رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ملخص النبوات ضد الأمم: الله ليس إله إسرائيل وحده، بل إله كل الشعوب، يهتم بالجميع، وها هو يرسل إرميا نبيه "نبيًّا للشعوب". كما يبادر الله ببركاته على شعبه لا ليحرم الشعوب الأخرى، بل ليهيئ الكل خلال الخميرة المقدسة للتمتع بفيض نعمته، هكذا يبدأ هنا بتأديب شعبه بسبب إصرارهم عل عدم التوبة، بهذا تكون البداية لتسقط أمة وراء أمة تحت ذات التأديب، ما دام ليس هناك رجوع إلى الله بالتوبة... وأخيرًا يسقط العالم كله تحت التأديب حتى بابل اليد المستخدمة للتأديب! هنا إعلان صارخ عن فساد الطبيعة البشرية والحاجة إلى تدخل إلهي لإقامة طبيعة جديدة تتجاوب مع خالقها! 15 لأَنَّهُ هكَذَا قَالَ لِيَ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ: «خُذْ كَأْسَ خَمْرِ هذَا السَّخَطِ مِنْ يَدِي، وَاسْقِ جَمِيعَ الشُّعُوبِ الَّذِينَ أُرْسِلُكَ أَنَا إِلَيْهِمْ إِيَّاهَا. 16 فَيَشْرَبُوا وَيَتَرَنَّحُوا وَيَتَجَنَّنُوا مِنْ أَجْلِ السَّيْفِ الَّذِي أُرْسِلُهُ أَنَا بَيْنَهُمْ». 17 فَأَخَذْتُ الْكَأْسَ مِنْ يَدِ الرَّبِّ وَسَقَيْتُ كُلَّ الشُّعُوبِ الَّذِينَ أَرْسَلَنِي الرَّبُّ إِلَيْهِمْ. 18 أُورُشَلِيمَ وَمُدُنَ يَهُوذَا وَمُلُوكَهَا وَرُؤَسَاءَهَا، لِجَعْلِهَا خَرَابًا وَدَهَشًا وَصَفِيرًا وَلَعْنَةً كَهذَا الْيَوْمِ. 19 وَفِرْعَوْنَ مَلِكَ مِصْرَ وَعَبِيدَهُ وَرُؤَسَاءَهُ وَكُلَّ شَعْبِهِ. 20 وَكُلَّ اللَّفِيفِ، وَكُلَّ مُلُوكِ أَرْضِ عُوصَ، وَكُلَّ مُلُوكِ أَرْضِ فِلِسْطِينَ وَأَشْقَلُونَ وَغَزَّةَ وَعَقْرُونَ وَبَقِيَّةَ أَشْدُودَ، 21 وَأَدُومَ وَمُوآبَ وَبَنِي عَمُّونَ، 22 وَكُلَّ مُلُوكِ صُورَ، وَكُلَّ مُلُوكِ صِيدُونَ، وَمُلُوكِ الْجَزَائِرِ الَّتِي فِي عَبْرِ الْبَحْرِ، 23 وَدَدَانَ وَتَيْمَاءَ وَبُوزَ، وَكُلَّ مَقْصُوصِي الشَّعْرِ مُسْتَدِيرًا، 24 وَكُلَّ مُلُوكِ الْعَرَبِ، وَكُلَّ مُلُوكِ اللَّفِيفِ السَّاكِنِينَ فِي الْبَرِّيَّةِ، 25 وَكُلَّ مُلُوكِ زِمْرِي، وَكُلَّ مُلُوكِ عِيلاَمَ، وَكُلَّ مُلُوكِ مَادِي، 26 وَكُلَّ مُلُوكِ الشِّمَالِ الْقَرِيبِينَ وَالْبَعِيدِينَ، كُلَّ وَاحِدٍ مَعَ أَخِيهِ، وَكُلَّ مَمَالِكِ الأَرْضِ الَّتِي عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ. وَمَلِكُ شِيشَكَ يَشْرَبُ بَعْدَهُمْ. 27 وَتَقُولُ لَهُمْ: «هكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ إِلهُ إِسْرَائِيلَ: اشْرَبُوا وَاسْكَرُوا وَتَقَيَّأُوا وَاسْقُطُوا وَلاَ تَقُومُوا مِنْ أَجْلِ السَّيْفِ الَّذِي أُرْسِلُهُ أَنَا بَيْنَكُمْ. 