نبدأ القصة عام 56 ميلادي بان الرب يسوع المسيح ظهر لامنا السيدة مريم العذراء الطاهرة في القدس عندما كان عمرها 70 عام ، واخبرها بان روحها ستنتقل للسماء بعد 3 ايام من ظهوره لها ، فطلبت منه ان يأتيها بتلاميذه ، حينها بمعجزة الهية اجتمع 10 تلاميذ في بيت العذراء مريم ، وباركتهم وتعالت روحها للسماء بصحبة الملائكة ، وفي الطريق لوضع جسدها الطاهر في قبرها المتواجد ليومنا هذا في الجسمانية بالقدس اراد اليهود نهب الجسد والقائه من اعلى الجبل ، وهنالك مد يهودي يديه على التابوت ، فقطعت يديه وانفصلتا عن جسده ، حينها صرخ وتحنن للتلاميذ بان يطلبوا من العذراء شفائه ، فصلوا لاجله وعادت يداه سالمتان ، وتابعوا التلاميذ مسيرتهم لدفن امنا العذراء بقبرها المتواجد حاليا بالقدس ، بالجسمانية ، ووضعوها بالقبر ، واغلقوا القبر عليها بحجر .
حينها سمعوا اصوات ملائكة يهللون ويصلون من داخل القبر ، لهذا لازموا القبر ثلاثة ايام حتى توقفت الملائكة عن الصلاة.
عندها دخلوا التلاميذ القبر ولم يجدوا جسد مريم العذراء ، فعلموا انها انتقلت للسماء ، واذ بالتلميذ توما الذي لم يكن معهم ياتي نحوهم من الهند ، فلاموه وقالوا له ، "لقلة ايمانك منعك الله ان تأخذ البركة من السيدة العذراء " ، فقال توما ، انني وبطريقي من الهند الى هنا عبر السحابة شاهدت السيدة العذراء بصحبة الملائكة تصعد للسماء فوق جبل الزيتون ، فاخذت البركة منها وطلبت علامة منها كي اثبت لكم انني شاهدتها صاعدة للسماء ، فاعطتني زنارها "، حينها اظهر توما القديس للتلاميذ زنار السيدة العذراء.
زنار السيدة العذراء انتقل من القدس الى الهند مع القديس توما ، ومن ثم الى تركيا ، ومن تركيا الى سوريا ، والابحاث اثبتت انه زنار يعود عمره وتاريخه لاكثر من 2000 سنة .
في سوريا وضع الزنار داخل وعاء ومن ثم داخل المذبح في كنيسة تقع في حمص القديمة اطلقوا عليها اسم كنيسة ام الزنار ، اي انهم وضعوه في مكان امن لا يطاله الحريق وتخريب الحروب حينها ، ولكن يوم10 / 7 / 1953 تم اكتشاف مكانه بواسطة البطريرك مار إغناطيوس أفرام الأول ووضعه خارج المذبح وذلك بكنيسة ام الزنار في حمص القديمة.
* كنيسة ام الزنار في حمص \ سوريا
شيدت هذه الكنيسة في بستان الديوان عام 59 للميلاد و كانت تسمى كنيسة السيدة العذراء. وتسمى بأم الزنار لوجود زنار (او حزام) السيدة العذراء فيها حيث انتقل الزنار الى مدينة حمص عام 476 للميلاد الكنيسة من اهم المعالم الدينية المسيحية في المدينة. ويحج اليها الكثير من المسيحين من جميع الطوائف في كل سنة وتعتبر الكنيسة مقرا لطائفة السريان الاورثوذوكس في حمص و يضم بناء الكنيسة مبنيين للايتام و ساحة للعب بالاضافة الى الكنيسة و المزار .
* تنقلات الزنار المقدس:
أخذ القديس مار توما الزنار معه عند رجوعه مرة ثانية إلى الهند، وصحبه في الأماكن التي كرز فيها حتى وفاته فحُفظ الزنار مع رفات هذا القديس طوال أربعة قرون، ثم في أواخر القرن الرابع للميلاد في 394م نقل هذا الزنار المقدس من الهند إلى الرها مع رفات القديس مار توما، ثم نقل الزنار وحده إلى كنيسة العذراء في حمص سنة 476م حيث أن راهباً يدعى الأب داود الطور عبديني قد حل في كنيسة العذراء بحمص ومعه رفات الشهيد مار باسوس وتركه فيها وكان معه أيضاً زنار العذارء المقدس. وقد دلَّ على ذلك أنه عند اكتشاف الزنار كانت معه بعض عظام هي رفات مار باسوس، وقد خلَعَ الزنار المقدس اسمه على كنيسة العذراء فأصبحت تعرف منذ ذلك العهد باسم كنيسة الزنَّار أو كنيسة أم الزنَّار.
