نحن دائمًا على استعداد لإلقاء اللوم على الآخرين دون التفكير فيما نفعله نحن أو نفكر فيه. ولعل هذا يعكس لنا ما يدور بداخل القب البشري من أفكار مغلوطة كلها تهدف إلى الهروب من الواقع وعدم النية بالاعتراف بالشعور الداخلي بالفراغ والاحتياج لله. وكل مِنَّا لن يخرج رأيه كثيرًا خارج هذه الأفكار الثلاث مع اختلاف طريقة التحليل واختلاف الألفاظ المستخدمة؛ فالنفس البشرية أسهل عليها أن تلوم الآخرين أو الظروف من أن تلوم نفسها، حتى تهرب من الشعور بالذنب والخطإ والشعور الدفين بالاحتياج لله مصدر الراحة والشبع الحقيقيين للقلب البشري. وهذا ليس بجديد على البشر، فحينما سقط آدم؛ أول إنسان على الأرض، كان أول ما فعله هو إلقاء اللوم على الله وعلى حواء؛ فقد ألقى باللوم على الله بقوله: «جعلتها»، وكذلك ألقى باللوم على حواء بقوله: «هي أعطتني من الشجرة» (تكوين3: 12)، وأخرج نفسه من القضية وكأنه لم يفعل إلا الصحيح والطبيعي. هكذا نحن، وبعد آلاف السنين، أول ما نفعله هو أن نلوم الآخرين وضمنيًّا نلوم الله. وهذا هو عين الخطإ وبعيد كل البعد عن الحقيقة.