|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مزمور 104 - تفسير سفر المزامير سبق موسى وقال في خلقة العالم أن الله وجد كل شيء أنه حسن جدًا. وداود هنا يترنم ويسبح الله على خليقته التي أبدعها وكانت حسنة جدًا. آية (1): "باركي يا نفسي الرب. يا رب الهي قد عظمت جدًا مجدًا وجلالًا لبست." قَدْ عَظُمْتَ جِدًّا = ليس معناها أن الله قد زادت عظمته، بل معناها أن المرنم شعر بعظمته إذ استنارت عينيه ورأى عظمة الله فنطق بها. والله يتعظم بإيمان وتوبة الناس، فمن يتوب يتنقي قلبه فيعاين الرب ، وحينئذ يدرك وتنكشف له عظمة الله ، وكلما يتنقى بالأكثر تنفتح عيناه بالأكثر ويدرك عظمة الله بالأكثر ، فيزداد انسحاقًا وخشوعا أمام الله ، وعند مثل هذا المنسحق يسكن الله (إش57 : 15) ، وهنا يزداد الشعور بعظمة الله ، ولكن المعرفة هنا تكون أعمق من واقع حالة إعلان إلهى للنفس التى فى حالة ثبات وإتحاد مع الله. آية (2): "اللابس النور كثوب الباسط السموات كشقّة." "الله ساكن في نور لا يدني منه" (1تي16:16 + يع17:1). "والله نور" (يو9:1) وأول خلقة الله في اليوم الأول كانت النور. والنور يشير لمعرفة الله فلا شئ يستتر أمامه. والسموات بسطها الله كشقة (خيمة أو ستارة) حتى لا نرى نوره فنموت. هذا فضلا عن أن الله خلق السموات وزينها بالكواكب فصارت كَشُقَّةٍ ( ستارة ) جميلة . آية (3): "المسقف علاليه بالمياه الجاعل السحاب مركبته الماشي على أجنحة الريح." هنا نرى أن الله يدبر السحاب والمطر والرياح لخدمة البشر؟ الجاعل السحاب مركبته= كما يحجب السحاب نور الشمس، نفهم أن نور الله ومجده محتجبين عنا. فالله قال لموسى "لا يراني الإنسان ويعيش"، إذ لا يحتمل الإنسان بجسده الحالي أن يرى الله. لذلك كان السحاب يظهر دائمًا مع ظهورات الله "سواء في خيمة الاجتماع أو في الهيكل، وقد حجبت سحابة المسيح عند صعوده. المسقف علاليه بالمياه= إشارة لوجود مياه المطر في السحاب. فالجلد يفصل بين مياه ومياه. آية (4): "الصانع ملائكته رياحًا وخدامه نارًا ملتهبة." ملائكته رياحًا= نشعر بعملهم دون أن نراهم، وهم في تنفيذ أوامر الله في منتهى السرعة كالريح. وخدامه نارًا ملتهبة= لهم طبيعة روحية، وكما أن الله نار آكلة هكذا ملائكته، قلبهم ملتهب فيهم كنار حبًا لله. آية (5): "المؤسس الأرض على قواعدها فلا تتزعزع إلى الدهر والأبد." أي أن الله ثبت الأرض فلا تتزعزع. الآيات (6-9): "كسوتها الغمر كثوب. فوق الجبال تقف المياه. من انتهارك تهرب من صوت رعدك تفر. تصعد إلى الجبال. تنزل إلى البقاع إلى الموضع الذي أسسته لها. وضعت لها تخما لا تتعداه. لا ترجع لتغطي الأرض." في بداية الخليقة كانت المياه تغمر كل الأرض بل تغمر الجبال حتى حدد الله مكانًا للمياه ومكانًا لليابسة في اليوم الثالث (تك9:1). ولم تتعدى المياه الموضع الذي حدده الله إلا مرة واحدة حين غضب الله على العالم فأغرقه