06 - 02 - 2018, 05:39 PM | رقم المشاركة : ( 991 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: اكبر مجموعة متنوعة من أقوال الأباء وكلمة منفعة
لا تجعل الشيطان يتجسد فيك بواسطة غضبك ـ القديس يوحنا الكرونستادي
ان الانسان في بعض الأحيان يكون ثائراً غاضباً وشريراً الي حد يستحيل معه أن يكون ذلك منه شخصياً ! لكنه انما يصير هكذا بسبب محاولات الشيطان التي لا يدفعه اليها الا حسده. وما عليك الا أن تلاحظ نفسك والآخرين في فترات الغيظ والشر، عندما ترغب أنت نفسك أو يرغب غيرك في تحطيم الشخص المعادي له ! سواء كان ذلك في الحقيقة أم في الخيال ! فلتقارن بين هذه الحالة والحالة التي تليها مباشرة: … هدوء ووداعة وشفقة في نفسك او في الشخص الذي تلاحظه ! قارنها ولسوف تقول لنفسك: “لا، ان هذا الرجل يبدو مختلفاً تماماً عن ذلك الرجل الذي كان منذ فترة وجيزة مملوءاً غضباً وشراً !” …. “فوجدوا الانسان الذي كانت الشياطين قد خرجت منه لابساً وعاقلاً جالساً عند قدمي يسوع” (لو 8: 35) !! ينكر بعض الناس وجود الارواح الشريرة، ولكن هذه الظاهرة في الحياة الانسانية تثبت بجلاء ووضوح وجودهم، فاذا كان لكل ظاهرة من الظواهر سببها واذ كنا نحكم علي الشجرة الجيدة بثمرها، فمن ذا الذي لا يري في الرجل المجنون الثائر وجود الروح الشرير الذي لا يستطيع أن يظهر نفسه الا في الصورة الجديرة به ؟! ومن ذا الذي لا يري في الغضب العارم المتدفق رئيس الشر كله ؟! فضلاً عن ذلك فانه رجل صار عبداً للغيظ والغضب ويتنفس الشر تنفساً كالهواء، يشعر شعوراً في صدره بقوة عدائية شديدة تنتج في الروح العكس تماماً لما قاله المخلص عن وجوده ذاته “نيري هين وحملي خفيف” (مت 11: 30) اذ بوجود الروح الشرير يشعر الانسان بالقلق والضيق جسداً وروحاً. |
||||
06 - 02 - 2018, 05:39 PM | رقم المشاركة : ( 992 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: اكبر مجموعة متنوعة من أقوال الأباء وكلمة منفعة
أيدي الانسان الداخلي ـ القديس يوحنا كاسيان
أولئك هم الذين تكلم عنهم بشكل رمزي الكتاب المقدس بكلمة الأشول، مثل أهود الذي وصف في سفر القضاة بأنه يستخدم يده اليسرى كما لو كانت اليمنى (قض 2). هذه القدرة نستطيع أن ننالها (أي تكون يدنا اليسرى قوية كاليمنى) بشكل روحي، بإستخدامنا الأشياء السارة إستخداماً سليماً ومفيداً – هذه التي هي لليمين – علاوة على إستخدامنا الأشياء المؤلمة – التي ندعوها على اليسار – أيضاً إستخداماً حسناً، ونجعل كلاهما ينتميان للجانب الأيمن، بحيث مهما يحدث يكون بالنسبة لنا “سلاحاً للبر” كما يقول الرسول (2كو 6: 7). لأن الإنسان الداخلي له جانبان، أو بأسلوب آخر “يدان”، ولا يستطيع أي قديس أن يعمل من غير أن يستعمل ما ندعوه اليد اليسرى، بل بواسطتها يظهر كمال الفضيلة، فالإنسان الماهر يقدر أن يحول كلا يديه إلى “يد يمينية”. ولكي نوضح ذلك نقول بأن القديس له فيما يخص يده اليمينية إنجازاته الروحية، وذلك عندما يحصل على أفضل رغباته وعواطفه بغيرة روحية، متحرراً من هجمات الشيطان، وبدون أي مجهود أو صعوبة يرفض ويقطع الخطايا الجسدية. وذلك عندما يكون مترفعاً فوق الأرض، ناظراً للأمور الزمينة والأرضية كبخار وظل باطل، مزدرياً بها كأمور زائلة، وبقلبه الفياض لا يشتاق بغيرة زائدة نحو الأمور العتيدة فحسب بل يراها حقاً بوضوح، مقتاتاً كثيراً بالتأمل الروحي، مدركاً الأسرار السمائية بأكثر صفاء، مقدما صلواته أمام الله بنقاوة وإستعداد، عندما يكون ملتهباً بروح متقد وبإستعداد شديد نحو العبور إلى الأمور غير المنظورة والأبدية، حتى يصعب الإعتقاد بأنه لا يزال باقياً في الجسد. ويكون له أيضاً يد يسارية، وذلك عندما يسقط في أشراك التجربة ويحترق بنيران الشهوة، ويكون كما لو كان جالساً على النيران بسبب التهيج والغضب، مغلوباً من الكبرياء والافتخار، متضايقاً من الحزن العامل للموت، عندما يكون متزعزعاً نحو قطع الرجاء، مهاجماً بالفتور فاقداً كل دفء روحي، نامياً في نوع من الفتور والغم الذي بلا سبب حتى أنه ليس فقط تتركه الأفكار الصالحة بل والترنم بالمزامير والصلاة والقراءة، وينهزم من النوم، وتبدو كأن جميع التداريب الروحية قد فقدت طعمها بقرف مريع لا يطاق، فإذا ما إضطرب الشخص في هذا الجانب، فليعلم أنه مهاجم من الجانب اليساري. الشخص الذي لا ينتفخ بالكبرياء بسبب ما بلغه من الجانب الأيمن (مما سبق ذكره)، ويقاوم ببسالة الهجمات التي تأتيه من الجانب الأيسر، ولا يستسلم لليأس، بل يمسك بأسلحة الصبر متدرباً على الفضيلة، فإن هذا الرجل يستطيع إستخدام كلا يديه كيد محاربة (يمينية). فينال نصرة في كل عمل، ويحصل على مكافأة النصر بسبب هذا الجانب الأيسر علاوة على الجانب الأيمن. فإننا نقرأ عن المكافأة التي نالها الطوباوي أيوب والذي توج بالنصرة من الناحية اليمينية، لأنه إذ كان أباً لسبعة بنين وكان غنياً وصاحب ثروة طائلة كان يقدم كل يوم ذبائح لله لأجل تطهيرهم وذلك لشغفه أن يكونوا مقبولين وأعزاء لدى الله أكثر منه. وكان يفتح بابه لكل غريب إذ كان “عُيُونًا لِلْعُمْيِ، وَأَرْجُلاً لِلْعُرْج” (أي 29: 15) وكسى أكتاف التعابى بصوف غنمه. وكان أباً للأيتام وزوجاً للأرامل، ولم يكن يفرح قط لسقوط عدو له. وقد بقى نفس الرجل في حياة الفضيلة بصورة أعظم عندما انتصر على المصائب من الناحية اليسارية. عندما أخذ منه أولاده السبعة في لحظة، فإنه كأب لم يتغلب عليه الحزن المر، بل كخادم حقيقي لله إبتهج بإرادة خالقه. وإذ صار فقيراً بعدما كان صاحب ثروة ومعدماً بعدما كان غنياً، وهزيلاً بعدما كان قوياً ومؤدباً ومرذولاً بعدما كان مشهوراً وصاحب شرف، في كل هذا إحتفظ بثبات عقله من غير أي إضطراب، وأخيراً إذ تجرد من كل شيء جلس وسط الرماد، ومثل الجلاد القاسي لجسده الخاص كان يحك بشقفة خزفية المادة المترهلة، وبغمس أصابعه في جراحاته كان يخرج من كل موضع ديدان من أعضائه. ومع هذا لم يسقط أيوب في اليأس ولا جدف أو تذمر على خالقه … بل قال: “الرَّبُّ أَعْطَى وَالرَّبُّ أَخَذَ، فَلْيَكُنِ اسْمُ الرَّبِّ مُبَارَكًا” (أي 1: 21). أستطيع أيضاً أن أقول أن يوسف كان أشولاً، ففي أفراحه كان عزيزاً جداً عند والديه، محباً لأخوته، مقبولاً لدى الله. وفي ضيقاته كان عفيفاً، مؤمناً بالله وفي سجنه كان أكثر شفقة على المسجونين، متسامحاً مع المخطئين، صافحاً عن أعدائه. وبالنسبة لأخوته الحاسدين له فانه بمقدار ما سقطوا تحت سلطانه – هؤلاء القاتلين له – أثبت ليس فقط محبته لهم بل أيضاً سخائه الحقيقي تجاههم. إن هؤلاء الرجال وأمثالهم بحق يدعى كل منهم “أشولاً”، إذ يقدرون أن يستخدموا كلا يديهم كأيد يمينية، فيستطيعون بعد أن إجتازوا تلك الأمور التي يعددها الرسول أن يقولوا بحق: “بِسِلاَحِ الْبِرِّ لِلْيَمِينِ وَلِلْيَسَارِ. بِمَجْدٍ وَهَوَانٍ، بِصِيتٍ رَدِيءٍ وَصِيتٍ حَسَنٍ” (2 كو 6: 7-8) …. وهكذا يُحسب كل منا أشولاً عندما لا يؤثر فينا الرخاء ولا العوز، فلا يغوينا الرخاء ولا يدفع بنا نحو الاهمال الخطير، كذلك لا يطرحنا العوز في اليأس والشكوى، بل عندما نقدم الشكر لله على الأمور اليمينية واليسارية بشكل متساوي، نحصل على نفس الفائدة من كلا الأمور السارة والأمور المؤلمة. وقد ظهر الرجل الأشول معلم الأمم، أنه هو نفسه كان هكذا بقوله: “فَإِنِّي قَدْ تَعَلَّمْتُ أَنْ أَكُونَ مُكْتَفِيًا بِمَا أَنَا فِيهِ. أَعْرِفُ أَنْ أَتَّضِعَ وَأَعْرِفُ أَيْضًا أَنْ أَسْتَفْضِلَ. فِي كُلِّ شَيْءٍ وَفِي جَمِيعِ الأَشْيَاءِ قَدْ تَدَرَّبْتُ أَنْ أَشْبَعَ وَأَنْ أَجُوعَ، وَأَنْ أَسْتَفْضِلَ وَأَنْ أَنْقُصَ. أَسْتَطِيعُ كُلَّ شَيْءٍ فِي الْمَسِيحِ الَّذِي يُقَوِّينِي” (في 4: 11-13). |
||||
06 - 02 - 2018, 05:40 PM | رقم المشاركة : ( 993 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: اكبر مجموعة متنوعة من أقوال الأباء وكلمة منفعة
