![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
في عدم الارتباك بالأمور الخارجية ![]() 1 – المسيح: يا بني، ينبغي لك أن تبقى جاهلًا لأُمورٍ كثيرة، وأن تحسب نفسك، على الأرض، “مثل ميتٍ قد صلب له العالم كله“ (كولسيين 3: 3؛ غلاطيين 6: 14). وينبغي لك أيضًا أن تصم أٌذنيك عن أحاديث كثيرة، وأن تفكر، بالحري في ما يعود عليك بالسلام. إنه لأنفع لك أن تحول النظر عما يسوءك، وان تترك كل واحدٍ ورأيه، من أن تتفرغ لكلام المماحكات. إن اعتصمت جيدًا بالله، ونظرت إلى أحكامه، هان عليك احتمال الفشل في الجدال. ![]() 2 – التلميذ: آه! رب، إلى أين صرنا؟ ها نحن نبكي على خسارةٍ زمنية، ونسعى ونكد لأجل ربحٍ زهيد، أما الخسائر الروحية، فنتناساها ولا نكاد نذكرها إلاًّ بعد الأوان. نهتم لما هو قليل النفع أو لا نفع فيه، وندع، عن تهاون، ما هو في غاية الضرورة، لأن الإنسان ينصب بجملته إلى الخارج، وإن هو لم يرعو سريعًا، فإنه يبقى مضجعًا، عن رضى، في الأُمور الخارجية |
![]() |
رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() في أنه لا ينبغي أن نصدق جميع الناس، وفي سهولة الزلل في الكلام 1 – التلميذ: “هب لي يا رب نصرة على الضيق، فإن تخليص البشر باطل“ (مزمور 59: 13). ما أكثر ما أخطأت وجود الأمانة، حيث ظننت أني أُصيبها! وكم من مرةٍ عثرت عليها، حيث لم أكن أتوقعها! فباطلٌ إذن التوكل على البشر! “أما خلاص الصديقين، فهو فيك أنت يا الله“ (مزمور 36: 39). تباركت أيها الرب إلهي في كل ما يحل بنا! إننا لضعفاء ومتقلبون، وسرعان ما نضل ونتغير. ![]() ![]() 2 – من هو الإنسان الذي يستطيع أن يتحفظ، متحذرًا ومحتاطًا لنفسه في كل شيء، بحيث لا يقع أحيانًا في خديعةٍ أو حيرة؟ أما الذي يتوكل عليك يا رب، ويلتمسك بقلبٍ سليم، فإنه لا يزل بمثل تلك السهولة. وإن وقع في ضيق، فأيًّا كان ارتباكه فيه، فإنك تنقذه أو تعزيه سريعًا، لأنك “لا تخذل حتى المنتهى، من يتوكل عليك“ (يهوديت 13: 17). نادرٌ الصديق الأمين، الذي يثبت على الولاء لصديقه في جميع مضايقه. أنت يا رب، أنت وحدك الأمين جدًا بين جميع الأصدقاء، وليس مثلك آخر غيرك. ![]() 3 – آه! ما أعظم حكمة تلك النفس القديسة القائلة: ”إن عقلي ثابتٌ وموطدٌ في المسيح“ (القديسة أغاثي)! فلو كنت أنا كذلك، لما كان خوف البشر يقلقني بهذه السهولة، ولما كنت أتأثر جدًا لسهام كلامهم. من يمكنه أن يرى جميع المستقبلات، أو أن يتلافى الشرور قبل وقوعها؟ وإذا كانت الشرور نفسها التي سبقنا فتوقعناها، كثيرًا ما تؤذينا، فكيف يمكن للضربات المفاجئة، أن تحل بنا من غير إيلامٍ شديد؟ ولكن لِمَ لم أكن أكثر احتياطًا لنفسي، أنا الشقي؟ ولم صدقت الآخرين بتلك السهولة؟ غير أننا بشرٌ، بشرٌ ضعافٌ ليس إلاَّ – وإن كان الكثيرون يحسبوننا ويدعوننا ملائكة. فمن أصدق يا رب؟ من أُصدق غيرك؟ أنت هو الحق الذي لا يغش، ولا يمكن أن يغش. وعلى عكس ذلك، ”فكل إنسانٍ إنما هو كاذب“ (مزمور 115: 2). ضعيفٌ متقلب، سريع الزلل ولا سيما في الكلام، حتى إنه لا يسوغ، إلاَّ بالجهد، أن نصدق لأول وهلة، ما يبدو لنا مستقيمًا في كلامه. ![]() 4 – ما أعظم الفطنة التي بها سبقت فنبهتنا إلى الحذر من الناس، وإلى أن ”أعداء الإنسان أهل بيته“ (متى 10: 36)، وإلى عدم التصديق إن قال أحد:”هوذا المسيح هنا أو هناك“ (متى 24: 23)! لقد تعلمت ذلك بالاختبار، وعسى أن يأول إلى ازدياد تحفظي، لا غباوتي! يقول لي أحدهم: تحفظ! تحفظ! تحفظ! أُكتم في نفسك ما أنا قائلٌ لك. – وفيما أنا صامتٌ وحاسبٌ سره في الكتمان، إذا به، هو نفسه، لا يستطيع الصمت عما طلب عنه الصمت، بل يخونني في الحال، ويخون نفسه، ويمضي. احفظني، يا رب، من مثل تلك الخزعبلات، ومن مثل أُولئك القوم القليلي التحفظ، لئلا أقع في أيديهم، أو أقترف أبدًا مثل تلك الخيانات. ضع في فمي كلامًا صادقًا لا يتبدل، وأقص عني لسان المخاتلة. فإن ما لا أٌريد احتماله من قبل الآخرين، عليَّ أنا أيضا أن أتجنبه بكل احتراز. ![]() 5 – آه! كم يعود على الإنسان بالخير والسلام، أن يصمت عن شؤون الآخرين، ولا يصدق كل شيءٍ دون ما تمييز، ولا يذيع كل شيءٍ بسهولة، ولا يكشف ضميره إلاَّ للقليلين، بل يلتمسك أنت دومًا فاحصًا لقلبه، ولا يتقلب لكل ريح كلام، بل يتمنى أن تتم جميع الأُمور، في داخله وخارجًا عنه، وفق مسرة مشيئتك! ما آمنها طريقةً لحفظ النعمة السماوية، أن يهرب الإنسان من الظهور بين الناس، ولا يشتهي ما قد يستجلب إعجابهم به في الخارج، بل أن يتطلب، بكل نشاط، ما يولي الحرارة وإصلاح السيرة! ما أكثر من ضرهم اشتهار فضيلتهم وامتداحها قبل الأوان! وكم كان مفيدًا، حقًا، كتمان النعمة في هذه الحياة المعرضة للأخطار، التي ليست كلها -كما يقال- سوى تجربة وجهاد! |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() في وجوب التوكل على الله عندما نرشق بسهام الكلام 1 – المسيح: يا بني، كن ثابتًا واجعل فيَّ ثقتك. فهل الكلام سوى كلام؟ إنه يتطاير في الهواء، ولكنه لا يصدع الحجر. إن كنت مذنبًا، فيجب أن ترتاح إلى إصلاح نفسك. وإن كان ضميرك لا يوبخك على شيء، فعليك أن تحتمل، برضى، تلك التهمة من أجل الله. ليس بالكثير أن تحتمل الكلام أحيانًا، ما دمت غير قادرٍ بعد على تحمل الضربات الشديدة. ولم تنفذ، حتى قلبك، كلماتٌ غايةٌ في التفاهة، إلا لكونك لا تزال جسديًا، تلتفت إلى أحكام البشر أكثر مما ينبغي؟ فإنك، لخوفك من الاحتقار، تأبى أن تلام على رذائلك، وتلتمس لها ستر الأعذار. ![]() ![]() 2 – ولكن أنعم النظر في نفسك، يتحقق لك أن العالم لا يزال حيًا فيك، وكذلك الرغبة الباطلة في إرضاء الناس. وما نفورك من أن يلحق بك الذل والخزي من أجل نقائصك، إلا دليلٌ واضحٌ على أنك لست بالمتواضع الحقيقي، وأنك لم تمت حقًا عن العالم، “وأن العالم لم يصلب لك“ (غلاطيين 6: 14). ولكن اسمع كلمةً مني، فلا تعود تأبه لعشرة آلاف كلمةٍ من البشر. فلو قيل في حقك أشنع ما يمكن تلفيقه، فأي ضررٍ يلحق بك من ذلك. إن أنت أغضيت عنه تمام الإغضاء، ولم تحتسبه إلا كتبنةٍ صغيرة؟ ألعله يستطيع أن يسلبك شعرةً واحدة؟ ![]() 3 – أما من كان قلبه غير موجهٍ إلى الداخل، ولم يكن الله نصب عينيه، فإنه يتأثر بسهولةٍ من كلام التعيير؛ فيما الذي يتوكل عليَّ، ولا يبتغي الاعتماد على حكمه الذاتي، لا يخشى من الناس شيئًا. فإني أنا الديان العارف جميع الأسرار، أنا أعلم كيف جرت الحوادث، أنا أعرف الظالم والمظلوم. من قبلي انطلقت تلك الكلمة، وبإذني حدث ذلك الأمر، “حتى تكشف أفكارٌ من قلوبٍ كثيرة“ (لوقا 2: 35). أنا سأدين المجرم والبريء، ولكنني أردت، قبلًا، أن أمتحن كليهما بحكمٍ خفي. ![]() 4 – شهادة البشر كثيرًا ما تخدع، أما حكمي فحقٌّ ثابتٌ لا ينقض. إنه لخفيٌّ في أغلب الأحيان، وقليلون هم الذين يتجلى لهم في كل أمر، لكنه لا يغلط أبدًا، ولا يمكن أن يغلط، وإن بدا غير قويمٍ في عيون الأغبياء. فإليَّ إذن يجب الرجوع في كل حكم، من غير اعتمادٍ على الرأي الذاتي. فالصديق لا يضطرب، مهما أصابه من قبل الله. وإن قيل في حقه شيءٌ -ولو ظلمًا- فقلما يكترث له. بل ولو عذره الآخرون بأعذار صوابية، فإنه لا يبتهج باطلًا. لأنه يذكر: أني أنا فاحص القلوب والكلى“ (مزمور 7: 10)، لا أحكم بحسب الوجه وظواهر البشر. فكثيرًا ما يكون أثيمًا في عيني، ما هو حكم الناس جديرٌ بالمديح. ![]() 5 – التلميذ: أيها الرب الإله، ”الديان العادل، القدير”(مزمور 7: 12) الصبور، العالم بضعف البشر وفسادهم، كن أنت قوتي وكل متكلي، لأن ضميري لا يكفيني. أنت العليم بما لا أعلمه أنا، ولذلك كان من الواجب عليَّ أن أتضع لدى كل توبيخ، وأصبر عليه بحلم. فسامحني يا رب، في حنوك، عن كل مرةٍ لم أسلك فيها على هذا النحو، وأعطي، من جديد، نعمةً لتحمل آلامٍ أعظم. فإن رحمتك الوافرة هي خيرٌ لي، لنيل الغفران، من كل ما أتوهم في نفسي من البر، تزكيةً لخفايا ضميري. فإني -وإن كنت “لا أشعر بشيءٍ في ضميري- لا أستطيع، مع ذلك، تزكية نفسي“ (1كورنثيين 4: 4)، لأنه إذا تباعدت رحمتك، “فلا يزكو أمامك أحدٌ من الأحياء“ (مزمور 142: 2). |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() في أنه يجب على الإنسان أن يحتمل جميع المشقات لأجل الحياة الأبدية 1 – المسيح: يا بني، لا تحطمنَّك الأتعاب التي باشرتها لأجلي، ولا تذهبن المضايق بعزمك تمامًا، بل ليقوك وعدي، ويعزك في كل ما