رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الرب برنا: 5 «هَا أَيَّامٌ تَأْتِي، يَقُولُ الرَّبُّ، وَأُقِيمُ لِدَاوُدَ غُصْنَ بِرّ، فَيَمْلِكُ مَلِكٌ وَيَنْجَحُ، وَيُجْرِي حَقًّا وَعَدْلًا فِي الأَرْضِ. 6 فِي أَيَّامِهِ يُخَلَّصُ يَهُوذَا، وَيَسْكُنُ إِسْرَائِيلُ آمِنًا، وَهذَا هُوَ اسْمُهُ الَّذِي يَدْعُونَهُ بِهِ: الرَّبُّ بِرُّنَا. إذ وعد بإقامة رعاة من عنده يعلن عن رعايته الشخصية لشعبه التي تحققت بمجيء المسيا، كلمة الله، الراعي الصالح. "ها أيام (بالتأكيد) تأتي يقول الرب، وأُقيم لداود غُصن بر، فيملك ملك وينجح ويجري حقًا وعدلًا في الأرض. في أيامه يخلص يهوذا ويسكن إسرائيل آمنًا، وهذا هو اسمه الذي يدعونه به: الرب برّنا" [5-6]. يتحدث عن الملك الذي طالما ترقبه رجال الله في العهد القديم، المسيا، ابن داود! يتحدث إرميا النبي هنا عن شخص الملك وسماته ودوره واسمه. قوله: "ها أيام تأتي" [5، 7] تعبير شائع لا يعني تحديد زمنٍ معين، إنما هو تعبير يشد الانتباه إلى إعلان له قدسيته وأهميته (إر 7: 32، 9: 25، 31: 31 إلخ). أولًا: يدعوه "غصن بر" [5]. دُعي السيد المسيح غصنًا سبع مرات في العهد القديم وقد قدمت هذه النصوص السيد المسيح كما قدمته الأناجيل الأربعة: * المسيح الملك (إنجيل متى): (إش 11: 1، إر 23: 5، 33: 15). * المسيح الخادم والعبد (إنجيل مرقس): (زك 3: 8) . * المسيح الصديق والإنسان (إنجيل لوقا): (إش 53: 1-2؛ زك 6: 12). * المسيح ابن الله الممجد (إنجيل يوحنا): (إش 4: 2) . دُعي السيد المسيح بالغصن للسببين التاليين: أ. لأن الغصن مرتبط بالأصل، فمع أنه رب داود لكنه من نسله، مرتبط به حسب الجسد. ب. صار بالحقيقة إنسانًا ينمو كالغصن. أُستخدم هذا اللقب "الغصن" في مجتمع قمران ليشير إلى المسيا الملك(477). وقد أُدخل إلى الصلاة اليهودية التي تُدعىEsreh Shemoneh (الثمانية عشر بركة): [ليبرز غصن داود عبدك سريعًا، وليتمجد قرنه بخلاصك]. في سفر إشعياء حُسب السيد المسيح كقضيب وغصن من يسى الذي عاش ومات قليل الشأن، قائلًا: "ويخرج قضيب من جذع يسى وينبت غصن من أصوله" (إش 11: 1). والعجيب أن نسل داود الملك ضعف جدًا حتى جاء يوسف والقديسة مريم فقيران للغاية. بينما يتحدث في الأصحاح السابق عن ملوك يهوذا كأشجار لبنان الشامخة، إذا به يتحدث عن السيد المسيح، الملك المخلص، كغصنٍ متواضعٍ، لكنه "غصن بر". أراد باتضاعه أن يسحق الكبرياء محطم البشرية، وكما تقول عنه الكنيسة في جمعة الصلبوت: "أظهر بالضعف ما هو أعظم من القوة". ثانيًا: ملك ليخلص، ملك الرب بالصليب، لا ليسيطر، بل ليهبنا غفرانًا لخطايانا وشركة في الميراث الأبدي. على خلاف ملوك يهوذا في ذلك الحين الذين كانوا يملكون ليبددوا ويهلكوا، إذ يطلبون ما لنفسهم لا ما لشعبهم، فخسروا أنفسهم وشعبهم معًا! بقوله: "يملك ملك (بحكمة)" [5]. يعلن أن المسيا