|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
نبوات من سفر دانيال النبي، وحقيقة ملكوت السموات قال بعض الكتاب من الأخوة المسلمين أنَّ ما جاء في (دانيال 2) هو نبوّة عن ظهور الإسلام وامتداده، وقالوا أنَّ الممالك الأربع المذكورة في هذا الفصل هي الكلدانيون والمديانيون والفرس واليونان وأنَّ الإسكندر الكبير هزم الفرس وفرق شملها إلا أنها عادت على سابق مجدها فيما بعد وأخذت تضعف تارة ونقوى أخرى إلي زمن كسرى أنوشروان وبعد موت نبي المسلمين قصد إليها جيوش المسلمين وفتحوها، وفتحوا ما بين النهرين وفلسطين وعليه فمملكة الإسلام هي المقصودة بالمملكة التي خلفت الممالك الأربع وسادت على كل الأرض (دانيال2/44-45)(1).كما قالوا أيضًا: أنَّ نبوة دانيال المزدوجة: صورة التمثال كناية عن الشرك الذي أربعة ممالك وفي زمن الرابعة ينقطع حجر من جبل بغير يد قطعته فيسحق التمثال والممالك الوثنية التي تحمله. وأنَّ هذا الحجر الذي ضرب تمثال الشرك هو نبي المسلمين وملكوت الله هو الدولة الإسلامية المُقامة علي أنقاض الفرس والروم. وقالوا أيضًا أنَّ ابن الإنسان الآتي على السحاب في رؤيا دانيال النبي (دانيال7/13-14) يُشير إلى ملكوت نبي الإسلام الذي تأسّس في فلسطين عقب زوال دولة الروم!! يقول الأستاذ على الجوهري " واسأل نفسك ما المراد بابن الإنسان؟ وما هو المراد الملائكة القدّيسين؟ ألا تعتقد أنَّه تكلم عن محمد (صلعم)..." (2). استخدموا بعض أمثلة المسيح مثل مَثَل الكرمة والكرامين الأردياء(متّي21/23-46). (1) إظهار الحق: ج2،ص 227و228؛ " محمد في التوراة والإنجيل والقرآن" خليل أحمد إبراهيم ص39و40؛ أنظر أيضًا " حقيقة النصرانية من الكتب المقدّسة " علي الجوهري ص195. (2) حقيقة النصرانية من الكتب المقدّسة " علي الجوهري ص27و28. وحديث الرب يسوع المسيح عن حجر الزاوية (3)، وقالوا أنَّ هدا المثل يُشير إلى انتقال المُلك من بني إسرائيل إلى أمّة أخرى، هي أمّة بني إسماعيل!! بل وقال المستشار الطهطاوي " فالكرم كناية عن الأرض المقدسة – والكرامون هم بنو إسرائيل. فلما أرسل الله أنبياءه إليهم قتلوا بعضهم وخالفوا بعضًا آخر وعاندوا إلى أنْ أرسل الله سيدنا محمد عليه السلام الابن الوارث ليعقوب بن اسحق في الأرض المقدسة ليكون بنو إسرائيل معه ليؤمنوا به ويتبعوه لكنهم أخذوه خارج الكرم وقتلوه بحسب فهمهم أنهم قتلوا المسيح" (4)!! واستخدم مؤلّف كتاب إظهار الحق هذا المثل وعددًا آخر من أمثلة المسيح التي بها عبارة " يشبه ملكوت السموات"، وتبعه في ذلك البعض أيضًا، وقال أنَّها نبوّات عن دولة الإسلام ونبي المسلمين(5)!! وما قدمه هؤلاء الكتاب هنا مبنيّ على الهوي وبعيد عن فكر الكتاب المقدّس ومليء بالأخطاء الدينيّة والتاريخيّة!! وفيما يلي نقدّم التفسير الدقيق لهذه النبوّات. (3) يقول هذا المثل:" اِسْمَعُوا مَثَلًا آخَرَ: كَانَ إِنْسَانٌ رَبُّ بَيْتٍ غَرَسَ كَرْمًا وَأَحَاطَهُ بِسِيَاجٍ وَحَفَرَ فِيهِ مَعْصَرَةً وَبَنَى بُرْجًا وَسَلَّمَهُ إِلَى كَرَّامِينَ وَسَافَرَ. وَلَمَّا قَرُبَ وَقْتُ الأَثْمَارِ أَرْسَلَ عَبِيدَهُ إِلَى الْكَرَّامِينَ لِيَأْخُذَ أَثْمَارَهُ. فَأَخَذَ الْكَرَّامُونَ عَبِيدَهُ وَجَلَدُوا بَعْضًا وَقَتَلُوا بَعْضًا وَرَجَمُوا بَعْضًا. ثُمَّ أَرْسَلَ أَيْضًا عَبِيدًا آخَرِينَ أَكْثَرَ مِنَ الأَوَّلِينَ فَفَعَلُوا بِهِمْ كَذَلِكَ. فَأَخِيرًا أَرْسَلَ إِلَيْهِمُ ابْنَهُ قَائِلًا: يَهَابُونَ ابْنِي! وَأَمَّا الْكَرَّامُونَ فَلَمَّا رَأَوْا الاِبْنَ قَالُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ: هَذَا هُوَ الْوَارِثُ. هَلُمُّوا نَقْتُلْهُ وَنَأْخُذْ مِيرَاثَهُ! فَأَخَذُوهُ وَأَخْرَجُوهُ خَارِجَ الْكَرْمِ وَقَتَلُوهُ. فَمَتَى جَاءَ صَاحِبُ الْكَرْمِ مَاذَا يَفْعَلُ بِأُولَئِكَ الْكَرَّامِينَ؟، قَالُوا لَهُ: أُولَئِكَ الأَرْدِيَاءُ يُهْلِكُهُمْ هَلاَكًا رَدِيًّا وَيُسَلِّمُ الْكَرْمَ إِلَى كَرَّامِينَ آخَرِينَ يُعْطُونَهُ الأَثْمَارَ فِي أَوْقَاتِهَا. قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ فِي الْكُتُبِ: الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ. مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ كَانَ هَذَا وَهُوَ عَجِيبٌ فِي أَعْيُنِنَا؟ لِذَلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلَكُوتَ اللَّهِ يُنْزَعُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لأُمَّةٍ تَعْمَلُ أَثْمَارَهُ. وَمَنْ سَقَطَ عَلَى هَذَا الْحَجَرِ يَتَرَضَّضُ وَمَنْ سَقَطَ هُوَ عَلَيْهِ يَسْحَقُهُ" (متي21/33-44). (4) محمد نبي الإسلام في التوراة والإنجيل، ص34. (5) أنظر الجزء الأخير من الفصل السادس. (6) أنظر كتابنا إعجاز الوحي والنبوّة في سفر دانيال، الفصل السادس. أساسية هي الذهب والفضة والنحاس والحديد " رَأْسُ هَذَا التِّمْثَالِ مِنْ ذَهَبٍ جَيِّدٍ. صَدْرُهُ وَذِرَاعَاهُ مِنْ فِضَّةٍ. بَطْنُهُ وَفَخْذَاهُ مِنْ نُحَاسٍ. سَاقَاهُ مِنْ حَدِيدٍ. قَدَمَاهُ بَعْضُهُمَا مِنْ حَدِيدٍ وَالْبَعْضُ مِنْ خَزَفٍ. كُنْتَ تَنْظُرُ إِلَى أَنْ قُطِعَ حَجَرٌ بِغَيْرِ يَدَيْنِ فَضَرَبَ التِّمْثَالَ عَلَى قَدَمَيْهِ اللَّتَيْنِ مِنْ حَدِيدٍ وَخَزَفٍ فَسَحَقَهُمَا. فَانْسَحَقَ حِينَئِذٍ الْحَدِيدُ وَالْخَزَفُ وَالنُّحَاسُ وَالْفِضَّةُ وَالذَّهَبُ مَعًا وَصَارَتْ كَعُصَافَةِ الْبَيْدَرِ فِي الصَّيْفِ فَحَمَلَتْهَا الرِّيحُ فَلَمْ يُوجَدْ لَهَا مَكَانٌ. أَمَّا الْحَجَرُ الَّذِي ضَرَبَ التِّمْثَالَ فَصَارَ جَبَلًا كَبِيرًا وَمَلأَ الأَرْضَ كُلَّهَا" (دانيال2/32-35) وقد أوضح الله لدانيال النبي ومن خلاله لنبوخذ نصر أنه قد رمز في هذا الحلم وهذه الرؤيا بالمعادن الأربعة لأربع ممالك، إمبراطوريات، ستقوم على الأرض بالتتابع إلى أن يأتي في الأيام الأخيرة، وليس بعدها كما يظنّ البعض، ملكوت المسيح، والموصوف بالحجر الذي قطع بدون يدين. وقد رمز إلى كلّ إمبراطورية بمعدن خاص يبيّن جوهرها ويخلع عليها بعض الصفات التي ستكون السمة المعروفة بها ورمز للمسيح بحجر قطع بدون يدين. الإمبراطوريّة الأولى (بايل 626-539 ق.م.). قال دانيال في تفسيره لنبوخذ نصر " أَنْتَ أَيُّهَا الْمَلِكُ مَلِكُ مُلُوكٍ لأَنَّ إِلَهَ السَّمَاوَاتِ أَعْطَاكَ مَمْلَكَةً وَاقْتِدَارًا وَسُلْطَانًا وَفَخْرًا. وَحَيْثُمَا يَسْكُنُ بَنُو الْبَشَرِ وَوُحُوشُ الْبَرِّ وَطُيُورُ السَّمَاءِ دَفَعَهَا لِيَدِكَ وَسَلَّطَكَ عَلَيْهَا جَمِيعِهَا. فَأَنْتَ هَذَا الرَّأْسُ مِنْ ذَهَبٍ" (دانيال2/37-38)، وكما يقول دانيال النبي أنَّ الله " يُغَيِّرُ الأَوْقَاتَ وَالأَزْمِنَةَ. يَعْزِلُ مُلُوكًا وَيُنَصِّبُ مُلُوكًا" (دانيال2/21). وكما يقول موسى النبي أيضًا بالروح " حِينَ قَسَمَ اَلعَلِيُّ لِلأُمَمِ حِينَ فَرَّقَ بَنِي آدَمَ نَصَبَ تُخُومًا لِشُعُوبٍ" (تثنية32/8). يؤكّد الكتاب أيضًا أنَّ الله بحسب إرادته الإلهية وتدبيره الأزلي وعلمه السابق هو الذي أعطى نبوخذ نصر هذا السلطان. الإمبراطورية الثانية (مادي وفارس 539-331 ق م). " وَبَعْدَكَ تَقُومُ مَمْلَكَةٌ أُخْرَى أَصْغَرُ مِنْكَ" (الآية39) هذه المملكة، كما أجمع التقليد اليهودي والتقليد المسيحي هى مملكة " مادي وفارس". وليست مملكة الماديين كما زعم هؤلاء الكتاب والسفر نفسه يؤكد ذلك، إذ يقول لبيلشاصر ابن نبونيدس آخر ملوكها "قُسِمَتْ مَمْلَكَتُكَ وَأُعْطِيَتْ لِمَادِي وَفَارِسَ" (دانيال5/28). وقد وصفت في رؤيا دانيال الثانية بكبش ذو قرنين قال له الملاك " أَمَّا الْكَبْشُ الَّذِي رَأَيْتَهُ ذَا الْقَرْنَيْنِ فَهُوَ مُلُوكُ مَادِي وَفَارِسَ" (دانيال8/20). وهذا ما جاء بتفسيره كل من القديس جيروم(7) والقديس هيبوايتوس (8) وما قاله المؤرّخ والكاهن اليهودي يوسيفوس. ويصفها البعض بالمملكة الفارسية نظرًا لسيادة الفرس، كما جاء في سفر الأخبار " إلى أن ملكت مملكة فارس" (2أخبار36/20)، وكما يقول القديس هيبوليتوس أيضًا(9). الإمبراطورية الثالثة (اليونان 331-323 ق.م.): " وَمَمْلَكَةٌ ثَالِثَةٌ أُخْرَى مِنْ نُحَاسٍ فَتَتَسَلَّطُ عَلَى كُلِّ الأَرْضِ" (دانيال2/39). هذه المملكة أو الإمبراطورية الثالثة مذكورة بالاسم في سفر دانيال النبي وأنها ستخلف مادى وفارس " والتيس العافي " الذي هزم الكبش الذي يرمز إلى مادي وفارس " ملك اليونان" (دانيال8/21)، وهذا ما قال به القديس هيبوليتوس(10)، والقديس جيروم وغيره من المفسّرين(11). الإمبراطرية الرابعة (روما 58 ق.