منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 12 - 03 - 2014, 06:01 PM   رقم المشاركة : ( 101 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

لا يقدر أحد أن يخدم سيدين

أكمل السيد المسيح تعليمه على الجبل وقال: "لا يقدر أحد أن يخدم سيدين. لأنه إما أن يبغض الواحد ويحب الآخر، أو يلازم الواحد ويحتقر الآخر. لا تقدرون أن تخدموا الله والمال" (مت 6: 24).
من هذا الكلام نفهم أن كل إنسان مسيحي مطالب بأن يخدم الله بحسب المواهب الممنوحة له من الله.
هناك أنواع من الخدمة الرسمية في الكنيسة كخدمة درجات الكهنوت المتعددة. وهناك تكليف من الكنيسة لبعض الأفراد بخدمات معينة مثل الخدمات التي لا يلزمها درجة كهنوتية، وإنما في مجال بعض الأنشطة العامة في حياة الكنيسة.
وهناك خدمة الإنسان المسيحي بصفة عامة سواء في محبته للآخرين، أو في تقديم قدوة صالحة لهم، أو في الاستعداد لمجاوبة كل من يسأله عن سبب الرجاء الذي فيه (انظر1بط3: 15).. وعمومًا في تنفيذ وصايا السيد المسيح الذي قال على سبيل المثال: "من سخرك ميلًا واحدًا فاذهب معه اثنين" (مت5: 41).
لا يمكن لتلاميذ الرب أن يخدموه خدمة مقبولة حقيقية إن كانت حياتهم مرتبطة بخدمة المال ومحبته. لأن السيد المسيح قال عن خدمة الله وخدمة المال: "إما أن يبغض الواحد ويحب الآخر. أو يلازم الواحد ويحتقر الآخر" (مت 6: 24).

كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
ولهذا أيضًا قيل أن "محبة العالم عداوة لله" (يع4: 4). فليس من الممكن لمن تسكن محبة العالم في قلبه أن يخدم الله ويلتصق به.
ربما يدخل الإنسان في صراع بين انشغاله بالأمور الدنيوية مع جمع المال وسماع أخباره، وبين المواظبة على الصلاة وقراءة الأسفار المقدسة. ومن الواضح أن الناس كثيرًا ما تشغلهم هذه الأمور الدنيوية عن العبادة الروحية، فتصير حياتهم فاترة ويدخل إليها كثير من الأخطاء والشرور. ويعطون الرب القليل من وقتهم واهتمامهم وتبرد محبته في قلوبهم. وهناك العديد من خدام مدارس التربية الكنسية تركوا خدمتهم بعد تخرجهم من الجامعة.
الذي يريد أن تزداد محبة الله في قلبه عليه أن يطرد محبة العالم ويقاومها.. عليه أن يتفكر في الهدف الذي يتجه نحوه. هل يتجه نحو الإلهيات والسمائيات، أم يتجه نحو الأرضيات والأمور الزمنية؟!
إن خدمة الله لا تقتصر على خدمة الناس فقط، بل يدخل ضمنها خدمة التسبيح والصلاة والشكر. مثل خدمة الملائكة الذين يسبحون الرب بغير فتور، وينشغلون به وبجماله وبتمجيده، فيمتلئون فرحًا "لا يُنطق به ومجيد" (1بط1: 8)..
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
الخدام الرسميون

إن كان من غير اللائق أن ينشغل المسيحي العادي عن خدمة الرب بخدمة المال، فكم بالأولى يكون الأمر بالنسبة للخدام الرسميين وخاصة المكرسين منهم الذين صاروا نصيبًا للرب وتم إفرازهم لخدمته. لقد حذّر معلمنا بولس الرسول تلميذه تيموثاوس في هذا الشأن وقال: "فاشترك أنت في احتمال المشقات كجندي صالح ليسوع المسيح. ليس أحد وهو يتجند يرتبك بأعمال الحياة لكي يرضى من جنّده" (2تى2: 3، 4).
إن الارتباك بأمور هذه الحياة لا يليق بخدام السيد المسيح الذين تجندوا للخدمة. فمن صارت رسالته في الحياة خدمة الكلمة والكرازة بالإنجيل أو رعاية القطيع، لا يليق به أن يحتقر هذه الرسالة السامية وينسى نذوره أو تعهداته أمام الرب في يوم تكريسه ويرتد إلى الانشغال بأمور العالم.
ربما يتصور بعض رجال الكهنوت أن الانشغال بالعمل الاجتماعي والأنشطة والإداريات وأعمال التعمير الخاصة بالكنيسة هو داخل إطار خدمة الله،ولكن ينبغي أن يتذكر الخادم المكرس للخدمة أن في أولويات رسالته خدمة الكلمة والصلاة. وفي أوليات خدمته أن يهتم بالخدمة الروحية مثل الافتقاد، وأن يهتم بكل أحد من أجل خلاصه. مع الاستعانة بأشخاص متخصصين لأداء الأعمال الإدارية الأخرى والاكتفاء بالإشراف العام ومتابعة الأنشطة وصبغها بالصبغة الروحية.
خادم الله لابد أن تصطبغ خدمته بالناحية الروحية. فلا ينسى نفسه في وسط مشاغل الخدمة الكثيرة لئلا يتحول إلى ما يشبه موظف في الكنيسة.
وربما يلاحظ الناس أن كلامه يبتعد كثيرًا عن المجال الروحي لأنه "من فضلة القلب يتكلم الفم" (مت12: 34). وبهذا تفقد خدمته تأثيرها على المخدومين.
ولكن هناك مشكلة أكبر وهى أن يتحول الهدف من الخدمة الرسمية إلى الكسب المادي أو جمع المال. وهنا تنهار الخدمة تمامًا لأن السيد المسيح قال: "لا تقدرون أن تخدموا الله والمال" (مت6: 24).
فالكاهن مثلًا الذي يسعى إلى اكتناز الأموال من وراء خدمته، ولا يبالى بخلاص الرعية ينطبق عليه قول الرب في سفر حزقيال: "ويل لرعاة إسرائيل الذين كانوا يرعون أنفسهم. ألا يرعى الرعاة الغنم. تأكلون الشحم وتلبسون الصوف وتذبحون السمين ولا ترعون الغنم. المريض لم تقووه. والمجروح لم تعصبوه. والمكسور لم تجبروه. والمطرود لم تستردوه. والضال لم تطلبوه. بل بشدة وبعنف تسلطتم عليهم فتشتتت بلا راع وصارت مأكلًا لجميع وحوش الحقل وتشتتت.. ولم يكن من يسأل أو يفتش (حز34: 2-6).
  رد مع اقتباس
قديم 12 - 03 - 2014, 06:02 PM   رقم المشاركة : ( 102 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

