![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
جسد يسوع ![]() "ثم إن يوسف الذي من الرامة، وهو تلميذ يسوع، ولكن خفية لسبب الخوف من اليهود، سأل بيلاطس أن يأخذ جسد يسوع، فأذن بيلاطس، فجاء وأخذ جسد يسوع" (يو19: 38). كان سكان الرامة يحبون اسم يوسف للرجال وراحيل للنساء، لأن راحيل حينما ولدت بنيامين تعسرت ولادتها وتوفيت ودفنت في الرامة بجوار بيت لحم. وكان يوسف هو ابنها البكر المحبوب من أبيه يعقوب ورمز إلى السيد المسيح، وصار ملكًا على مصر وسجد له إخوته كما أعلن له الرب. في بيت لحم ولد السيد المسيح، وعندما ذبح هيرودس الملك أطفال بيت لحم طمعًا في القضاء على الطفل الملك المولود تحققت نبوة إرميا النبي القائلة "صوت سُمع في الرامة نوح بكاء مر، راحيل تبكى على أولادها وتأبى أن تتعزى عن أولادها، لأنهم ليسوا بموجودين" (أر31: 15، انظرمت 2: 18). لم تكن مصادفة أن يدفن يوسف الرامي جسد يسوع.. لأن راحيل الحقيقية الآن هي مريم أم يسوع تبكى وحيدها الذي قتله اليهود.. ونساء اليهودية يبكين معها من أجل الملك الذبيح. ولكن وعد القيامة كان هو مصدر العزاء، لأن الذي مات بحسب الجسد كان هو الحي الذي لا يموت الذي قهر الموت بسلطان لاهوته وقام من الأموات منتصرًا، لم تعد راحيل العهد الجديد لا تريد أن تتعزى، بل هذا هو وقت العزاء والفرح بالخلاص الذي تم. كان يوسف الرامي تلميذًا ليسوع ولكن خفية لسبب الخوف من اليهود، ولكنه لما أخذ جسد يسوع تحول من الخوف إلى المجاهرة، وذهب ليدفن على مرأى ومسمع من اليهود المنافقين. إن من يأخذ جسد يسوع في سر القربان المقدس مثل يوسف يتحول الخوف فيه إلى شجاعة، فلا يعود يرهب الشياطين، وقوات الظلمة الروحية، بل يصير تلميذًا قويًا شاهدًا للرب. التناول من جسد يسوع يمنح قوة وشجاعة وثباتًا في المسيح ومجاهرة بالإيمان به كفادٍ ومخلص.. فلنفهم إذًا قوة هذا الجسد، وكيف تعمل فينا عجبًا في سر القربان المقدس!! لقد حمل يوسف ونيقوديموس جسد يسوع ووضعاه في القبر، ولكن قوة القيامة كانت في ذلك الجسد الذي حملاه،لاشك أن الكنيسة قد منحتهما الكهنوت فيما بعد لأنهما حملا جسد الرب بإيمان ووضعاه في الأكفان.. طوباك يا يوسف الرامي وطوباك يا نيقوديموس. ![]() "وجاء أيضًا نيقوديموس، الذي أتى أولًا إلى يسوع ليلًا، وهو حامل مزيج مر وعود نحو مئة منًا. فأخذا جسد يسوع، ولفاه بأكفان مع الأطياب، كما لليهود عادة أن يكفنوا" (يو19: 39، 40). كان اليهود يغسلون جسد المتوفى ثم يلفوه بأكفان. الغسل بالماء للتطهير واللف بالأكفان لستر العرى. ولكن في دفن جسد السيد المسيح لم يكن هناك وقت لغسل الجسد، وهو غير المحتاج إلى تطهير، بل هو الذي طهّر الخطاة بدمه المسفوك عنهم، وكان السيد المسيح قد صلب عاريًا من ملابسه - إذ تعرى من ثيابه ليستر عرى آدم. أو حمل هو عرى آدم ليدفع ثمن خطيته التي شعر بسببها أنه عريان. ولذلك لم يكن الكفن بالنسبة للسيد المسيح لستر العرى بل بالأكثر ليكون شاهدًا على القيامة. الكفن بالنسبة لليهود كان علامة للموت، وبالنسبة للسيد المسيح كان علامة للقيامة، وكل من رأى الكفن من تلاميذه موضوعًا في القبر الفارغ آمن بالقيامة. لقد ترك السيد المسيح على الكفن المقدس تذكار موته وقيامته المجيدة بصورة إعجازية انبهر لها العلماء. |
![]() |
رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() بستان في موضع الصلب ![]() "وكان في الموضع الذي صلب فيه بستان، وفي البستان قبر جديد لم يوضع فيه أحد قط. فهناك وضعا يسوع لسبب استعداد اليهود لأن القبر كان قريبًا" (يو 19: 41، 42). صلب السيد المسيح في موضع الجلجثة وهو إشارة إلى الموت والجحيم حيث كانت أرواح المنتقلين في بيت السجن تنتظر الخروج من الأسر بعمل المخلّص. وفى الموضع الذي صلب فيه كان يوجد بستان، هو رمز للفردوس الذي فتحه السيد المسيح بعد أن دفع ثمن الفداء على الصليب. فقد نزل إلى أقسام الأرض السفلى في الجحيم من قِبل الصليب حيث حرر المسبيين ونقلهم من الجحيم إلى الفردوس. كما أنه أدخل روح اللص اليمين بعد وفاته إلى الفردوس. فالصليب كان هو طريق السيد المسيح إلى العالم الآخر حيث دخل في معركة مع مملكة الشيطان "وخرج غالبًا، ولكي يغلب" (رؤ6: 2) مسجلًا كل تلك الانتصارات لحساب البشرية التي انهزمت أمام الشيطان،ولسبب هذه الانتصارات سبى السيد المسيح سبيًا وأعطى الناس كرامات. كان الصليب هو الطريق إلى الفردوس عبر الجحيم، ولذلك اجتمعت الجلجثة مع البستان الذي فيه دفن جسد يسوع الذي بموته المحيى رد آدم وبنيه إلى الفردوس. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() قبر جديد دفن السيد المسيح في بستان "وفى البستان قبر جديد لم يوضع فيه أحد قط" (يو19: 41). كان موت السيد المسيح ليس لسبب خطاياه الشخصية -لأنه بلا خطية- بل نيابة عن آخرين.. ولهذا كان فريدًا في موته. هو موت من نوع جديد ولهذا دفن في قبر جديد.. ![]() قبر جديد فيه لا يستطيع الموت أن يكون له سلطان عليه. قبر جديد.. بكر.. كما كان الذي دفن فيه هو البكر من الأموات في قيامته. هو الوحيد الذي مات وقام لكي لا يموت مرة أخرى بل يبقى حيًا إلى أبد الآبدين. قبر جديد في أنه هو القبر الأول الذي تحول من موضع للنوح إلى موضع للفرح لأن منه خرجت بشرى القيامة، وأنوار القيامة. وفيه رأى التلاميذ ملائكة القيامة. قبر جديد يليق بآدم الجديد. قبر جديد لأن الذي دُفن فيه هو الوحيد الذي لم يرَ جسده فسادًا منذ آدم. وقبر جديد ليس فيه عظام أموات، لكي لا يختلط الأمر ويدّعى أحد من الناس أن يسوع قد تحول إلى عظام، وأنه لم يقم، ولهذا ترك الرب قبرًا فارغًا ليعلن انتهاء سلطان الموت إلى الأبد. وقبر جديد ليس فيه فساد أجساد الموتى، ولا رائحة الموت. لأن الذي دُفن فيه كانت تفوح منه رائحة الحياة "ما دام الملك في مجلسه أفاح نارديني رائحته" (نش1: 12). دُفن السيد المسيح في بستان ليؤكد أنه قد سلّم روحه الطاهرة في يدي الآب، وليس للجحيم سلطان عليه،بل هو موت طريقه الفردوس. في نزوله إلى الجحيم حطم متاريسه وأخرج الذين في بيت الحبس، محررًا إياهم من قبضة الموت الأبدي، ناقلًا إياهم إلى الفردوس والنعيم. ما أعجب اتضاعك يا رب.. حينما قبلت أن توضع الأختام على قبرك، وكأن الموت قد أغلق فمه عليك إلى الأبد!! ولكنك قمت يا سيدي والحجر مغلق والأختام موضوعة، وخرجت من القبر ناقضًا أوجاع الموت. لتُعلن أن الحياة المتدفقة التي فيك يا قدوس، كانت أقوى من الموت الذي لنا. وأنه لا شيء يستطيع أن يفصلنا عن محبتك المتدفقة يا فادينا ومخلصنا. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() يونان والسيد المسيح مكث السيد المسيح في القبر ثلاثة أيام وكان اليهود قبل صلبه قد طلبوا منه أن يريهم آية فقال لهم: "جيل شرير وفاسق يطلب آية، ولا تُعطى له آية، إلا آية يونان النبي. لأنه كما كان يونان في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال هكذا يكون ابن الإنسان في قلب الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال" (مت12: 39، 40). كان السيد المسيح قد صنع أمام اليهود آيات كثيرة. ولكن كثير منهم لم يمكنهم أن يؤمنوا بأنه هو الله الظاهر في الجسد. كذلك كانت التوبة بعيدة عن قلوبهم، ولم يفهموا مقاصد الله وتدابيره الحقيقية. كذلك البشرية، كانت غارقة في ظلال الموت قبل إتمام الفداء. ولم تنفع معها كل الأدوية السابقة، وكل إعلانات الله ومعجزاته في وسطهم. ولم يتمكن الناموس الإلهي؛ الأدبي أو المكتوب -بالرغم من صدق المقاصد الإلهية- من تحرير الإنسان من ناموس الخطية والموت. فمن جانب، لم يتمكن كثير من اليهود من التوبة والإيمان بالمسيح إلا بعد صلبه وقيامته. ولهذا قال لهم قبل الصلب: "متى رفعتم ابن الإنسان فحينئذ تفهمون أنى أنا هو" (يو8: 28). ومن جانب آخر لم تتمكن البشرية بصفة عامة من التحرر من سلطان إبليس، إلا بعد إتمام الفداء، والكرازة باسم المسيح لغفران الخطايا. اتخذ السيد المسيح من قصة يونان في بطن الحوت وسيلة لإيضاح مقاصد الله في خلاص البشرية. مؤكدًا أن الآية المطلوبة لتحرير البشر من الخطية هي دفن المسيح وقيامته بعد ثلاثة أيام. ![]() ![]() هرب يونان من الرب عندما أمره أن يذهب إلى نينوى المدينة الخاطئة، وينادى لها بالتوبة. وهاج البحر على السفينة وكادت تغرق. ووقعت القرعة على يونان أنه هو السبب في هياج البحر لسبب هروبه من المناداة على نينوى. وسأل الرجال يونان ماذا يقترح عليهم أن يفعلوه ليهدأ البحر عنهم، لأن البحر كان يزداد اضطرابًا. فقال لهم: "خذوني واطرحوني في البحر، فيسكن البحر عنكم" (يون1: 12). بمعنى أن غضب الله على جميع ركاب السفينة يمكن أن يوفيه موت يونان كحامل للخطية. وصرخ أهل السفينة إلى الرب قائلين: "آه يا رب، لا نهلك من أجل نفس هذا الرجل، ولا تجعل علينا دمًا بريئًا. لأنك يا رب فعلت كما شئت" (يون1: 14). ثم ألقوا يونان في البحر فهدأ البحر عنهم. "فخاف الرجال من الرب خوفًا عظيمًا، وذبحوا ذبيحة للرب ونذروا نذورًا" (يون1: 16). وفهم أهل السفينة أن الغضب الإلهي لن يسكت إلا بعد أن يأخذ العدل الإلهي مجراه. وآمن أهل السفينة بإله يونان ضابط الكون، وقدموا ذبيحة للرب "إله السماء الذي صنع البحر والبر" (يون1: 9). وهكذا كان يونان وسيلة لإعلان قداسة الله وسلطانه ورفضه للشر وعدالته.. ووسيلة لإيمان أهل السفينة الذين لم يكونوا يعرفون الله. ![]() من أجل إنقاذ أهل نينوى من خطاياهم، أُلقى يونان إلى البحر. ولهذا أعد الله حوتًا لابتلاع يونان. فكان يونان في عمق البحر وفي داخل الحوت في حكم الميت، كما رآه أهل السفينة، ولكنه كان محفوظًا بقدرة الله حيًا في نفس الوقت. فكان هو الميت الحي، أو الحي الميت (انظر رؤ1: 18). بهذا كان يونان رمزًا للسيد المسيح الذي حمل خطايانا في جسده على الصليب، وأوفى العدل الإلهي حقه،وجاز معصرة سخط وغضب الله، ليرفع الغضب واللعنة عن البشرية. وذاق الموت فعلًا بحسب الجسد لهذا السبب.ولكنه في الوقت نفسه كان -بحسب لاهوته- حيًّا لا يموت، لا يقوى عليه الموت.. إذ لا يستطيع أن يمسكه. بل كان أقوى من الموت، إذ كانت الحياة التي فيه أقوى من الموت الذي علينا.. وكان البر الذي له أعظم من الخطية التي لنا. ولهذا قام من الأموات حيًا منتصرًا وقال عنه بطرس الرسول: "الذي أقامه الله ناقضًا أوجاع الموت إذ لم يكن ممكنًا أن يُمسك منه" (أع2: 24). مات المسيح بسبب خطايانا ليوفى الدين عنا، وقام من الأموات ليعلن قداسته وبره وسلطانه الإلهي على الموت، واهبًا الحياة للذين يؤمنون به فاديًا ومخلّصًا لحياتهم. مات بسبب خطايا الآخرين، وقام بسبب بره الشخصي غير المحدود، وهو الذي بلا خطية وحده، وليعلن سلطانه الإلهي على الموت. إن الحوت كان رمزًا للقبر الذي وُضع فيه السيد المسيح. والبحر العميق كان رمزًا للجحيم أو الهاوية التي نزل إليها بروحه، بعد موته على الصليب ليكرز للأرواح التي في السجن (انظر1بط3: 19)، بإتمام الفداء، وتحرير المسبيين الذين انتظروا مجيئه ليخلصهم. وهكذا تسهر الكنيسة ليلة السبت الكبير بعد طقوس الجمعة العظيمة سهرة لها طابع أخروي (إسخاطولوجى)، لتقرأ سفر الرؤيا حيث إعلانات الله عن الآخرة والعالم الآخر، وتسمى تلك الليلة باللغة اليونانية "أبوكالبسيس" أي الرؤيا. ![]() خرج يونان من بطن الحوت ليكرز لأهل نينوى بالتوبة قائلًا: "بعد أربعين يومًا تنقلب نينوى" (يون3: 4). فآمن أهل نينوى بالله وصاموا وصلوا وصرخوا إلى الرب فسمع صراخهم وقبل توبتهم ورفع غضبه عنهم. وبالمثل خرج السيد المسيح من القبر ليكرز لتلاميذه ولليهود