رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الحراس عند القبر ذهبت جماعة من رؤساء اليهود، بقيادة رئيس الكهنة إلى بيلاطس الوالي مطالبين بختم القبر وحراسته تحت إشراف عسكر الرومان. وكانت الحجَّة التي ساقوها هي أن يحموا القبر من سطو تلاميذ المسيح ليلاً، حتى لا يدَّعوا أن المسيح قام. وقال بيلاطس: عندكم حراس. إذهبوا واضبطوه كما تعلمون . ولا بد أن عدداً (عادة ما بين عشرة وثلاثين جندياً) من عسكر الرومان مضى معهم تحت إشرافهم لختم الحجر على القبر المملوك ليوسف الرامي، بختم النسر الروماني، مع ختم الوالي الروماني. وكان فضُّ مثل هذا الختم جريمة كبرى ضد الدولة. وكان هذا الإجراء أكبر برهان يدحض الاتهام الذي وجَّهه اليهود فيما بعد لتلاميذ المسيح من أنهم جاءوا ليلاً وسرقوا جسد يسوع. ولا بد أن قائد العسكر الروماني كان برتبة قائد مئة، ومحل ثقة عند بيلاطس، وقد حفظ التقليد لنا أن اسمه بترونيوس. وقد قام عسكر الرومان بواجبهم في حراسة القبر، كما سبق وقاموا بواجبهم في تنفيذ حكم الصلب، فقد كان عسكر الرومان يؤدّون واجبهم دوماً بأمانة وانضباط. وكان الختم الذي يحمل النسر الروماني أكثر قداسة عندهم من كل فلسفات إسرائيل وعقائدها القديمة.. ولا عجب فإن الجنود الذين يقترعون على رداء مصلوب دون اهتمام بآلامه، لا يمكن أن يخدعهم جليليون ضعفاء، أو أن يناموا في أثناء نوبة حراستهم فيعرضّون نفوسهم للموت. ولقد جرى جدال كثير حول قول بيلاطس: عِنْدَكُمْ حُرَّاسٌ. اِذْهَبُوا وَاضْبُطُوهُ كَمَا تَعْلَمُونَ (متى 27: 65) فجاء السؤال: هل كان الحراس جنوداً رومانيين، أم كانوا من حرس الهيكل؟ ذلك أن قول بيلاطس: عندكم حراس قد تعني (1) أن عندهم حرس الهيكل أو (2) خذوا حراساً من الجند الروماني. ولكننا نرى أن الحراس كانوا من الرومان. فلماذا يذهب اليهود لبيلاطس لطلب حراس وعندهم الحراس؟ ولماذا قالوا للحراس بعد اكتشاف القبر الفارغ: وَإِذَا سُمِعَ ذ لِكَ عِنْدَ الْوَالِي فَنَحْنُ نَسْتَعْطِفُهُ، وَنَجْعَلُكُمْ مُطْمَئِنِّينَ (متى 28: 14). لا شك أنهم جنود الوالي وهم يستعطفون لهم الوالي. ثم أن قول بيلاطس عندكم حراس تحمل معنى الأمر، أي خذوا حراساً . كما أن كلمة حراس في اللغة الأصلية تطلق عادة على الحرس الروماني، وقد وُجدت وصفاً للعسكر الرومان في بردية ترجع إلى عام 22 م كما أن رؤساء الكهنة طلبوا من بيلاطس أن يأمر بضبط القبر (متى 27: 64). وسياق القصة كلها في أصحاحي 27 و 28 من إنجيل متى يظهر أن الحرس كان رومانياً، فإن اليهود يمكن أن يسامحوا الحرس اليهودي إذا نام، لكن الوالي الروماني هو الذي يسامح الحرس الروماني إذا نام! (راجع متى 28: 11 ، 14). لقد أخبر الحراس رؤساء الكهنة بقصة القبر الفارغ، ليتدبَّروا الأمر معهم، ولو أنهم أخبروا بيلاطس لوقع عليهم العقاب بالموت. لقد طلب قادة اليهود حرساً رومانياً، فأعطاهم