* مرة أخرى، نجد في الكاهن العظيم ملكي صادق (تك 14: 18) رمزًا آخر بخصوص سرّ ذبيحة الرب، كما يشهد الكتاب الإلهي حيث يقول: "وملكي صادق ملك ساليم أخرج خبزًا وخمرًا" (تك 14: 18). لقد كان "كاهنًا لله العلي"، وقد بارك إبراهيم.
أما عن كون ملكي صادق رمزًا للمسيح، فهذا ما يعلنه الروح القدس في المزامير، متكلمًا من الآب نحو الابن "... أنت كاهن إلى الأبد على رتبة ملكي صادق" (مز 110: 4).
كان هذا الطقس بالتأكيد مستمدًا من هذه الذبيحة... فإذا كان ملكي صادق كاهن الله العلي، قدَّم خبزًا وخمرًا، وفي هذا بارك إبراهيم.
لأنه من هو كاهن الله العلي (بحق) مثل ربنا يسوع المسيح، الذي قدَّم ذبيحة الله الآب، قدَّم ما قدَّمه ملكي صادق، أي خبزًا وخمرًا، أي جسده ودمه؟!
استمرت البركة التي أُعطيت لإبراهيم في المسيحيين. لأنه إن كان إبراهيم قد آمن بالله، "فحُسب له برًا" (تك 15: 6)، فكل من يؤمن بالله، ويحيا بالإيمان، يُحسب له برًا... ويحسب مبرَّرًا ومطوَّبًا في إيمان إبراهيم، كما يُعَرِّفنا الرسول بولس، قائلًا: "آمن إبراهيم بالله، فحسب له برًا" (غل 3: 6). والآن فأنتم إذ تؤمنون تُحسَبون أولادًا لإبراهيم. وقد سبق فرأى الكتاب المقدس أن الأمم يتبررون بالإيمان، فتنبأ لإبراهيم أن فيه تتبارك جميع الأمم (غل 3: 6-8).
لذلك فإن مباركة إبراهيم بواسطة الكاهن ملكي صادق الواردة في سفر التكوين، سبق أن أُعلنتْ كمثال لتقدمة المسيح، التي هي من خبزٍ وخمرٍ. وإذ كمَّل الرب المثال وأتمه، قدَّم خبزًا ومزج الكأس من خمر.
الشهيد كبريانوس