28 وَيَكُونُ إِذَا أَبَوْا أَنْ يَأْخُذُوا الْكَأْسَ مِنْ يَدِكَ لِيَشْرَبُوا، أَنَّكَ تَقُولُ لَهُمْ: هكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ: تَشْرَبُونَ شُرْبًا. 29 لأَنِّي هأَنَذَا أَبْتَدِئُ أُسِيءُ إِلَى الْمَدِينَةِ الَّتِي دُعِيَ اسْمِي عَلَيْهَا، فَهَلْ تَتَبَرَّأُونَ أَنْتُمْ؟! لاَ تَتَبَرَّأُونَ، لأَنِّي أَنَا أَدْعُو السَّيْفَ عَلَى كُلِّ سُكَّانِ الأَرْضِ، يَقُولُ رَبُّ الْجُنُودِ. [15-29]. * عندما سمع النبي هذا لم يرفض، لم يقل على مثال موسى: أسألك يا رب، إني لست مستحقًا، أرسل آخر. إذ كان محبًا للشعب ومفكرًا في الأمم المعادية أنها تُقتل وتسقط بشرب الكأس، قبل كأس الخمر بفرح، ولم يعلم أن أورشليم كانت من بين كل الأمم. القديس جيروم يُستخدم الكأس عن مصير شخصٍ أو أمةٍ كنبوة عن مستقبلٍ مفرحٍ جدًا كما في (مز 23: 5) أو مؤلمٍ للغاية، وقد دعى السيد المسيح آلامه لحساب البشرية كأسًا (مت 26: 39). هنا يرمز كأس الخمر للغضب الإلهي، وقد استخدمت في (حب 2: 16؛ إش 51: 17، 21-22 ؛ حز 23: 32-34، إر 13: 12 الخ؛ 19: 12؛ مرا 4: 21؛ مز 65: 5؛ 75: 9؛ حب 2: 15؛ زك 12: 2 إلخ).كان الالتزام بشرب الكأس إجراء يُستخدم لاختبار براءة الشخص أو جرمه. وقد جاء في (عد 5: 11-31) يقدم الكاهن للمرأة المُتهمة بخيانة زوجها ماءً مقدسًا في إناءٍ خزفي ويضع عليه من غبار مسكنها... ثم يقدم لها ماء اللعنة، فان كانت قد تنجست يدخل ماء اللعنة المرّ فيورم بطنها وتسقط فخذها وتصير المرأة لعنة في وسط شعبها. الكأس التي يقدمها هنا إرميا النبي للشعوب هو السيف الذي تُضرب به هذه الشعوب فتترنح كالسكارى بلا وعي من هول الحدث، يفقدون عقولهم ويصيرون كالمجانين. يتساءل البعض: كيف قدم إرميا للملوك كأس غضب الله؟ هل قام برحلة لملوك وشعوب مختلفة؟ أم قدم الكأس لسفرائهم في أورشليم؟ إنه لم يتسلم كأس خمرٍ من يد الله بل كأس السخط الإلهي لا ليشربوه بأفواههم فتترنح أجسادهم، إنما هو كأس غير مادي يحمل غضبًا لا تشربه الأجساد. العمل الذي قام به إرميا هو رسالة تؤكد حقيقة السخط الإلهي على الشر والأشرار المصرين على شرهم، يعلنها النبي في أورشليم أمام الملك والشعب، وتبلغ إلى الملوك والشعوب المحيطة. في سفر إشعياء إذ يؤكد الله لأورشليم أنها تشرب من كأس غضبه الذي أعدته بعصيانها، إنما إلى حين، إذ يقول: "انهضي انهضي قومي يا أورشليم التي شربت من يد الرب كأس غضبه ثقل كأس الترنح، شربت، مصصت... لا تعودي تشربينها في ما بعد... استيقظي، استيقظي، إلبسي عزِّك يا صهيون، البسي ثياب جمالك يا أورشليم" (إش 51: 17، 22؛ 52: 1). ويلاحظ هنا: 1. كل الشعوب المذكورة في الأصحاحات (46-51) مدرجة هنا ماعدا دمشق. لقد دعي إرميا نبيًا للشعوب (إر 1: 5). 2. أعطى الكأس أولًا لأورشليم ثم لمدن يهوذا وملوكها ورؤسائها [18]، فإذ لهم معرفة أكثر من غيرهم يستحقون التأديب قبلهم. 