رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
"اهربوا يا بني بنيامين من وسط أورشليم، واضربوا بالبوق في تقوع، وعلى بيت هكاريم ارفعوا علم نار، لأن الشر أشرف من الشمال وكسر عظيم" [1]. أ. إن كان الشعب الجاهل قد أصيب بعدم الفهم، وحُرموا من البصيرة والقدرة على الاستماع لصوت الرب (إر 5: 21) كما نُزع عنهم خوف الرب وخشيته (إر 5: 22)، ولم يعرفوا لأنفسهم حدودًا أو ناموسًا كالبحر والأمطار (إر 5: 23-24)، وصاروا بلا حصاد أو ثمر (إر 5: 21)، واقتنوا لبيوتهم الداخلية مكرًا وخداعًا (إر 5: 27) وقد ظنوا أنهم عظماء وأغنياء وأصحاء ومملوئين جمالًا (إر 5: 27-28)، هوذا الآن يفقدون سلامهم وحريتهم. في الأصحاح الرابع يطلب منهم أن يهربوا من القرى إلى أورشليم ليحتموا فيها (إر 4: 6)، لكن إذ اقترب الخطر جدًا لم تعد أسوار أورشليم قادرة على حمايتهم، لهذا يسألهم أن يهربوا من أورشليم ليختفوا في كهوف الجبال. يرى البعض أنه بقوله "بني بنيامين" لم يقصد كل أهالي أورشليم، إذ لم يكن جميعهم من سبط بنيامين، لكن النبي نفسه عاش في أرض بنيامين (إر 1: 1)، أو ربما وجّه الحديث إليهم لأنهم كانوا أقل فسادًا من الباقين، وقد وفدوا إلى أورشليم من القرى مؤخرًا، فلم يوغلوا في الفساد كما أوغل أهل المدينة الأصليون. ذكر "تقوع" و"بيت هكاريم"، كلاهما في الطريق جنوب أورشليم ويمكن أن ينظرهما سكان العاصمة، وهما في طريق الهروب أمام زحف العدو القادم من الشمال. وهناك يوجد كثير من الأودية والكهوف (1 صم 22: 1). "تقوع"، موطن عاموس النبي (عا 1: 1)، تبعد حوالي 12 ميلًا جنوب أورشليم، وحوالي 5 أميال جنوب بيت لحم. "بيت هكاريم" مكان يناسب رفع العلم، إذ يبلغ علوه أكثر من 800 مترًا، وقد جاء ذكره في نحميا (نح 3: 4). مرتفع في الطريق نحو بيت لحم، تسمى حاليًا رامة راحيل Ramat Rahel (نح 3: 14). ب. إنهم يسقطون تحت تأديبٍ ناري، إذ يقول "ارفعوا علم نار"، علم كلمة الله الناري التي تحرق الأشواك بينما تنقي الذهب والفضة من الشوائب. إنها تحطم الخطية وتطهر الخاطى إن قبلها فيه وتجاوب معها بالتوبة. ج. يتحقق هذا التأديب الناري بخطة إلهية محكمة وليس محض صدفة كما يظن البعض، إذ يقول: "قدسوا عليها حربًا [4]. وكأن هجوم البابليين على أورشليم هي "حرب مقدسة" في عيني الرب، لا لينتصر شعبه على أعدائهم، بل ليسقطوا تحت التأديب لعلهم يتقدسون، بعد أن كانوا متمسكين بالشر. كأن الله يدعو الشعب الغريب أن يكرسوا وقتهم وطاقاتهم وكل إمكانياتهم لمحاربة شعبه، الأمر الذي - إن صح القول - ليس سهلًا بالنسبة له، إذ هو محب لشعبه. كثيرًا ما يسمح الله للأشرار أن يثوروا على أولاده، فيظن الأشرار أنهم بقدرتهم يغلبون وينجحون، ولا يدركون أن ذلك بسماحٍ إلهي لبنيان أولاده المحبوبين لديه. ربما يعني بالتقديس إجراء طقوس دينية من تقديم ذبائح وغيرها قبل الهجوم. ففي القديم كان الأمم يستدعون المنجمين لمرافقة الجيش وأخذ القرارات. وكأن الله الغيور على مجده يسمح للوثنيين أن يقدموا ذبائح ويمارسوا طقوسهم ويُنجح طريقهم مؤقتًا، حتى يظنوا أن آلهتهم قد غلبته... يسمح بهذا كله إلى حين ليؤدب شعبه، ثم يعود فيؤدب الوثنيين أنفسهم! د. بقوله "إليها تأتيالرعاة وقطعانهم ينصبون عندها خيامًا حواليها يرعون كل واحدٍ في مكانه" [3] يقصد أن أورشليم العظيمة تتحول إلى مرعى غنم، حيث تأتي البلاد المحيطة بها والشامتة بغنمها، فتجدها خرابًا بلا بيوت، ينصبون فيها خيامهم كما في برية قفر، ويرعون كل واحد غنمه في طمأنينة وشماتة! ربما يُقصد بالرعاة هنا قواد العدو الذين يسوقون جنودهم ليصنعوا بالمدينة كما يصنع الغنم بعشب الحقول، يأكلون كل ما يجدونه ولا يتركون فيها موضع عشب أخضر، كما جاء في إشعياء: "بالسهام والقوس يؤتي إلى هناك، لأن كل الأرض تكون شوكًا وحسكًا، وجميع الجبال التي تُنقب بالمعول لا يؤتي إليها خوفًا من الشوك والحسك فتكون لسرح البقر ولدوس الغنم" (إش 7: 25). ه. تأديب علني ومستمر، يتحقق في وسط النهار ويستمر حتى الليل. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
آرميا النبي | أورشليم الجديدة |
آرميا النبي | ويل لكِ يا أورشليم، لا تطهرين |
آرميا النبي | وراء كل هذا شر أورشليم |
آرميا النبي | شر أورشليم هو السبب |
آرميا النبي | نبوات ما قبل سقوط أورشليم |