رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
حياة واحدة فريدة تقول هنا رجل وُلد في قرية مغمورة لأم ريفية، ونشأ في قرية أخرى، وعمل في دكان نجار حتى بلغ الثلاثين من العمر، ثم ظل ثلاث سنوات يتجّوَل كارزاً. لم يمتلك في حياته بيتاً، ولم يكتب كتاباً، ولم يشغل وظيفة، ولم يكّوِن أسرة، ولم يدرس في جامعة، ولم يضع قدميه في مدينة كبيرة، ولم يسافر بعيداً عن مسقط رأسه بأكثر من مائتي ميل، ولم يعمل عملاً واحداً من تلك التي تواكب العظمة حسب مألوف العالم، ولم تكن له أوراق اعتماد إلا نفسه! عندما كان شاباً وقف ضده الرأي العام، وهرب أصحابه منه، وأنكره واحد منهم، وأسلمه لأعدائه، فدخل في مهزلة المحاكمة، وسمَّروه على صليب بين لصَّين. وبينما كان يموت قامر جلاّدوه على الشيء الوحيد الذي كان يملكه على الأرض: على ردائه! وعندما مات أنزلوه ليدفنوه في قبر مُستعار قدَّمه صديق له من باب الشفقة! وقد جاءت تسعة عشر قرناً طويلة ومضت، وهو لا يزال مركز الجنس البشري، وقائد تقدُّمه. إن كل الجيوش التي سارت، وكل الأساطيل التي بُنيت، وكل البرلمانات التي انعقدت، وكل الملوك الذين حكموا، كل هؤلاء مجتمعين معاً، لم يؤثروا في حياة الناس بالقوة التي أثرت بها فيهم هذه الحياة الواحدة الفريدة . |
|