وللبشرية كلها بالإيمان والتوبة والحياة الجديدة.. رآه تلاميذه فقط (أكثر من خمسمائة أخ)، وآمنوا بالقيامة، ومنح الرسل سلطان الروح القدس لغفران الخطايا. وأرسلهم حاملين "كلمة المصالحة" (2كو5: 19) لدعوة الناس للتصالح مع الله. وهكذا قال القديس بطرس الرسول للجموع الذين نخسهم الروح القدس في قلوبهم يوم الخمسين: "توبوا وليعتمد كل واحد منكم على اسم يسوع المسيح لغفران الخطايا، فتقبلوا عطية الروح القدس.. فقبلوا كلامه بفرح واعتمدوا" (أع2: 38، 41). كان وجود يونان في بطن الحوت في عمق المياه، ثلاثة أيام وثلاث ليالٍ هو رمز للمعمودية على اسم الثالوث القدوس التي بها يتم خلاص البشر. وهنا نرى الماء والرقم ثلاثة معًا مجتمعين. كذلك كان وجود السيد المسيح في القبر ثلاثة أيام، هو رمز للمعمودية التي على اسم الثالوث والتي نتحد فيها مع المسيح في موته وقيامته، كقول معلمنا بولس الرسول: "فدفنا معه بالمعمودية للموت، حتى كما أقيم المسيح من الأموات بمجد الآب هكذا نسلك نحن أيضًا في جدة الحياة. لأنه إن كنا قد صرنا متحدين معه بشبه موته نصير أيضًا بقيامته" (رو6: 4، 5). وكما أعطى يونان لأهل نينوى أربعين يومًا مهلة للتوبة بأمر الرب، هكذا مكث السيد المسيح أربعين يومًا على الأرض بعد قيامته، وقبل صعوده إلى السماء ليؤكد حقيقة القيامة وليكرز باسمه للتوبة ومغفرة الخطايا. حقًا كان صلب السيد المسيح وقيامته هي الآية التي احتاجتها البشرية لتنال الخلاص. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ما بين الموت والقيامة قالقداسة البابا شنودة الثالث -أطال الرب حياته-إن السيد المسيح [بموته قد حل مشكلة الخطية، وبقيامته قد حل مشكلة الموت] بالنسبة للإنسان.. فالموت قد دخل إلى العالم لسبب الخطية، فكان لابد أن تحل مشكلة الخطية أولًا، قبل أن تُحل مشكلة الموت. ولهذا لم يرغب السيد المسيح أن يكون انتصاره على الموت هو بتغلبه عليه دون أن يموت. بمعنى أن لا يتأثر بالجلدات والمسامير والأشواك والصلب وسفك دمه. الانتصار بهذه الصورة كان سيحسب للمسيح شخصيًا، وليس فيه تكفير ولا غفران لخطايا البشر. كان باستطاعته أن يفعل ذلك بسلطان لاهوته، ولكنه لم يأتِ إلى العالم لكي ينتصر على الموت لحساب نفسه فقط، دون أن ننتفع نحن شيئًا.. ولكن السيد المسيح قد انتصر على الموت بطريقة أخرى، وهى أن يقدِّم نفسه ذبيحة تكفيرًا لخطايانا، ثم يقوم متحررًا من سلطان الموت. لأنه "لم يكن ممكنًا أن يُمسك منه" (أع2: 24). ![]() لقد مات عن آخرين وليس لسبب خطايا شخصية تخصه، بل لسبب خطايا آخرين. كما هو مكتوب بالنبي القائل: "جعل نفسه ذبيحة إثم.. حمل خطية كثيرين، وشفع في المذنبين" (إش53: 10، 12). فلأن الموت الذي ماته هو عن آخرين، ليوفى الدين الذي عليهم.. لهذا قام بحسب استحقاق بره الشخصي: ليعلن الله بهذا أنه وجد كل مسرته في البار القدوس، الذي قدّم طاعة كاملة حتى الموت. ففي الموت أوفى دين الخطايا الذي لآخرين.. وفي القيامة أعلنت برارته الشخصية كقدوس بلا خطية. لهذا قال معلمنا بولس الرسول إن المسيح قد "أُسلم من أجل خطايانا، وأُقيم لأجل تبريرنا" (رو4: 25). في الموت دُفع ثمن الخطية، وفي القيامة أُعلن بر الذبيحة التي قُدمت وبها قد تبررنا. وفي هذا ينطبق تمامًا كلام معلمنا بولس الرسول: "كما بخطية واحدة صار الحكم إلى جميع الناس للدينونة، هكذا ببر واحد صارت الهبة إلى جميع الناس لتبرير الحياة" (رو5: 18)،و"لأنه إن كان بخطية الواحد قد ملك الموت بالواحد، فبالأولى كثيرًا الذين ينالون فيض النعمة وعطية البر سيملكون في الحياة بالواحد يسوع المسيح" (رو5: 17). وفي حديثه هذا تحدث عن "آدم الذي هو مثال الآتي" (رو5: 14). وعقد مقارنة جميلة بين آدم والمسيح كما ذكرنا، وكما أكدّ القديس بولس مرارًا فقال: "لأنه إن كان بخطية واحد مات الكثيرون. فبالأولى كثيرًا نعمة الله والعطية بالنعمة التي بالإنسان الواحد يسوع المسيح قد ازدادت للكثيرين" (رو5: 15). وأكثر من هذا فقد أوضح معلمنا بولس الرسول أن هبات الله قد تفاضلت جدًا، أكثر مما استوجبته خطية الواحد الذي هو آدم الأول من عقوبة. لأن الملك الذي يعاقب يكتفي بوفاء الدين فقط. أما الملك حينما يعطى هبة فإنه يعطى بحسب غناه في المجد.. وبحسب كرم الملك. وعاد القديس بولس يؤكد: "وليس كما بواحد قد أخطأ هكذا العطية. لأن الحكم من واحد للدينونة، وأما الهبة فمن جرى خطايا كثيرة للتبرير" (رو5: 16). إن ذبيحة الصليب في قيمتها قد فاقت كل مديونية آدم وبنيه.. لأن قيمتها غير محدودة إذ هي ذبيحة الله الكلمة المتجسد.. لهذا قال: "ليس كالخطية هكذا أيضًا الهبة". ما الذي يمكن أن نصف به محبتك يا رب؟ حقًا ليس شيء من النطق يستطيع أن يحد لجة محبتك للبشر.. إن الأزمنة كلها لن تكفى لكي نوفيك حقك من الشكر. لهذا فالأبدية سوف تمتد بلا حدود حيث تشكرك كل الخليقة معًا من أجل عظم صنيعك غير الموصوف. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 6 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() الأختام والتوثيق على القبر ![]() إن محاولة اليهود مقاومة تحقيق قول السيد المسيح عن قيامته في اليوم الثالث قد أدت إلى توثيق القيامة بأختام الدولة الرومانية. لأن الوالي بيلاطس قال لليهود عندكم أختام وحراس فافعلوا ما تريدون. فذهبوا وختموا القبر بالأختام الخاصة بالدولة، ووضعوا الحراس. وبهذا تم عمل محضر بالأختام وبوضع الحراس وتم توثيق القيامة.. لأن القبر الفارغ في بداية اليوم الثالث كان برهانًا قويًا على قيامة الرب بالرغم من الحجر والأختام والحراس. لقد ختم اليهود على جسد الرب في يوم السبت، وتصوّروا بذلك أنهم قد تخلّصوا منه معطين إياه راحة إجبارية (على النظام اليهودي)..!! ولكن الرب قد ختم على كنيسته في يوم