" المُدُنِ العَشْر" في الأصل اليوناني Δεκάπολις ديكابولس، (معناها المدن العشر) فتشير إلى حلف المدن العشرة الرُّومانيَّة الواقعة غالبيتها في شرقي الأردن، ما عدا واحدة في شرقي بحيرة طبريَّة. وتقع المدن العشرة بين حدود ربع هيرودس انتيباس وربع هيرودس فيلبس وتخضع لحاكم سوريا. وسكنها مهاجرون يونانيُّون إثر هجوم الإسكندر المقدوني على الشَّرق، وهذه المدن العشر، هي، على الأغلب، وحسب تحديد المؤرِّخ بليني: سكيتوبولس (بيسان)، هيبوس، دمشق، جدارة (أم قيس)، رافانا، قناتا (قنوات)، بلاَّ، ديون، جيراسا (الجرش)، فيلادلفيا، (ربة عمون أي عمان)، ثم أضيفت إليها ثمانية مدن أخرى. وكانت منطقة مزدهرة تجاريًا، نظرًا لموقعها الجغرافي الطَّبيعي وسط سوريَّة. وكانت تتخللها ثلاثة طرق، وتمر بها طريق رئيسيَّة رابعة بين دمشق وشبه الجزيرة العربيَّة. واستمرَّ ازدهارها إلى عهد الرُّومانيِّين؛ وقد ذكرت المدن العشر ثلاث مرات في الأناجيل (متى 4: 25 ومرقس 5: 20 و7: 31) أثناء تجوال المسيح فيها ثلاث مرات، وهذا الأمر يَعني أن يسوع ترك أرض الميعاد، أرض الإيمان، للغوص في قلب أرض غريبة، أرض وثنيَّة. وليس هدف هذا الآية وصف تنقلات يسوع بقدر ما تشير إلى حدت شفاء الأصَمّ الذي وقع في ارض وثنيَّة التي يحدُّها من جهة الشَّرق المدن العشر ومن جهة الغرب صور وصيدا. ويذكر إنجيل متى أن المسيح صنع معجزات كثيرة في تلك المنطقة مع أنّه قصدها بغية الرَّاحة والنَّجاة من أعدائه كما ورد في إنجيل متى" فأَتَت إِلَيه جُموعٌ كَثيرة ومعَهم عُرْجٌ وعُمْيٌ وكُسْحانٌ وخُرْسٌ وغَيرُهم كَثيرون، فطَرحُوهم عِندَ قَدَمَيه فشفاهم" (متى 15: 29). واقتصر مرقس الإنجيلي على ذكر أعجوبة واحدة منها ولم يذكرها غيرها، ويصف هنا نطاق انتشار خدمة يسوع وتوسعه في مختلف المناطق.