لا تنظري الي عريي – القديس نيقولا فليميروفيتش من هذا الذي يحدق فيّ من كل النجوم في السماء وكل المخلوقات علي الأرض ؟! اغمضي عيونك ايتها النجوم والمخلوقات, لا تنظري الي عريي, فخزيي يعذبني بما فيه الكفاية من خلال عيوني. ماذا هناك لكِ لتنظريه ؟! شجرة الحياة التي تقلصت حتي صارت شوكة علي الأرض, تغرز في ذاتها وفي الآخرين ؟! ماذا أيضا سوي لهب سماوي مغمور في الطين, لهب لا يعطي ضوء ولا يندثر ؟! ايها الحراثين, انها ليست حراثتكم التي تفيد بل الرب الذي يراقب, ايها المرنمين, انه ليس ترنيمكم الذي يفيد بل الرب الذي يسمع, ايها النيام انه ليس نومكم الذي ينفع بل الرب الذي ييقظ, ليست برك المياه في الصخور حول البحيرة هي التي تنفع, بل البحيرة نفسها ! ما هو كل وقت البشر سوي موجة ترطب الرمال المحترقة علي الشاطئ, ثم تأسف انها تركت البحيرة لأنها جفت ؟ ايتها النجوم والمخلوقات لا تنظري اليّ بعيونك, بل الي الرب فهو وحده يري, انظروا اليه وسترون أنفسكم في وطنكم. ماذا ترين حين تنظري اليّ ؟ صورة لتغربك ؟ مرآة لزوالك العابر ؟ ايها الرب, وشاحي الجميل المطرز بالسيرافيم المذهب, اكس وجهي مثل الوشاح علي وجه الأرملة, واجمع دموعي التي فيها حزن كل خلائقك يغلي. ايها الرب, يا جمالي, تعال وزرني لئلا أخجل من عريي, خشية أن العديد من الومضات العطشي التي تسقط عليّ تعود لديارها عطشي ! |
||||
06 - 02 - 2018, 05:40 PM | رقم المشاركة : ( 994 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: اكبر مجموعة متنوعة من أقوال الأباء وكلمة منفعة
رؤيا – القديس متاؤس الفاخوري رأيت الأنبا انطونيوس والأنبا مكاريوس والأنبا باخوميوس والأنبا شنودة رئيس المتوحدين ينادون ويقولون لي: “تعال الينا”, فقمت ومشيت معهم الي أن وصلت الي مكان ودخلت فيه معهم, ووجدت جمعا كثيرا مهيب المنظر جدا, وقد أتوا ليسلموا علي, ولما سلموا علي قالوا لي: “مرحبا بقدومك الينا, هوذا اليوم تجئ وتسكن عندنا في فردوس الأبرار”, ثم رأيت حصنا عظيما منيعا وبابه عاليا جدا وهو مُرصع بالجواهر الكريمة والذهب, فلما وصلت للباب سمعت صوتا يقول:“افتحوا باب الدار ليدخل متاؤس”. اما انا فلما سمعت هذا الكلام تخوفت, ثم دخلت وأنا بخوف شديد ورعدة عظيمة, فرأيت ساحات عظيمة حتي ظننت ان كل ساحة تساوي ميلين أو ثلاثة في الطول, ثم رأيت كراسي متلاصقة بعضها ببعض وجماعة عظيمة من الرهبان جالسين عليها وهم منيرون جدا, أما أنا فقلت للذين يسيرون معي: “يا ساداتي من هم الجالسون علي هذه الكراسي العظيمة ؟”, فقالوا لي: “هؤلاء الذين تراهم هم آباء الاسكيم المقدس وآباء الرهبان, كل واحد منهم جالسا وسط أولاده اللابسين اسكيم الرهبنة الملائكي”, ثم قالوا لي: “انظر الي هؤلاء الاربعة النورانيين, انهم القديس انطونيوس أب جميع الرهبان, والقديس مكاريوس الكبير أب جبل شيهيت, والقديس الأنبا باخوميوس أب الشركة, والرابع هو القديس الأنبا شنودة رئيس المتوحدين”. بعد ذلك أخذوني وأقاموني قدامهم بخوف عظيم, فتقدمت وسجدت قدامهم, فقال لي واحد منهم وكان بيده منشور: “يا متاؤس”, فقلت: “نعم يا أبي وسيدي”, فقال لي: “قم مسرعا وامض الي ديرك لأنهم سوف يسألونك عنه وعن أولادك الرهبان الذين في الدير وعن كل أفعالهم وعن صلواتهم التي يقدمونها لله, وبالأكثر عن الصدقة التي يوزعونها علي باب الدير, لأن عندهم في ذلك توان وكسل, واعلم ان هذا مطلوب منك في اليوم السابع من شهر كيهك”, وكانت هذه الرؤيا في اليوم الثالث منه. أما أنا يا أولادي فلما استيقظت من الرؤيا جمعتكم الي هنا لأقص عليكم ما رأيت والآن يا أولادي الأحباء عيشوا مع بعضكم في محبة لأني ماض الي الله وأقرئكم السلام باسم يسوع المسيح لأني بعد ثلاثة ايام انتقل من هذا العالم الزائل واني استودعكم بسلام الرب الاله صاحب كنوز الرحمة واسأله أن يحفظكم بملائكته من تجارب العدو انتم وكل المجمع المقدس الطاهر وأوصيكم بالمحبة بعضكم لبعض وواظبوا علي الصدقة والرحمة علي المتضايقين وكونوا ساهرين في الطلبة الي الله عن اخوتكم المؤمنين الذين في العالم وكونوا مهتمين أن ترضوا الرب كل حين …… أرجو من الرب أن يسامحني …… |
||||
06 - 02 - 2018, 05:40 PM | رقم المشاركة : ( 995 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: اكبر مجموعة متنوعة من أقوال الأباء وكلمة منفعة
الكهنوت وصفات الكاهن ـ القديس مكسيموس المعترف يجب ان يكون الكاهن قدّيساً نفساً وجسداً، وعمود نور ينير الكنيسة التي هي شعب الله، وأن يكون أنقى من أشعة الشمس لئلا يتركه الروح القدس مقفراً. إن الكهنوت يصير على الأرض إلاّ إنّ له رتبة الطغمات السماوية. فانَّ لا ملاك ولا إنسان ولا قوَّة أخرى مخلوقة تستطيع أن تجريه وتتّمه بل الروح الكليُّ قدسه هو في الخدمة بنفسه. والكاهن إنّما يتمّم خدمة الملائكة. لأجل ذلك يجب على كل الحائزين على درجات الكهنوت المختلفة أن يتصوَّروا وهم يكملون الخدمة أنّهم واقفون مع الملائكة في السماء أمام الله. ولذلك يطلب منهم أن يكونوا طاهرين أنقياء كالملائكة. أما علمتم أنه لولا مؤازرة نعمة الله مؤازرة عظيمة لما استطاعت نفس بشرية قطٌ أن تصمد أمام نار تلك الذبيحة الهائلة! لإنه إن كان ليس في استطاعة أحد أن يعرف ماهية الإنسان المركّب من لحمٍ ودمٍ، فكيف يمكن الدنوُّ من الطبيعة المغبوطة المتفوّقة في الطهارة والنقاوة؟ من يتأمّل في هذه الحقائق يستطيع أن يُدرك تمام الإدراك مقدار الكرامة التي للكهنة والتي إنما أُهّلوا لها بنعمة الروح القدس. فالكهنوت خدمة جليلة سماوية إلهية. هكذا احتسبه الآباء القديسون المتوشحون بالله فوقروه جداً واحترموه وقالوا إنه لا يجب ولا يليق أن يُمنح إلاّ للقديسين فقط. ولذلك يجب على كل كاهن أن يمتحن نفسه فإذا رأى أنه غير مقدَّس وغير طاهر فليندم ويتب بدموع حارَّة. وإلا فليهرب بعيداً من الخدمة لئلا يحترق نفساً وجسداً. ثم إن الكهنوت هو بهذا المقدار أعلى وأجلّ من الُملك بمقدار الفرق الموجود بين النفس والجسد. فيجب على الكهنة الذين يمارسون الخدمة الكهنوتية الرهيبة أن يبذلوا جهدهم في تطهير نفوسهم حتى من أحقر وأقلّ التخيُّلات النفسية ومن ثم يقدمون على الخدمة. متشبهين على قدر استطاعتهم بالساروفيم والشاروبيم. يوجد بعض الكهنة لا يسلكون بمقتضى القوانين والشرائع الإلهية لا قولاً ولا فعلاً ولا فكراً لكنهم مشغوفون بمحبة المجد والشرف ولا همّ لهم إلاّ أن يحترمهم الناس ويبجلونهم. ولكن أمثال هؤلاء الكهنة ولسوء الحظ لم ولن يستطيعوا أن يخلّصوا لا أنفسهم ولا غيرهم. آخرون صاروا كهنة لأنّهم كسالى ولا طاقة لهم على الشغل والعمل اليدوي ولم يستطيعوا أن يدبّروا أمور معيشتهم. وهنالك آخرون دون أن يقدّروا عظم الضرر الذي قد يلحق بالكنيسة، ودون أن يدركوا عظم أهمية هذه الخدمة الإلهية، قد تجرَّأوا على الدخول إلى المذبح المقدس دون أن يكونوا حائزين على شيءٍ من المؤهلات من علمٍ وأدبٍ وأخلاق. وإذ لم يقدروا أن يقدّروا هذا السرّ الرهيب حقَّ قدره راحوا يزعمون أنّ الكهنوت إنّما هو جرأة وجبروت. آخرون كانوا فاضلين أتقياء أعفاّء إلى درجة القداسة ولكنّهم لما ارتقوا إلى درجة الكهنوت اعتزُّوا بهذه الرتبة فوضعوا كل ارتكانهم عليها وكل ثقتهم بها فخدعوا وتراخت عزائمهم وتهاونوا في ممارسة الفضائل التي كانوا يمارسونها قبلاً، بل توغلوا في الملاذ وارتكبوا الذنوب فعوقبوا عقاباً شديداً. بينما هناك آخرون يخدمون المذبح بتواضع وبضمير طاهر فيحظون بالمكافأة من الرب لقاءَ ذلك. فمن يخدم عن غير استحقاق هو يهوذا ثانٍ. وهو خائن. لان داثان وابيرام قد انشقَّت الأرض وابتلعتهما حيين، لانهما تجرَّأا على التبخير في هيكل الرب عن غير استحقاق، فكم بالحري يكون اكثر إجراما من يطأ جسد المسيح المخلّص ودمه! لا مراء أن مثل هذا سوف يُعاقب بأشنع العقوبات ويُقاصُّ بأشدَّ القصاص. فالكاهن الصالح الحقيقي يجب أن يكون تقياً, حكيماً, محباً للتعليم, متواضعاً, غير مدمن الخمر, ضابطاً نفسه ولسانه, غير حقود, ولا بخيل, بل رحيماً, محباً, وعلى الخصوص للغرباء. يجب أن يكون محباً للجميع كباراً وصغاراً ومسالماً الجميع. وأن لا يأخذ رباً ممن يقرضهم وان لا يجدّف ولا يحرم ولا يلعن، ألاّ يكون تاجراً لئلا ينطق بالكذب، ألاّ يدخل مع آخرين في مخاصمات ومنازعات، ألاّ يتعظم ويستكبر، ألاّ يستعمل الهزل ليضحك الآخرين، ألاّ يكون مهذاراً وألاّ يتكلم إلاّ بالكلام المفيد والنافع لسامعيه مسترشداً بآيات الكتاب الإلهي، ألاّ يكون شرهاً ولا شهوانياً لئلا يحزن الروح القدس. وان لا يجاوب سائليه بغضبٍ ونزقٍ بل بروح التواضع نحو الجميع، ألاّ يتبرَّج ويتزَّين، أن لا يحسد نجاح الغير، أن يسامح من يشتمه من كل قلبه أمام الجميع وقبل غروب الشمس، أن يفحص الذين يسقطون في الخطايا بوداعةٍ ويوبّخهم بمخافة الله. لا يجب أن يكون عثرةً أو سبب شكٍ لأحدٍ غنياً كان أو فقيراً. جميع هذه الأمور التي ذكرناها يجب على الكاهن أن يحافظ عليها بكل دقَّةٍ وبغاية الانتباه ليتسنّى له بداّلة وبقلبٍ طاهر أن يعلّم آخرين أيضاً. فان تهاون بما ذكر ولم يحفظه جيداً لفائدة الذين يتعلَّمون منه وبنيانهم فالأوفق له أن يعلِّق في عنقه حجر الرُّحى ويزجَّ في البحر لأنه خالف ناموس المسيح واستهان بتعليمٍ كهذا. |