أحد العنصرة (في يوم الخمسين) بختم الروح القدس. مثلما قام في أحد السبوت أي في يوم الأحد معلنًا أن الحياة الجديدة والراحة الحقيقية هي في أول الأسبوع الجديد أي في يوم الأحد. إن أول الأسبوع الجديد هو اليوم الثامن الذي يقع خارج الأسبوع القديم وهو إشارة إلى الحياة الجديدة وإلى الحياة الأبدية التي تقع خارج هذا الزمان الحاضر. * لقد تم توثيق ميلاد السيد المسيح في بيت لحم بالاكتتاب الأول الذي صدر به أمر من أوغسطس قيصر وجرى إذ كان كيرينيوس والي سوريا (انظر لو2: 2). * وتم توثيق موت السيد المسيح بحكم الإعدام صلبًا الذي أصدره الوالي الروماني بيلاطس ممثل قيصر روما في أورشليم في ذلك الحين،ولابد أن توثق أحكام الإعدام عند الوالي. * وتم توثيق قيامة السيد المسيح بمحضر ختم القبر الذي طلبه اليهود وأصدر الوالي الروماني أمرًا بتنفيذه وبوضع الحراس إلى اليوم الثالث وذلك بعد أن تأكد من جنوده عن موت السيد المسيح بعد أن طعنه جندي بالحربة. حقًا لقد ولد السيد المسيح وصلب ومات وقبر وقام من الأموات في اليوم الثالث. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 7 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() لماذا قام باكرًا جدًا في أول الأسبوع؟ ![]() لقد أخبر السيد المسيح تلاميذه أنه سوف يقوم من الأموات في اليوم الثالث. وقد وصلت هذه الأخبار إلى اليهود قبل الصلب بفترة من الوقت. ولذلك فبعد موت السيد المسيح على الصليب ووضعه في القبر، ذهبوا إلى بيلاطس وقالوا له: "قد تذكّرنا أن ذلك المضل قال وهو حي: إني بعد ثلاثة أيام أقوم، فمر بضبط القبر إلى اليوم الثالث لئلا يأتي تلاميذه ليلًا ويسرقوه.. فتكون الضلالة الأخيرة أشر من الأولى" (مت27: 63، 64). لذلك حرص السيد المسيح أن يقوم باكرًا جدًا في يوم الأحد أي في أول الأسبوع حتى تحدث القيامة قبل انصراف الحراس بوقت كافٍ. ولكي ينصرف الحراس بعد مجيء الملاك ودحرجته الحجر عن باب القبر مع الزلزلة التي حدثت، وبعد أن يكتشفوا على أثر ظهورات ملائكة القيامة أن القبر فارغًا، ولم يبصروا جسدًا ميتًا بداخله بعد اختفاء الملائكة لأن السيد المسيح قام قبل دحرجة الحجر عن باب القبر. وفى انصراف الحراس في بداية اليوم دليل على قيامة السيد المسيح،لأنه كان من المفروض أن يستمروا في الحراسة إلى غروب يوم الأحد. ولكن أخبار القيامة بدأت تنتشر من فجر الأحد واستمرت في الانتشار طوال اليوم. وبعد أن أصبح بقاؤهم شيئًا مخجلًا أمام النسوة وكل من يحضر لمشاهدة القبر الفارغ، جاء الحراس إلى المدينة في أول اليوم وأخبروا اليهود بكل ما كان فأعطوهم فضة كثيرة لكي لا يتحدثوا مع أحد بأخبار القيامة، بل يقولوا إن تلاميذه قد أتوا ليلًا وسرقوه وهم نيام، ووعدوهم بأنهم يستعطفون الوالي من أجلهم لكي لا يؤذيهم لسبب نومهم أثناء الحراسة. وهنا نتساءل: كيف أبصر الحراس تلاميذه وهم يسرقونه إن كانوا نيامًا؟! لأن النائم لا يستطيع أن يبصر شيئًا..!! وكيف تنازل اليهود عن نوم الحراس وسرقة جسد السيد المسيح؟ ولماذا لم يطالبوا بإعدام الحراس حسب القانون الروماني؟!! وكيف يستعطف اليهود الوالي من أجل الحراس في الوقت الذي كانوا فيه حريصين جدًا أن لا يُترَك القبر بلا حراسة لئلا يأتي تلاميذه ويسرقوه ويقولون إنه قد قام فتكون الضلالة الأخيرة أشر من الأولى حسب قولهم؟! أي أن أخبار القيامة بالنسبة لهم تعتبر أفظع من إقرار السيد المسيح عن نفسه أنه هو "المسيح ابن المبارك" (مر14: 61) أمام مجمع السنهدريم عندما سأله رئيس الكهنة عن ذلك!! |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 8 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() جسد الرب يسوع قام السيد المسيح من الأموات باكرًا جدًا في أول الأسبوع أي في يوم الأحد وترك القبر فارغًا والحجر موضوعًا ومختومًا والحراس الرومان يحرسون حراسات الليل والنهار. "وإذا زلزلة عظيمة حدثت لأن ملاك الرب نزل من السماء وجاء ودحرج الحجر عن باب القبر وجلس عليه. وكان منظره كالبرق، ولباسه أبيض كالثلج. فمن خوفه ارتعد الحراس وصاروا كأموات" (مت28: 2-4) ولكنهم لم يبصروا الرب القائم من الأموات. وجاءت المريمات إلى القبر حاملات الطيب "وكن يقلن فيما بينهن: من يدحرج لنا الحجر عن باب القبر. فتطلعن ورأين أن الحجر قد دُحرج لأنه كان عظيمًا جدًا. ولما دخلن القبر رأين شابًا جالسًا عن اليمين لابسًا حُلة بيضاء فاندهشن. فقال لهن لا تندهشن، أنتن تطلبن يسوع الناصري المصلوب، قد قام، ليس هو ههنا. هوذا الموضع الذي وضعوه فيه. لكن اذهبن وقلن لتلاميذه ولبطرس إنه يسبقكم إلى الجليل" (مر16: 3-7) بعد ذلك تأكد الحراس من خلو القبر الفارغ سوى من الأكفان، فذهبوا بسرعة إلى المدينة وأخبروا رؤساء اليهود بما حدث، وأنه لم يكن بمقدورهم أن يمنعوا القيامة الفائقة للطبيعة. وأنه قد أسقط في أيديهم، فليس من الممكن حراسة من هو فوق الزمان والمكان. ![]() شعر رؤساء اليهود بالورطة التي أدخلوا أنفسهم فيها حينما طلبوا من الوالي الروماني أن يختم القبر بأختام الدولة الرومانية ويضع له الحراسات اللازمة لضبط القبر إلى اليوم الثالث. وها هي القيامة التي حاربوها وقد أصبحت موثقة رسميًا بأختام الدولة وفي سجلاتها في محضر الأختام وتعيين الحراسة. وفكروا في الخروج من هذا المأزق فقالوا للحراس قولوا إن تلاميذه قد أتوا ليلًا وسرقوا جسده ونحن نيام ونحن نستعطف الوالي لكي لا يعاقبكم وأعطوهم فضة كثيرة لترديد هذا القول. وهل من الممكن أن ينام الحراس أثناء دحرجة الحجر العظيم وما ينتج عن ذلك من ضوضاء شديدة؟! كيف يُقال أن الجسد قد سُرق؟ ![]() ألا يستطيع اليهود أن يبحثوا عن جسد الرب يسوع في كل بيوت أورشليم؟ ألا يستطيع اليهود أن يبحثوا عنه في كل جبال اليهودية؟ ألا يستطيع اليهود أن ينقبوا الأرض في كل مكان باحثين عن الجسد؟ ألا يمكنهم مطالبة الوالي الروماني بإرسال الجنود في كل مكان موضع للبحث عن جسد يسوع؟ ألم يكن التلاميذ في يوم أحد القيامة موجودين في أورشليم في العلية والأبواب مغلقة لسبب الخوف من اليهود؟ لماذا لم يفتشوا منازلهم؟ لماذا لم يحققوا معهم فردًا فردًا لتقصى الحقائق عن جسد يسوع وأين هو؟ هل من السهل إخفاء جثمان بأكمله مميز بآثار الجراحات مثل الحربة في جنبه والمسامير في يديه ورجليه وإكليل الشوك على رأسه؟ إن أول شيء تبحث عنه قوات الشرطة عند ارتكاب أي جريمة هو البحث عن جثمان القتيل،ولا يمكن أن يختفي الجثمان لو دفن في الأرض لأن رائحته تدل عليه لو كان جثمانًا لإنسان عادى (أما الرب يسوع فإن جسده لم يرَ فسادًا كعربون للقيامة وذلك حسب نبوة المزمور). كما أن الجثمان لا يمكن أن يختفي لو ألقى في بحر أو في نهر أو في بحيرة لأن المياه تدفعه إلى الشاطئ ولابد أن يطفو على سطح المياه، ولابد أن يظهر ولو بعد أيام. ولو كان قول اليهود صحيحًا بأن السيد المسيح هو المضل كما ذكروا للوالي ولغيره؛ لماذا لم يرَ جسده فسادًا بدليل عدم وجود أية رائحة تدل على ذلك لا في القبر الفارغ ولا في أيدي وملابس التلاميذ الذين أدّعى اليهود أنهم سرقوه قبل فجر الأحد مباشرة ![]() استمر السيد المسيح يظهر بعد قيامته لمدة أربعين يومًا لتلاميذه وأحبائه القديسين فقط، أما اليهود فكانوا في حيرة وارتباك، لا يملكون أن يفعلوا شيئًا ضد عظمة القيامة المجيدة وروعتها سوى ترديد الأكاذيب المكشوفة التي لا يقبلها العقل. وبعد أن ظهر السيد المسيح لأكثر من خمسمائة شخص من المؤمنين به صعد إلى السماء أمام أعين أحبائه بعدما باركهم وأوصاهم أن يكونوا له شهودًا في العالم كله بأنه قد قام حقًا من الأموات. وبعدما مكثوا عشرة أيام في أورشليم حل عليهم الروح القدس وهم مجتمعون للصلاة، وبدأوا يبشرون بقيامة السيد المسيح الذي قدّم نفسه ذبيحة وقربانًا للآب من أجل خلاص البشرية. وانزعج اليهود جدًا من تبشير الرسل بالقيامة وقالوا لهم أتريدون أن تجلبوا علينا دم هذا الإنسان؟ ولكن قوة القيامة وبشرى القيامة كانت أقوى من كل تهديدات اليهود. وهكذا خرجت البشارة بالإنجيل إلى كل العالم لأن الحق هو الذي ينتصر في النهاية. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 9 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() خروج أجساد الراقدين من القبور | نزول المسيح إلى الجحيم "دخلوا المدينة المقدسة" (مت27: 53) بعد قيامة السيد المسيح، خرج كثير من أجساد القديسين الراقدين من القبور، ودخلوا المدينة المقدسة (أورشليم) وظهروا لكثيرين (انظر مت27: 50-53). كان هؤلاء القديسون قد دفنوا خارج المدينة المقدسة. لأن الموت في العهد القديم كان يعتبر نوعًا من النجاسة، والقبور كانت تعتبر نجاسة بما تحويه من عظام الأموات. وكان الموت هو أجرة الخطية، وقد لحق بالإنسان بسبب المعصية الأولى. ولهذا لم يكن الدفن يتم داخل المحلة.. أي داخل المدينة المقدسة، التي هي مدينة الأحياء فقط. كانت منطقة المقابر خارج أورشليم، تشير إلى وادي ظل الموت، أو إلى وادي الموت. وتشير رمزيًا إلى الجحيم. وقد صُلب السيد المسيح في الموضع الذي يقال له بالعبرانية جلجثة أي جمجمة - إشارة إلى الموت. صُلب خارج مدينة الأحياء.. صُلب في وسط منطقة المقابر والموتى، لأنه حمل عار خطايانا. وهكذا باتضاعه العجيب قَبِل أن يُحسب مع الأموات، ومع الخطاة والأثمة. مع أنه قدوس بلا شر وبلا خطية. ![]() ![]() كما تألّم يسوع خارج الباب في وسط الأموات، فإنه أيضًا قد نزل إلى الجحيم من قبل الصليب. ولكنه في نزوله إلى الجحيم "سبى سبيًا، وأعطى الناس عطايا" (أف4: 8). أي أنه نزل منتصرًا إلى الجحيم ليحرر الذين رقدوا على رجاء الخلاص من سجن الشيطان.. من أسر إبليس.. من ظلمة الجحيم. ونقلهم معه إلى الفردوس، إلى موضع الراحة والنعيم.. ![]() ولكي يكون ظاهرًا للجميع تأثير ما فعله السيد المسيح حينما نقل أرواح القديسين الراقدين من الجحيم إلى الفردوس، فإنه أيضًا بقوته الإلهية قد أقام أجساد كثير منهم في القبور، وجعلهم يخرجون منها ويدخلون إلى المدينة المقدسة أورشليم، في نفس يوم قيامته وظهوره للتلاميذ داخل مدينة أورشليم.. وكما صُلب في وسط القبور إشارةً إلى نزوله إلى الجحيم لكي يبيد سلطان الموت؛ هكذا ظهر بعد قيامته في وسط أورشليم لكي يعلن أنه قد فتح الفردوس تمهيدًا لاستعلان الملكوت الأبدي وبهذا أنار الخلود والحياة الجديدة التي كانت عند الآب وأظهرت لنا في شخصه القائم من الأموات. وكما صُلب في وسط الأموات، هكذا قام ودخل المدينة ومعه جوقة من الأحياء، الذين قاموا من الأموات ليعلنوا فرحة الحياة الجديدة في المسيح، وليبشروا بالقيامة القادمة في الأبدية وهى التي صارت حقًا لجميع القديسين الذين يرقدون في الرب. هؤلاء الأنبياء والقديسون الذين فتشوا عن الخلاص وانتظروه، قد قاموا ليفرحوا مع السيد المسيح في قيامته،هذا الخلاص الذي كلّمنا عنه القديس بطرس الرسول فقال: "الخلاص الذي فتش وبحث عنه أنبياء. الذين تنبأوا عن النعمة التي لأجلكم. باحثين أي وقت أو ما الوقت الذي كان يدل عليه روح المسيح الذي فيهم إذ سبق فشهد بالآلام التي للمسيح والأمجاد التي بعدها" (1بط1: 10، 11). لم يعودوا يتكلمون مع من قابلوهم في أورشليم بنبوات عن الخلاص. لأن النبوات كانت قد تمت.. بل جاءوا ليشاركوا كنيسة العهد الجديد فرحة القيامة، وليعلنوا صدق أقوال الله ومواعيده التي شهدوا هم بها منذ أجيال سحيقة. وهكذا اجتمع قديسو العهد القديم مع قديسي العهد الجديد حول واقعة القيامة، كعربون رمزي للقيامة العامة حينما تتلاشى فوارق الزمن بين الأجيال. لقد سجّل معلمنا متى هذه الواقعة العجيبة في إنجيله بعد حديثه مباشرة عن آلام السيد المسيح، ليظهر ما في موت السيد المسيح من قوة.. لأن الألم كان هو الطريق إلى المجد. قال: "فصرخ يسوع أيضًا بصوت عظيم وأسلم الروح. وإذا حجاب الهيكل قد انشق إلى اثنين، من فوق إلى أسفل. والأرض تزلزلت، والصخور تشققت، والقبور تفتحت. وقام كثير من أجساد القديسين الراقدين، وخرجوا من القبور بعد قيامته، ودخلوا المدينة المقدسة وظهروا لكثيرين" (مت27: 50-53). ما أسعد سكان أورشليم، الذين أبصروا جوقة الأنبياء والقديسين الذين قاموا ودخلوا المدينة المقدسة بعد أن نقل السيد المسيح أرواحهم من الجحيم إلى الفردوس. أليس هذا هو إعلان مبكر لاجتماع القديسين، وعربون لدخولهم بأجساد القيامة النورانية إلى ملكوت الله في اليوم الأخير..؟ ![]() لم يقتصر اتضاع السيد المسيح في خدمته قبل الصلب وأثناء آلامه وموته على الصليب، بل امتد بصورة عجيبة إلى خدمته بعد القيامة أثناء وجوده على الأرض. وكما ذكر قداسة البابا شنودة الثالث- أطال الرب حياته؛ فإن السيد المسيح قد اختار أن يُصلب علانية، وعلى مرأى من العالم كله في عيد الفصح بجوار أورشليم. ولكنه حينما قام من الأموات ظهر فقط لتلاميذه، ولبعض المؤمنين به وعددهم حوالي خمسمائة أخ، وجعلهم شهودًا لقيامته المجيدة. وكان هذا منتهى الاتضاع أن يحمل العار علانية، وأن يعلن مجده خفية.. عجيب أنت يا مخلصنا في تواضعك! ولكن هذا التواضع لم ينقص من أمجاد خلاصك شيئًا. ولهذا رفعك الآب وأعطاك "اسمًا فوق كل اسم، لكي تجثو باسم يسوع كل ركبة ممن في السماء ومن على الأرض ومن تحت الأرض، ويعترف كل لسان أن يسوع المسيح هو رب لمجد الله الآب" (فى2: 9-11). أراد السيد المسيح أن يعلمنا المجد الروحاني الذي ينبع من الداخل.. وفي ظهوراته بعد القيامة ظهر بصورة بسيطة متواضعة. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 10 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ظهورات لمريم المجدلية بعد القيامة كما شرح لنا قداسة البابا شنودة الثالث أطال الرب حياة قداسته، فإن مريم المجدلية قد زارت القبر خمس مرات في فجر أحد القيامة.. وقد استغرقت أحداث هذه الزيارات -وبأكثر تحديد الزيارات الأربعة الأولى- الفترة ما بين ظهور أول ضوء في الفجر "إذ طلعت الشمس" (مر16: 2)، وتلاشى آخر بقايا ظلمة الليل "والظلام باق" (يو20: 1). وهى مدة لا تقل عن نصف ساعة في المعتاد يوميًا. وكانت مريم المجدلية تذهب لزيارة القبر، ثم تعود إلى مدينة أورشليم بمنتهى السرعة، ثم تأتى إلى القبر مسرعة في زيارة تالية وهى تجرى. ولأن موضع القبر كان قريبًا من أورشليم (انظر يو19: 20، 41)، لهذا لم تكن المسافة تستغرق وقتًا طويلًا. وبالرغم من أن مريم المجدلية قد قطعت هذه المسافة عشر مرات في زياراتها الخمسة، إلا أنها في الزيارات الأربعة الأولى، ومنذ وجودها عند القبر لأول مرة في فجر الأحد فإنها قطعت هذه المسافة ست مرات فقط. أي أنها استغرقت حوالى خمس دقائق في كل مرة ما بين القبر وأورشليم وبالعكس. ونظرًا لأهمية ترتيب أحداث القيامة، نورد فيما يلي بيانًا بالزيارات الخمسة لمريم المجدلية عند القبر حسبما أوردها الإنجيليون الأربع بترتيب حدوثها: ![]() أوردها القديس مرقس في إنجيله كما يلي: "وبعدما مضى السبت اشترت مريم المجدلية ومريم أم يعقوب وسالومة حنوطًا ليأتين ويدهنه. وباكرًا جدًا في أول الأسبوع أتين إلى القبر إذ طلعت الشمس. وكن يقلن فيما بينهن: من يدحرج لنا الحجر عن باب القبر. فتطلعن ورأين أن الحجر قد دُحرج. لأنه كان عظيمًا جدًا. ولما دخلن القبر رأين شابًا جالسًا عن اليمين لابسًا حلة بيضاء فاندهشن. فقال لهن: لا تندهشن. أنتن تطلبن يسوع الناصري المصلوب. قد قام ليس هو ههنا. هوذا الموضع الذي وضعوه فيه. لكن اذهبن وقلن لتلاميذه ولبطرس إنه يسبقكم إلى الجليل هناك ترونه كما قال لكم. فخرجن سريعًا وهربن من القبر لأن الرعدة والحيرة أخذتاهن ولم يقلن لأحد شيئًا لأنهن كن خائفات" (مر16: 1-8). والدليل على أن هذه الزيارة كانت الأولى أن مريم المجدلية ومريم أم يعقوب كن يقلن فيما بينهن: "من يدحرج لنا الحجر عن باب القبر" (مر16: 3) إذ لم تكن مريم قد رأت الحجر مدحرجًا بعد. ![]() بعد عودة مريم المجدلية من الزيارة الأولى إذ لم تخبر أحدًا بما قاله الملاك في الزيارة الأولى لأنها كانت خائفة، ذهبت مرة أخرى في صُحبة القديسة مريم العذراء لتنظرا القبر. وقد أورد القديس متى في إنجيله هذه الواقعة دون أن يذكر القديسة العذراء مريم بالتحديد مسميًا إياها "مريم الأخرى". "وبعد السبت عند فجر أول الأسبوع جاءت مريم المجدلية ومريم الأخرى لتنظرا القبر. وإذا زلزلة عظيمة حدثت. لأن ملاك الرب نزل من السماء وجاء ودحرج الحجر عن الباب وجلس عليه. وكان منظره كالبرق ولباسه أبيض كالثلج. فمن خوفه ارتعد الحراس وصاروا كأموات. فأجاب الملاك وقال للمرأتين: لا تخافا أنتما. فإني أعلم أنكما تطلبان يسوع المصلوب. ليس هو ههنا لأنه قام كما قال. هلما انظرا الموضع الذي كان الرب مضطجعًا فيه. واذهبا سريعًا قولا لتلاميذه إنه قد قام من الأموات. ها هو يسبقكم إلى الجليل. هناك ترونه. ها أنا قد قلت لكما. فخرجتا سريعًا من القبر بخوف وفرح عظيم راكضتين لتخبرا تلاميذه. وفيما هما منطلقتان لتخبرا تلاميذه إذا يسوع لاقاهما وقال سلام لكما. فتقدمتا وأمسكتا بقدميه وسجدتا له. فقال لهما يسوع لا تخافا، اذهبا قولا لإخوتي أن يذهبوا إلى الجليل وهناك يرونني" (مت28: 1-10). ![]() في قول القديس متى: "إذا زلزلة عظيمة قد حدثت" لا يعنى أن الزلزلة قد حدثت وقت تلك الزيارة، بل سبقتها وسبقت الزيارة الأولى أيضًا. وقد أورد القديس مرقس هذه الزيارة باختصار في إنجيله، وهي التي رأت فيها مريم المجدليةالسيد المسيح وهى