م. -476 م.): " وَتَكُونُ مَمْلَكَةٌ رَابِعَةٌ صَلِبَةٌ كَالْحَدِيدِ لأَنَّ الْحَدِيدَ يَدُقُّ وَيَسْحَقُ كُلَّ شَيْءٍ. وَكَالْحَدِيدِ الَّذِي يُكَسِّرُ تَسْحَقُ وَتُكَسِّرُ كُلَّ هَؤُلاَءِ" (دانيال2/40)، ويشير الحديد إلى القوة الصلبة الجبارة التي لا تُقهر، وهو يسحق ويفنى كل ماعداه من معادن أخرى، كما يشير إلى السيادة والتسلط (12). وقد رُمز بالحديد هنا إلى المملكة الرومانية لقوتها الشديدة التي سحقت بها كل إمبراطوريات التي سبقتها. وقد قارن أحد الكتاب القدماء الإمبراطورية الرومانية بإمبراطوريات العالم العظيمة التي سبقتها، وقد برهن على أنَّ الإمبراطورية الرومانية كانت أكثر قوةوأكثر سيادة من كل الممالك التي سبقتها(13). (7) Chr> Wordworth Vol. 6P.7 (8) Dan. 178. (9) ANF, Vol6 P.186. (10) Dan. 178. (11) Chr. Words. Dan p.8. فقد سحقت هذه الإمبراطورية بغزواتها الكثيفة في أوربا وآسيا وأفربقيا وكسرت كل الأمم التي كانت ما تزال محتفظة بعناصر السلالات الآشورية البابلية والمادية الفارسية واليونانية الماضية. وقد عُرفت الجيوش الرومانية بالجيوش الحديدية، واستخدم دانيال النبي كلمة " حديد " في وصف هذه الإمبراطورية 14 مرة. ومن ثمّ اعتقدت الكنيسة منذ فجرها بأنَّ هذه الإمبراطورية هي الإمبراطورية الرومانية، وكان هذا هو رأى أقدم الآباء الذين وصلتنا كتاباتهم عن سفر دانيال؛ مثل القديس إيريناؤس في القرن الثاني الميلادي والقديس هيبوليتوس في القرن الثالث والقديس جيروم في القرن الرابع وذهبي الفم في القرن الرابع أيضًا (347-403م)، ويقول أحد المفسّرين ويُدعى جوزيف ميدى Joseph Mede " اعتقدت الكنيسة اليهودية قبل زمن مخلصنا أنّض الإمبراطورية الرابعة في سفر دانيال هي الإمبراطورية الرومانية، وهذا المعتقد تسلّمه تلاميذ الرسل وكل الكنيسة المسيحية لمدة 300سنة" (14). المملكة الخامسة، مملكة القدّيسين: ثم جاءث المملكة الخامسة، في أيام الرابعة وليس بعدها، وهي مملكة غزت جميع هذه الإمبراطوريات وسادت عليها، ولكن روحيًا!! فلم تدمر هذه الإمبراطوريات وتلغي حكوماتها وسيطرتها كما فعلت كل إمبراطورية مع سابقتها، بل غزتهم جميعًا روحيًا. إنها مملكة المسيّا، المسيح المنتظر، والتي بدأت في أيام الإمبراطورية الرابعة واستمرّت في وجودها أيضًا، إذ تقول النبوّة في الحلم والرؤيا " وَفِي أَيَّامِ هَؤُلاَءِ الْمُلُوكِ يُقِيمُ إِلَهُ السَّمَاوَاتِ مَمْلَكَةً لَنْ تَنْقَرِضَ أَبَدًا وَمَلِكُهَا لاَ يُتْرَكُ لِشَعْبٍ آخَرَ وَتَسْحَقُ وَتُفْنِي كُلَّ هَذِهِ الْمَمَالِكِ وَهِيَ تَثْبُتُ إِلَى الأَبَدِ" (دانيال2/44). أنها مملكة المسيح الروحية التي انتشرت بالكرازة بالإنجيل للخليقة كلها وليس بقوّة السيف والجيوش "لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ السَّيْفَ بِالسَّيْفِ يَهْلِكُونَ!" (متي26/52). وليست مثل الممالك الأخرى التي انتشرث بالغزوات والمعارك الحربية وقوه الجيوش!! (13) Chr. Words. Dan p.8. (14) Ibid. وكانت الإمبراطورية الرومانية أكثر استمرارية من الإمبراطوريات التي سبقتها، فقد دامت واستمرّت 500سنة كإمبراطورية موحّدة وغير منقسمة، سواء عندما كانت وثنية أو بعدما تحولت إلى المسيحية، واستمرت بقسميها الشرقي والغربي إلى سنة 1453م عندما استولى الأتراك على القسطنطينية، واستمر القسم الغربي المسيحي منها من خلال بقية دول أوربا حتى اليوم، وهذه الدول نقلت حضارتها وديانتها المسيحية وجزء كبير من شعبها إلى الأمريكتين واستراليا بعد اكتشافها، حتى صاروا كجزء منها، بل ونقلوا حضارتهم وديانتهم المسيحية إلى كل المسكونة.ولم تتوقف المسيحية عن الانتشار بظهور الإسلام حتى يمكن أن يقال أنه حل محلها، بل العكس تمامًا حيث ينضم إلى المسيحية في كل بلاد العالم، حاليًا، مئات الألوف في اليوم الواحد، كما أن نسبة نمو المسيحية في العالم اليوم هي 6.9%، بما يعادل نسبة نمو السكان ثلاثة أضعاف. 2- الحجر الذي قطع بدون يدين والحجر الذي رفضه البناؤون: قال دانيال النبى في إعلانه لما جاء برؤياه وحلم نبوخذ نصر " كُنْتَ تَنْظُرُ إِلَى أَنْ قُطِعَ حَجَرٌ بِغَيْرِ يَدَيْنِ فَضَرَبَ التِّمْثَالَ عَلَى قَدَمَيْهِ اللَّتَيْنِ مِنْ حَدِيدٍ وَخَزَفٍ فَسَحَقَهُمَا. فَانْسَحَقَ حِينَئِذٍ الْحَدِيدُ وَالْخَزَفُ وَالنُّحَاسُ وَالْفِضَّةُ وَالذَّهَبُ مَعًا وَصَارَتْ كَعُصَافَةِ الْبَيْدَرِ فِي الصَّيْفِ فَحَمَلَتْهَا الرِّيحُ فَلَمْ يُوجَدْ لَهَا مَكَانٌ. أَمَّا الْحَجَرُ الَّذِي ضَرَبَ التِّمْثَالَ فَصَارَ جَبَلًا كَبِيرًا وَمَلأَ الأَرْضَ كُلَّهَا" (دانيال2/34-35). وقال في التفسير " وَفِي أَيَّامِ هَؤُلاَءِ الْمُلُوكِ يُقِيمُ إِلَهُ السَّمَاوَاتِ مَمْلَكَةً لَنْ تَنْقَرِضَ أَبَدًا وَمَلِكُهَا لاَ يُتْرَكُ لِشَعْبٍ آخَرَ وَتَسْحَقُ وَتُفْنِي كُلَّ هَذِهِ الْمَمَالِكِ وَهِيَ تَثْبُتُ إِلَى الأَبَدِ. 45لأَنَّكَ رَأَيْتَ أَنَّهُ قَدْ قُطِعَ حَجَرٌ مِنْ جَبَلٍ لاَ بِيَدَيْنِ فَسَحَقَ الْحَدِيدَ وَالنُّحَاسَ وَالْخَزَفَ وَالْفِضَّةَ وَالذَّهَبَ" (دانيال2/44-45). هذا الحجر الذي قطع بدون يدين وسحق كل هذه الممالك وملأ ملكوته الأرض كلها، كما يؤكد الكتاب المقدس هو المسيح وليس نبي الإسلام كما قال بعض هؤلاء الكُتاب!!! فقد وصف في نبوّات داود بحجر الزاوية "الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ. مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ كَانَ هَذَا وَهُوَ عَجِيبٌ فِي أَعْيُنِنَا" (مزمور118/22-23)، وفي نبوات إشعياء النبي بحجر الامتحان " لِذَلِكَ هَكَذَا يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هَئَنَذَا أُؤَسِّسُ فِي صِهْيَوْنَ حَجَرَ امْتِحَانٍ حَجَرَ زَاوِيَةٍ كَرِيمًا أَسَاسًا مُؤَسَّسًا. مَنْ آمَنَ لاَ يَهْرُبُ" (إشعياء28/16)، وقال القديس بطرس في خطابه لرؤساء اليهود أن هذا الحجر هو الرب يسوع المسيح " فَلْيَكُنْ مَعْلُومًا عِنْدَ جَمِيعِكُمْ وَجَمِيعِ شَعْبِ إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ بِاسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ النَّاصِرِيِّ الَّذِي صَلَبْتُمُوهُ أَنْتُمُ الَّذِي أَقَامَهُ اللهُ مِنَ الأَمْوَاتِ بِذَاكَ وَقَفَ هَذَا أَمَامَكُمْ صَحِيحًا. هَذَا هُوَ الْحَجَرُ الَّذِي احْتَقَرْتُمُوهُ أَيُّهَا الْبَنَّاؤُونَ الَّذِي صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ" (أعمال4/10-11)، وقال في رسالته الأولى "الَّذِي إِذْ تَأْتُونَ إِلَيْهِ، حَجَرًا حَيًّا مَرْفُوضًا مِنَ النَّاسِ، وَلَكِنْ مُخْتَارٌ مِنَ اللهِ كَرِيمٌ،" (1بطرس2/4). وهذا كان إيمان اليهود قبل المسيح إذ أجمعوا على أنَّ الحجر الذي قُطع بدون يدين في سفر دانيال النبي هو المسيح المنتظر، يقول توماس سكوت " وقد أجمع اليهود بدون لإستثناء أنَّ المقصود بهذا الحجر هنا هو المسيا" (15). وقال كاندلر الذي أيد رأيه باقتباسات من كتابات كثيرة للربيين اليهود: [ أسأل اليهود، ما المقصود بالحجر؟ فيجيبون كرجل واحد؛ المسيا. أسأل عن التمثال الذي حطمه الحجر على أصابعه، فيقولون بالإجماع: إنَّها الإمبراطورية الرومانية. أطلب المعنى المقصود بمملكة الجبل؛ فيتفقون على إنها مملكة المسيا التي ستمتد بنفسها، وتُخضع كل الممالك وتكون مملكة أبدية. فهكذا تعلم الشعب، وكان مُعدّ أنْ يسمع من يوحنا المعمدان ومن ربنا المبارك يسوع المسيح، الحديث عن " ملكوت السموات " ](16). وهذا كان أيضًا إيمان الكنيسة الذي استلمته من رسل المسيح وتلاميذهم. وقد أجمع آباء الكنيسة علي أنَّ عبارة "قُطِعَ بغير يدٍ" تعني ولادة الرب يسوع المسيح بدون زرع بشر، إنَّه الحجر الذي قطع بغير يدين لأنه لم يولد كسائر مواليد البشر إنَّما ولد من الروح القدس، بعمل الروح القدس، كما يقول: القديس إريناؤس(17) والقديس يوستينوس (18) والقديس جيروم(19) والقديس أغسطينوس(20). وقد رأوا في قوله " أما الحجر الذي ضرب التمثال فصار جبلًا كبيرًا وملأ الأرض كلها " إعلان عن ملكوت المسيح الذي يمتد من مجيئه الأول إلى مجيئه الثاني وقيامة الأبرار، فيقول القديس إريناؤس: "المسيح هو الحجر الذي قطع بغير (15) Scott P. Dan. V. 34,35. (16) Chr. Words. Dan p.8. (17) Ag. Her. 3:28. (18) Dial. Tryph. 70, 76. (19) Chr. Words. Dan p.8. (20) Augst. Lect. 9 on Joann.. 3- من هو ابن الإنسان؟ قال دانيال النبي " كُنْتُ أَرَى فِي رُؤَى اللَّيْلِ وَإِذَا مَعَ سُحُبِ السَّمَاءِ مِثْلُ ابْنِ إِنْسَانٍ أَتَى وَجَاءَ إِلَى الْقَدِيمِ الأَيَّامِ فَقَرَّبُوهُ قُدَّامَهُ. فَأُعْطِيَ سُلْطَانًا وَمَجْدًا وَمَلَكُوتًا لِتَتَعَبَّدَ لَهُ كُلُّ الشُّعُوبِ وَالأُمَمِ وَالأَلْسِنَةِ. سُلْطَانُهُ سُلْطَانٌ أَبَدِيٌّ مَا لَنْ يَزُولَ وَمَلَكُوتُهُ مَا لاَ يَنْقَرِضُ" (دانيال7/13-14). فمن هو ابن الإنسان هذا؟، هل هو المسيح أم هو نبي المسلمين كما زعم هؤلاء الكتاب؟. يقول لنا الكتاب أنَّه الرب يسوع المسيح الذي سوف يأتي على السحاب كما قال مشيرًا إلى نفسه عندما سأله رئيس الكهنة قائلًا "أَسْتَحْلِفُكَ بِاللَّهِ الْحَيِّ أَنْ تَقُولَ لَنَا: هَلْ أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ؟. قَالَ لَهُ يَسُوعُ: أَنْتَ قُلْتَ... أَنَا هُوَ وَأَيْضًا أَقُولُ لَكُمْ: مِنَ الآنَ تُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ جَالِسًا عَنْ يَمِينِ الْقُوَّةِ وَآتِيًا عَلَى سَحَابِ السَّمَاءِ" (متي26/63-64؛ مرقس14/62)، وأما عن السلطان الذي أعطي يقول الرب يسوع المسيح عن نفسه" كُلُّ شَيْءٍ قَدْ دُفِعَ إِلَيَّ مِنْ أَبِي" (متي11/27)، وأيضًا "دُفِعَ إِلَيَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ" (متي28/18)، "اَلآبُ يُحِبُّ الاِبْنَ وَقَدْ دَفَعَ كُلَّ شَيْءٍ فِي يَدِهِ" (يوحنا3/35). وقد ورد لقب " ابن الإنسان " في العهد الجديد حوالي 83 مرة، فقد ورد في الإنجيل بحسب للقديس متى 30 مرة، وفي الإنجيل بحسب القديس مرقس 13 مرة، وفي الإنجيل بحسب القدس لوقا 15مرة، وفي الإنجيل بحسب القدس يوحنا 11 مرة 0ومرة واحدة فقط في سفر أعمال الرسل، (21) ANF vol. 5:187. عندما سأل تلاميذه ماذا يقول الناس عنه قال لهم " مَنْ يَقُولُ النَّاسُ إِنِّي أَنَا ابْنُ الإِنْسَانِ؟" (متي16/13). " وَابْتَدَأَ يُعَلِّمُهُمْ أَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ يَنْبَغِي أَنْ يَتَأَلَّمَ كَثِيرًا وَيُرْفَضَ مِنَ الشُّيُوخِ وَرُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ وَيُقْتَلَ وَبَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ يَقُومُ" (مرقس8/31)، " لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ أَيْضًا لَمْ يَأْتِ لِيُخْدَمَ بَلْ لِيَخْدِمَ وَلِيَبْذِلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً عَنْ كَثِيرِينَ" (مرقس10/45)، وقال ليهوذا عندما جاء ليسلّمه " يَا يَهُوذَا أَبِقُبْلَةٍ تُسَلِّمُ ابْنَ الإِنْسَانِ؟" (لو22/48)، كما قال للجموع " لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ قَدْ جَاءَ لِكَيْ يَطْلُبَ وَيُخَلِّصَ مَا قَدْ هَلَكَ" (لو19/10)، وأيضًا " فَإِنْ رَأَيْتُمُ ابْنَ الإِنْسَانِ صَاعِدًا إِلَى حَيْثُ كَانَ أَوَّلًا" (يوحنا6/62)، وقال لنيقوديموس "وَلَيْسَ أَحَدٌ صَعِدَ إِلَى السَّمَاءِ إِلاَّ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ ابْنُ الإِنْسَانِ الَّذِي هُوَ فِي السَّمَاءِ" (يوحنا3/13)، وقال عن مجيئه على السحاب " وَحِينَئِذٍ تَظْهَرُ عَلاَمَةُ ابْنِ الإِنْسَانِ فِي السَّمَاءِ. وَحِينَئِذٍ تَنُوحُ جَمِيعُ قَبَائِلِ الأَرْضِ وَيُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ آتِيًا عَلَى سَحَابِ السَّمَاءِ بِقُوَّةٍ وَمَجْدٍ كَثِيرٍ" (متي24/30)، "وَمَتَى جَاءَ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي مَجْدِهِ وَجَمِيعُ الْمَلاَئِكَةِ الْقِدِّيسِينَ مَعَهُ فَحِينَئِذٍ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّ مَجْدِهِ.