||||
06 - 02 - 2018, 05:40 PM | رقم المشاركة : ( 996 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: اكبر مجموعة متنوعة من أقوال الأباء وكلمة منفعة
لماذا تدعوني صالحًا ؟ – القديس كيرلس السكندري
” وسأله رئيس قائلاً أيها المعلم الصالح ماذا أعمل لأرث الحياة الأبدية؟ فقال له يسوع لماذا تدعوني صالحًا؟ ليس أحد صالحًا إلاّ واحد وهو الله. أنت تعرف الوصايا. لا تزن. لا تقتل. لا تسرق. لا تشهد بالزور. أكرم أباك وأمك. فقال هذه كلها حفظتها منذ حداثتي، فلما سمع يسوع ذلك قال له يعوزك أيضًا شئ. بع كل مالك ووزع على الفقراء فيكون لك كنز في السماء وتعال اتبعني. فلما سمع ذلك حزن لأنه كان غنيًا جدًا . فلما رآه يسوع قد حزن قال ما أعسر دخول ذوى الأموال إلى ملكوت الله. لأن دخول جمل من ثقب أبره أيسر من أن يدخل غنى إلى ملكوت الله فقال الذين سمعوا فمن يستطيع أن يخلص؟ فقال غير المستطاع عند الناس مستطاع عند الله “.(لوقا18:18ـ27) الذين يؤمنون أن الكلمة الذي أشرق من جوهر الله الآب نفسه هو الله بالطبيعة وبالحق؛ فإنهم يقتربون إليه كما إلى إله كلي المعرفة، وهو كما يقول المرنم:” فاحص القلوب والكلى“(مز9:7)ويرى كل ما يجرى في داخلنا لأن“كل شئ عريان ومكشوف“أمام عينيه(عب13:4)بحسب تعبير بولس الطوباوي. ولكننا لا نجد جموع اليهود يميلون إلى هذا لأنهم مع رؤسائهم ومعلميهم كانوا في ضلال، ولم يروا بعيون أذهانهم مجد المسيح بل نظروا إليه بالحرى كواحد مثلنا أقصد كمجرد إنسان وليس بالحرى الله الذي قد صار إنسانًا، لذلك فإنهم تقدموا إليه ليجربوه وينصبوا له فخاخ مكرهم وهذا يمكنكم أن تتعلموه مما قد قُرئ الآن. لأنه يقول: وسأله رئيس قائلاً أيها المعلم الصالح ماذا أعمل لأرث الحياة الأبدية؟ فقال له يسوع لماذا تدعوني صالحًا؟ ليس أحد صالحًا إلاّ واحد وهو الله. والآن فذلك الذي يُدعى هنا رئيس والذي تخيل في نفسه إنه عالم بالناموس، والذي افترض أنه قد تعلمه بدقة، تخيل أنه يستطيع أن يتهم المسيح باحتقار الوصية التي نطق بها موسى الحكيم جدًا، وبأنه يُدخل شرائع أخرى من عنده لأنه كان هدف اليهود أن يثبتوا أن المسيح عارض وقاوم الوصايا السابقة بقصد أن يؤسس ـ كما قلت ـ وصايا جديدة بسلطانه الخاص تتعارض مع تلك الوصايا الموجودة سابقًا، حتى يكون لمعاملتهم الشريرة نحوه حجة خادعة. لذلك تقدم (الرئيس) وتظاهر بالتكلم بلطف لأنه دعاه معلمًا ونعته بالصالح، فأفصح عن رغبته في أن يكون تلميذًا، إذ يقول:“ماذا أعمل لأرث الحياة الأبدية“. لاحظوا كيف أنه خلط التملق مع الغش والخداع كمن يخلط المر مع العسل، لأنه ظن أنه بهذه الطريقة يمكنه أن يخدعه. وعن مثل هؤلاء الناس قال واحد من الأنبياء القديسين:” لسانهم رمح نافذ، كلمات أفواههم غاشة، يكلم صاحبه بسلام، لكن توجد عداوة في نفسه“(إر8:9س). وعلى هذا النحو أيضًا يتكلم عنهم المرنم الحكيم ويقول:” فمهم مملوء لعنة ومرارة“(مز7:10س)، وأيضًا :” كلماتهم ألين من الزيت وهى سيوف مسلولة“(مز21:55). لذلك تملق الرئيس يسوعَ وحاول أن يخدعه فتظاهر أنه يتخذ موقفًا متعاطفًا معه، ولكن بماذا أجاب العالم بكل شئ وهو كما هو مكتوب” الآخذ الحكماء بمكرهم“(أى13:5)،” لماذا تدعوني صالحًا، ليس أحد صالحًا إلاّ واحد وهو الله “. هاأنت ترى كيف برهن المسيح أن ذلك الرجل ليس حكيمًا ولا متعلمًا رغم أنه رئيس مجمع اليهود إذ يقول له: إن كنت لا تؤمن أنني أنا الله ورداء الجسد قد جعلك تضل، فلماذا تدعوني بأوصاف تليق فقط بالطبيعة الفائقة (الإلهية) وحدها، بينما أنت لا تزال تفترض أنني مجرد إنسان مثلك وليس فائقًا علىَّ حدود الطبيعة البشرية؟ فإن صفة الصلاح بالطبيعة توجد في الطبيعة التي تفوق الكل، أي في الله فقط وهو (الصلاح) الذي لا يتغير؛ أما الملائكة ونحن الأرضيون فنكون صالحين بمشابهتنا له أو بالحرى باشتراكنا فيه . فهو الكائن الذي يكون، وهذا هو اسمه(أنظر خر14:3،15) وذكره الدائم إلى كل الدهور؛ أما نحن فإننا نوجد ونأتي إلى الوجود بأن نصير مشتركين في من هو كائن حقًا، لذلك هو صالح حقًا أو هو الصلاح المُطلق، أما الملائكة والبشر ـ كما قلت ـ هم صالحون فقط بصيرورتهم مشتركين في الإله الصالح لذلك فلنضع الصلاح على أنه الصفة الخاصة بالله وحده الذي فوق الكل. وهو متصل جوهريًا بطبيعته وهو صفته الخاصة. وهو يقول: ” فإن كنت لا أبدو لك أنني الله حقًا، فأنت قد نسبت إلىَّ عن جهل وحماقة الخصائص والفضائل التي للطبيعة الإلهية، في نفس الوقت الذي تتخيل إنني مجرد إنسان أي من لم يلبس الصلاح أبدًا، ولا صفة الطبيعة غير المتغيرة، بل يحصل على الصلاح فقط بموافقة الإرادة الإلهية.” إذن فهذا هو مغزى ما قاله المسيح . لكن ربما لا يوافق على صحة هذا الشرح أولئك الذين فسدت أذهانهم بمشاركتهم لشر آريوس، لأنهم يجعلون الابن أقل من الله الآب في السمو والمجد، أو بالأحرى هم يجادلون بأنه ليس هو الابن، لأنهم لفظوه عن أن يكون إلهًا بالحق وبالطبيعة، بل واستبعدوه عن أن يكون قد وُلد حقًا، لئلا يؤمن الناس أنه مساوي حقًا في الجوهر لمن ولده، لأنهم يؤكدون ـ كما لو أنهم حصلوا على مبرر لتجديفهم ـ من الفقرة الموجودة أمامنا الآن فيقولون : ها هو قد أنكر بوضوح وبصريح العبارة أنه صالح، وأفرز الصلاح جانبًا على أنه خاص بالله الآب فقط، ولكن مادام (الابن) هو بالحق مساوٍ للآب في الجوهر وقد خرج منه بالطبيعة، فكيف لا يكون هو أيضًا صالحًا إذ هو الله؟ إذًا فلتكن هذه هي إجابتنا على الذين يقاوموننا، حيث إن كل تفكير صحيح ودقيق يعترف أن الابن له نفس جوهر أبيه، فكيف لا يكون صالحًا وهو إله؟ إذ لا يمكن إلا أن يكون إلهًا مادام له نفس الجوهر مع من هو بالطبيعة الله. لأنهم بالتأكيد، مهما كانت الجسارة التي سقطوا فيها شديدة فلن يقدروا أن يثبتوا إنه من أب صالح خرج ابن غير صالح وعندنا على هذا شهادة المخلص نفسه الذي قال :” لا تقدر شجرة جيدة أن تصنع أثمارًا ردية“(مت18:7). فكيف يخرج نبت رديء من جذر صالح، أو كيف يمكن أن يتدفق نهر مر من نبع عذب؟ هل كان هناك أبدًا وقت ما لم يكن فيه الآب موجودًا بينما نحن نعرف إنه هو الآب الأزلي؟ وهو آب لأنه قد وَلَدَ، ولهذا السبب فهو يحمل هذا الاسم (آب)، وهو لم يحمل هذا الاسم مثل من يستعير هذا اللقب بتشبهه بشخص آخر، لأن منه تسمَّى كل أبوة في السماء وعلى الأرض (أنظرأف15:3) . لذلك فنحن نخلص إلى إن ثمرة الإله الصالح هي الابن الصالح . وبطريقة أخرى، كما يقول بولس الحكيم جدًا:” هو صورة الله غير المنظور“(كو15:1)، وهو الصورة لأنه يُظهر في طبيعته الخاصة جمال ذاك الذي ولده، فكيف يمكننا إذن أن نرى فى الابن ـ إن كان غير صالح ـ الآب الذي هو صالح بالطبيعة وبالحق؟ إن الابن هو بهاء مجد الآب ومثال شخصه (أنظرعب3:1)، ولكن لو لم يكن صالحًا، كما يؤكد الهراطقة العديمي الفهم، بينما الآب هو صالح بالطبيعة فسيكون البهاء مختلفًا في طبيعته، ولن يملك جلال ذلك الذي جعله يضئ. كذلك الشبه أيضًا سوف يكون مزيفًا أو بالأحرى لا يوجد شبه على الإطلاق، لأنه لن يمثل من هو على شبهه ويترتب على هذا أن ما ليس هو صالحًا يكون مضادًا لما هو صالح . |