في صحبة القديسة مريم العذراء. وذكر هذه الواقعة بعد أن ذكر الزيارة الأولى: "وبعدما قام باكرًا في أول الأسبوع، ظهر أولًا لمريم المجدلية التي كان قد أخرج منها سبعة شياطين. فذهبت هذه وأخبرت الذين كانوا معه وهم ينوحون ويبكون. فلما سمع أولئك أنه حي وقد نظرته لم يصدقوا" (مر16: 9-11). وبهذا نرى كيف أكرم السيد المسيح أمه العذراء والدة الإله: إذ لم يظهر لمريم المجدلية في زيارتها الأولى مع مريم أم يعقوب وسالومة. بل ظهر لها حينما حضرت مع أمه. وفي تلك الزيارة تم تنفيذ رغبة السيد المسيح بسرعة في إبلاغ تلاميذه كما ذكر القديس متى إذ خرجتا من القبر "راكضتين لتخبرا تلاميذه" (مت28: 8). ليتنا نطلب صُحبة القديسة مريم العذراء في حياتنا الروحية، لنرى السيد المسيح بأعين قلوبنا ونبشر بقيامته بغير تردد. لأن العذراء هي مثال الطاعة والتسليم بين جميع القديسين. ![]() بعد أن أخبرت مريم المجدليةالتلاميذ بقيامة السيد المسيح، أرادت مريم المجدلية ومريم أم يعقوب أن تذهبا مرة أخرى إلى القبر مع مجموعة من نساء عديدات. وقد أورد القديس لوقا في إنجيله هذه الزيارة بعد أن سرد أحداث الدفن يوم الجمعة. وراحة يوم السبت: "وتبعته نساء كن قد أتين معه من الجليل ونظرن القبر وكيف وُضع جسده. فرجعن وأعددن حنوطًا وأطيابًا. وفي السبت استرحن حسب الوصية. ثم في أول الأسبوع أول الفجر أتين إلى القبر حاملات الحنوط الذي أعددنه ومعهن أناس فوجدن الحجر مدحرجًا عن القبر. فدخلن ولم يجدن جسد الرب يسوع. وفيما هن محتارات في ذلك إذا رجلان وقفا بهن بثياب براقة. وإذ كن خائفات ومنكسات وجوههن إلى الأرض. قالا لهنَّ: لماذا تطلبن الحي بين الأموات. ليس هو ههنا لكنه قام. اذكرن كيف كلمكن وهو بعد في الجليل قائلًا: إنه ينبغي أن يُسلّم ابن الإنسان في أيدي أناس خطاة ويصلب وفي اليوم الثالث يقوم. فتذكّرن كلامه. ورجعن من القبر وأخبرن الأحد عشر وجميع الباقين بهذا كله. وكانت مريم المجدلية، ويونا، ومريم أم يعقوب، والباقيات معهن اللواتي قلن هذا للرسل. فتراءى كلامهن لهم كالهذيان. ولم يصدقوهن" (لو23: 55 -24: 11). بعد هذه الزيارة إذ لم يصدِّق الآباء الرسل كلام النسوة بدأ الشك يساور مريم المجدلية فقررت أن تذهب إلى القبر بمفردها. هذه هي الزيارة التالية. ![]() ذهبت إلى القبر بمفردها قبل نهاية بقايا ظلمة الليل. وقد أورد القديس يوحنا الإنجيلي هذه الزيارة كما يلي: "وفى أول الأسبوع جاءت مريم المجدلية إلى القبر باكرًا والظلام باق. فنظرت الحجر مرفوعًا عن القبر. فركضت وجاءت إلى سمعان بطرس وإلى التلميذ الآخر الذي كان يسوع يحبه وقالت لهما أخذوا السيد من القبر ولسنا نعلم أين وضعوه. فخرج بطرس والتلميذ الآخر وأتيا إلى القبر. وكان الاثنان يركضان معًا. فسبق التلميذ الآخر بطرس وجاء أولًا إلى القبر. وانحنى فنظر الأكفان موضوعة ولكنه لم يدخل. ثم جاء سمعان بطرس يتبعه ودخل القبر ونظر الأكفان موضوعة والمنديل الذي كان على رأسه ليس موضوعًا مع الأكفان، بل ملفوفًا في موضع وحده. فحينئذ دخل أيضًا التلميذ الآخر الذي جاء أولًا إلى القبر ورأى فآمن. لأنهم لم يكونوا بعد يعرفون الكتاب أنه ينبغي أن يقوم من الأموات. فمضى التلميذان أيضًا إلى موضعهما" (يو20: 1-10). والعجيب أن مريم المجدلية بعد هذه الزيارة، بدأت تردد كلامًا مغايرًا تمامًا لما سبق أن قالته بعد الزيارتين الثانية والثالثة حينما أخبرت التلاميذ أنها رأت الرب وبكلامه ثم بكلام الملاكين عن قيامته. بعد الزيارة الرابعة بدأت تردد عبارة تحمل معنى الشك في قيامة السيد المسيح بالرغم من ظهوره السابق لها وظهورات الملائكة المتعددة. قالت للقديسين بطرس ويوحنا الرسولين: "أخذوا السيد من القبر ولسنا نعلم أين وضعوه؟!" (يو20: 2). بعد هذا الكلام وبعد أن علم الرسل أن الحراس قد انصرفوا من أمام القبر،ذهب بطرس ويوحنا الرسولان إلى القبر وتبعتهما مريم المجدلية. وكانت هذه هي زيارتها الخامسة والأخيرة للقبر في أحد القيامة. وحفلت هذه الزيارة بأحداث هامة غيرّت مجرى حياتها وتفكيرها تمامًا. ![]() أورد القديس يوحنا في إنجيله أحداث هذه الزيارة بعد كلامه السابق مباشرة كما يلي: "أما مريم فكانت واقفة عند القبر خارجًا تبكى. وفيما هي تبكى انحنت إلى القبر، فنظرت ملاكين بثياب بيض جالسين واحدًا عند الرأس والآخر عند الرجلين، حيث كان جسد يسوع موضوعًا. فقالا لها يا امرأة لماذا تبكين. قالت لهما إنهم أخذوا سيدي ولست أعلم أين وضعوه. ولما قالت هذا التفتت إلى الوراء فنظرت يسوع واقفًا ولم تعلم أنه يسوع. قال لها يسوع: يا امرأة لماذا تبكين. من تطلبين؟ فظنت تلك أنه البستاني فقالت له: يا سيد إن كنت أنت قد حملته فقل لي أين وضعته وأنا آخذه. قال لها يسوع: يا مريم. فالتفتت تلك وقالت له: ربوني؛ الذي تفسيره يا معلم. قال لها يسوع: لا تلمسيني لأني لم أصعد بعد إلى أبى. ولكن اذهبي إلى إخوتي وقولي لهم إني أصعد إلى أبى وأبيكم وإلهي وإلهكم، فجاءت مريم المجدلية وأخبرت التلاميذ أنها رأت الرب وأنه قال لها هذا" (يو20: 11- 18). في هذه الزيارة الخامسة والأخيرة للقبر، نرى مريم المجدلية وهى في اضطراب وشك وبكاء، تردد قولها السابق الذي قالته للرسولين بطرس ويوحنا. فقالت نفس العبارة للملاكين الجالسين داخل القبر "أخذوا سيدي ولست أعلم أين وضعوه" (يو20: 13). ثم وصل بها الحال أن قالتها للسيد المسيح نفسه عند ظهوره لها للمرة الثانية: "يا سيد إن كنت أنت قد حملته فقل لي أين وضعته وأنا آخذه" (يو20: 15). وكانت قد ظنت أنه البستاني ولم تعلم أنه يسوع (انظر يو20: 14، 15). وحينما ناداها السيد المسيح باسمها قائلًا: "يا مريم" (يو20: 16)، كان يريد أن يعاتبها على كل هذه البلبلة والشكوك التي أثارتها حول قيامته، وعلى ما هي فيه من شك في