رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الأنبا أنطونيوس الكبير أولًا: سيرته* إذ سمع الشاب أنطونيوس كلمات السيد المسيح في الكنيسة: "إن أردت أن تكون كاملًا فأذهب وبع كل ما لك ووزعه على الفقراء وتعال اتبعني" خرج ليتمم الوصية حرفيًا، ممارسًا الحياة النسكية على ضفاف النيل. * بعد 15 عامًا انطلق إلى البرية الداخلية وسكن في مغارة على جبل القلزم، شمال غربي البحر الأحمر حيث قضى 20 عامًا في حياة الوحدة.. لكن سرعان ما التف حوله الكثيرون يمارسون حياة الوحدة متمثلين به، ومسترشدين بنصائحه، تنيح سنة 356 م.، وقد بلغ 105 عامًا ن وكان في كامل صحته * دعاه القديس أثناسيوس "رجل الحكمة الإلهية" ورجل النعمة والتهذيب. * إذ كان البعض يتعجب لحكمته بالرغم من عدم معرفته القراءة والكتابة. * كان يقول: "حسنًا، ماذا تقولون؟ أيهما جاء أولًا: العقل أم حروف الكتابة؟ وأيهما عله الآخر العقل علة الحرف؟ أم الحرف علة العقل؟ فإذ يجيبون أن العقل هو أولًا وانه مصدر الحروف، يقول: "من كان له عقل سليم فلا يحتاج إلى حروف!" * جاء في "تاريخ الكنيسة" لسقراط أن الفلاسفة سألوا القديس أنطونيوس عن حياته كيف يمارسها دون تعزية الكتب، فأجابهم: كتابي أيها الفلاسفة هو الطبيعة، ففيها اقرأ لغة الله. * يقول البابا أثناسيوس: "اقتنى أنطونيوس الشهرة لا من كتابات، ولا من حكمة عالمية، ولا من أي فن، إنما من خدمته لله". * دعاه البابا أثناسيوس "طبيبًا وهبه الله لمصر". جاءت إليه وفود لا تنقطع من كل أنحاء الدولة الإمبراطورية، من كهنة ونساك وشعب، البعض يطلبون مشورته في أمور معينة، والآخرون يرغبون في مجرد الاقتراب إليه ليتعلموا من صمته، إذ يجدون في شخصه رجاءً جديدًا في حياتهم. * يحسب أبًا للعائلة الرهبانية في العالم كله، غير تاريخ الكنيسة، وسحب قلوب كهنة كثيرين وجدوا أبواب القصر الإمبراطوري مفتوحًا أمامهم ومظاهر الترف بين أيديهم، ليستعذبوا حياة البرية وينشغلوا بالمجد الداخلي الخفي. |
03 - 06 - 2014, 04:32 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الأنبا أنطونيوس الكبير
ثانيًا: أهمية كتاباته
* إن كانت الكتابات المنسوبة إليه هي بأكملها له، أو جزء منها لأحد تلاميذه فإنها بلا شك تكشف عن روح الحركة الرهبانية الكنسية في بدء انطلاقها. * كتابات القديس أنبا أنطونيوس أوضحت الفكر الرهباني كفكر إنجيلي حي، يقوم على عمل الروح القدس الناري في تقديس الإنسان بكليته: جسدًا وروحًا متى كان جادًا في جهاده الروحي، متجاوبًا مع عمل النعمة الإلهية المجانية. 1- يسجل لنا مؤسس نظام الوحدة نظرته الرهبانية الحية. إنها ليست وحدة انعزال عن البشرية، بل اتحاد مع الله محب البشر.. يحمل الراهب الحب لكل البشرية وفي وحدته وسكونه. 2- يقدم لنا كمؤسس لنظام الوحدة نظرته المقدسة للجسد، مع تحذيرنا من شهواته. 3- المعرفة في فكره ليست أمرًا عقلانيًا بحتًا، لكنها خبرة معاشة بروح الله العامل فينا.. هذا ما كرره مثيرا في رسالته لأبنائه الرهبان. * وإني أتركك مع ما ورد في الفيلوكاليا من كتابات القديس لكي تتلمس مفاهيمه الروحية واللاهوتية العميقة بأسلوب بسيط عذب. |
||||
03 - 06 - 2014, 04:32 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الأنبا أنطونيوس الكبير
ثالثًا: توجيهات لأبينا القديس العظيم الأنبا أنطونيوس عن الحياة في المسيح في الفيلو كاليا.