وَيَجْتَمِعُ أَمَامَهُ جَمِيعُ الشُّعُوبِ فَيُمَيِّزُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ كَمَا يُمَيِّزُ الرَّاعِي الْخِرَافَ مِنَ الْجِدَاءِ" (متي25/31-32)، وعند استشهاد القديس إستيفانوس يقول الكتاب " وَأَمَّا هُوَ فَشَخَصَ إِلَى السَّمَاءِ وَهُوَ مُمْتَلِئٌ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ فَرَأَى مَجْدَ اللهِ وَيَسُوعَ قَائِمًا عَنْ يَمِينِ اللهِ، فَقَالَ: هَا أَنَا أَنْظُرُ السَّمَاوَاتِ مَفْتُوحَةً وَابْنَ الإِنْسَانِ قَائِمًا عَنْ يَمِينِ اللهِ" (أعمال7/55-56). هل، بعد كل ما ذُكر، يوجد أي لبس فيمن هو " ابن الإنسان"؟!! 4- ما هو ملكوت السموات (ملكوت الله)؟ قال بعض الكتاب من الإخوة المسلمين أنَّ يوحنا المعمدان نادى بملكوت السموات قائلًا " تُوبُوا لأَنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّماوَاتِ" (متي3/2). و قالوا أنَّ هذا إعلان واضح عن الدوله الإسلامية التي أسّسها نبي المسلمين إذْ أنَّ يوحنا والمسيح والحواريين والتلاميذ جميعهم قد بشّروا بملكوت السموات، وهذا يدل أنَّ هذا الملكوت لم يكنْ ظاهرًا في عهد يوحنا أو المسيح أو التلاميذ أو الحواريّين، وهم لم يكونوا سوى مبشّرين به. ويعنى ذلك أنَّ الملكوت لم يكنْ هو طريقة النجاة التي جاء بها المسيح، بل هو طريقة نبي المسلمين وملكوته، يعنى السلطة التي له(22)!! ونسأل هؤلاء ونقول لهم: ما هو ملكوت السموات في المسيحية والإسلام؟ وهل يعني مملكة عالمية أم مملكه روحية؟ وهل هو ملكوت يقوم على الأرض أم هو ملكوت سماوي؟: أولًا: ملكوت السموات في الإسلام:لا يعنى ملكوت السموات في الإسلام، سواء في القرآن أو الحديث، أي مملكة عالمية، إنما يعنى ملك الله باعتباره ملك السموات والأرض وملك الملكوت. يقول القرآن " وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ" (الأنعام75)، "أَوَلَمْ يَنظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللّهُ مِن شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَن يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ" (الأعراف185)، "وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ" (النور42)، " لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" (الحديد2)(23). (22) إظهار الحق: ج2، ص231-235. (23) وجاء في كتب الحديث والعلوم الإسلامية: (ملكوت) هو الملك العظيم والسلطان القاهر، وملكوت السموات والأرض: ما فيهما من آيات وعجائب (صحيح البخاري/تفسي سورة الأنعام) قارئ "الحديد" و "إذا وقعت" و "الرحمن" يدعى في ملكوت السموات والأرض ساكن الفردوس التخريج،عن فاطمة التخريج (مفصلا): البيهقي في شعب الإيمان والديلمي في مسند الفردوس عن فاطمة" (6001 الجامع الصغير لجلال الدين السيوطي) و " قالَ: سَمِعتُ أَبَا عَمّارٍ الْحُسَيْنَ بنَ حُرَيْثٍ الْخُزَاعِيّ يَقُولُ سَمِعْتُ الفُضَيْلَ بنَ عِيَاضٍ يَقُولُ: عَالِمٌ عَامِلٌ مُعَلّمُ يُدْعَى كَبِيرًا في مَلَكُوتِ السّمَوَاتِ" (سنن الترمذي) حديث "لولا أن الشياطين يحومون على قلوب بني آدم لنظروا إلى ملكوت السماوات" أخرجه أحمد من حديث أبي هريرة بنحوه.(تخريج أحاديث الإحياء للحلفظ العراقي) وحديث ابن عباس "لا يدخل ملكوت السموات من ملأ بطنه" (تخريج أحاديث الإحياء للحلفظ العراقي) قال القاضي -رحمه اللَّه-: وفي علوِّ منزلة نبيِّنا – ص - وارتفاعه فوق منازل سائر الأنبياء – ص - عليهم أجمعين- وبلوغه حيث بلغ من ملكوت السَّموات دليل على علوِّ درجته وإبانة فضله.(صحيح مسلم بشرح النووي/باب الإسراء) من تعلم لله وعلم لله كتب في ملكوت السماوات عظيما. رواه الديلمي عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما.(كشف السماء للإمام الجعلونى/2776)، من قضى نهمته في الدنيا حيل بينه وبين شهوته في الآخرة ومن مد عينه إلى زينة المترفين كان مهينا في ملكوت السماء والأرض ومن صبر على القوت الشديد صبرا جميلا أسكنه الله من الفردوس حيث شاء. وابن صصرى في أماليه وحسنه عن البراء قال هب: تفرد به إسماعيل بن عمرو البجلي.(كنز العمال للمتقي الهندي/6277)، وعن البراء بن عازب قال: قال رسول الله – ص – " من قضى نهمته في الدنيا حيل بينه وبين شهوته في الآخرة، ومن مد عينيه إلى زينة المترفين كان مهينًا في ملكوت السماوات، ومن صبر على القوت الشديد صبرًا جميلًا أسكنه الله من الفردوس حيث شاء".رواه الطبراني في الصغير والأوسط وفيه إسماعيل بن عمرو البجلي وثقه ابن حبان وضعفه الجمهور، وبقية رجاله رجال الصحيح.(مجع الزوائد/17820)، حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا أبو أسامة عن سفيان بن عيينة عن رقبة بن مصقلة قال لما حضر بنفسي عندك فإنها أعز الأنفس علي وكان مما صنع الله له أنه احتسب نفسه (معجم الطبراني الكبير3/ 71) ثانيًا: ملكوت السموات في المسيحية: يعني ملكوت السموات أو ملكوت الله في المسيحية مملكة الله الروحية وملكها هو الرب يسوع " مَلِكُ الْمُلُوكِ وَرَبُّ الأَرْبَابِ" (رؤيا19/16)، ولا يقصد به أي مملكة عالمية علي الإطلاق كما قال هو " مملكتي ليست من هذا العالم " أي العالم المادي، وقال عن الذين يدخلون هذا الملكوت "طُوبَى لِلْمَطْرُودِينَ مِنْ أَجْلِ الْبِرِّ لأَنَّ لَهُمْ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ.. وَأَمَّا مَنْ عَمِلَ وَعَلَّمَ فَهَذَا يُدْعَى عَظِيمًا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ... فَإِنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ إِنْ لَمْ يَزِدْ بِرُّكُمْ عَلَى الْكَتَبَةِ وَالْفَرِّيسِيِّينَ لَنْ تَدْخُلُوا مَلَكُوتَ السَّماوَاتِ" (متي5/10و19-20)، "لَيْسَ كُلُّ مَنْ يَقُولُ لِي: يَا رَبُّ يَا رَبُّ يَدْخُلُ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. بَلِ الَّذِي يَفْعَلُ إِرَادَةَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ" (متي7/21)، وأيضًا "لأَنَّهُ قَدْ أُعْطِيَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا أَسْرَارَ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَأَمَّا لأُولَئِكَ فَلَمْ يُعْطَ" (متي13/11)، وقال لتلميذه بطرس الرسول "وَأُعْطِيكَ مَفَاتِيحَ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ فَكُلُّ مَا تَرْبِطُهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَرْبُوطًا فِي السَّمَاوَاتِ. وَكُلُّ مَا تَحُلُّهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَحْلُولًا فِي السَّمَاوَاتِ" (متي16/19)، وقال للجموع "اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَرْجِعُوا وَتَصِيرُوا مِثْلَ الأَوْلاَدِ فَلَنْ تَدْخُلُوا مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ" (متي18/3)، " فَمَنْ وَضَعَ نَفْسَهُ مِثْلَ هَذَا الْوَلَدِ فَهُوَ الأَعْظَمُ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ" (متي 18/4)، ووبخ علماء اليهود قائلًا "لَكِنْ وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تُغْلِقُونَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ قُدَّامَ النَّاسِ فَلاَ تَدْخُلُونَ أَنْتُمْ وَلاَ تَدَعُونَ الدَّاخِلِينَ يَدْخُلُونَ" (متي23/13). كما قال لتلاميذه "وَقَالَ لَهُمُ: الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مِنَ الْقِيَامِ هَهُنَا قَوْمًا لاَ يَذُوقُونَ الْمَوْتَ حَتَّى يَرَوْا مَلَكُوتَ اللَّهِ قَدْ أَتَى بِقُوَّةٍ" (مرقس9/1)، وقال لنيقوديموس الفريسي "الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنْ فَوْقُ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَى مَلَكُوتَ اللَّهِ... الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنَ الْمَاءِ وَالرُّوحِ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ مَلَكُوتَ اللَّهِ" (يوحنا3/3و5). ويقول القديس بولس بالروح: " لأَنْ لَيْسَ مَلَكُوتُ اللهِ أَكْلًا وَشُرْبًا بَلْ هُوَ بِرٌّ وَسَلاَمٌ وَفَرَحٌ فِي الرُّوحِ الْقُدُسِ" (رومية14/17)، وأيضًا " فَأَقُولُ هَذَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ: إِنَّ لَحْمًا وَدَمًا لاَ يَقْدِرَانِ أَنْ يَرِثَا مَلَكُوتَ اللهِ وَلاَ يَرِثُ الْفَسَادُ عَدَمَ الْفَسَادِ" (1كورونثوس15/50). هذا هو ملكوت الله أو ملكوت السموات فهل يجرؤ أحد بعد ذلك ويقول أنه مملكة عالمية، سواء كانت الإسلام أو غير الإسلام؟!! ثالثًا: ملكوت الله كما جاء في سفر دانيال والعهد الجديد: مما سبق يتضح لنا أنَّ ملكوت الله، هو ملكوت المسيح، ويتصف في نبوة دانيال النبي بالصفات التالية (24): أن ملكها هو الرب يسوع المسيح، ملك الملوك ورب الأرباب (رؤيا19/16)، والذي قال عن نفسه أنَّه " رّئِيس ملوك الأرض" (رؤيا1/5)، والذي لن يحكم بالسيف أو القوة كما قال هو، بل بالروح والحق "مَمْلَكَتِي لَيْسَتْ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ" (يوحنا18/36). هذه المملكة لم تؤسّس بالقوة ولم يُؤسّسها بشر، بل مؤسسها هو إله السموات " مَمْلَكَةً لَنْ تَنْقَرِضَ أَبَدًا"، وملكها وحاكمها هو ابن الإنسان الآتي على سحاب السماء كما رآه دانيال في رؤياه والذي " كُنْتُ أَرَى فِي رُؤَى اللَّيْلِ وَإِذَا مَعَ سُحُبِ السَّمَاءِ مِثْلُ ابْنِ إِنْسَانٍ أَتَى وَجَاءَ إِلَى الْقَدِيمِ الأَيَّامِ فَقَرَّبُوهُ قُدَّامَهُ. فَأُعْطِيَ سُلْطَانًا وَمَجْدًا وَمَلَكُوتًا لِتَتَعَبَّدَ لَهُ كُلُّ الشُّعُوبِ وَالأُمَمِ وَالأَلْسِنَةِ. سُلْطَانُهُ سُلْطَانٌ أَبَدِيٌّ مَا لَنْ يَزُولَ وَمَلَكُوتُهُ مَا لاَ يَنْقَرِضُ" (دانيال7/13-14). إذًا فالمملكة أصلها سمائي وحاكمها هو الآتي من فوق "اَلَّذِي يَأْتِي مِنْ فَوْقُ هُوَ فَوْقَ الْجَمِيعِ وَالَّذِي مِنَ الأَرْضِ هُوَ أَرْضِيٌّ وَمِنَ الأَرْضِ يَتَكَلَّمُ. اَلَّذِي يَأْتِي مِنَ السَّمَاءِ هُوَ فَوْقَ الْجَمِيعِ" (يوحنا3/31). كما أنها مملكة روحية، كما قال الرب يسوع المسيح " هَا مَلَكُوتُ اللهِ دَاخِلَكُمْ" (لوقا17/20-21)، إنَّها " مَمْلَكَةً لَنْ تَنْقَرِضَ أَبَدًا وَمَلِكُهَا لاَ يُتْرَكُ لِشَعْبٍ آخَرَ"، ولن تستطيع أي قوة سواء مادية أو روحية على هزيمتها، كما قال الرب يسوع نفسه "وَأَبْوَابُ الْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا" (متي16/18). فهي لن تُهزممثل الإمبراطوريات العالمية السابقة ولن تضمحل ولن تزول، لأنَّها مملكة روحية " ليست من هذا العالم " وملكها هو ملك الملوك ورب الأرباب والذي تجثوا له كل ركبة سواء في السماء أو علي الأرض. إنها مملكة إلهية بمعنى الكلمة أصلها من السماء وقد تأسست على الروحيات والآيات والمعجزات والنبوّات وقائدها هو المسيح من السماء بروحه القدوس. (24) Cf M. Henery: Vol. 4:1023 & Clarkes: Vol. 3:573. هذه المملكة والملكوت الذي تنبأ عنها دانيال النبي هو " مَلَكُوتُ السَّماوَاتِ " في العهد الجديد. فقوله " يُقِيمُ إِلَهُ السَّمَاوَاتِ مَمْلَكَةً لَنْ تَنْقَرِضَ أَبَدًا " تحول في تعبير علماء اليهود إلى " ملكوت الله " أو " ملكوت السموات"، إذ أنَّ كل مواصفات هذه المملكه، كما بينا تؤكد أن أصلها سماوي وأنَّ مؤسّسها هو الله. ومن ثم، ما جاء يوحنا المعمدان ونادى قائلًا " تُوبُوا لأَنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّماوَاتِ" (متي3/2)، وكذلك كانت أول كلمات الرب يسوع المسيح من تلاميذه أيضًا "وَفِيمَا أَنْتُمْ ذَاهِبُونَ اكْرِزُوا قَائِلِينَ: إِنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ" (متي10/17). كان اليهود وعلماؤهم يفهمون المعنى جيدًا. فقد عرفوا وآمنو أنه الملكوت الذي تنبأ عنه دانيال النبي، كما بينا في الصفحات السابقة، وأنه ملكوت المسيا الآتي. وأخيرًا تقول النبوّة أنَّ هذه المملكة التي سيقيمها الله، أو ملكوت السموات، أو ملكوت المسيح، ستعم كل الأرض " أَمَّا الْحَجَرُ الَّذِي ضَرَبَ التِّمْثَالَ فَصَارَ جَبَلًا كَبِيرًا وَمَلأَ الأَرْضَ كُلَّهَا" (دانيال2/35)، كما قال الرب يسوع السيح "وَيُكْرَزُ بِبِشَارَةِ الْمَلَكُوتِ هَذِهِ فِي كُلِّ الْمَسْكُونَةِ شَهَادَةً لِجَمِيعِ الأُمَمِ"(متي24/14)، وكما طلب من تلاميذه "اذْهَبُوا إِلَى الْعَالَمِ أَجْمَعَ وَاكْرِزُوا بِالإِنْجِيلِ لِلْخَلِيقَةِ كُلِّهَا" (مرقس16/15). وقد تحققت نبوّة دانيال النبي بكل دقة وتم إعلان المسيح بالحرف الواحد، إذ انتشر الإنجبل في كل المسكونة، في كل بلاد العالم، وترجم إلى جميع اللغات ومعظم اللهجات. |
28 - 04 - 2014, 06:56 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب هل تنبأ الكتاب المقدس عن نبي آخر يأتي بعد المسيح؟
البارقليط، هل هو الروح القدس أم إنسان نبي؟ تصوّر البعض أنَّ لفظ "باراقليط"paraklhton الوارد في الإنجيل للقديس يوحنا والأوصاف التي أطلقها الرب يسوع المسيح عليه لا تنطبق على الروح القدس، روح الله، إنما تنطبق على إنسان، نبي، يأتي بعده، بعد المسيح، أي تنطبق علي إنسان وليس علي إله!! وبالتالى تعلن عن مجيء نبى وليس عن مجيء أقنوم أو صفة ذاتية من صفات الله.وتصوّروا، أو هكذا أرادوا أنْ يتصوّروا، أو يُصوّروا لأنفسهم ولغيرهم، أنَّ الباراقليط مشتق لغويًا من الحمد ويعني " الحماد"، المحمود أو الممدوح أو الممجد، ويُشير إلى نبي يشتق اسمه من الحمد، وأنَّ ما أطلقه المسيح من صفات على الباراقليط هي صفات هذا النبي وتشير إلى أعماله وشريعته وما شهد به المسيح عنه!! وفيما يلي أهم الأقوال التي يقولونها والحجج التي يتحججون ويتعللون بها(1): (1) أنظر كتاب " محمد في الكتاب المقدس" عبد الأحد داود، و" بيريكليت اسم نبي الإسلام في إنجيل عيسى عليه السلام" لأحمد حجازى السقا، " إظهار الحق " لرحمة الله الهندى، و " هيمنة القرآن المجيد على ما جاء في العهد القديم والجديد " للدكتورة مها محمد فريد، و " الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح " لابن تيمية ج3، و " الكنز المرصود في قواعد التلمود " تقديم د. أحمد حجازى السقا، و " الأجوبة الفاخره عن الأسئلة الفاجره في الرد على اليهود والنصاري " للإمام شهاب الدين أحمد بن إدريس القرافي، دراسة وتحقيق مجدي محمد الشهاوي، و " تحفة الأريب في الرد على أهل الصليب " للقس إنسلم ثورميدا، تقدمم وتحقيق وتعليق دكتور محمود على حماية، و " أشهد للمسيح والمسيح يشهد معي..!" أحمد أبو الخير، و " حقيقة النصرانية من الكتب المقدسة " على الجوهري، و " محمد نبي الإسلام في التوراة والإنجيل والقرآن " المسثشار محمد عزت الطهطاوي. وذلك الى جانب كتابات الشيخ أحمد ديدات وسليمان شاهد مفسر واللواء أحمد عبد الوهاب والشيخ جعفر السبحانى. ومئات من الملفات التي وضعت على شبكة الإنترنت على مواقع مثل "ابن مريم" للمسيحيين فقط، المسيحية في الميزان، الحوار الإسلامي المسيحي، الأجوبة الجلية في الرد على المسيحية، ومواقع كل من: جمال بدوي، وقيس علي، وصابر علي، وسيف الله وغيرهم. 1- قالوا إنَّ اليهود والمسيحيين اعتادوا في الماضي والحاضر أن يترجموا الأسماء (في الغالب؟؟)، وأن المسيح كان يتكلم باللغة العبرية أو الآرامية وليس اليونانية، وهذا يعني أنّض الإنجيل الرابع، الإنجيل بحسب القديس يوحنا، ترجم اسم من بشّر به المسيح إلى اليونانية، كالعادة؟؟؟، ثم عرّب مترجمو الترجمة العربية اللفظ اليوناني بفاواقليط!! ونقول لهم أن القديس يوحنا الرسول وتلميذ المسيح كان يكتب بوحي الروح القدس وكان معصومًا من الخطأ، لحظة الوحي الإلهي، وكل كلمة كان يدونها كانت هي كلمة الله المكتوبة بالروح القدس، ولا يمكن أن يخطئ فيها مطلقًا. كما أنَّ العلماء الذين ترجموا الكلمة ترجموها حسب تاريخها السابق للإنجيل بحسب القديس يوحنا وحسب ما وردت في الكتاب المقدس بصفة عامة، وحسب ما فهمه آباء الكنيسة في القرون الأربعة الأولي (أنظر الفصل التالي). ونكرر لمثل هؤلاء ونقول لهم أنَّه لا توجد مخطوطة واحدة في أي مكان من الأماكن ولا في أي زمن من الأزمنة وُجد فيها غير كلمة (Parakletos)، بل ونتحدى أن يُظهر أحد عكس ذلك!! وقال آخر " في إنجيل يوحنا الحالي 14/16و5ا/26و16/7 نجد كلمة (المعزي) ترجمة لكلمة (Paraklētos) ويعتقد علماؤنا أن الكلمة (Parakletos) قراءة محرّفة لكلمة (Periklytos)، فعلي أي أساس بني هؤلاء العلماء اعتقادهم؟!!! ثم يُضيف " إنَّ كلمات المسيح الأصلية نبوّة بالاسم عن آخر سيأتي بعده"!!! وذلك دون أنّ يُراعي القرينة وسياق الكلام والنصّ الموجود فيه الكلمة وأن اللغة اليونانية ليس بها تشكيل (فتحة وكسرة وضمّة وسكون... إلخ. ونضيف معلومة للقارئ العزيز أنَّ التشكيل في اللغة العربية وللقرآن الكريم تم عمله في حوالي عام 150 ه علي يد أبو الأسود الدؤلي)، مثل اللغة العربية، وإنما التشكيل فيها يأتي كجزء من كتابة الكلمة نفسها. ومن ثم فإنَّ تغيير كلمة (Παράκλητος - Paraklētos) لتصبح (Περίκλυτος - Periklytos)، يعني تغيير ثلاثة حروف موجودة في أصل الكلمة (e, i, u /, υ ,ιεلتصبح a,a,e -,ά, ηα)، ولا يُوجد أي دليل أو برهان علي حدوث تغيير في القراءة الأصلية، فلدينا عدد ضخم من المخطوطات الخاصّة بالإنجيل بحسب القديس يوحنا والتي يرجع أقدمها إلي سنة 200م، وهي معروضة في المتاحف وعلي شبكة الإنترنت ومتاحة للجميع للإطلاع عليها وجميع المخطوطات لا يوجد بها سوي كلمة (Παράκλητος - Paraklētos). وهذا يبيّن لنا كيف يُلقون بالأقوال بلا سند أو دليل أو منطق، ويفترضون وجود ما ليس له وجود!! وقال أحد الكتاب المعاصرين " أنَّ كلمة باراقليط - paraklete مأخوذة من الثناء والحمد وتعني الممدوح أو المحمود، وأنَّها تُترجم في اللغة اليونانية دائمًا بكلمة بيريكليتوس Periklytos، وإنجيل يوحنا حاليًا في الآيات:14/16و5ا/26و16/7 يستخدم كلمة Comforter (معزي) من النسخة الإنجليزية كترجمة للكلمة اليونانية باراكليتوس (Παράκλητος - Paraklētos) والتي تعني شفيع أو مدافع، وهو الشخص الذي يدعي لمساعدة آخر أو صديق رحيم أكثر مما تعني معزي، ثمّ يزعم قائلًا : " والأساتذة المتخصصون في اللاهوت يقولون إنَّ باراكليتوس هي تحريف في القراءة للكتابة الأصلية بيريكليتوس"!! ونقول له مَنْ هؤلاء " المتخصّصون في اللاهوت " الذين تزعم أنَّهم قالوا ذلك؟!! ويزيد من مزاعمه ويقول " وفي القول الأصلي ليسوع المسيح فيه تنبؤ لنبي يُشتق اسمه من الحمد " ويزعم قائلًا " وحتى لو قرأنا باراكليتوس فإنها تدلّ على النبيّ الكريم الذي كان رحيمًا بكلّ الخلائق"!! ثم يلجأ إلى الترجمة الإنجليزية ويُعدّد ضمير الغائب المذكّر ظنًا منه أنَّ ذلك يُؤكّد مزاعمه فيقول؛ " ومن فضلك، عَدِّد ضمائر " هو " he's المستخدمة لوصف الباراكليت: " Hombeit when he the spirit of truth is come, he will guide you into all truth for he shall not speak of himself, but whatsoever he shall hear that shall he speak and he will show you things to come" ستجدهم سبعة ضمائر مذكرة في جملة واحدة. لا توجد آية أخرى في ال 61 سفرًا في إنجيل البروتستانت أو ال 73سفرًا لإنجيل الكاثوليك بها سبعة ضمائر مذكرة وسوف توافقني أنَّ كل هذه الضمائر المُذكّرة من آية واحدة لا يمكن أن تدل على Ghost (شبح أو طيف أو روح) سواء كان مقدسًا أم لا"!! وهكذا يزعم بلا دليل وبدون أي فهم أو معرفة بالكتاب المقدّس والعقيدة المسيحية أنَّ الروح القدس مجرّد قوّة وليس أقنوم الحياة في الذات الإلهيّة وأنّه يُخاطب بكل ضمائر العقل، فهو يُخاطب بضمير المخاطب والمُتكلّم والغائب في أحوال كثيرة كما سنري لاحقًا. ثم يزعم هذا الكاتب أنَّه عندما نوقشت هذه النقطة الخاصة بالسبعة ضمائر المذكورة في آية واحدة من الإنجيل في مناظرة في الهند مع المبشّرين المسيحيّين غُيّرَت النسخة الأرديّة من الإنجيل وهو خداع معتاد من المبشّرين خاصّة في اللغات الإقليمية!! ثم يُضيف زعمًا آخر قائلًا؛ " آخر حيلة عثرتُ عليها في الإنجيل باللغة الإفريقيّة في هذه الآية موضع البحث فقد غيّروا كلمة معزّي (مساعد Comforter) إلي كلمة وسيط (Mediator) وأقحموا فيها جملة الروح القدس وهي التي لم يجرأ أي دارس إنجيلي في إقحامها إلي النسخ الإنجليزية المتعددة ولا حتي جماعة شهود يهوه! وهكذا يصنع المسيحيّون بكلمات الله"!! والسؤال هنا هو: من أين جاء بالزعم أنَّ جملة " الروح القدس " مُقحمة سواء في الأصل اليوناني أو في أي ترجمة علي الإطلاق؟!! وهو هنا يخترع ترجمة من وحي خياله ليؤيذد بها مزاعمه، ويُفسّر كلمة الله علي هواه بعيدًا عن قرينتها وسياق الكلام التي وردت به!! ونسأله هنا أيضًا؟ من قال أنَّ الأنبياء قد تسموا بالأرواح القدسيّة؟!! ويزعم آخر قائلًا:"يعتقد بعض العلماء أنَّ ما قاله عيسي بلغته الآرامية، أقرب إلي الكلمة اليونانيّة Periklytos"!! والتي يقول أنَّها تُقابل في العربية اسم مشتق من الحمد!! ونقول له مَنْ هم هؤلاء العلماء المزعومون، ومن أين جاءوا بهذا الزعم؟!! ثم يضيف زاعمًا " وقد ثبت أنَّ ثمة حالات كثيرة مماثلة في العهد الجديد، حلّت فيها كلمة محل أخري، أضف علي ذلك أنَّ هناك احتمالًا آخر، وهو أنَّ الكلمة كانت Periklytos ، ثم أغفل الكتبة إحداهما لتشابههما الشديد مع الأخري وقربها المكاني منها، وإذا صحّ هذا الغرض، فسيكون معني النصّ اليوناني " فيعطيكم معزيًا آخر"!! ونقول له أيضًا؟ ما هي الكلمات التي حلّت مكان كلمات أخرى في العهد الجديد، هل يمكن أنْ يدلّنا عليها؟!! ونقول له كذلك هل يمكن أنْ تُبني العقائد التي يؤمن بها الناس والتي تحكم مصيرهم الأبدي على مجرد الاحتمال أو الظن؟!! ثم يضيف الاسم المشتق من الحمد بدلًا من " فيعطيكم معزيًا آخر"، ويكمّل زعمه قائلًا " وقد ظهرت مثل تلك الأخطاء في وجود مسافات بين الحروف في النص اليوناني، وذلك قد ينتج عنه أن تغفل عين الكاتب كلمة تشبه أخري أو تقاربها في المكان، أمّا بالنسبة لكلمة " روح " التي وردت في هذا الموضوع أنَّ النبي القادم سيكون من جنس البشر، ففي أناجيل العهد الجديد أطلقت هذه الكلمة أيضًا علي من يتلقي الوحي الإلهي، وعلي من يمتلك القدرة على الاتصال الروحي وبناء على ذلك " روح الحق " هو ذلك الشخص الذي لديه قوى اتصال روحية، أي ذلك الشخص الذي يتلقي الوحي الإلهي، والذي يتميّز بأنَّه مكرّس للحق كلية في حياته وسلوكه وشخصيته، وأنَّ عيسي عليه السلام قد ذكر أنَّ النبي سوف يكشف عن أمور يجهلها عيسي نفسه، ولو كان عيسي قد جاء " بجميع الحق " لما كانت هناك حاجة لأنْ يأتي نبي من بعده يحلّ للناس " جميع الحق " أنَّ " المعزّي " سيكون مثل عيسي، بشرًا نبيًا، وليس روحًا"!!!! من أين جاء بهذه الأقوال التي لم يذكر ولا يُمْكن أنْ يذكر دليلًا واحدًا عليها؟!!! ومن قال له أنَّ المسيح قال أنَّ هناك ما يجهله هو؟ في حين أنَّ الكتب الدينية تقول أنَّه يعلم كلّ شيء؟!! وما هو الحق الذي لم يأت به المسيح وكان العالم في حاجة إليه، ومن أسمائه أنَّه الحق، كيف يكون هو الحق ولم يأتِ للناس بجميع الحق؟!! وإذا كان المسيح، في اعتقاد هذا الكاتب هو كلمة الله وروح منه وأنَّه كان يخلق بإذن الله ويعلم الغيب بأذن الله ويُحيي الموتي ويشفي المرضى بأذن الله وأنَّ الله جعل الذين اتبعوه فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة، فهل يمكن أن يُقال أنَّه يجهل بعض الأمور؟!! ويزعم هذا الكاتب قائلًا؛ "يقدّم لنا النصّ اليوناني الإجابة الواضحة علي ذلك السؤال لأنَّه يستخدم كلمة allon وهي مفعول به مذكّر من كلمة allos التي معناها "آخر من نفس النوع" أما الكلمة التي معناها "آخر من نفس مُغاير" فهي hetenos وهي غير مستخدمة في النصّ اليوناني، وهذا يحسم المسألة، فسيكون "المعزّي" إذن "آخر من نفس النوع"، أي مثل عيسي وموسي الذي قال " مثلي " أي بشر وليس روح"!! هكذا يتحدث دون أي معرفة بالكتاب المقدس!! فكما وصف الرب يسوع المسيح الروح القدس بالمعزي الآخر وصف الله الآب أيضًا بالآخر، الذي يشهد له، أي المسيح، فقال " الَّذِي يَشْهَدُ لِي هُوَ آخَرُ " allos " وَأَنَا أَعْلَمُ أَنَّ شَهَادَتَهُ الَّتِي يَشْهَدُهَا لِي هِيَ حَقٌّ" (يوحنا5/32). مصدر البحث: موقع كنيسة الأنبا تكلا. 3- وإتّخذ بعض هؤلاء من إدعاء " ماني المبتدع - الهرطوقي " وتخيلهم أنه كان مسيحيًا، من وجهة نظرهم، في القرن الثاني الميلادي، أنَّه الباراقليط الذي وعد بمجيئه، حجّة على صحّة مزاعمهم من أنَّ الباراقليط هو إنسان وليس روح!! قال أحدهم " ومما يدل على أنَّ لفظ بيرقليط: يعنى نبيًا آتيًا من بعد عيسى عليه السلام - أنَّ مونتانوس إدّعى النبوّة في القرن الثاني للميلاد، وزعم أنه البيرقليط الذي وعد بمجيئه عيسى، وكذلك ماني الفارسي في القرن الثالث وهذا يدل علي أنَّ هذه اللفظة تعنى شخصًا بشريًا، وإلا ما جرؤ هذان على هذا القول. ويقول الأنبا أثناسيوس " إنَّ لفظ باراقليط إذا حرّف نطقه قليلًا يصير بيريكليت ومعناه الحمد أو الشكر وهو قريب من لفظ " أحمد". فهل يريد مثل هذا الكاتب أن يؤمن بكلام محرّف؟!! وهل يقبل أن يحرّف اللفظ ليتّفق مع فكره؟!!كما أن ماني كان يخلط بين المسيحية والوثنية وكان يؤمن بوجود إلهيين، إله النور وإله الظلمة (أنظر الفصل التالي)!! فهل يمكن أن نتخذ من أفكاره دليلًا على عقيدة صحيحة؟!! 4- وكما زعم هؤلاء، بناء على ما جاء في كتب الأحاديث والسيرة والتفسير غير المسيحية، أنَّ أحبار اليهود ورهبان النصارى كانوا في نهاية القرن الخامس الميلادي وبداية السادس ينتظرون " نبيًا آتيًا"، ومن ثم راحوا يبحثون في آيات الكتاب المقدس بعهديه، القديم والجديد، لإيجاد ما يثبت هذه الأقاويل، وهنا زعموا أنَّ اللفظ الذي استخدمه المسيح هو لفظ عبري وقالوا أنَّه مفقود!! وقالوا أنَّ الباراقليط هو ترجمة له ويشير إلى ذلك النبي الموعود!! 5- ثم عادوا وناقضوا كل ما سبق أن قالوه وقالوا أن اللفظ الأصلي هو " باراقليط " وأنَّه لا ينفي الاستدلال أيضًا على أن المقصود به هو النبي الموعود، لأنَّ معناه المعزي والمعين والشفيع، وهذه المعاني كلها تنطبق عليه!! وهكذا يقولون القول ونقيضه ليحاولوا إيجاد ما يزعمون أنَّه دليل علي صحّة ما يدّعون!! 6- وزعم بعض منهم أن التلاميذ كانوا قد قبلوا الروح القدس واستفاضوا به من قبل لأنه نزل على قلب كل واحد منهم وحل فيهم، ومن ثمّ فالباراقليط الذي وعد به المسيح هو النبي الموعود!!ونقول لهم أنَّ الروح القدس لم يحل علي التلاميذ إلا بعد هذا الوعد الذي وعدهم به وليس قبله. 7- وقال بعض آخر" أنَّ الروح القدس متّحد بالآب وفي ذاته، حسب أقوال علماء اللاهوت المسيحيين، فكيف يرسله المسيح؟ ومن ثم فالمرسل هو نبي مثل المسيح وليس روح الله"!! ونقول لهم أيضًا أنَّ الله غير محدود لا في المكان و لا في الزمان، فهو موجود في كل مكان وزمان، وعملية إرسال الروح القدس أو الابن لا تعني الانفصال عن الآب، إنما تعني عمل الروح القدس أو الابن في البشرية، فهذا شئ يختصّ بالله غير المحدود بذاته أو بكلمته أو بروحه. 8- وزعم د. موريس بوكاي الذي اقتبس كل الآيات المتصلة بموضوع الباراقليط، وقدم ستة انثقادات على صدق هذا النصّ الإنجيلي، وقال زاعمًا إن بعض الحقائق قد غابث من الإنجيل!! وإن بعض الكلمات قد أضيفت!!! وإن الكلمات اليونانية استُخدمت بطريقة خاطئة!! وإن معظم الترجمات للنصّ الأصلي خاطئة!!! وهذه الانتقادات الخطيرة التي قدّمها د. بوكاي بمهارة لكي تبدو وكأنها مستندة إلى دراساث علمية صحيحة لا ثستند على أي أساس علمي أو غير علمي بالمرة ولكن على مجرذد التخمين والظن والافتراض!! وهناك الكثير من الأقوال التي سنعلق عليها في حينها، ومبدئيًا نقول أننا نحترم عقائد الجميع ولا نتدخل فيها ولا نتكلم عنها، ولكننا نوضّح حقيقة عقائدنا ونشرح المعنى الحقيقي لآيات الكتاب المقدس الذي يحاول البعض تفسيرها بصورة لا تتفق لا مع حقيقة الإيمان المسيحى ولامع جوهر ومضمون الكتاب المقدس نفسه. |
||||
28 - 04 - 2014, 06:59 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب هل تنبأ الكتاب المقدس عن نبي آخر يأتي بعد المسيح؟
تاريخ استخدام كلمة بارقليط و معناها و ترجماتها المختلفة 1- الباراقليط والعهد الجديد: وردت كلمة باراقليط paraklhton، حرفيًا باراكليتوس (Παράκλητος - Paraklētos)، في العهد الجديد وبالتحديد في الإنجيل بحسب القديس يوحنا والرسالة الأولي للقديس يوحنا خمس مرات فقط، أربع مرّات في الإنجيل ومرة واحدة في رسالته الأولى. ولم ترد ثانية في بقية العهد الجديد. وفيما يلي الظروف التي تحدث فيها الربّ يسوع المسيح عن هذه الكلمة: قبل القبض عليه ومحاكمته، وفي لقائه الأخير مع تلاميذه قبل صلبه وموته جسديًا ثم قيامته، أخذ الرب يسوع المسيح يُحدّث تلاميذه، بعد أن كشف لهم حقيقة علاقته بالآب ووحدة الآب والابن في الطبيعة والذات الإلهية لله الواحد، الموجود بذاته والناطق بكلمته والحي بروحه القدوس، ووجوده الأزلي السابق لخليقة العالم (يوحنا14و17)، عن اختفائه عنهم بالموت جسديًا ثم ظهوره لهم بعد قيامته فقال لهم: " بَعْدَ قَلِيلٍ لاَ يَرَانِي الْعَالَمُ أَيْضًا وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَرَوْنَنِي. إِنِّي أَنَا حَيٌّ فَأَنْتُمْ سَتَحْيَوْنَ" (يوحنا 14/19)، " بَعْدَ قَلِيلٍ لاَ تُبْصِرُونَنِي ثُمَّ بَعْدَ قَلِيلٍ أَيْضًا تَرَوْنَنِي لأَنِّي ذَاهِبٌ إِلَى الآبِ" (يوحنا16/16)، " فَقَالَ قَوْمٌ مِنْ تلاَمِيذِهِ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: مَا هُوَ هَذَا الَّذِي يَقُولُهُ لَنَا: بَعْدَ قَلِيلٍ لاَ تُبْصِرُونَنِي ثُمَّ بَعْدَ قَلِيلٍ أَيْضًا تَرَوْنَنِي وَلأَنِّي ذَاهِبٌ إِلَى الآبِ؟" (يوحنا16/17). وكانت أجابته لهم " أَعَنْ هَذَا تَتَسَاءَلُونَ فِيمَا بَيْنَكُمْ لأَنِّي قُلْتُ: بَعْدَ قَلِيلٍ لاَ تُبْصِرُونَنِي ثُمَّ بَعْدَ قَلِيلٍ أَيْضًا تَرَوْنَنِي. اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ سَتَبْكُونَ وَتَنُوحُونَ وَالْعَالَمُ يَفْرَحُ. أَنْتُمْ سَتَحْزَنُونَ وَلَكِنَّ حُزْنَكُمْ يَتَحَوَّلُ إِلَى فَرَحٍ. اَلْمَرْأَةُ وَهِيَ تَلِدُ تَحْزَنُ لأَنَّ سَاعَتَهَا قَدْ جَاءَتْ وَلَكِنْ مَتَى وَلَدَتِ الطِّفْلَ لاَ تَعُودُ تَذْكُرُ الشِّدَّةَ لِسَبَبِ الْفَرَحِ لأَنَّهُ قَدْ وُلِدَ إِنْسَانٌ فِي الْعَالَمِ. فَأَنْتُمْ كَذَلِكَ عِنْدَكُمُ الآنَ حُزْنٌ. وَلَكِنِّي سَأَرَاكُمْ أَيْضًا فَتَفْرَحُ قُلُوبُكُمْ وَلاَ يَنْزِعُ أَحَدٌ فَرَحَكُمْ مِنْكُمْ. وَفِي ذَلِكَ الْيَوْمِ لاَ تَسْأَلُونَنِي شَيْئًا. اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَا طَلَبْتُمْ مِنَ الآبِ بِاسْمِي يُعْطِيكُمْ. إِلَى الآنَ لَمْ تَطْلُبُوا شَيْئًا بِاسْمِي. اُطْلُبُوا تَأْخُذُوا لِيَكُونَ فَرَحُكُمْ كَامِلًا. " قَدْ كَلَّمْتُكُمْ بِهَذَا بِأَمْثَالٍ وَلَكِنْ تَأْتِي سَاعَةٌ حِينَ لاَ أُكَلِّمُكُمْ أَيْضًا بِأَمْثَالٍ بَلْ أُخْبِرُكُمْ عَنِ الآبِ علاَنِيَةً. فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ تَطْلُبُونَ بِاسْمِي. وَلَسْتُ أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي أَنَا أَسْأَلُ الآبَ مِنْ أَجْلِكُمْ، لأَنَّ الآبَ نَفْسَهُ يُحِبُّكُمْ لأَنَّكُمْ قَدْ أَحْبَبْتُمُونِي وَآمَنْتُمْ أَنِّي مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَرَجْتُ. خَرَجْتُ مِنْ عِنْدِ الآبِ وَقَدْ أَتَيْتُ إِلَى الْعَالَمِ وَأَيْضًا أَتْرُكُ الْعَالَمَ وَأَذْهَبُ إِلَى الآبِ" (يوحنا16/19-28). أعطي الرب يسوع المسيح تلاميذه وصاياه الأخيرة وأخبرهم عمّا سيحدث لهم من ضيقات ومتاعب واضطرابات واضطهادات لأجل اسمه في الأيام القليلة القادمة، وكان يقصد بذلك تقوية وتشديد إيمانهم وتعريفهم بما سيحدث لهم حتي يكونوا علي بيّنة ممّا سيأتي عليهم، ومن ثمّ فقد قال لهم تأكيدًا لذلك: "كَلَّمْتُكُمْ بِهَذَا لِكَيْ يَثْبُتَ فَرَحِي فِيكُمْ وَيُكْمَلَ فَرَحُكُمْ" (يوحنا15/11). "قَدْ كَلَّمْتُكُمْ بِهَذَا لِكَيْ لاَ تَعْثُرُوا" (يوحنا16/1). "لَكِنِّي قَدْ كَلَّمْتُكُمْ بِهَذَا حَتَّى إِذَا جَاءَتِ السَّاعَةُ تَذْكُرُونَ أَنِّي أَنَا قُلْتُهُ لَكُمْ. وَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ مِنَ الْبِدَايَةِ لأَنِّي كُنْتُ مَعَكُمْ" (يوحنا16/4). "قَدْ كَلَّمْتُكُمْ بِهَذَا بِأَمْثَالٍ وَلَكِنْ تَأْتِي سَاعَةٌ حِينَ لاَ أُكَلِّمُكُمْ أَيْضًا بِأَمْثَالٍ بَلْ أُخْبِرُكُمْ عَنِ الآبِ علاَنِيَةً" (يوحنا16/25). "قَدْ كَلَّمْتُكُمْ بِهَذَا لِيَكُونَ لَكُمْ فِيَّ سلاَمٌ. فِي الْعَالَمِ سَيَكُونُ لَكُمْ ضِيقٌ وَلَكِنْ ثِقُوا: أَنَا قَدْ غَلَبْتُ الْعَالَمَ" (يوحنا16/33). وفي أثناء هذا الحديث الطويل حدّثهم عن إرساله للروح القدس الذي وصفه بالباراقليط، أي المعزّي أو المدافع أو المحامي فقال: " وَأَنَا أَطْلُبُ مِنَ الآبِ فَيُعْطِيكُمْ مُعَزِّيًا آخَرَ(ἄλλον παράκλητον– allon Parakleton) لِيَمْكُثَ مَعَكُمْ إِلَى الأَبَدِرُوحُ الْحَقِّ الَّذِي لاَ يَسْتَطِيعُ الْعَالَمُ أَنْ يَقْبَلَهُ لأَنَّهُ لاَ يَرَاهُ وَلاَ يَعْرِفُهُ وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَعْرِفُونَهُ لأَنَّهُ مَاكِثٌ مَعَكُمْ وَيَكُونُ فِيكُمْ. لاَ أَتْرُكُكُمْ يَتَامَى. إِنِّي آتِي إِلَيْكُمْ" (يوحنا14/16-18) " وَأَمَّا الْمُعَزِّي (Παράκλητος - Paraklētos) الرُّوحُ الْقُدُسُ الَّذِي سَيُرْسِلُهُ الآبُ بِاسْمِي فَهُوَ يُعَلِّمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ وَيُذَكِّرُكُمْ بِكُلِّ مَا قُلْتُهُ لَكُمْ" (يوحنا14/26). " وَمَتَى جَاءَ الْمُعَزِّي (Παράκλητος - Paraklētos) الَّذِي سَأُرْسِلُهُ أَنَا إِلَيْكُمْ مِنَ الآبِ رُوحُ الْحَقِّ الَّذِي مِنْ عِنْدِ الآبِ يَنْبَثِقُ فَهُوَ يَشْهَدُ لِي وَتَشْهَدُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا لأَنَّكُمْ مَعِي مِنَ الاِبْتِدَاءِ" (يوحنا15/26-27). لكِنِّي أَقُولُ لَكُمُ الْحَقَّ إِنَّهُ خَيْرٌ لَكُمْ أَنْ أَنْطَلِقَ لأَنَّهُ إِنْ لَمْ أَنْطَلِقْ لاَ يَأْتِيكُمُ الْمُعَزِّي (Παράκλητος - Paraklētos) وَلَكِنْ إِنْ ذَهَبْتُ أُرْسِلُهُ إِلَيْكُمْ. وَمَتَى جَاءَ ذَاكَ يُبَكِّتُ الْعَالَمَ عَلَى خَطِيَّةٍ وَعَلَى بِرٍّ وَعَلَى دَيْنُونَةٍ.أَمَّا عَلَى خَطِيَّةٍ فَلأَنَّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ بِي. وَأَمَّا عَلَى بِرٍّ فَلأَنِّي ذَاهِبٌ إِلَى أَبِي وَلاَ تَرَوْنَنِي أَيْضًا. وَأَمَّا عَلَى دَيْنُونَةٍ فَلأَنَّ رَئِيسَ هَذَا الْعَالَمِ قَدْ دِينَ. إِنَّ لِي أُمُورًا كَثِيرَةً أَيْضًا لأَقُولَ لَكُمْ وَلَكِنْ لاَ تَسْتَطِيعُونَ أَنْ تَحْتَمِلُوا الآنَ. وَأَمَّا مَتَى جَاءَ ذَاكَ رُوحُ الْحَقِّ فَهُوَ يُرْشِدُكُمْ إِلَى جَمِيعِ الْحَقِّ لأَنَّهُ لاَ يَتَكَلَّمُ مِنْ نَفْسِهِ بَلْ كُلُّ مَا يَسْمَعُ يَتَكَلَّمُ بِهِ وَيُخْبِرُكُمْ بِأُمُورٍ آتِيَةٍ. ذَاكَ يُمَجِّدُنِي لأَنَّهُ يَأْخُذُ مِمَّا لِي وَيُخْبِرُكُمْ.كُلُّ مَا لِلآبِ هُوَ لِي. لِهَذَا قُلْتُ إِنَّهُ يَأْخُذُ مِمَّا لِي وَيُخْبِرُكُمْ" (يوحنا16/7-15). ثم استخدم القديس يوحنا بعد ذلك تعبير الباراقليط (Παράκλητος - Paraklētos)، عن الرب يسوع المسيح نفسه كالشفيع أو المحامي فقال " يَا أَوْلاَدِي، أَكْتُبُ إِلَيْكُمْ هَذَا لِكَيْ لاَ تُخْطِئُوا. وَإِنْ أَخْطَأَ أَحَدٌ فَلَنَا شَفِيعٌ (παράκλητον – Parakleton) عِنْدَ الآبِ، يَسُوعُ الْمَسِيحُ الْبَارُّ، وَهُوَ كَفَّارَةٌ لِخَطَايَانَا. لَيْسَ لِخَطَايَانَا فَقَطْ، بَلْ لِخَطَايَا كُلِّ الْعَالَمِ أَيْضًا" (1يوحنا2/1-2). وبذلك يكون الباراقليط الأول هو الرب يسوع المسيح نفسه والباراقليط الآخر هو الروح القدس. 2- المعني اللغوي لكلمة الباراقليط (1): الكلمة اليونانية هي (Παράκλητος - Paraklētos) من الفعل " باراكليو – παρακαλέω - parakaleō - par-ak-al-eh'-o) ومعناها: " To call near, that is, invite, invoke (by imploration, hortation or consolation): - beseech, call for, (be of good) comfort, desire, (give) exhort (-ation), intreat, pray". وجمعه (Παρεκαλουν - Parekloun). وكلمة" (Παράκλητος - Paraklētos) اسم مفعول، وتعني في أصلها اللغويّ " المستعان به called to one side"، وقد جاءت في الترجمة السبعينية في أيوب (16/3) في اسم الفاعل بصيغة الجمع – في وصف أصحابه الذين جاءوا إليه في كربه: " مُعَزُّون (Παράκλητορες - Paraklētres) - مُتْعِبُون كُلّكًم". وتعني الكلمة، في معناها العام، في الكتابات الأدبية الكلاسيكية اليونانية قبل الميلاد؛ " شخص يُستدعي للمساعدة، يُستدعي ليقدّم مساعدة، بمعني مساعد في المحكمة، أي " محامٍ " قانوني أو مستشار للدفاع، كما استخدمت بصيغة المبني للمجهول بمعني " مُستدعي". وهذا المعني القانوني الفني هو الغالب في الاستخدام وتقابله كلمة " محامٍ " أو " مستشار " أو " وكيل دعاوي". كما استخدمت بمعني شفيع أو وسيط أو معين بصورة عامّة " An intercessor, consoler: - advocate, comforter " 3- الباراقليط والترجمة اليونانية (السبعينية LXX) للعهد القديم (حوالي 275ق.م.)(2): استخدمت كلمة باراقليط (Παράκλητος - Paraklētos) في الأدب اليوناني في القرن الرابع قبل الميلاد بمعنى " شخص يُستدعى للمساعدة، يُستدعي لتقديم مساعدة"، كما بيّنا أعلاه، ويعطى معنى المساعدة في المحكمة، أي محامي أو مدافع أو مستشار قانوني. وعندما ترجم علماء اليهود أسفار العهد القديم إلى اللغة اليونانية المعرونة بالسبعينية حوالي سنة 275 ق.م. بناء على طلب من الملك بطليموس ملك مصر، استخدم هؤلاء العلماء الاسم الجمع للكلمة (Παράκλητοι - Paraklētoi)، وذلك في صيغة اسم الفاعل وبصيغة الجمع - في وصف أصحابه الذين جاءوا إليه في كربه " مُعَزُّون (Παράκλητορες - Paraklētres) - مُتْعِبُون كُلّكًم" (أيوب16/2). والتى هى (1) Greek-English Lexicon of the NT p.483. & Theological Dictionary of the NT p.805-812. (2) Theological Dictionary of the NT vol. 5, p. 801-802. في العبرية (נחם - nâcham - naw-kham' – معزون)(3)، واستخدمت أيضًا في سفر زكريا (1/13) في ترجمة قوله: " كلمات تعزية = (4) λύγους παρακλητικούς (Logos Parakletikos) = נחם נחוּם=nee-khoom', nee-khoom' -properly consoled; abstractly solace: - comfort (-able), repenting 4- استخدمها في التلمود والترجوم (5): استخدام كتّاب اليهود هذه الكلمة " باراقليط " في عدد من المعاني، فالعمل الصالح يدعي " باراقليط " أو محام ، أما التعدي فيسمي المدعي أو سلطة الاتهام. والتوبة والأعمال الصالحة فيطلق عليها " باراقليط" (بصيغة الجمع)، فأعمال البر والرحمة التي يقوم بها شعب إسرائيل في هذا العالم، تصبح عوامل سلام وشفعاء (باراقليط) لهم عند أبيهم الذي في السموات وذبيحة الخطية هي أيضًا " باراقليط". 