب القديس رسالة إلى هيمريوس أسقف تاراجونا Himerius of Tarragona، وطلب منه أن ينشرها إلى بقية الأساقفة، وفيها يرد على الأسئلة التي وجّهها هيمريوس إليه. ومن ضمن نقاط هذه الرسالة طلب سيريكوس من الكهنة والشمامسة المتزوجين قبلًا أن يمتنعوا عن العلاقة الزوجية، ويُعتَبر هذا الخطاب أول أمر رسمي معروف يفرض التبتل على الإكليروس في كرسي روما. من أعماله أيضًا أنه بنى كاتدرائية القديس بولس التي وسعها الإمبراطور ثيؤدوسيوس الأول. وقد جلس على كرسي روما 15 سنة إلى أن تنيّح بسلام سنة 399 م.العيد يوم 26 نوفمبر.
St. Serenus كان يونانيًا بالمولد، وترك كل ما له ليخدم الله في حياة الوحدة والبتولية. ذهب بهذه النية إلى سيرميام Sirmium (يوغوسلافيا الآن) واشترى بستانًا وقام بزراعته وكان يعيش على الفاكهة والخضروات التي ينتجها. سيدة تتمشى في بستانه:
عندما ثار الاضطهاد ضد المسيحيين اختبأ عدة شهور، ولكنه عاد إلى بستانه. وفي أحد الأيام وجد امرأة تتمشى في بستانه، فسألها بحرجٍ عما تفعله في ملكية رجل متوحد مثله، فأجابته بأنها تستمتع بالمشي في هذا البستان على وجه الخصوص، فرد عليها بحسمٍ وهو مصمم ألا يسمح لها بالبقاء إذ أدرك أنها إنما أتت إليه بنية غير سليمة: "إنه وقت القيلولة ومن غير المناسب لسيدة في مركزِك أو وقارِك أن تمشي في هذا الوقت غير اللائق الذي لا يخرج أو يتمشى فيه إنسان محترم". إذ سمعت السيدة هذا التوبيخ هاجت وكتبت في الحال لزوجها الذي كان من ضمن حراس الإمبراطور ماكسيميان، واشتكت له بأن سيريناس قد أهانها، فذهب زوجها إلى الإمبراطور طالبًا العدل قائلًا: "بينما نقوم نحن بخدمتك والسهر على سلامتك تتعرض زوجاتنا للإهانة بعيدًا في بلادنا". أعطاه الإمبراطور خطابًا إلى حاكم المقاطعة لكي ينصفه. استدعى الحاكم سيريناس وسأله: "كيف تكون من الوقاحة حتى تهين زوجة الضابط في بستانك؟" تعجب سيريناس ورد قائلًا: "حسب علمي إني لا أتذكر أنني أهنت أية سيدة، ولكني فقط أتذكر أن سيدة أتت إلى البستان في وقت غير مناسبٍ وقالت أنها جاءت لتتمشى، فقلت لها أنه لا يليق لامرأة في مركزها أن تأتي وتتمشى بالخارج في مثل هذه الساعة". اشتياقه للاستشهاد:
هذا الدفاع جعل الضابط نفسه ينظر إلى الموضوع بوجهة نظر مختلفة، إذ أدرك أن سيريناس بريء بينما زوجته هي المخطئة ولذلك سحب دعواه على البستاني. لكن كلام سيريناس أثار شكوك الحاكم، إذ علم أن إنسانًا بمثل هذا التدقيق لابد أن يكون مسيحيًا، فسأله عن ديانته فأجاب القديس بحسم: "أنا مسيحي"، ولما سأله إن كان يقدم القرابين للآلهة أجاب سيريناس: "أشكر الله الذي حفظني حتى هذا الوقت، لقد بدا لي أن الله قد رفضني لكوني حجر غير صالح في بنائه، ولكني أرى الآن أنه يدعوني لكي يكون لي مكان فيه. وإني مستعد أن أتألم من أجله، فربما يكون لي مكان في مملكته مع قديسيه". أجابه الحاكم بدهشة: "حيث أنك حاولت التهرب من قرارات الملك ورفضت أن تضحي للآلهة، فإنك تموت بقطع رأسك". فعلًا قام بتنفيذ الحكم واستشهد القديس سيريناس سنة 302 م.العيد يوم 23 فبراير.