يحدث لك. إني قادرٌ أن أُكافئك، بما يفوق كل حدٍ وقياس. ![]() إن زمن أتعابك هنا لن يطول، وتراكم الأوجاع عليك لن يدوم. انتظر قليلًا، فترى عما قريبٍ نهاية مصائبك. ستأتي ساعةٌ ينقطع فيها كل تعبٍ وقلق. إنه لقليلٌ وزائل، كل ما يعبر مع الزمن. ![]() 2 – أتقن ما تعمل، واشتغل بأمانةٍ في كرمي، “فأكون أنا أجرك″ (تكوين 15: 1). أكتب، واقرأ، ورنم، وتنهد، والزم الصمت، وصل، واحتمل المعاكسات ببأس: فإن الحياة الحياة الأبدية تستحق كل هذه الجهادات وأعظم منها. سيأتي السلام في يومٍ يعلمه الرب، “فلا يكون نهارٌ ثم ليل″ (زكريا 14: 7)، كما في هذا الزمان، بل نورٌ دائمٌ وسنىً غير متناهٍ، وسلامٌ ثابتٌ، وراحةٌ راهنة. وحينئذٍ لا تقول:”من ينقذني من جسد الموت هذا؟″ (رومانيين 7: 24). ولا تصرخ:”ويلي! فإن غربتي قد طالت″ (مزمور 119: 5)، ”لأن الموت سيباد″ (أشعيا 25: 8)، وخلاصك يتوطد، ولا يكون قلقٌ، بل فرحٌ وسعادة، ورفقةٌ عذبةٌ مجيدة. ![]() 3 – آه! لو كنت ترى، في السماء، أكاليل القديسين الخالدة، وكم يبتهج الآن في المجد، أُولئك الذين كان العالم يحتقرهم في الماضي، ويحسبهم غير أهلٍ حتى للحياة، إذن لكنت، ولا شك، تتضع حالًا حتى التراب، وتؤثر بالأولى أن تخضع للجميع، على أن تتقدم على واحدٍ فقط؛ ولما كنت تشتهي أيام سرورٍ في هذه الحياة، بل بالحري لكنت تفرح باحتمال المضايق من أجل الله، وتحتسب كأعظم ريح، أن تعد كلا شيءٍ بين الناس. ![]() 4 – آه! لو تذوقت هذه الحقائق، ولو نفذت هي إلى أعماق قلبك، إذن فكيف كنت تجسر على التشكي ولو مرةً واحدة؟ أليس من الواجب احتمال جميع المشقات، لأجل الحياة الأبدية؟ فإن خسران ملكوت الله أو ربحه ليس بالأمر اليسير. فارفع إذن وجهك نحو السماء، فها أنا ذا وجميع قديسي معي: لقد جاهدوا في هذا الدهر جهادًا شديدًا، وها هم الآن يفرحون، الآن يتعزون، الآن يتنعمون بالطمأنينة، الآن يستريحون، وسوف يبقون معي إلى الأبد في ملكوت أبي. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() في نهار الأبدية، وفي مضايق هذه الحياة 1 – التلميذ: يا لسعادة المقام في المدينة العلوية! يا لنهار الأبدية الجزيل السنى، الذي لا يغشاه ليل، بل يشع عليه دومًا الحق الأعظم! نهارٌ دائم الفرح، دائم الطمأنينة، لا تناله أبدًا تقلبات الأحوال! آه! يا ليت ذلك النهار قد أشرق، وجميع هذه الزمنيات قد بلغت نهايتها! أجل، إنه يضيء للقديسين بسنى ضياءٍ دائم؛ ”أما المتغربون على الأرض، فلا يضيء لهم إلا عن بعد، وكما في مرآة“ (عبرانيين 11: 13، كورنثيين 13: 12). ![]() ![]() 2 – إن سكان الوطن السماوي، يعرفون ما في ذلك النهار من السرور، أما أولاد حواء المنفيون، فإنهم يتنهدون لما في حياتهم هذه من المرارة والسأم. ”أيام هذا الدهر قليلةٌ ورديئة“ (تكوين 47: 9)، ومنفعةٌ بالأوجاع والمضايق، فيها يتدنس الإنسان بخطايا كثيرة، ويقتنص بحبائل أهواءٍ جمة، تضايقه كثرة المخاوف، وتتنازعه كثرة الهموم، وتتجاذبه كثرة الملاهي، يرتبك في الأباطيل الكثيرة، وتكتنفه كثرة الأضاليل، تزهقه المتاعب الكثيرة، وتثقله التجارب، وتوهنه اللذات، وتعذبه الفاقة. ![]() 3 – آه! متى تنتهي هذه الشرور؟ ومتى أُعتق من عبودية الرذائل التاعسة؟ متى أذكرك أنت وحدك، يا رب؟ ومتى أفرح بك تمام الفرح؟ متى أتخلص من كل عائق، فأكون في الحرية الحقة، خاليًا من كل ما يثقل الروح والجسد؟ متى أتمتع بالسلام الثابت، بالسلام الراهن غير المتزعزع، بالسلام الداخلي والخارجي، بالسلام الموطد من كل جهة؟ يا يسوع الصالح، متى أقف لأراك؟ متى أُشاهد مجد ملكوتك؟ متى تكون لي “كلاًّ في الكل“ (1كورنثيين 15: 28)؟ متى أكون معك في “ملكوتك، الذي هيأته منذ الأزل لأحبائك“ (متى 25: 34)؟ لقد تركت بائسًا منفيًا في أرض العدو، حيث الحروب كل يوم، والتعس شديدٌ جدًا. ![]() 4 – عز منفاي وخفف وجعي، فإني تائقٌ إليك بكل رغبتي. إنه لوقرٌ عليَّ، كل ما يقدمه العالم لتعزيتي. فأنا أتوق إلى التمتع بك في داخلي، ولكنني لا أستطيع إدراك ذلك. أتمنى التعلق بالسماويات، ولكن الأُمور الزمنية، والأهواء غير المُماتة، تهوى بي إلى أسفل. أُريد بالروح أن أسمو فوق جميع الأشياء، لكن الجسد يضطرني إلى الخضوع لها مرغمًا. وهكذا فإني أحارب ذاتي أنا الإنسان الشقي، “وقد صرت ثقلًا على نفسي“ (أيوب 7: 20). إذ الروح يطلب الارتفاع إلى علٍ، والجسد الهويان إلى أسفل. ![]() 5 – ما أشد ما أُقاسي في داخل، عندما أكون في تأمل السماويات، وإذا بجماهير الأفكار الجسدية تجتاحني، قاطعةً عليَّ صلاتي! ”أللهم، لا تبعد عني“ (مزمور 70: 12)، “ولا تنبذ بغضبٍ عبدك“ (مزمور 26: 9). ”أبرق ببرقك، وشتت تلك الأفكار، أرسل سهامك“ (مزمور 143: 6)، فتهزم جميع خيالات العدو. اجمع إليك حواسي، وأنسني جميع الدنيويات، أعطني أن أطرد سريعًا خيالات الرذائل وأحتقرها. أُنصرني أيها الحق الأزلي، لئلا أتأثر بشيءٍ باطل. تعالي، أيتها العذوبة السماوية، وليهزم من وجهك كل دنس. سامحني واصفح عني برحمتك، كلما فكرت، في صلاتي، بشيءٍ آخر سواك. فإني أعترف، في الحقيقة، أنني عادةً كثير التشتت. إذ كثيرًا ما لا أكون حيث أنا واقفٌ أو جالسٌ بالجسد، بل، بالحري، أكون حيث تحملني أفكاري. حيثما تكن أفكاري، فهناك أكون، وأفكاري تكون، في الغالب، حيث يكون ما أُحب. وما يخطر على بالي سريعًا، إنما هو الأُمور التي تلذ لي طبعًا، أو تروقني بسبب العادة. ![]() 6 – ومن ثم، فإنك أنت أيها الحق قد قلت صريحًا:”حيث يكون قلبك فهناك يكون كنزك أيضًا“ (متى 6: 21). إن أحببت السماء، لذ لي التفكر بالسماويات؛ وإن أحببت العالم، فرحت لنعيم العالم، وحزنت لبلاياه. إن أحببت الجسد، تصورت، غالبًا، ما هو للجسد؛ وإن أحببت الروح، لذ لي التفكر بالروحيات فكل ما أُحبه أرتاح إلى التحدث واستماع التحدث عنه، وأنقل صورته معي إلى منزلي. ولكن طوبى للإنسان الذي، من أجلك يا رب، يسرح جميع الخلائق من قلبه، ويغضب طبيعته، ويصلب بحرارة الروح شهوات الجسد، ليقرب لك، بضميرٍ مطمئن، صلاةً طاهرة، ويؤهل للوقوف بين أجواق الملائكة، بإفصائه عن نفسه، في الخارج وفي الداخل، جميع الأُمور الأرضية! |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 6 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() في الشوق إلى الحياة الأبدية، وفي كثرة الخيرات الموعود بها المجاهدون 1 – المسيح: يا بني، إذا شعرت بالشوق إلى السعادة الأبدية، يفاض عليك من العلاء، واشتهيت الخروج من مسكن جسدك، لتستطيع أن تشاهد بهائي من غير ظل تحول، فاشرح قلبك، واقبل بكل رغبتك هذا الإلهام المقدس. أد أوفر الشكر للصلاح السامي، الذي يعاملك بمثل هذا الانعطاف، فيفتقدك بحنو، ويستحثك بشدة، ويرفعك بقدرته، لئلا تهوي بثقلك الذاتي إلى الأرضيات. فإنك لست بتفكيرك واجتهادك تحصل على ذلك، بل بفضل النعمة العلوية وحدها، وحسن التفات الله إليك، لكي تتقدم في الفضائل، وفي تواضعٍ أعظم، وتستعد للجهادات المستقبلة، وللاتحاد بي بكل رغبة قلبك، وتجتهد في خدمتي بإرادةٍ مضطرمة. ![]() ![]() 2 – يا بني، في الغالب عندما تتقد النار، لا يتصاعد لهيبها بدون دخان. كذلك بعض الناس يضطرمون شوقًا إلى السماويات، وهم مع ذلك غير محررين من تجربة الأهواء الجسدية. فلذلك لا يبتغون مجد الله خالصًا، في ما يسألونه بشديد الإلحاح. ومثل ذلك هي في الغالب رغبتك، التي زعمت أنها ملحةٌ جدًا. فإنه ليس بطاهر ولا كامل، ما قد أفسدته المصلحة الذاتية. ![]() 3 – لا تلتمس ما هو لذيذٌ أو نافعٌ لك، بل ما فيه مرضاتي ومجدي، لأنك، إن حكمت بالصواب، وجب عليك اتباع تدبيري، مفضلًا إياه على رغبتك أنت وعلى كل رغبة. ”إني عالمٌ برغبتك وقد سمعت كثرة تنهداتك″ (مزمور 37: 10). تود لو كنت، منذ الآن، حاصلًا على “حرية المجد التي لأبناء الله″ (رومانيين 8: 21)!