لا تهتموا لحياتكم بما تأكلون وبما تشربون

أكمل السيد المسيح تعليمه فقال: "لذلك أقول لكم لا تهتموا لحياتكم بما تأكلون وبما تشربون، ولا لأجسادكم بما تلبسون. أليست الحياة أفضل من الطعام، والجسد أفضل من اللباس؟ انظروا إلى طيور السماء: إنها لا تزرع ولا تحصد ولا تجمع إلى مخازن وأبوكم السماوي يقوتها. ألستم أنتم بالحري أفضل منها؟" (مت6: 25، 26).
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
عناية الله بنا

أبرز السيد المسيح هنا حقيقة قوية وهى أن الله هو الذي وهب الإنسان الحياة، وهو الذي خلق له جسده بكل ما فيه من تفاصيل دقيقة في منتهى الإتقان والإبداع مثل تكوين العين والعصب البصري ومركز الإبصار في المخ والتي تمكن الإنسان من رؤية الأشياء المتحركة والمجسمة بألوانها البديعة، ويقوم بتسجيل كل ذلك في المخ مثل شريط الفيديو. ولا توجد كاميرا فيديو في كل العالم تستطيع أن تلتقط الصورة المتحركة بنفس الوضوح والدقة التي تعمل بها العين. وهكذا باقي أعضاء جسد الإنسان.
فإذا كان الله هو الذي خلق هذا الجسد بكل ما فيه من إتقان وإبداع ليناسب طبيعة حياة الإنسان، فلماذا يحمل الإنسان هم الحصول على الملابس التي تكسو هذا الجسد؟ ومن هنا جاءت الحكمة التي أبرزها السيد المسيح: أليس الجسد أفضل من اللباس؟
إن الملابس يستطيع الإنسان أن يصنعها لنفسه، ولكنه لا يستطيع أن يصنع لنفسه جسدًا فيه كل خصائص الحياة.
هكذا أيضًا يستطيع الإنسان أن يدبّر لنفسه طعامًا ولكنه لا يستطيع أن يمنح الحياة لجسد ليس به حياة. أو أن يخلق الحياة.
لذلك جاءت الحكمة الخالدة "أليست الحياة أفضل من الطعام؟" (مت6: 25) أي أن الحياة هي الأهم وهى الأصعب في الحصول عليها. أما الطعام فهو متوفر ومتاح، وإن كان الله هو أيضًا الذي خلقه من أجل الإنسان حينما خلق الزروع والأشجار والأسماك والطيور والحيوانات بأنواعها.

كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
من الممكن إذا صام الإنسان عن الأكل لفترة من الزمن أن يستمر حيًا. ولكنه إذا فقد الحياة نفسها فماذا يفعل؟
وعبارة الحياة لها معاني كثيرة: فهناك حياة الجسد وهناك حياة الروح. فبدون الروح لا يحيا الإنسان، وبدون الله لا تحيا الروح. وقد قال السيد المسيح: "أنا هو القيامة والحياة" (يو11: 25). وقال معلمنا بولس الرسول: "لي الحياة هي المسيح" (فى1: 21). كما قال عن الله: "هو يعطى الجميع حياة ونفسًا وكل شيء.. لأننا به نحيا ونتحرك ونوجد" (أع17: 25، 28).
لقد وهب الله موسى وإيليا القدرة أن يصوما أربعين يومًا عن الطعام مثلما صام هو أيضًا أربعين يومًا على الجبل وقال للشيطان: "مكتوب ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله" (مت4: 4). بمعنى أن كلام الله هو مصدر حياة للإنسان، أما الخبز فإنه يساعد الجسد على بذل الطاقة والاستمرار في حفظ تكوينه سليمًا. فالذي يقوت جسده ويهمل احتياج روحه للغذاء الروحاني فإنه سوف يخسر الجسد والروح كليهما في الهلاك الأبدي.
حقًا إن الحياة أفضل من الطعام، والجسد أفضل من اللباس: فإن كان الله قد منحنا الأفضل والأصعب فكيف لا يمنحنا الأقل والأسهل؟! المسألة إذن تحتاج إلى حكمة وإلى إيمان.
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
التأمل في الطبيعة

إن السيد المسيح يدعونا إلى التأمل في الأشياء الموجودة في الطبيعة مثل طيور السماء وغيرها من المخلوقات.
إن الله قد دبّر لكل الخليقة التي على الأرض وسائل إطعامها وحفظها. حتى ولو كانت خليقة غير عاقلة، تحيا فقط بالغريزة. كل نوع من الطيور أو الحيوانات يجد ما يناسبه من الطعام، ولديه من الطباع الغريزية ما يؤهله للحصول على ما يحتاج إليه.
واتخذ السيد المسيح الطيور مثالًا ننظر إليه ونتأمل فيه فقال إن الطيور "لا تزرع، ولا تحصد، ولا تجمع إلى مخازن" (مت6: 26) والله يعتني بها ويعطيها طعامها اللازم لحفظها حية.
وقال السيد المسيح: "ألستم أنتم بالحري أفضل منها؟" (مت6: 26) لماذا يهتم الإنسان ويدخل في صراعات رهيبة من أجل لقمة العيش ولسبب القلق على المستقبل؟!
إن كان الإنسان له من الأهمية عند الله ما يفوق الطيور بكثير -بدليل أن الله قد أرسل ابنه الوحيد متجسدًا لأجل خلاص الإنسان- فلماذا يقلق الإنسان؟ ولماذا تهتز ثقته في عناية الله به؟
إنه اختبار جميل جدًا أن يشعر الإنسان بعناية الله به. مثلما كان يعتني بالقديس الأنبا بولا السائح في البرية ويرسل له الخبز في منقار أحد الغربان تمامًا كما حدث مع القديس إيليا النبي الذي أمر الرب أحد الغربان ليعوله وهو ساكن بجوار النهر أثناء المجاعة.
إن الإنسان الذي ينسى نفسه؛ لا ينساه الله. والإنسان الذي لا يهتم بطعامه ولباسه؛ فإن الله يرسلهما إليه حتى ولو لم يطلب.
فعلى الإنسان أن يختار أحد سبيلين: إما أن يحمل هم نفسه ويصارع من أجل لوازم حياته الأرضية، أو أن يثق في عناية الله به دون أن يتكاسل عن العمل بل يجتهد ويعمل حسب الوصية، ولكن لا يحمل همًا بل يختبر محبة الله وعنايته المتجددة في كل يوم بل وفي كل خطوة من حياته،لذلك قال الكتاب "أما البار فبالإيمان يحيا وإن ارتد لا تسر به نفسي" (عب10: 38)..
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
ملقين كل همكم عليه