القادم هو ملك حقيقي يملك على القلوب، وليس كصدقيا الذي كان كدُمية يحركها الأنبياء الكذبة. ثالثًا: ينجح ويجري حقًا وعدلًا في الأرض. إذ تصير قلوبنا أرضه المقدسة، يملك عليها ليحقق فيها الحق الإلهي والعدل. ظن ملوك اليهود أنهم ناجحون، لكن إذ أقاموا مملكتهم بغير حقٍ ولا عدلٍ انتهت بالفشل، أما مسيحنا فينجح إذ يقيم مملكته في أعماقنا الداخلية، لا يقدر عدو أن يتسلل إليها. جاءت الكلمة hiskil لتعني "ينجح" أو "يعمل بحكمة"، فملكنا المسيح قدم لنا حكمة الصليب التي رآها اليهود عثرة واليونانيون جهالة (1 كو 1: 2-25). أما نحن المخلصون فنرى في الصليب حكمة الله الفائقة إذ هو "قوة الله" (1 كو 1: 18). رابعًا: يخلص يهوذا ويسكن إسرائيل آمنًا. لقد وعدهم الأنبياء الكذبة بالسلام، لكنهم هم أنفسهم فقدوا سلامهم، أما الراعي الجديد، فهو ملك السلام، يدخل بنا إلى مملكته، إسرائيل الجديد، فنجد سلامًا وأمانًا فيه. خامسا: يدعى اسمه: "الرب برنا" Yahweh-sidqenn. أقام البابليون صدقيا ملكًا، لكنه أظهر أنه غير مستحق لهذا الاسم، لأن كلمة صدقيا Sidqi-yahu تعني "بري هو الله". فكان لزامًا أن يُطرد من المُلك ليقوم مكانه ملك جديد، لا يقيمه البابليون، ولا يأتي بذراعٍ بشري، وإنما بخطة إلهية هيأ لها الله عبر الأجيال، خلالها يقدم الملك المسيا بره الإلهي برًا لنا، فنترنم بحق ونحن ننعم برعايته، قائلين: "الرب برنا". نردد مع الرسول بولس: "لِكَيْ لاَ يَفْتَخِرَ كُلُّ ذِي جَسَدٍ أَمَامَهُ. وَمِنْهُ أَنْتُمْ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ، الَّذِي صَارَ لَنَا حِكْمَةً مِنَ اللهِ وَبِرًّا وَقَدَاسَةً وَفِدَاءً" (1 كو 1: 29-30). خلال رعاية السيد المسيح، كلمة الله، نصير كاللاويين والكهنة، ليس لنا نصيب في أرض الميراث، بل يكون الرب نفسه نصيبنا وميراثنا، ننعم به بكونه الحكمة والبر والسلام والفداء، نحمله فينا، ونختفي فيه. يعلن مجده في أعماقنا ويستر ضعفاتنا بدمه الثمين، فنتبرر في عيني الآب، ونحسب حكماء وأبرارًا وقديسين ومفديين! في جراءة إرميا النبي نرفض صدقيا الذي ملَّكه البابليون علينا، ونقبل صدقيا الجديد الذي أقامه الآب، والذي نزل إلينا بحبه الفائق يحمل ثقل خطايانا ويهبنا بره. لنرفض البر ذاتي (صدقيا القديم) ونحمل بر المسيح (صدقيا الجديد). ويلاحظ في الآيتين [5، 6] يتحدث عن شخص المسيح الملك ورعايته الفائقة دون فصل بينهما، فمن لا يتعرف على شخص المسيا لا ينعم برعايته، ومن لا يقبل رعايته لا يدرك أسرار معرفته. إنه إذ يعلن عن ذاته ويكشف عن شخصه إنما يقدم لنا عملًا رعويًا، نقتنيه فنشبع ولا نعتاز إلى شيء! * كما تفصلنا خطايانا عنه، هكذا يجتذبنا برّنا مقتربين إليه. قيل: "وأنت بعد تتكلم أقول: هأنذا" (انظر إش 58: 9؛ 65: 24). القديس يوحنا الذهبي الفم |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|