1- في رأيي أن نعمة الروح القدس تكون دائمًا مستعدة أن تملأ أولئك الذين يمارسون العمل الروحي من كل قلوبهم وأن يحددوا من البداية أن يقفوا ثابتين ولا يعطون مكانًا مطلقًا في أي معرفة حتى ينتصروا عليه. * لذلك فإن الروح القدس الذي دعاهم من البداية يجعل كل الأشياء سهلة لهم لكي يلذذ لهم في البداية عمل التوبة وأخيرًا يكشف لهم طرقه في كمال الحق. ويساعدهم في كل شيء ويدفعهم لأعمال التوبة التي يجب أن يمارسوها ويضع أمامهم الأشكال والحدود لكل من الجسد والنفس حتى يجعل كليهما يتجه نحو الله خالقهم. لأن الهدف هو حث كل من الجسد والنفس على الجهاد لكي يتقدس كلاهما ويكون كلاهما مستحقًا ليرث الحياة الأبدية. لكي يجهد الجسد في الصوم الدائم والعمل والسهر المستمر والروح أيضًا في التدريبات الروحية واليقظة في كل ممارسات الخدمة التي تمارس خلال الجسد. وهذه الممارسات التي يجب أن تكون في خوف الله وبحماس في كل أعمال الجسد إذ ما أردنا أن نحصل على الثمار. (من الرسالة الأولى). |
||||
03 - 06 - 2014, 04:33 PM | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الأنبا أنطونيوس الكبير
2- إن قيادة الإنسان التائب هي لممارسة العمل الروحي، فإن الروح القدس الذي قاد ذلك الإنسان للتوبة هو الذي يمنحه أيضًا التعزيات وأن يعلمه ألا يرتد للخلف ولا يرتبط بأي شيء من أشياء هذا العالم. ولهذه النهاية فإنه يفتح عيني النفس ويجعلها تبصر جمال الطهارة التي يصل إليها خلال أعمال التوبة وبهذا الأسلوب فإن الروح القدس يزرع فيه الحماس لإكمال تطهير النفس والجسد. لأن الاثنين (النفس والجسد) يجب أن يكونا واحدًا في الطهارة لأن هذه هي تعاليم وقيادة الروح القدس. وهو أن يظهرها بالتمام وأن يعود بها إلى حالتها الأولى التي كانا عليه قبل السقوط وذلك عن طريق سحق كل أعمال الزنا التي زرعها حسد الشيطان. وعندئذ لا يبقى أي عمل من أعمال الشياطين فيهم. وعندئذ يصير الجسد خاضعًا ومطيعًا لما يمليه العقل في كل شيء والعقل يسود على الجسد لتحديد طعامه وشرابه ونومه وكل فعل من أعماله ودائمًا يتعلم من الروح القدس كيف يسود على الجسد ويقود الجسد للخضوع. |
||||
03 - 06 - 2014, 04:33 PM | رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الأنبا أنطونيوس الكبير
3- إنه معروف أن الجسد له ثلاث تحركات شهوانية، التحرك الأول من الطبيعة الموجودة في الجسد وهو لا يوجه أي خطية بدون موافقة النفس وفقط يجب أن تعرف أنه موجود في الجسد ذلك التحرك الطبيعي والتحرك الثاني الموجود في الجسد الذي يتولد من الأكل والشرب الزائد حين تتولد حرارة الدم فإن الجسد يثور لكي يحارب ضد النفس ويحثها نحو الشهوة الدنسة. حيث يقول الرسول بولس: "لا تسكروا بالخمر الذي فيه الخلاعة" (أف 18:5)، وهكذا فإن الرب يطلب من تلاميذه في الإنجيل: "فاحترزوا لأنفسكم لئلا تثقل قلوبكم في خمار وسكر" (لو 34:21) ولأولئك الرهبان والنشطاء لكي يصلوا إلى قامة الملء في القداسة والطهارة يجب أن ينتبهوا دائمًا لكي يحفظوا أنفسهم حتى يقولوا مع الرسول بولس: "أقمع جسدي وأستعبده" (1كو 27:9) أما التحرك الثالث فإنه يأتي من الأرواح الشريرة التي تحاربنا بدافع الحسد وتحاول أن تضعف أولئك الذين وجدوا الطهارة أو لكي تطرح من طريق الطهارة أولئك الذين يرغبون أن يدخلوا في باب الطهارة. |