أكمل السيد المسيح تعليمه بشأن الاتكال على الآب السماوي الذي يدبر كل شئون حياة أولاده لكي لا يحملوا هموم هذا العالم مثلما قال الرسول: "ملقين كل همكم عليه لأنه هو يعتني بكم" (1 بط5: 7). فقال السيد المسيح: "ومن منكم إذا اهتم يقدر أن يزيد على قامته ذراعًا واحدة؟ ولماذا تهتمون باللباس؟ تأملوا زنابق الحقل كيف تنمو، لا تتعب ولا تغزل. ولكن أقول لكم إنه ولا سليمان في كل مجده كان يلبس كواحدة منها. فإن كان عشب الحقل الذي يوجد اليوم ويطرح غدًا في التنور، يلبسه الله هكذا، أفليس بالحري جدًا يلبسكم أنتم يا قليلي الإيمان؟" (مت6: 27-30).
يتضح من هذا التعليم أن حمل الهموم هو من قلة الإيمان. فالذي يؤمن إيمانًا حقيقيًا بعناية الرب به لا يحمل همًا على الإطلاق، عالمًا أن "كل الأشياء تعمل معًا للخير للذين يحبون الله" (رو8: 28).
ويتضح أيضًا أن السيد المسيح يريد أن يحرر الإنسان من الرغبة في اكتناز الأمور الدنيوية خوفًا من المستقبل المجهول، لأن الله يعتني بكل الخليقة، ويستطيع الإنسان أن يرى أمثلة واضحة لعناية الله في المخلوقات المحيطة به مثل زنابق الحقل التي تنمو بقدرة إلهية وتكتسي بأروع الألوان حتى أن سليمان في كل مجده لم يلبس في مثل جمال ما تكتسي هي به. وهذه الزنابق قد خلقها الله لأجل الإنسان ليتمتع بجمالها وليأخذ منها درسًا عن عناية الله وقدرته "مدركة بالمصنوعات قدرته السرمدية ولاهوته" (رو1: 20).
لذلك أكمل السيد المسيح كلامه فقال: "لا تهتموا قائلين: ماذا نأكل أو ماذا نشرب أو ماذا نلبس؟ فإن هذه كلها تطلبها الأمم. لأن أباكم السماوي يعلم أنكم تحتاجون إلى هذه كلها. لكن اطلبوا أولًا ملكوت الله وبره، وهذه كلها تزاد لكم. فلا تهتموا للغد لأن الغد يهتم بما لنفسه. يكفى اليوم شره" (مت6: 31-34).
أراد السيد المسيح أن يميّز بين أولاد الله وأولاد العالم. فقال إن الأمم (أي في ذلك الحين الوثنيين) يطلبون من آلهتهم الأمور المادية باستمرار. وعلاقتهم بهذه الآلهة تقوم أساسًا على اهتمامهم بأجسادهم وأمورهم الدنيوية. أما أولاد الله فينبغي أن يطلبوا حياة القداسة التي تليق بهم كمخلوقين على صورة الله ومثاله. وأن يطلبوا أن يملك الله على حياتهم وقلوبهم وبهذا يتحقق ملكوت الله في داخلهم.
إن الأمور الدنيوية الزائلة هي متاحة للجميع. لأن الله يشرق على الأبرار والأشرار بشمس النهار. ولكن الأمور الخاصة بملكوت الله لا تمنح إلا للأبرار الذين يطلبون من الله.
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
ما يتناسب وعظمته الإلهية

إن من يذهب إلى مطعم فاخر ليطلب طعامًا لدابته؛ يهين هذا المطعم. كذلك من يذهب إلى الله ليطلب أمور العالم الفانية؛ لا يدرك قيمة الوجود في حضرة الله حيث ينبغي أن يطلب الأمور غير الفانية الباقية إلى الأبد. أما الأمور الفانية فإن الآب السماوي يعلم احتياجنا لها وسوف يمنحنا إياها تلقائيًا ضمن عنايته بنا حتى دون أن نطلب أو نسأل. لهذا قال السيد المسيح: "اطلبوا أولًا ملكوت الله وبره، وهذه كلها تزاد لكم" (مت6: 33).
  رد مع اقتباس
قديم 12 - 03 - 2014, 06:07 PM   رقم المشاركة : ( 103 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

لا تهتموا بما للغد

وهنا نطق السيد المسيح بحكمته المشهورة "فلا تهتموا للغد، لأن الغد يهتم بما لنفسه. يكفى اليوم شره" (مت6: 34).
إن الذي يريد أن يعيش مع الله ينبغي أن يحيا مثل الأطفال الذين لا يحملون هم الغد. يكفيهم أن يسعدوا بما هم فيه من خير ونعمة.
الكبار فقط هم الذين يحملون هم الغد ويقومون بتخزين المال والطعام وبناء البيوت ويفكّرون في مستقبلهم ومستقبل أولادهم.

كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
الكبار في السن فقط هم الذين يتنازعون على ميراث آبائهم حتى قبل أن يحين موعد الميراث. وقد يسيئون إلى مشاعر والديهم بشدة اهتمامهم بالمستقبل. أما الأطفال في الأسرة فدائمًا يكفيهم أن ينالوا احتياجهم الحاضر المؤقت ولا يحملون هم الغد. وأحيانًا يؤنّب الكبار أطفالهم لأنهم لا يفكرون في هموم المستقبل ومخاطره.
إن الإنسان المسيحي الذي يعيش مع الله مثل الأطفال لا يخاف من المستقبل لأنه يؤمن بالعناية الإلهية. ويكفيه أن يقضى يومه الحاضر بسلام. إنه يؤدى ما عليه من واجبات اليوم: في العمل، في الدراسة، في الحياة العائلية، في المجتمع. ولكنه لا يرتبك بهموم الغد. لأن في كل يوم يوجد ما يكفى من المشاغل.
بالطبع ليس هناك خطأ في أن يضع الإنسان برنامجًا لتنظيم أوقاته ومواعيده ومقابلاته وأسفاره والأعمال المطلوبة منه،ولكن الخطأ هو أن ينشغل الإنسان بما سوف يفعله في المستقبل عوضًا عن أن يختبر معونة الله له في الحاضر. أما عن المستقبل فيقول: إن شاء الرب وعشنا فسوف نفعل ما نويناه. والمفروض أن يشعر الإنسان بقيادة الروح القدس له في حاضره وفي مستقبله. بمعنى أن يقوده الروح في الطريق الحاضر متجهًا نحو المستقبل بروح التسليم والرجاء، ويفرح حينما يطلب من الآب باسم الابن الوحيد فينال عطايا الروح القدس ومعونته وإرشاده.
  رد مع اقتباس
قديم 12 - 03 - 2014, 06:08 PM   رقم المشاركة : ( 104 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

