رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
نصيحة لصدقيا الملك: "12 وَكَلَّمْتُ صِدْقِيَّا مَلِكَ يَهُوذَا بِكُلِّ هذَا الْكَلاَمِ، قَائِلًا: «أَدْخِلُوا أَعْنَاقَكُمْ تَحْتَ نِيرِ مَلِكِ بَابِلَ وَاخْدِمُوهُ وَشَعْبَهُ وَاحْيَوْا. 13 لِمَاذَا تَمُوتُونَ أَنْتَ وَشَعْبُكَ بِالسَّيْفِ بِالْجُوعِ وَالْوَبَإِ، كَمَا تَكَلَّمَ الرَّبُّ عَنِ الأُمَّةِ الَّتِي لاَ تَخْدِمُ مَلِكَ بَابِلَ؟ 14 فَلاَ تَسْمَعُوا لِكَلاَمِ الأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ يُكَلِّمُونَكُمْ قَائِلِينَ: لاَ تَخْدِمُوا مَلِكَ بَابِلَ، لأَنَّهُمْ إِنَّمَا يَتَنَبَّأُونَ لَكُمْ بِالْكَذِبِ. 15 لأَنِّي لَمْ أُرْسِلْهُمْ، يَقُولُ الرَّبُّ، بَلْ هُمْ يَتَنَبَّأُونَ بِاسْمِي بِالْكَذِبِ، لِكَيْ أَطْرُدَكُمْ فَتَهْلِكُوا أَنْتُمْ وَالأَنْبِيَاءُ الَّذِينَ يَتَنَبَّأُونَ لَكُمْ»." [12-15]. يكرر إرميا ما قاله لرسل الملوك لصدقيا الملك، حتى يبدو كمن هو عميل لبابل وخائن لبلده. كان من الصعب على أي يهودي خاصة الملك أن يسمع تلك الكلمات: "ادخلوا أعناقكم تحت نير ملك بابل"، فقد عرفوا أن الله إلههم هو المحرر من نير العبودية، إذ سبق فوعد: "أن الرب إلهكم الذي أخرجكم من أرض مصر من كونكم لهم عبيدًا وقطع قيود نيركم وسيركم قيامًا" (لا 26: 13)، فكيف يطلب منهم أن ينحنوا ليُدخلوا أعناقهم تحت نير ملك وثني؟! إنها علامة غضب الله! كانت إحدى اللعنات التي يسقط تحتها الشعب في عصيانه للوصية هي: "تُستعبد لأعدائك الذين يُرسلهم الرب عليك... فيجعل نير حديد على عنقك حتى يهلكك، يجلب الرب عليك أمة من بعيد من أقصاء الأرض كما يطير النسر، أمة لا تفهم لسانها..." (تث 28: 48 إلخ). لم يسمع صدقيا له، فكان مصيره السبي (587 ق.م.) بعد قتل أولاده أمام عينيه، وفُقأت عيناه (2 مل 25: 1-7). لماذا أمرهم الله بالخضوع لنير بابل؟ أ. يبدو مما نعرفه من التاريخ أن إرميا نجح هذه المرة بأن يردّ صدقيا عن الاشتراك في مثل هذه الثورة. ومن ثمَّ نقدر أن نفهم موقف إرميا وهو يحث الملك والدول المجاورة على البقاء في خضوعها، لا لأنه كان يحب بابل ويُعجب بها ويؤثر سيطرتها على الحرية والاستقلال، بل لأنه أدرك بالإعلان الإلهي أن هذه هي إرادة الله وحكمته ولا يقدر الإنسان أن يقف أمامها. لعل الله أمرهم بذلك لكي يكتشفوا خلال المذلة لنير بابل النير الداخلي الذي سقطوا تحته، وهو نير الخطية. فباذلال الجسد وظروف الحياة القاسية وحرمانهم من بلدهم ومدينتهم المقدسة وهيكل الرب... يدركون ماذا يفعل نير سبي الخطية. فيقولون مع إرميا النبي: "جعلني ضربة اليوم كله، مغمومة؛ شَدَّ نير ذنوبي بيده، صعدت على عنقي. نزع قوتي، دفعني السيد إلى الابد لا أستطيع القيام منها" (مرا 1: 14). نسمع عن هذا النير في فريضة البقرة الحمراء (عد 19)، إذ يشترط في البقرة المقدمة كذبيحة خطية أن تكون "صحيحة، لا عيب فيها، ولم يعلُ عليها نير" (عد 19: 2). وذلك بكونها رمزًا للسيد المسيح