رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
خدمة الخليقة غير العاقلة خلق الله الخليقة فأبدع. وإنها لَلحظات خلابة حين نتأمل في جمالها، ودقة الأداء الوظيفي لكل عنصر منها، فلا يملك القلب إزاءها إلا تسبيح ذلك الخالق العظيم الذي «صنع الكلَّ لغرضه» (أم16: 4). فكل عنصر يعمل لصالح الآخر، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، في تناغم شجي، لصالح المنظومة الكونية المُتقنة؛ فهي إذًا خليقة خادمة. وليس من المُستغرَب أن هذه الخليقة الخادمة تخدم خالقها، بل لعلها من الخدام الأوائل له. فمنذ القديم و«السماوات تحدّث بمجد الله، والفلك يخبر بعمل يديه... (وإن كان) لا قول ولا كلام، لا يُسمع صوتهم. (لكن) في كل الأرض خرج منطقهم، وإلى أقصى المسكونة كلماتهم» (مز19: 1-4). إننا لا نستطيع أن نُحصي من شَهدت لهم الخليقة، وتمّ فيهم القول: «إذ معرفة الله ظاهرة فيهم؛ لأن الله أظهرها لهم. لأن أموره غير المنظورة تُرى منذ خلق العالم، مُدرَكة بالمصنوعات (الخليقة) قدرته السرمدية ولاهوته، حتى إنهم بلا عذر» (رو1: 19، 20). كما لا يمكننا أن نتوقع عدد مَن، مِن خلال خدمة الخليقة، عرفوا الخالق. إنها أول ”إذاعة“ تذيع عن الله، وأوسع ”فضائية“ انتشارًا تحدِّث بحقِّه. كذلك، من خلال التأمل في الطبيعة، كم أُعلنت حقائق لقديسين، يقول المرنم: «إذا أرى سماواتك عمل أصابعك، القمر والنجوم التي كوّنتها؛ (اكتشف ضآلته فقال فمن هو الإنسان حتى تذكره وابن آدم حتى تفتقده...» (مز8). ويقِرّ الرسول بولس هذا المبدأ: «أم ليست الطبيعة نفسها تعلّمكم...؟» (1كو11: 14)، وذلك في سياق تعليم كنسي! الخلائق العجماء وعلى مَرِّ التاريخ المدوَّن بالوحي، كم رأينا الله يستخدم الخلائق العجماء لخدمة مقاصده ولخير قديسيه. فقد أمر الغربان أن تعول إيليا (1مل17: 4)، وأعدَّ حوتًا ليعلِّم يونان درسه المشهور، ثم أعد يقطينة ليسري عن قلبه وليعلّمه درسًا آخر (يون1: 17؛ 2: 6-11)، كما واستخدم الديك ليذكِّر بطرس بما قاله (مت26: 74، 75). والحمار هو مثل رائع على استخدام الله للحيوان. فعلى سبيل المثال استخدم حمارًا لمنع حماقة بلعام العراف الشرير (2بط 2: 16). لقد «أبصرت الأتان ملاك الرب واقفًا في الطريق» في حين أخفق بلعام في ذلك، وبعينيها المفتوحتين استبقت حياة ذلك الأحمق. وما أجمل المشهد حين تم المكتوب، ودخل الملك وهو «راكب على حمار وعلى جحش ابن اتان» (زك9: 9). يومها قال السيد لتلميذيه: «اذهبا إلى القرية التي أمامكما، فللوقت تجدان أتانًا مربوطة وجحشًا معها، فحلاّهما وأتياني بهما. وإن قال لكما أحد شيئًا؛ فقولا: الرب محتاج إليهما. فللوقت يرسلهما» (مت21: 2، 3). عادمات الأنفس حتى عادمات الأنفس (الجماد) استخدمها الرب لخدمته، بل ويعلمنا أن نستخدمها لمجده. ويكفي إن نشير - كمثال - إلى العصا، وبالتحديد عصا موسى. كان الرب مزمعًا أن يستخدم موسى، وأن يستخدمه بطريقة فوق العادة، وأن يؤيّده بعجائب لم يُسمع بمثلها من قبل. ولكن من الجميل أن نلاحظ مدخل الكلام وهو يكلِّفه بالمأمورية (خر4): «فقال له الرب: ما هذه في يدك؟ فقال: عصا. فقال: اطرحها إلى الأرض...». والعصا بالنسبة لموسى كانت أداة طبيعية يحملها راعٍ مثله، يستخدمها بشكل معتاد دون أي إعداد خاص. وعصا موسى - بالنسبة لنا - هي كل مُمتلك أعطاه الرب لنا، وكل موهبة منحها لنا، وكل إمكانية أتاحها لنا. والكل هو منه. ومن الملاحظ أن الرب كرَّر على موسى كثيرًا استخدامه للعصا «وتأخذ في يدك هذه العصا التي تصنع بها الآيات»، وكأنه يؤكِّد على أنه ينبغي أن يستخدم هو ما في يده، حتى وإن كان الرب سيعمل معه العجائب. وقد فهم موسى المطلوب، فنقرأ «وأخذ موسى عصا الله في يده». والجميل أن الرب يقول لموسى عن هذه العصا «عصاك» (خر 14: 16؛ 17: 5)، بينما يسميها موسى «عصا الله» (خر 17: 9)! وبنظرة إنصاف يمكننا أن نرى أن الذي وضعها في يده هو الله. فهذه العصا هي في الأصل فرع شجرة أنبتها الله، ثم أبصرها موسى، والرب هو الذي منحه الإبصار ليراها. ولقد وهبه الله إياها، فصارت ”عصا موسى“. لكن موسى أعاد نسب العطية لصاحبها، فتعامل معها على أنها ”عصا الله“. وليتنا نفعل مثله مع كل ما لنا، فنُعيد الفضل لصاحبه، ونستخدمه لصالحه، مقرّين أن كل ما نقدم له هو «من يدك أعطيناك» (1أخ29: 14). التطبيق العصري نحن لا نتكلم هنا عن المعنى الرمزي الجميل للعصا، لكن عن المعنى التطبيقي المباشر. انظر خروج7: 9، 10، 12، 15، 17، 19، 20؛ 8: 5، 16، 17؛ 9: 23؛ 10: 13؛ 14: 16؛ 17: 9. ومع تطور العصر وكثرة المخترعات، لم يعُد الحمار حمارًا، بل صار سيارة وطائرة، ولم تعد العصا عصا، بل أصبحت كمبيوتر وأجهزة أخرى متعددة، وأضيف إلى إعلان الكون الإذاعة والفضائيات وسبل الاتصالات. وربما كان الله وكلمته في ذهن بعض المخترعين وهم يطوّرون اختراعاتهم، مثل ”جون جوتنبرج“ الذي توَّج اختراعه للطباعة بأن كان الكتاب المقدس أول مطبوع يتم انتاجه على ماكيناته. على أن الغالبية – على الأرجح – لم تكن كذلك، بل يتم فيها القول «الله صنع الإنسان مستقيمًا، أما هم فطلبوا اختراعات (أجهزة) كثيرة» (جا7: 29). على أنه في هذه الحالة وتلك، ينبغي أن نُحسن استخدام الكلَّ لمجد الله. فلقد استخدم الرب نفسه دينارًا ليقرَّ حقيقة (مت22: 16-22)، ولا نظن أن الدنانير اختُرعت والله في فكر مخترعها! ولقد استخدمنا بالأمس اختراع الطباعة استخدامًا حسنًا، فبه نُشِرت كلمة الله، ومن خلاله قُدِّمت البشارة، وأيضًا شُرح الحق. وبعده استخدمنا اختراعات أخرى كالميكروفون وآلة التسجيل وغيرهما. واليوم علينا أن نطوِّع الجديد لعمل الخدمة، لنصل بالبشارة وبكلمة الله إلى أقصى الأرض. فمعطيات الزمن الذي نعيش فيه، من حيث عدد السكان واتساع رقعة سكنهم وطبيعة الحياة وغير ذلك ، تجعل هناك ضرورة لاستخدام كل ما يمكننا لنصل بالبشارة للعالم. أقصى تقدير علمي لعدد سكان العالم في القرن الأول الميلادي وصل إلى 200 مليون نسمة. بينما التقدير الحالي للسكان، في يوليو 2008 أي أكثر من 33 ضعفًا. والرقعة التي يعيش عليها الإنسان الآن تقترب من 10 أضعاف الرقعة التي كان يعيش عليها في القرن الأول، ولا يخفى على أحد كَمَّ الحدود السياسية والعرقية واللغوية الموجودة فمع تزايد استخدام الإنترنت ، أصبح من الضرورة بمكان إنشاء مواقع تقدِّم كلمة الله الصافية ، فيمكن الوصول إلى كثيرين ممن يقضون الساعات والساعات يتصفّحون الشبكة، وبصفة خاصة الشباب الذين أصبحت تلك لغتهم. ولا سيما مع تنامي إمكانات الشبكة، فأصبح من الممكن تقديم النصوص والصوتيات والمرئيات. ولا يفوتنا أن محتوى الشبكة متاح على مدار الساعة بكل سهولة في كل مكان. وإذا علمنا أن ثلث سكان العالم يقضون ثُلث يومهم (أو أكثر) أمام أجهزة الكمبيوتر، لَكان من اللازم أن نلجأ إلى استخدام برامجه لنشر كلمة الله، ولَتوسعنا في استخدام الوسائط المتعددة multi-media من صوتيات ومرئيات، وقدّمنا الحق الغالي على أقراص CD وDVD. أما عن الفضائيات ، فهي فرصة سانحة للوصول لشرائح من المجتمعات لا يتوفر الوصول إليهم بوسائل أخرى. وهي تخترق حاجز المكان، وحاجز الزمان أيضًا. وغير خافٍ على أحد قوة إقناعها وتأثيرها الشديد على عقول الناس بلغ عدد مستخدمي الإنترنت في مارس 2008 حوالي 1.41 