* تجديد الكنيسة واكتشاف الزنار:
بعد ذلك بمدة خاف الحمصيون على الزنار المقدس بسبب الأحوال الأمنية غير المستقرة. فدفنوه داخل مذبح الكنيسة في وعاء معدني، وظل كذلك حتى سنة 1852م حيث أراد السريان هناك تجديد كنيستهم في عهد المطران يوليوس بطرس مطران الأبرشية الذي صار فيما بعد بطريركاً باسم بطرس الرباع بين عامي 1872-1884م وحينما هدموا الكنيسة وجدوا زنار السيدة العذراء موضوعاً في وعاء وسط المذبح، ففرحوا جداً وتباركوا منه. ثم أعادوه إلى المذبح بالحالة التي وجوده فيها ووضعوا فوقه حجراً كبيراً ونقشوا عليه بالخط الكرشوني تاريخ تجديد البيعة عام 1852م وإن هذا تم في عهد المطران يوليوس بطرس. ونقشوا أيضاً أسماء المتبرعين وذكروا أن الكنيسة ترجع لعام 59م ونتيجة لعوامل كثيرة أهمها الأضهاد الذي وقع على الكنيسة لجأ الآباء إلى إخفاء الزنار. ونُسي أمره حوالي مائة عام تقريباً حتى شاءت ارادة الله أن يظهر هذا الكنز الثمين الذي لا يقدر بمال لينال المؤمنون بركته على الدوام.
ففي أواسط نيسان من عام 1953م كان سيادة الحبر الأعظم بطريرك السريان الأرثوذكس اغناطيوس افرام الأول يتصفح مع رجال الدين بعضاً من الوثائق و الأوراق التي قدمت هدية لمكتبة البطريركية وكانت هذه الأوراق مما جمعه المرحوم القس يوسف عسكر حمصي المتوفي عام 1916م
فوجدوا مجلداً يحوي 46 رسالة مكتوبة بالكرشوني والعربي تعود إلى أكثر من مئة عام وإحداها وهي مكتوبة بالكرشوني طولها 28سم وعرضها20سم كتبها وجهاء سوريا إلى وجهاء مدينة ماردين التركية عام 1852م و يشرحون فيها عن أوضاع أبرشياتهم ويقولون فيها أنهم عندما هدموا كنيسة السيدة العذراء مريم والدة الإله بمدينة حمص في سورية بغية توسيعها وتجديدها وتسقيفها بالخشب فوجدوا زنار السيدة العذراء موضوعاً في وعاء وسط مائدة التقديس في المذبح وبناءً على هذه المعلومات المذكورة في الوثيقة تم كشف مائدة التقديس في: 20 تموز 1953م
ووجد رقيم حجري طوله 46سم و عرضه 44سم سماكته 2سم مكتوب عليه بخط كرشوني واضح مايلي:
في سنة 59م بنيت كنيسة السيدة العذراء مريم والدة الإله وذلك في زمن البشير ملاآ المدعو ايليا أيضاً ثم ذكر تاريخ تجديد الكنيسة سنة1852م في عهد المطران يوليوس بطرس كما أورد أسماء البلاد والقرى التي تبرع أهلها بنفقات العمارة وقد وجد جرنا قديما مغطى بصفحة نحاسية سميكة مدورة قديمة وداخله وعاء.
فاستدعى سيادة الحبر الأعظم البطريرك اغناطيوس افرام الأول مطران حمص للروم الأرثوذكس سيادة الحبر الورع الكسندروس وأمامه تم فتح الوعاء الذي تكسر لعتقه فظهر الزنار الشريف ملفوفاً بعضه على بعض وعلامات العتق باديةً عليه ووجد أيضاً أنبوبة من معدن رقيق في طرف الوعاء الأعلى تنطوي على عظم مجوف يلوح أنه في داخله قطعة رق أو ورق تخين ترك على حالته وتم جمع أجزاء الوعاء وحفظه
أما الزنار فطوله 74سم وعرضه 5سم و سماكته 3ملم تقريباً لونه بيج فاتح وهو مصنوع من خيوط صوفية طولانية في الداخل (يرجح أنه مصنوع من خيوط كتان وحرير) نسج عليها خطوط من الحرير وطرز الزنار بخيوط من الذهب على سطحه الخارجي وقد تأكل من أطرافه لقدمه .