||||
06 - 02 - 2018, 05:40 PM | رقم المشاركة : ( 997 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: اكبر مجموعة متنوعة من أقوال الأباء وكلمة منفعة
بغير اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير – القديس كيرلس السكندري
1- الحق يجعل نفسه واضحاً لأولئك الذين يحبونه، ولكنى أظن أنه يحجب نفسه من أمام الماكرين، لأنهم يظهرون أنفسهم بأنهم غير مستحقين لرؤية الحق بنظرة واضحة. ومحبو الإيمان غير الملوم يطلبون الرب “بقلب بسيط” (حك1: 1) كما هو مكتوب . بينما الذين يسيرون فى طرق ملتوية ولهم ” قلب معوج”(مز101 : 4) كما قيل فى المزامير، فإنهم يجمعون، لأجل أغراضهم الخاصة المنحرفة حججاً ماكرة لخطط، لكى يعوجوا طرق الرب المستقيمة، ويضلوا نفوس البسطاء بجعلهم يظنون أنهم يتمسكون بأفكار خاطئة. وأنا أقول هذا بعد أن قرأت المذكرات المرسلة من قداستكم، فوجدت بعض أمور مقترحة غير صحيحة، من أولئك الذين أحبوا انحراف العلم الكاذب الاسم. 2- وكانت اقتراحاتهم هكذا: إن كان عمانوئيل مركباً من طبيعتين، ولكن بعد الاتحاد تعرف طبيعة واحدة متجسدة للكلمة، فيتبع هذا أننا لابد أن نقول أنه اختبر الألم فى طبيعته الخاصة ! (*) آباؤنا المغبوطون الذين وضعوا قانون الإيمان المستقيم أكدوا أن الكلمة الذى من الله الآب، والذى هو من جوهره، والوحيد الجنس، والذى به صارت كل الأشياء، بشخصه تجسد وتأنس (صار إنساناً). ومن الواضح بلا شك أننا لا نقصد أن أولئك الرجال القديسين لم يدركوا حقيقة أن الجسد المتحد بالكلمة كان محيياً بنفس عاقلة، ولذلك، فإن قال أحد إن الكلمة تجسد، فإنه لا يتفق مع الرأى القائل إن الجسد الذى إتحد به (الكلمة) كانت تنقصه النفس العاقلة. وهذا كما أظن، أو بالحرى كما نعلن صراحة، هو ما كان يعنيه الانجيلى يوحنا الحكيم حينما قال إن “الكلمة صار جسداً” (يو1 : 14)، ليس أنه إتحد بجسد بلا حياة، حاشا، ولا أنه تعرض للتغير أو التحول. لقد ظل كما هو، أى إلهاً بالطبيعة، وبعد أن اتخذ وجوداً إنسانياً بأن صار جسداً مثلنا من امرأة، فقد ظل هو الابن الواحد، ليس بدون جسد كما كان سابقاً قبل زمان تأنسه لكنه لبس طبيعتنا. ورغم أن الجسد المتحد بالكلمة المولود من الله الآب، هو جسد محياً بنفس عاقلة، وليس مساوياً لجوهر الكلمة، لكن حيث أن العقل بديهياً يدرك الاختلاف من حيث النوع بين العناصر المتحدة، لذلك نعترف بابن واحد، ومسيح واحد، ورب واحد، لأن الكلمة صار جسداً. وحينما نقول “جسداً”، نقصد “إنساناً”. إذن ما الضرورة لأن يذوق الألم فى طبيعته الخاصة، إذا افترضنا أن هناك تأكيد على طبيعة واحدة متجسدة للابن بعد الاتحاد؟ إن لم تتضمن شروط خطة الله ما هو قابل للألم لصار تأكيدهم صحيحاً أنه فى غياب ما هو قابل للألم فإن طبيعة الكلمة لابد تتعرض للألم، لكن إن كانت عبارة “صار جسداً” تحضر بكل معنى الكلمة خطة تدبير التجسد، (لأن التجسد ليس إلا بأن يمسك نسل إبراهيم، ويشبه أخوته فى كل شئ (فى2 : 7) آخذا صورة عبد)، إذن فمن الجهالة أن يتكلم أحد عن أنه يجتاز الآلام فى طبيعته الخاصة، كعاقبة حتمية، حينما يتحتم أن يكون الجسد مرئياً كأساس لحدوث الألم بينما الكلمة هو غير قابل للألم. ومع ذلك فإننا لا نستبعد أن ننسب إليه الألم. فكما أن الجسد صار ملكاً خاصاً له، هكذا أيضاً ينسب إليه كل ما هو للجسد (ما عدا الخطية وحدها)، وفقاً لخطة الله فى تخصيصه لهذا الغرض. 3- إن كانت هناك طبيعة واحدة متجسدة للكلمة، فلابد أن يحدث نوع من الامتزاج والاختلاط، مع الطبيعة البشرية مما يجعلها تتضاءل بأن تنزع ! هنا أيضاً هم ” يعوجون المستقيم” (مى3 : 9)، ويفشلون فى إدراك أن الحقيقة هى طبيعة واحدة متجسدة للكلمة. لأنه إن كان الكلمة المولود بطريقة سرية من الله الاب ولد كإنسان من امرأة باتخاذه جسداً، ليس جسد بلا حياة بل جسد فيه حياة وعقل، هو بالحقيقة وبالفعل ابن واحد، فلا يمكن أن ينقسم إلى شخصين أو ابنين بل ظل واحداً، لكن ليس بدون جسد أو بطريقة غير مادية، بل له جسده الخاص فى وحدة غير منفصلة. وهذا القول لا يعنى أو يتضمن إمتزاجاً أو اختلاطاً أو أى شئ من هذا القبيل، فكيف يكون هكذا؟ إذا دعونا ابن الله الوحيد الجنس المتجسد والمتأنس، واحداً، فهذا لا يعنى أنه امتزج كما يظنون؛ فطبيعة الكلمة لم تتحول إلى طبيعة الجسد. ولا طبيعة الجسد تحولت إلى طبيعة الكلمة، لا، بل بينما ظل كل عنصر منهما مستمراً فى صفته الطبيعية الخاصة، للسبب الذى ذكرناه، متحداً بطريقة سرية وفائقة لأى شرح، ظهر لنا فى طبيعة واحدة (لكن كما قلت طبيعة متجسدة) للإبن. وعبارة “واحدة” لا تطبق بالضبط على عناصر مفردة أساساً لكن لكيان مركب مثل الإنسان المركب من نفس وجسد. فالنفس والجسد، هما من نوعين مختلفين ولا يتساويان أحدهما مع الآخر فى الجوهر، إلا أنهما فى اتحادهما يؤلفان طبيعة الإنسان الواحدة، على الرغم من أن الاختلاف فى عناصر الطبائع المتحدة موجود فى حالة التركيب. ولذلك فإنهم باطلاً يدَّعون أنه إن كانت هناك طبيعة واحدة متجسدة للكلمة، فانه سيتبع ذلك وجود اختلاط وامتزاج مع الطبيعة الانسانية مما يجعلها تتضائل بأن تنزع. فهى لم تتضاءل ولا نزعت (بحسب تعبيرهم) لأن القول بأنه قد تجسد هو تعبير كاف لحقيقة كونه صار إنساناً. فلو صمتنا على ذلك، لتركنا المجال لنقدهم المغرض. ولكن حيث أننا أضفنا حقيقة أنه تجسد، فكيف يكون هناك أى اقتراح بتضئيل أو إزالة محرومة؟ 4- إن كان هو نفسه يُرى كإله كامل وإنسان كامل، من نفس الجوهر مع الآب بحسب اللاهوت، ومن نفس الجوهر معنا بحسب الناسوت، فأين يكون الكمال إن كانت الطبيعة الإنسانية لم يعد لها وجود؟ وأين مساواته لنا فى الجوهر معنا ، إن لم يعد لجوهرنا أو لطبيعتنا أى وجود ؟ إن الحل أو الرد الذى ورد فى الفقرة السابقة يعتبر كافياً لتغطية هذه النقطة أيضاً. لأننا لو كنا قد تكلمنا عن طبيعة واحدة للكلمة بدون الإضافة الصريحة لعبارة “متجسدة”، فى استبعاد واضح للخطة الإلهية، لصار السؤال الذى يدّعونه عن الطبيعة البشرية الكاملة أو إمكانية استمرار جوهرنا فى الوجود مقبولاً ظاهرياً. ولكن فى تقديمنا عبارة “متجسدة” تعبير عن كماله فى الناسوت وفى طبيعتنا البشرية، فليكفوا إذن عن الاستناد على قضيب مرضوض. سوف يكون هناك سند قوى لإدانة كل من يجرد الابن من كمال ناسوته بطرح الخطة الإلهية جانباً وإنكار التجسد، لكن، إذا، كما قلت، كان حديثنا عن تجسده يحوى إدراك جلى وتام بأنه صار إنساناً، فلن تعد هناك مشكلة فى رؤية أن المسيح وهو الابن الواحد والوحيد، هو الله وإنسان، كاملاً فى لاهوته وكاملاً فى ناسوته. إن كمالك قد شرح بكل صواب وفطنة، الأساس المنطقى لآلام مخلصنا، حينما صممت أن ابن الله الوحيد الجنس لم يختبر شخصياً آلام الجسد فى طبيعته الخاصة كإله، لكنه تألم فى طبيعته الأرضية. ويجب الحفاظ على النقطتين فيما يخص الابن الواحد الحقيقى ألا وهما عدم وجود الألم إلهى ونسبة آلام ناسوته إليه لأن جسده هو تألم بالفعل. لكن هؤلاء الناس يظنون أننا بذلك نقدم ما يسمونه هم “تألم الله”، وهم لا يدركون الخطة الإلهية ويعملون محاولات عابثة لنقل الآلام إلى الإنسان على حدة فى مواصلة حمقاء لتقوى مصطنعة. إن هدفهم هو أن كلمة الله لن يعترف به أنه المخلص الذى أعطى دمه الخاص لأجلنا، بل بالحرى أن يسوع كشخص متمايز هو من ينسب إليه ذلك. هذه الفكرة تلقى بكل مبدأ خطة الله بالتجسد بعيداً، وبوضوح تسئ تفسير سرنا الإلهى بكونه عبادة إنسان. وهم لا يفهمون أن بولس المبارك حينما يدعوه أنه من اليهود“بحسب الجسد” (2كو 1 : 17) ، أى من نسل يسى وداود وأنه “المسيح” ” رب المجد” (1كو2 : 8) وأنه ” الكائن على الكل الها مباركا الى الابد “(رو9 : 5) ، يخصه بالصلب، كما نطق بأن الجسد المسمر على الخشبة هو جسد الكلمة نفسه. 5- لقد فهمت أن هناك مبحثاً آخر قد أثير: بالتأكيد من يقول إن الرب تألم فى الجسد على وجه التحديد إنما يفسر الألم بأنه غير معقول ولا إرادى. ولكن إن قال أحد إنه تألم بنفسه وعقله لكيما يجعل الألم إرادياً، فليس هناك ما يمنع القول إنه تألم فى طبيعته البشرية. ولكن إن كان هذا حقيقياً فكيف لا نكون مقرين بأن الطبيعتين قائمتان بدون انفصال بعد الاتحاد؟ والنتيجة أننا إن اقتبسنا القول التالى أن “تألم المسيح لأجلنا بالجسد” (1بط4 : 1)، فهذا لا يعنى سوى أن المسيح تألم لأجلنا فى طبيعتنا ! إن هذا الاعتراض ما هو إلا هجوم جديد ضد الذين يؤكدون طبيعة واحدة متجسدة للإبن، وهم يرغبون ظاهرياً فى أن يبرهنوا على التأكيد التافه الذى يناقشونه بعناد عن وجود طبيعتين قائمتين. لكنهم قد تناسوا حقيقة أن كل الأشياء التى يتم عادة التمييز بينها على المستوى الذهنى فقط، تنعزل تماماً فى الاختلاف المتبادل والفردية المنفصلة. فلنأخذ مرة أخرى مثال الإنسان العادى. إننا ندرك أن هناك طبيعتين فى هذا الإنسان، إحداهما هى النفس والأخرى هى الجسد. ولكننا نقسمهما فى الفكر فقط، قابلين الاختلاف ببساطة على أنه فى البصيرة الداخلية والإدراك الذهنى فقط، فنحن لا نفصل الطبيعتين، ولا ننسب إليهما قدرات على الانفصال الجذرى، لكننا ندرك أنهما ينتميان إلى كائن حى واحد حتى أن الاثنين لا يعودوا بعد اثنين، والكائن الحى الوحيد يكمل من طبيعتين. فعلى الرغم من أننا ننسب الطبيعة البشرية والطبيعة الإلهية إلى عمانوئيل، إلا أن الطبيعة البشرية صارت طبيعة الكلمة الخاصة، ومعها يثرى ويُدرك أنه الابن الواحد. إن الكتاب الإلهى الموحى به يقول أنه تألم بجسده، فمن الأفضل أن نستخدم نحن أيضاً هذه الألفاظ بدلاً من أن نقول “فى الطبيعة الإنسانية”، حتى لو كانت هذه العبارة لا تسئ بالمرة إلى حقيقة السر، إلا إذا فهمت كما فى الإدراك المنحرف للبعض. لأنه ما هى الطبيعة الإنسانية سوى جسد حى عاقل؟ وأننا نؤكد أن الرب تألم فى الجسد؟ فالحديث سوف يكون بلا جدوى إذا تكلموا عن أنه تألم فى طبيعته الإنسانية فاصلين وعازلين إياها عن الكلمة، حتى يفكروا فيه أنه اثنين وليس واحد، الكلمة الذى من الله الآب، بل والمتجسد والمتأنس. وعبارة “غير المفترق” التى أضافوها يبدو كما لو كان لها مفهومنا المستقيم، لكن ليس هذا ما يقصدونه. أن عبارة “غير المفترق” فى حديث نسطور الفارغ تستخدم بمعانى مختلفة. فهم يقولون أن الإنسان الذى سكن فيه الكلمة هو غير مفترق عنه فى مساواة الكرامة والرغبة والسلطة. والنتيجة هى أنهم لا يستخدمون الألفاظ فى معناها المباشر لكن بخداع وبطريقة مؤذية. |
||||
06 - 02 - 2018, 05:41 PM | رقم المشاركة : ( 998 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: اكبر مجموعة متنوعة من أقوال الأباء وكلمة منفعة
الرسالة العقائدية – القديس كيرلس السكندري كيرلس يهدى تحياته فى الرب إلى الموقر جداً والمحب لله نسطور. 1- لقد سمعت أن بعض الرجال يثرثرون بخصوص ردى على تقواك، ويرددون ذلك كثيراً خاصة وهم يترقبون اجتماعات مجامع الحكام. وربما لأنهم يفكرون فى وخز أذنيك، لذلك ينطقون أيضاً بكلمات طائشة. وهم يفعلون هذا مع أن أحداً لم يسئ إليهم، بل نالوا توبيخاً طفيفاً: أحدهم بسبب أنه كان يسئ إلى العُمى والفقراء، والثانى بسبب أنه يشهر السيف فى وجه أمه والثالث بسبب أنه كان يسرق أموال شخص آخر بمساعدة جارية. وقد كان لهم من الصيت الردئ ما لا نتمناه لألد أعدائنا. لكننى لن أطيل فى مثل هذه الأمور، حتى لا أزيد من قدر أهمية ذاتى فوق ربى ومعلمى ولا فوق الآباء. لأنه ليس من الممكن الإفلات من انحرافات الأشرار الرديئة، مهما كان نوع الحياة الذى يختاره الإنسان لنفسه. 2- ولكن أولئك، بفم مملوء باللعنات والمرارة، سوف يدافعون عن أنفسهم أمام ديان الكل. والآن سوف أنتقل إلى ما يليق، وأذكِّرك الآن، كأخ فى المسيح، أن تكرز بالعقيدة والإيمان للشعب بكل حذر. عليك أن تدرك إن إعثار واحد فقط من الصغار المؤمنين بالمسيح (مت18: 6)، له عقاب لا يحتمل. فإن كان عدد المتضررين كثيراً بهذا المقدار، أفلا نكون فى حاجة إلى مهارة تامة لإزالة العثرات بفطنة وشرح التعليم الصحيح بالإيمان لأولئك الذين يبحثون عن الحق؟ إن كنا نلتزم بتعاليم الآباء القديسين، وكنا جادين فى اعتبارهم ذوى قيمة عظيمة، ونمتحن أنفسنا هل نحن فى الإيمان (2كو13: 5) كما هو مكتوب فى الكتب، فسوف نشكل أفكارنا حسناً جداً لتطابق آراءهم المستقيمة وأحكامهم التى بلا لوم. 3- ولذلك قال المجمع المقدس العظيم (أى مجمع نيقية) أن الابن الوحيد الجنس نفسه، المولود من الله الآب بحسب طبيعته، الإله الحق من إله حق، النور الذى من النور، الذى به صنع الآب كل الأشياء، قد نزل، وتجسد وتأنس، وتألم، وقام فى اليوم الثالث وصعد إلى السموات. وينبغى علينا أن نتبع هذه التعاليم والعقائد، واضعين فى أذهاننا ماذا تعنى عبارة “تجسد”؛ وأنها تعنى بوضوح أن الكلمة الذى من الله، صار إنساناً. ونحن لا نقول أن طبيعة الكلمة تغيرت حينما صار جسداً. كما أننا لا نقول أن الكلمة قد تغير إلى إنسان كامل من نفس وجسد. بل بالأحرى نقول أن الكلمة حينما وحَّد لنفسه أقنومياً جسداً محياً بنفس عاقلة، صار إنساناً بطريقة لا توصف ولا تدرك. وهو قد دعى ابن الإنسان ليس بحسب الرغبة فقط ولا بحسب الإرادة الصالحة، ولا باتخاذه شخصاً فقط. ونحن نقول أنه على الرغم أن الطبيعتين اللتين اجتمعتا معاً فى وحدة حقيقية مختلفتان، فهناك مسيح واحد وابن واحد من الاثنين. إن اختلاف الطبائع لم يتلاشى بسبب الاتحاد، بل بالحرى فإن اللاهوت والناسوت كونا لنا رباً واحداً يسوع المسيح وابناً واحداً بواسطة هذا الاتحاد الذى يفوق الفهم والوصف. 4- وهكذا، فرغم أن له وجوداً قبل الدهور وقد ولد من الآب، فإنه يقال عنه أيضاً إنه ولد حسب الجسد من امرأة. إن طبيعته الإلهية لم تأخذ بدايتها من العذراء القديسة، كما أنها لا تحتاج بالضرورة إلى ولادة أخرى لصالحها بعد الولادة من الآب. لأن هذا سيكون بلا هدف، كما أنه تعتبر حماقة، أن نقول أن ذاك الموجود قبل كل الدهور والأزلى مع الآب يحتاج إلى بداية ثانية لوجوده. ولكن حيث أنه من أجلنا ومن أجل خلاصنا قد وحَّد الطبيعة البشرية بنفسه أقنومياً، وولد من امرأة، فإنه بهذه الطريقة يقال أنه قد ولد بحسب الجسد. لأنه لم يولد إنساناً عادياً من العذراء القديسة ثم بعد ذلك حل عليه الكلمة، بل إذ قد إتحد بالجسد فى أحشائها، يقال أن الكلمة قد قبل الولادة بحسب الجسد، لكى ينسب لنفسه ولادة جسده الخاص. 5- لذلك نقول أنه تألم أيضاً وقام ثانيةً، ليس أن كلمة الله تألم فى طبيعته الخاصة، أو ضرب أو طعن أو قبل الجروح الأخرى، لأن الإلهى غير قابل للألم لأنه غير مادى. لكن حيث أن جسده الخاص الذى ولد، عانى هذه الأمور، فإنه يقال أنه هو نفسه أيضاً قد عانى هذه الأمور لأجلنا. فغير القابل للآلام كان فى الجسد الذى تألم. وبنفس الطريقة نفكر أيضاً فى موته. فكلمة الله حسب الطبيعة غير مائت وغير فاسد لكونه هو الحياة ومعطى الحياة .ولكن بسبب أن جسده الخاص ذاق بنعمة الله الموت لأجل الجميع كما يقول بولس (عب 2 : 9)، لذلك يقال أنه هو نفسه قد عانى الموت لأجلنا .لأنه فيما يخص طبيعة الكلمة، فهو لم يختبر الموت، لأنه يكون من الجنون أن يقول أحد أو يفكر هكذا، ولكن، كما قلت، فإن جسده ذاق الموت. وهكذا أيضاً بقيامة جسده، يقال أيضاً أنه قام، ليس كما لو كان قد تعرض للفساد، حاشا، بل أن جسده قام ثانية. 6- وهكذا نحن نعترف بمسيح ورب واحد، ليس أننا نعبد إنساناً مع الكلمة، حتى لا يظهر أن هناك انقسام باستعمال لفظة “مع”. ولكننا نعبد نفس الرب الواحد لأن جسده ليس غريباً عن الكلمة، وفى اتحاده به يجلس عن يمين أبيه. نحن لا نقول أن ابنين يجلسان بجانب الآب، بل إبن واحد بواسطة اتحاده بجسده الخاص. ولكن إذا رفضنا الاتحاد الأقنومى سواء بسبب تعذر إدراكه، أو بسبب عدم قبوله، نسقط فى التعليم بابنين. لأن هناك كل ضرورة للتمييز وللقول بأنه كإنسان إذ نفكر فيه منفصلاً، كان يكرم بطريقة خاصة بواسطة لقب “الإبن”، وأيضاً كلمة الله منفصلاً، هو بطريقة خاصة يملك بالطبيعة كلاً من اسم البنوة وحقيقتها. لذلك فإن الرب الواحد يسوع المسيح لا ينبغى أن يقسم إلى إبنين. 7- إنه لن يكون نافعاً، أن التعليم الصحيح للإيمان يعنى ذلك، حتى ولو أقر البعض إتحاد الأشخاص. لأن الكتاب لم يقل أن الكلمة قد وحد شخصاً من البشر بنفسه، بل أنه“صَارَ جَسَداً” (يو 1: 14) والكلمة إذ قد صار جسداً هذا لا يعنى إلا أنه اتخذ دماً ولحماً مثلنا. إنه جعل جسدنا خاصاً به، وولد إنساناً من امرأة دون أن يفقد لاهوته ولا كونه مولوداً من الله الآب، ولكن فى اتخاذه جسداً ظل كما هو. إن تعليم الإيمان الصحيح فى كل مكان يحتفظ بهذا. وسوف نجد أن الآباء القديسين قد فكروا بهذه الطريقة. وهكذا لم يترددوا فى تسمية العذراء القديسة بوالدة الإله. وهم لم يقولوا أن طبيعة الكلمة أو لاهوته أخذ بداية وجوده من العذراء القديسة، بل أن جسده المقدس، المحيا بنفس عاقلة، قد ولد منها، وفى اتحاد الكلمة به (نفس وجسد) إقنومياً، حقاً يقال أن الكلمة ولد حسب الجسد. وأنا أكتب هذه الأمور الآن بدافع المحبة التى فى المسيح، حاثاً إياك كأخ، وداعياً إياك أن تشهد أمام الله وملائكته المختارين أنك تفكر وتعلم بهذه التعاليم معنا، لكى يحفظ سلام الكنائس سالماً وتستمر رابطة الوفاق والمحبة غير منفصمة بين كهنة الله. سلم على الإخوة الذين معك, الأخوة الذين معنا يسلمون عليكم فى المسيح. |
||||
06 - 02 - 2018, 05:41 PM | رقم المشاركة : ( 999 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: اكبر مجموعة متنوعة من أقوال الأباء وكلمة منفعة
طبيعة واحدة من طبيعتين ـ القديس كيرلس السكندري
قد تعلمنا حسب الكتب الحقيقية والآباء القديسين, نعترف بإبن واحد المسيح الرب أي الكلمة الذي من الله الآب المولود من قبل الدهور بكيفية إلهية وتفوق الإدراك، وأنه في الأزمنة الأخيرة الإبن نفسه وُلد لأجلنا حسب الجسد من العذراء القديسة. وحيث أنها ولدت الله المتأنس المتجسد، لهذا السبب فنحن أيضاً نسميها والدة الإله. لذلك يوجد إبن واحد “رَبٌّ وَاحِدٌ يَسُوعُ الْمَسِيحُ”(1كو8 : 6) هو نفسه قبل تجسده وبعد تجسده. فليس هناك إبن هو الكلمة الذي من الله الآب وإبن آخر أيضاً من العذراء القديسة. بل نحن نؤمن أنه هو نفسه الذي كان قبل الدهور، هو الذي قد وُلد حسب الجسد من إمرأة، ليس أن ألوهية أخذت بداية وجودها أو أنها دُعِيت إلى بداية وجودها بواسطة العذراء القديسة، بل بالحري كما قلت، أن الكلمة الذي كان قبل الدهور، يقال عنه أنه قد وُلد حسب الجسد. لأن جسده هو خاص به كما أن كل واحد منا – بلا شك – له جسده الخاص. ولكن حيث إن بعض الناس يحسبون علينا آراء أبوليناريوس ويقولون:” إذا قلتم بإبن واحد – بحسب تام ومختلط – الذي هو الكلمة الذي من الله الآب متأنساً ومتجسداً، فأنتم بلا شك تبدون أنكم تفكرون وتدركون أن إختلاطاً أي إندماجاً، أو إمتزاجاً حدث للكلمة مع جسده، وإلا يكون قد حدث تحول لجسده إلى طبيعة اللاهوت.” لهذا السبب فنحن بكل حكمة نجيب على هذا الإفتراء بأن الكلمة الذي من الله الآب وحّد بنفسه جسداً حياً بنفس عاقلة بطريقة تفوق الفهم وبكيفية لا يمكن التعبير عنها وجاء إنساناً من إمرأة إذ قد صار مثلنا ليس بتغير في طبيعته بل بالحري بالمسرة الخاصة بتدبير تجسده، لأنه سُر أن يصير إنساناً دون أن يفقد ما هو عليه بالطبيعة كإله. ولكن وحتى وإن كان قد نزل إلى الحدود التي لنا “آخِذاً صُورَةَ عَبْدٍ”(في2 : 7)، فرغم هذا، ظل في سمو ألوهية وفي ربوبيته الطبيعية. وتبعاً لذلك، فحينما نؤكد إتحاد الكلمة الذي من الله الآب بجسده المقدس ذي النفس العاقلة، وهو إتحاد يفوق الإدراك ويعلو على الفكر، وقد حدث بدون إختلاط، وبدون تغيير، وبدون تحول فنحن نعترف بمسيح واحد الإبن والرب، وهو نفسه إله وإنسان، وليس واحداً وآخر، بل هو واحد وهو نفسه، هكذا هو كائن وهكذا يدرَك. لذلك فهو أحياناً كان يحاور كإنسان حسب التدبير وحسب ناسوته، وأحياناً أخرى كإله يعطي كلماته بسلطان لاهوته. ونحن نؤكد ما يأتي أيضاً. فبينما نحن نبحث كيفية تدبيره بالجسد ونسبر أعماق السر، نرى أن الكلمة الذي من الله الآب تأنس وتجسد وأنه لم يصنع ذلك الجسد المقدس من طبيعته الإلهية بل بالحري أخذه من العذراء مريم. لأنه كيف صار إنساناً لو لم يكن قد لبس جسداً مثل أجسادنا؟ لذلك فعندما نعتبر – كما قلت – كيفية تأنسه نرى أن طبيعتين إجتمعتا إحدهما مع الأخرى في إتحاد لا يقبل الإنفصام، وبدون إختلاط وبدون تغيير، لأن جسده هو جسد وليس لاهوتاً رغم أن جسده قد صار جسد الله. وبالمثل فالكلمة أيضاً هو الله وليس جسداً، رغم أنه جعل الجسد خاصاً به بحسب التدبير. لذلك فحينما تكون لنا الأفكار، فنحن عندما نقول إنه كان من طبيعتين فنحن لا نجرح الوحدة، ولكن بعد الإتحاد لا نفصل الطبيعتين إحدهما عن الأخرى، ولا نجزئ الإبن الواحد غير المنقسم إلى إبنين، بل نقول بإبن واحد، وكما قال الآباء “طبيعة واحدة متجسدة لكلمة الله”. لذلك، فبخصوص فهمنا وبخصوص تأملنا فقط بعيون النفس في كيفية تأنس وحيد الجنس، نقول أن هناك طبيعتين إتحدتا، ولكن المسيح واحد الإبن والرب، كلمة الله الآب المتأنس والمتجسد. وإن كان يبدو حسناً، فدعونا نقبل كمثال ما في ذواتنا من التركيب والذي بحسبه نحن بشر، لأننا نتكون من نفس وجسد، ونحن نرى طبيعتين :الواحدة هي طبيعة الجسد والأخرى طبيعة النفس. ولكن هناك إنساناً واحداً من الإثنين بواسطة الإتحاد. ولكن ليس لأن الإنسان مركب من طبيعتين هو إنسانان يحسبان إنساناً واحداً، ولكنه هو نفسه الإنسان الواحد المركب من نفس وجسد كما قلت. لأننا إن كنا ننكر أن المسيح الواحد والوحيد هو من طبيعتين مختلفتين، وأنه لا يقبل الإنقسام بعد الإتحاد، فأولئك الذين يحاربون الإيمان المستقيم سوف يقولون:“إن كان الكل طبيعة واحدة فكيف تأنس وأي نوع من الجسد جعله خاصاً به؟”. ولكن حيث أني وجدت في المذكرة تأكيداً معيناً لمثل هذا التعبير بمعنى أن “الجسد المقدس للمسيح مخلصنا جميعاً، قد تغير بعد القيامة إلى الألوهية، حتى أن الكل هو لاهوت فقط،” لذلك رأيت من الضروري أرد على هذا أيضاً. فبولس المغبوط يكتب في موضع ما حينما يشرح أسباب تأنس إبن الله الوحيد الجنس هكذا: “لأَنَّهُ مَا كَانَ النَّامُوسُ عَاجِزاً عَنْهُ فِي مَا كَانَ ضَعِيفاً بِالْجَسَدِ فَاللَّهُ إِذْ أَرْسَلَ ابْنَهُ فِي شِبْهِ جَسَدِ الْخَطِيَّةِ وَلأَجْلِ الْخَطِيَّةِ دَانَ الْخَطِيَّةَ فِي الْجَسَدِ. لِكَيْ يَتِمَّ حُكْمُ النَّامُوسِ فِينَا نَحْنُ السَّالِكِينَ لَيْسَ حَسَبَ الْجَسَدِ بَلْ حَسَبَ الرُّوحِ.”(رو8 : 3-4). وأيضاً في موضع آخر يقول: “فَإِذْ قَدْ تَشَارَكَ الأَوْلاَدُ فِي اللَّحْمِ وَالدَّمِ اشْتَرَكَ هُوَ أَيْضاً كَذَلِكَ فِيهِمَا، لِكَيْ يُبِيدَ بِالْمَوْتِ ذَاكَ الَّذِي لَهُ سُلْطَانُ الْمَوْتِ، أَيْ إِبْلِيسَ، وَيُعْتِقَ أُولَئِكَ الَّذِينَ خَوْفاً مِنَ الْمَوْتِ كَانُوا جَمِيعاً كُلَّ حَيَاتِهِمْ تَحْتَ الْعُبُودِيَّةِ. لأَنَّهُ حَقّاً لَيْسَ يُمْسِكُ الْمَلاَئِكَةَ، بَلْ يُمْسِكُ نَسْلَ إِبْرَاهِيمَ. مِنْ ثَمَّ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُشْبِهَ إِخْوَتَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ”(عب2 : 14-17). لذلك نقول أنه، حيث أن الطبيعة البشرية أصابها الفساد من تعدي آدم وحيث أن الفكر الذي فينا قد تسلطت عليه لذات الجسد أي حركاته المغروسة فينا، فمن الضروري – لأجل خلاصنا نحن الذين على الأرض – أن يتأنس كلمة الله لكي يجعل الجسد الإنساني الذي كان خاضعاً للفساد ومريضاً بحب اللذة – خاصاً به. وحيث إنه الحياة ومعطي الحياة، فإنه يبيد الفساد في الجسد وينتهر حركاته المغروسة فيه، تلك الحركات التي تميل نحو حب اللذة. لأنه هكذا صار ممكناً أن تمات الخطية التي فيه. ونحن ذكرنا أيضاً أن المغبوط بولس دعا هذه الحركة المغروسة فينا “نَامُوسَ الْخَطِيَّةِ” (رو7 : 25). لذلك حيث إن الجسد الإنساني صار خاصاً بالكلمة، لذلك فالخضوع للفساد قد توقف. وحيث إنه كإله “لَمْ يَفْعَلْ خَطِيَّةً”(1بط2 : 22)، فإنه إتحد بالجسد وأعلنه خاصاً به كما قلت، فهو نهاية لمرض حب اللذة. وكلمة الله الوحيد الجنس لم يفعل هذا لأجل نفسه (لأنه هو كما هو دائماً) بل واضح أنه لأجلنا. لأنه حتى ولو أننا كنا خاضعين للشرور من تعدي آدم فإن أمور المسيح التي هي عدم الفساد وإماتة الخطية، أيضاً تأتي علينا كلها معاً. ولذلك فقد صار إنساناً، ولم يتخذ إنساناً كما يبدو لنسطوريوس. ولكي نؤمن أنه صار إنساناً، رغم أنه بقى كما كان إلهاً بالطبيعة، لذلك فقد قيل عنه أنه جاع، وأنه تعب من السفر، وإحتمل النوم والإضطراب، والحزن، وآلام بشرية أخرى لا لوم فيها. وأيضاً لكي يعطي يقيناً لأولئك الذين يرون أنه بعد أن صار إنساناً فهو أيضاً إله حقيقي، وكان آيات لاهوته بإنتهار البحار، وإقامة الموتى، وصنع أعمالاً أخرى تفوق العقل. وإحتمل الصليب أيضاً، لكي بمعاناة الموت بجسده وليس بطبيعة لاهوته، فإنه يصير “بِكْرٌ مِنَ الأَمْوَاتِ”(كو1 : 18)، ويفتح لطبيعة الإنسان الطريق إلى عدم الفساد، وإذ يسلب الهاوية يحرر النفوس المحبوسة هناك. وبعد القيامة كان له نفس الجسد الذي كان قد تألم سوى أن الضعفات البشرية لم تعد موجودة فيه، لأنه لم يعد قابلاً للجوع أو التعب أو أي شيء آخر مثل هذه، ومن ثم غير قابل للفساد. وليس هذا فقط بل أيضاً صار معطياً للحياة، لأنه جسد الحياة أي جسد الوحيد الجنس. وهو أيضاً جُعل يلمع بالمجد اللائق بلاهوته، ويعرف أنه جسد الله. لذلك حتى إن قال البعض أنه إلهي، كما أنه بالبديهة هو جسد بشري لإنسان، فإنه لم يضل عن التفكير اللائق. ولذلك أظن أن بولس الحكيم جداً قال :“وَإِنْ كُنَّا قَدْ عَرَفْنَا الْمَسِيحَ حَسَبَ الْجَسَدِ، لَكِنِ الآنَ لاَ نَعْرِفُهُ بَعْدُ”(2كو5 : 16). وحيث أنه جسد الله الخاص – كما قلت – فهو تعالى على كل الأجساد البشرية. ولكن لا يمكن أن يكون أمراً مقبولاً أن الجسد وهو من الأرض، يتعرض للتغير إلى طبيعة اللاهوت، فهذا أمر مستحيل. لأننا لو قبلنا هذا فاننا ندعي على اللاهوت كأنه شيئ صار إلى الوجود وكأنه يضيف إلى ذاته شيئاً لم يكن خاصاً به بحسب الطبيعة. لأنه أمر غير معقول أن يقال أن الجسد قد تحول إلى طبيعة اللاهوت. وبالمثل أن يقال أن الكلمة تحول إلى طبيعة الجسد بالقول أن اللاهوت قد غير نفسه إلى طبيعة الجسد. وكما أن هذا الأمر الأخير هو مستحيل، لأنه (اللاهوت) غير قابل للتغير والتحول، هكذا أيضاً الأمر الأول هو مستحيل لأنه أمر غير معقول أن يتغير أي مخلوق إلى جوهر اللاهوت أو طبيعته. والجسد مخلوق. لذلك، فمن ناحية نقول ان جسد المسيح هو إلهي إذ أنه جسد الله، ونقول انه يلمع بالمجد الذي لا يوصف، وهو غير قابل للفساد ومقدس ومعطي الحياة. ولكن من الناحية الأخرى، فانه لا أحد من الآباء القديسين ولا نحن، فكر أو قال أن (الجسد) تغير إلى طبيعة اللاهوت. |
||||
06 - 02 - 2018, 05:41 PM | رقم المشاركة : ( 1000 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: اكبر مجموعة متنوعة من أقوال الأباء وكلمة منفعة
الاتحاد الاقنومي في المسيح ـ القديس كيرلس السكندري
هذا هو إيمان الكنيسة الجامعة الرسولية الذي يتفق فيه كل الأساقفة في الغرب والشرق: نؤمن بإله واحد، الآب ضابط الكل خالق كل ما يرى وما لا يرى، وبرب واحد يسوع المسيح، ابن الله الوحيد، المولود من الآب أي من جوهر الآب، إله من إله، نور من نور، إله حق من إله حق، مولود غير مخلوق، له الجوهر نفسه مع الآب، الذي به كان كل شيء ما في السماء وما على الأرض، الذي من أجلنا نحن البشر ومن أجل خلاصنا، نزل، وتجسد متانساً، وتألم، وقام في اليوم الثالث، وصعد إلى السماوات، وتأتي ليدين الأحياء والأموات،ونؤمن بالروح القدس. ولكن الذين يقولون،“كان هناك وقت لم يكن فيه الإبن موجوداً”،أو أنه“لم يكن قبل أن يولد “،وأنه “خلق من العدم”،أو أنه “من طبيعة أو جوهر مختلف”،أو أنه“عرضة “للتبدل ” أو “التغير”"، فأولئك تحرمهم الكنيسة الجامعة الرسولية. وإذ نتبع-من كل ناحية-إعترافات الآباء القديسين التي صاغوها بالروح القدس الذي كان ينطق فيهم، وإذ نتبع ما في أفكارهم من معاني، وكما لو كنا نسير في طريق ملوكي، فإننا نقول أنه:هو كلمة الله الوحيد، المولود من ذات الجوهر الذي للآب، إله حق من إله حق، النور من النور، الذي به صارت كل الأشياء، تلك التي في السماء وتلك التي على الأرض، وإذ نزل لأجل خلاصنا، وتنازل إلى إخلاء نفسه، فإنه تجسد وتأنس، أي أخذ جسداً من العذراء القديسة، وجعله خاصاً به من الرحم، وإحتمل الولادة مثلنا، وجاء كإنسان من إمرأة، دون أن يفقد ما كان عليه، ولكن رغم أنه ولد متخذاً لحماً ودماً فإنه ظل كما كان، أي انه من الواضح إنه الله الطبيعة والحق. ونحن نقول أيضاً أن الجسد لم يتحول إلى طبيعة اللاهوت، ولا طبيعة كلمة الله التي تفوق التعبير، تغيرت إلى طبيعة الجسد، لأنه بصورة مطلقة هو غير قابل للتبدل أو للتغير. ويظل هو نفسه دائماً حسب الكتب. ولكن حينما كان منظوراً، وكان لا يزال طفلاً مقمطاً، وكان في حضن العذراء التي حملته، فإنه كان يملأ كل الخليقة كإله، وكان مهيمناً مع ذلك الذي ولده .لأن الإلهي هو بلا قيمة وبلا حجم، ولا يقبل التحديد. وإذ نعترف بكل تأكيد أن الكلمة اتحد بالجسد أقنومياً، فإننا نسجد لإبن واحد الرب يسوع المسيح. نحن لا نجزيء ولا نفصل الإنسان عن الله، ولا نقول انهما متحدان الواحد بالآخر بواسطة الكرامة والسلطة، لأن هذا هراء وليس أكثر. ولا نسمى كلمة الله مسيحاً على حدة، وبالمثل لا نسمى المولود من إمرأة مسيحاً آخر على حدة، بل نعترف بمسيح واحد فقط، الكلمة من الله الآب مع جسده الخاص. لأنه حينئذ إنسانياً قد مسح بيننا رغم أنه يعطي الروح للذين يستحقون أن ينالوه، وليس بكيل، كما يقول البشير المغبوط يوحنا (يو 3: 34). ولسنا نقول أن كلمة الله حل في ذلك المولود من العذراء القديسة، كما في إنسان عادي، لكي لا يفهم أن المسيح هو “إنسان يحمل الله “.لأنه حتى إن كان الكلمة “حَلَّ بَيْنَنَا”(يو 1: 14) فإنه أيضاً قد قيل أن في المسيح “فِيهِ يَحِلُّ كُلُّ مِلْءِ اللاَّهُوتِ جَسَدِيّاً”(كو 2: 9). لذلك إذن نحن ندرك أنه إذ صار جسداً فلا يقال عن حلوله انه مثل الحلول في القديسين، ولا نحدد هذا الحلول فيه انه يتساوى وبنفس الطريقة كالحلول في القديسين. ولكن الكلمة إذ إتحد “حسب الطبيعة” ولم يتغير إلى جسد، فإنه حقق حلولاً مثلما يقال عن حلول نفس الإنسان في جسدها الخاص. فالمسيح واحد، وهو إبن ورب، ليس بمعنى أن لدينا إنساناً حقق مجرد إتصال مع الله، كإله، بواسطة اتحاد كرامة أو سلطة .لأن المساواة في الكرامة لا توحد الطبائع، فإن بطرس ويوحنا يتساويان في الكرامة الواحد مع الآخر، فكل منهما رسول وتلميذ مقدس إلا أن الإثنين ليس واحداً . كما أننا لا نرى أن طريقة الاتصال هي بحسب المجاورة لأن هذه لا تكفي لتحقيق الاتحاد الطبيعي، ولا نحسب مشاركة إعتبارية مثلما اننا نحن نلتصق بالرب كما هو مكتوب فنحن روح واحد معه بل بالحري نحن نرفض تعبير “الاتصال” لأنه لا يعبر كافياً عن الاتحاد .حتى لا نجزيء أيضاً المسيح الواحد والإبن والرب إلى إثنين، ولكي لا نسقط في جريمة التجديف بأن نجعله هو إلهه وربه. وكما قلنا سابقاً، فإن كلمة الله قد اتحد بالجسد “أقنومياً”، فهو إله الكل ورب الجميع، وليس هو عبد لنفسه ولا سيد لنفسه. وأن يعتقد أحد بهذا ويقوله فهذا أمر غير معقول كما انه بالأحرى أمر عديم التقوى. لأنه قال أن الله أباه، رغم انه هو إله بالطبيعة ومن جوهر أبيه. ونحن لم نجهل انه مع بقائه إلهاً فإنه قد صار إنساناً أيضاً خاضعاً لله حسب القانون الواجب لطبيعة الإنسان. لكن كيف يمكنه هو أن يصير إلهاً أو سيد لنفسه؟ وطالما أن الأمر يختص بما هو لائق بحدود إخلائه لنفسه، فإنه هو نفسه خاضع لله مثلنا. وهكذا فهو أيضاً “مَوْلُوداً تَحْتَ النَّامُوسِ”(غل 4: 4)، ورغم انه تكلم بالناموس وهو معطي الناموس كإله. ولكننا نرفض أن نقول عن المسيح:“بسبب ذلك الذي ألبسه الجسد أعبد اللابس الجسد”، “وبسبب غير المنظور أجسد للمنظور”. انه أمر مرعب أن يقال أيضاً “ان الله الممتلك(المأخوذ)، يدعى بإسم الذي امتلكه (اتخذه)”. كل من يقول هذه الأشياء، فإنه يقسم المسيح الواحد إلى اثنين، وبالتالي فإنه يضع كلاً من الناسوت واللاهوت على حده. وهو ينكر الاتحاد الذي بمقتضاه يجسد للواحد مع الآخر وليس أن الواحد في الآخر وبالتأكيد فإن الله لا يشترك مع آخر، ولكن المقصود هو واحد:المسيح يسوع، الإبن الوحيد، الذي يكرم بسجدة واحدة مع جسده الخاص. ونحن نعترف أنه هو الإبن المولود من الله الآب، والإله الوحيد، ورغم أنه غير قابل للتألم بحسب طبيعته الخاصة، فقد تألم بجسده الخاص من أجلنا حسب الكتب. وهو غير قابل للتألم جعل آلام جسده خاصة له عندما صلب جسده، لانه بنعمة الله ولأجل الجميع ذاق الموت، بإخضاع جسده الخاص للموت رغم انه حسب الطبيعة هو الحياة وهو نفسه القيامة لكي بواسطة قوته التي تفوق الوصف إذ قد داس الموت أولاً في جسده الخاص صار “بِكْرٌ مِنَ الأَمْوَاتِ”(كو 1: 18) و“بَاكُورَةَ الرَّاقِدِينَ”(1 كو 15: 20)،ولكي يعد الطريق إلى قيامة عدم الفساد أمام طبيعة الإنسان، وبنعمة الله، كما سبق أن قلنا حالاً، ذاق الموت لأجل الجميع، ولكنه قام في اليوم الثالث بعد أن سلب الجحيم حتى إن كان يمكن أن يقال عن قيامة الأموات أنها صارت بواسطة إنسان، فلا نزال نعني أن هذا الإنسان هو الكلمة الولود من الله، وأن سلطان الموت قد إنحل بواسطته، وهو سيأتي في الوقت المناسب كالإبن الواحد والرب في مجد الآب ليدين المسكونة بالعدل كما هو مكتوب. ولكن من الضروري أن نضيف هذا أيضاً, وإذ نكرز بموت ابن لله حسب الجسد أي موت يسوع المسيح، ونعترف بقيامته من بين الأموات وصعوده إلى السموات، فإننا نقدم الذبيحة غير الدموية في الكنائس، وهكذا نتقبل البركات السرية ونتقدس، ونصير مشتركين في الجسد المقدس، والدم الكريم للمسيح مخلصنا جميعا ونحن نفعل هذا لا كأناس يتنالون جسداً عاديا، حاشا، ولا بالحقيقة جسد رجل متقدس ومتصل بالكلمة حسب إتحاد الكرامة، ولا كواحد قد حصل على حلول إلهي، بل باعتباره الجسد الخاص للكلمة نفسه المعطي الحياة حقاً، وبسبب أنه صار واحداً مع جسده الخاص أعلن أن جسده معطي الحياة، لأنه حتى وإن كان يقول لنا:“الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَأْكُلُوا جَسَدَ ابْنِ الإِنْسَانِ وَتَشْرَبُوا دَمَهُ” (يو 6: 53) فلا نستخلص من هذا أن جسده هو جسد واحد من الناس مثلنا, لأنه كيف يكون جسد إنسان ما محيياً بحسب طبيعته الخاصة ؟، ولكن لكونه بالحقيقة الجسد الخاص للإبن الذي صار إنساناً ودعى إنساناً لأجلنا. وأيضاً نحن لا ننسب أقوال مخلصنا في الأناجيل إلى أقنومين أو إلى شخصين منفصلين،لأن المسيح الواحد الوحيد لا يكون إثنين، حتى لو أدرك أنه من اثنين ومن كيانين مختلفين إجتمعا إلى وحدة غير منقسمة، وكما هو طبيعي في حالة الإنسان الذي يدرك على أنه من نفس وجسد ولكنه ليس اثنين .ولكن لأننا نفكر بطريقة صحيحة فإننا نعتقد أن الأقوال التي كإنسان أو تلك التي قالها كإله هي صادرة من واحد. فحينما يقول عن نفسه كإله:“اَلَّذِي رَآنِي فَقَدْ رَأَى الآبَ”(يو 14: 9) و “أَنَا وَالآبُ وَاحِدٌ”(يو 10: 30) فنحن نفكر في طبيعته الإلهية التي تفوق الوصف إلى بحسبها هو واحد مع أبيه بسبب وحدة الجوهر، وهو أيضاً صورته ومثاله وإشعاع مجده. ودون أن يقلل من شأن ملء قامته الإنسانية، قال لليهود، “وَلَكِنَّكُمُ الآنَ تَطْلُبُونَ أَنْ تَقْتُلُونِي وَأَنَا إِنْسَانٌ قَدْ كَلَّمَكُمْ بِالْحَقِّ”(يو 8: 40)، وأيضاً من جهة قامته البشرية فنحن نعرف الكلمة -ليس بدرجة أقل- إلهاً مساوياً للآب ومماثلاً له. فإذا كان من الضرورة أن نؤمن، أنه رغم كونه إلهاً بحسب الطبيعة، فقد صار جسداً، أي صار إنساناً محياً بنفس عاقلة، فأي سبب يدعونا للخجل من أقواله إن كانت قد صدرت منه كإنسان لأنه لو كان قد تحاشى الكلمات التي تناسب الإنسان، فما الذي أجبره أن يصير إنساناً مثلنا؟ فلأي سبب يتحاشى الكلمات المناسبة للإخلاء، وهو الذي تنازل إلى الأقوال التي في الأناجيل إلى شخص واحد، إلى أقنوم الكلمة الواحد المتجسد، لأن الرب يسوع المسيح هو واحد حسب الكتب. ولكن إن كان يدعى:“رسول ورئيس كهنة إعترافنا”(عب 3: 1) ككاهن يقدم لله الآب إعتراف إيماننا المحمول، إليه، بواسطة الله الآب، وأيضاً إلى الروح القدس، فإننا نقول ثانية انه نفسه الإبن الوحيد الذي لله حسب الطبيعة. ونحن لا ننسب إلى إنسان آخر غيره اسم وحقيقة كهنوته، لأنه صار وسيط الله والإنسان، ومصالحاً للسلام إذ قدم نفسه لله الآب رائحة طيبة. لذلك فهو نفسه قد قال ذبيحة وقرباناً لم ترد ولكن هيأت لي جسداً، بمحرقات وذبائح للخطية لم تسر، ثم قلت هانذا أجيء في درج الكتاب مكتوب عني، لأفعل مشيئتك يا الله (انظر عب 10 : 5-7 + مز 40 : 7-9). لأنه قد قدم جسده الخاص رائحة طبية لأجلنا وليس لأجل نفسه. فأي قرابين أو ذبائح يحتاجها لأجل نفسه، وهو الله الذي هو أسمى من كل خطية؟ لأنه “الْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ اللهِ.”(رو 3: 23) لذلك فنحن معرضون للإنحراف، وطبيعتنا لعنت بسبب الخطية. أما هو فليس هكذا، ونحن بسبب هذا أقل من مجده. فكيف إذن يبقى أي شك في أن الحمل الحقيقي قد ذبح من أجلنا وعوضاً عنا؟. ولكن القول بأنه قد قدم نفسه من أجل نفسه ومن أجلتا لا يمكن بأي حال إلا أن يكون له نصيب في تهمة الكفر. إنه لم يخطيء بأي شكل، وبالتأكيد لم يفعل خطية فأية قرابين يحتاج إليها إذن، بينما ليست هناك أية خطية من أجلها يكون معقولاً جداً أن تقدم ذبيحة. ولكن حينما يقول عن الروح:“ذَاكَ يُمَجِّدُنِي”(يو 16: 14) فنحن، بصواب، لا نفهم أن المسيح الواحد الإبن، بسبب انه في إحتياج إلى مجد من آخر، إكتسب مجداً من الروح القدس، وذلك لأن روحه ليس أسمى منه ولا هو فوقه. ولكن حيث أنه، للتدليل على ألوهيته مسح بالروح القدس لأجل القيام بالأعمال العظيمة، فإنه يقول انه قد تمجد منه، مثلما يقول أي واحد منا، عن أية قوة في داخله أو عن فهمه لموضوع معين: “ذَاكَ يُمَجِّدُنِي”(يو 16: 14) . لأنه حتى إن كان الروح يوجد في أقنومه الخاص، ويعرف بذاته حيث انه هو الروح وليس الإبن، إلا أنه مع ذلك ليس غريباً عن الإبن، لأنه يدعى الحق والمسيح هو روح الحق، والروح ينسكب منه، كما بلا شك من الله الآب أيضاً. لذلك فإن الروح صنع عجائب بأيدي الرسل القديسين بعد صعود ربنا يسوع المسيح إلى السماء، وبذلك مجده. لأننا نؤمن انه الله حسب الطبيعة، وأيضاً أنه نفسه يعمل بروحه الخاص. ولهذا السبب فقد قال أيضاً:“لأَنَّهُ يَأْخُذُ مِمَّا لِي وَيُخْبِرُكُمْ”(يو 16: 14). ونحن لا نقول مطلقاً أن الروح حكيم وقوي نتيجة المشاركة، لأنه كلي الكمال ولا ينقصه أي صلاح .ولكن حيث أنه روح قوة الآب وحكمته أي روح الإبن، فهو بالحقيقة الحكمة والقوة. وحيث أن العذراء القديسة ولدت جسدياً، الله متحداً بالجسد حسب الأقنوم، فنحن نقول أنها والدة الإله، ليس أن طبيعة الكلمة تأخذ بداية وجودها من الجسد لأنه “فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللَّهَ”(يو 1: 1)، وهو نفسه خالق الدهور، وهو أزلي مع الآب، وخالق كل الأشياء. لأنه كما سبق وقلنا انه إذ وحد الإنساني بنفسه إقنومياً، فإنه احتمل الولادة الجسدية من بطنها. وبسبب طبيعته الخاصة (كإله) لم تكن هناك ضرورة تحويه إلى ميلاد في الزمن وفي آخر الدهور. لقد ولد لكي يبارك بداية وجودنا نفسها، وإذ قد ولدته إمرأة موحداً نفسه بالجسد فسوف ترفع اللعنة إذن عن كل الجنس (البشري)وهذه (اللعنة) كانت ترسل أجسادنا التي من الأرض، إلى الموت، وبواسطته أبطل القول:“بِالْوَجَعِ تَلِدِينَ أَوْلاَداً”(تك 3: 16) لكي يظهر صدق قول النبي : الموت إذ قوى قد ابتلعهم(راجع هو 13: 14 س)، وأيضاً: الله مسح كل دمعة من كل الوجوه (انظر اش 25: 8) وبسبب هذا نقول أنه حسب التدبير قد بارك الزواج بنفسه وحضر حينما دعى إلى قانا الجليل مع الرسل القديسين. |
||||
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
مجموعة متنوعة من أقوال الآباء |
من أقوال الأباء وكلمة المنفعة |
أقوال القديس اغناطيوس وكلمة منفعة |
أقوال الأنبا برصنوفيوس وكلمة منفعة |
أقوال الأنبا ايسيذورس وكلمة منفعة |