|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
خلاص من المشرق قدم لنا الأصحاح السابق تصويرًا رائعًا لعمل الله الخلاصي، كعمل رعوي يصدر عن الله الكلي القدرة والكلي العلم والحكمة والكلي الحب... الآن يدعو الله الأرض كلها حتى الجزائر التي كانت في ذلك الوقت تمثل الغرب الأقصى لكي تقف في محاكمة مع الله، خلالها يظهر الحق من الباطل. إنه لا يطلب نزول نار من السماء كما فعل إيليا لإظهار الله والحق والكشف عن بطلان البعل، إنما يسألهم أن يطلبوا من الأوثان أن تخبر عن المستقبل إن كانت تقدر! أما الله فيكشف لإشعياء عن المستقبل، عن مجيء كورش الذي من المشرق لخلاص شعبه، مؤكدًا أنه رب التاريخ وإله كل الأمم يستخدم كل الطاقات حتى الوثنية لتحقيق رعايته لأولاده المقدسين في حقه. هذا الخلاص إنما هو صورة رمزية وتهيئة لخلاص أعظم يحققه المسيا المخلص... الذي هو مركز السفر كله، بل ومركز الكتاب المقدس كله. نصرة من المشرق: 1 «اُنْصُتِي إِلَيَّ أَيَّتُهَا الْجَزَائِرُ وَلْتُجَدِّدِ الْقَبَائِلُ قُوَّةً. لِيَقْتَرِبُوا ثُمَّ يَتَكَلَّمُوا. لِنَتَقَدَّمْ مَعًا إِلَى الْمُحَاكَمَةِ. 2 مَنْ أَنْهَضَ مِنَ الْمَشْرِقِ الَّذِي يُلاَقِيهِ النَّصْرُ عِنْدَ رِجْلَيْهِ؟ دَفَعَ أَمَامَهُ أُمَمًا وَعَلَى مُلُوكٍ سَلَّطَهُ. جَعَلَهُمْ كَالتُّرَابِ بِسَيْفِهِ، وَكَالْقَشِّ الْمُنْذَرِي بِقَوْسِهِ. 3 طَرَدَهُمْ. مَرَّ سَالِمًا فِي طَرِيق لَمْ يَسْلُكْهُ بِرِجْلَيْهِ. 4 مَنْ فَعَلَ وَصَنَعَ دَاعِيًا الأَجْيَالَ مِنَ الْبَدْءِ؟ أَنَا الرَّبُّ الأَوَّلُ، وَمَعَ الآخِرِينَ أَنَا هُوَ». 5 نَظَرَتِ الْجَزَائِرُ فَخَافَتْ. أَطْرَافُ الأَرْضِ ارْتَعَدَتِ. اقْتَرَبَتْ وَجَاءَتْ. 6 كُلُّ وَاحِدٍ يُسَاعِدُ صَاحِبَهُ وَيَقُولُ لأَخِيهِ: «تَشَدَّدْ». 7 فَشَدَّدَ النَّجَّارُ الصَّائِغَ. الصَّاقِلُ بِالْمِطْرَقَةِ الضَّارِبَ عَلَى السَّنْدَانِ، قَائِلًا عَنِ الإِلْحَامِ: «هُوَ جَيِّدٌ». فَمَكَّنَهُ بِمَسَامِيرَ حَتَّى لاَ يَتَقَلْقَلَ. يقدم إشعياء النبي تصويرًا شاعريًا رائعًا للنصرة التي ينالها إسرائيل خلال كورش الذي يسمح لهم بالعودة من السبي. يؤكد النبي أن ما سيحدث بواسطة كورش ليس من عندياته إنما هو بتدبير إلهي. "أنصتي إليّ أيتها الجزائر، ولتتجدد القبائل قوة، ليتقربوا (ليصمتوا) ثم يتكلموا، لنتقدم معا إلى المحاكمة" [1]. يطلب من الجزائر البعيدة التي تُحيط بها المياه من كل جانب. إشارة إلى إسرائيل المسبي في بابل بعيدًا عن بلده وقد أحاطت به مياه التجارب لتغرقه... يطلب منه أن ينصت أولًا ثم يصمت وعندئذ يتكلم ويحاور الله كما في محاكمة بين نَدَّين أو طرفين. الإنصات والصمت لا يعنيان السلبية، إنما يعنيان رفع القلب إلى الله والتأمل في أعماله العجيبة، منتظرين خلاصه المستمر لشعبه وكنيسته. الصلاة الصامتة تحرك السماء ذاتها، يسمعها الله ويستجيب لها، كما حدث مع موسى الصارخ في قلبه (خر 14: 15) ومع حنة في الهيكل (1 صم 1: 13). * لنأتِ الآن إلى صلاة حنة أم صموئيل الصامتة، كيف كانت موضعٍ سرور أمام الله، فتحت الرحم العاقر، ونزعت عارها، حيث أنجبت نذيرًا وكاهنًا. الأب أفراهات * صلى يونان صلاة بلا صوت (يو 2)؛ صمت الراعي في بطن السمكة، من جوف الخليقة العجماء زحفت صلاته فسمعها الله في الأعالي، إذ كان صمته صراخًا. مارافرام السرياني إن كنت تتكلم بلسانك وقلبك لا يتحرك بالصلاة، فكلامك هو خسارة! سكِّت لسانك ليتكلم قلبك... وسكت قلبك ليتكلم الله! الشيخ الروحاني * إن أردت أن تعرف رجل الله، استدل عليه من دوام سكونه. مار إسحق السرياني * ليتنا أيها الأحباء ننزع عنا ثقل الاهتمام الزمني لنقضي كل أوقاتنا في أفكار الله، بهذا تتنقى نفسنا وتحلق في السمويات نحو الله. فان الكلمات الإلهية تنزع الصدأ عن العقل وتزيل عنه ثقل الزمنيات، وترفعه إلى رؤية اللاهوت... * لنصلِّ بطريقة خفية مع اتضاع القلب دون أيه رغبة في الانتفاخ في كبرياء بخصوص مظاهر الصلاة التي تفقدنا المكافأة. الأب مرتيروس يقول الأب مرتيروس: [لنتمثل بمريم أخت لعازر التي جلست عند قدميّ ربنا تنصت لكلماته (لو 10: 39، يو11: 1)، فبحبها ارتفعت نفسها إلى السماء عند كلماته. لهذا السبب قدم ربنا شهادة حسنة عنها: "مريم اختارت النصيب الصالح الذي لن ينزع عنها" (لو 10: 42). لنتمثل بهذه المرأة الطوباوية في نصيبها الصالح الذي اختارته، فان ربنا إلى الآن قريب منا...]. |
|