||||
03 - 06 - 2014, 04:33 PM | رقم المشاركة : ( 6 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الأنبا أنطونيوس الكبير
4- مع ذلك لو أن الإنسان سلم نفسه بالصبر والإيمان غير المنحرف نحو تنفيذ وصايا الله، فإن الروح القدس سوف يعلم عقله كيف يطهر نفسه وجسده من مثال هذه الإثارات. ولكن لو حدث في أي وقت أنه ضعف في شعوره وسمح لنفسه أن يهمل الوصايا والأوامر التي يتلقاها فإن الأرواح الشريرة سوف تبدأ أن تصرعه وسوف تضغط على كل أجزاء الجسد وسوف تقودها إلى الإثارة حتى تقود النفس إلى حالة لا تستطيع فيها أن ترجع وفي يأس النفس سوف لا تعرف كيف تأتى المعونة. ولكن في تعقلها سوف ترجع ثانية إلى الوصايا وسوف تحمل النير وتخضع للروح القدس وسوف تقتنى تدبير الوحدة وعندئذ سوف تفهم النفس أنها يجب أن تطلب السلام في الله فقط، وهذا هو فقط السلام الممكن الحصول عليه. |
||||
03 - 06 - 2014, 04:34 PM | رقم المشاركة : ( 7 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الأنبا أنطونيوس الكبير
5- إن الجهاد لأجل نوال الطهارة الكاملة هو ما نحتاج إليه لكي نحمل أتعاب التوبة في كل من النفس والجسد بتوافق وتساوى. وحينما ينال العقل مثل هذه النعمة فإنه يستطيع أن يدخل معركة الجهاد ضد الشهوات بدون الانغماس الذاتي وسوف ينال العقل التوجيهات والتعزيات من الروح، وبمساعدة الروح القدس فإنه بنجاح ينزع من النفس كل حركات النجاسة التي تأتى من شهوات القلب. إنه بالإتحاد مع العقل أو مع نفسه والروح القدس فإن هذه الروح تساعد الإنسان في تنفيذ الوصايا التي يكون قد تعلمها بأن توجهه بأن ينزع من النفس كل الشهوات سواء تلك التي تأتى من الجسد أو من ذواتها وتوجد مستقلة في الجسد. وهى تعلم الإنسان أن يحفظ كل جسده مطيعًا (للوصية) من الرأس حتى القدم، وأن يعلم عينيه أن تنظر بطهارة وأذنيه أن تصغيا بسلام وأن لا تتلذذا بالوشايات والإدانات وذم الآخرين وأن يعلم لسانه ألا يقول إلا الصالح وأن يزن كل كلمة وألا يسمح لأي كلمة شهوانية أو غير طاهرة أن تمتزج بحديثه وأن يتحرك اللسان أولًا لكي يرتفع في الصلاة ولأعمال الرحمة، وإن يعلم المعدة أن تتناول الطعام والشراب بمقدار وألا تسمح إلا بتناول ما هو ضروري فقط لكي تعول الجسد ولا تدع الشهوة أو النم يتسرب إليها. وأن تعلم القدم أن تسير في البر حسب مشيئة الله هادفة لخدمة الأعمال الصالحة، وبهذا الأسلوب فإن الكل يتعود لكل صلاح وأن يخضع لقوة الروح القدس وبالتدريج فإنه سوف يتغير حتى يصل في النهاية أن يشترك في ذلك القياس في ذلك الجسد الروحاني الذي سوف تأخذه في القيامة العادلة. |
||||
03 - 06 - 2014, 04:34 PM | رقم المشاركة : ( 8 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الأنبا أنطونيوس الكبير
6- بكل قوتي أصلى إلى الله من أجلكم لكي يرسل إلى قلوبكم ذلك الروح الناري الذي من أجله جاء الرب يسوع لكي يرسله للأرض (لو 49:12) حتى يكون لديكم القدرة أن تسيطروا بالحق على مقاصدكم وحواسكم وأن تميزوا بين الخير والشر. 7- حينما تهب الريح بهدوء فإن كل بحّار يستطيع أن يفكر في نفسه أنه شيء ويفتخر بمهارته ولكن فقط التغير المفاجئ للريح هو الذي يكشف مهارة البحارة. 8- إن الله يقود الكل خلال عمل نعمته ولذلك لا تكن كسلانًا أو متبلدًا ولكن أدعُ الله نهارًا وليلًا لكي يرسل لك الله محب البشر معونة من فوق لكي يعلمك ما يجب أن تفعله " لا تعطوا لأعينكم نومًا ولا لأجفانكم نعاسًا" (مز 131:4) وفي حماسك حتى تقدم نفسك طاهرة كتقدمة طاهرة حتى نراه " اتبعوا السلام مع الجميع والقداسة التي بدونها لن يرى أحد الرب، كما يقول الرسول بولس (عب 14:12). |