5-كما استخدمها فيلو الفيلسوف اليهودي(6) المعاصر للمسيح: بمعنى Advocate أي المحامي أو المدافع، واستخدمها أيضًا بصيغة الجمع (Παράκλητοι - Paraklētoi)، بمعني ديني يعني المدافعين عن الخطاة أمام الله، فيقول عن يوسف إنه منح الغفران لأخوته الذين أساءوا إليه، وأعلن لهم أنَّهم ليسوا في حاجة إلي " باراقليط " أو شفيع. وفي كتابه عن حياة موسى، ترد عبارة ملفتة للنظر تدل علي أسلوب فيلو في التأويل الروحي للكتاب، كما تعكس نزعته الفلسفية، ففي ختام وصفه البليغ للمعاني الرمزية لثياب رئس الكهنة بكلّ ما فيها من جواهر ثمينة. يقول : " إن الإثنى عشر حجرًا المرصّعة بهما الصدرة علي أربعة صفوف، وفي كل صف منها ثلاثة أحجار، كانت رمزًا للعقل الذي يمسك بالكون ويحفظ نظامه، إذ كان لابد أن الإنسان الذي كُرّس لأب كل العالم، يتّخذ ابنه شفيعًا (باراقليط). باعتباره الكامل المطلق في كل فضيلة، للحصول علي غفران الخطايا وبركات بلا حدود " وهي عبارة شديدة الشبه بما جاء في رسالة يوحنا الأولى (2/1). (3) Brenton the Septuagint with Apocrypha p.677. (4) Brenton the Septuagint with Apocrypha p.1115. (5) Theological Dictionary of the NT vol. 5, p. 802. (6) Ibid. 802,802. حيث نري المسيح شفيعنا عند الآب، ولو أنَّ مفاهيم فيلو عن " العقل " و " الابن " ليست هي المفاهيم المسيحية. وهكذا فأن تاريخ كلمة الباراقليط (Παράκλητος - Paraklētos) سواء في دائرة الفكر اليوناني أو اليهودي السابق للمسيحية أو الفكر المسيحي يؤكد أنها لا تعني سوى المدافع أو المحامي أو المعزي أو الشفيع. وقد طبقت كل هذه المعاني على السيد المسيح الذي هو الباراقليط الأول والروح القدس الذي هو الباراقليط الآخر. ولا مجال مطلقًا لأي إدعاء آخر. 6- ترجمة الباراكليتوس إلى اللغات الأخري: كُتب العهد الجديد باللغة اليونانية وقد كتب القديس يوحنا، بالروح القدس، الإنجيل الرابع ورسائله الثلاث فيما بين سنة 60و95م، الفترة التي دمر فيها الرومان هيكل سليمان وتشتت فيها اليهود في جميع أنحاء الدول المطلة علي البحر المتوسط، وبعد انتشار المسيحيّة في هذه الدولن وكانت اللغة اليونانية هي اللغة السائدة وقتئذ، وبالتالي فقد كتبت الكلمة في الإنجيل كما هي (Παράκλητος - Paraklētos) بدون نقل أو ترجمة من العبرية أو الآرامية التي كان يتكلم بها الرب يسوع المسيح. وقد ترجمت في القرون الثلاثة التالية إلي السريانية والقبطية واللاتينية وهي لغات البلاد التي انتشرت فيها المسيحية والتي كانت منتشرة فيها اللغة اليونانية أيضًا. (1) اللغة السريانية: نُقلت الكلمة في الترجمات السريانية الشرقية كما هي في اليونانية(Παράκλητος - Paraklētos) وقد كُتبت بحروف سريانية، ونُطقت " براقلطيا " بمعني المعزي، وترجمت في السريانية الفلسطينية " منحميا " أي المعزّي. (2) اللغة القبطية: واستخدمت اللغة القبطية أيضًا، سواء الصعيدية أو البحيرية، نفس الكلمة كما هي بحروفها اليونانية (Παράκλητος - Paraklētos) بنفس المعني اليوناني، المعزي، وإن كانت الصعدية ترجمت ما جاء في يوحنا الأولى: " يَا أَوْلاَدِي، أَكْتُبُ إِلَيْكُمْ هَذَا لِكَيْ لاَ تُخْطِئُوا. وَإِنْ أَخْطَأَ أَحَدٌ فَلَنَا شَفِيعٌ (παράκλητον – Parakleton) عِنْدَ الآبِ، يَسُوعُ الْمَسِيحُ الْبَارُّ، وَهُوَ كَفَّارَةٌ لِخَطَايَانَا. لَيْسَ لِخَطَايَانَا فَقَطْ، بَلْ لِخَطَايَا كُلِّ الْعَالَمِ أَيْضًا (يوحنا2/1). (3) اللغة اللاتينية: وبنفس الطريقة نقلت الترجمات اللاتينية الكلمة كما هي وكتبتها بحروف لاتينية (Parakletus) وترجموها أحيانًا إلي " أدفوكاتوس Advocatus " أي " المدافع"، وأحيانًا " المستشار القانوني – Consolator". وترجمت الفولجاتا (العامية) ما ورد في الإنجيل بحسب القديس يوحنا إلى " Parakletus " وما جاء في رسالته الأولي إلي Advocatus. 7- الباراكليتوس وآباء الكنيسة: آمن آباء الكنيسة وعلماؤها منذ نهاية القرن الأول وحتى الآن أنَّ الباراقليط (Παράκλητος - Paraklētos) هو اسم من أسماء الروح القدس وصفة من صفاته. فهو روح الحق الذي ينبثق من الذات الإلهية لله الواحد. كما أنه أحد ألقاب الرب يسوع المسيح " الشفيع". ولم يتخيّل أحد هؤلاء الآباء في القرون الاولى أنَّ الباراقليط يمكن أنْ يعني أي شخص آخر غير الروح القدس أو الرب يسوع المسيح. ولم ترد هذه الفكرة فى كتاباتهم ومخطوطاتهم على الإطلاق. وإنما ترجموها بمعنى المعزي أو المدافع بالنسبة للروح القدس والشفيع بالنسبة للمسيح. (1) جاء في الرسالة إلى برنابا التي كتبت فيما بين (سنة 70 إلي 100م)؛ أنَّ الباراقليط (Παράκλητος - Paraklētos)يعني المعزيConsoler أو المُريح Comforter، وهذه الصفة كانت معروفة وشائعة عند آباء الكنيسة اليونانية (أي الذين كتبوا باليونانية، خاصة في الشرق). (2) العلامة ترتليان (الروح القدس 220م)(7): قال العلامة ترتليان من الآباء اللاتين في القرن الثاني " وهو (أي المسيح) الذي سيأتي ليدين الأحياء والأموات والذي أرسل أيضًا من السماء، من الآب حسب وعده الروح القدس الباراقليط مقدس هؤلاء الذين يؤمنون بالآب والابن والروح القدس". (7) Against Paraxeas II. وقال أيضًا " يوجد الباراقليط أو المعزي الذي وعد (المسيح) أن يرسله من السماء بعد صعوده إلى الآب. لقد دعي حقًا معزيًا آخر، ولكن بأي طريقة هو آخر؟ مبينًا حالا قول المسيح " سيأخذ مما لي " مثلما أخذ المسيح نفسه من الآب. وهكذا فإنَّ صلة الآب في الابن والابن في الباراقليط ثلاثة أقانيم متّحدة (منطقيًا)، ومع ذلك يتميّز الأقنوم عن الآخر، وهؤلاء الثلاثة هم جوهر واحد فقط" (8). (3) العلامة أوريجانوس (185-245م): قال العلامة المصري أوريجانوس في بداية القرن الثالث" الروح القدس سمّاه ربنا ومخلصنا في الإنجيل للقديس يوحنا الباراقليط... نفس الروح القدس الذي كان في الأنبياء والرسل" (9). وأيضًا " يجب أنْ نعرف أنَّ الباراقليط هو الروح القدس الذي يُعلم الحق الذي لا يُنطق بكلمات ولا يسوغ لإنسان أنْ يتكلّم به، أي الذي لا يمكن أنْ يبيّن بلغة البشر" (10). وقال مبيّنًا الفرق بين استخدام الكلمة كصفة للرب يسوع المسيح: " وبما أنَّ مخلصّنا دُعي بالباراقليط في رسالة يوحنا في قوله "وَإِنْ أَخْطَأَ أَحَدٌ فَلَنَا شَفِيعٌ (παράκλητον – Parakleton) عِنْدَ الآبِ، يَسُوعُ الْمَسِيحُ الْبَارُّ، وَهُوَ كَفَّارَةٌ لِخَطَايَانَا"... لأنَّه في اليونانية له كلٍ من المعنيَين، أي الشفيع والمُعزّي... وعندما يقول " هو كفارة " يُفهم اسم الباراقليط في حالة مخلصنا بمعني الشفيع لأنَّه يتوسّط عند الآب لأجل خطايانا، وفي حالة الروح القدس يجب أنْ يُفهم بمعنى المُعزّي لأنَّه يهب تعزية لنفوس الذين يَكْشِف لهم صراحة إدراك المعرفة الروحية(11). (4) وجاء في كتاب تاريخ الكنيسة ليوسابيوس القيصريفي نهاية القرن الثاني وبداية الثالث تسجيل لما حدث لشهداء الغال (177/178م) قوله عن فيتيوس اباجاتوس(12) الذي شهد ودافع عن إخوته أنَّه دعي " شفيع المسيحيين، إذ كان في داخله شفيع، أي الروح الذي امتلأ به أكثر من زكريا". وهنا دعي شفيع لأنه كان بداخله الشفيع الذي أرسله المسيح، أي الروح القدس الذي امتلأ به مثلما امتلأ زكريا بالروح القدس وتنبأ... (8) Ibid. XXI. (9) On the Holy Spirit ch.7.1. (10) Ibid.7, 4. (11) Ibid.7, 4. (5) وركز القديس إكليمندس الإسكندري(13) على فكرة المشير القانوني والنصيحة القانونية، ويستخدم تعبير " باراكليتون بسيشس – parakleton psyches –ψυχης παράκλητον)، أي " محامي النفوس". (6) القديس كيرلس الأورشليمي (314-387م): قال في حديثه عن أسماء الروح القدس " أنه (الروح القدس) يدعى " روحًا " بحسب الكتاب المقدس كما قرأت الآن... ويُدعى " روح الحق " وفقًا لقول المخلص " فمتى جاء روح الحق..."، ويدعى " المعزي أو المؤيد " كما قال " فإن لم أمض لا يأتيكم المعزي... ولكن هو واحد بالرغم من له ألقابّا مختلفة وهذا واضح لأن الروح القدس والمعزي هما واحد معلن في هذه الكلمات " ولكن المعزي الروح القدس"... والمعزي هو نفسه الروح القدس... كما جاء " وأنا أسأل أبي فيعطيكم معزيًا آخر يبقى معكم إلي الأبد روح الحق"... وأيضا ومتى جاء المعزي الذي سأرسله أنا إليكم من عند الآب روح الحق" (14). وهكذا يتضح لنا أنَّ الباراقليط (Παράκλητος - Paraklētos) حسب ما فهمه آباء الكنيسة في القرون الأربعة الأولى للميلاد، سواء في الشرق أو الغرب، هو الروح القدس، روح الحق المعزي، الأقنوم الثالث في الذات الإلهية لله الواحد، والذي سبق أنْ حلّ في الأنبياء والرسل والذي أرشدهم إلى الحق كقول العلامة أوريجانوس " الذي يعلم الحق الذي ينطق بكلمات لا يسوغ لإنسان أن يتكلم بها، الذي لا يمكن أن يبين بلغة بشرية". (12) ك5 ف1. (13) Theological Dictionary of the NT vol. 5, p. 805. (14) عظة 17:4. هو الروح القدس الذي يهب التعزية للذين يهب لهم إدراك المعرفة الروحية، الذي نزل من السماء وحلّ على التلاميذ بعد صعود الرب يسوع المسيح بعشرة أيام. كما عرفوا أيضًا وفهموا من الكتاب المقدس أنَّ المسيح نفسه دُعي باراقيط (Παράκλητος - Paraklētos) بمعنى الشفيع الذي يشفع لنا عند الآب. 8- الباراقليط والهرطقات(16): من أشهر الهرطقات التي استخدمت الباراقليط في أفكارها، هرطقة ماني، أو ما يُسمّى بالهرطقة المانوية نسبة إلى ماني. فمن هو ماني؟ وما هي المانوية؟. يذكر الأسقف أرخلاوس أسقف Casher فيما بين النهرين والذي دار بينه وبين ماني هذا نقاش حول بدعته وإدّعاءاته وأكاذيبه. وكذلك القديس كيرلس الأورشليمي الذي كتب بعد ظهور هذه البدعة بسبعين سنة، أنَّه كان في مصر رجل من أصل شرقي يُدعى سيثيانوس Scythianus أمتثل بحياة أرسطو وألّف أربعة كتب أسماها " الكنز " و " الفصول " و " الأسرار " و " الإنجيل " والذي لم يكن يحوي شيئًا من أعمال المسيح. ولما مات هذا الرجل ورثه تلميذه تيريبنثوس Terebinthus الذي إنتقل إلي فلسطين ثم حُكم عليه بالموت فهرب إلى بلاد الفرس وإستبدل اسمه ببوذا حتي لا يعرفه أحد. ثم إدّعى أنَّه ابن عذراء وأنه وُلد عن طريق ملاك علي الجبال. وحدث جدال بينه وبين تلميذ ميثرا Mithra وبينوا له ضلاله، فلجأ إلى بيت أرملة لتحميه، وفيما كان يستدعي شياطين الهواء سقط من على سطر المنزل ومات. فورثت الأرملة كل ما تركه تيريبنثوس Terebinthus من كتب وتفاسير لهذه الكتب. ولما كانت هذه الأرملة وحيدة اشترت لها ولدًا صغيرًا في السابعة من عمره اسمه كوبرشيوس Cobricious وحررته وهذبته وعلمته ولما بلغ الثانية عشر من العمر ماتت المرأة وتركت له كل ما تملك من مال وكتب بما فيها الكتب الأربعة التي لتيريبنثوس، وسكن في وسط المدينة بالقرب من ملك الفرمن وغير اسمه القديم اسم العبودية، إلى ماني Mani مرادف كوبرشيوس Cobricious في الفارسية. ولما بلغ الستين من عمره وكان قد درس كثيرًا وتعلم علوم كثيرة وأصبح له اسم إدّعي أنَّه الباراقليط، أي المعزي أو المؤيد الذي وعد المسيح بأن يرسله كرسوله. ولما مرض ابن ملك الفرس، إدّعى ماني أنَّه قادر على شفائه بصلواته زاعمًا أنَّه رجل تقي، فخرج الأطباء وفشل ماني في شفاء الطفل بل ومات الطفل فوضعه ملك الفرس في السجن فهرب منه ولجأ إلى بلاد ما بين النهرين. وهناك حدث جدال بينه وبين الأسقف أرخلاوس، ثم هرب ولجأ إلى قرية صغيرة ثم وجده جنود ملك الفرس فقبضوا عليه وأمر ملك الفرس بسلخ جلده وعلقه على أبواب المدينة ومات. وكانت عقيدة ماني خليط بين الوثنية الفارسية وبين المسيحية. وفيما يلي أهم أفكاره: (16) Anti NF vol.6 p, 209. 