منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 05 - 09 - 2023, 11:24 AM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,270,059

يسوعُ  يُظهِرُ لِتَلاميذِه


وبَدأَ يسوعُ مِن ذلِكَ الحينِ يُظهِرُ لِتَلاميذِه أَنَّه يَجِبُ علَيهِ أَن يَذهَبَ
إلى أُورَشَليم ويُعانِيَ آلاماً شَديدة مِنَ الشُّيوخِ
وعُظَماءِ الكَهَنَة والكَتَبَة ويُقتَلَ ويقومَ في اليومِ الثَّالث.



تشير عبارة "مِن ذلِكَ الحينِ" في الأصل اليوناني Ἀπὸ τότε (معناها من حينه) إلى تحديد نقطة فصل وتحوّل حيث حدَّد يسوع للمَرة الأولى إعلان مَلكوت السَّماوات "وبَدَأَ يسوعُ مِن ذلك الحِين يُنادي فيَقول: ((تُوبوا، قدِ اقتَربَ مَلكوتُ السَّمَوات" (متى 4: 17)، وهنا يُحدِّد يسوع من جديد موته وقيامته مؤكِّدًا بالإعلان رسميًا عمَّا سيُعانيه ابن الإنْسَان في أُورَشَليم من المٍ وعَذابٍ وظُلمٍ واضطهاد، وذلك بعد اعتراف بُطرس بألوهية المسيح، وثبات إيمان التَّلاميذ. حينئذٍ اتَّخذت خدمة يسوع مظهرًا مختلفًا، سعى يسوع لإعداد تَلاميذه للآلام التي تنتظره داعيًا إيَّاهم إلى تغيير تفكيرهم وأَنظارهم على سرِّ الله. أمَّا عبارة "يُظهِرُ لِتَلاميذِه" فتشير إلى التنبّؤ عن آلامه وموته، وسرّ دعوته ورسالته لتَلاميذه. أمَّا عبارة "يَجِبُ علَيهِ" فلا تشير هنا إلى التقييد وانعدام الحرية إنَّما إلى الإرادة الإلهية لإتمام رسالة يسوع لفداء البشرية، دلالة على تطابق ما يحدث مع مُخطَّط المسيح. لأنَّ تحوُّل الألم والموت إلى مجد القيامة بعد ثلاث أيام هو جواب على مخطط الله الخلاصي. لذلك يواصل يسوع سيره بطاعة حُرَّة نحو أُورَشَليم لتحقيق مخطط محبة الآب من خلال بذل نفسه لخلاص الإنْسَان من خلال موته وشهادة دمه على الصَّليب" كما جاء في خطبة إسطفانس لليهود "أَيّاً مِنَ الأَنبِياءِ لم يَضطَهِدْهُ آباؤكم، فقَد قتَلوا الَّذينَ أَنبَأُوا بِمَجِيءِ البارِّ ولَه أَصبَحتُم أنتُمُ الآنَ خَوَنَةً وقَتَلَة" (أعمال الرسل 7: 52). لانَّ خلاص الإنسان يعتمد على طاعة المسيح لمخطَّط محبَّة الآب. وبهذه الطريقة يسير يسوع إلى مصيره تنفيذًا لمشيئة الله وتحقيقًا للخلاص الذي لا يقوى عليه أحدٌ سواه. لكن التَّلاميذ عجزوا عن إدراك هدف يسوع بسبب ظنِّهم أنَّ المسيح المُنتظر هو مسيحٌ سياسيٌ دُنيويٌ. ومن هذا المنطلق، لم تكن آلام يسوع حدثًا طارئًا أو صُدفة ولا مصيرًا محتومًا، إنَّما هو مخطط الله الذي يُحقِّقه يسوع بطاعته لمشيئة الله آبيه في هذه الآلام لأجل خلاص البشر. أمَّا عبارة " أُورَشَليم" فتشير إلى مدينة قاتلة الأنبياء، تلك المدينة التي رفضت خلاصها كما جاء في إنذار يسوع "أُورَشَليم أُورَشَليم، يا