لا تدينوا لكي لا تدانوا

أكمل السيد المسيح تعليمه فقال: "لا تدينوا لكي لا تدانوا، لأنكم بالدينونة التي بها تدينون تدانون، وبالكيل الذي به تكيلون يُكال لكم. ولماذا تنظر القذى الذي في عين أخيك، وأما الخشبة التي في عينك فلا تفطن لها؟ أم كيف تقول لأخيك: دعني أخرج القذى من عينك، وها الخشبة في عينك؟ يا مرائي أخرج أولًا الخشبة من عينك، وحينئذ تبصر جيدًا أن تخرج القذى من عين أخيك" (مت7: 1-5).
كان من عادة اليهود في وقت مجيء السيد المسيح أن يدينوا غيرهم ولا يحكموا على أنفسهم. وقال عنهم السيد المسيح أنهم "يصفون عن البعوضة ويبلعون الجمل" (مت23: 24) أي يدققون في الأمور البسيطة والشكلية ويخطئون في أمور جوهرية. وقال للفريسيين: "أيها الفريسى الأعمى نق أولًا داخل الكأس والصحفة لكي يكون خارجهما أيضًا نقيًا" (مت23: 26) لأن الفريسيين اهتموا بأن يظهروا للناس مثل الصديقين وهم من داخل مملؤون اختطافًا وخبثًا. وقال إنهم يشبهون "قبورًا مبيضة تظهر من خارج جميلة وهى من داخل مملوءة عظام أموات وكل نجاسة" (مت23: 27).
لذلك حارب السيد المسيح بشدة الرياء والنفاق والتمسح بمسوح القداسة مع وجود خطايا كثيرة داخل قلب الإنسان.
ومن نتائج النفاق والكبرياء أن يدين الإنسان غيره قبل أن يحكم على نفسه. أن ينتقد غيره على أخطائه، بينما هو يرتكب ما هو أشد من الخطايا والشرور، ويحاول التظاهر بحياة القداسة أمام الناس.
لذلك وضع السيد المسيح هذه القاعدة الذهبية "بالكيل الذي به تكيلون يكال لكم" (مت7: 2).. فمن أراد أن يصلح من شأن غيره، عليه أن يصلح شأن نفسه أولًا.

كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
السيد المسيح لم يمنع الإنسان من إصلاح غيره. لأن الكتاب يقول "اعزلوا الخبيث من بينكم" (1كو5: 13). وقال القديس بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس: "وبخ انتهر عظ، بكل أناة وتعليم" (2تى 4: 2). وقال له أيضًا: "الذين يخطئون وبّخهم أمام الجميع لكي يكون عند الباقين خوف" (1تى5: 20). وبولس الرسول هو نفسه حكم على خاطئ كورنثوس حكمًا صارمًا في رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس.
ولكن لا ينبغي أن يحكم الإنسان على غيره في أمور هو نفسه يستوجب الحكم بسببها أو يفعل ما هو أفظع منها. لهذا قال السيد المسيح: "أخرج أولًا الخشبة من عينك، وحينئذ تبصر جيدًا أن تخرج القذى من عين أخيك" (مت7: 5). وبهذا سمح الرب للإنسان أن يخرج القذى من عين أخيه بشرط ألاّ تكون هناك خشبة في عينه أكبر من القذى وتمنعه من الرؤية الصحيحة.
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
الأسقف

وبالنسبة للأسقف الذي يطالبه الرب بوعظ الناس وتوبيخهم وإرشادهم وتأديبهم، وإذا لزم الأمر الحكم عليهم بالأحكام الكنسية: ينبغي أن يكون هو نفسه ليس تحت الحكم، لهذا قال الكتاب "يجب أن يكون الأسقف بلا لوم كوكيل الله" (تى1: 7). وباعتبار الأسقف وكيل الله فهو مطالب بإعلان قداسة الله ومحبته في آنٍ واحد.
الأسقف ينبغي أن يتحلى بفضائل الأبوة ويصالح الناس مع الله ويهتم بكل أحد ليخلصه، ولكنه في الوقت نفسه ينبغي أن يحكم على الخطاة غير التائبين لعله يقتادهم إلى التوبة منذرًا إياهم بالدينونة الأبدية التي تنتظرهم.
إنه يعلن الدينونة العتيدة من خلال منعه لغير التائبين من شركة الأسرار المقدسة ليفهموا أنهم لعدم توبتهم سوف يحرمون أيضًا من الحياة الأبدية مثلما قال السيد المسيح: "إن لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون" (لو13: 3). وقال لليهود: "إنكم تموتون في خطاياكم" (يو8: 24) لأنهم كانوا يقاومون الروح القدس بمقاومتهم لتعليم ورسالة السيد المسيح.
إن الأسقف الذي لا يحاسب الخطاة في الكنيسة يتعرض لأن يطلب الله دمهم من يديه،وحينما يصدر ضدهم الأحكام المناسبة فإنه يتبرأ من ذنبهم أمام الله. ولكن عليه أن يحرص باستمرار على قبول التائب إذا رجع دون أن يكون ذلك سببًا لإلغاء العقوبة الكنسية التي تساعده على عدم تكرار الخطية مرة أخرى. ولكن العقوبة في حالة المنع من شركة الأسرار المقدسة ينبغي أن تحدد نهايتها بالنسبة للتائب الذي يرجع عن خطيئته. أما غير التائب فينتظر الأسقف توبته لكي يحدد له موعدًا لعودته إلى ممارسة حياة الشركة.
أما بالنسبة للأفراد العاديين فإن التمييز بين ما هو صائب وما هو خطأ لا يعتبر إدانة. ولكن الإدانة تحدث حينما يحكم الإنسان على غيره بأنه لن يتوب دون أن ينتظر توبته ويصلى من أجله. كذلك التشهير بالغير يعتبر إدانة، إن لم يكن هناك داع لمصلحة الجماعة في الإعلان عن خطأ أحد الأشخاص.
فالذي يقوم بالتشهير بسمعة غيره، لن يمكنه إصلاح هذه السُمعة إذا تاب هذا الآخر ورجع عن خطيئته. لهذا فكل ما يعمله الإنسان ينبغي أن يكون صالحًا للبنيان. وكل ما يتكلم به يكون لمنفعة الآخرين أو للصالح العام للجماعة. ويتكلم مع من له سلطة الإصلاح وليس مع نفوس ضعيفة قد يعثرها هذا الكلام.
إن التسرع في الحكم على الآخرين هو نوع من الإدانة التي قد تكون ظالمة، والحديث عن خطايا الآخرين هو نوع من الإدانة لسبب التشهير بسمعتهم. ومحاولة إصلاح الآخرين قبل إصلاح الإنسان لنفسه هو كسر لوصية السيد المسيح "لا تدينوا لكي لا تدانوا، لأنكم بالدينونة التي بها تدينون تدانون، وبالكيل الذي به تكيلون يكال لكم" (مت7: 1، 2).
إن من يسلك في طريق التوبة عليه أن لا ينشغل بخطايا الآخرين. ومن هو غير مسئول عليه أن يترك الحكم في الأمور لمن هو مسئول، لأن الروح القدس أقام في الكنيسة رعاة ومدبرين وقضاة يفصلون كلمة الحق باستقامة، ويحرسون التعليم والبيعة من الذئاب الخاطفة، ومن كل أنواع الانحراف والفساد. لهذا قال معلمنا بولس الرسول: "خطايا بعض الناس واضحة تتقدم إلى القضاء" (1تى5: 24).
  رد مع اقتباس
قديم 12 - 03 - 2014, 06:09 PM   رقم المشاركة : ( 105 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

لا تعطوا القدس للكلاب

أكمل السيد المسيح تعليمه قائلًا: "لا تعطوا القدس للكلاب، ولا تطرحوا درركم قدام الخنازير، لئلا تدوسها بأرجلها وتلتفت فتمزقكم" (مت7: 6).
أراد السيد المسيح أن يحذِّر تلاميذه من التفريط في الأشياء والأمور والأسرار المقدسة. هناك من الأمور ما ينبغي أن يحتفظ بها الإنسان ولا يبوح بها للآخرين، لكي لا يساء استخدامها.

كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
ومن أمثلة ذلك إذا أراد شخص ما أن يعمل الخير من أجل بعض المحتاجين، فلا ينبغي أن يكشف ذلك للجشعين والطماعين لئلا يعطلوا هذا العمل ويقاوموه.
كذلك لا ينبغي التفريط في الأسرار المقدسة. أي لا ينبغي السماح بشركة التناول للأشخاص الذين يسلكون في النجاسة أي للمستبيحين الذين يستهترون بقدسية الأسرار الطاهرة ولا يسلكون في التوبة والبعد عن الشر.
لو سمحت الكنيسة للمستبيح أن يتناول من الأسرار المقدسة فسوف يستخف بالكنيسة وبكل ما فيها ويكون كأصل مرارة يتنجس به كثيرون. ويتحول هو ومن معه أضدادًا للكنيسة وتقاليدها ومقدساتها ويحاربون من يرغب في السلوك في مخافة الله.
هذا ما حدث في بعض الكنائس في الغرب التي تركت الحبل على الغارب لكل من يريد أن يتقدم إلى الأسرار المقدسة بدون استحقاق. وتطور الأمر حتى صار هناك أناسًا في هذه الكنائس يدافعون عن الأمور المخجلة والقبيحة المخالفة لتعليم الكتاب المقدس كالشذوذ الجنسي ويمدحون من يمارسها ويهاجمون من يقاومها.
فالأمر يبدأ بالتساهل في توزيع الأسرار بدعوى الترفق بالخطاة بما في ذلك غير التائبين، ثم يتطور إلى اعتبار أن ذلك حق مكتسب يمكن المناداة به جهرًا وبلا خجل أو حياء. ثم تتسع المساحة لتشمل الدفاع عن خطايا محرَّمة وتحليل ارتكابها لمن هو في شركة الكنيسة، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. ثم تحدث الكارثة في بعض كنائس الغرب عندما يتباهي الأسقف بسيامة بعض المنحرفين أخلاقيًا في الكهنوت. وللأسف والمحزن أن ينضم إلى هؤلاء من يهاجمون الوصايا التي وردت في الكتاب المقدس وتنهى عن هذه الانحرافات. وكذلك ينضم إليهم الداعين إلى الحركة النسائية في الكنائس Feminist Movement الذين يطالبون بسيامة المرأة في الدرجات الكهنوتية المتعددة، رافضين تعليم الكتاب المقدس بأن الرجل هو رأس المرأة وأنه هو المسئول عن التعليم في الكنيسة بصفة عامة، بمعنى أن المرأة لا تعلِّم ولا تتسلط على الرجل في الكنيسة (انظر 1تى2: 12).
  رد مع اقتباس
قديم 12 - 03 - 2014, 06:10 PM   رقم المشاركة : ( 106 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

لئلا تدوسها بأرجلها

من عادة الناس أن تحترم المقدسات إذا احترمتها الكنيسة. وتستخف بالمقدسات إذا استخفت بها الكنيسة. لذلك قال عالي الكاهن لبنيه: "تجعلون شعب الرب يتعدون" (1صم2: 24) وقيل عن تأثيرهم على الشعب أن "الناس استهانوا تقدمة الرب" (1صم2: 17).
إذا لم يحترم الشعب المقدسات فإنهم يدوسونها بأرجلهم عوضًا عن أن يضعوها على رؤوسهم.
والمعروف أن خميرة صغيرة تخمّر العجين كله. لذلك قال الكتاب "اعزلوا الخبيث من بينكم" (1كو5: 13).
ومهما تحملت الكنيسة في سبيل إبعاد المخطئين عن شركة الكنيسة، فإنه أكرم لها أن تحتمل هجومهم عليها والتشهير بها باطلًا حتى ولو في الصُحف، من أن تسمح لغير المستحقين بأن يدوسوا المقدسات بأرجلهم.

كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
إن أمثال هؤلاء يمزقون أنفسهم بأنفسهم بهجومهم على كنيستهم التي تسعى إلى تقديس الجماعة بالتوبة والسلوك في مخافة الرب. وسوف تتبدد مؤامراتهم على الكنيسة باعتبارهم خارجين عنها.
أما إذا أُعطى لهم القدس وداسوه بأرجلهم، فإنهم يلتفتون إلى الكنيسة ويمزقونها تمزيقًا حقيقيًا بنشر الفساد داخل الكنيسة.
وسواء أطلق المدافعون عن هؤلاء الناس على أنفسهم أنهم جبهة الإصلاح الكنسي، أو أطلقوا على أنفسهم أي اسم آخر، فإنهم ينكشفون في النهاية أنهم هم دعاة التسيب ودوس المقدسات داخل الكنيسة.
كيف يطلق على نفسه أنه يسعى للإصلاح من يرفض الإصلاح، ويهاجم المحاكمات الكنسية للمخطئين غير التائبين في الكنيسة؟!
ويتساءل هؤلاء قائلين: من يحكم على توبة الإنسان؟ ونجيب على ذلك بأن الكنيسة في كل تاريخها ومنذ العصر الرسولي قد حكمت على توبة أعضائها،لذلك قال السيد المسيح لتلاميذه من الرسل القديسين: "من غفرتم خطاياه تغفر له ومن أمسكتم خطاياه أمسكت" (يو20: 23)
ومن تم إمساك خطاياه عليه لعدم توبته فلا يمكن أن تطلب الكنيسة له الغفران في الصلاة على المنتقلين. لأن من أمسكت عليه الكنيسة خطاياه فكيف تمسكها عليه وفي الوقت نفسه تطالب الله بغفرانها له. لا يمكن -كما أشار قداسة البابا شنودة الثالث أطال الله حياته- أن تتناقض الكنيسة مع نفسها بهذه الصورة في صلاتها أي في علاقتها مع الله الذي أوصاها بحفظ المقدسات.
  رد مع اقتباس
قديم 12 - 03 - 2014, 06:13 PM   رقم المشاركة : ( 107 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

اسألوا تعطوا

أكمل السيد المسيح تعاليمه السامية فقال: "اسألوا تعطوا، اطلبوا تجدوا، اقرعوا يفتح لكم. لأن كل من يسأل يأخذ، ومن يطلب يجد، ومن يقرع يفتح له" (مت7: 7، 8).
إنها دعوة عجيبة لنيل عطايا الآب السماوي مؤيّدة بوعد من فم ابنه الوحيدربنا يسوع المسيح بأن كل من يسأل يأخذ.
الله نفسه يدعونا أن نطلب.. وذلك لأنه في خيريته يشتاق أن يمنح خيراته وعطاياه للمؤمنين به وبقدرته ومحبته.
عادة يطلب المحتاج من القادر، فإذا كان القادر محبًا للعطاء فإنه يعطيه بسرور وبلا تردد. أما ما يفوق ذلك فهو أن يسعى القادر نحو المحتاج داعيًا إياه أن يطلب وبلا حدود واعدًا إياه بأنه مهما سأل فسوف يأخذ!
هكذا أحب الله العالم حتى أنه مستعد أن يعطى وبلا حدود حتى ولو بذل ابنه الوحيد الجنس لأجل خلاصنا. إنه عطاء المحبة الذي يفوق كل توقعات السائل المحتاج.

كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
الله يريدنا لا أن نطلب الأشياء التي تفنى، بل التي لا تفنى. يريدنا أن نطلب محبته أن تعمل فينا بقوة، ويريدنا أن نطلب معرفته أن تزداد في عقولنا وقلوبنا وأفهامنا، يريدنا أن نطلب ملكوتًا لا يفنى ولا يتدنس ولا يضمحل، محفوظ لنا في السماوات. يريدنا أن نطلب القوة الروحية والنصرة على الشر والخطية وكل قوات الظلمة. يريدنا أن نطلب صداقة الملائكة والقديسين. يريدنا أن نطلب ملء الروح القدس في كل مراحل حياتنا، وقيادة الروح القدس وإرشاده ومعونته. يريدنا أن نطلب ثمار الروح القدس في حياة الفضيلة. يريدنا أن نطلب بنيانًا للكنيسة وانتشارًا لملكوته وخلاصًا لأنفس الكثيرين. يريدنا أن نطلب مواهبه وعطاياه لمنفعة الكنيسة وبنيانها،يريدنا أن نطلب نقاوة في التعليم وأن نطلب أن يرسل فعلة إلى حصاده، لأن الحصاد كثير والفعلة قليلون. يريدنا أن نطلب من أجل أعدائنا لكي يحوّل الرب الأعداء إلى أصدقاء مثلما حوّل حياة شاول الطرسوسي بصلاة اسطفانوس رئيس الشمامسة وأول الشهداء ليصير شاول مضطهد الكنيسة هو بولس رسول يسوع المسيح والمبشر بالإنجيل إلى الأمم. يريدنا أن نطلب لكي يعطى الرب قوة للكارزين والشاهدين لقيامة المسيح من الأموات. يريدنا أن نطلب منه معونة في وقت الضيق لينقذنا.
كل هذه العطايا الإلهية وكثير غيرها، لا يمكننا أن نحصل عليها من العالم وبأي وسائل بشرية. أما وعد السيد المسيح فيؤكد لنا الحصول عليها حينما نسأل أو نطلب من الآب باسمه، أو منه هو شخصيًا، أو من الروح القدس باسمه.
بهذا نرى أهمية الصلاة في حياتنا، في علاقتنا بالله، وفي اقتناء الفضائل، وفي خدمتنا لأجل ملكوت الله، وفي علاقتنا بالآخرين، وفي بنيان الكنيسة.
الصلاة ليست فروضًا نؤديها بلا روح أو بلا عاطفة، بل هي ضرورية لحياتنا الروحية وهى مصدر للخير والبركة والامتلاء من الروح القدس والنمو في محبة الله.
إنها علاقة الأبناء بأبيهم السمائي.. يحيون في بيته ويتنعمون بخيراته وهباته وعطاياه.
  رد مع اقتباس
قديم 12 - 03 - 2014, 06:14 PM   رقم المشاركة : ( 108 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

من يقرع يفتح له

الصلاة تحتاج إلى صبر وتحتاج إلى مواظبة.. فمن يصلى هو كمن يقرع على الباب وينتظر حتى يُفتح له.

كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
لذلك يقول المزمور "انتظر الرب تقوَّ وليتشدد قلبك وانتظر الرب" (مز26: 14). الله لا يغلق الباب في وجه من يطلبه، بل على العكس قال السيد المسيح: "تعالوا إلىّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم" (مت11: 28) وقال أيضًا: "من يقبل إلىّ لا أخرجه خارجًا" (يو6: 37).
إن الله يفتح الباب في الوقت المناسب، فلا ينبغي أن نيأس من الصلاة والطِلبة بكل حرارة، وبكل مواظبة.
الصلاة تحتاج إلى إيمان، لذلك قال السيد المسيح: "كل ما تطلبونه في الصلاة مؤمنين تنالونه" (مت 21: 22).
عبارة "اقرعوا يفتح لكم"تعطينا انطباعًا أن الصلاة ينبغي أن تمتزج بروح التضرع والصراخ إلى الله، وربما أحيانا تكون في صورة طلب النجدة.
فالقرع على الباب يكون متناسبًا مع حالة القارع واحتياجه. فمن كان في خطر يقرع بصورة متواترة أي يقرع قرعًا سريعًا متتاليًا. أما من كان يقصد زيارة حبيب أو صديق فإنه يقرع على بابه بهدوء أو بتأنٍ.
وكما طلب منا الرب أن نقرع على بابه، فإنه هو أيضًا من جانبه يقف على أبواب قلوبنا قارعًا حسب قوله: "هانذا واقف على الباب وأقرع. إن سمع أحد صوتي وفتح الباب أدخل إليه وأتعشى معه وهو معي" (رؤ3: 20)،إن الرب ينتظر منا أن نفتح له حينما يقرع.. نستجيب لمحبته.. نقبل سكناه فينا.. نجعل في داخلنا موضعًا لراحته.
ولاشك أن من يفتح قلبه للرب إذا قرع على بابه، فإن الرب هو أيضًا سيفتح له حينما يقرع على باب السماء في صلواته. ومن لا يفتح قلبه للرب، لا يفتح له الرب إذا قرع. لذلك يقول الكتاب "من يسد أذنيه عن صراخ المسكين، فهو أيضًا يصرخ ولا يُستجاب" (أم21: 13). أما إذا فتح قلبه للرب ولعمل روحه القدوس فإن صلاته تكون مقبولة في كل وقت.
  رد مع اقتباس
قديم 12 - 03 - 2014, 06:16 PM   رقم المشاركة : ( 109 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

عطايا الآب

أكمل السيد المسيح تعاليمه في الموعظة على الجبل بعد أن قدَّم الدعوة لتلاميذه أن يسألوا فيعطوا.. فقال: "أم أي إنسان منكم إذا سأله ابنه خبزًا يعطيه حجرًا؟ وإن سأله سمكة يعطيه حية؟ فإن كنتم وأنتم أشرار تعرفون أن تعطوا أولادكم عطايا جيدة، فكم بالحري أبوكم الذي في السماوات يهب خيرات للذين يسألونه!" (مت7: 9-11).
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
الثقة في الصلاة