وقد أخذ يلذ لك، منذ الآن، المنزل الأبدي، والوطن السماوي المفعم فرحًا! بيد أن تلك الساعة لم تأت حتى الآن، بل أمامك بعد زمانٌ هو زمان حرب، زمان تعبٍ وامتحان. إنك تتوق أن تمتلئ من الخير الأعظم، لكنك لا تستطيع الآن إدراك ذلك. أنا هو ذلك الخير، فانتظرني -يقول الرب- “حتى يأتي ملكوت الله″ (لوقا 22: 18). ![]() 4 – لا بد لك أن تختبر بعد على الأرض، وتتمرس بمحنٍ كثيرة. قد تعطى لك التعزية بين حينٍ وآخر، لكنك لن تمنحها بوفرةٍ تشبع رغائبك. ”فتشدد إذن وتقو″ (يشوع 1: 6)، في عمل، كما في احتمال ما يعاكس الطبيعة. ينبغي لك أن “تلبس الإنسان الجديد″ (أفسسيين 4: 24)، ”وتنقلب رجلًا آخر″ (1ملوك 10: 6). عليك أن تعمل غالبًا ما لا تريد، وأن تترك ما تريد. ما يلذ للآخرين يلقى نجاحًا، وما يلذ لك أنت لا ينجح. ما يقوله الآخرون يصغى إليه، وما تقوله أنت يحسب كلا شيء. يطلب الآخرون فينالون، وتطلب أنت فلا تحصل على شيء. ![]() 5 – يعظم الآخرون في أفواه الناس، أما أنت فليس من يأتي بذكرك. يعهد إلى الآخرين في هذا العمل أو ذاك، أما أنت فتحسب غير صالحٍ لشيء. قد يشق ذلك أحيانًا على الطبيعة، ويكون أمرًا عظيمًا أن تحتمله بصمت. فبهذه المعاكسات وكثيرٍ مثلها، يختبر الرب، عادةً، عبده الأمين: كيف يستطيع أن ينكر ذاته، ويكسر إرادته في كل شيء. فإنك قلما تجد أمرًا تحتاج فيه إلى إماتة نفسك، بقدر ما تحتاج إلى ذلك عندما ترى وتحتمل ما يعاكس إرادتك، ولا سيما إذا أُمرت بعمل أُمورٍ تراها غير مناسبةٍ وقليلة الفائدة. ومن حيث أنت مرؤوسٌ لا تجسر على مقاومة سلطةٍ أعلى، فإنك تستثقل السير بحسب إشارة غيرك والتخلي عن كل رأيٍ ذاتي. ![]() 6 – ولكن اذكر، يا بني، ثمرة هذه الأتعاب وسرعة زوالها، وما لها من “أجرٍ عظيمٍ جدًا″ (تكوين 15: 1)، فلا تجد فيها مشقة من بعد، بل تعزيةً عظمى لتقوية صبرك. فإنك بدلًا من هذه الرغبة اليسيرة، التي تتخلى لي الآن عنها طوعًا، سيكون لك في السماء دوام تحقيق مشيئتك. هناك تجد كل ما تريد، وكل ما تستطيع أن تبتغي. هناك تتمتع بجميع الخيرات، دون خوفٍ من فقدانها. هناك تكون إرادتك واحدة مع إرادتي على الدوام، فلا تبتغي شيئًا خارجًا عني أو خاصًا بها. هناك ما من أحدٍ يقاومك، ولا أحدٍ يتشكى منك، ليس من يعوقك، ولا ما يعترضك، بل كل ما تشتهي يكون متوفرًا لديك في آنٍ واحد؛ فيشبع جميع رغائبك، ويملأها حتى الجمام. هناك أُكافئ على الإهانات بالمجد، وعلى “الاكتئاب بحلة التسبيح″ (أشعيا 61: 3)، وعلى المحل الأخير، بعرش الملك إلى الأبد. هناك تظهر ثمار الطاعة، ويفرح بمشاق التوبة؛ والخضوع المقرون بالتواضع يكلل بإكليل المجد. ![]() 7 – فانحن الآن إذن بتواضعٍ تحت أيدي الجميع، ولا تكترث لمن قال هذا الشيء أو أمر به، بل فليكن جل همك، إذا أُمرت بشيءٍ أو رغب إليك فيه -سواءٌ كان ذلك من قبل رئيسٍ أو مرؤوسٍ أو عديل- أن تتأول كل شيءٍ تأولًا حسنًا، وأن تجتهد في تتميمه بنيةٍ خالصة. ليطلب الواحد هذا الشيء والآخر ذاك، وليفتخر الواحد بهذا الأمر والآخر بذاك، ولينالوا ألف ألف مديح، أما أنت فلا تفرح بهذا ولا بذاك، بل باحتقار نفسك، وبإرضائي وإكرامي أنا وحدي. هذا ما يجب أن تتوق إليه:”أن يتمجد الله فيك دائمًا، سواءٌ بالحياة أم بالموت″ (فيليبيين 1: 20). |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 7 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() كيف يجب على الإنسان الذي في وحشة أن يقرب نفسه في يدي الله 1 – التلميذ: أيها الرب الإله، الآب القدوس، تباركت الآن وإلى الأبد، لأنه كما شئت كذلك حدثت الأُمور، وما تفعله فإنه حسن. ليفرح عبدك بك، لا بنفسه ولا بأحدٍ آخر سواك، لأنك أنت وحدك الفرح الحقيقي، أنت رجائي وإكليلي، أنت سروري وفخري يا رب. ”أيُّ شيءٍ لعبدك غير ما ناله منك؟“ (1كورنثيين 4: 7)، وقد ناله أيضًا عن غير ما استحقاق. لك هو كل شيء: جميع ما أعطيت، وجميع ما صنعت. ![]() “بائسٌ أنا، وفي العناء منذ حداثتي“ (مزمور 87: 16)، ولقد تحزن نفسي أحيانًا حتى الدموع، وأحيانًا تقلق في ذاتها، لما يهددها من الآلام. ![]() 2 – إني أتوق إلى فرح السلام، وأسألك بإلحاحٍ سلام بنيك، الذين ترعاهم في نور تعزيتك. فإن أعطيتني هذا السلام، وأفضت عليَّ هذا الفرح المقدس، امتلأت نفس عبدك تهليلًا، ونشطت بحرارةٍ إلى تسبيحك. ولكن إن احتجبت عنها، على مألوف عادتك، فإنها لن تستطيع “الإسراع في طريق وصاياك“ (مزمور 118: 32)، بل تحني ركبتيها لتقرع صدرها، لأنها “لم تعد كما كانت أمس فما قبل“ (تكوين 31: 5)، حين كان “مصباحك يضيء على رأسها“ (أيوب 29: 3)، “وهي تحتمي، من وثبات التجارب، تحت ظل جناحيك“ (مزمور 16: 8). ![]() 3 – أيها الآب العادل، المستحق الحمد على الدوام، قد أتت الساعة ليمتحن