رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
إنجيل مرقس وبطرس الرسول حاول بعض الدارسين أن ينسبوا إنجيل مرقس إلى بطرس الرسول، متطلعين إلى القديس مرقس ككاتب أو مترجم للقديس بطرس قريبه، وأن هذا الإنجيل ليس إلاَّ مذكرات للرسول بطرس أو عظات سمعها مار مرقس عنه أثناء إقامته معه في روما، سجلها بعد استشهاد القديسين بطرس وبولس. هذا الرأي ترفضه الكنيسة القبطيّة تمامًا، وقد قام قداسة البابا شنودة الثالث بتفنيده في دراسته التي قدمها عن "القديس مرقس الرسول" بمناسبة مرور 16 قرنًا على استشهاده، لذلك رأيت هنا الاكتفاء بإبراز العناصر الرئيسيّة تاركًا للقارئ أن يرجع لكتاب قداسة البابا. أولًا: اعتمد هذا الرأي على قول للقديس بابياس عن القديس مرقس وقد ذكر عنه أنه لم يسمع الرب ولا عاينه، إنما تبع الرسول بطرس الذي آمن على يديه. وإن كان قد نقل بعض الآباء هذا الفكر عن بابياس، لكنه رأي خاطئ، فقد شهد كثير من الآباء كما أكّد دارسو التاريخ الكنسي أن مار مرقس عاين الرب وتبعه. ثانيًا: لم يكن مار مرقس كاتبًا ولا مترجمًا لبطرس الرسول في خدمته في روما كما ادَّعَى البعض، بل إن بطرس الرسول لم يكرز في روما وإنما بولس الرسول هو الذي كرز بها كما يظهر من رسالته إلى روما معلنًا اشتياقه للعمل بينهم (رو 1: 10-11) وفي نفس الرسالة يؤكد أنه لا يبني حيث وضع آخر أساسًا (رو 15: 20)... وكأن بولس وهو كارز للأمم -بينما بطرس كارز لأهل الختان- أراد أن يكون له هذا العمل في روما. ثالثًا: لو أن مار مرقس سجّل مذكرات بطرس أو عظاته بعد استشهاده لما كان هناك دافع لإخفاء هذه الحقيقة، وكان يجب أن يشير القديس مرقس إلى ذلك، على الأقل من قبيل أمانته وتواضعه. رابعًا: علل البعض أنها مذكرات بطرس بحجة أنها تحوي ضعفات بطرس وتغفل ما يمجده، وأن بطرس الرسول فعل هذا من قبيل تواضعه. ويُرد ذلك بالآتي: 1. أن كاتبي الأسفار فوق المستوى الشخصي عند كتابتهم للأسفار، لذلك نجد موسى النبي يسجل بيده: "وأما الرجل موسى فكان حليمًا جدًا أكثر من جميع الناس الذين على وجه الأرض" (عد 12: 3). وقد ذكر في أسفاره المعجزات التي صنعها الله على يديه، وظهور الله له، وأحاديثه معه، وقبول الله شفاعته، ومديح الله له، ولم يمنعه تواضعه من ذكر هذه الأمور. وفي نفس الوقت ذكر أيضًا ضعفاته كيف كان ثقيل الفم واللسان (خر 4: 10)، وذكر خطيّته ومنع الله له من دخول أرض الموعد... إنهم كتبوا "مسوقين من الروح القدس" (2 بط 1: 21). وفي العهد الجديد نجد القديس يوحنا الحبيب لم يغفل وقوفه عند الصليب، ومخاطبة الرب له، وتسليمه أمه له (يو 19: 25-27)، ملقبًا نفسه "التلميذ الذي يسوع يحبه"، والذي "يتكئ في حضن يسوع" (يو 13: 3، 25). 2. لم يغفل مار مرقس الرسول مديحه لبطرس الرسول، فذكر دعوة الرب له كأول دعوة (مر 1: 16-20)، ووضع اسمه في مقدمة أسماء الرسل (مر 3: 16)، وذكر أن الرب دخل بيته وشفي حماته كأول معجزة ذكرها مار مرقس للرب (مر 1: 29-31)... وذكر قول بطرس الرسول: "ها قد تركنا كل شيء وتبعناك" (مر 10: 28)، وذكره في مناسبات كثيرة مع يعقوب ويوحنا (مر 5: 37، 9: 2-8، 14: 32). خامسًا: علل بعض الدارسين أنها مذكرات بطرس لما حملته من شواهد داخليّة أن الكاتب شاهد عيان لكثير من الأحداث، فإن عرفنا القديس مار مرقس أحد السبعين رسولًا الذين اختارهم الرب ومركز والدته بين تابعي المسيح لأدركنا أن كثيرًا من الأحداث عرفها الرسول بنفسه أو خلال التلاميذ والرسل أو والدته أو من كانوا محيطين بالسيد. |
|