رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
يفسر العلامة أوريجينوس البنين كثمار النفس وأفكارها، والبنات كأعمال الجسد وأفكاره... إذن بخزي التوبة تؤكل أفكار النفس الفاسدة وأعمال الجسد الشريرة، ليقيم لنا الرب المخلص بروحه القدوس ثمرًا مقدسًا للنفس والجسد معًا! ماذا يُقصد بالخجل الذي يغطينا كما ببرقع؟ يقول العلامة أوريجينوس: ["نضطجع فيخزينا ويغطينا خجلنا (ببرقع)" [25]. اعتدنا أن نتحدث عن البرقع الموضوع على وجه الذين لا يرجعون إلى الرب. بسبب هذا البرقع الموضوع على قلوبهم لا يفهم الخطاة حين يُقرأ موسى (2 كو 3: 15). لهذا نقول إن الخزي هو هذا البرقع. ما دام لدينا أعمال الخزي، يوجد عندنا البرقع دون شك، وذلك كما قيل في المزمور: "وخزي وجهي قد غطاني (ببرقع)" (مز 44: 15). أما الذين لا يمارسون أعمالًا مخزية فلا يكون عندهم البرقع. هذا ما يقوله بولس الرسول: "ونحن جميعًا ناظرين مجد الرب بوجه مكشوف كما في مرآة" (2 كو 3: 18). إن كنا نريد أن ننزع البرقع الناجم عن الخزي فلنعمل الأعمال المجيدة، ولنضع كلمات المخلص هذه في أذهاننا: "حتى أن الجميع يمجدون الابن كما يمجدون الآب"، وكلمات بولس الرسول: "بتعدينا الناموس نهين الله". في مقدرتنا نحن أن ننزع البرقع وليس في مقدرة أحد غيرنا. فعندما كان موسى يتوجه إلى الله كان بالفعل يرفع البرقع. لم يأمر الله موسى قائلًا له: غطِ نفسك ببرقع"، وإنما لما رأى موسى الشعب عاجزًا عن النظر إلى مجده وضع برقعًا على وجهه. ولم ينتظر أيضًا أن يقول له الله في كل مرة كان يتحدث فيها معه: "انزع البرقع". إذن كُتب هذا حتى ترفع أنت أيضًا بدورك برقع أعمالك المخزية الذي وضعته على وجهك، وذلك متى اتجهت بنظرك إلى الرب؛ وإذ تنزع البرقع لا تعود تقول: "يغطينا خجلنا (ببرقع)". على سبيل المثال، عندما يستقر الغضب في نفوسنا، يكون مثل برقع موضوع على الوجه. وعندما نردد القول في صلاتنا: "قد أضاء علينا نور وجهك يا رب" (مز 4)، نرفع البرقع، وننفذ ما يقوله الرسول: "فأريد أن يصلي الرجال في كل مكان، رافعين أيادي طاهرة بدون غضب ولا جدال" (1 تي 2: 8). فإذا نزعنا الغضب نكون قد رفعنا البرقع؛ وهكذا أيضًا بالنسبة لجميع الخطايا. طالما وُجدت الخطايا في فكرنا يكون البرقع موجودًا على وجوهنا الداخلية بصورة تحجب عنا رؤية مجد الله المضيء. الله لا يخفي عنا مجده، إنما نحن بوضعنا برقع الخطية على نفوسنا نحرم أنفسنا من رؤية مجد الله]. إذن بالتوبة والاعتراف نشعر بالخزي فتُنزع من داخلنا الحياة الحيوانية غير العاقلة، فيؤكل غنمنا وبقرنا، ويسكن راعينا في القلب ليرعى غنمًا روحيًا جديدًا، ويقيم ملكوته فينا. بالتوبة الصادقة يقدّس روح الله القدوس أولادنا وبناتنا، أي أعمال النفس والجسد معًا، فيكون لنا الفكر المقدس والأحاسيس الملتهبة بنار حبه والتصرفات اللائقة كأولاد لله. بالتوبة الصادقة يرفع روح الله عن قلوبنا برقع الخزي والعار فنرى مجد الله، وندرك أسراره الفائقة السماوية. هذا هو طريق التوبة، الذي فيه نصرخ، قائلين: "لأننا إلى الرب إلهنا أخطأنا نحن وآباؤنا منذ صبانا إلى هذا اليوم، ولم نسمع لصوت الرب إلهنا" [25]. يعلق العلامة أوريجينوس على هذه العبارة، قائلًا: [هل يمكننا نحن أيضًا أن نقول كما قال هؤلاء: إننا أخطأنا؟ هذا يختلف عن القول: "لقد أخطأنا ونخطئ". فمن لا يزال في خطيته لا يقول: "لقد أخطأنا". لكن ينطق بهذا من أخطأ وقد تاب توبة حقيقية. يوجد في الكتاب المقدس أمثلة كثيرة لأناس لم يعودوا يخطئون، ومع هذا يقولون: "لقد أخطأنا، لقد تعدينا شريعتك"، كما جاء في دانيال. كذلك يقول داود النبي: "خطايا شبابي وجهلي لا تذكر". فلنعترف إذن بخطايانا، ليس خطايا الأمس وأول أمس فحسب، وإنما تلك التي مرَّ عليها 15 عامًا دون أن نكون قد ارتكبنا أية خطية خلال هذه السنوات الـ15... إن ذهبنا لنعترف بخطايا الأمس فقط نكون غير صادقين في توبتنا، "لأننا إلى الرب إلهنا أخطأنا نحن وآباؤنا منذ صبانا إلى هذا اليوم"... تستلزم الجراحات وقتًا قبل أن تُشفى، هكذا أيضًا بالنسبة للرجوع، فإن الرجوع الكامل النقي إلى الله يتطلب أيضًا بعض الوقت]. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|