عبدك. أيها الآب المستحق المحبة، إنه لمن العدل أن يتحمل عبدك، في هذه الساعة، بعض الشدة لأجلك. أيها الآب المستحق الإكرام على الدوام، قد أتت الساعة التي سبقت فعلمت منذ الأزل أنها آتية، وفيها يسقط عبدك في الظاهر زمانًا قصيرًا، ليحيا فيك على الدوام في الداخل. ويتحمل، لمدةٍ قصيرة، الاحتقار والضعة، والانمحاء أمام الناس، ويسحق بالآلام والأسقام، ليقوم معك ثانيةً في فجر النهار الجديد، ويمجد في السماء. أيها الآب القدوس، هكذا أنت دبرت وهكذا شئت، وما أمرت به قد تم. ![]() 4 – فهذه هي النعمة التي تختص بها حبيبك: أن يتألم، ويعاني الشدائد في هذا العالم حبًا لك، كلما تسمح، وعن يد من تسمح. فإنه لا شيء يحدث على الأرض بدون مشورتك وعنايتك، ولا بدون سبب. ”حسنٌ لي، أيها الرب، أنك أذللتني، لكي أتعلم رسومك“ (مزمور 118: 71)، فأنبذ من قلبي كل ترفعٍ وعجب. من المفيد لي أن قد “غطى الخجل وجهي“ (مزمور 68: 8)، لكي ألتمس تعزيتي فيك لا في الناس. ولقد تعلمت من ذلك أيضًا، أن أرهب أحكامك التي تفحص، فإنك تضرب الصديق مع الكافر، ولكن لا بدون عدلٍ وإنصاف. ![]() 5 – أشكرك لأنك لم تشفق على شروري، بل بضرباتٍ مرةٍ سحقتني، فأثقلتني بالأوجاع، وكربتني بالمضايق، في الخارج وفي الداخل. لا أحد من كل ما تحت السماء، يستطيع أن يعزيني، سواك أنت أيها الرب إلهي، طبيب النفوس السماوي، الذي “يضرب ويشفي، ويحدر إلى الجحيم ويصعد منها“ (طوبيا 13: 2). تأديبك عليَّ، وعصاك هي التي تعلمني. ![]() 6 – أيها الآب الحبيب، ها أنا ذا بين يديك، إني أنحني تحت عصا تأديبك، فاضرب ظهري وعنقي، حتى أُسوي اعوجاجي وفق إرادتك. اجعلني -كما تعرف عادةً أن تصنع- تلميذًا عابدًا متواضعًا، حتى أسير طوع إشارتك في كل شيء. إني أستودعك نفسي وكل مالي، للتأديب، لأن التأديب في هذه الحياة، خيرٌ منه في الأخرى. أنت عالمٌ بجميع الأشياء وبكلٍ منها، ولا يخفى عليك شيءٌ في ضمير البشر. إنك تعرف المستقبلات قبل حدوثها، وليس بك حاجةٌ أن يعلمك أحد، أو يخبرك بما يجري على الأرض. أنت تعلم ما يصلح لتقدمي، وكم الشدة نافعةٌ لجلي النفس من صدأ الرذائل. عاملني بحسب مسرتك -فذلك ما أبتغي- ولا تزدر حياتي الأثيمة، التي ليس أحدٌ أعلم بها منك وحدك. ![]() 7 – أعطني، يا رب، أن أعرف ما ينبغي عليَّ معرفته، وأن أُحب ما يجب محبته، أن أمدح ما كان أكثر مرضاةً لك، وأن أستعظم ما كان كريمًا لديك، وأحتقر ما تستقذره عيناك. لا تدعني “أقضي في الأُمور بحسب ما تتراءى لعيني في الظاهر، ولا أحكم فيها بحسب ما تسمع آذان الجهال“ (أشعيا 11: 3)، بل اجعلني أُميز، بحكمٍ صائب، بين الأُمور الحسية والروحية، وأبتغي دائمًا مسرتك فوق كل شيء. ![]() 8 – كثيرًا ما تضل آراء البشر في الحكم، وكذلك محبو هذا الدهر، فإنهم يضلون لأنهم لا يحبون سوى الأشياء الحسية. ألعل الإنسان يزداد فضلًا، إن حسبه إنسانٌ آخر أعظم مما هو؟ من رفع إنسانًا، فإنما هو خداعٌ يغش خداعًا، وصلفٌ يغش صلفًا، وأعمى، وعاجز يغش عاجزًا. والحق أنه بمدحه الباطل، لا يزيده إلا خزيًا. فإن قيمة كل أحد – على ما يقول القديس فرنسيس المتواضع – إنما هي قيمته في عينيك، وليس أكثر. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 8 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() في العكوف على الأعمال الوضيعة عند التقصير عن الأعمال السامية ![]() 1 – المسيح: يا بني، إنك لا تستطيع البقاء دائمًا في شوقٍ مضطرمٍ إلى الفضائل، ولا الاستمرار في درجةٍ ساميةٍ من التأمل، بل تضطر، أحيانًا، من جرى الفساد الذي ألحقته الخطيئة الأصلية، أن تنحط إلى أُمورٍ أوضح، وتحمل -وإن مرغمًا سئمًا- ثقل هذه الحياة الفانية. فإنك ما دمت تحمل هذا الجسد المائت، ستشعر في قلبك بالسأم والمشقة. فمن الواجب إذن، وأنت في الجسد، أن تئن كثيرًا من ثقل الجسد، لأنك لا تستطيع أن تلازم، بلا انقطاع، الرياضات الروحية، والتأمل في الإلهيات. ![]() 2 – فمن المفيد لك، عندئذٍ، أن تلجأ إلى الأعمال الوضيعة الخارجية، وأن تنعش نفسك بالأعمال الصالحة، منتظرًا مجيئي وتعزيتي السماوية، بثقةٍ وطيدة، ومحتملًا بصبرٍ منفاك ويبوسة قلبك، إلى أن أفتقدك ثانيةً، فأُنقذك