الوالي الحرس. ولما كان العقاب واجباً على الحرس فقد استعطف قادة اليهود الوالي حتى لا يوقّع العقاب على حرسه. وقد كان انضباط الجندي الروماني مذهلاً، وكانت عقوبة الموت تُوقّع على الجندي في الأحوال الآتية، حسبما وردت في قوانين جستنيان: البقاء مع الأعداء - الهروب - قطع عضو من الجسد للهروب من الخدمة - العصيان زمن الحرب - صعود سور أو متراس - بدء تمرد - رفض حماية القائد - التهرب من الخدمة - القتل - مدّ اليد على رتبة أعلى أو شتم قائد - الهروب الذي يجعل آخرين يهربون - إفشاء السر للأعداء - ترك مكان الخدمة - جرح زميل بسيف - ترك الحراسة الليلية - كسر عصا قائد المئة عند تنفيذه التأديب - الهروب من السجن - تعكير السلام (15). وكانت العقوبة تتم بالقتل بالسيف، أو بالرمي من جبل عال. ولقد كان العقاب قديماً قاسياً للغاية بمقارنته بالعقاب الذي يوقَّع اليوم على الجندي المقصِّر. وبهذا انتصرت روما في حروبها الكثيرة (15). وكانت فرقة الحراسة الرومانية تتكون من عدد يتراوح بين 60 و 120 جندياً، ينقسمون إلى فرق صغيرة من أربعة جنود. أربعة يحرسون الخيمة من الأمام وأربعة يحرسونها من الخلف وسط الخيول. وكان أحد الأربعة يقف وقفة انتباه بينما يستريح زملاؤه الثلاثة بعض الشيء! ولكنهم جميعاً يكونون متنبهين لأي إنذار. ولقد كان هناك أربعة عساكر عند الصليب (يوحنا 19: 23). أما حرس الهيكل فقد كانوا ينتشرون ليلاً في 24 مكاناً عند الأبواب وفي الأفنية، 21 منهم من اللاويين فقط، وثلاثة من الكهنة معاً. وكانت كل فرقة منهم تتكّوَن من عشرة رجال، وهكذا نجد أن هناك 240 لاوياً و 30 كاهناً يعملون في الحراسة كل ليلة. وكان حرس الهيكل يستريحون نهاراً ويعملون ليلاً. وكان الرومان يقسمون حراسة الليل إلى أربع حراسات لكن اليهود كانوا يقسمونه على الأرجح إلى ثلاث. وكان هناك قائد عام لحرس الهيكل ليحفظ النظام في الهيكل. وليفتش على الحرس ليلاً. وكان الرؤساء والولاة يعيّنون القائد العام للحرس (16). وعندما كان القائد العام يصل إلى حرس الهيكل كانوا يقومون لتحيته. وكان الحارس النائم يُضرب أو تُحرق ثيابه عقاباً له. ومن هذا نفهم معنى قول الرؤيا 16: 15 طوبى لمن يسهر ويحفظ ثيابه لئلا يمشي عرياناً (16). وتقول المشنا إن حارساً كان يسير أمام القائد العام لحرس الهيكل يحمل مشعلاً. وكان كل جندي يقف ليقول للقائد: يا قائد حرس الهيكل، سلام لك وما لم يقف بهذه التحية فمعنى ذلك أنه كان نائماً، ويستحق ضرب العصا أو إحراق ثيابه. وعندما يسأل زملاؤه عن سبب الضوضاء في الهيكل كانوا يسمعون: وجدنا فلاناً نائماً في نوبة حراسته وهم يضربونه ويحرقون ثيابه! . بل إنهم أحياناً كانوا يحرقون قميص النائم على جسده، ليكون عبرة لغيره! فلو أن حراس القبر كانوا من الرومان أو من اليهود، فإن حراستهم كانت دقيقة. ولم يحدث أن لقي قبر كل هذه العناية.. |
|