* منشور البطريرك مار اغناطيوس أفرام الأول برصوم:
كشف الله الأمر للبطريرك مار اغناطيوس أفرام الأول برصوم الذي قال في منشوره البطريكي:
في أواخر شهر نيسان 1953م لمَّا كنا نتفحص كتاباً كرشونياً يتضمن قصصاً ومواعظ ظهر لنا أنه مجلد بعدة أوراق كدست فوق بعض (وكان الشرقيين منذ ثلاثمائة سنة يجلدون مخطوطاتهم بهذه الطريقة) أو بخشب سميك، ثم يغلفونها بجلد، أو قماش سميك، وذلك لقلة الكرتون، ولمَّا فتحنا جلد الكتاب وجدناه مؤلفاً من 46 رسالة بالكرشوني والعربي تخص أبرشية حمص وتوابعها مكتوبة منذ نيف ومائة سنة وإحداها وهي كرشونية طولها 28سم وعرضها 20سم كتبها سنة 1852م وجهاء أبرشة سوريا (حمص وحماة ودمشق وصدد وفيروزة ومسكنة) ووجهاء مدينة ماردين المجاورة لدير الزعفران مقر الكرسي البطريركي تتضمن أحوال أبرشيتهم ذكروا فيها أنهم حينما هدموا كنيستهم المسماة باسم سيدتنا العذراء أم الزنار في حمص بغية توسيعها وتجديد بناءها لقدمه وصغرها وتسقيفها بالخشب وذلك بأمر مطران أبرشيتهم بطرس الموصلّي وجدوا زنار السيدة العذراء موضوعاً في وعاء وسط مائدة التقديس في المذبح فشملهم به فرح عظيم.
بناء على هذه المعلومات كشف البطريرك أفرام برصوم المائدة المقدسة صباح يوم العشرين من شهر تموز من عام 1953م فوجد رقيماً حجرياً وتحته جرن قديم مغطى بصفحة نحاسية وداخله الوعاء الذي تكسر لعتقه فظهر الزنار الشريف ملفوفاً بعضه على بعض ووجدوا أنبوباً من معدن رقيق في طرف الوعاء الأعلى تحتوي على عظم مجوف يلوح أن في داخله قطعة رق أو ورق ثخين ترك على حاله.
جمعت أجزاء الوعاء وحُفظت وشاع هذا الخبر في مدينة حمص فتقاطر جمهور من جميع الملل المسيحية يتبركون بالزنار الشريف.
وفي ذكرى انتقال السيدة العذراء إلى السماء روحاً وجسداً تم التقاط صور نادرة وعالية الجودة والتميز لزنارها المقدس الموجود في كاتدرائية السيدة العذراء أم الزنار في مدينة حمص السورية وهو ذخيرة مقدسة بالغة الأهمية كونها أهم أثر للسيدة العذراء كذلك ذو قيمة أثرية تعود بالتاريخ إلى ألفي عام .
* اعادة زنار السيدة العذراء لكنيسة ام الزنار يوم 15.8.2014
كنيسة ام الزنار في حمص تعتبر من اهم كنائس سوريا والعالم لان زنار السيدة العذراء بها ، وعندما هوجمت كنيسة ام الزنار بحرب الارهاب العالمي ضد سوريا ومسيحيي سوريا ومقدساتهم ، قام المقربين من الكنيسة باخفاء زنار السيدة العذراء ، وقاموا الارهابيين الموالين للشيطان داعش والنصرة باحتلال الكنيسة ودمروا قسما منها بعد ان احتلوها واحرقوا اقساما اخرى ، والدمار كان بربري ورهيب .
ويوم 15.8.2014 يوم الجمعة ، كان يوم سعادة وسرور لمسيحيي سوريا ، وهو عيد رقاد وانتقال السيدة العذراء للسماء ، وخلاله طاف الكهنة في حمص القديمة بصحبة زنار السيدة العذراء ، واعادوه للكنيسة ، كنيسة ام الزنار بعد ان فارقها لمدة 3 سنوات...