قاتِلَةَ الأَنبياءِ وراجِمةَ المُرسَلينَ إِليها! كَم مَرَّةٍ أَرَدتُ أَن أَجمَعَ أَبناءَكِ كَما تَجمَعُ الدَّجاجَةُ فِراخَها تَحتَ جَناحَيْها! فلَم تُريدوا. (لوقا 13: 34). وهناك يتألم يسوع فيها وفقًا لقوله "لا يَنبَغي لِنَبِيٍّ أَن يَهلِكَ في خارِجِ أُورَشَليم" (لوقا 13: 33)؛ إنها مدينة آلامه وموته وقيامته. أمَّا عبارة "يُعانِيَ آلاماً شَديدة " فتشير إلى أول إنباء من ثلاث إنباءات يسوع بموته وقيامته في طريق صعوده إلى أُورَشَليم. (17: 22، 23؛ 20: 18)؛ وفي الإنباء الثالث هناك تفاصيل أدقُّ ممَّا ورد في الإنباءين الأولين، وهو دور الوثنيين، والسُّخرية والجلد والصلب، كما ورد في إنجيل متى "ها نَحنُ صاعِدونَ إلى أُورَشَليم، فابنُ الإنْسَان يُسلَمُ إلى عُظَماءِ الكَهَنَة والكَتَبَة، فيَحكُمونَ عليه بِالموت ويُسلِمونَه إلى الوَثنيِّين، لِيَسخَروا مِنهُ ويَجلدِوهُ ويَصلِبوه، وفي اليومِ الثَّالثِ يَقوم" (متى 20: 18-20). والهدف من تلك الإنباءات هو تبديد يسوع لظن التَّلاميذ أنَّ المسيح المنتظر ليس مسيحًا سياسيًا يخلص شعبه بالقوة، بل مسيحًا متألمًا يخلص شعبه بالموت نيابة عنه، وأن المصير الذي ينتظره سيكون مصير كل إنسان، يتسم بالألم والموت، ولن يعفيه إعلان كونه ابن الله من العِداء والرَّفض والألم والموت. ويُشدِّد لوقا الإنجيلي على عدم إدراك التَّلاميذ لمعنى ذلك الإنباء (لوقا 9: 45، 18: 34). ويتفق حالة المسيح المتألم مع نبوءات دانيال. فالمسيح يجب أن يُقتل (دانيال 9: 26) ثم يأتي وقت ضيق (دانيال 9: 27)، وسيأتي أخيرا في المَجْد (دانيال 7: 13) وسيتحمل التَّلاميذ نفس الآلام كمعلمهم ويُجازون مثله في النهاية. فالألم والموت سيقودان إلى مجد القيامة. وهذا هو المعنى الحقيقي لمُلكه في المَجْد الذي لم يظهر إلاَّ على الصَّليب، وكان هذا قلب الإنجيل ونواة الإيمان في الجَّماعة المسيحية الأولى. فموضوع صلب المسيح وقيامته ليس مجرد نهاية حياة على الأرض أو حتى مجرد استشهاد مثل بقية الشهداء، وإنَّما كما أعلن الرَّبّ يسوع نفسه وكما أعلن الوحي الإلهي في العهد الجديد، كان أمراً محتوماً منذ الأزل: " كُشِفَ مِن أَجلِكُم في آخِرِ الأَزمِنَة" (1 بُطرس 9:1، 20)؛ أمَّا عبارة "الشُّيوخِ وعُظَماءِ الكَهَنَة والكَتَبَة" فتشير إلى فئات الرُّتب الثَّلاث التي تُشكِّل السنهدريم، مجلس اليهود الأكبر، وهو مؤلّف من 71 عضوًا، الذي كان يحكم الشعب اليهودي. وكان هذا المجلس يضم ممثلي الأرستقراطية العلمانية، الشُيوخ πρεσβυτέρων، أي رؤساء الشعب، ومن كبار الآسر الكهنوتية، عظماء الكَهَنَة ἀρχιερέων، الذين كانوا يختارون منها عظيم الكَهَنَة أو الحبر الأعظم، ومن "الكَتَبَة" γραμματέων ،أي معلمي الشَّريعة ومُفسِّريها وناسخيها وهم فريسي النزعة في اغلب الأحيان. وكان المجلس يرأسه عظيم الكَهَنَة (عظيم الأحبار) في أيام ولاية قيافا. أمَّا عبارة "يقومَ" فتشير إلى إنباء المسيح بقيامته لكي يُعزّي تلاميذه ويُشجِّعهم لِمَا اعتراهم من إنباء رفضه وموته. لكنهم لم يُدركوا الخبر المحزن ولا الخبر المفرح. أمَّا عبارة "في اليومِ الثَّالث" فتشير إلى الفترة ما بين مساء الجمعة وصباح الأحد كما ورد أيضا في رسائل بولس الرَّسُول " وأَنَّه قُبِرَ وقامَ في اليَومِ الثَّالِثِ كما وَرَدَ في الكُتُب"(1 قورنتس 15: 4)؛ وتتكرر عدة مرات في الكتاب المقدس (تكوين 42: 18، خروج 19: 16، يشوع 2: 6، هوشع 6: 2). وتُستخدم لتعني نقطة تحول وعبور من موقف مأساوي يائس لا سبيل للخروج منه. إن نقطة التَّحول والخلاص هذه، لا تحدث أبدًا على الفور، في اليوم الأول، بل دائمًا في اليوم الثالث، عندما يكون واضحًا أنه ليس قدرة الإنْسَان هي الّتي تولد نقطة التحوُّل، بل الرَّبّ وحده، ونعمته. أمَّا إنجيل مرقس يذكر عبارة خاصة به " وأَن يقومَ بَعدَ ثَلاثةِ أَيَّام" (مرقس 8: 31) ولها مدلولها الكتابي، كما ورد في هوشع النبي " بَعدَ يَومَينِ يُحْيينا وفي اليَومِ الثَّالِثِ يُقيمُنا فنَحْيا أَمامَه"(هوشع 6: 2). وأوضحت كرازة الرسل الزمن، كما جاء في عظة بُطرس في بيت قرنيليوس "هو الَّذي أَقامَه اللهُ في اليومِ الثَّالِث، وخَوَّلَه أَن يَظهَر (أعمال الرسل 10: 40)، وكما جاء أيضا في عظة بولس الرَّسُول " أَنَّه قُبِرَ وقامَ في اليَومِ الثَّالِثِ كما وَرَدَ في الكُتُب" (1 قورنتس 15: 4). إن إنباءات يسوع بآلامه وقيامته تُشدّد على مخطط الله وطاعة المسيح لمشيئة الله في الأحداث. لسنا نحن أمام مصير فُرض على يسوع إن يتحمّله كُرهًا، ولا أمام حدث حصل صدفة، لكن اختيارًا، إذ نظر يسوع إلى هذه الآلام وتقبّلها مسبقًا محبةً للآب (يوحنا 14: 31). هذه هي نقطة التحوُّل في تدريب يسوع لتلاميذه. فقد بدأ يُعلمهم بوضوح ويشرح لهم انه لن يكون المسيح المنتصر إلاَّ بعد آلامه وموته، لأنه يجب عليه أن يتألم ويموت ويقوم ويجيء يومًا في مجدٍ عظيمٍ ليُقيم مَلكوته الأبدي. وهكذا تشكِّل آلام يسوع وموته وقيامته نواة الإيمان في الجماعة المسيحية الأولى، وهي قلب الإنجيل. والجدير بالذِّكر أن متى الإنجيلي ينفرد بتكرار هذه الآية.

رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
"يُظهِرُ لِتَلاميذِه" فتشير إلى التنبّؤ
فَدَنا يسوعُ
أجابَ يسوعُ
"يُظهِرُ لِتَلاميذِه"
بَدأَ يسوعُ مِن ذلِكَ الحينِ يُظهِرُ لِتَلاميذِه


الساعة الآن 11:11 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024