رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الأسفار الحكمية يوجد نوعان من الكتابات الحكمية في العهد القديم: النوع الأول يحوي أحاديث عملية فعّالة توضح كيف يمارس المؤمن حياته الروحية والاجتماعية، فيجد شبعه وسعادته وعربون مكافأته الأبدية. نجد مثل هذا النوع من الكتابة يسود سفر الأمثال. النوع الثاني من الكتابات الحكمية يعالج الصراع مع متاعب الحياة، فتثير في ذهنه الأسئلة التالية: هل للحياة كما نعرفها معنى؟ وهل يمكننا بلوغ أي نتائج عقلية لمعنى الحياة؟ وما هو مدى تجاوبنا مع متناقضات الحياة في العالم الواقعي؟ نجد مثل هذا النوع من الكتابات الحكمية في سفر الجامعة، وأيضًا في سفر أيوب. من بين الكتابات الحكمية أسفار الأمثال والجامعة ونشيد الأناشيد، منسوبة جميعها إلى الملك سليمان. هذه الأسفار الثلاثة غنية في استخدامها للمجازات والتشبيهات. يجيب سفر الأمثال على التساؤلات السلوكية بوضوح وحزم، فلا يعرف أنصاف الحلول، بل يكشف عما هو أسود أو أبيض، ولا يوجد فيه ما هو بين الاثنين، أي اللون الرمادي. يوضح سفر الجامعة أن الكثير من الأشياء في حقيقتها ليست كما تبدو في الظاهر، فالتعلم والغنى والشهرة والشبع ليست دائمًا علامات على بركات الرب، إنما يمكن أن تكون فارغة وبلا معنى. ويثير سفر الجامعة تساؤلات كثيرة لكي يدخل بنا إلى مفاهيم أعمق. يهتم سفر نشيد الأناشيد بتقديس الحب والعلاقات الزوجية والرباط بين الخطيبين كظل للوحدة الفائقة بين السيد المسيح وكنيسته، أو بينه وبين النفس البشرية. لكل سفر من هذه الأسفار الثلاثة تطلعه المختلف عن السفرين الآخرين، فسفر الأمثال يهدف نحو الإرادة المقدسة، والجامعة نحو العقل المقدس، والنشيد نحو القلب المقدس. بحسب التقليد اليهودي كتب سليمان الملك هذه الأسفار في مراحل حياته المختلفة، سفر النشيد في شبابه، والأمثال في منتصف عمره، والجامعة في شيخوخته. على أي الأحوال توجد بعض الملامح الهامة مشتركة بين هذه الأسفار، فسفرا الأمثال والجامعة يمثلان نموذجين كلاسيكيين من نوع معين من الأدب ظهر في أيام الملك سليمان واستمر يزدهر حتى بعد عودة اليهود من السبي البابلي. يشترك سفرًا الجامعة والنشيد في تمايزهما كسفرين خاصين بالأعياد من بين خمسة أسفار كانت تُقرأ في الأعياد السنوية حسب التقليد اليهودي. أما الأسفار الثلاثة الأخرى فهي راعوث وإستير والمراثي. سليمان الملك كرجل حكيم ومختبر للحياة قدم رسالة هامة لنا جميعًا. هذه الرسالة ببساطة هي هذه: "إن تطلعنا إلى الحياة نجدها طويلة وشاقة، لكنها ليست بلا معنى، ولا تسير بلا خطة محكمة. يوجد شبع عميق في الحياة التي نتقبلها من الله ونودعها بين يديه الإلهيتين. فالله بالنسبة للمؤمن هو إله العدل (الأمثال) والحب (نشيد الأناشيد)، وهو وحده الذي يهب الحياة معنى (الجامعة). وإذ هذا حق يمكننا أن نتبع بثقة مشورة الكاتب الحكيم: "اتكل على الرب بكل قلبك، وعلى فهمك لا تعتمد. في كل طرقك اعرفه، وهو يوجه كل طرقك" (أم5:3-6). |
|