3. يأتي بعد ذلك بالأمم الوثنية، مبتدأً بفرعون ملك مصر وعبيده ورؤسائه وكل شعبه [19]، لأن أورشليم قد اعتمدت على فرعون وجيشه للدفاع ضد بابل، لذا يستحق الكأس بعد يهوذا مباشرة. 4. بعد مصر يتجه نحو الجنوب شرقي وغربي يهوذا، أمة فأمة، ففي [20] نجد عوص وبلاد فلسطين شرقي مصر وعلى حدودها. ذكر ملك عوص [20] موطن أيوب (أي 1: 1 ؛ مراثي 4: 21) الواقعة في عبر الأردن، إما في حوران جنوب دمشق أو في المنطقة الواقعة بجوار أدوم في شمال الجزيرة العربية وعلى حدود مصر. 5. يسقط تحت التأديب "كل اللفيف" مع فرعون وعبيده ورؤسائه... وقد ذُكر "اللفيف" في (خر 12: 38؛ نح 13: 3) ليصف الجماعة المختلطة الخارجة من مصر مع الإسرائيليين. عادة يُقصد باللفيف أية جماعة مختلطة من أجناس متباينة ترتبط بشعبٍ واحدٍ وتسكن بينهم كجماعة غريبة. 6. مثلت فلسطين بالمدن الرئيسية: أشقلون وغزة وعقرون وأشدود (يش 13: 1؛ 1 صم 6: 4)، ولم تُذكر المدينة الخامسة جت، ربما لأنها كانت قد انهارت في ذلك الوقت ، أو لأنها لم تعد بعد عاصمة لمملكة مستقلة لهذا لم تُذكر أيضًا في (عا 1: 6؛ صف 2: 4، زك 9: 5). 7. يتجه بعد ذلك نحو الشرق في [21] حيث ممالك أدوم وموآب وبني عمون، وفي [22] يتجه نحو الغرب حيث الفينيقيون ومستعمراتهم. 8. في [23-24] نجد القبائل العربية في الصحراء الممتدة من فلسطين إلى الفرات. ددان [23]: شعب كوشي في جنوب العربية، جاء عن كوش بن حام (تك 10: 7). جاء في (تك 25: 3) أنه من نسل إبراهيم عن قطورة بعد موت سارة. ليس صعبًا أن نفهم هذا الارتباط إن تذكرنا النسب بين العربية وكوش [20]. كانوا رجال تجارة (إش 21: 3؛ حز 27: 1، 20؛ 38: 13؛ أي 6: 19) يقطنون جنوب الأدوميين (إر 25: 23؛ 49: 8). لا يزال الاسم باقيًا في ديدان جنوب غربي تيماء. أما ددان الحديثة فهي "العُلا" واحة في وادي القرى شمال الحجاز. "تيماء" قبيلة عربية تسكن في المناطق الصحراوية وراء حاران (تك 25: 15)؛ و"بوز" قبيلة عربية من نسل ناحور أخو إبراهيم (تك 22: 21) تقطن على الطريق السياحي من دمشق إلى مكة، ما بين تبوق ووادي القرى. 9. ثم أقصى الشرق في [25] عيلام ومادي، بعد ذلك يذكر ملوك الشمال القريبين والبعيدين، وأخيرًا كل ممالك الأرض [26]. 10. إن كان الله يستخدم بابل للتأديب، فيعطيها أن تسيطر على العالم كله في ذلك الحين فإنه يعود فيحاكمها على شرها بعد ذكره كل ممالك الأرض، وقد دُعيت هنا "شيشك" [26] وهو اسمها الشفري (إر 51: 41). ربما لكي لا يثير السلطات البابلية ضده. يرى Keil أن الأصل العبري يعني "يغطس"، وكأن التهديد هنا أن بابل تغطس ولا تعود تقوم بعد. 11. أوضح إرميا النبي أن الجميع يشربون من هذه الكأس حتى النهاية [27]، وإن رفضوا فسيشربونه بغير إرادتهم [28]. ليس من يستعفي من شرب هذا الكأس؛ فإن كان الله قد سمح لشعبه أن يشربه، فكيف لا تشربه بقية الشعوب [29]؟! |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|