من جميع ما يقلقك. فإني سأُنسيك الأتعاب، وأُمتعك بالراحة الداخلية، وأبسط أمامك مروج الكتب المقدسة. “فتبدأ تسرع في طريق وصاياي بقلبٍ منشرحٍ″ (مزمور 118: 32)، وتقول: ”إن آلام هذا الدهر لا تتناسب مع المجد المزمع أن يتجلى فينا″ (رومانيين 8: 18). |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 9 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() في أن نعمة الله لا تأتلف مع تذوق الأرضيات 1 – المسيح: يا بني، إن نعمتي كريمةٌ، لا تطيق أن تمازج الأشياء الغريبة، ولا التعزيات الأرضية. فينبغي لك أن تطرح جميع عوائق النعمة، إن رمت الحصول على فيضانها. التمس لنفسك الخلوة، أحبب الإقامة منفردًا مع نفسك، لا تبتغ محادثة أحد، بل بالحري اسكب صلاتك إلى الله بعبادة، لتحفظ قلبك في الانسحاق، وضميرك في الطهارة. ![]() احسب العالم كله كلا شيء، واجعل التفرغ لله، قبل جميع الأُمور الخارجية. فإنك لا تستطيع، في آنٍ واحد، أن تتفرغ لي وتلتذ في الأُمور الزائلة. ينبغي لك أن تبتعد عن معارفك وأحبائك، وأن تحفظ ذهنك خاليًا من كل تعزيةٍ زمنية. هكذا الرسول المغبوط بطرس، يستحلف المؤمنين بالمسيح، أن يحسبوا أنفسهم “كغرباء ونزلاء في هذا العالم″ (1بطرس 2: 11). ![]() 2 – ما أعظم ثقة المحتضر الذي لا يأسره في العالم حب شيءٍ البتة! أما أن يكون القلب مجردًا هكذا عن كل شيء، فذاك ما لا يفهمه بعد الروح السقيم، كما أن الإنسان الحيواني، لا يدرك حرية الإنسان الداخلي. على أنه إن رام أن يكون روحانيًا حقًا، فينبغي له أن يتجرد عن الأباعد، تجرده عن الأقارب، وأن لا يحذر أحدًا أكثر من نفسه. إن قهرت نفسك قهرًا كاملًا، هان عليك إخضاع الباقي. والغلبة الكاملة، إنما هي انتصار الإنسان على نفسه. فإن من كان متسلطًا على نفسه، بحيث يخضع حواسه لعقله، وعقله لي أنا في كل شيء، فذاك هو حقًا غالب نفسه وسيد العالم. ![]() 3 – فإن رمت البلوغ إلى هذه الذروة، فعليك أن تبدأ بشجاعةِ، وتجعل الفأس على أصل الشجرة. لكي تقتلع وتبيد الحب الحقيقي المنحرف، الذي يميل بك إلى نفسك، وإلى كل مصلحةٍ ذاتيةٍ ومادية. فإن الرذائل الواجب قمعها واستئصالها، تكاد جميعها تتعلق بهذه الرذلة، أي محبة الإنسان نفسه محبة منحرفة مفرطة، فإذا قهرها، وتغلب عليها تمتع في الحال بسلامٍ وطمأنينةٍ عظيمين. ولكن من حيث إن المجتهدين في إماتة أنفسهم بالتمام قليلون، بل هم لا يخرجون من ذواتهم على وجهٍ كامل، فإنهم يظلون مرتبكين في أنفسهم، ولا يستطيعون أن يرتفعوا بالروح فوق ذواتهم. أما من يرغب في السير معي بحرية، فلا بد له من أن يميت جميع أمياله الفاسدة المنحرفة، وأن لا يتعلق بمخلوقٍ البتة، تعلقًا شهوانيًا صادرًا عن حبٍ خاص. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 10 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() في اختلاف الحركات بين الطبيعة والنعمة 1 – المسيح: يا بني، لاحظ بتيقظ حركات الطبيعة والنعمة، فإنها، على تناقضها دقيقةٌ جدًا، وبالجهد يمكن الإنسان تمييزها، إن لم يكن رجلًا روحانيًا مستنيرًا في الداخل. لا شك أن الجميع يبتغون الخير، ويدعون بعض الخير في أقوالهم وأفعالهم، ولذلك كثيرون يغترون بظاهر الخير. ![]() 2 – الطبيعة ذات دهاء: تجذب كثيرين فتورطهم في حبائلها وتخدعهم، ولا غاية لها أبدًا سوى نفسها؛ أما النعمة فتسلك في البساطة، “متجنبة كل شبه شر″ (تسالونكيين 5: 22): لا تنصب الأشراك، بل تصنع كل شيء محضًا لأجل الله، الذي فيه تستريح كما في غايتها. ![]() ![]() 3 – الطبيعة تأبى أن تُمات وأن تضغط، وأن تقهر وتذلل، وأن تخضع بطيبة نفس. أما النعمة، فتعكف على إماتة الذات ومقاومة الحواس، تطلب الخضوع، وترغب في أن تقهر، ولا تريد أن تستعمل حريتها الخاصة، تحب البقاء تحت القانون، ولا تشتهي أن تتسلط على أحد، بل أن تكون وتعيش وتبقى في طاعة الله، لا بل هي مستعدةٌ لأن “تخضع، بتواضع، لكل خليقةٍ بشرية″ (1بطرس 2: 13)، من أجل الله. ![]() 4 – الطبيعة تشتغل لأجل منفعتها الخاصة، وتلاحظ الربح الذي يعود لها من الآخرين. أما النعمة، فلا تنظر إلى ما فيه نفعٌ وربحٌ لها، بل بالحري إلى ما يعود بالنفع على الكثيرين. ![]() 