يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: كيف يقول المرتل إن نفسه تعرف ذلك يقينًا، بينما يقول في نفس المزمور إنه لا يعرف الله كما هو؟ يجيب إنه يعرف يقينًا أن الله عظيم وسامٍ فوق كل فهمٍ وإدراكٍ.
معرفتنا اليقينية عن الله تؤكد لنا جهلنا لأسرار طبيعته وإدراك جوهره، وجهلنا يسندنا على الشهادة بمعرفته.
* "أعترف لك، لأنك تصنع عجائب برهبةٍ، عجيبة هي أعمالك. ونفسي تعرف ذلك يقينًا".
عن ماذا يتكلم؟ يقول: لقد خلقتني، لكنني لا أعرف كيف خلقتني. أنت تعتني بي، لكن بعقلي لا أستطيع أن أدرك العناية الإلهية ككلٍ في وقتٍ واحدٍ. أنت حاضر في كل مكان، لكنني لا أفهم ذلك. أنت تعرف المستقبل مقدمًا، والماضي، وأسرار عقولنا؛ حتى هذا لا أستطيع إدراكه بعقلي. أقصد أنك تغير طبيعة الأشياء، وتجعل من الأشياء الباقية كما هي تحمل سمات مضادة، وتجعل من هذه السمات المضادة كأنها أصيلة وطبيعية. إذ يجتمع (المرتل) هذا كله معًا، يُصدر صرخة عظيمة... ويقول: "اعترف لك، لأنك تصنع عجائب برهبةٍ". بمعنى أنك عجيب في المظهر، وعجيب في الكيان. "عجيبة هي أعمالك، ونفسي تعرف ذلك يقينًا". يقول: لماذا أتكلم عنك، إن كان في أي الأحوال ما تفعله هو مملوء عجبًا.
القديس يوحنا الذهبي الفم