منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم اليوم, 03:46 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,266,359

مادة الخدمة





مادة الخدمة


«إِلَى الشَّرِيعَةِ وَإِلَى الشَّهَادَةِ. إِنْ لَمْ يَقُولُوا مِثْلَ هَذَا الْقَوْلِ فَلَيْسَ لَهُمْ فَجْرٌ!» (إش8: 20). فإن «الْوَصِيَّةَ مِصْبَاحٌ وَالشَّرِيعَةَ نُورٌ» (أم6: 23)، وبدونها يتخبَّط الإنسان في الظلام والجهل. ونحن لا يمكن أن نعرف الله، ولا شخص المسيح، ولا أنفسنا، ولا بطلان هذا العالم ومصيره، ولا الشيطان وأساليبه، ولا الطريق الصالح الذي يؤدي إلى الحياة لكي نسير فيه، إلا من خلال الإعلان المُقدَّم لنا في المكتوب.

إن الإنسان الطبيعي يحب الظلمة أكثر من النور، ولا يريد أن يأتي إلى النور لئلا توبَّخ أعماله (يو3: 19، 20)، والعالم الذي حولنا تحكمه مبادئ شيطانية تجنح بالنفوس بعيدًا عن الله. لهذا فإن كثرين قد هجروا كلمة الله، ونصَّبوا أنفسهم حُكَّامًا ونُقَّادًا عليها. والشيطان يخدع النفوس بالبدائل من الفلسفات البشرية والمبادئ العالمية، والموضوعات العلمية والنفسية والاجتماعية، التي تحاول أن تحل مشاكل الناس بالاستقلال عن الله. وهذه الأفكار تروق للإنسان، وتُخدِّر ضميره، وتحتفظ به بعيدًا عن الله. والنتيجة أن ازدادت المشاكل وتفاقمت. وقد انطبقت عليهم كلمات إرميا النبي القائل: «هَا قَدْ رَفَضُوا كَلِمَةَ الرَّبِّ فَأَيَّةُ حِكْمَةٍ لَهُمْ؟» (إر8: 9). لهذا قال الرسول لتلميذه تيموثاوس: «اكرِِزْ بالكلِِمَةِ». فهذا حقًا ما تحتاجه النفوس. ونحن عندما نتأمل فيما تعني هذه الكلمة الإلهية، وما هو تأثيرها، وكمّ الفوائد التي نجدها فيها، وكيف أن الإنجيل هو «قوة الله للخلاص»، وقوة التغيير الأدبي في حياة الناس، عندئذ سنقدِّر وندرك أهمية الكلمة التي نكرز بها على النحو التالي:

1- قال الرب يسوع: «فَتِّشُوا الْكُتُبَ... وَهِيَ الَّتِي تَشْهَدُ لِي» (يو5: 39 انظر أيضًا، لو24: 44). فإن «شَهَادَةَ يَسُوعَ هِيَ رُوحُ النُّبُوَّةِ» (رؤ19: 10). إننا من خلال المكتوب نعرف الرب يسوع المعرفة الصحيحة، ونستطيع أن نقدمِّه للآخرين. وبعيدًا عن هذه الكلمة لا يمكن لإنسان أن يعرف المسيح في لاهوته أو ناسوته.

2- الكلمة هي الوسيلة التي بها يُولَد الإنسان من فوق. «شَاءَ فَوَلَدَنَا بِكَلِمَةِ الْحَقِّ لِكَيْ نَكُونَ بَاكُورَةً مِنْ خَلاَئِقِهِ» (يع1: 18؛ انظر أيضًا يو3: 5؛ 1بط1: 23؛ 1كو4: 15). لهذا نحن نكرز بالكلمة للخطاة، فهي التي تُحيي النفوس المائته، وبها يحصل الشخص على طبيعة الله الجديدة.

3- هي الغذاء الذي نحيا وننمو به. إذ مكتوب «لَيْسَ بِالْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا الإِنْسَانُ بَلْ بِكُلِّ كَلِمَةٍ تَخْرُجُ مِنْ فَمِ اللَّهِ» (مت4: 4). وهي تناسب كل المستويات في عائلة الله. فيقول بطرس: «وَكَأَطْفَالٍ مَوْلُودِينَ الآنَ اشْتَهُوا اللَّبَنَ الْعَقْلِيَّ الْعَدِيمَ الْغِشِّ لِكَيْ تَنْمُوا بِهِ» (1بط2: 2). ويقول بولس: «وَأَمَّا الطَّعَامُ الْقَوِيُّ فَلِلْبَالِغِين» (عب5: 14). وعلى الخادم أن يُطعم القطيع بهذه الكلمة.

