رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
"ويل لمن يبني بيته بغير عدلٍ، وعلاليه (حجراته التي على السطح) بغير حقٍ (بظلمٍ)، الذي يستخدم صاحبه مجانًا ولا يعطيه أجرته. القائل: أبني لنفسي بيتًا وسيعًا وعلالي فسيحة، ويشق لنفسه كوى، ويسقف بأرز، ويدهن بمغرة" [13-14]. لا نسمع عن علاقة إرميا النبي بيوشيا الملك وابنه يهوآحاز، لكننا نسمع كثيرًا عن علاقته بالملك يهوياقيم الذي يتحدث عنه هنا [13-19]. فقد كان عدوًا لإرميا، منعه من قراءة نبواته ومزق السفر (إر 36). كان يهوياقيم الملك المستبد الدكتاتور، رفض إصلاحات أبيه الملك يوشيا، وكان منحازًا لفرعون مصر ومتكلًا عليه، إذ أقامه نخو سلفًا لأخيه يهوآحاز (2 مل 23: 34). عنَّفه إرميا النبي على كبريائه وظلمه خلافًا لأبيه يوشيا، ورفضه للعدل والبر (بغير حق sede). وقد جاء توبيخه للملك يتركز في النقاط التالية: أولًا: شغفه بإنشاء أبنية ضخمة فاخرة لإشباع ذاته ego، وقد نقل ذلك عن الدول المجاورة، خاصة مصر وبابل الشهيرتين بابنتيهما الفخمة. لم يتهمه إرميا النبي بالعبادة الوثنية، لكنه مارس الحياة المترفة المدللّة مع عجرفة وكبرياء. استخدم الأرز، أثمن أنواع الخشب، وقد دهنه باللون الأحمر البرتقالي أو القرمزي (sasar) أو الأزرق. ظهرت إلى النور في السنوات الأخيرة حفريات في رامة راحيل تشهد عن أبنية فخمة ترجع إلى نهاية القرن السابع ق.م. التي تحدث عنها إرميا النبي بخصوص أعمال يهوياقيم. شتان ما بين يهوياقيم ووالده يوشيا. الأول أقام بيتًا صالحًا، بينما أقام الثاني بيتًا فاخرًا فسيحًا. الأول بالبر أقام بيته، والثاني بغير عدلٍ ولا حقٍ (برٍ) أنشأه. خير لنا أن نعيش مع يوشيا في بيته القديم الصالح عن أن نقيم مع ابنه يهوياقيم في بيته الفخم المقام بغير عدلٍ ولا برٍ. استخدم القديس غريغوريوس النزينزي هذه العبارات الخاصة بسكنى الملك يهوياقيم في مبانٍ فخمة في حديثه ضد الأريوسيين الذين سطوا على الكنائس وتعقبوا رجال الله لقتلهم: [هؤلاء الناس لهم بيوت، أما نحن فلنا الساكن في البيت، لهم معابد، أما نحن فلنا الله، وبجانب هذا نحن أنفسنا هياكل حيَّة لله الحيّ، محرقات عاقلة، ذبائح كاملة، نعم آلهة خلال العبادة للثالوث. معهم البشر، ونحن معنا الملائكة، يندفعون بتهورٍ، ونحن لنا الإيمان، يهددون ونحن نصلي، يشتمون ونحن نحتمل، لهم ذهب وفضة ونحن لنا الكلمة النقية، بنوا لأنفسهم بيتًا وسيعًا وعلالي فسيحة، بيتًا مسقوفًا، وشقوا كوى (إر 22: 14)، لكن حتى هذه ليست أعلى من إيماني ولا من السموات التي أحملها قدامي]. يرى القديس أغسطينوس أن الأشرار يبنون المباني الشاهقة بروح الظلم، ظانين أنهم يهربون من العدالة الإلهية، أما أولاد الله فلا يجدون لهم ملجأ إلا فيه، إذ يقول: [إن كنت لا تستطيع الهروب من الله لأنه موجود في كل مكان، فاهرب إليه في الحال، حيثما وجدت اهرب. هوذا في طيرانك قد عبرت السماء، إنه هناك! إن هبطت إلى الجحيم، فهو هناك! أي صحاري الأرض تختار تجده هناك... إن كان يملأ السماء والأرض، فإنه لا يوجد موضع يمكنك أن تهرب إليه منه. لتنهِ تعبك ولتهرب إلى حضرته لئلا يدركك مجيئه!]. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|