بالطوفان. من انتهارك يا رب تهرب من صوت رعدك تفر= من صوت غضب الله غيرت المياه أماكنها من قاع البحار وصعدت لتغطى الجبال= تصعد إلى الجبال لتفنى النسل الخاطئ ثم تعود إلى المكان الذي حدده الله لها= تنزل إلى البقاع. وبحسب وعدك يا رب أنك لا تعود تغرق العالم بالطوفان = لا ترجع المياه لتغطي الأرض. الآيات (10-12): "المفجر عيونا في الاودية. بين الجبال تجري. تسقي كل حيوان البر. تكسر الفراء ظمأها. فوقها طيور السماء تسكن. من بين الاغصان تسمع صوتا." نرى الله المهتم بكل خليقته، فالله يفجر المياه في كل مكان ليروي كل خليقته. آية (13): "الساقي الجبال من علاليه. من ثمر أعمالك تشبع الأرض." الجبال العالية تستقي من علالي الله أي من مطر الغيم. ونفهم أن الجبال تشير إلى القديسين وهؤلاء يرويهم الله ويملأهم من الروح القدس. آية (14): "المنبت عشبا للبهائم وخضرة لخدمة الإنسان لإخراج خبز من الأرض." هنا نجد الله يعطي العشب للحيوان. والخبز للإنسان. والإنسان لا يحيا فقط بالخبز بل بكل كلمة تخرج من فم الله. والكلمة صار جسدًا وصار خبزًا ليعطي لمن يأكله حياة. آية (15): "وخمر تفرح قلب الإنسان لإلماع وجهه أكثر من الزيت وخبز يسند قلب الإنسان." هنا نجد الخبز والخمر إشارة لجسد المسيح ودمه. والخمر إشارة للفرح. فالله يعطي فرحًا لعبيده يلمع وجوههم أكثر من الزيت= الزيت إشارة لعطور العالم. آية (16): "تشبع أشجار الرب أرز لبنان الذي نصبه." أشجار الرب والأرز إشارة لشعب الله المثمر الذي "كالنخلة يزهو وكالأرز" (مز12:92). آية (17): "حيث تعشش هناك العصافير أما اللقلق فالسرو بيته." المؤمنين الذين صاروا كالأرز في قامتهم الروحية تأتي لهم العصافير أي صغار المؤمنين (المؤمنين حديثًا) ويتتلمذون عندهم، ويسمعون منهم كلمة الله لتعزيهم كما يستظل إنسان بظل شجرة من حرارة الشمس. أما اللقلق فالسرو بيته= الله يعول كل الطيور والحيوانات ويجد لها مأوى. واللقلق طائر نجس رائحته كريهة ويشير للإنسان قبل المسيح، ولكن حتى الإنسان النجس وجد له مكانًا في المسيح ليستريح. والسرو يشير للمسيح بالجسد فهو من نبت الأرض، طيب الرائحة، لا يأكله السوس. آية (18): "الجبال العالية للوعول الصخور ملجأ للوبار." الوعول (الأيائل) تدوس الحيات. هذه تسكن الجبال. إشارة للقديسين الذين يهزمون الشياطين. والوبار هو حيوان ضعيف ونجس (في العهد القديم) وهو غير قادر أن يحفر له جحرًا لذلك يحتمي بالصخور. ففي المسيح حتى أضعف الخطاة يجدون لهم ملجأ. آية (19): "صنع القمر للمواقيت الشمس تعرف مغربها." الله خلق الكواكب ويضبطها ويحكم مواعيدها. صَنَعَ الْقَمَرَ لِلْمَوَاقِيتِ = التوقيت العبرانى حسب الشهور القمرية . آية (20): "تجعل ظلمة فيصير ليل. فيه يدبّ كل حيوان الوعر." تفهم أن الله جعل الظلمة لراحة الإنسان. ولخروج الوحوش تبحث عن طعامها. وهناك من تأمل في الآية ورأي فيها إشارة للظلمة التي