وهذه النقطة تنقلنا إلى التوبة وعلاقتها بالقلب..
التوبة الحقيقية ليست هي مجرد ترك الخطية بالفعل، إنما ترك الخطية من القلب. أي أن القلب لم يعد يحبها. وكمال التوبة هو كراهية الخطية. وإذا كره الإنسان الخطية، فلن يعود إليها مرة أخرى. وهكذا تصبح توبته هي خط فاصل بين حياة بعيدة عن الله، وحياة مع الله. وهكذا قال الرب في التوبة:
"ارجعوا إلى بكل قلوبكم" (يوء 2: 12).
" مزقوا قلوبكم لا ثيابكم، وارجعوا إلى الرب إلهكم" (يوء 2: 13). فالتوبة هي اشتياق للرجوع إلى الله، واستجابة لصوته ولعمل نعمته في القلب. أما الإنسان الذي لا يستجيب لصوت الله، فهو إنسان قاسى القلب.
وفي ذلك يقول الرسول:
"إن سمعتم صوته، فلا تقسوا قلوبكم" (عب 3: 8، 15).
ويكرز ذلك في (عب 4: 7). وهذا نفس ما قيل قديما في المزمور "ليوم إن سمعتم صوته، فلا تقسوا قلوبكم" (مز 95: 7، 8). إذن فالله ينظر إلى عدم التوبة، من خلال القلب الرافض، قبل العمل العاصى. ولذلك فهو في قيادتنا إلى التوبة، يعدنا بتغيير هذا القلب. فإن تغير، يتغير السلوك طبقًا لذلك. وهكذا يقول الرب: "اعطيكم قلبا جديدًا، واجعل روحًا جديدة داخلكم" (حز 36: 26).
"أنزع قلب الحجر من لحمكم، وأعطيكم قلب لحم". فهو يعتبر التوبة تبدأ من القلب. والقلب التائب هو قلب حجر، قلب صخر، قلب قاس، كما كان قلب فرعون قلبا قاسيا.
ويكرر الرب نفس الكلام في سفر ارمياء النبى فيقول "وأعطيهم قلبا ليعرفونى أنى أنا الرب، فيكونوا لي شبعا، وأنا أكون لهم إلها. لأنهم يرجعون إلى بكل قلوبهم" (أر 24: 7).