فجاءوه بِأَصَمَّ مَعقودِ اللِّسان، وسأَلوه أَن يَضَعَ يدَه عليه
"مَعقودِ اللِّسان" في الأصل اليوناني μογιλάλον (معناها مُعاق في القدرة على الكلام) فتشير إلى تأتأة أو ثقل اللِّسان حيث يتكلم بصعوبة، وذلك لأنَّه أصم، وبسبب صَمَمِه التوى لسانه، وليس هو بالضُّرورة أخرس بل عاجز عن النَّطق بلهجة واضحة، فهو مُتلعثم وثقيل اللسان. وتُذكرنا هذه الحالة بنبوءة أشعيا النَّبي القائل "حينَئِذ آذانُ الصُّمِّ تَتَفَتَّح... ويَهتِفُ لِسانُ الأَبكَم (35: 5-6). ولم تتكرَّر هذه اللَّفظة "أَصَمَّ مَعقودِ اللِّسان " سوى مرَّتين في الكتاب المقدس (مرقس7: 32، 37). وهذا الأصَمّ المعقود اللِّسان يُمثل روحيًا كلَّ إنسان يصُم أذنيه عن سماع كلمة الله، ويعقد لسانه عن النَّطق بها، ويأبى أن يخاطب الله بالصَّلاة، ولذا فهو يمثِّل العاجز عن تسبيح الله، لأنَّه سدَّ أذانه عن سماع كلمة الله، ويمثل العاجز عن الشَّهادة للحق. إنّه صورة عن البشريّة المجروحة، الّتي لا تُصغي إلى صوت الله وصوت الآخرين. وباختصار، إن الرَّجل الأصَمّ معقود اللِّسان هو صورة الإنسان الخاطئ، المُنغلق على ذاته، غير القادر على إقامة علاقة مع الرَّبّ ومع الآخرين، إذ هذه الحياة قائمة، ليس فقط على العيش مع بعض فحسب، إنَّما على الحديث مع بعض أيضًأ، والمشاركة بالكلام في الحياة اليوميَّة.