البابا شنودة الثالث
تربية الأولاد
مثل هذا البيت يتلقى فيه الأولاد دروسًا كل يوم.
لا تعتمد الأم فقط على أن ابنها يذهب إلى مدارس الأحد، ليتلقى تعليمه الديني هناك. بل هي أيضًا تقوم بواجبها في تعليمه. وكما قلت لأمهات كثيرات "ابنك يقضى في مدارس الأحد ساعة واحدة في كل أسبوع، بينما يقضى معك 167 ساعة في الأسبوع". فإن كانت الأم حريصة على تعليم ابنها، فبلا شك ستعطيه أضعاف أضعاف ما يأخذه في الكنيسة. وسيكون عمل مدارس الأحد هو التعليم العام الذي يتلقاه الكل في منهج واحد.
أما واجب الأسرة فهي التدريب العملي والممارسة اليومية لحياة الفضيلة، والتعمق في المعرفة الدينية، والحوار الذي يرد فيه على كل فكر غريب..
لا يجوز أن يتعود الطفل بأن يكون تعليمه الديني هو خارج الأسرة.
وأنه لا يأخذ المعرفة الدينية إلا من الكنيسة وفصول مدارس الأحد، وإن كبر فمن اجتماعات الشبان. أما أبواه فلا علاقة لهما بكل ذلك!! أنهما فقط لاحتياجاته من مأكل وملبس ومصرف وعناية منزلية تشمل الصحة والدراسة. ولكن الدين ليس من اختصاصهما!! هذا بلا شك خطير..!
أين إذن عمل الأشبين إلى الأسرة؟!
الأسرة تستلم من الكنيسة في يوم عماده، لكي تتعهد بتربيته في طريق الله وتنشئته تنشئة روحية، وتحافظ على عقيدته وإيمانه. وتكون الأم -وكذلك الأب- أول مدرس دين في حياة الطفل، قبل أن تتولى هذه المسئولية الكنيسة أو المدرسة..
وحتى بعد ذلك أيضًا، إذ تشرف الأسرة على ما يتلقاه ابنها من تعليم. لأنه قد يذهب إلى مدارس الأحد، ولا يلتفت جيدًا إلى الدرس ولا يتذكر منه شيئًا. ولكنه لابد سيهتم بدروس مدارس الأحد، إن قامت الأم بواجبها في إشرافها على تعليمه. وكيف ذلك؟
عندما يرجع الابن من مدارس الأحد، تسأله أمه عن الدرس الذي أخذه هناك، وتراجع معه ما قد ثبت في ذاكرته..
فإن عرف الابن أن هناك من سيسأله ويراجع عليه، لابد أنه سينتبه جيدًا إلى كل ما يسمعه في دروس الكنيسة، لكي يعطى جوابًا لوالديه إن سألوه. وبالأكثر إن كان يكافأ على معرفته، ولو بكلمة مديح..
أما إن أهمل الوالدان واجبهما في مراجعة دروس الدين على ابنهما، وقابلا الأمر بلا مبالاة، فبنفس اللامبالاة سوف لا يهتم الابن بدروسه الدينية.. وقد تسأله عن الدرس الذي أخذه في مدارس الأحد.. فيجيب "مش عارف.. مش فاكر" أو يقول "لم أحضر"..!!
وكما ينبغي أن يراجع الوالدان ما يتلقاه ابنهما من دروس دينية، ينبغي عليهما أيضًا أن يراجعا سلوكياته..
إذ يهتمان بتصرفاته، بمعاملاته، بنوعية الألفاظ التي يستخدمها بما يجد عليه من طباع، وما يتغير فيه من أخلاقيات، وبالصداقات التي تؤثر فيه، وبالأفكار الجديدة التي تدخل إلى ذهنه،وكذلك بمدى اهتمامه بممارساته الروحية كالصلاة، وقراءة الكتاب، ونوعية قراءاته الأخرى، ومواظبته على اجتماعات الكنيسة، وعلى الاعتراف والتناول، وسائر تلك الأمور.
على أن يكون هذا الأشراف بحكمة وبأسلوب روحي مقبول..
بحيث أن الأسرة في هذا الإشراف تحببه في الدين، وتشوقه إلى المعرفة الدينية والحياة الدينية، دون أن تجعل ذلك قيدًا عليه. بل على العكس تشاركه في تنفيذ كل نصيحة توجهها إليه. وتحكى له من سير القديسين ما تجعله يحب الحياة مع الله، وأكثر من هذا يحب أن يسير جميع أصدقائه في نفس الطريق.