رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الصليب والمحبة الإنسانية «من أحب أباً أو أماً أكثر مني فلا يستحقني. ومن أحب إبناً أو ابنه أكثر مني فلا يستحقني. ومن لا يأخذ صليبه ويتبعني فلا يستحقني» (مت10: 37،38). إن المحبة البشرية التي تنبع من داخل النفس ليست خطية، بل هي عاطفة مشروعة. ولكن إذا كان هناك خيار بين محبتنا لله ومحبة أقرب الأقربين إلينا، فهنا يجب أن تعلَّق المحبة الطبيعية على عود الصليب، على الرغم مما يصاحب ذلك من ألم، فصَلب العواطف ليس بالشيء الهيّن، ولكن محبتنا للرب يجب أن تكون لها المكانة الأولى، فينبغي «أن يُطاع الله أكثر من الناس». لقد نجح إبراهيم إزاء هذا الاختبار بينما فشل يوناثان في اختبار أقل. ففي تكوين 22 صبّ الله تجربته على رأس اسحاق، مركز عواطف إبراهيم، ابن محبته، بل ابن شيخوخته، موضوع مسرة قلبه وبهجة حياته، ومركز آماله، فلم يكن ممكناً لإبراهيم أن يُجرَّب في أي شيء في حياته أثمن من وارث المواعيد، فقد كان على استعداد أن يضحي بسارة نفسها -وقد سبق وعمل ذلك فعلاً - بشرط ألا يقترب مكروه من اسحاق. في بداية حياته كانت طاعته للرب جزئية فلقد كان قول الرب له «اذهب من أرضك ومن عشيرتك ومن بيت أبيك إلى الأرض التي أريك»، فمع أنه ترك عشيرته وأرضه، فإن عواطفه ومشاعره حالا دون أن يفترق عن أهله وأقاربه. فنجده يخرج ومعه تارح أبيه وأبن أخيه لوط، وما كان أسوأ ذلك في طريق طاعته للرب. ولكن كان ينبغي أن يكون هناك دليل أعمق يدل على أن الرب له المحبة الأولى في حياته، وجاء هذا الدليل بوضوح عندما قدّم اسحاق الذي أحبه فوق كل شيء، قدّمه وهو مجرَّب، قدّم الذي قبل فيه المواعيد، فقبل أن يرفع عليه السكين اخترقت السكين أحشاءه، وفي مفهومنا هنا لم يكن إبراهيم يحمل صليبه فحسب، بل كان الصليب يخترق أحشاءه، وهو بذلك أعلن لله كامل محبته وإخلاصه له، وأن محبة أعز عزيز عليه لن تقف حائلاً بينه وبين محبته للرب. وعلى النقيض من إبراهيم نجد يوناثان، مع أنه أحب داود كنفسه (1صم18: 1) ومع أنه قطع معه عهداً، لكن لما جاء المحك العملي، عندما كان عليه أن يختار بين "داود" و"شاول"، بين "القصر والمدينة" و"مغارة عدلام"، فضّل أن يكون مع أبيه في القصر عن أن يهرب مع داود في الجبال والمغاير. إننا أمام شخصين أحدهما نجح في ما فشل فيه الآخر: إبراهيم عرف كيف يحمل صليبه ويصلب عليه عواطفه البشرية، ويتبع الرب من كل قلبه؛ ولذلك فقد استحق الرب. والآخر لم يستطع أن يتخلى عن رفاهية حياة القصر، كما عن ارتباطه بأبيه؛ فكانت النتيجة أنه مات مع أبيه على جبل جلبوع ولم يحظَ بالملك مع داود. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
الصليب والمحبة الطبيعية (مت10: 37-39) |
الصليب والمحبة الطبيعية |
الصليب والمحبة |
الصليب هو مدرسة الغفران والمحبة المسيحية التي أسسها يسوع |
الصليب والمحبة - الأب انطونيوس مقار ابراهيم |