5 – الطبيعة ترتاح إلى قبول الإكرام والإجلال. أما النعمة، فترد بأمانةٍ إلى الله، كل مجدٍ وكرامة. ![]() 6 – الطبيعة تخشى الخزي والاحتقار. أما النعمة، “فتفرح باحتمال الإهانة لأجل اسم يسوع″ (أعمال 5: 41). ![]() 7 – الطبيعة تحب البطالة والراحة الجسدية. أما النعمة، فلا تستطيع البطالة، بل تعتنق العمل بارتياح. ![]() 8 – الطبيعة تطلب الحصول على ما كان طريفًا ظريفًا، وتكره الحقير الغليظ. أما النعمة، فتلتذ بالبسيط الوضيع، ولا تزدري الخشن، ولا تأنف من لبس الأطمار الرثة. ![]() 9 – الطبيعة تنظر إلى الزمنيات: فتفرح بالأرباح الأرضية، وتحزن للخسائر، وتغضب لأقل كلمةٍ مهينة. أما النعمة، فتنظر إلى الأبديات، ولا تتعلق بالزمنيات، لا تقلق لفقدان خيرٍ ما. ولا تستحر للكلام القاسي، لأنها في السماء قد جعلت كنزها وفرحها، هناك حيث لا شيء يبيد. ![]() 10 – الطبيعة جشعة، تؤثر الأخذ على العطاء، وتحب الأثرة والتفرد بالأُمور. أما النعمة، فرحيمةٌ تشرك الآخرين، تجتنب الأثرة، وتقنع بالقليل، وترى أن “العطاء أعظم غبطة من الأخذ″ (أعمال 20: 35). ![]() 11 – الطبيعة تميل إلى الخلائق وإلى الجسد وإلى الأباطيل، وإلى التجول. أما النعمة، فإنها تجذب إلى الله، وتستحث على الفضائل، وتزهد في الخلائق، وتهرب من العالم، وتبغض شهوات الجسد، وتقل من الجولان، وتستحي من الظهور بين الناس. ![]() 12 – الطبيعة ترتاح إلى بعض التعزيات الخارجية، مما فيه لذةٌ للحواس. أما النعمة، فتطلب التعزية في الله وحده، واللذة في الخير الأسمى، فوق جميع المنظورات. ![]() 13 – الطبيعة تعمل كل شيءٍ لأجل الربح والمصلحة الشخصية، ولا تستطيع أن تعمل شيئًا ما مجانًا، بل تأمل من إحسانها ما يعادله أو يفوقه -مديحًا كان أم حظوة- وهي تبتغي أن تقدر فعالها وهباتها أعظم تقدير. أما النعمة، فلا تطلب شيئًا زمنيًا، ولا تقتضي، كمكافأةٍ لها، ثوابًا آخر إلا الله وحده، ولا تشتهي من لوازم الحياة الزمنية، إلا بمقدار ما كان نافعًا لها، لتحصيل الخيرات الأبدية. ![]() 14 – الطبيعة تفر بكثرة الأصدقاء والأقارب، وتفتخر بسمو المنزلة وشرف الأصل، تبسم للمقتدرين وتتملق الأغنياء، وتصفق لأمثالها. أما النعمة، فتحب حتى أعداءها، ولا تترفع لكثرة الأصدقاء، ولا تحسب حسابًا لعلو المنزلة أو شرف المولد، إلا إذا كان ثمة فضيلةٌ أعظم. تؤثر الفقير على الغني، وتشفق على البريء أكثر مما على المقتدر، تفرح بذي الصدق لا بالكذوب، وتحث دومًا أهل الصلاح على “التنافس في المواهب الفضلى″ (1كورنثيين 12: 31)، وعلى التشبه بابن الله في الفضائل. ![]() 15 – الطبيعة تتذمر سريعًا من العوز والضيق. أما النعمة، فتصبر على الفاقة بجلد. ![]() 16 – الطبيعة تعكس كل شيءٍ إلى ذاتها، ومن أجل ذاتها تقاتل وتجادل. أما النعمة، فإنها تعيد كل الأشياء إلى الله، مصدرها الأصلي، ولا تنسب لنفسها شيئًا من الصلاح، لا تدعي شيئًا بعجرفة، ولا تخاصم، ولا تفضل رأيها على رأي الآخرين، بل تخضع، في جميع أحكامها وأفكارها، للحكمة الأزلية، والقضاء الإلهي. ![]() 17 – الطبيعة ترغب في معرفة الأسرار وسماع الأخبار، تريد أن تظهر في الخارج، وأن تختبر بحواسها أُمورًا كثيرة، وهي تبتغي الشهرة، وعمل ما ينتج منه المديح والإعجاب. أما النعمة، فلا تكترث للاطلاع على الأخبار والأُمور المستطرفة، لأن ذلك كله وليد الفساد القديم، إذ لا شيء جديدٌ أو دائم على الأرض. فهي تعلم الإنسان أن يقمع حواسه، وأن يتحاشى عن العجب الباطل وعن حب الظهور، وأن يخفي، عن تواضع، ما كان جديرًا بالمديح والإعجاب، وأن يتوخى، من كل شيءٍ وفي كل علم، ثمرة الإفادة، مع حمد الله وإكرامه. ولا تريد أن يتحدث عنها ولا عما يخصها، بل تبتغي أن تبارك الله في مواهبه، لأنه يمنح كل شيءٍ عن محبةٍ خالصة. ![]() 18 – إن هذه النعمة هي نورٌ فائق الطبيعة، وموهبةٌ خصوصيةٌ من الله، هي حقًا ختم المختارين، وعربون الخلاص الأبدي، ترفع الإنسان من الأرضيات إلى حب السماويات، وتحوله من جسديٍ إلى روحاني. فبمقدار ما تذل الطبيعة وتقهر، يتزايد فيضان النعمة، ويتجدد الإنسان الداخلي كل يومٍ على صورة الله، بفضل افتقاداتٍ جديدة. |
||||
![]() |
![]() |
|