حدثت وقت الصليب. وكان اليهود هم حيوان الوعر الذي خرج يدب ويا للأسى فلقد افترسوا المسيح، وهكذا كل شرير ينتظر الليل ليخرج ويلتهم الأبرياء. آية (21): "الأشبال تزمجر لتخطف ولتلتمس من الله طعامها." الله يرزق حتى الحيوانات المتوحشة. وروحيًا فالأسد يرمز لإبليس ومعنى أنه يلتمس من الله طعامه، أنه يشتكي القديسين كما عمل في حالة أيوب ليؤذيهم بسماح من الله. آية (22): "تشرق الشمس فتجتمع وفي مآويها تربض." حين أشرق المسيح شمس البر رجعت الشياطين إلى مرابضها لأن المسيح قيدها. آية (23): "الإنسان يخرج إلى عمله والى شغله إلى المساء." حين قيد المسيح الشياطين، صارت هناك فرصة للعمل فانتشرت الكرازة. الآيات (25-30): "ما اعظم أعمالك يا رب. كلها بحكمة صنعت. ملآنة الأرض من غناك. هذا البحر الكبير الواسع الأطراف. هناك دبابات بلا عدد. صغار حيوان مع كبار. هناك تجري السفن. لوياثان هذا خلقته ليلعب فيه. كلها إياك تترجى لترزقها قوتها في حينه. تعطيها فتلتقط. تفتح يدك فتشبع خيرًا. تحجب وجهك فترتاع. تنزع أرواحها فتموت والى ترابها تعود. ترسل روحك فتخلق. وتجدد وجه الأرض." البحر الكبير يشير للعالم. والدبابات تشير للإنسان الغارق في خطايا العالم هناك تجري السفن= مراكب التجار السالكين في البحر إشارة لحياة الناس في العالم. لكن هناكلوياثان= قد يشير للمخلوقات البحرية الضخمة كالتمساح والحوت. ولكنه هو من اسمه، ومعناه الحية، إشارة للشيطان الذي هو في العالم ويسبب بلعبه أي بخداعاته سقوط الناس في الشر. وكان لوياثان قبل المسيح طليقًا يلعب كما يشاء وبعد المسيح قيدت حركته. والمخلوقات كلها تترجي الله ويرزقها أبرارًا وأشرار. وحين تخطئ يحجب وجهه فترتاع. في يد الله أرواح كل الخليقة ينزعها حين يريد. وكما كان روح الله قديمًا يرف على المياه فخرجت الخليقة. هكذا مازال روح الله يعمل في المعمودية ليعطي خليقة جديدة ليجدد وجه الأرض. ويخرج من الفساد عدم فساد. آية (31): "يكون مجد الرب إلى الدهر. يفرح الرب بأعماله." الرب يفرح بأعماله. وكما وجد الخليقة حسنة جدًا عند خلقتها، فهو بعد الفداء وتجديد الخلقة فرح جدًا بفدائه وتجديد أولاده وأنهم سيمجدونه إلى الدهر. آية (32): "الناظر إلى الأرض فترتعد. يمسّ الجبال فتدخن." ماذا كان مصير الإنسان بدون الفداء؟ نرى الإجابة في هذه الآية. فإن كانت الأرض ترتعد بنظرة من الله، والجبال تدخن بلمسة منه، فماذا لو غضب الله على الإنسان الضعيف. وهذا ما سيكون عليه الأشرار يوم الدينونة. آية (33): "اغني للرب في حياتي. أرنم لإلهي ما دمت موجودًا." بعد أن تأمل المرنم في عطايا الله وقدرته أخذ يسبحه، كما سنفعل حين نراه في السماء. آيات (34 ، 35): "فيلذ له نشيدي وأنا افرح بالرب. لتبد الخطاة من الأرض والأشرار لايكونوا بعدباركي يا نفسي الرب. هللويا" بينما يسبح الأبرار في السماء سيكون نصيب الأشرار محزنًا. هللويا= سبحًا لله. |
|