كان البابا كيرلس رجلاً وهو بطريرك يقبل النصيحة لا يرفض النصيحة من أحد ، يصغى ، ويمكن أن يقبل إشارة تنبهه إلى شىء ، وهذه حقيقة طبيعة الإنسان الروحانى على الحقيقة والعالم على الحقيقة ، أنه لا يحتقر مشورة الآخرين ، ويقبل النصيحة ولا يشعر أنها تتعارض أبدا مع مسئولياته ومع رئاسته ومع مركزه ومع منصبه ، لأنها تساعده على أن تنير طريقه ، فمن من الناس معصوم من الخطأ ؟ خصوصا وكنيستنا لا تؤمن بالعصمة أبدا ، على الرغم من أن الرجل كان فى درجة روحانية عالية ، لكنه ما زعم أنه معصوم من الخطأ . إذن يقبل النصيحة ، يقبل إشارة من إنسان أصغر منه ، وأقل منه ، يتنبه بها إلى شىء ، على الرغم من علمه ومن روحانيته ومن أنه كان له علم روحانى يكشف به أموراً ، ومع ذلك كان يقبل النصيحة .
موسى النبى ، انظر موسى النبى كليم الله ، والذى يوصف بأنه رئيس الأنبياء ، جاء حموه مرة فرأى إزدحام الناس حوله فقال له ما هذا؟ أنت بهذه الطريقة تتعب نفسك وتتعب الناس ، لا يمكن أنك أنت تقوم بهذا العمل ، عين من قبلك رؤساء ، رؤساء ألوف ورؤساء مئات ورؤساء كذا ورؤساء كذا ، يهتمون بالمسائل الصغيرة، لا يحملون إليك إلا الأمور الكبيرة ، موسى النبى كليم الله قبل النصيحة من حميه يثرون ولم يرفض نصيحة من إنسان أقل منه معرفة وفهما ، وأقل منه روحانية ، أقل منه أيضا لأنه لم يكن نبيا، كان يمكن لموسى النبى أن يقول أنه نبى الله ، ويتلقى الإشارة من الله مباشرة .. لكنه قبل النصيحة من يثرون حميه وعمل بما قاله يثرون ، وزع إختصاصات كثيرة ، ليبقى مع موسى فقط الأمور الثقيلة التى لا يقدر الصغار عليها ، لأنه إذا كان الإنسان يتصرف فى الصغيرة فمتى يتفرغ للكبيرة .