الصلاة هي التي تبرهن على ثقة الإنسان في الإله الذي يعبده. إنه يثق في قدرته، ويؤمن بوجوده وقدرته على الاستماع إلى الصلاة. ويؤمن كذلك بقدرته على استجابة الصلاة.
إن المؤمن يختبر فاعلية الصلاة في حياته بصورة واضحة تجعله يزداد إيمانًا. ولذلك يقول الرب: "أما البار فبالإيمان يحيا وإن ارتد لا تسر به نفسي" (عب10: 38).
الإنسان البار يعيش في خبرة مستمرة للعمل الإلهي الفائق للطبيعة. والمعجزة بالنسبة له تعتبر شيئًا طبيعيًا لأن حضور الله المستمر في حياته يرفعه فوق مستوى العالم والمادة والمنظور "ونحن غير ناظرين إلى الأشياء التي ترى بل إلى التي لا ترى لأن التي ترى وقتية وأما التي لا ترى فأبدية" (2كو 4: 18).
بالصلاة يشعر الإنسان البار أنه يحرك العالم كله، ليس بحسب مشيئته الخاصة، بل بقيادة الروح القدس له في حياته. لذلك يقول الكتاب إن "طلبة البار تقتدر كثيرًا في فعلها" (يع 5: 16).
إن الصلاة لا تعرف شيئًا اسمه المستحيل "لأنه ليس شيء غير ممكن لدى الله" (لو1: 37)، ولأن "كل شيء مستطاع للمؤمن" (مر9: 23).
الصلاة تخرج بالإنسان من إطار التوقع البشرى إلى ما يفوق توقعات البشر. لأن الله يعطينا أكثر مما نطلب أو نفتكر.
إن نحن أهملنا الصلاة واتكلنا على أنفسنا، فإننا نعمل بقدرتنا وحدنا. أما بقوة الصلاة فإننا نضيف قوة الله إلى قوتنا. أي تزداد قدرتنا بما لا يقاس.

كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
ولكي يؤكّد لنا السيد المسيح أن الآب السماوي سوف يمنحنا بالصلاة كل ما نحتاج إليه في مسيرتنا نحو الأبدية، فقد قال: "أي إنسان منكم إذا سأله ابنه خبزًا يعطيه حجرًا" (مت7: 9). وهذا برهان واضح على أن صلاة المؤمن لا يمكن أن تخيب. لأن من يدّعى ذلك يكون كمن يقول إننا أكثر برًا من الله وحاشا أن يكون ذلك. لهذا قال السيد المسيح: "إن كنتم وأنتم أشرار تعرفون أن تعطوا أولادكم عطايا جيدة" (مت7: 11)،بمعنى أن الآباء من البشر يمنحون الخيرات لأولادهم، وذلك بالرغم من الشر الموجود في البشر. فكم بالحري الرب القدوس الكلى الصلاح ألا يمنح خيرات للذين يسألونه؟
فلماذا نشك في رغبة الآب في الاستجابة لطلباتنا؟.. ولماذا نتجاهل وجوده وقدرته ونهمل في صلواتنا؟.. ولماذا نتجاهل محبته التي أكدّها وأعلنها لنا؟.. لماذا ولماذا يطول غيابنا؟! وهو الذي يدعونا باستمرار إلى الحياة في شركة مقدسة معه.
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
أمثلة استجابة الصلاة

استخدم السيد المسيح مثلين: الحجر في مقابل الخبز، والحية في مقابل السمكة.
والحجر يرمز إلى الشيطان، أما الخبز فيرمز إلى السيد المسيح.
كما أن الحية ترمز إلى الشيطان، أما السمكة فترمز إلى السيد المسيح.
الحجر الذي استخدم في صناعة الأصنام. وللأسف سجد البشر لهذه الأصنام الحجرية التي لا تسمع ولا تشعر ولا تحس، وكان الشيطان مخفيًا فيها لكي تقدم له العبادة. ولكن هذه العبادة لم تشبع الإنسان ولم تمنحه الحياة.
أما السيد المسيح فقال عن نفسه: "أنا هو خبز الحياة" (يو6: 35).. "لأن خبز الله هو النازل من السماء الواهب حياة للعالم" (يو6: 33). وأعطانا السيد المسيح جسده مأكلًا وقال: "من يأكلني فهو يحيا بي" (يو6: 57) وقال: "والخبز الذي أنا أعطى هو جسدي الذي أبذله من أجل حياة العالم" (يو6: 51).
فبكل تأكيد إن سألنا الآب خبزًا سمائيًا فلن يعطينا حجرًا، بل بالعكس كلما طلبنا في الصلاة الربانية "خبزنا الآتي أعطِنَا اليوم" (مت 6: 11) فإنه يمنحنا خبز الحياة الأبدية لنحيا إلى الأبد..
ومن المعروف طبعًا أن إبليس قد لُقِّب بلقب "الحية القديمة" (رؤ12: 9)، وهو الذي استخدم الحية لخداع الإنسان.
أما السيد المسيح فلقبه "يسوع المسيح ابن الله المخلّص"، والحروف الأولى لكلمات هذه العبارة باللغة اليونانية هي vIcqujv ومعناها "سمكة". لهذا استخدم المسيحيون الأُول السمكة رمزًا لهم يتعرفون به على بعضهم البعض. وأدخلوه في النقوش الخاصة بهم كرمز للسيد المسيح.
فبكل تأكيد حينما نطلب من الآب السماوي أن يمنحنا السيد المسيح مخلصًا لحياتنا، فلن يعطينا بدلًا من ذلك الشيطان الحية القديمة الذي يقودنا في طريق الضلال. بل إن "الرب قريب" (فى4: 5) على الدوام كما هو مكتوب.
  رد مع اقتباس
قديم 12 - 03 - 2014, 06:18 PM   رقم المشاركة : ( 110 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

محبة القريب

أكمل السيد المسيح كلامه لتلاميذه وقال: "فكل ما تريدون أن يفعل الناس بكم، افعلوا هكذا أنتم أيضًا بهم، لأن هذا هو الناموس والأنبياء" (مت7: 12).
كثيرًا ما ينحاز الناس إلى أنفسهم، يبررون للنفس أخطاءها، ولا يبررون نفس الخطأ للآخرين. ويطلبون للنفس حقوقها، ولا يمنحون نفس الحقوق للغير. يطلبون الرحمة والحنان لأنفسهم ويعاملون غيرهم بقسوة أو بغير حنان.. وهكذا.
ولذلك فقد وضع السيد المسيح هذه القاعدة الذهبية "كل ما تريدون أن يفعل الناس بكم، افعلوا هكذا أنتم أيضًا بهم". أي أن يضع الإنسان نفسه في مكان الآخر ليحدد التصرف المناسب تجاهه كما لو كان تجاه نفسه.
فى هذا تتحقق الوصية "أحب قريبك كنفسك" (مت19: 19). ولهذا قال السيد المسيح أيضًا: "لأن هذا هو الناموس والأنبياء".
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
أمثلة من الحياة