4- هي كالماء الذي يغسل ويُطهِّر. مكتوب «أَحَبَّ الْمَسِيحُ أَيْضاً الْكَنِيسَةَ وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِهَا ... مُطَهِّراً إِيَّاهَا بِغَسْلِ الْمَاءِ بِالْكَلِمَةِ» (أف5: 25، 26). ونحن إذ نسير في عالم ملوث بالخطية، فإننا مُعرَّضون أن تتسخ أرجلنا، ويلحق بنا شيءٌ من الدنس. ولا شيء يغسل أفكارنا وينقي سلوكنا سوى هذه الكلمة المُشبَّهة بالماء (يو13: 1- 11). وقد قال الرب يسوع للتلاميذ: «أَنْتُمُ الآنَ أَنْقِيَاءُ لِسَبَبِ الْكلاَمِ الَّذِي كَلَّمْتُكُمْ بِهِ» (يو15: 3).

5- هي الدواء لكل داء. «أَرْسَلَ كَلِمَتَهُ فَشَفَاهُمْ» (مز107: 20). فهي تُعطي راحةً للمُتعَبين، وسلامًا للخائفين، وعزاءً للنائحين، ونورًا للحائرين، ورجاءً لليائسين، وعونًا للخائرين، وتشجيعًا للفاشلين، وإنهاضًا للعاثرين، وتعضيدًا للساقطين، وتقويمًا للمُنحنين، وبَلَسانًا للمتألمين، وفَرَحًا للمحزونين، وتعويضًا للمحرومين، وحكمةً للجاهلين.

6- هي وسيلة الخلاص. «فَاقْبَلُوا بِوَدَاعَةٍ الْكَلِمَةَ الْمَغْرُوسَةَ الْقَادِرَةَ أَنْ تُخَلِّصَ نُفُوسَكُمْ» (يع1: 21 انظر أيضًا 2تي3: 15). وهذا الخلاص ليس فقط الخلاص الأبدي من الدينونة الذي نحصل عليه عند الإيمان، لكنه يتجاوزه ليشمل أيضًا الخلاص اليومي في الطريق.

7- الكلمة ترد النفس (مز19: 7). فهي التي تحرِّك الضمير وتلمس القلب، وتقود المؤمن رجوعًا إلى الرب، وإلى الشركة معه. ونحن كم من المرَّات سمعنا صوت الرب من خلال كلمته، وكانت كافية لإنهاضنا وعلاجنا ورد نفوسنا. لهذا علينا أن نكرز بالكلمة لكل مَنْ تاه عن الدرب الصحيح ليرجع إلى راحته وشركته مع الرب.

8- الكلمة نار ومطرقة تُحطِّم الصخر (إر23: 29). فمهما كانت قساوة القلب، وتحجُّر الفكر، وتصلُّب الإرادة، وعناد الإنسان ورفضه لله، وإصراره على العيشة في الشرور والفجور، فإن كلمة الله قادرة أن تهُزَّ الضمير، وتزلزل الكيان، وتكسر الإرادة العاصية، وتقود النفس إلى الخضوع والخشوع أمام سلطانها وتأثيرها. إن الكلمة نار تُذيب الثلوج من التبلُّد والجمود وعدم الاكتراث. كما أنها نار تحرق الهشيم من الخرافات والضلالات التي لا يمكن أن تثبت أمام قوة كلمة الله. وأي شيء يمكن أن نُقدِّمه للنفوس يُحدث فيها هذه التأثيرات الخطيرة؟!

إن «كَلِمَةَ اللهِ حَيَّةٌ وَفَعَّالَةٌ وَأَمْضَى مِنْ كُلِّ سَيْفٍ ذِي حَدَّيْنِ، وَخَارِقَةٌ إِلَى مَفْرَقِ النَّفْسِ وَالرُّوحِ وَالْمَفَاصِلِ وَالْمِخَاخِ، وَمُمَيِّزَةٌ أَفْكَارَ الْقَلْبِ وَنِيَّاتِهِ» (عب4: 12). والكلمة تُميِّز بين النفس والروح، أي ما هو نفسي وما هو روحي. فقد يتأثر الشخص ويبكي، لكن هذا ليس دليلاً على الولادة من الله، وقد يفرح وينتشي، لكن هذا أيضًا قد يكون انفعالاً عاطفيًا فقط. وكلمة الله وحدها هي التي تُميِّز بين المشاعر النفسية، وبين الخضوع القلبي وتسليم الإرادة للرب والتوبة الحقيقية.
إن الكلمة لا تأتي لتستجدي إرضاء الناس وموافقتهم، بل تأتي من الله مباشرة لتدين أفكار القلب وتحكم على الدوافع الخاطئة. إنها تفعل كما يفعل الله تمامًا، لهذا يقول بعد ذلك: «وَلَيْسَتْ خَلِيقَةٌ غَيْرَ ظَاهِرَةٍ قُدَّامَهُ (أي قدام الله)، بَلْ كُلُّ شَيْءٍ عُرْيَانٌ وَمَكْشُوفٌ لِعَيْنَيْ ذَلِكَ الَّذِي مَعَهُ أَمْرُنَا» (عب4: 13). مع أنه كان يتكلَّم عن كلمة الله. ذلك لأنها تأتي بنا إلى حضرة الله. وأيّ كلام من أقوال البشر، ولو كانوا أعظم المُفكِّرين والمُصلحين، يُمكن أن يفعل ما تفعله كلمة الله؟ لهذا قال الرسول: «اكْرِزْ بِالْكَلِمَةِ».

ن كل نهضة حقيقية حدثت في تاريخ شعب الله قد اقترنت بالرجوع إلى كلمة الله والخضوع لسلطانها. وعلى قدر احترام القادة والشعب لكلمة الله وطاعتها، على قدر البركة الغزيرة التي أغدقها الرب على شعبه.
فمثلاً، بعد الرجوع من السبي، في أيام نحميا، في النهضة الأخيرة التي حدثت وسط البقيَّة الراجعة، «اجْتَمَعَ كُلُّ الشَّعْبِ كَرَجُلٍ وَاحِدٍ إِلَى السَّاحَةِ الَّتِي أَمَامَ بَابِ الْمَاءِ وَقَالُوا لِعَزْرَا الْكَاتِبِ أَنْ يَأْتِيَ بِسِفْرِ شَرِيعَةِ مُوسَى... فَأَتَى عَزْرَا الْكَاتِبُ بِالشَّرِيعَةِ أَمَامَ الْجَمَاعَةِ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، وَكُلِّ فَاهِمٍ مَا يُسْمَعُ... وَقَرَأَ فِيهَا ... مِنَ الصَّبَاحِ إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ أَمَامَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْفَاهِمِينَ... لأَنَّ جَمِيعَ الشَّعْبِ بَكُوا حِينَ سَمِعُوا كَلاَمَ الشَّرِيعَةِ» (نح8: 1- 9). هل رأينا تعطُّش الشعب لكلمة الله، واحترامهم لها، وخضوعهم لسلطانها، وكيف أنها تلمس الضمير وتُبكِّت وتقود إلى الحزن والتوبة والدموع، كما أنها تقود إلى الفرح والقوة والسجود؟ وهذا ما ينبغي أن نركِّز عليه في الخدمة إذا أردنا نهضة حقيقية، وليست شكلية، وسط شعب الرب.

إن كلمة الله لها القوة على هدم حصون الشيطان وظنونه وكل ما ارتفع ضد معرفة الله. وإن كان لها هذا التأثير الفعَّال على النفوس، فلا عجب إن كان الشيطان يجمع كل طاقته ويهاجم هذه الكلمة بالتشكيك في صحتها، أو بإضاعة تأثيرها. إنه يخطف الكلمة التي سُمعَتْ سريعًا، أو يقنع النفوس ويخدعها بالتأثيرات الوقتية العاطفية، أو يخنق الكلمة في القلب بواسطة هموم العالم، وغرور الغنى، وشهوات سائر الأشياء، فتصير بلا ثمر (مر4: 14- 19).

«مَا لِلتِّبْنِ مَعَ الْحِنْطَةِ يَقُولُ الرَّبُّ؟» (إر23: 28). «اَلْحِنْطَةُ تُنْمِي الْفِتْيَانَ» (زك9: 17)، أما التبن فماذا يفعل؟ والحنطة هي كلمة الله، والتبن هو أفكار الإنسان الباطلة والخرافات والمبادئ العالمية أو الفلسفات البشرية التي لا يُمكن أن تُفيد النفوس أو تُحييها، والتي مع الأسف تنتشر الآن بوفرة في أيامنا.