هذه القيامة المجيدة، ثم رغبتها في الإمساك به لئلا يفلت منها مرة أخرى بعد أن أمسكت سابقًا بقدميه وسجدت له في ظهوره الأول لها مع العذراء مريم (انظر مت 28: 9). في هذه المرة قال لها مؤنبًا: "لا تلمسيني لأني لم أصعد بعد إلى أبى" (يو20: 17). كان هذا تأنيبًا شديدًا لها لأنها شكّت في قيامته، وتريد أن تمسكه لئلا يختفي مرة أخرى.. إنها بشكها في قيامته؛ تكون قد شكت في قدرته الإلهية في أن يقوم من الأموات. وكأنه ليس هو رب الحياة المساوي لأبيه السماوي في القدرة والعظمة والسلطان. وبهذا يكون لم يرتفع في نظرها إلى مستوى الآب.. كما إنها تريد أن تمنع اختفاءه من أمام عينيها لكي لا تشك في القيامة.. وبهذا تكون كمن يريد أن يمنع صعوده إلى السماء.. وماذا يكون حالها بعد صعوده فعلًا ليجلس عن يمين الآب. لهذا أمرها بصريح العبارة: "اذهبي إلى إخوتي وقولي لهم إني أصعد إلى أبى وأبيكم وإلهي وإلهكم" (يو20: 17). في هذه المرة فهمت مريم المجدليةأنها ينبغي أن تقبل فكرة صعود السيد المسيح الذي لم يكن قد صعد بعد بالرغم من اختفائه عن عينيها بعد قيامته، كما أنه بقى على الأرض أربعين يومًا كاملين بعد القيامة لحين صعوده إلى السماء أمام أعين تلاميذه وقديسيه. لهذا "جاءت مريم المجدلية، وأخبرت التلاميذ أنها رأت الرب، وأنه قال لها هذا" (يو20: 18). وكما عالج السيد المسيح شك توما في يوم الأحد التالي لأحد القيامة، هكذا عالج شكوك المجدلية بظهوره لها مرة أخرى في أحد القيامة، في البستان.. كانت السيدة العذراء مريم عجيبة ومتفوقة في إيمانها- فقد آمنت قبل أن ترى السيد المسيح قائمًا من الأموات، وآمنت حينما أبصرته، وآمنت حينما أمسكت بقدميه وسجدت له.. وقبلت صعوده في تسليم كامل، لأنها كانت تعرف أنه ينبغي أن يجلس عن يمين أبيه السماوي، ولا يكون لملكه نهاية، حسبما بشرها الملاك قبل حلول الكلمة في أحشائها متجسدًا.. لهذا حقًا قالت لها أليصابات بالروح القدس: "طوبى للتي آمنت أن يتم ما قيل لها من قبل الرب" (لو1: 45). ![]() "وفى أول الأسبوع جاءت مريم المجدلية إلى القبر باكرًا، والظلام باقٍ" (يو20: 1). كان النهار قد بدأ منذ حوالي نصف الساعة، ولكن بقايا الظلام كانت ما تزال موجودة ناحية الغرب لأن النور يأتي من الشرق ويتدرج حتى ينسحب الظلام تمامًا في ناحية الغرب. ولكن هناك معنى آخر وراء كلمة "الظلام باقٍ".. لأن مريم المجدلية بالرغم من رؤيتها للسيد المسيح القائم هي ومريم الأخرى إذ "أمسكتا بقدميه وسجدتا له" (مت 28: 9) وكان ذلك بعد زيارتها الأولى للقبر بعد قيامته مباشرة، إلا أنها في هذه المرة قبل وأثناء زيارتها الأخيرة بدأت تردد قولها للتلاميذ، وبعد ذلك للملائكة وللسيد المسيح نفسه: "أخذوا السيد من القبر، ولسنا نعلم أين وضعوه" (يو20: 2). فمعنى هذه العبارة هو أنها لم تفهم بعد بوضوح حقيقة القيامة، أو لم يكتمل إيمانها بقيامة السيد المسيح -لذلك قيل أنها جاءت إلى القبر باكرًا، والظلام باقٍ. أي أن ظلمة عدم المعرفة كانت ما تزال باقية تحتاج إلى من يجليها عن عقلها وإيمانها. ولنفس السبب لم تعرف السيد المسيح عندما ظهر لها ثانية وظنته أنه هو البستاني الذي يهتم بالبستان، حيث كان القبر الذي وضع فيه جسد السيد المسيح (انظر يو20: 15). كان الظلام باقٍ ولذلك لم تعرفه في تلك المرة. فناداها باسمها حتى تفيق من غفلتها الروحية وتستنير بالإيمان. ![]() "فخرج بطرس والتلميذ الآخر وأتيا إلى القبر. وكان الاثنان يركضان معًا. فسبق التلميذ الآخر بطرس وجاء أولًا إلى القبر. وانحنى فنظر الأكفان موضوعة، ولكنه لم يدخل" (يو 20: 3-5) لماذا انحنى التلميذ لكي ينظر داخل القبر. معنى ذلك أن باب القبر كان منخفضًا بصورة تحتم الانحناء. وتكرر نفس الكلام بالنسبة لمريم المجدلية "أما مريم فكانت واقفة عند القبر خارجًا تبكى. وفيما هي تبكى انحنت إلى القبر" (يو20: 11). من أراد أن يؤمن بالرب القائم من الأموات.. يؤمن بالفداء وبموت الرب وقيامته، ينبغي أن ينحني أمام هذه الحقيقة الفائقة للوصف. لا يستطيع أن يقبل الإيمان إلا القلب المنكسر والمتواضع، لأن "يقاوم الله المستكبرين وأما المتواضعون فيعطيهم نعمة" (يع4: 6). إن من يزور الأديرة القديمة يلاحظ أن باب الدير الخارجي وباب الكنيسة دائمًا يكون منخفضًا، ويُلزِم الداخل بالانحناء.. أليس هذا هو بداية الطريق الروحي: المسكنة بالروح؟! ![]() "فنظرت ملاكين بثياب بيض جالسين، واحدًا عند الرأس، والآخر عند الرجلين، حيث كان جسد يسوع موضوعًا" (يو 20: 12). جسد الرب يسوع هو السلم الموصل من الأرض إلى السماء. هكذا رآه الأب يعقوب بروح النبوة والملائكة صاعدة ونازلة عليه. وقيل أيضًا إن "السماء هي كرسي الله والأرض هي موطئ قدميه" (انظر مت 5: 34، 35). فالملاك عند موضع الرأس يشير إلى السماء حيث كرسي الله. والملاك عند موضع القدمين يشير إلى الأرض حيث تجسد السيد المسيح وصنع الفداء. كان من الممكن أن تملأ الملائكة قبر السيد المسيح ولكن وجود الملاكين بهذه الصورة يرفع عقولنا نحو هذه الحقيقة: إن جسد يسوع هو الطريق المؤدى من الأرض إلى السماء.. هكذا أظهرت لنا ملائكة القيامة. وقد اعتادت الكنيسة أن تضع شمعدانين منيرين فوق المذبح أثناء الخدمة الطاهرة، وهذان الشمعدانان يرمزان إلى ملائكة القيامة. نفس الأمر تمارسه الكنيسة عند قراءة الإنجيل المقدس. حقًا لقد جمع السيد المسيح ما في السماوات وما على الأرض بخلاصه العجيب. |
||||
![]() |
![]() |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
من كتاب مشتهى الأجيال: صعود المسيح |
من كتاب مشتهى الأجيال: من القدس إلى قدس الأقداس |
من كتاب مشتهى الأجيال: التجربة على الجبل |
من كتاب مشتهى الأجيال: مصير العالم يتأرجح |
من كتاب مشتهى الأجيال: يأس المخلص |