رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
هَلُمَّ نُرَنِّمُ لِلرَّبِّ، نَهْتِفُ لِصَخْرَةِ خَلاَصِنَا [1]. في العهد القديم غالبًا ما كان هذا النشيد يُقدم بالتجاوب أو التبادل بين القادمين إلى الهيكل وخورس المرنمين، لكي تتهلل النفوس بالرب ينبوع الفرح الحقيقي. يرى القديس أغسطينوس في هذه الدعوة للتقدم بالتسبيح لله، لا يقدر غير التائبين على ممارسته. فهي دعوة للتوبة والاعتراف لله، وبالتالي الالتصاق به، وتجديد العهد معه. ويرى البابا أثناسيوس أن الدعوة موجهة للمسيحيين ليحتفلوا بالعيد لا بأفراح زمنية كأهل العالم، وإنما في الرب. أما الأب أنسيمُس الأورشليمي، فيرى الدعوة هنا موجهة من كنيسة المسيح إلى اليهود منكري الإيمان، ليؤمنوا بالمسيح، ويجتمعوا معًا فيه، ويتمتعوا بفرح الروح. إنها دعوة موجهة إلى كل نفسٍ لكي تلتصق بالرب بالتوبة، وتمتع بالشركة معه فتنعم بالفرح السماوي. * إنه يدعونا إلى وليمة فرحٍ عظيمةٍ، ليست وليمة من هذا العالم بل في الرب... إنه يدعوهم وهم بعيدون عنه أن يأتوا (بقوله هَلُمّ) إلى من يأتون، إلا إلى ذاك الذي إذ يقتربون منه يجتمعون معه، وباجتماعهم معه يفرحون؟ ولكن أين هم بعيدون؟ هل يمكن لإنسانٍ أن يكون بعيدًا عنه من جهة الموقع المكاني ذاك الذي هو موجود في كل مكانٍ...؟ إنهم ليسوا بعيدين من جهة المكان، وإنما بكونهم ليسوا بشبهه، بهذا يكون الإنسان بعيدًا عن الله. ماذا يعني أنه ليس بشبهه؟ إنه يحيا حياة شريرة وله عادات رديئة، لأنه إن كنا بالعادات الصالحة نجتمع مع الله، فإننا بالعادات الشريرة ننسحب منه. القديس أغسطينوس * أما بالنسبة لنا، فقد جاءنا العيد. لقد جاء اليوم المقدس الذي يلزمنا فيه أن نبوِّق داعين إلى العيد. وأن نقدم أنفسنا للرب بالشكر، ناظرين إلى هذا العيد أنه عيدنا نحن. لأنه قد صار لزامًا علينا أن نقدسه، لا لأنفسنا بل للرب، وأن نفرح فيه لا في أنفسنا، بل في الرب الذي حمل أحزاننا، قائلًا: "نفسي حزينة جدًا حتى الموت" (مت 26: 38). فالوثنيون وكل الغرباء عن الإيمان يحفظون العيد لإرادتهم الذاتية، وهؤلاء ليس لهم سلام، يرتكبون الشر في حق الله. أما القدِّيسون، فإذ يعيشون للرب يحفظون العيد، فيقول كل منهم: "مبتهجًا بخلاصك"، "أما نفسي فتفرح بالرب" (مز 9: 14؛ 35: 9). فالوصية تدعو بأن يفرح الأبرار بالرب، حتى إذ يجتمعون معًا يترنمون بذلك المزمور الخاص بالعيد، وهو عام للجميع، قائلين: "هلم نرنم للرب"(مز 95: 1) وليس لأنفسنا. البابا أثناسيوس الرسولي * "هلم، فلنبتهج بالرب..." إن كلمة "هلُم" هي حث على حضور المتفرقين والمتباعدين واجتماعهم. فالجماعة المسيحية تدعو اليهود الذين تباعدوا وتفرقوا بمخالفتهم وعصيانهم، وتنصحهم أن يجتمعوا باتفاقٍ إلى إيمان المسيح الإله، ويرنموا بتسبحة الغلبة لله الذي ينجي المؤمنين من هلاك الشيطان، ومن اغتصاب الأعداء، وظلم الخطية، ومطالب الشريعة الموسوية وقصاصها. ويزكيهم بالإيمان ويهبهم مواهبه والتبني، ويمتعهم بالروح القدس وملكوت السماوات. الأب أنسيمُس الأورشليمي |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|