1- زعم أنه الباراقليط قائلًا: " أنا الباراقليط الذي أُعلنت رسالته من زمن قديم بواسطة يسوع والذي كان يجب أنْ يأتى ليقنع العالم بالخطية وعدم البر، وكما قال بولس الذي أرسل قبلي عن نفسه أنَّه " يعلم بعض ويتنبأ ببعض " لذلك فأنا أحفظ الكمال لنفسي... لذا إقبلوا هذه الشهادة الثالثة أنني رسول المسيح، وإذا إخترتم أن تقبلوا كلماتي ستجدون خلاصا". وهو هنا يفهم الباراقليط على أنه رسول للمسيح مثل بوس الرسول. 2- إعتقد يوحود إلهين يتعارض أحدهما مع الآخر، إله للخير وإله للشر، النور والظلمة. وأنَّ النفس في الإنسان هي جزء من النور وأنَّ الجسد الذي يتكون من المادة هو جزء من الظلمة. 3- امتلأت أفكاره بالنظريات الوثنية عن المادة، وخلط بين الأساطير الوثنية والكتاب المقدس. 4- فهم الكتاب المقدس بمنظور مادي وثني: فقال عن الله " إنَّ إله العهد القديم هو مصدر الشر، إذ يقول عن نفسه " أنا نار آكلة" (تثنية4/24)، وفهم قول بولس الرسول " الَّذِينَ فِيهِمْ إِلَهُ هَذَا الدَّهْرِ (أي الشيطان) قَدْ أَعْمَى أَذْهَانَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، لِئَلاَّ تُضِيءَ لَهُمْ إِنَارَةُ إِنْجِيلِ. مَجْدِ الْمَسِيحِ، الَّذِي هُوَ صُورَةُ اللهِ" (2كورونثوس4/4) بمعنى العمى الجسدي فقال " لماذا سيسبب الله العمي للإنسان؟". 5- ويقول أتباع ماني عن نزول المطر. أنَّ المطر يأتي عن حب فاسق، وأنَّ السماء عذراء جميلة وشابة جميلة وأنهما يشعران كالجمال والذئاب فى أيّام الحرّ بالشهوة الجنسية تدفعهما الواحد نحو الآخر في فصل الشتاء. فيسعي الشاب الفاسق إلي العذراء بوحشية فتهرب، ولكنه يطاردها، وإذ هو يركض وراءها يعرق وهذا العرق هو المطر. من هذا يتضح لنا أنَّ فهم ماني للكتاب المقدس مبني على أفكار وثنية بحتة وتسيطر عليه العقلية المملؤة بالأساطير والخرافات الوثنية. ومع ذلك فقد كان يؤمن بألوهيّة المسيح وأنَّ الباراقليط هو رسول خاصّ بالمسيح، ومن ثمّ إعتقد أنَّه هو نفسه الباراقليط رسول المسيح مثل بولس الرسول. 9- من هو الباراقليط، إذًا، وهل يمكن أن يكون مجرّد إنسان؟: والإجابة كلا، هو روح وليس إنسانًا ولا يمكن أن يكون إنسانًا لأنه روح الله الآب وروح الابن: 1- هو روح من ذات الله، روح الله، وليس إنسان: " الأَبَدِرُوحُ الْحَقِّ الَّذِي لاَ يَسْتَطِيعُ الْعَالَمُ أَنْ يَقْبَلَهُ لأَنَّهُ لاَ يَرَاهُ وَلاَ يَعْرِفُهُ" (يوحنا14/17)، هو روح غير مرئي وليس مادة ملموسة، والحق هنا هو الله، فهو روح الله، الذي انبثق، أي يصدر من ذات الله الآب "رُوحُ الْحَقِّ الَّذِي مِنْ عِنْدِ الآبِ يَنْبَثِقُ فَهُوَ يَشْهَدُ لِي" (يوحنا15/26). فالله كما قال الرب يسوع المسيح " روح "؛ " الله روح" (يوحنا4/24)، والباراقليط الصادر منه، المنبثق منه هو روح، روح الحق، روح من روح. " الروح القدس" (يوحنا14/26)، أي روح الله القدوس، كما يوصف دائمًا. 2- وغير محدود بالمكان أو الزمان وغير مرئي للعين البشرية: " وَأَنَا أَطْلُبُ مِنَ الآبِ فَيُعْطِيكُمْ مُعَزِّيًا آخَرَ(αλλον παράκλητον– allon Parakleton) لِيَمْكُثَ مَعَكُمْ إِلَى الأَبَدِرُوحُ الْحَقِّ الَّذِي لاَ يَسْتَطِيعُ الْعَالَمُ أَنْ يَقْبَلَهُ لأَنَّهُ لاَ يَرَاهُ وَلاَ يَعْرِفُهُ" (يوحنا14/16و17). فهو أبدي لا نهاية له وسيمكث مع الكنيسة إلي الأبد ولن يفارقها أبدًا، وهذه صفة من صفات الله وليست من صفات الإنسان. وهو غير مرئي للعين البشرية، لأنه روح الله الذي لم يره أحد قط بلاهوته؟ ولكن التلاميذ كانوا يعرفونه لأنه كان حال فيهم، بعد حلوله يوم الخمسين، كانوا يدركونه بقوّته العاملة فيهم، وبأعماله التي يعملها من خلالهم، سواء بتكلّمه علي ألسنتهم أو بعمل المعجزات علي أيديهم "وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَعْرِفُونَهُ لأَنَّهُ مَاكِثٌ مَعَكُمْ وَيَكُونُ فِيكُمْ. لاَ أَتْرُكُكُمْ يَتَامَى. إِنِّي آتِي إِلَيْكُمْ" (يوحنا14/18). 3- سيرسله المسيح من الآب: " وَأَمَّا الْمُعَزِّي (Παράκλητος - Paraklētos) الرُّوحُ الْقُدُسُ الَّذِي سَيُرْسِلُهُ الآبُ بِاسْمِي" (يوحنا14/26). فالروح القدس هو روح الآب كما هو روح الابن أيضًا لأنَّ الآب والابن واحد، لذا يقول الكتاب المقدّس أنَّه روح الابن " ثُمَّ بِمَا أَنَّكُمْ أَبْنَاءٌ، أَرْسَلَ اللهُ رُوحَ ابْنِهِ إِلَى قُلُوبِكُمْ صَارِخًا: «يَا أَبَا الآبُ" (غلاطية4/6)، وروح المسيح " وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلَسْتُمْ فِي الْجَسَدِ بَلْ فِي الرُّوحِ إِنْ كَانَ رُوحُ اللهِ سَاكِنًا فِيكُمْ. وَلَكِنْ إِنْ كَانَ أَحَدٌ لَيْسَ لَهُ رُوحُ الْمَسِيحِ فَذَلِكَ لَيْسَ لَهُ" (رومية8/9). وروح يسوع المسيح " لأَنِّي أَعْلَمُ أَنَّ هَذَا يَؤُولُ لِي إِلَى خَلاَصٍ بِطِلْبَتِكُمْ وَمُؤَازَرَةِ رُوحِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ" (فيليبي1/19). 4- مجيئه مرتبط بصعود المسيح وتالي له مباشرة: " لَكِنِّي أَقُولُ لَكُمُ الْحَقَّ إِنَّهُ خَيْرٌ لَكُمْ أَنْ أَنْطَلِقَ لأَنَّهُ إِنْ لَمْ أَنْطَلِقْ لاَ يَأْتِيكُمُ الْمُعَزِّي (Παράκλητος - Paraklētos) وَلَكِنْ إِنْ ذَهَبْتُ أُرْسِلُهُ إِلَيْكُمْ" (يوحنا16/4).كان لابد أن يأتى بعد صعود المسيح مباشرة لأنَّه هو، المسيح، الذي سيرسله من الآب، فإن مجيئه مرتبط بصعود المسيح كروح المميح ليمجده وليذكّرهم بكل ما قاله وعمله المسيح مدة خدمته على الأرض، وقد حلّ الروح القدس علي التلاميذ بعد صعود المسيح بعشرة أيام وكان يقود الكنيسة ويوجّهما ويرشدها. يقول الكتاب عن " فَقَالَ الرُّوحُ لِفِيلُبُّسَ: تَقَدَّمْ وَرَافِقْ هَذِهِ الْمَرْكَبَةَ" (أعمال8/29). ليكرز للخصي الحبشي ، وبعد أداء مهمّته يقول " خَطَفَ رُوحُ الرَّبِّ فِيلُبُّسَ" (أعمال8/39)، وعند كرازة القديس بطرس لكرنيليوس قائد المئة الروماني "قَالَ لَهُ (بطرس) الرُّوحُ: هُوَذَا ثَلاَثَةُ رِجَالٍ يَطْلُبُونَكَ" (أعمال10/19)، "فَقَالَ لِي الرُّوحُ أَنْ أَذْهَبَ مَعَهُمْ" (أع 11/12). وفي بداية خدمة بولس وبرنابا يقول "قَالَ الرُّوحُ الْقُدُسُ: أَفْرِزُوا لِي بَرْنَابَا وَشَاوُلَ" (أع13/2)، "وَبَعْدَ مَا اجْتَازُوا فِي فِرِيجِيَّةَ وَكُورَةِ غَلاَطِيَّةَ مَنَعَهُمُ الرُّوحُ الْقُدُسُ أَنْ يَتَكَلَّمُوا بِالْكَلِمَةِ فِي أَسِيَّا. فَلَمَّا أَتَوْا إِلَى مِيسِيَّا حَاوَلُوا أَنْ يَذْهَبُوا إِلَى بِثِينِيَّةَ فَلَمْ يَدَعْهُمُ الرُّوحُ" (أع16/6-7)، وبعد مجمع أورشليم الأوّل قال التلاميذ في مستهلّ إعلان ما قرّره المجمع "لأَنَّهُ قَدْ رَأَى الرُّوحُ الْقُدُسُ وَنَحْنُ أَنْ لاَ نَضَعَ عَلَيْكُمْ ثِقْلًا أَكْثَرَ غَيْرَ هَذِهِ الأَشْيَاءِ الْوَاجِبَةِ" (أعمال15/28). وكان "الرُّوحَ الْقُدُسَ يَشْهَدُ فِي كُلِّ مَدِينَةٍ " عما سيحدث لبولس الرسول (أع20/23). وكان الروح القدس هو الذي يقيم الأساقفة "الَّتِي أَقَامَكُمُ الرُّوحُ الْقُدُسُ فِيهَا أَسَاقِفَةً لِتَرْعُوا كَنِيسَةَ اللهِ" (أعمال20/28). وتكرّر في سفر الرؤيا عبارة "مَنْ لَهُ أُذُنٌ فَلْيَسْمَعْ مَا يَقُولُهُ الرُّوحُ لِلْكَنَائِسِ" (رؤيا2/7و11و17و29؛ 3/6و13و22). 5- يأت ليشهد للمسيح ويمجّده لأنه سيأخذ مما له ويخبر به: " وَأَمَّا الْمُعَزِّي (Παράκλητος - Paraklētos) الرُّوحُ الْقُدُسُ الَّذِي سَيُرْسِلُهُ الآبُ بِاسْمِي فَهُوَ يُعَلِّمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ وَيُذَكِّرُكُمْ بِكُلِّ مَا قُلْتُهُ لَكُمْ" (يوحنا14/26). " وَمَتَى جَاءَ الْمُعَزِّي (Παράκλητος - Paraklētos) الَّذِي سَأُرْسِلُهُ أَنَا إِلَيْكُمْ مِنَ الآبِ رُوحُ الْحَقِّ الَّذِي مِنْ عِنْدِ الآبِ يَنْبَثِقُ فَهُوَ يَشْهَدُ لِي" (يوحنا15/26). " لكِنِّي أَقُولُ لَكُمُ الْحَقَّ إِنَّهُ خَيْرٌ لَكُمْ أَنْ أَنْطَلِقَ لأَنَّهُ إِنْ لَمْ أَنْطَلِقْ لاَ يَأْتِيكُمُ الْمُعَزِّي (Παράκλητος - Paraklētos) وَلَكِنْ إِنْ ذَهَبْتُ أُرْسِلُهُ إِلَيْكُمْ. وَمَتَى جَاءَ ذَاكَ يُبَكِّتُ الْعَالَمَ عَلَى خَطِيَّةٍ وَعَلَى بِرٍّ وَعَلَى دَيْنُونَةٍ.أَمَّا عَلَى خَطِيَّةٍ فَلأَنَّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ بِي. وَأَمَّا عَلَى بِرٍّ فَلأَنِّي ذَاهِبٌ إِلَى أَبِي وَلاَ تَرَوْنَنِي أَيْضًا. وَأَمَّا عَلَى دَيْنُونَةٍ فَلأَنَّ رَئِيسَ هَذَا الْعَالَمِ قَدْ دِينَ. إِنَّ لِي أُمُورًا كَثِيرَةً أَيْضًا لأَقُولَ لَكُمْ وَلَكِنْ لاَ تَسْتَطِيعُونَ أَنْ تَحْتَمِلُوا الآنَ. وَأَمَّا مَتَى جَاءَ ذَاكَ رُوحُ الْحَقِّ فَهُوَ يُرْشِدُكُمْ إِلَى جَمِيعِ الْحَقِّ لأَنَّهُ لاَ يَتَكَلَّمُ مِنْ نَفْسِهِ بَلْ كُلُّ مَا يَسْمَعُ يَتَكَلَّمُ بِهِ وَيُخْبِرُكُمْ بِأُمُورٍ آتِيَةٍ. ذَاكَ يُمَجِّدُنِي لأَنَّهُ يَأْخُذُ مِمَّا لِي وَيُخْبِرُكُمْ.كُلُّ مَا لِلآبِ هُوَ لِي. لِهَذَا قُلْتُ إِنَّهُ يَأْخُذُ مِمَّا لِي وَيُخْبِرُكُمْ" (يوحنا16/7-15). إنَّه يأتي ليذكّر تلاميذ المسيح بما عمله وعلّمه أمامهم ومن ثمّ يشهد له ويمجّده ويرشدهم لكلّ الحق الذي علّمه لأنَّه يأخذ مما له، للمسيح، الابن، لأن كل ما لله الآب هو للابن أيضًا، والآب والابن والروح القدس واحد. ومن له أذنان للسمع فليسمع!!! |
||||
|