||||
03 - 06 - 2014, 04:34 PM | رقم المشاركة : ( 9 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الأنبا أنطونيوس الكبير
9- دعنا نستيقظ من النوم طالما نحن ما نزال في الجسد. دعنا نصرخ على أنفسنا ونبكى على ذواتنا من كل قلوبنا ليلًا ونهارًا لكي نتحرر من العذاب الرهيب والبكاء والعويل والنار التي لا نهاية لها. ليتنا نحذر من الباب الواسع والطريق الذي يقود للهلاك الذي يسير فيه الكثيرون ولكن دعنا نسير في الباب المستقيم والطريق الضيق الذي يقود للحياة وقليلون هم الذين يسيرون فيه. والذين يتبعون ذلك الطريق الأخير هم الفعلة الحقيقيون الذين يحصلون على المكافأة لجهادهم بفرح وسوف يرثون الملكوت. وأما أولئك الذين لم يستعدوا بعد للاقتراب منه فأنا أتوسل إليهم ألا يصيرون مهملين مادام يوجد وقت لئلا يجدوا أنفسهم في ساعة الاحتياج بلا زيت ولا يجدون من يبيع لهم. وهذا ما حدث للخمس عذارى الجاهلات اللاتي لم يجدن من يشترون منه وعندئذ صرخن وبكين قائلات: "يا سيد يا سيد أفتح لنا فأجاب وقال الحق أقول لكن إني ما أعرفكن" (مت 11:25-12) وهذا قد حدث للخمس عذارى الجاهلات ليس لسبب أخر غير الجسد. إنهن نمن أخيرًا وبدأن تشغلن أنفسهن ولكن بلا فائدة لأن رب البيت قد جاء وأغلق الباب كما هو مكتوب. |
||||
03 - 06 - 2014, 04:34 PM | رقم المشاركة : ( 10 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الأنبا أنطونيوس الكبير
رابعًا: من كتاب سيرة الأنبا أنطونيوس بقلم الأنبا أثناسيوس:
* نستقى من تعاليم الأنبا أنطونيوس من خلال ما كتبه الأنبا أثناسيوس عن حياته... نقطتف هذا الجزء. * وفي أحد الأيام إذ خرج، لأن جميع الرهبان اجتمعوا إليه وطلبوا أن يسمعوا كلماته وخاطبهم باللغة المصرية قائلًا إن الأسفار المقدسة كافية للتعلم ولكنه جميل تشجيع الواحد لآخر في الإيمان وإنهاضه بالكلام لذلك أطلب كبنين أن تحملوا ما تعرفونه إلى أبيكم، وأنا كأخيهم الأكبر أشارككم معرفتي وما علمني إياه الاختبار، ليكن الهدف العام للجميع بصفة خاصة أن لا تتراجعوا بعد أن بدأتم، أو تخور عزائمكم في الضيق ولا تقولوا: لقد عشنا طويلًا في النسك بل بالحري لنزدد غيرة كأننا كل يوم مبتدئين لأن كل حياة الإنسان قصيرة جدًا إن قيست بالدهور القادمة، ثم إن كان زماننا ليس شيئًا إن قيس بالحياة الأبدية. وفي العالم كل شيء يباع بثمنه، والإنسان يبادل السلعة بنظيرها، أما وعد الحياة الأبدية فيشترى بأمر زهيد جدًا لأنه مكتوب " أيام حياتنا فيها سبعون سنة وإن كانت مع القوة فثمانون سنة وما زاد على هذه فهو عناء وحزن " لذلك فحينما نعيش ثمانين سنة كاملة أو حتى مائة في النسك فإننا لا نملك مائة سنة فقط بل نملك إلى الأبد بدلًا من مائة سنة. ورغم أننا جاهدنا على الأرض فإننا لا ننال ميراثنا على الأرض بل ننال المواعيد في السماء وإذا ما خلعنا الجسد الفاسد نسترده غير فاسد. |
||||
|