رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الله لا يتغير حقيقة تملأ القلب بالسرور والسلام. كل شيء فينا ومن حولنا يتغير: الظروف، المكان، القرارت، بل والإيمان؛ ولكن يبقى الله ثابت لا يتغير. الله لا يتغير حقيقة إذا اهتزت، اهتزت معها كل الحقائق الأخرى الخاصة بالله، فكيف يكون الله كلي القوة أو كلي العلم أو كلي الحكمة أو كلي القداسة إذا كان يتغير. الله لا يتغير حقيقة يظهر روعتها تغيِّر الإنسان. على سبيل المثال: في أرض مصر، كانت الصورة الرمزية للمسيح هي خروف الفصح (خر12)، ولكن بعد أن أخرج الله شعبه من مصر تغيَّرت الصورة الرمزية إلى الصخرة (خر17)، لماذا؟ لأنه في برية متغيرة، تحمل ظروفًا متغيرة، ومع شعب متغير ومتبدل، يبقى الاحتياج الأوحد إلى إله ثابت لا يتغير، ولذا جاء الحديث عن الصخرة (1كو10: 4)، وشهد موسى نفسه في نهاية رحلته عن الله قائلاً: «هُوَ الصَّخْرُ الكَامِلُ صَنِيعُهُ» (تث32: 4). وفي تكوين 49 نرى من هو الإنسان في عدم ثباته والله في كامل ثباته، حيث قال يعقوب عن رأوبين «فَائِرًا كَالْمَاءِ لا تَتَفَضَّلُ» (ع4) وتترجم هذه العبارة في ترجمة KJV “غير ثابت كالماء”. وكأن يعقوب رأى تغيُّر وتبدُّل رأوبين، فالإنسان قد يدافع عن شيء اليوم ويفعل عكسه غدًا، يتحدث بشيء اليوم وينفيه غدًا، الإنسان كالماء في عدم ثباته، ولكن على النقيض من ذلك ما قاله يعقوب عن الله في الفصل ذاته، فهو «الرَّاعِي صَخْرِ إسْرَائِيل» (ع24). رأوبين كالماء الفائر المتغير وغير الثابت، والله كالصخر! وتغيُّر الإنسان لا نراه في صورة فردية فقط بل في صورة جماعية أيضًا، فيُقال عن الأشرار «أَمَّا الأَشْرَارُ فَكَالْبَحْرِ الْمُضْطَرِبِ لأَنَّهُ لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَهْدَأَ وَتَقْذِفُ مِيَاهُهُ حَمْأَةً وَطِينًا» (إش57: 20). هم كالبحر؛ البحر أحيانًا يكون هادئًا وجميلاً، يخدم الإنسان ويحمل سفنه حيث يريد، وأحيانًا يهيج ويزبد فيصير خطرًا على الإنسان، وربما يبتلعه. وتحوّله من السكون إلى الهياج والعكس، كثيرًا ما يحدث فجأة ودون سابق إنذار، وبالتأكيد أن الريح لها دور كبير في هذا، والريح خلفها الشيطان «رَئِيسِ سُلْطَانِ الْهَوَاءِ». هو الروح الذي يعمل الآن في أبناء المعصية؛ هو الذي يُهيّج ساسة هذا العالم وشعوبه ويحرّكهم. وفي كل هذا يبقى الله هو الصخر. والمؤمن ذاته متغيِّر ومتبدّل، داود في 1صموئيل24 امتنع عن أن يمد يده إلى شاول ويقتله، ورفض أن يستمع لقول رجاله، بينما في 1صموئيل25 سعى وراء نابال لكي يقتله انتقامًا لنفسه، وشجَّع رجاله على الذهاب معه. أيضًا في 1صموئيل26 أعلن أنه لن يهرب خارج حدود إسرائيل وأنه على استعداد أن يموت أمام الرب، بينما في 1صموئيل27 قرر أن يهرب من أرض إسرائيل إلى جت. ونحن كذلك نتغير يومًا وراء الأخر أحيانًا للأحسن وأحيانًا للأسوأ، ولكن يبقى الأمر المشجِّع أن الصورة التي يقصدها الله لنا ثابتة وواحدة وغير متغيره. |
|