رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
تتميم للشَّريعة والأنبياء جاء يسوع ليتمِّم وعود الله لإبراهيم ونسله وليُكمِّل الشَّريعة والأنبياء. لذلك لم تكن فكرة المسيح المُتألم مناقضة لإعلان العهد القديم، بل كانت مُطابقة تمامًا لشهادة الشَّريعة والأنبياء الذين كان موسى وإيليَّا يمثلانهم، فالشَّريعة والأنبياء قد تنبأوا بآلام السَيِّد المسيح، كما ورد في إنجيل لوقا "فبَدأَ يسوع مِن مُوسى وجَميعِ الأَنبِياء يُفَسِّرُ لَهما جميعِ الكُتُبِ ما يَختَصُّ بِه" (لوقا 24: 27) وآلام يسوع كانت عملاً بمشيئة الآب "هوَذا عَبدِيَ الَّذي أَعضُدُه مُخْتارِيَ الَّذي رَضِيَت عنه نَفْسي" (أشعيا 42: 1). وهكذا ما حصل على جَبَل طابور هو امتداد لِما حصل على جَبَل سيناء، ولكن الجديد فيه أن الله صار منظورًا في شخص يسوع. ويؤكد ذلك يوحَنّا الرَّسُول: بقوله "الشَّريعة أُعطِيَتْ عَن يَدِ مُوسَى، وَأمَّا النِّعمَةُ وَالحَقُّ فَقَد أتَيَا عَن يَدِ يَسُوعَ المَسِيحِ" (يوحَنّا 1: 17). ويعلق البابا لاون الكبير " بيسوع تمَّتْ وعودٌ تنبّأَ بها الأنبياءُ بالصورِ والرموز، وتعاليمُ الشَّريعة، لأنّه علَّمَ النبوَّةَ الحقيقيةَ لمّا حضر وبالنعمة جعلَ العملَ بالوصايا أمرًا ممكنًا" (LP 54, 313). إنَّ ظهور موسى وإيليَّا مع يسوع هو تأييد لرسالته بصفته المسيح الذي يُتمِّم شريعة الله وأقوال الأنبياء ووعودهم النَّبوية. موسى يمثل الشَّريعة الذي تنبَّأ عن مجي نبي عظيم (تثنية الاشتراع 18: 15-19) وإيليَّا النَّبي يمثل الأنبياء الذين تنبأوا عن مجيء المسيح (ملاخي 4: 5-6). إن موسى وإيليَّا جاءا نيابة عن رجال العهد القديم يشاركان رجال العهد الجديد بهجتهم بالتَّمتّع بالمسيح المُخلّص الذي طال انتظار البشريّة له، ويعلق القديس مار أفرام السِّرياني " لقد امتلأ الأنبياء بهجة وأيضًا التَّلاميذ بصعودهم على الجَبَل. لقد فرح الأنبياء لأنهم شاهدوا تأنّسه. وابتهج التَّلاميذ لأنهم رأوا مَجْد ألوهيته الذي لم يكونوا بعد قد عرفوه". يشهد كل من موسى وإيليَّا بصحة دعوة يسوع وآلامه وموته لتأسيس ملكوته، واعترفا أنَّ وظيفتهما انتهت مع يسوع الذي أكمل الشَّريعة وتمَّم النبوءات. إذ اخذ موسى وإيليَّا يُكلِّمانِ يسوع (متى 17 :3) عن رَحيلِه الَّذي سَيتِمُّ في أُورَشَليم" (لوقا 9: 31). لقد كانا يَعلمان أنّه مزمِعٌ أن يحقّق نبوءة الأنبياء، ويتمّم إرادة أبيه السَّماوي، فيتألّم ويموت ليكفّر عن خطايا البشر، فجاء تأييد التاريخ القويّ في ظهور موسى، أعظم المُشرّعين، وإيليَّا أعظم الأنبياء، ليؤكّدا طريق آلام يسوع وموته. بينما كان الرحيل (الخروج) الأول قد قاد الشعب المختار للخروج من العبودية في مصر إلى أرض الميعاد، والان يتحدث موسى وإيليَّا مع يسوع عن رحيله الجديد (الخروج) الذي سيحققه حيث يقودنا من عبودية الخطيئة إلى وطننا الحقيقي السَّماوي من خلال ألآمه وموته وقيامته. كما أعطى صَوت الله من الغمام على جَبَل سيناء السلطان لشريعته (خروج 19: 9) كذلك صَوت الله على جَبَل التَّجَلِّي اضفى سلطانًا على أقوال الرَّبّ يسوع. ودلَّ الصَوت السَّماوي على انه الكلمة بين موسى وإيليَّا الذي يجب أن يسمعه الشَّعب. ويعلق القدّيس أفرام السريانيّ "عند لحظة التَّجَلِّي، خُتمَت الشهادة للابن، في آنٍ معًا، بصَوت الله الآب وبالنبيّين موسى وإيليَّا اللذين ظهرا قرب الرَّبّ يسوع كخادمين له" (Opera omnia, 41). نستنتج مما سبق أنَّ يسوع جاء ليُكمّل عمل الشَّريعة (موسى) والنبوءات (إيليَّا) فينشئ عهدًا جديدًا، عهد الملكوت. فقد اكّد ظهور موسى أعظم المُشرّعين وإيليَّا أعظم الأنبياء، وسماع صَوت الرَّبّ في أثناء التَّجَلِّي بان يسوع المسيح هو الذي يُحقِّق التَّاريخ، والتَّاريخ يكتمل فيه، إذ فيه يتبارك جميع شعوب الأرض، كما وعد الله إبراهيم الذي من خلاله وذريته سيأتي المسيح الرَّبّ يسوع الذي سيكشف عن مَجْد ملكوت الله وبركته ويجلب الخلاص لجميع الذين يدعون باسمه (التكوين 12: 4). |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|