إن النفوس الحائرة تبحث عن نور يُرشد إلى الطريق الصحيح، وإلى مشورة تهدي الأقدام في طريق السلام. والمُخْلِصون سيبحثون عن خادم حقيقي للرب، «عِنْدَهُ كَلاَمُ الرَّبِّ» (انظر 2مل3: 11، 12). والمؤسف حقًا أن مَنْ عندهم كلام الرب ليُقدِّموه للنفوس ليبنيهم ويقويهم، يتحولون إلى الأساليب العلمية والفلسفية والموضوعات الاجتماعية والنفسية، لمجرد أن هذا هو المطلوب أكثر في ساحة الخدمة، وأكثر جاذبية وإثارة للسامعين، ويحقق الانبهار والشهرة أكثر مِمَنْ يُقدِّم كلمة الله وحدها. دعونا نُقدِّر امتياز أن يكون عندنا كلام الرب، ونقنع أنها هي حاجة النفوس الحقيقية، وليس شيء آخر.

وفي رسالة الأيام الأخيرة، وقبيل رحيل الرسول بولس إلى المجد، يوصي ابنه تيموثاوس قائلاً: «أَنَا أُنَاشِدُكَ إِذاً أَمَامَ اللهِ وَالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الْعَتِيدِ أَنْ يَدِينَ الأَحْيَاءَ وَالأَمْوَاتَ، عِنْدَ ظُهُورِهِ وَمَلَكُوتِهِ: اكْرِزْ بِالْكَلِمَةِ. اعْكُفْ عَلَى ذَلِكَ فِي وَقْتٍ مُنَاسِبٍ وَغَيْرِ مُنَاسِبٍ» (2تي4: 1، 2). إنه يدعوه أن يكرز بالكلمة لأولئك الذين خدَّرهم العدو، وهم منحدرون إلى الهلاك وممدودون للقتل. وهنا يقول بولس: بما أنك تمتلك هذا الكتاب النافع، فلا تتوانَ في الكرازة للنفوس بكل نشاط القلب وعزمه، في وقت مناسب وغير مناسب، لأن الموقف خطيرٌ للغاية. وقبل أن يقول له: اعكف على الكرازة بالكلمة، قال له: اعكف على القراءة (1تي4: 13). فالخادم يظل تلميذًا للكتاب مدى الحياة، وإذا توقف عن أن يكون تلميذًا، فإنه ما عاد يصلح للخدمة في أي صورة. إنه يحيا بها قبل أن يكرز بها.

ثم يستطرد قائلاً: «لأَنَّهُ سَيَكُونُ وَقْتٌ لاَ يَحْتَمِلُونَ فِيهِ التَّعْلِيمَ الصَّحِيحَ (وقد أتى فعلاً هذا الوقت الآن)، بَلْ حَسَبَ شَهَوَاتِهِمُ الْخَاصَّةِ يَجْمَعُونَ لَهُمْ مُعَلِّمِينَ مُسْتَحِكَّةً مَسَامِعُهُمْ، فَيَصْرِفُونَ مَسَامِعَهُمْ عَنِ الْحَقِّ، وَيَنْحَرِفُونَ إِلَى الْخُرَافَاتِ» (2تي4: 3، 4). إنه الآن يتكلَّم عن حالة الناس السامعين في الأوساط الكنسية. لقد سمعوا مرارًا كلمة الحق التي تُبِكِّتْ ضمائرهم، وتصرخ في أعماقهم: لا يحل لكم. ولأنهم يرغبون في العيشة في الشر والنجاسة دون إزعاج، فهم لا يحتملون التعليم الصحيح الذي يطالب بالقداسة. وهم حسب شهواتهم الخاصة يجمعون لهم مُعلِّمين يوافقونهم في رغباتهم، ولا يعترضون على ما يفعلونه، ويُقنِّنون الخطية، ويعطونها مُسمَّيات بريئة وجذَّابة. هذه الجماعات من المسيحيين والقادة المسؤولين عنهم، يعنيهم بالدرجة الأولى إرضاء الناس، وزيادة الأعضاء، وتسكين الضمير. من أجل هذا يبحثون عن معلِّمين لا يعتمدون على كلمة الله في عظاتهم، بل على الأفكار البشرية وعلى القصص والروايات من الواقع أو من الخيال التي تُسلِّي السامعين. ويستشهدون لا بآيات من الكتاب بل بأقوال الفلاسفة أو الفنانين. وهكذا نرى كيف انحرفتْ المسيحية بعيدًا عن الحق، وعن الهدف الأسمى وهو استحضار النفوس إلى علاقة صحيحة مع الله، وتحوَّلتْ إلى ما يعجب ويبهر وينعش الجسد أو يغذِّي العقل. هؤلاء المعلِّمون سيصرفون مسامع الناس عن الحق، وينحرفون إلى الخرافات. وبدلاً من الاهتمام بإطعام الخراف بكلمة الله، انصرفوا إلى مُداعبة الجداء. وهذا ما يرغبه الناس في الأيام الأخيرة.