الذي وحده بلا خطية، ليس فيه عيب، ولم يسقط تحت نير الخطية. لقد وبخ اليهود، قائلًا: "من منكم يبكتني على خطية؟" (يو 8: 46). يقول الرسول بولس: "لأنه جعل الذي لم يعرف خطية خطية لأجلنا، لنصير نحن البركات الله فيه" (2 كو 5: 21). وكما يقول القديس يوحنا ذهبي الفم: [نعم، المسيح نفسه يقول: "من أجلكم أقدس أنا ذاتي" (يو 17: 19)، ويقول أيضًا "رئيس هذا العالم قد دين" (يو 16: 11)، مظهرًا أن الذي ذُبح هو بلا خطية" ]. أيضًا حينما ارتبك الفلسطينيون بسبب الضربات التي حلت عليهم وضعوا التابوت على عجلة واحدة جديدة يجرها بقرتان مرضعتان لم يعلهما نير (1 صم 6: 7)... فانطلقت المركبة: نحو حقل يهوشع، أي حقل يسوع، كنيسة المخلص... وفرح الحصادون لما رأوا تابوت العهد! إذن ليحملوا نير بابل فيدركوا قسوة نير الخطية، خلال الصليب، معطيًا للنير عذوبة، لأنه نير صليب الحب الباذل. إذ يقول: "تعالوا إليَّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم؛ احملوا نيري عليكم، وتعلموا مني... لأن نيري هيّن (حلو) وحملي خفيف" (مت 11: 28-30). أنه يدعونا لنلقي نيرنا تحت قدميه، لا لنعيش بغير نير، وإنما نستبدل نيرنا بنيره العذب. عوض نير الخطية القاسي نحمل شركة نير المسيح، أي شركة آلامه النابعة عن الحب الباذل! يحدثنا عن نير الحب العذب هذا وفاعليته في حياتنا، قائلًا: "كنت أجذبهم بحبال البشر برُبُط المحبة، وكنت لهم كمن يرفع النير عن أعناقهم، ومددت إليه مُطعمًا إياه" (هو 11: 4). إذ يرى المؤمن مسيحه يحمل النير عنه يشتهي أن يكون له مجد الشركة معه في حمل هذا النير. يشتهي أن يحمله منذ صباه، محققًا قول إرميا النبي: "جيد أن ينتظر الإنسان ويتوقع بسكوت خلاص الرب؛ جيد للرجل أن يحمل النير في صباه" (مرا 3: 27). ب. إذ كانت خطاياهم تتسم بالظلم مع الرجاسات لذلك أراد لهم أن يحملوا نير بابل حتى يدركوا قسوة نيرهم الذين يلقونه على أعناق إخوتهم، فلا يفعلوا كما فعل رحبعام حين قال له يربعام وكل جماعة إسرائيل: "إن أباكم قسّى نيرنا، وأما أنت فخفف الآن من عبودية أبيك القاسية ومن نيره الثقيل الذي جعله علينا فنخدمك" (1 مل 12: 4)، أجابهم: "أبي ثقل نيركم وأنا ازيد على نيركم؛ أبي أدبكم بالسياط، وأنا أؤدبكم بالعقارب" (1 مل 12: 14). المؤمن الذي يدرك مرارة النير لا يطلب أن تنحني رقاب الآخرين لنير غير نير صليب المسيح الممتع. لهذا ففي مجمع الرسل المنعقد بشأن القادمين للإيمان من الأمم قال الرسول بطرس: "فالآن لماذا تجربون الله بوضع نيرٍ على عُنُق التلاميذ لم يستطع آباؤنا ولا نحن أن نحمله، لكن بنعمة الرب يسوع المسيح نؤمن أن نخلص كما أولئك أيضًا" (أع 15: 10-11). هكذا طلب الرسول ألا يخضع القادمون للإيمان لنير الطقوس الحرفية للشريعة الموسوية، وكما يوصينا الرسول بولس بخصوص الخضوع الحرفي لختان الجسد: "فاثبتوا إذًا في الحرية التي قد حررنا المسيح بها ولا ترتبكوا أيضًا بنير عبودية" (غلا 5: 1). |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|