فرَح التلاميذ
فرَح التلاميذ الذين رجعوا إلى يسوع فرحين بأنّهم حتّى الشياطين تخضع لهُم ولكنّ الربّ قال لهُم "لا تفرحوا بهذا بل إفرحوا بأنّ أسماءكم كُتبت في الملكوت. (لو 10)
ويقول يهوَذا في رسالته (1 / 18 ) "إنّه في الزمان الأخير سيكون قومٌ مستهزئون، سالكين بحسب شهوات فُجورهم، هؤلاء المعتزلون بأنفُسِهِم، نفسانيّون لا روحَ لهُم." ويقصِد بهم النّاس الذين فرحهم بالإستهزاء وبإرضاء الرغبات التي تعطيهم الإكتفاء النفسي فيظنّون أنّهم فرحون.
هذه أفراح العالم، كلّها التي لا تُشبِع إنسانًا، بل يبقى يبحث عن الفرح الحقيقيّ الذي ينقصه دائماً.
عن أي فرح يكلّمنا يسوع؟ ما هذا الفرح الذي لا ينزعه أحدٌ منّا؟ للإنسان ثلاثة أبعاد للفرح: هناك الفرح الجسدي الذي يسمّى الّلذة، وهناك الفرح النفسيّ الذي يسمّى السعادة، وهناك فرح واحد حقيقي هوَ الفرح الروحي وهوَ ما يعطينا إيّاه ربّنا يسوع.
يوم الجمعة العظيمة كان وضع التلاميذ والمريمات يُرثى له: حزنٌ عميق جدّاً، كآبة عظيمة، يأسٌ كامل. ولكن فجر الأحد تغيّر كلّ شيء: فرَح تام عميق ثابت.
قال يسوع قبل صلبه: "الحقّ الحقّ أقول لكم، إنّكم ستبكون وتنوحون والعالم يفرح. إنّكم ستحزنون ولكن حزنكم يتحوّل إلى فرح... عندكم الآن حزن ولكن سأراكم أيضاً، فتفرح قلوبَكُم ولا ينزِع أحدٌ فرحَكُم منكُم".
وهذا ما حصل بالفِعل.
لقد تراءى الربّ لبُطرس وللمريمات والتلاميذ ومِن ثمّ لتوما وبعد رؤيتهم ليسوع القائم، لم يَعُد أيّ شيء يستطيع إنتزاع فَرحَهم. لقد بذلوا حياتهم كلّها حاملين هذا الفرح حتّى الشهادة. وعندَ مشاهدة بولس للمسيح فرحَ فرحاً شديداً رافقه حتّى قطْع رأسه، وكان يقول مِن سجنه لأهل فيليبي (4 /4): "إفرحوا في الربّ في كلّ حين وأقول أيضاً إفرحوا". وفي رسالة تسالونيكي 1 (5 /16): "إفرحوا كلّ حين." لقد كان بولس الرسول والتلاميذ فرحين دائماً رغم الشدائد والإضطهادات والفقر والجوع والمعاناة.
فالفرَح المسيحيّ ليس شعوراً بشريّاً بلْ هو شعور روحيّ. ففَرح المسيحي ليس من هذا العالم وهوَ ليس مرتبطاً بأي شيء. الفرح حالة روحيّة داخليّة لا علاقة لها بالظروف فالفرح المسيحي مثل الحُبّ المسيحيّ، غير مشروط، والمسيحيّ كنزه في داخله وليس خارجه. فالخارج لا يعطي فرحاً والذي يُعطي الفرح الحقيقي هوَ المشاهدة ورؤية المسيح.