مليار أي ما يقرب من 22% من سكان العالم، 60 مليون منهم من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، عدا ناطقي العربية في بلاد المهجر. وقد شهدت هذه المنطقة نموًا في استخدام الانترنت من عام 2000 حتى اليوم يقدّر بنسبة 1177%، والمستقبل واعد! عدد مشاهدي القنوات الفضائية في منطقتنا لا يمكن حصره بسهولة من ضخامته وقلة الإحصائيات الرسمية في هذا الصدد، غير أن حجم مبيعات أجهزة الاستقبال ينمّ عن رقم كبير يُعَدّ بمئات الملايين. وتصرفاتهم في شتى المجالات . أفلا يجب أن نحسن استغلال هذا التأثير؟! ونحن نشكر الرب كثيرًا أنه جعل من وسطنا مختصين في شتى المجالات العلمية والتقنية اللازمة لما سبق، بل ووهبنا شبابًا مستعدين للعمل بلغة اليوم لمجد السيد، ولم يبخَل بإمكانيات مادية يؤمِّنها هو حسب حاجة الخدمة، والأبواب مفتوحة أمامنا على مصراعيها؛ فليتنا لا نتوانى. الدرس العملي لعلنا نسمع جميعًا سؤال الرب: «ما هذه في يدك؟»، ونقرنه بقوله «الرب محتاج إليهما»؛ فننظر إلى ما في أيدينا وما لنا على أنه له، وهذا عين الحقيقة. كل ما أملك وما يدي تمسك الكل لديك أيها العلي عندما قال الرب عن الحمار والجحش أنه «محتاج إليهما»، أردف قائلاً عن صاحبهما «فللوقت يرسلهما»!! مغبوط ذاك الذي لا نعرف اسمه، لكن يسجِّل الرب عنه أنه لم يتردَّد للحظة أن يقدّم للرب ممتلكاته بمجرد أن علم أنه – تبارك اسمه – يطلبها. فلِمَ نكون أقل من هذا الرجل؟! أخي العزيز.. أَ لم تَحِن الساعة بعد لتعترف عمليًا أن ”عصاك“ التي وضعها الله في يدك هي في الحقيقة ”عصا الله“؟! هيا استخدم ممتلكاتك لمجده: استخدم سيارتك لنقل العجائز وغير القادرين للوصول لأماكن خدمة بعيدة. يكفي للتدليل على ذلك مقولة سائدة، وهي حقيقية إلى حد بعيد، أن ”المنتج الذي يعلن في الفضائيات يسبب رواجًا يعادل 20 ضعفًا للمنتج المماثل الذي يعلن في الجرائد“. ودراجتك لتوزيع كتب ومجلات روحية. وحاسبك الآلي للمساهمة في منظومة الخدمة. وهاتفك للسؤال عن المرضى وترتيب أمور الخدمة... صلِّ أن يفهمك الرب مُراده من كل ما وضعه في يدك. هيا استخدم مواهبك لصالح من وهبك إياها: استخدم إجادتك للرسم في توضيح بعض الحقائق أو في جَعل المطبوعات أكثر قبولاً للقراءة. استعمل موسيقاك لتعليم نغمات الترنيمات... الخ. بل هيا استخدم ميولك الطبيعية التي زرعها الله فيك لتكون له: استغل حبك للأطفال لتعلِّمهم من الصغر طريق الرب. وميلك لكبار السن لتكون سندًا لهم وتقديم محبة الله لهم ومن خلالهم. استخدم شخصيتك من حيث سهولة التعامل مع الآخرين لتكلمهم عن المسيح. وإن كانت شخصيتك خجلة، دعها تدفعك لأن تأخذ موقعك منفردًا بإلهك مصّليًا من أجل القديسين ومن يخدم منهم. بالإجمال دعه يستخدم تركيبتك النفسية كما أنت، فهو قد خلقك هكذا لغرض في قلبه. هيا استخدم بيتك: وليكن كبيت استفاناس «أنتم تعرفون بيت استفاناس أنهم باكورة أخائية، وقد رتّبوا أنفسهم لخدمة القديسين» (1كو16: 15). هيا استخدم مهنتك أيضًا: كطبيب؛ الباب مفتوح على مصراعيه لتوصِّل مرضاك وأسرهم إلى الطبيب العظيم. وكمهندس؛ هناك الكثير لتعمله من أجل إتمام الخدمة في جيل يعتمد كثيرًا على التكنولوجيا. كبائع في محل؛ كن مستعدًا لتوصيل المسيح لزبائنك، فأنت ستراهم في محلك وليس بالضرورة في اجتماعك. كمدرس؛ عندك تلاميذ صغار في أفضل مراحل التعلّم وأَحيَن وقت لقبول المسيح المخلِّص. كعامل بنّاء، كسبَّاك، كحمّال... هيا استودع المهنة التي اختارها لك بين يديه ليستخدمها. دعني في النهاية أسألك: ”ما هذه في يدك؟!“ هيا استعملها! هيا افعل.. وعلِّم أولادك أن يفعلوا! |
|