وسوف نورد بعض أمثلة من الحياة العملية عن تطبيق هذه القاعدة الذهبية:
فالمدرس مثلًا في المدرسة عليه أن يتذكر نوع المعاملة التي كان يتمناها حينما كان تلميذًا لكي يعامل بها تلاميذه.
والأب في المنزل عليه أن يتذكر الأمور التي كان يطالب بها والده، لكي يعامل بها أولاده.
والمدير في العمل عليه أن يقارن بين ما يتمناه من معاملة المسئول الأعلى منه له، ومعاملته هو لمرؤوسيه.
والضابط في الجيش عليه أن يتذكر حينما كان في التجنيد كيف كان يتمنى أن يعامله الضباط، لكي يعامل بذلك جنوده.
والممتحن عليه أن يتذكر ماذا كان يأمل أن يجد في ورقة الأسئلة، لكي يراعي ذلك عند وضع الامتحان، وأيضًا عند فحص أوراق الإجابة وتقدير الدرجات ويقول لو كنت في مكان ذلك الطالب فماذا كنت سأفعل؟ ويتذكر أيضًا مرارة الرسوب بعد جهد وعناء كبير في الاستذكار.
والكاهن في الكنيسة عليه أن يتذكر كم كان يود أن يزور الكاهن منزله ليفتقده ويسأل عنه. وكم كان يتمنى أن يخصص الأب الكاهن أوقاتًا مناسبة لسماع الاعترافات، وكم كان يشتاق لسماع كلمة التعليم المشبعة في العظات. وكم كان يلتمس الأبوة والحنان والابتسامة المريحة في معاملة كاهن كنيسته وأب اعترافه له قبل أن يصير هو كاهنًا.

كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
والأسقف أيضًا عليه أن يتذكر مكانة الأسقف في عينيه وتأثير كلماته عليه. لكي يحافظ على هذه المكانة في أعين الآخرين حينما صار أسقفًا. ولكي يتكلم بحساب عالمًا أن كل ما يقوله يؤثر تأثيرًا عميقًا في أنفس سامعيه سلبًا كان أم إيجاباً.
وعليه أيضًا أن يتذكر كم كان يتمنى أن يستمع الأسقف إلى رأى الشعب، وأن يفتح صدره لمن يبدى رأيًا مخالفًا لوجهة نظره بأسلوب مهذب يليق بالبنين. وكم كان يتمنى أن يهتم الأسقف بكل أحد ليخلّصه، وأن لا يدخل في خصومة شخصية مع أحد، وأن يكون واسع الصدر طويل الأناة رحيمًا بالضعفاء والفقراء والمحتاجين.
عليه أن يتذكر الصورة المثالية التي كان يتمنى أن يراها في الأب الأسقف، لكي يسلك هو أيضًا بمقتضاها ولا ينسى أنه في يوم من الأيام كان واحدًا من الرعية، فلا يتعالى على الشعب بل يخدمهم بكل محبة وتواضع، ويتعب من أجل راحتهم إلى جوار حراسته للقطيع من الذئاب الخاطفة ومن الناس الخداعين.
القاضي في المحكمة عليه أن يتذكر كم كان قاسيًا أن يقع ظلم عليه أو على أي أحد لكي يتأنى قبل الحكم. ولكي يعطى المتهم فرصة للدفاع عن نفسه، أو إثبات براءته. ولكي يفحص الأمر من جميع جوانبه.. الأدلة والظروف والدوافع والعوامل الخارجة عن الإرادة.. قبل أن يحدد الحكم أو نوع العقوبة.
الطبيب أيضًا عليه أن يتذكر نفسية المريض ومعاناته ويضع نفسه في مكانه لكي يبذل أقصى جهده في علاجه. ولا يكون هدف الطبيب هو التربح من مهنته، بل شفاء المرضى متشبهًا بالسيد المسيح الذي شفى مرضى كثيرين وحمل أوجاعنا وأسقامنا في جسده على الصليب. لذلك فهناك من الأطباء من يعالجون مرضاهم مجانًا، بل ويصرفون لهم الدواء بلا مقابل متحملين مصاريف علاجهم بكل سرور.
كذلك الغنى عليه أن يضع نفسه في مكان الفقير. أو ينزل ليرى بنفسه أحوال الفقراء ومعاناتهم. يرى كيف يسكن البعض في عشش من الصفيح في برد الشتاء القارس. وكيف ينامون بلا غطاء أو بلا عشاء يقرص الجوع بطونهم. وكيف يمزق المرض صدورهم لقلة الغذاء والكساء في برد الشتاء.
المشكلة الحقيقية هي أن الغنى أحيانًا تلهيه مشاغله الشخصية أو العائلية. وقد تلهيه الملاهي العالمية والحفلات والتنافس بين الأغنياء على مظاهر الغنى الكاذبة،يجتذبه حب القنية والملابس الفاخرة والقصور الفخمة، فلا يرى معاناة المساكين الذين يحتاجون إلى الفتات الساقط من مائدته.
أحيانًا يتبقى من المآدب والحفلات ما يكفى لإشباع قرية بأكملها من الطعام. ولكن ربما لا يبالى أحد في معظم الفنادق بمصير المأكولات التي تذهب مع النفايات. لذلك ينبغي أن نتذكر كيف أمر السيد المسيح تلاميذه بعد معجزة إشباع الخمسة آلاف من الخمس خبزات بأن يرفعوا الكسر لكي لا يضيع شيء. وبالفعل جمعوا اثنتي عشرة قفة مملوءة من كسر الخبز وحملوها معهم مع أن السيد المسيح كان بإمكانه أن يمنح البركة لخبزة واحدة لتصير آلافًا من الخبز بدلًا من الكسر. إنها دروس علّمها السيد المسيح لتلاميذه لتكون نورًا للأجيال تمشى على هديه فلا تضل الطريق.
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
وقفة مع النفس

إن كل إنسان منا يحتاج إلى وقفة مع نفسه يراجعها ليرى هل بالفعل يفعل بالناس ما يريد هو أن يفعل الناس به؟ وهل يعيش الوصية في بساطتها كما قالها السيد المسيح في موعظته على الجبل؟
حقًا إن جبل الموعظة يدلنا على الوصية الشامخة في معانيها، والتي تحتاج إلى من يتفرغ من الانشغال بالأرضيات ليرتفع إلى القمم العالية في جبل الوصية الإلهية.
  رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
من كتاب مشتهى الأجيال: صعود المسيح
من كتاب مشتهى الأجيال: من القدس إلى قدس الأقداس
من كتاب مشتهى الأجيال: التجربة على الجبل
من كتاب مشتهى الأجيال: مصير العالم يتأرجح
من كتاب مشتهى الأجيال: يأس المخلص


الساعة الآن 06:38 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024