|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
سبي أورشليم: "1 هُوَذَا يَوْمٌ لِلرَّبِّ يَأْتِي فَيُقْسَمُ سَلَبُكِ فِي وَسَطِكِ. 2 وَأَجْمَعُ كُلَّ الأُمَمِ عَلَى أُورُشَلِيمَ لِلْمُحَارَبَةِ، فَتُؤْخَذُ الْمَدِينَةُ، وَتُنْهَبُ الْبُيُوتُ، وَتُفْضَحُ النِّسَاءُ، وَيَخْرُجُ نِصْفُ الْمَدِينَةِ إِلَى السَّبْيِ، وَبَقِيَّةُ الشَّعْبِ لاَ تُقْطَعُ مِنَ الْمَدِينَةِ." [1-2]. في ختام الأصحاح السابق نرى أن ثلثي الأرض يُقطعان ويموتان بينما يبقى الثلث فيها يُمحص بالنار كالفضة ويمتحن كالذهب. وكما يرى القديس ديديموس الضرير أن الثلثين هما الوثنيون واليهود الرافضون للخلاص، أما الثلث فهو جماعة المؤمنين الذين أُعتقوا من السبي الشيطاني بالصليب وقبلوا النار الإلهية واهبة التقديس، هذه التي قال عنها القديس يوحنا المعمدان: "هو يعمدكم بالروح القدس والنار" (مت 3: 11)، كما قال السيد نفسه: "جئت لألقي نارًا على الأرض، فماذا أريد لو اضطرمت؟!" (لو 12: 49). ويرى القديس ديديموس الضرير أنها نار التجارب أيضًا الممحصة للنفس، إذ يقول: [الذين عبروا من النار أي الثلث الأخير من المسبيين الذين تنقوا واستجاب الرب صلاتهم هؤلاء يقولون لله الذي وهبهم السلام: "لأنك جربتنا يا الله، محصتنا كمحص الفضة، أدخلتنا إلى الشبكة وجعت ضغطًا على متوننا، ركبت أنُاسًا على رؤوسنا، دخلنا في النار والماء ثم أخرجتنا إلى الخصب" (مز 66: 10-12). وفي إشعياء أيضًا يقول الله مخلص الإنسان: "لا تخف لأني معك، إذا اجتزت في المياه فأنا معك وفي الأنهار فلا تغمرك، إذا مشيت في النار فلا تلدغ واللهيب لا يحرقك..." (إش 43: 3-4). كيف يكون المشي في النار والخروج منها بلا خسارة إلاَّ إذا كان لنا صوت الرب الذي قيل عنه أنه يطفئ لهيب النار. فكما انشق البحر الأحمر بضربة العصا المقدسة فعبر الشعب بلا خسارة هكذا ينشق لهيب النار وينفتح للعبور فيه دون احتراق]. النار الإلهية سواء نار الروح القدس واهب التقديس أو نار التجارب الممحصة تزيد المؤمن بهاءً ومجدًا، أما بالنسبة للمعاندين فيتحطمون بها، لهذا يقول: "هوذا يوم الرب يأتي فيقسم سلبك في وسطك" [1]. فيوم الرب هو يوم خلاص للنفوس الخاضعة وتحرير لها من سبيها، لكنه يوم قاسٍ ومرّ للنفوس المتعجرفة المتمسكة بشرها. وكما قيل بإشعياء النبي: "هوذا يوم الرب قادم قاسيًا بسخط وحمو غضب ليجعل الأرض خرابًا ويبيد منها خُطاتها" (إش 13: 9). غالبًا ما تُقسم الغنائم خارج المدينة المسبية حتى لا ينشغل السابون بالغنيمة فيسترد المسبيون قوتهم ويحاربونهم، أما هنا فيقول: "يقسم سلبك في وسطك" علامة استخفاف الأعداء بالمدينة وإدراكه تحطيمها تمامًا مع عدم وجود أي احتمال لتشتم نفسها. وتظهر بشاعة هذا الاستخفاف أن يقسموا النساء كغنيمة لهم ليرتكبوا الشر معهن أمام أزواجهن، وكما قيل بإشعياء: "تحطم أطفالهم أمام عيونهم وتنهب بيوتهم وتفضح نساؤهم" (إش 13: 16). ويرى القديس ديديموس الضرير أن الغضب الإلهي قد أدرك أورشليم إلى النهاية (1 تس 2: 16) بقتلها للرب وتلاميذه، فسقطت تحت سطوة يسطس القائد الروماني الذي خربها تمامًا بصورة بشعة سجلها يوسيفوس المؤرخ اليهودي. إنها صورة مؤلمة للنفس التي تسقط تحت سبي إبليس خلال عدم الإيمان، فيقتحم العدو أعماقها ويذلها في الداخل، ويثير كل الخطايا (الأمم) ضدها، فينهب كل خير فيها وينجس الجسد (النساء) بكل طاقاتها، ويتحطم كل ثمر (الأطفال). والعجيب أن نصف المدينة تُحمل إلى السبي خارجًا، أما البقية فلا تُقطع من المدينة [2]. النصف الأول يُشير إلى أورشليم القديمة أو اليهود رافضي المخلص، أما البقية فتُشير إلى الذين قبلوا الإيمان به فأقيمت عليهم الكنيسة أورشليم الجديدة. وفي نفس الوقت يُشير النصف الأول إلى الإنسان الخارجي القديم الذي يلزم أن يُطرد، أما البقية فتُشير إلى الإنسان الداخلي الذي يتجدد. ليمت القديم ويحيا الجديد فينا! |
|