إن الكثير من تعاليم الكتاب، خاصة تعاليم بولس، تتعارض مع الفكر الحديث، ولذلك يرفضها وينقدها كل المُفكِّرين العصريين والوعَّاظ الذين يحرصون على أن تتوافق خدماتهم مع آخر موضات التفكير العلمي، وأحدث صيحات التطور الاجتماعي والثقافي، لكي يُقدِّموا ما هو جديد مما يُطرب السامعين ويجعلهم مُنتشين. وهذا ما أسماه الرسول هنا: «الخرافات». إنهم يحتقرون الثقافة الكتابية ويعتبرونها نوعًا من التخلُّف الذي لا يناسب العصر.

وإذا كانت هذه هي حالة المسيحية في الأيام الأخيرة، فإن هذا يُحتِّم على الخادم الأمين أن يقف ضد التيار الجارف، وأن يتمسك بالحق، ولا يسعى لإرضاء وإطراء الناس ليكسب المزيد من الشعبية والشهرة والمُعجَبين. بل يواصل طريقه كارزًا بالكلمة، تاركًا النتائج بين يدي الرب.

إن هذه المفشلات تفرض عليه أن يصحو في كل شيء، ويحتمل المشقات (2تي4: 5)، بالنظر للشرور التي حوله. ويتوقع أن يكون مرفوضًا من الأكثرين الذين سينفضُّون عنه، وربما يقاومونه. لكنه يتمم خدمته التي أخذها من الرب، وسيُعطي عنها حسابًا أمام كرسي المسيح. ليس المطلوب أن يتكلَّم بالناعمات (إش30: 10) أو أن يحك آذان ومسامع الناس، بل أن ينذر ويوبِّخ وينتهر كل ما لا يتفق مع قداسة الله.

كثيرون يكرزون بأنفسهم أو باختباراتهم وإنجازاتهم، ويتَّخذون من الخدمة سُلَّمًا يصعدون عليه لمجد أنفسهم. لكن إنسان الله يكرز بالكلمة وشعاره: «يَنْبَغِي أَنَّ ذَلِكَ يَزِيدُ وَأَنِّي أَنَا أَنْقُصُ» (يو3: 30).

لقد نجح الشيطان في أن يُغلق شهية الناس عن كلمة الله، ويفتحها بشدة على المواد العالمية وما تبثُّه وسائل الإعلام والفضائيات. وكما حدث مع إسرائيل قديمًا في البرية حيث اشتهى اللفيف الذي في وسطهم طعام مصر الأول، فسئم الشعب من المَنْ وتذمَّروا عليه. هكذا في المسيحية لا يطيقون كلمة الله ويقنعون بالفتات مع أكبر قدر من التسليات. لكن الخادم الأمين يظل يكرز بالكلمة مُدركًا أهميتها وتأثيرها الحي، وحاجة النفوس الحقيقية إليها. إنه يُقدِّمها كما هي بالحقيقة ككلمة الله. وهذا ما كان يفعله بولس إذ قال: «لأَنَّنَا لَسْنَا كَالْكَثِيرِينَ غَاشِّينَ كَلِمَةَ اللهِ» (2كو 17:2)، أي يُقدِّمها دون تخفيف أو تحوير أو حذف أو إضافة. وهذا ما علَّمه لتيموثاوس وأوصاه به.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
من أشكال الشهادة للمسيح خارج البيت الخدمة وتعليم الأبناء الخدمة
مادة الخيمة وأغطيتها في الكتاب المقدس
وفي الخدمة نراعي أمرين: محبة الخدمة، وروح الخدمة
ننشر نص أول 15 مادة من الخدمة المدنية
الشورى.. ينفذ ملاحظات الدستورية بالحرف.. المجلس اجتهد فى مادة أداء الخدمة العسكرية.


الساعة الآن 11:33 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024